[CENTE
R]لمسلمون في الجيش الإسباني.. بين الطرد والاضطهاد
: يبدو أن قضية اندماج المسلمين في المجتمع الغربي عامة، وإسبانيا خاصة باتت هي الشغل الشاغل في الآونة الأخيرة، وأصبحت تأخذ حيزًا كبيرًا من تفكير تلك المجتمعات، لكن إذا كان الأمر متعلقًا بالتحاق المسلمين الموجودين في إسبانيا بالقوات المسلحة الإسبانية فإنه في هذه الحالة سيتجاوز مسألة الاندماج، ليصل في بعض الأحيان إلى التشكيك في مواطنة ووفاء وإخلاص هؤلاء المسلمين للجيش الإسباني.
فعلى مدار الأشهر القليلة الماضية ثمة أحداث مختلفة كانت بمنزلة دافع ومحرك لنشر العديد من المقالات الصحافية سواء على مستوى الصحافة الإسبانية القومية أو المحلية أو حتى الصحافة العربية وتحديدًا الصحافة "المغربية"، والتي تناول بعضها - سواء بطريقة مسهبة أو مقتضبة - مسألة التحاق المواطنين ذوي الجنسيات الإسلامية بالقوات المسلحة الإسبانية، وأي درجة من الثقة يستحقها هؤلاء الجنود الذين يعتنقون الدين الإسلامي.
وقد تسببت بعض هذه المقالات في ردود فعل غاضبة بسبب إشارتها في بعض المناسبات المعينة لوجود ضحايا من الجنود المسلمين، في حين أن ضحايا تلك المقالات هم أبعد عن الحقيقة والواقع.
وقد تعمقت هذه المشكلة وصارت أكثر تعقيدًا بعد أن تم طرد بعض الجنود المسلمين من الجيش الإسباني، ورفض الجيش عدم التجديد لهم دون إيضاح أسباب طردهم من الجيش، الأمر الذي أثار امتعاض السكان المسلمين وتحديدًا داخل جزيرتي سبتة ومليلة، اللتين تحتلهما إسبانيا، لتكشف القناع عن الاضطهاد والمعاناة التي يعانيهما كل من دان بالديانة الإسلامية داخل المجتمع الغربي سواء داخل المؤسسات الاجتماعية والعمالية أو المؤسسات العسكرية، ولتسقط رايات الحرية والمساواة التي ترفعها أوروبا وتنادي بها، فالحرية لها وحدها دون غيرها من الأجناس البشرية الأخرى، والمساواة كلمة لا وجود لها داخل المجتمع الغربي وإنما هي كلمة للأحاديث الإعلامية فقط, أما واقعًا فهي لا وجود لها، ومن يطلبها من غير الغربيين يكون كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه.
لذا أعد أحد العسكريين الإسبان دراسة شاملة بعد أن تفاقمت الأزمة وتناولتها بعض وسائل الإعلام الإسبانية، وأيضًا الصحافة المغربية باعتبار أن مواطني سبتة ومليلة هم مغاربة، بل تناولت الشبكة الإسلامية هي الأخرى هذا الموضوع بإسهاب, كاشفة من خلاله الاضطهاد والتميز العنصري الذي يتعرض له الجنود المسلمون الموجودون في الجيش الإسباني.[/CENTER]
[/COLOR][/SIZE]
[COLOR="Red"[CENTER]]اسبانيا ووجود أئمة مسلمين داخل الجيش[/CENTER][/COLOR][/SIZE]:-
[[SIZE="5"]COLOR="Blue"] أكد التقرير الدولي للحرية الدينية الحكومة الإسبانية وفّرت التمويل الكافي للمرشدين العسكريين من الكاثوليكيين، وطبقًا للاتفاقات الثنائية التي تم إبرامها بين مسئولي الجالية الإسلامية والجيش الإسباني في عام 1992م والتي تعترف بحق العناصر والجنود المسلمين الموجودين بالقوات المسلحة الإسبانية في الخدمات الدينية التي تدعمها الدولة، وفقًا لضروريات وحاجة الجنود المسلمين لهذه الخدمات.
وأشار التقرير إلى أن القادة المسلمين بالجيش يؤكدون باستمرار أنه لا توجد قواعد عسكرية محددة لممارسة هذه الخدمات بين نصوص الاتفاقات التي تم إبرامها.
غير أنه تم حل هذه القضية في جزيرتي سبتة ومليلة الموجود بهما عدد كبير من الجنود المسلمين، حيث يسمح للجنود المسلمين بحضور الاحتفالات الدينية التي تقام في المساجد الموجودة بكلتا الجزيرتين.
بالنسبة للأوامر الحقيقية للقوات البرية التي يوجد بها أغلبية الجنود المسلمين تعطي الحق لإفراد الجيش لتلقي وحضور عمليات الإرشاد الديني التي يقدمها الوعاظ العسكريون، أو من القساوسة الذين تعاقد معهم الجيش، وفي الوقت نفسه أضافت الأوامر والمراسيم للقوات البرية بأنه عندما يوجد وعاظ ومرشدون من ديانات أخرى غير الكاثوليكية، تؤدي نفس الوظائف التي يقوم بها الوعاظ والمرشدون العسكريون الكاثوليكيون، وذلك طبقًا للاتفاقات التي أبرمتها الدولة مع الكنيسة، أو أية هيئة أو جالية دينية مماثلة لـ"الكاثوليكية"، حيث إن المراسيم الملكية الخاصة بالقوات البرية والتي تم إقرارها في عام 1982م تركت بطريقة واضحة الباب مفتوحًا حول إمكانية وجود وعاظ ومرشدين من ديانات أخرى غير الديانة الكاثوليكية.
قطاع عريض من المجتمع الإسباني يتوقع، كما جاء في إحدى المقالات الصحافية التي ذكرناها سابقًا باحتمال أن تختفي أية مظاهر أو شعائر دينية داخل القيادات والثكنات العسكرية، مع احترام ممارسة هذه الشعائر والأنشطة الدينية خارج تلك القيادات والثكنات العسكرية، وأيضًا يجب أن يتطلب هذا الأمر الديني موقفًا وسلوكًا وقيمًا بالنسبة للمستقبل العسكري لتلك القوات البرية، والذي يضمن إجابة واضحة وشديدة ومخلصة في الموقف الديني لهذا الجندي على هامش تقاليده الفكرية ذات النموذج الديني التي يملكها الشخص نفسه.
ولكي نبدأ في تحليل هذا الرأي، فمن الضروري أن نبرز أن هذا الموقف والسلوك والقيم مطلوب وجودها في العسكري سواء أكان هناك داخل القيادة أم الثكنات العسكرية مرشدون دينيون، أو لم يكن موجودًا من يقوم بعملية الإرشاد والوعظ، والذي من المفترض أن هذا الموضوع يمثل نقطة خلاف ونقاش من جانب المجتمع الإسباني، أو من خلال الممثلين الشرعيين الذي اختارهم وصوت لهم المجتمع خلال الانتخابات، وخاصة فيما يتعلق بالدور والأهمية التي سيمثلها الدين في المنظمات الإسبانية العامة أو المنظمات التابعة للدولة.
فبالنسبة لحالة الجيش وفي ظل ظروف معينة مستمدة من استكمال مهامه العسكرية، فإنه ستكون هناك ضرورة للتعليق على مجموعة من العوامل الخاصة التي ينبغي تناولها أثناء المناقشة المذكورة سابقًا، فكثير من الوحدات العسكرية تجري تدريبات ومناورات والتي يتجاوز مدتها في بعض الحالات الشهر، وخلال هذه العمليات سيكون من الصعب أن يسمح الجيش لهؤلاء الجنود الذين يشتركون في تلك العمليات مهما كانت ديانتهم بممارسة حقوقهم خاصة فيما يتعلق بالعبادات والشعائر الدينية.
هذا الأمر يبدو حقيقة أكثر تعقيدًا بكثير, خاصة في حالة البعثات الدولية التي ينبغي أن يكون الجندي موجودًا دائمًا خلالها، فإذا لم يقدم الجيش هذه التوعية الدينية والإرشادية التي نص عليها القانون العسكري، لمدة لا تتجاوز ستة أشهر حيث لا يتمكن الجنود طيلة هذه الفترة من ممارسة شعائرهم الدينية، وإذا أضفنا إلى هذه الحالة المخاطر التي تحف هذه العمليات، حيث إن الجندي يستطيع مواجهة الظروف التي تهدد حياته وتجعلها في خطر، رغم فقدانه "الطمأنينة الروحية"، أعتقد أنه في مثل هذه الظروف بالنسبة للجنود الأكثر تدينًا من غيرهم على اختلاف ديانتهم فإن مثل هذا الوضع سيؤثر تأثيرًا خطيرًا في موقفهم، وحضورهم النفسي وبالتالي سيؤثر في أدائهم في هذه المهمة، فمن السهل أن نفهم أنه في حالة الجيش وبالنسبة للعمليات والمهام التي تسند قيادتها إلى الوطن، في هذه الحالة مسألة الحضور والوعظ الديني يجب أن تتم معاملتها من ناحية وزاوية مختلفة عن تلك التي يتعامل بها مع هذه المسألة على صعيد قطاعات أخرى من المجتمع.
وهذا هو ما أدركه وزير دفاع فرنسا، التي تعتبر ودون أدنى شك واحدة من الدول العلمانية المجاورة لإسبانيا، والتي لم تقمع أو تمنع ظهور القساوسة سواء من المسيحيين أو اليهود بالجيش،
تعيين العقيد المسلم "عياد حسين" بالجيش، بدأت دراسة إمكانية إنشاء قسم للأئمة المسلمين داخل الجيش بهدف العناية بالضروريات الدينية والروحية للجنود المسلمين الذين يخدمون في الجيش الفرنسي.
على هذا المقياس فبالنسبة لإسبانيا فمن الممكن أنها تقترب تمامًا من هذا النموذج الفرنسي، ففضلاً عن تلبية هذا النموذج للضروريات والاحتياجات الروحية للجنود المسلمين، بل إن بعض وجهات النظر الأخرى تعتبر وجود أئمة مسلمين بالجيش مسألة مفيدة ومهمة جدًا.
فمسالة وجود أئمة عسكريين داخل القوات المسلحة، كما في الحالة التي أشرنا إليها والتي تتعلق بوجود وحدات عسكرية تشارك في الاحتفالات الدينية الإسلامية، والتي تقدم صورة للتعددية ليس فقط داخل القوات المسلحة ولكن أيضًا داخل المجتمع بصفة عامة، والتي ستساهم في عملية اندماج الجنود المسلمين داخل الجيش، بل واندماج الجالية الإسلامية عامة داخل المجتمع الإسباني.
ولكن يوجد موضوع في غاية الأهمية يجب أن نلاحظه، ففي الوقت الذي يمارس الجنود المسلمون حقهم المعترف والمنصوص عليه في القانون العسكري والذي لا يؤثر في تأدية خدمتهم، أو يتركوا منشآتهم العسكرية لحضور الاحتفالات الدينية، بسبب عدم وجود أئمة عسكريين يقومون بهذه المهام داخل الوحدات العسكرية بالجيش، وهناك أيضًا جزء كبير لا بأس به من الجنود يستخدمون "أوقات الفراغ" هذه أو "الراحة" في أشغال وأعمال أكثر دنيوية مثل الذهاب لصيد الأسماك أو التنزه بالشواطئ أو التجول داخل المدينة مع الأصدقاء.
وهناك جزء مهم جدًا من هؤلاء جنود يرفضون تمضية أوقاتهم بالطريقة السابقة، بل ويقومون بحضور بعض الأعمال الدينية التي تقام في المسجد حيث تلقى خطب معتدلة ومتوافقة تمامًا مع قيم المجتمع الإسباني.
ولكن هناك عدة تساؤلات رئيسة تدور بشأن هذا الموضع من بينها: ماذا يحدث مع الآخرين؟! هل يقومون بحضور ندوات وخطب داخل مساجد غير معروف نشاطها للأجهزة الأمنية؟! وأي نوع من الدروس والخطب التي يتم تلقيها في هذه النوعية من المساجد؟! وهل يتردد على هذه المساجد جماعات إسلامية ممن توصف بـ"المتشددة"؟! وهل الجنود أو الأشخاص الإسبان ممن تلقوا تدريبات عسكرية داخل الجيش والذين يحصلون على الأسلحة والمتفجرات بسهولة، هل هم هدف للتجنيد من قبل تلك الجماعات؟!!
فبالنسبة للحال في جزيرتي سبتة ومليلة ولأسباب جغرافية وطبيعة هاتين الجزيرتين واتساع رقعتهما الجغرافية، سيتم التركيز عليهما في معظم الإجابة على الأسئلة التي تم طرحها سابقًا، ولكن إذا نقلنا هذه الظاهرة التي يتوقع أن تنقل مثلاً مستقبليًا إلى مدن أخرى داخل شبة الجزيرة مثل مدريد وفالنسيا وغيرهم من المدن الإسبانية، حيث إن هؤلاء الجنود سيختلطون بين كافة التيارات المختلفة من سكان باقي المدن الإسبانية، ومن هنا يبدأ المشهد العام المقلق للجميع.
فكما أشار البروفسوران خافيير خوردن و"فرنانديز مانياس" وهمبرتو تورخيو" عند دراسة ملامح السلوك الاجتماعي والهيكل التنظيمي للتنظيمات الجهادية في إسبانيا، وتحليل الخلايا الجهادية لأبي الدحداح وأيضًا الخلية التي يزعم أنها المسئولة عن هجمات 11 مارس بمدريد 2004م، وهو ما أكدته عدد من الدراسات التي لا تحصى حول هذا الموضوع, والتي قام بها خبراء في هذا المجال من بينهم فرناندو رييناريس وكارلوس أتشيباريا، جوستافو دي أريستيجي، أنطونيو يلورزا هذا على المستوى الوطني أو المحلي, أما بالنسبة للدراسات التي أجريت على هذه الخلايا الجهادية على المستوى الدولي فهي لكل من الخبير جون إسبوسيتو، جياس كيبيل روهان جورناتنا، فبالنسبة لعملية الالتحاق والاستمرار في تلك الخلايا الجهادية فان عوامل الصداقة تلعب دورًا مهمًا في هذه العملية، فضلاً عن المشاركة في شبكات اجتماعية، وتحديدًا في حالات معينة مثل الحركات الاجتماعية المعتدلة أو تلك الشبكات الاجتماعية التابعة والمتصلة بالمساجد والتي من الممكن أن تكون إحدى الأدوات للمجاهدين بهدف القيام بعملية التجنيد داخل تلك الشبكات.
هذه الشبكات وخلال ما أظهرته التحليلات لهؤلاء الخبراء السابقين، تقوم باختيار هذه العناصر بدقة شديدة خوفًا من تغلل أحد أعضاء الشرطة أو المخابرات داخل تلك الشبكات.
فوجود بعض الأئمة المسلمين العسكريين بالجيش ممن تعلموا الدين الإسلامي السمح والمعتدل، المبني على احترام الحقوق الإنسانية، واحترام التعايش السلمي مع باقي الجاليات الأخرى من الديانات المختلفة، فإقامة الاحتفالات الدينية الإسلامية داخل الوحدات العسكرية بالجيش، خاصة في الوحدات التي تستقبل الجنود الجدد، سيجعل من الصعب تغلل واتصال الشبكات الإسلامية المتشددة ـ على حد وصفها ـ مع الجنود المسلمين الموجودين بالجيش الإسباني، وسيجنب إلى حد كبير المخاوف من قيام تلك الشبكات الجهادية بتجنيد عناصر إسلامية من الجيش الإسباني.
هؤلاء الأئمة من الممكن أن ينقلوا بدورهم إلى الجنود المسلمين بالجيش الإسباني تكوين ديني قوي، ولكن مبني على القيم التي أشرنا إليها سابقًا ومنها احترام الحقوق الإنسانية والتعايش السلمي، والتي من شأنها أن تسمح لهؤلاء الجنود بتفنيد الحجج "الساذجة"، التي غالبًا ما تستخدمها تلك المنظمات الجهادية المتشددة ـ بحسب اعتقادهم ـ والتي تقطع الطريق ليس فقط أمام كل من يحاول تجنيد هؤلاء الجنود ولكن أيضًا أمام كل من يحاول تجنيد أعضاء أسرته وأقاربه المقربين له.
هؤلاء الأئمة المسلمون سيكون أيضًا وجودهم بالجيش مفيدًا جدًا من وجهة النظر العملية والدولية، حيث تقريبًا كل المهام العسكرية الدولية التي تقوم بها القوات الاسبانية خارج حدود البلاد معظمها ببلاد إسلامية أو غالبية سكانها من المسلمين مثل إقليم كوسوفا ولبنان وأخيرًا أفغانستان، وفي جميع هذه المناطق حيث إن الدين له السيادة المطلقة على سكان تلك البلاد الإسلامية، ومن هنا سيلعب وجود أئمة مسلمين داخل الجيش دورًا مهمًا, حيث يمكن أن يكون بمنزلة همزة وصل بين الجنود الإسبان وسكان تلك المناطق وإظهار الاحترام والثقة المتبادلة بين سكان تلك البلدان والقوات الإسبانية التي تتمركز بها.
هذا المفهوم من الممكن أيضًا أن يشمل بعض الجنود المسلمين الموجودين بالجيش، وخاصة الموجودين حاليًا داخل صفوف الجيش الإسباني، وبذل الجهد لتحقيق هذا المفهوم الذي من المحتمل تطبيقه في المستقبل الذي ليس ببعيد لأسباب دينية وثقافية، تحديدًا الدوافع الدينية التي من الممكن أن تتجاوز احتياجهم لها من الاحتياج إلى الفحوص الأمنية التي يجريها الجيش، مثل بقية الجنود الذين يحتلون مواقع بمثل هذه الأهمية والحساسية، كل هذه العناصر من هذا النوع مفيدة جدًا في مثل هذه المهام.
[/CENTER][/COLOR]