1- الروبوتات تخوض حروب المستقبل:
العلم وأسلحة المستقبل
على مدار التاريخ الإنساني تتوالى الثورات العلمية في المجال الحربي والعسكري وهذه الثورات مصدرها الأول العقول المفكرة التي تستثمر طاقتها المبدعة في صنع تقنيات وتكنولوجيات جديدة تستطيع بها خدمة أوطانها وتوفير سبل الأمن لها ولو تطرقنا إلى تاريخ الحروب التي عرفتها البشرية من القديم إلى الحديث نجد أن العلم والحرب ربطت بينهما علاقة جدلية تظهر أحياناً وتستتر أحياناً أخرى فالتلازم بين العلم والحرب كان في الماضي ويوجد في الحاضر وسيستمر في المستقبل.
وتحكي لنا كتب تاريخ العلم مع الحرب قصة أرشميدس الذي عاش في القرن الثالث قبل الميلاد كيف أستطاع هذا العالم العبقري أن يصد أسطول القائد الروماني الغازي مارسيلوس وذلك بتسليط أشعة الشمس على الأسطول واحراقه وهو بعيد عن مدينته سبراكوس ويذكر المؤرخ الروماني بلوتارك في وصفه للمعركة عندما شاهد الرومان المصيبة التي ألمت بهم من مصدر غير منظور أخذوا يظنون أنهم كانوا يحاربون الألهة، لقد صنع أرشميدس ستاراً من الأجسام العاكسة على طول جدار الميناء ليرعب بها الأسطول الروماني من جهة وليوجه أشعة الشمس المنعكسة إلى نقطة مشتركة تحرق السفينة التي توجد بها من جهة أخرى وتستمر مسيرة العلم مع أسلحة الحروب لنصل إلى عصر النهضة الأوروبية فتظهر في عام 1520م البندقية الأسبانية التي كان لها دور كبير في حسم المعارك والحروب التي نشبت خلال تلك الفترة، ويأتي العصر الحديث ليعرف العالم أسلحة جديدة في مقدمتها الدبابة في عام 1916م ثم ظهور سلاح الطيران واستخدامه في الحروب عام 1918م أثناء الحرب العالمية الأولى وتستمر قفزات العلم في الصناعات الحربية لتبلغ ذروتها فى عام 1945م وبالتحديد يوم 6 اغسطس من نفس العام والذي شهد ميلاد عصر جديد هو عصر الذرة وشهد أيضا وصمة عار في جبين البشرية بإختفاء مدنية هيروشيما اليابانية من الوجود، ولم تمض سوى سنوات قلائل وبالتحديد عام 1949م حيث أعلن الإتحاد السوفيتي السابق عن صنع أول قنبلة نووية ثم سارعت كل من إنجلتر وفرنسا والصين بامتلاك هذا السلاح الذري لتواكب الدول الكبرى ثم عرف العالم بعد ذلك عصر جديد هو عصر الصورايخ في عام 1950م وفي مقدمتها صورايخ كروز الأمريكية بعيدة المدى ومتعددة الاستخدامات هذا عن حروب الماضي والحاضر فماذا عن حروب المستقبل.
العلم وحروب المستقبل:
بداية يؤكد العلماء والخبراء العسكريون أن أسلحة المستقبل ستعتمد علىتكنولوجيات متقدمة ومتطورة ولم تعد ضرباً من ضروب الخيال العلمي فمصانع السلاح لايقتصر أنتاجها على أسلحة تقليدية وأسلحة دمار شامل والأسلحة الأشد فتكاً وأقوى تدميراً بل يرى العلماء أن أسلحة المستقبل لن تحتاج إلى بشر وستحمل مسميات مبتكرة كالأسلحة غير الفتاكة والأسلحة النظيفة والأسلحة الذكية وغيرها من أنواع الأسلحة التي تقود حروب المستقبل ونلقي الضوء عليها عبر هذه السطور
يرى الخبراء العسكريون أن هذه التقنية أول صورة من صور حروب المستقبل وهذه الروبوتات عبارة عن كائنات إلكترونية شديدة التطور التكنولوجي وينظر العلماء إليها بأهتمام خاص لاستخدامها في الحفاظ على حياة الجنود والقادة في ميدان الحرب فقد استحدمت القوات الأمريكية في حرب أفغانستان عام 2001م الروبوت باكيوس الذي صممته شركة آى روبوت الأمريكية خصصياً للمهام العسكرية مثل عمليات الاستطلاع ورصد السلاح الكيماوي والتمويه وتغطية المنطقة بالدخان هذا إلى جانب قيام هذه الروبوتات بمهام أخرىجديدة مثل إزالة الألغام ونزع القنابل وقيادة الطائرات ونقل المؤن والذخيرة والأسلحة للجنود وتوفير المساعدة التلقائية لهم في ميدان المعركة وأن ذلك يعني أن نصف وحدات الجيش في حروب المستقبل ستكون من البشر والنصف الأخر من المعدات الآلية، وبرغم هذه الآمال الكبيرة على الروبوتات في حروب المستقبل ينتاب العلماء والخبراء المخاوف من المقاتل الآلى الذي يفتقر إلى المشاعر الإنسانية لأنه سيكون مقاتلا ًأكثر وحشية من نظيره الجندي البشري الأمر الذي يشدد عليه العلماء بضرورة برمجة هذه الروبوتات العسكرية التي ستخوض حروب المستقبل للألتزام بالضوابط السلوكية نفسها التي يتحلى بها نظيرها المحارب من البشر
2ـ استخدام الموجات الكهرومغناطيسية:
ومن أسلحة المستقبل استخدام الموجات الكهرومغناطيسية كي تلحق الضرر بالإنسان والأشياء المحيطة به وشل حركة العدو وذلك عبر استخدام نبض كهرومغناطيسي قوي جداً وتعتبر هذه التقنية العالية إحدى أسلحة المستقبل لدى كلا من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين وبريطانيا والمانيا وهولندا وفرنسا وأيطاليا ويرى العلماء والخبراء العسكريون أن الموجات الكهرومغناطيسية سلاح نظيف غير ضار بالبيئة فعال غير مرئي صامت لا يترك أي أضرار اقتصادية في المنطقة ولا يترك أي نفايات تضر بالبيئة أنه باختصار أسطورة حرب نظيفة بلا قتلى، وتتميز الموجات الكهرومغناطيسية بعدة ميزات عن الأسلحة التقليدية أهمها أنها لا تعتمد على تفاعل كيمائي نتيجة احتراق البارود كما هو الشأن في الأسلحة النارية ،وأن هذه الموجات ستحل محل الرصاصة والقنبلة كما تتميز بميزة أكبر هي أن سرعة الضوء فى هذه الموجات تبلغ 300ألف كيلومتر في الثانية في حين أن أقصى سرعة عادية للأسلحة هي 30ألف كيلو متر في الساعة ويحلم العلماء بأنه عن طريق استخدام الموجات الكهرو مغناطيسية في الحروب يمكنهم أن يسيطروا على الصراعات المسلحة والعمليات الأرهابية وحوداث خطف الرهائن
3ـ تكنولوجيا النانو:
ومن أسلحة المستقبل استخدام ما يطلق عليه تكنولوجيا النانو وأصل هذه الكلمة يونانية تعني القزم أما في الفيزياء تعني بعداً صغيراً جداً يبلغ واحد من المليار من المتر إلى جزء من المليون جزء من الملليمتر أو بتعبير أخر فإن تكنولوجيا النانو هي العلم الذي يتعامل مع أجزاء صغيرة لا ترى بالعين المجردة وتبلغ جزءاً من 80 ألف جزء من شعرة رأس الإنسان وأهمية تكنولوجيا النانو فى مجال حروب المستقبل يتمثل في أن هناك أبحاث حثيثة تجرى إعتماداً على هذه التكنولوجيا في صناعة ملابس يطلق عليها ملابس عاقلة للجنود حيث تقوم هذه الملابس عند أصابة الجندى بجرح بتعين مكان الجرح ومدى خطورته وإرسال رسالة إلى المركز مع تقديم المعلومات الضرورية مثل قياس نبض الجندي ودرجة حرارة جسمه وقياس ضغطه ، ثم تقوم بإعطاء الدواء اللازم لجسم الجندى بتسليط ضغط على مكان الجرح لوقف النزيف ، وإذا توقف نبض القلب تقوم بتدليك منطقة القلب لإعادة النبض ورغم خفة وزن هذه الملابس إلا أنها ستكون بمثابة درع قوي ضد الرصاص وتكمن أهمية تكنولوجيا النانو في مجال حروب المستقبل بأنها ستحدث ثورة كبيرة في مجال الأسلحة والتسلح الأمر الذي يقوي من سلطة الدول التي تمتلك هذه التكنولوجيا وهي عددها قليل لأنه يمكن عن طريقها صناعة أسلحة فتاكة بحجم النمل وربما أصغر تقوم بمهاجمة مواقع الأعداء بأعداد كبيرة وتدميرها
4ـ أسلحة الليزر :
الليزر جهاز يولد شعاعاً ضيقاَوقوياَ من الضوء عبر استثارة الذرات وباستطاعة شعاع الليزر أن يلحق الضرر بعدد مختلف من الأشياء وذلك عبر مكونات المادة وتعريضها لدرجات حرارة عالية جداً مما يعرقل عمل وظائف الأجهزة الحساسة للأجهزة العسكرية لدى الأعداء ويسبب العمى المؤقت أو الدائم للمجندين ويأمل العلماء عن طريق استخدام الليزر تطوير مدفع الميدان «الهاونزر» لزيادة قدرة نيرانه فمنذ أيام نابليون والمدافع تستخدم شحنات البارود الأسود التى يتم إشعالها بواسطة باديء كمادة قاذفة ومشكلة هذه البوادي أنها تحتاج إلى استبدالها عقب كل طلقه ،كما يجب نقل عدد كبير منها إلى الخطوط الأمامية لإعادة تزويد المدافع بها وكبديل لذلك يجري العلماء تجارب لأستخدام شعاع ليزر لأشعال المادة القاذفة في مركز هندسة وتطويرأبحاث الأسلحة والذخيرة للجيش الأمريكى حيث تم توجيه شعاع الليزر من خلال نافذة ضوئية في كتلة ترباس المدفع لأشعال المادة القاذفة وبعد التجارب الأولية التي أجريت على مدفع 155تبين أن استخدام شعاع الليزر زاد من معدل الطلقات في الدقيقة حيث لايكون هناك حاجة لاستبدال الباديء وهذا بدوره يعني أن هذه القوة أخف وأسرع كثيراً من الوسائل التقليدية المستخدمة حديثاً وما زالت الأختبارات تجرى للتأكد من قدرة الليزر على الصمود أمام صدمات الأرتداد المتكررة التي تحدث عند أستخدام المدفع
5ـ البلازما سلاح المستقبل:
تعد البلازما الأحدث في المجال العسكري وتعتمد على حزمة من البلازما لها كتلة يمكنها التحرك في الفضاء كالبرق وتتولد البلازما على شكل طاقة مركزة بواسطة موجات المايكرووف أو بأشعة الليزر إلا أنها أبطأ من شعاع الليزر ومن موجات المايكروويف لكنها تسبب أضراراً أكبرمن غيرها وتسعى القوات الأمريكية إلى تطوير هذه التكنولوجيا وتشجع البحوث العلمية الجديدة في هذا المجال للمحافظة على تفوقها العسكري كما تسعى روسيا أيضا إلى تطويرهذا السلاح الجديد والذي يمكنها عن طريقة حرق أي صاروخ أو طائرة عند توجيه طاقة البلازما الفيزيائية وهي ليزرات وأيوانات وإلكترونات للدفاع عن أي مواقع أرضية إلا أن مساوئ سلاح البلازما تكمن في ضرورة إنشاء قواعد أرضية لها مما يسهل عملية رصدها وتدميرها من قبل القوات المعادية
6ـ الحارس الصامت :
هو الأسم الرسمي لمشروع سلاح إشعاعي جديد يسعى الجيش الأمريكى إلى إنتاجه لوضعه قيد العمل خلال السنوات القادمة والسلاح الجديد عبارة عن شعاع يطلق حرارته بدون صوت ولا دليل بصرى ويولد لدى العدو شعوراً بأن ملابسه تحترق وقد تم التوصل إليه ليكون بديلاً عن الأسلحة والذخائر المطاطية ولكن بمدى أطول يقدر بمسافة من15إلى 500متر ويحتاج هذا السلاح الجديد كما أشار قسم الأسلحة الغير قاتلة في وزارة الدفاع الأمريكية إلى صحن لاقط كبير يتم تثبيته على عربة من طراز “هامفي” ليقوم الهوائي بإرسال موجات مغناطيسية كهربائية تولد إحساساً بالحرارة على جلد العدو مما يدفعه للتراجع دون أن يتسبب بجروح كما يستطيع هذا السلاح اختراق الملابس وتسخين الجسم بطريقة قياسية تصل إلى 50درجة مئوية لكنه غير مؤذي ولا يمكنه أن يؤثر على الأنسجة الداخلية والأعضاء الجسدية لأنه يخترق الجسم أكثر من نصف ميليمتر وهو ليس من أنواع الليزر فمصدر الطاقة يأتي من جيروترون تنبعث منه موجات مغناطيسية كهربائية بقوة كبيرة وبوتيرة عالية جداً
7ـ المركبات الخفيفة:
ومن أسلحة المستقبل أستخدام المركبات الخفيفة وهي مركبات مصممة بحيث لا يزن وزنها 20طناً سواءً كانت ناقلة جنود مدرعة أو مركبة استطلاع بحيث يمكن نقلها بسهولة إلى أرض المعارك الخارجية بواسطة طائرة نقل عسكرية ، كما تتميز هذه المركبات الخفيفة أنها تستخدم وقود أقل وتتمتع بميزة كبرى أخرى وهي قدرتها على إعادة شحن البطاريات المستخدمة في المعدات الإلكترونية العاملة في مختلف فروع الجيش المقاتل، ويجري تطوير هذه المركبات لتأخذ أشكال الإنسان الآلى حيث تتولى الأستكشاف أمام القوة الرئيسية لتحديد التهديدات الكيماوية والبيولوجية والنووية وسيتم توظيفها أيضا في استطلاع الكهوف الجبلية والأنفاق المحفورة تحت الأرض و أيضا كأدوات لإخلاء الجرجى ونقل الإمدادات
أخيراً:
وفي النهاية نقول أنه ليس هناك أدنى شك في أن أسلحة وحروب المستقبل ستختلف جذرياً عن حروب الحاضر الأمر الذي يتعين علينا في عالمنا العربي العمل بجدية والاستفادة من العقول العلمية العربية بصنع تكنولوجيات وتقنيات عسكرية متقدمة تساهم مساهمة فاعلة في تطوير المنظومة العسكرية العربية بشكل أفضل لأن الشواهد والدلائل العلمية تؤكد على أن جندي المستقبل سيكون جاهزاً للتغير بصورة كاملة مع بدء إنتاج النماذج الأولية لأنظمة وحروب المستقبل.
المصادر:
- الحرب عبر التاريخ ،الفيلد مارشال، فيكونت مونتجمرى، ترجمة العميد عبدالله النمر، المطبعة الفنية الحديثة ،1972
- أسلحة وحروب المستقبل بين الخيال والواقع، تأليف صفات أمين سلامة، الناشر مركز الأمارات للدراسات والبحوث الأستراتيجية العدد 112
- مجلة الجزيرة ،ملحق جريدة الجزيرة السعودية العدد 31 الصادر يوم الثلاثاء الموافق 20صفر 1424 هجرية
- مفهوم الحرب في عصر النهضة الأوروبية، د/ ناصر الدين سعيدوني، مجلة عالم الفكر، المجلد 36 أكتوبر ـ ديسمبر2007
- العلم والحرب ،د/جهاد ملحم، مجلة عالم الفكر المجلد 36 أكتوبر ـ ديسمبر 2007
- حروب المستقبل بلا مقاتلين، إعداد لواء/محمد عبد العزيز يوسف، مجلة النصر العدد 834 ديسمبر عام 2008
أسلحة وحروب المستقبل، علي حسين باكبير، مجلة المجتمع، الكويت العدد 1781، بتاريخ 15/2/ 2007م
منقول .
العلم وأسلحة المستقبل
على مدار التاريخ الإنساني تتوالى الثورات العلمية في المجال الحربي والعسكري وهذه الثورات مصدرها الأول العقول المفكرة التي تستثمر طاقتها المبدعة في صنع تقنيات وتكنولوجيات جديدة تستطيع بها خدمة أوطانها وتوفير سبل الأمن لها ولو تطرقنا إلى تاريخ الحروب التي عرفتها البشرية من القديم إلى الحديث نجد أن العلم والحرب ربطت بينهما علاقة جدلية تظهر أحياناً وتستتر أحياناً أخرى فالتلازم بين العلم والحرب كان في الماضي ويوجد في الحاضر وسيستمر في المستقبل.
وتحكي لنا كتب تاريخ العلم مع الحرب قصة أرشميدس الذي عاش في القرن الثالث قبل الميلاد كيف أستطاع هذا العالم العبقري أن يصد أسطول القائد الروماني الغازي مارسيلوس وذلك بتسليط أشعة الشمس على الأسطول واحراقه وهو بعيد عن مدينته سبراكوس ويذكر المؤرخ الروماني بلوتارك في وصفه للمعركة عندما شاهد الرومان المصيبة التي ألمت بهم من مصدر غير منظور أخذوا يظنون أنهم كانوا يحاربون الألهة، لقد صنع أرشميدس ستاراً من الأجسام العاكسة على طول جدار الميناء ليرعب بها الأسطول الروماني من جهة وليوجه أشعة الشمس المنعكسة إلى نقطة مشتركة تحرق السفينة التي توجد بها من جهة أخرى وتستمر مسيرة العلم مع أسلحة الحروب لنصل إلى عصر النهضة الأوروبية فتظهر في عام 1520م البندقية الأسبانية التي كان لها دور كبير في حسم المعارك والحروب التي نشبت خلال تلك الفترة، ويأتي العصر الحديث ليعرف العالم أسلحة جديدة في مقدمتها الدبابة في عام 1916م ثم ظهور سلاح الطيران واستخدامه في الحروب عام 1918م أثناء الحرب العالمية الأولى وتستمر قفزات العلم في الصناعات الحربية لتبلغ ذروتها فى عام 1945م وبالتحديد يوم 6 اغسطس من نفس العام والذي شهد ميلاد عصر جديد هو عصر الذرة وشهد أيضا وصمة عار في جبين البشرية بإختفاء مدنية هيروشيما اليابانية من الوجود، ولم تمض سوى سنوات قلائل وبالتحديد عام 1949م حيث أعلن الإتحاد السوفيتي السابق عن صنع أول قنبلة نووية ثم سارعت كل من إنجلتر وفرنسا والصين بامتلاك هذا السلاح الذري لتواكب الدول الكبرى ثم عرف العالم بعد ذلك عصر جديد هو عصر الصورايخ في عام 1950م وفي مقدمتها صورايخ كروز الأمريكية بعيدة المدى ومتعددة الاستخدامات هذا عن حروب الماضي والحاضر فماذا عن حروب المستقبل.
العلم وحروب المستقبل:
بداية يؤكد العلماء والخبراء العسكريون أن أسلحة المستقبل ستعتمد علىتكنولوجيات متقدمة ومتطورة ولم تعد ضرباً من ضروب الخيال العلمي فمصانع السلاح لايقتصر أنتاجها على أسلحة تقليدية وأسلحة دمار شامل والأسلحة الأشد فتكاً وأقوى تدميراً بل يرى العلماء أن أسلحة المستقبل لن تحتاج إلى بشر وستحمل مسميات مبتكرة كالأسلحة غير الفتاكة والأسلحة النظيفة والأسلحة الذكية وغيرها من أنواع الأسلحة التي تقود حروب المستقبل ونلقي الضوء عليها عبر هذه السطور
يرى الخبراء العسكريون أن هذه التقنية أول صورة من صور حروب المستقبل وهذه الروبوتات عبارة عن كائنات إلكترونية شديدة التطور التكنولوجي وينظر العلماء إليها بأهتمام خاص لاستخدامها في الحفاظ على حياة الجنود والقادة في ميدان الحرب فقد استحدمت القوات الأمريكية في حرب أفغانستان عام 2001م الروبوت باكيوس الذي صممته شركة آى روبوت الأمريكية خصصياً للمهام العسكرية مثل عمليات الاستطلاع ورصد السلاح الكيماوي والتمويه وتغطية المنطقة بالدخان هذا إلى جانب قيام هذه الروبوتات بمهام أخرىجديدة مثل إزالة الألغام ونزع القنابل وقيادة الطائرات ونقل المؤن والذخيرة والأسلحة للجنود وتوفير المساعدة التلقائية لهم في ميدان المعركة وأن ذلك يعني أن نصف وحدات الجيش في حروب المستقبل ستكون من البشر والنصف الأخر من المعدات الآلية، وبرغم هذه الآمال الكبيرة على الروبوتات في حروب المستقبل ينتاب العلماء والخبراء المخاوف من المقاتل الآلى الذي يفتقر إلى المشاعر الإنسانية لأنه سيكون مقاتلا ًأكثر وحشية من نظيره الجندي البشري الأمر الذي يشدد عليه العلماء بضرورة برمجة هذه الروبوتات العسكرية التي ستخوض حروب المستقبل للألتزام بالضوابط السلوكية نفسها التي يتحلى بها نظيرها المحارب من البشر
2ـ استخدام الموجات الكهرومغناطيسية:
ومن أسلحة المستقبل استخدام الموجات الكهرومغناطيسية كي تلحق الضرر بالإنسان والأشياء المحيطة به وشل حركة العدو وذلك عبر استخدام نبض كهرومغناطيسي قوي جداً وتعتبر هذه التقنية العالية إحدى أسلحة المستقبل لدى كلا من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين وبريطانيا والمانيا وهولندا وفرنسا وأيطاليا ويرى العلماء والخبراء العسكريون أن الموجات الكهرومغناطيسية سلاح نظيف غير ضار بالبيئة فعال غير مرئي صامت لا يترك أي أضرار اقتصادية في المنطقة ولا يترك أي نفايات تضر بالبيئة أنه باختصار أسطورة حرب نظيفة بلا قتلى، وتتميز الموجات الكهرومغناطيسية بعدة ميزات عن الأسلحة التقليدية أهمها أنها لا تعتمد على تفاعل كيمائي نتيجة احتراق البارود كما هو الشأن في الأسلحة النارية ،وأن هذه الموجات ستحل محل الرصاصة والقنبلة كما تتميز بميزة أكبر هي أن سرعة الضوء فى هذه الموجات تبلغ 300ألف كيلومتر في الثانية في حين أن أقصى سرعة عادية للأسلحة هي 30ألف كيلو متر في الساعة ويحلم العلماء بأنه عن طريق استخدام الموجات الكهرو مغناطيسية في الحروب يمكنهم أن يسيطروا على الصراعات المسلحة والعمليات الأرهابية وحوداث خطف الرهائن
3ـ تكنولوجيا النانو:
ومن أسلحة المستقبل استخدام ما يطلق عليه تكنولوجيا النانو وأصل هذه الكلمة يونانية تعني القزم أما في الفيزياء تعني بعداً صغيراً جداً يبلغ واحد من المليار من المتر إلى جزء من المليون جزء من الملليمتر أو بتعبير أخر فإن تكنولوجيا النانو هي العلم الذي يتعامل مع أجزاء صغيرة لا ترى بالعين المجردة وتبلغ جزءاً من 80 ألف جزء من شعرة رأس الإنسان وأهمية تكنولوجيا النانو فى مجال حروب المستقبل يتمثل في أن هناك أبحاث حثيثة تجرى إعتماداً على هذه التكنولوجيا في صناعة ملابس يطلق عليها ملابس عاقلة للجنود حيث تقوم هذه الملابس عند أصابة الجندى بجرح بتعين مكان الجرح ومدى خطورته وإرسال رسالة إلى المركز مع تقديم المعلومات الضرورية مثل قياس نبض الجندي ودرجة حرارة جسمه وقياس ضغطه ، ثم تقوم بإعطاء الدواء اللازم لجسم الجندى بتسليط ضغط على مكان الجرح لوقف النزيف ، وإذا توقف نبض القلب تقوم بتدليك منطقة القلب لإعادة النبض ورغم خفة وزن هذه الملابس إلا أنها ستكون بمثابة درع قوي ضد الرصاص وتكمن أهمية تكنولوجيا النانو في مجال حروب المستقبل بأنها ستحدث ثورة كبيرة في مجال الأسلحة والتسلح الأمر الذي يقوي من سلطة الدول التي تمتلك هذه التكنولوجيا وهي عددها قليل لأنه يمكن عن طريقها صناعة أسلحة فتاكة بحجم النمل وربما أصغر تقوم بمهاجمة مواقع الأعداء بأعداد كبيرة وتدميرها
4ـ أسلحة الليزر :
الليزر جهاز يولد شعاعاً ضيقاَوقوياَ من الضوء عبر استثارة الذرات وباستطاعة شعاع الليزر أن يلحق الضرر بعدد مختلف من الأشياء وذلك عبر مكونات المادة وتعريضها لدرجات حرارة عالية جداً مما يعرقل عمل وظائف الأجهزة الحساسة للأجهزة العسكرية لدى الأعداء ويسبب العمى المؤقت أو الدائم للمجندين ويأمل العلماء عن طريق استخدام الليزر تطوير مدفع الميدان «الهاونزر» لزيادة قدرة نيرانه فمنذ أيام نابليون والمدافع تستخدم شحنات البارود الأسود التى يتم إشعالها بواسطة باديء كمادة قاذفة ومشكلة هذه البوادي أنها تحتاج إلى استبدالها عقب كل طلقه ،كما يجب نقل عدد كبير منها إلى الخطوط الأمامية لإعادة تزويد المدافع بها وكبديل لذلك يجري العلماء تجارب لأستخدام شعاع ليزر لأشعال المادة القاذفة في مركز هندسة وتطويرأبحاث الأسلحة والذخيرة للجيش الأمريكى حيث تم توجيه شعاع الليزر من خلال نافذة ضوئية في كتلة ترباس المدفع لأشعال المادة القاذفة وبعد التجارب الأولية التي أجريت على مدفع 155تبين أن استخدام شعاع الليزر زاد من معدل الطلقات في الدقيقة حيث لايكون هناك حاجة لاستبدال الباديء وهذا بدوره يعني أن هذه القوة أخف وأسرع كثيراً من الوسائل التقليدية المستخدمة حديثاً وما زالت الأختبارات تجرى للتأكد من قدرة الليزر على الصمود أمام صدمات الأرتداد المتكررة التي تحدث عند أستخدام المدفع
5ـ البلازما سلاح المستقبل:
تعد البلازما الأحدث في المجال العسكري وتعتمد على حزمة من البلازما لها كتلة يمكنها التحرك في الفضاء كالبرق وتتولد البلازما على شكل طاقة مركزة بواسطة موجات المايكرووف أو بأشعة الليزر إلا أنها أبطأ من شعاع الليزر ومن موجات المايكروويف لكنها تسبب أضراراً أكبرمن غيرها وتسعى القوات الأمريكية إلى تطوير هذه التكنولوجيا وتشجع البحوث العلمية الجديدة في هذا المجال للمحافظة على تفوقها العسكري كما تسعى روسيا أيضا إلى تطويرهذا السلاح الجديد والذي يمكنها عن طريقة حرق أي صاروخ أو طائرة عند توجيه طاقة البلازما الفيزيائية وهي ليزرات وأيوانات وإلكترونات للدفاع عن أي مواقع أرضية إلا أن مساوئ سلاح البلازما تكمن في ضرورة إنشاء قواعد أرضية لها مما يسهل عملية رصدها وتدميرها من قبل القوات المعادية
6ـ الحارس الصامت :
هو الأسم الرسمي لمشروع سلاح إشعاعي جديد يسعى الجيش الأمريكى إلى إنتاجه لوضعه قيد العمل خلال السنوات القادمة والسلاح الجديد عبارة عن شعاع يطلق حرارته بدون صوت ولا دليل بصرى ويولد لدى العدو شعوراً بأن ملابسه تحترق وقد تم التوصل إليه ليكون بديلاً عن الأسلحة والذخائر المطاطية ولكن بمدى أطول يقدر بمسافة من15إلى 500متر ويحتاج هذا السلاح الجديد كما أشار قسم الأسلحة الغير قاتلة في وزارة الدفاع الأمريكية إلى صحن لاقط كبير يتم تثبيته على عربة من طراز “هامفي” ليقوم الهوائي بإرسال موجات مغناطيسية كهربائية تولد إحساساً بالحرارة على جلد العدو مما يدفعه للتراجع دون أن يتسبب بجروح كما يستطيع هذا السلاح اختراق الملابس وتسخين الجسم بطريقة قياسية تصل إلى 50درجة مئوية لكنه غير مؤذي ولا يمكنه أن يؤثر على الأنسجة الداخلية والأعضاء الجسدية لأنه يخترق الجسم أكثر من نصف ميليمتر وهو ليس من أنواع الليزر فمصدر الطاقة يأتي من جيروترون تنبعث منه موجات مغناطيسية كهربائية بقوة كبيرة وبوتيرة عالية جداً
7ـ المركبات الخفيفة:
ومن أسلحة المستقبل أستخدام المركبات الخفيفة وهي مركبات مصممة بحيث لا يزن وزنها 20طناً سواءً كانت ناقلة جنود مدرعة أو مركبة استطلاع بحيث يمكن نقلها بسهولة إلى أرض المعارك الخارجية بواسطة طائرة نقل عسكرية ، كما تتميز هذه المركبات الخفيفة أنها تستخدم وقود أقل وتتمتع بميزة كبرى أخرى وهي قدرتها على إعادة شحن البطاريات المستخدمة في المعدات الإلكترونية العاملة في مختلف فروع الجيش المقاتل، ويجري تطوير هذه المركبات لتأخذ أشكال الإنسان الآلى حيث تتولى الأستكشاف أمام القوة الرئيسية لتحديد التهديدات الكيماوية والبيولوجية والنووية وسيتم توظيفها أيضا في استطلاع الكهوف الجبلية والأنفاق المحفورة تحت الأرض و أيضا كأدوات لإخلاء الجرجى ونقل الإمدادات
أخيراً:
وفي النهاية نقول أنه ليس هناك أدنى شك في أن أسلحة وحروب المستقبل ستختلف جذرياً عن حروب الحاضر الأمر الذي يتعين علينا في عالمنا العربي العمل بجدية والاستفادة من العقول العلمية العربية بصنع تكنولوجيات وتقنيات عسكرية متقدمة تساهم مساهمة فاعلة في تطوير المنظومة العسكرية العربية بشكل أفضل لأن الشواهد والدلائل العلمية تؤكد على أن جندي المستقبل سيكون جاهزاً للتغير بصورة كاملة مع بدء إنتاج النماذج الأولية لأنظمة وحروب المستقبل.
المصادر:
- الحرب عبر التاريخ ،الفيلد مارشال، فيكونت مونتجمرى، ترجمة العميد عبدالله النمر، المطبعة الفنية الحديثة ،1972
- أسلحة وحروب المستقبل بين الخيال والواقع، تأليف صفات أمين سلامة، الناشر مركز الأمارات للدراسات والبحوث الأستراتيجية العدد 112
- مجلة الجزيرة ،ملحق جريدة الجزيرة السعودية العدد 31 الصادر يوم الثلاثاء الموافق 20صفر 1424 هجرية
- مفهوم الحرب في عصر النهضة الأوروبية، د/ ناصر الدين سعيدوني، مجلة عالم الفكر، المجلد 36 أكتوبر ـ ديسمبر2007
- العلم والحرب ،د/جهاد ملحم، مجلة عالم الفكر المجلد 36 أكتوبر ـ ديسمبر 2007
- حروب المستقبل بلا مقاتلين، إعداد لواء/محمد عبد العزيز يوسف، مجلة النصر العدد 834 ديسمبر عام 2008
أسلحة وحروب المستقبل، علي حسين باكبير، مجلة المجتمع، الكويت العدد 1781، بتاريخ 15/2/ 2007م
منقول .