مكمن الأفضلية في الإسلام
هايل طشطوش
هايل طشطوش
سؤال هام ينبغي على كل مسلم ان يطرحه على نفسه ليعرف مكانه ومكانته في المجتمع المسلم وهو : ما هي شروط ومتطلبات الأفضلية والخيرية في الإسلام ؟؟؟ هل هي الجاه أم المال أم المنصب أم المكانة العائلية أم الحسب أم النسب .... الخ من المقومات التي نتغنى بها ليلا نهارا في هذا الزمان حين غابت عنا الثوابت التي علمنا إياها ديننا الحنيف لتكون معايير نصنف من خلالها الناس ونرتبهم حسب أفضليتهم الحقيقية التي أرادها الشارع الحكيم .
لقد علمنا القران الكريم وبينت لنا سنة الحبيب الكريم مقومات الأفضلية في الإسلام ،حيث يقول ربنا جل وعلا :{ كنتم خير امة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر...(110)}(آل عمران)، إذن الخيرية هنا في مقدار إتباع المعروف والدعوة الية ، إذن هي التزام الأخلاق الكريمة وفضائل الأعمال والبعد عن النقائص وكل ما يجرح بشخصية الإنسان المسلم ويقدح بها . بل المعيار الصحيح للخيرية هو التقوى وخشية الله جل وعلا في السر والعلانية، كما قال تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير" الحجرات: 13..
وفي السنه الكريمة أحاديث كثيرة تشكل قواعد هامة لنا نتبين من خلالها معايير الأفضلية والخيرية في ديننا الحنيف ،حيث يقول علية الصلاة والسلام :" لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى " هنا التقوى والخوف من الله هي المعيار الرئيس في تصدر قائمة الأفضل في المجتمع المسلم ،
وعَنْ أَبِي الدرداءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلَ في مِيزَانِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ ، وَإِنَّ اللهَ تَعَالى لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ . أخرجه أبو داود والترمذي ...
وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيماناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقَاً ، وَخِيارُكُمْ خِيَارُكُمْ لأَهْلِهِ » . أخرجه أبو داود والترمذي ،وهنا حسن الخلق هو المعيار،
وَعَنْ جابرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِساً يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقاً ، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَىَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِساً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ وَالمُتَفَيْهِقُونَ ، قَالوا يَا رَسُولَ اللهِ مَا المُتَفَيْهِقُونَ ؟ قَالَ : المُتَكَبِّرُونَ » . اخرجه الترمذي ،
عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ سَهْلٍ بنِ سَعْدٍ السَّاعَدَيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، دُلَّنِي عَلى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللهُ وَأَحَبَّنِي النَّاسُ ، فَقَالَ :
« إِزْهَدْ في الدُّنْيَا يُحِبُّكَ اللهُ ، وَازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبُّكَ النَّاسُ ». حديث حسن أخرجه ابن ماجه وغيره بأسانيد حسنة ،
وهنا المعيار هو الزهد والبعد عن الطمع والجشع ، فليس أعظم من هذه الطائفة من احاديث النبي الكريم والتي تحتوي على جملة من المعايير التي يتحدد من خلالها من هو الأفضل ومن هو الإنسان الخير في المجتمع المسلم وما هي صفاته وشرائطه ، إذن الخيريه ليست في التفاخر بالحسب والنسب أو بالمال، أو بالقبيلة، أو غيرها من الأمور الدنيوية ما عدا الإسلام. وقد جاءفي السنه المطهره النهي عن التفاخر بالآباء، فعن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَفْتَخِرُونَ بِآبَائِهِم الَّذِينَ مَاتُوا إِنَّمَا هُمْ فَحْمُ جَهَنَّمَ, أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِن الْجُعَلِ الَّذِي يُدَهْدِهُ الْخِرَاءَ بِأَنْفِهِ, إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالآبَاءِ, إِنَّمَا هُوَ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ, النَّاسُ كُلُّهُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ ...
ويقَولَ الْخَطَّابِيُّ: "إنَّ النَّاسَ رَجُلاَنِ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ فَهُوَ الْخَيْرُ الْفَاضِلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَسِيبًا فِي قَوْمِهِ, وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ فَهُوَ الدَّنِيءُ وَإِنْ كَانَ فِي أَهْلِهِ شَرِيفًا رَفِيعًا" , أن الأفضلية ليست بالحسب والنسب والمال والجاه وغيرها من الفروق الدنيوية، لذا ينبِغي للمسلم أَلاَّ يَتَّكِل عَلَى شَرَف النَّسَب, وَيُقَصِّر فِي الْعَمَل فيصبح حينها من النادمين .هذه معايير الأفضلية وها هو مكمن الخيرية في ديننا الحنيف .
عن رابطة أدباء الشام