الحرب النفسية بقلم:تحسين يحيى أبو عاصي
تاريخ النشر : 2009-03-27
الحرب النفسية
تحسين يحيى أبو عاصي – كاتب مستقل –
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
يعج التاريخ الحديث والقديم بأمثلة كثيرة حول أشكال الحرب النفسية ، منها ما نجح به جنكيز خان أثناء اجتياحه للبلاد وقتله للعباد ، فقد تمكن بنجاح من نشر دعاية الرعب بشكل لا نظير له عبر التاريخ البشري .
كما استخدم هتلر شكلا من أشكال الحرب النفسية سنة ( 1936 ) جعل تشيكوسلوفاكيا تنسحب من منطقة السويدات دون أن تطلق طلقة واحدة ،ونجح في احتلال مناطق واسعة جدا من فرنسا خلال ست ساعات .
واستخدموا في مصر القديمة المراوغة والحيلة والخدعة في الحروب ، واعتمدوا على ذلك عند فتح يافا في فلسطين ، واستُخدم السحر في الصين القديمة ، كما استُخدم السباب والشتائم والتشهير السياسي بغرض التأثير على الروح المعنوية للعدو في اليونان القديمة أيضاً.
ويقول المخطط العسكري الصيني صن تزو : إن أعظم درجات المهارة هي تحطيم مقاومة العدو دون قتال .
القائد الألماني روميل قال : إن القائد الناجح هو الذي يسيطر على عقول أعدائه قبل مبادأتهم
أما الحلفاء فقد نشروا في الحرب العالمية أنهم لا يريدون محاربة الشعب الألماني ، وإنما يريدون محاربة هتلر ، وهو تماما ما يفعله اليوم الاحتلال الإسرائيلي عندما يقول : أن حربه على الإرهاب ( كما يسميها ) وليس على الشعب الفلسطيني .
ولا تقل الحروب النفسية شأنا عن المعارك العسكرية ، ومن أجل نجاحها أو فشلها فهي تعتمد أساسا على قدرة طرف على فهم الطرف الآخر من الناحية النفسية ، وطرق التفكير، ومستوى الثقافة ، وطبيعة التعبئة والأيديولوجية ، والعادات والتقاليد وأنماط السلوك ، ويعني ذلك الاعتماد على طبيعة منظومة التركيبة البنيوية للطرف المحارَب ، من حيث الانتماء والاعتقاد ، والوعي والإيمان بالهدف الذي يقاتل من أجله .
وللحرب النفسية قدرة كبيرة على إلحاق الأذى ، أو أكبر قدر ممكن من الخسائر أو الهزيمة في الطرف المقابل .
إن نسبة الفهم وحجم دقته من الطرف المحارِِب للطرف المحارَب أو من العدو إلى عدوه ، تنسجم تماما مع نسبة تحقيق الأهداف ، بمعنى آخر بسيط : كلما فهمنا نحن عدونا كلما اقتربنا من تحقيق بعضا من أهدافنا ، وكلما فهمَنا عدونا كلما حقق بعضا من أهدافه لصالحه على حسابنا ، بحيث أنه كلما كان أي خلل في أي موطن من مواطن الفهم ، يؤدي بالقطع إلى خلل في نتيجة المعركة ، وينطبق ذلك أيضا على النزاعات المسلحة التي تقوم ما بين التنظيمات أو الميليشيات أو ما شابه ذلك ، وكل فهم عقلي وسيكولوجي دقيق لطبيعة الطرف الآخر يؤدي إلى مزيد من الاقتراب في تحقيق الهدف ، ولقد صرّح بذلك بعض القادة الأمريكان ، كما أثبتت الوقائع المادية أن مجتمع العدو الصهيوني يتأثر تأثيرا كبيراً من الدعاية الإعلامية ، إلى درجة تؤثر على مستوى الهجرة والهجرة المضادة ( من وإلى دولة الكيان ) ، ومن المعروف أن الدعاية الإعلامية جزء من الحرب النفسية وشكل من أشكالها .
قال بول لينباجر: إن الحرب النفسية هي استخدام الدعاية ضد العدو، مع إجراءات عملية أخرى ذات طبيعة عسكرية واقتصادية أو سياسية بما تتطلبه الدعاية ، ويقول : إنها تطبيق لبعض أجزاء علم النفس لمعاونة المجهودات التي تبذل في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية .
ويلعب الطابور الخامس في الحرب النفسية دورا كبيرا في تحقيق أهداف العدو، ولقد ظهر تعبير ( الطابور أو الخامس ) خلال الحرب الأهلية الاسبانية ، عندما قال الجنرال (مولا ) أحد قادة فرانكو: ( إن أربعة طوابير عسكرية تتقدم على مدريد للاستيلاء عليها ، ولكن هناك طابورا خامساً كاملاً داخل المدينة ، له القابلية على إنجاز ما لم يستطع أي طابور عسكري من انجازه ) ، ومن المعروف أن الطابور الخامس ينشر إشاعات هدفها الضعف والهزيمة ، والتفتت ونشر اليأس والحقد ، والتشكيك من جدوى المقاومة ، و كي الوعي بغرض المس من معنويات الطرف الآخر ومن ثم الاستسلام .
البروفسور رجيار داكروس الذي كان مديرا للحرب النفسية في بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية قال : إن من أهم أهداف هذه الحرب هو تحطيم قيم وأخلاقيات الشعب الذي توجه إليه الحرب النفسية ، وإرباك نظرته السياسية ، وقتل كافة معتقداته ومثله التي يؤمن بها ، وإعطاؤه الدروس الجديدة ؛ ليؤمن بعد ذلك بكل ما نؤمن به ، وإجراء عملية غسل دماغ ، وزيادة شقة الخلاف بين الحكومات وشعبها ، وغرس بذور الفرقة بين أبناء الشعب.(انتهى
)استخدمت إسرائيل أنماطا مختلفة من الحرب النفسية ، منها ما أشاعته في حربها على لبنان سنة 1982 ، بأن القائدين خليل الوزير وصلاح خلف قد استشهدا ، وأن جثمانيهما في أحد المساجد ، كما تستخدم إسرائيل المنشورات التي تلقي بها على المواطنين من الجو .
ومن الحرب النفسية أيضاً الحرب الباردة ، وتأخذ أشكالا ثقافية مختلفة في مجالات الفنون والثقافة والآداب ، مستخدمة الصحف والكتب والإذاعات ، والقنوات والمواقع والحفلات الموسيقية ، والعروض الفنية والجمعيات والمؤسسات المدنية والإنسانية والصحفية المختلفة ، وتعمد على تجيير الكُتاب والمثقفين ، وتشتري العقول للوصول إلى مقاصدها ، كتلك العقول العربية التي تفتخر بها وزارة الخارجية الإسرائيلية في موقعها كما أقامت مخابرات أمريكا كونغرس الحرية الثقافية (عام ١٩٥٠) ، وتحول فيما بعد إلى الاتحاد الدولي للحرية الثقافية ، وأنشأ فروعا في ٣٥ دولة ، كما أصدر أكثر من عشرين مجلة ثقافية في مختلف أنحاء العالم ، كانت كلها تروّج للنموذج الأميركي . وكانت المخابرات الأميركية وراء إنشاء نادي القلم الدولي في منتصف الستينيات ، الذي مد أذرعه إلى ٥٥ دولة وأسس فيها ٧٦ فرعا، كانت كلها ذات أنشطة ثقافية .
تحتاج الحرب النفسية إلى وعي كبير من اجل التصدي لها ومواجهتها ، بالقدر الذي تحتاجه في إدارتها ، لأنها أشد فتكا من العمل العسكري في الميدان ، ولعل ما حدث للقوات العراقية عندما اجتاح الحلفاء الجدد بغداد ، وظهر الانهيار السريع للقوات العراقية ، وكيف كانت الحرب النفسية التي استعملها الصحاف وزير الإعلام في ذلك الوقت حربا مفلسة فاشلة ، يذكرنا بالحرب النفسية الهوجاء التي شنتها حكومة عبد الناصر على لسان أحمد سعيد قبل وأثناء حرب 1967 ، عندما كان يردد ويقول : القوا اليهود في البحر ، هنيئا لك يا سمك وأنت تأكل لحم اليهود ، وان المضادات الجوية المصرية تسقط طائرات العدو الصهيوني كالذباب ، وبعد ساعات تفاجأ العالم بسقوط غزة و سيناء والضفة الغربية والجولان .
إن حجم الدمار الذي خلفه العدو الإسرائيلي أثناء حربه الأخيرة على غزة ، لهو رسالة نفسية من أجل كي الوعي الفلسطيني ، كما صرحت بذلك تسيفي ليفني نفسها ، ومضمونها أن المقاومة لن تجدي نفعا ، وانه يستوجب على الفلسطينيين إلقاء السلاح ، كما أن الحصار الخانق المفروض على غزة يرمي إلى توصيل رسالة واضحة للشعب الفلسطيني ، بأن العدو الإسرائيلي بيده شربة الماء ولقمة الخبز، وأن بإمكانه أن يفعل بالشعب الفلسطيني ما يحلو له ،إلى أن يحقق العدو ما يريد ، ولقد سمعنا دعوات كثيرة من قادة الكيان للشعب الفلسطيني في قطاع غزة تهدف إلى الإطاحة بحكم حماس .
وفي هذه الأيام تكثر إشاعات هدّامة مغرضة هدفها الخنوع والاستسلام ، سواء كانت عن جهل أو عن علم وتخطيط : ينشرون بأننا لا طاقة لنا بإسرائيل ، وأن إسرائيل لا يمكن أن تأتي بالقوة ، وأننا جربنا الحرب فلنجرب السلام ،وأن أمريكا في ظهرها ( أي من ورائها ) وأننا لا يدعمنا أحد ، والكثير من مثل هذه الدعايات التي تهدف إلى ثني الإرادة وتحطيم العزيمة ، ومن الغريب أن هذه الدعايات والإشاعات والأفكار المسمومة والملوثة ، تنتشر بين الشباب تحديدا كانتشار النار في الهشيم ، مما يدق ناقوس الخطر الكبير إذا لم تتدارك القيادات هذه الظاهرة .
ولكي نواجه نحن الفلسطينيون جميع أساليب الحرب النفسية ، نحتاج إلى توفير كل مقومات الوعي والدعم والصمود ؛ من أجل أن يقدم المواطن الفلسطيني روحه ودمه وبيته وممتلكاته على طبق من نور لثرى فلسطين ، فهل الوقائع على الأرض تثبت ذلك ؟ .
زيارتكم لمدونتي وتعليقاتكم عليها شرف لي .
www.tahsseen.jeeran.com مدونتي : واحة الكتاب والأدباء المغمورين
http://www.arabianawareness.com/ نبض الوعي العربي
تاريخ النشر : 2009-03-27
الحرب النفسية
تحسين يحيى أبو عاصي – كاتب مستقل –
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
يعج التاريخ الحديث والقديم بأمثلة كثيرة حول أشكال الحرب النفسية ، منها ما نجح به جنكيز خان أثناء اجتياحه للبلاد وقتله للعباد ، فقد تمكن بنجاح من نشر دعاية الرعب بشكل لا نظير له عبر التاريخ البشري .
كما استخدم هتلر شكلا من أشكال الحرب النفسية سنة ( 1936 ) جعل تشيكوسلوفاكيا تنسحب من منطقة السويدات دون أن تطلق طلقة واحدة ،ونجح في احتلال مناطق واسعة جدا من فرنسا خلال ست ساعات .
واستخدموا في مصر القديمة المراوغة والحيلة والخدعة في الحروب ، واعتمدوا على ذلك عند فتح يافا في فلسطين ، واستُخدم السحر في الصين القديمة ، كما استُخدم السباب والشتائم والتشهير السياسي بغرض التأثير على الروح المعنوية للعدو في اليونان القديمة أيضاً.
ويقول المخطط العسكري الصيني صن تزو : إن أعظم درجات المهارة هي تحطيم مقاومة العدو دون قتال .
القائد الألماني روميل قال : إن القائد الناجح هو الذي يسيطر على عقول أعدائه قبل مبادأتهم
أما الحلفاء فقد نشروا في الحرب العالمية أنهم لا يريدون محاربة الشعب الألماني ، وإنما يريدون محاربة هتلر ، وهو تماما ما يفعله اليوم الاحتلال الإسرائيلي عندما يقول : أن حربه على الإرهاب ( كما يسميها ) وليس على الشعب الفلسطيني .
ولا تقل الحروب النفسية شأنا عن المعارك العسكرية ، ومن أجل نجاحها أو فشلها فهي تعتمد أساسا على قدرة طرف على فهم الطرف الآخر من الناحية النفسية ، وطرق التفكير، ومستوى الثقافة ، وطبيعة التعبئة والأيديولوجية ، والعادات والتقاليد وأنماط السلوك ، ويعني ذلك الاعتماد على طبيعة منظومة التركيبة البنيوية للطرف المحارَب ، من حيث الانتماء والاعتقاد ، والوعي والإيمان بالهدف الذي يقاتل من أجله .
وللحرب النفسية قدرة كبيرة على إلحاق الأذى ، أو أكبر قدر ممكن من الخسائر أو الهزيمة في الطرف المقابل .
إن نسبة الفهم وحجم دقته من الطرف المحارِِب للطرف المحارَب أو من العدو إلى عدوه ، تنسجم تماما مع نسبة تحقيق الأهداف ، بمعنى آخر بسيط : كلما فهمنا نحن عدونا كلما اقتربنا من تحقيق بعضا من أهدافنا ، وكلما فهمَنا عدونا كلما حقق بعضا من أهدافه لصالحه على حسابنا ، بحيث أنه كلما كان أي خلل في أي موطن من مواطن الفهم ، يؤدي بالقطع إلى خلل في نتيجة المعركة ، وينطبق ذلك أيضا على النزاعات المسلحة التي تقوم ما بين التنظيمات أو الميليشيات أو ما شابه ذلك ، وكل فهم عقلي وسيكولوجي دقيق لطبيعة الطرف الآخر يؤدي إلى مزيد من الاقتراب في تحقيق الهدف ، ولقد صرّح بذلك بعض القادة الأمريكان ، كما أثبتت الوقائع المادية أن مجتمع العدو الصهيوني يتأثر تأثيرا كبيراً من الدعاية الإعلامية ، إلى درجة تؤثر على مستوى الهجرة والهجرة المضادة ( من وإلى دولة الكيان ) ، ومن المعروف أن الدعاية الإعلامية جزء من الحرب النفسية وشكل من أشكالها .
قال بول لينباجر: إن الحرب النفسية هي استخدام الدعاية ضد العدو، مع إجراءات عملية أخرى ذات طبيعة عسكرية واقتصادية أو سياسية بما تتطلبه الدعاية ، ويقول : إنها تطبيق لبعض أجزاء علم النفس لمعاونة المجهودات التي تبذل في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية .
ويلعب الطابور الخامس في الحرب النفسية دورا كبيرا في تحقيق أهداف العدو، ولقد ظهر تعبير ( الطابور أو الخامس ) خلال الحرب الأهلية الاسبانية ، عندما قال الجنرال (مولا ) أحد قادة فرانكو: ( إن أربعة طوابير عسكرية تتقدم على مدريد للاستيلاء عليها ، ولكن هناك طابورا خامساً كاملاً داخل المدينة ، له القابلية على إنجاز ما لم يستطع أي طابور عسكري من انجازه ) ، ومن المعروف أن الطابور الخامس ينشر إشاعات هدفها الضعف والهزيمة ، والتفتت ونشر اليأس والحقد ، والتشكيك من جدوى المقاومة ، و كي الوعي بغرض المس من معنويات الطرف الآخر ومن ثم الاستسلام .
البروفسور رجيار داكروس الذي كان مديرا للحرب النفسية في بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية قال : إن من أهم أهداف هذه الحرب هو تحطيم قيم وأخلاقيات الشعب الذي توجه إليه الحرب النفسية ، وإرباك نظرته السياسية ، وقتل كافة معتقداته ومثله التي يؤمن بها ، وإعطاؤه الدروس الجديدة ؛ ليؤمن بعد ذلك بكل ما نؤمن به ، وإجراء عملية غسل دماغ ، وزيادة شقة الخلاف بين الحكومات وشعبها ، وغرس بذور الفرقة بين أبناء الشعب.(انتهى
)استخدمت إسرائيل أنماطا مختلفة من الحرب النفسية ، منها ما أشاعته في حربها على لبنان سنة 1982 ، بأن القائدين خليل الوزير وصلاح خلف قد استشهدا ، وأن جثمانيهما في أحد المساجد ، كما تستخدم إسرائيل المنشورات التي تلقي بها على المواطنين من الجو .
ومن الحرب النفسية أيضاً الحرب الباردة ، وتأخذ أشكالا ثقافية مختلفة في مجالات الفنون والثقافة والآداب ، مستخدمة الصحف والكتب والإذاعات ، والقنوات والمواقع والحفلات الموسيقية ، والعروض الفنية والجمعيات والمؤسسات المدنية والإنسانية والصحفية المختلفة ، وتعمد على تجيير الكُتاب والمثقفين ، وتشتري العقول للوصول إلى مقاصدها ، كتلك العقول العربية التي تفتخر بها وزارة الخارجية الإسرائيلية في موقعها كما أقامت مخابرات أمريكا كونغرس الحرية الثقافية (عام ١٩٥٠) ، وتحول فيما بعد إلى الاتحاد الدولي للحرية الثقافية ، وأنشأ فروعا في ٣٥ دولة ، كما أصدر أكثر من عشرين مجلة ثقافية في مختلف أنحاء العالم ، كانت كلها تروّج للنموذج الأميركي . وكانت المخابرات الأميركية وراء إنشاء نادي القلم الدولي في منتصف الستينيات ، الذي مد أذرعه إلى ٥٥ دولة وأسس فيها ٧٦ فرعا، كانت كلها ذات أنشطة ثقافية .
تحتاج الحرب النفسية إلى وعي كبير من اجل التصدي لها ومواجهتها ، بالقدر الذي تحتاجه في إدارتها ، لأنها أشد فتكا من العمل العسكري في الميدان ، ولعل ما حدث للقوات العراقية عندما اجتاح الحلفاء الجدد بغداد ، وظهر الانهيار السريع للقوات العراقية ، وكيف كانت الحرب النفسية التي استعملها الصحاف وزير الإعلام في ذلك الوقت حربا مفلسة فاشلة ، يذكرنا بالحرب النفسية الهوجاء التي شنتها حكومة عبد الناصر على لسان أحمد سعيد قبل وأثناء حرب 1967 ، عندما كان يردد ويقول : القوا اليهود في البحر ، هنيئا لك يا سمك وأنت تأكل لحم اليهود ، وان المضادات الجوية المصرية تسقط طائرات العدو الصهيوني كالذباب ، وبعد ساعات تفاجأ العالم بسقوط غزة و سيناء والضفة الغربية والجولان .
إن حجم الدمار الذي خلفه العدو الإسرائيلي أثناء حربه الأخيرة على غزة ، لهو رسالة نفسية من أجل كي الوعي الفلسطيني ، كما صرحت بذلك تسيفي ليفني نفسها ، ومضمونها أن المقاومة لن تجدي نفعا ، وانه يستوجب على الفلسطينيين إلقاء السلاح ، كما أن الحصار الخانق المفروض على غزة يرمي إلى توصيل رسالة واضحة للشعب الفلسطيني ، بأن العدو الإسرائيلي بيده شربة الماء ولقمة الخبز، وأن بإمكانه أن يفعل بالشعب الفلسطيني ما يحلو له ،إلى أن يحقق العدو ما يريد ، ولقد سمعنا دعوات كثيرة من قادة الكيان للشعب الفلسطيني في قطاع غزة تهدف إلى الإطاحة بحكم حماس .
وفي هذه الأيام تكثر إشاعات هدّامة مغرضة هدفها الخنوع والاستسلام ، سواء كانت عن جهل أو عن علم وتخطيط : ينشرون بأننا لا طاقة لنا بإسرائيل ، وأن إسرائيل لا يمكن أن تأتي بالقوة ، وأننا جربنا الحرب فلنجرب السلام ،وأن أمريكا في ظهرها ( أي من ورائها ) وأننا لا يدعمنا أحد ، والكثير من مثل هذه الدعايات التي تهدف إلى ثني الإرادة وتحطيم العزيمة ، ومن الغريب أن هذه الدعايات والإشاعات والأفكار المسمومة والملوثة ، تنتشر بين الشباب تحديدا كانتشار النار في الهشيم ، مما يدق ناقوس الخطر الكبير إذا لم تتدارك القيادات هذه الظاهرة .
ولكي نواجه نحن الفلسطينيون جميع أساليب الحرب النفسية ، نحتاج إلى توفير كل مقومات الوعي والدعم والصمود ؛ من أجل أن يقدم المواطن الفلسطيني روحه ودمه وبيته وممتلكاته على طبق من نور لثرى فلسطين ، فهل الوقائع على الأرض تثبت ذلك ؟ .
زيارتكم لمدونتي وتعليقاتكم عليها شرف لي .
www.tahsseen.jeeran.com مدونتي : واحة الكتاب والأدباء المغمورين
http://www.arabianawareness.com/ نبض الوعي العربي