ائد السرب المصرى فى الجبهة السورية يفتح قلبه للوسط: المصريون أنهوا الرعب من الفانتوم والهوك على الجبهة السورية الأربعاء 06 أكتوبر 2010
عدد التعليقات : 2
ارسل لصديق
طباعة
حجم النص:
|
قائد السرب المصرى فى الجبهة السورية يفتح قلبه للوسط: المصريون أنهوا الرعب من الفانتوم والهوك على الجبهة السورية
البطاقة الشخصية للواء فكرى الجندى؟
اللواء طيار أركان حرب محمد فكرى حسن الجندى، التحقت بكلية الطيران عام 1957 وتخرجت منها عام 1960، حصلت على فرقة صاعقة بعد التخرج ثم ذهبت إلى الاتحاد السوفيتى للحصول على دورة طيران قتالية على الميج 17 وقضيت هناك سنة كاملة.
أول تشكيل أنضممت إليه؟
عند العودة إلى الوطن التحقت كطيار مقاتل باللواء الجوى 20 قيادة المقدم طيار محمد عبد العزيز بدر، وكنت طيارا فى السرب الخامس قيادة الرائد طيار حسن عبد القادر، ومكثت فى هذا التشكيل حتى حرب اليمن، والحقت بالقوة الجوية باليمن أكتوبر 1962.
دورك فى حرب اليمن؟
اشتركت كطيار مقاتل قاذف فى حرب اليمن، ثم عدت إلى الوطن فى نفس التشكيل الذى كنت فيه، وفى مارس 1967 تعرضت لحادث طائرة كاد يودى بحياتى.
لم تشارك فى نكسة 1967؟
لا، مكثت فى المستشفى ثلاثة شهور راقدا على ظهرى اتلقى العلاج، فى نفس الوقت حدثت النكسة. وأنا اسميها نكسة لأن الجيش المصرى لم يحارب، ولكنه تم دفعه إلى سيناء وبعد الضربة الجوية الإسرائيلية صدرت له أوامر الانسحاب، فلم تحدث مواجهة ولا حرب حقيقية.
من دفع الجيش إلى سيناء؟
يبتسم ويقول: هدف سياسى، عبد الناصر لم يريد دخول الحرب مع إسرائيل.
ماهو شعور العسكريين بعد النكسة؟
احدثت النكسة اكتئاب وحزن شديد لدى المصريين كلهم، الغيت مظاهر الفرح، يتغير صوته ويتأثر، تم وصف العسكريين بالجبن والخذلان مع أنهم كانوا الضحية الأولى صدرت إليهم أوامر انسحاب عرضتهم لخسائر كبيرة جدا، ولولا أمر الانسحاب المسئول عنه القيادة السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة لكان الموقف مختلفا تمام.
كيف تعافت القوات المسلحة من النكسة؟
بدأت القوات المسلحة عملية إعادة البناء، حصلنا على طائرات من الاتحاد السوفيتى ومن الجزائر من طراز ميج 17 وميج21، وأعيد بناء القوات الجوية بفكر مختلف وحماس منقطع النظير ومعدل طلعات فاق المعدلات الطبيعية. ووضعت برامج تدريب متطورة. وأحب أن أبرز أن برامج التدريب التى وضعت كانت التشكيلات هى التى وضعتها لنفسها.
كيف ترى عملية التدريب فى حرب الاستنزاف؟
الاستنزاف كان ضرورة وملحمة لا تقل عظمتها عن الحرب نفسها. فى اسراب التدريب، والتى كنت أنا قائد واحد منها، يعد معدل الطلعات الطبيعى هو ثلاث طلعات فى اليوم، ولكننا، نحن الطيارين، ضاعفنا هذا العدد فأصبح أقل عدد طلعات يقوم به الطيار 6 أو أكثر. بمعنى أن يبتدأ يوم الطيران الساعة السابعة صباحا وينتهى فى الخامسة مساءا والطيار ما بين تنفيذ طلعة وملء الوقود.
ما هى الأهداف الرئيسية التى تحققت من عملية التدريب؟
كان التدريب ينصب أساسا على الطيران المنخفض "بارتفاع الشجرة" وإصابة الأهداف بأنواعها من أول مرة. وكان الهدف من الطلعات هو رفع الروح المعنوية للطيارين والقوات المسلحة الموجودة على حافة القنال. وكانت الأهداف التى نتعامل معها فى الاستنزاف هى مراكز صواريخ الهوك، مراكز القيادة المتقدمة، تجمعات الأسلحة، والمخازن الموجودة فى العمق التكتيكى للعدو (15 كيلومتر).
متى بدأ الاستعداد لحرب أكتوبر؟
انتهى الاستنزاف بناءا على موافقة الحكومة المصرية على مبادرة روجرز لوقف اطلاق النار، وكان قرارا صائبا. حيث استطعنا فى ظل وقف اطلاق النار التدريب بمعدلات أعلى وأسرع، كنا قبل 67 يحدث ضرب النار مرة واحدة فى السنة ولكنه أصبح فى تلك الفترة مرة فى الأأسبوع، حتى أصبحنا نتحرق شوقا لخوض الحرب.
ما هو دورك فى حرب أكتوبر؟
فى مارس عام 1973 كنت قائد السرب 62 مقاتلات قاذفة فى طار الصالحية بالشرقية. وصدرت لى الأوامر بتولى قيادة مأمورية سرب للذهاب إلىسوريا والعمل مع قيادة القوات الجوية السورية. وبالفعل اصطحبت معى سرب من الطيارين والميكانيكيين والأفراد وذهبنا إلى قاعدة المذة جنوب دمشق. وانضممت إلى اللواء الجوى العامل بهذه القاعدة تحت مسمى السرب ال15.
متى علمت بموعد الحرب؟
فى الأسبوع الذى يسبق الحرب شعرت بحركة غير عادية فى القاعدة الجوية السورية. بدأ تكديس أسلحة وذخائر بجانب الدشم لا تستخدم إلا فى العمليات. وانضم إلى القاعدة سرب آخر من مطار آخر حتى ازدحم المطار بالميج 17 وأصبحت كل دشمه بها طائرتان. بدأنا نستقبل طائرات نقل جوى من مصر تعمل عسكريا وتحمل قنابل ممرات لإمداد القوات السورية بها. وبدأ الحديث بين قادة اسراب والطيارين عن الحرب. أنا شخصيا قمت بعمل تمرين أسميته تمرين قبل المعركة يوم الخميس على اعتقاد –دون معرفة مسبقة- أن الحرب لن تكون بعد يوم السبت بأى حال من الأحوال. وكان تمرينا عنيفا جدا.
كيف كان الاستعداد يوم الحرب؟
يوم الجمعة وصلتنا تعليمات بالتواجد أول ضوء فى الأسراب ومجموعة الطوارئ فى الدشم "حالة أولى 4 طيارين" والطائرات مسلحة بالكامل.
وأنا اتذكر اليوم الأول عندما كشف علينا الطبيب وكانت درجة حرارتى 38، ونصحنى الطبيب بعدم الطيران ولكنى رفضت. وعندما ذهبنا لسماع التلقين سألنى رئيس أركان اللواء العقيد طالب صباغ عن سر العرق، قلت له أن حرارتى 38، وعندما طلب منى عدم الطيران، قلت له أنى انتظر هذا اليوم منذ سنين، فقال لى الله معك وأكمل التلقين.
ماهى أول مهمة أوكلت لك فى حرب أكتوبر؟
كان هدفى هو مركز قيادة فى الجليل الأعلى فى إسرائيل، انصرفنا من قيادة اللواء وذهبنا لتناول الطعام، ولاحظت أن الطيارين صامتين. تم تجهيز ميكروباص و سيارة جيب قبل الطلعة بربع ساعة. كان الميكروباص بع 4 طيارين و4 آخرين فى الجيب، ولكنى طلبت من الجميع الركوب فى الميكروباص وبدأنا فى الهتاف "الله أكبر". كان المهندسين على الأرض يبكون، ورأيت فى عيون الطيارين شجاعة "ممكن تتفرق على وطن".
كيف سارت المهمة الأولى؟
اقلعنا بالطائرات ودخلنا لبنان، واقتربنا من إسرائيل عن طريق لبنان من خلال وادى البقاع ومرج عيون، وصلت إلى الجليل الأعلى وتعاملنا مع هدفنا ثم عدنا مرة أخرى عن طريق لبنان. وكانت كل الطائرات قد أدت مهماتها وعادت إلى المطار سالمة. كان هناك 37 طائرة فى مطار المزة.
كيف كان رد العدو؟
الضربة الأولى حققت أهدافها تماما، حتى أن القيادة الغت الضربة الثانية. فى اليوم التالى بدأ الغزو اليهودى. فتعاملت مع العدو صواريخ الدفاع الجوى (سام) والطائرات المقاتلة وقامت الطائرات القاذفة بمساعدة التشكيلات الأرضية بضرب الدبابات والصواريخ والمدفعيات بأنواعها.
هل تتذكر أبرز المهمات التى نفذتها؟
كنت فى طريقى لضرب هدف فى مدينة القنيطرة فوجئت بمركز القيادة يطلب منى التحليق فوق سماء دمشق وعمل مظلة جوية، وأثناء عمل المظلة شاهدت طائرتين من طراز فانتوم تقترب من دير صيدناية فى اتجاه دمشق فابلغت القيادة ولكنى لم أجد تجاوبا. اعطيت تعليماتى للملازم بكر معاون قائد التشكيل بالانفصال إلى اليمين للتعامل مع طائرات أخرى، وتعاملت مع الطائرة فى المقدمة، كان وضعها مناسب للهجوم. وكانت أول مرة أهاجم طائرة فى السماء وكنت على مسافة 800 متر، فاقتربت من الطائرة وقمت بعمل مناورات فى الجو، وكنت أخوض المعركة وأنا واثق من الموت نظرا لتفوق الفانتوم الكبير على الميج17. وبعد إصابة تلك الطائرة وجدت طائرة فانتوم خلفى، فقمت بعمل مناورة حادة وأصبحت خلفها. اطلقت عليها النيران ولكنى لم ارها تسقط. ووردت أخبار بعد ذلك عن سقوط طائرة فى الزيدانى. وبعد ذلك انسحبت باقى طائرات الفانتوم. وكان معى الملازم سيف وكان يتابعنى من الخلف ويحاول الاصطدام بالطائرات المعادية لحماية باقى اللواء. عند هبوطنا على الممر نفذ الوقود ونحن بالكاد فى آخر الممر.
من الأشياء الأخرى التى اتذكرها، انى فى أحدى الطلعات لضرب تجمع دبابات لم أجد الهدف، فبحثت عن شئ أصيبه حتى لا أعود خالى الوفاض. فكان يجب أن أطير على ارتفاع أعلى من 100 متر، وكان يجب أن نظل أقل من ارتفاع 50 متر حتى لا تصيبنا صواريخ الهوك للدفاع الجوى، وجدت موقع صواريخ هوك، ولكنه لم يطلق، فدمرته وعدت بعد أن علمنا أننا نستطيع الطيران على ارتفاع 100 متر دون الخوف من صواريخ الهوك.
كيف حدثت الإصابة؟
استمرت الحرب حتى يوم 12 أو 13 وكنا فى طلعة لتقديم الدعم لقواتنا البرية بالقرب من بلدة أسمها سعسع. ولاحظت فى هذا اليوم تحركات على الأرض بكثافة حتى لم أستطع التمييز بين السوريين والإسرائيليين. لاحظت تجمع للدبابات قريب منى فقمت بعمل ثلاث هجمات وفى الهجمة الأخيرة شعرت بانفجار فى مؤخرة الطائرة وبدأت الحرارة ترتفع وتراجعت قدرة المحرك فعلمت أننى أصبت. وعرفت بعد ذلك أن صاروخ من طائرة معادية هو الذى آصابنى. فهبطت بالمظلة ووقعت بالقرب من بلدة سعسع وتلقفتنى القوات السورية.
كيف كانت الإصابة؟
نقلتنى القوات السورية إلى مستشفى المواساة فى دمشق بموتوسيكل مزود بعربة جانبية. وتم تشخيص الإصابة بكسر فى العمود الفقرى وإصابة فى الرأس يصاحبها شعور بالغثيان وتشوش فى الرؤية. غير الجروح البالغة فى ذراعى وظهرى. ثم نقلت إلى مستشفى حراثته العسكرى ثم إلى القاهرة.
كيف كان الاستقبال فى القاهرة؟
استقبلنى الفريق محمد حسنى مبارك استقبالا حافلا ومعه قادة القوات الجوية واشادوا باعمال السرب المصرى فى سوريا وجلست مع قائد القوات الجوية الفريق مبارك فى مكتبه وحكيت له عن الأعمال القتالية التى نفذناها فى سوريا.
ما رأيك فى قرار السادات بعمل وقفة تعبوية دون تطوير الهجوم؟
من الأعمال العسكرية المعتادة بعد تحريك المهمة المباشرة وهى إقامة رؤوس كبارى على الجبهة المصرية أن تكون هناك وقفة تعبوية الغرض منها تحسين الحد الأمامى للدفاعات وتقويته والاستعداد لاستئناف القتال. ولكن الوقفة التعبوية أخذت وقتا أكثر من اللازم.
ماذا كان تأثير ذلك على الجبهة السورية؟
أدى ذلك إلى السماح للقوات الإسرائيلية وخاصة القوات الجوية. بشن هجمات مركزة بطريقة أكثر فاعلية على الجبهة السورية. مما جعل الرئيس حافظ الأسد يطلب من السادات أن ينشط الجبهة المصرية للتخفيف عن الجبهة السورية.
ماذا عن الدور العراقى فى الجبهة السورية؟
عندما كان العدو على بعد 30 إلى 35 كيلو من دمشق قامت الحكومة العراقية بدفع فرقة مشاة وفرقة مشاة ميكانيكية وثلاثة أسراب إلى الجبهة السورية. وعلى الرغم من ذلك بدأ الرئيس أنور السادات بتطوير الهجوم فى الجيش الثانى وكان رأى قادة الجيش والقيادة العليا عدم القدرة على تطوير الهجوم بسب عدم مناسبة الاتجاه والقوة والتوقيت ولكن القائد الأعلى أصر ونفذ أوامره.
ماذا حدث بعد ذلك؟
تم تطوير الهجوم باستخدام لواء واحد من الفرقة 21، حقق بعض النجاحات ولكن بخسائر كبيرة ولم يستطع الصمود وصدرت له أوامر الانسحاب، يستطرد بعصبية "ما كان من الأول منخشش".
ما تقييمك لتعامل القيادة السياسية مع نصر أكتوبر؟
القيادة السياسية لم تسمح للجيش المصرى بعمل عسكرى مكتمل. كانت تتدخل دائما فى أعماله. فتتبعه اليهود ثم عبروا قناة السويس وبدأوا فى التعامل مع وحدات الدفاع الجوى فى فايد، وللاسف كان تعامل القيادة العامة غير سليم مما ادى إلى تفاقم الثغرة حتى وصلت من السويس.
هل كان من الممكن التعامل مع الثغرة؟
لا، بعد تفاقم الثغرة. صحيح أنه تمت محاصرة تلك الثغرة وكان من الممكن تصفيتها ولكن بخسائر كبيرة جدا، وكما هو واضح بدون هذه الثغرة كان الانتصار سيكون أكبر وأعظم. صحيح أننا انتصرنا فى 73 وعبرنا قناة السويس واستولينا على الضفة الشرقية وكبدنا العدو خسائر كبيرة ولكن الوضع كان سيصبح أفضل بدون ثغرة كان من الممكن تفاديها.
ماهى النياشين والأوسمة التى حصلت عليها؟
وسام النجمة العسكرية فى حرب اليمن، نيشان الترقية الاستثنائية فى حرب اليمن، نوط الواجب (ثلاث مرات) فى حروب اليمن والاستنزاف، نوط الخدمة الممتازة، نوط جرحى الحرب (مرتين). هذه هى الأوسمة المصرية، أما على الجانب السورى، وسام الشرف العسكرى من رتبة فارس (وهو أعلى وسام عسكرى سورى)، الوسام الحربى من الطبقة الممتازة، وميدالية جرحى الحرب السورية.
هل حصلت على وسام نجمة سيناء؟
لا، للاسف لم أحصل عليه، ربما اكتفوا بتقدير الحكومة السورية.
:bud[1]:
عدد التعليقات : 2
ارسل لصديق
طباعة
حجم النص:
البطاقة الشخصية للواء فكرى الجندى؟
اللواء طيار أركان حرب محمد فكرى حسن الجندى، التحقت بكلية الطيران عام 1957 وتخرجت منها عام 1960، حصلت على فرقة صاعقة بعد التخرج ثم ذهبت إلى الاتحاد السوفيتى للحصول على دورة طيران قتالية على الميج 17 وقضيت هناك سنة كاملة.
أول تشكيل أنضممت إليه؟
عند العودة إلى الوطن التحقت كطيار مقاتل باللواء الجوى 20 قيادة المقدم طيار محمد عبد العزيز بدر، وكنت طيارا فى السرب الخامس قيادة الرائد طيار حسن عبد القادر، ومكثت فى هذا التشكيل حتى حرب اليمن، والحقت بالقوة الجوية باليمن أكتوبر 1962.
دورك فى حرب اليمن؟
اشتركت كطيار مقاتل قاذف فى حرب اليمن، ثم عدت إلى الوطن فى نفس التشكيل الذى كنت فيه، وفى مارس 1967 تعرضت لحادث طائرة كاد يودى بحياتى.
لم تشارك فى نكسة 1967؟
لا، مكثت فى المستشفى ثلاثة شهور راقدا على ظهرى اتلقى العلاج، فى نفس الوقت حدثت النكسة. وأنا اسميها نكسة لأن الجيش المصرى لم يحارب، ولكنه تم دفعه إلى سيناء وبعد الضربة الجوية الإسرائيلية صدرت له أوامر الانسحاب، فلم تحدث مواجهة ولا حرب حقيقية.
من دفع الجيش إلى سيناء؟
يبتسم ويقول: هدف سياسى، عبد الناصر لم يريد دخول الحرب مع إسرائيل.
ماهو شعور العسكريين بعد النكسة؟
احدثت النكسة اكتئاب وحزن شديد لدى المصريين كلهم، الغيت مظاهر الفرح، يتغير صوته ويتأثر، تم وصف العسكريين بالجبن والخذلان مع أنهم كانوا الضحية الأولى صدرت إليهم أوامر انسحاب عرضتهم لخسائر كبيرة جدا، ولولا أمر الانسحاب المسئول عنه القيادة السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة لكان الموقف مختلفا تمام.
كيف تعافت القوات المسلحة من النكسة؟
بدأت القوات المسلحة عملية إعادة البناء، حصلنا على طائرات من الاتحاد السوفيتى ومن الجزائر من طراز ميج 17 وميج21، وأعيد بناء القوات الجوية بفكر مختلف وحماس منقطع النظير ومعدل طلعات فاق المعدلات الطبيعية. ووضعت برامج تدريب متطورة. وأحب أن أبرز أن برامج التدريب التى وضعت كانت التشكيلات هى التى وضعتها لنفسها.
كيف ترى عملية التدريب فى حرب الاستنزاف؟
الاستنزاف كان ضرورة وملحمة لا تقل عظمتها عن الحرب نفسها. فى اسراب التدريب، والتى كنت أنا قائد واحد منها، يعد معدل الطلعات الطبيعى هو ثلاث طلعات فى اليوم، ولكننا، نحن الطيارين، ضاعفنا هذا العدد فأصبح أقل عدد طلعات يقوم به الطيار 6 أو أكثر. بمعنى أن يبتدأ يوم الطيران الساعة السابعة صباحا وينتهى فى الخامسة مساءا والطيار ما بين تنفيذ طلعة وملء الوقود.
ما هى الأهداف الرئيسية التى تحققت من عملية التدريب؟
كان التدريب ينصب أساسا على الطيران المنخفض "بارتفاع الشجرة" وإصابة الأهداف بأنواعها من أول مرة. وكان الهدف من الطلعات هو رفع الروح المعنوية للطيارين والقوات المسلحة الموجودة على حافة القنال. وكانت الأهداف التى نتعامل معها فى الاستنزاف هى مراكز صواريخ الهوك، مراكز القيادة المتقدمة، تجمعات الأسلحة، والمخازن الموجودة فى العمق التكتيكى للعدو (15 كيلومتر).
متى بدأ الاستعداد لحرب أكتوبر؟
انتهى الاستنزاف بناءا على موافقة الحكومة المصرية على مبادرة روجرز لوقف اطلاق النار، وكان قرارا صائبا. حيث استطعنا فى ظل وقف اطلاق النار التدريب بمعدلات أعلى وأسرع، كنا قبل 67 يحدث ضرب النار مرة واحدة فى السنة ولكنه أصبح فى تلك الفترة مرة فى الأأسبوع، حتى أصبحنا نتحرق شوقا لخوض الحرب.
ما هو دورك فى حرب أكتوبر؟
فى مارس عام 1973 كنت قائد السرب 62 مقاتلات قاذفة فى طار الصالحية بالشرقية. وصدرت لى الأوامر بتولى قيادة مأمورية سرب للذهاب إلىسوريا والعمل مع قيادة القوات الجوية السورية. وبالفعل اصطحبت معى سرب من الطيارين والميكانيكيين والأفراد وذهبنا إلى قاعدة المذة جنوب دمشق. وانضممت إلى اللواء الجوى العامل بهذه القاعدة تحت مسمى السرب ال15.
متى علمت بموعد الحرب؟
فى الأسبوع الذى يسبق الحرب شعرت بحركة غير عادية فى القاعدة الجوية السورية. بدأ تكديس أسلحة وذخائر بجانب الدشم لا تستخدم إلا فى العمليات. وانضم إلى القاعدة سرب آخر من مطار آخر حتى ازدحم المطار بالميج 17 وأصبحت كل دشمه بها طائرتان. بدأنا نستقبل طائرات نقل جوى من مصر تعمل عسكريا وتحمل قنابل ممرات لإمداد القوات السورية بها. وبدأ الحديث بين قادة اسراب والطيارين عن الحرب. أنا شخصيا قمت بعمل تمرين أسميته تمرين قبل المعركة يوم الخميس على اعتقاد –دون معرفة مسبقة- أن الحرب لن تكون بعد يوم السبت بأى حال من الأحوال. وكان تمرينا عنيفا جدا.
كيف كان الاستعداد يوم الحرب؟
يوم الجمعة وصلتنا تعليمات بالتواجد أول ضوء فى الأسراب ومجموعة الطوارئ فى الدشم "حالة أولى 4 طيارين" والطائرات مسلحة بالكامل.
وأنا اتذكر اليوم الأول عندما كشف علينا الطبيب وكانت درجة حرارتى 38، ونصحنى الطبيب بعدم الطيران ولكنى رفضت. وعندما ذهبنا لسماع التلقين سألنى رئيس أركان اللواء العقيد طالب صباغ عن سر العرق، قلت له أن حرارتى 38، وعندما طلب منى عدم الطيران، قلت له أنى انتظر هذا اليوم منذ سنين، فقال لى الله معك وأكمل التلقين.
ماهى أول مهمة أوكلت لك فى حرب أكتوبر؟
كان هدفى هو مركز قيادة فى الجليل الأعلى فى إسرائيل، انصرفنا من قيادة اللواء وذهبنا لتناول الطعام، ولاحظت أن الطيارين صامتين. تم تجهيز ميكروباص و سيارة جيب قبل الطلعة بربع ساعة. كان الميكروباص بع 4 طيارين و4 آخرين فى الجيب، ولكنى طلبت من الجميع الركوب فى الميكروباص وبدأنا فى الهتاف "الله أكبر". كان المهندسين على الأرض يبكون، ورأيت فى عيون الطيارين شجاعة "ممكن تتفرق على وطن".
كيف سارت المهمة الأولى؟
اقلعنا بالطائرات ودخلنا لبنان، واقتربنا من إسرائيل عن طريق لبنان من خلال وادى البقاع ومرج عيون، وصلت إلى الجليل الأعلى وتعاملنا مع هدفنا ثم عدنا مرة أخرى عن طريق لبنان. وكانت كل الطائرات قد أدت مهماتها وعادت إلى المطار سالمة. كان هناك 37 طائرة فى مطار المزة.
كيف كان رد العدو؟
الضربة الأولى حققت أهدافها تماما، حتى أن القيادة الغت الضربة الثانية. فى اليوم التالى بدأ الغزو اليهودى. فتعاملت مع العدو صواريخ الدفاع الجوى (سام) والطائرات المقاتلة وقامت الطائرات القاذفة بمساعدة التشكيلات الأرضية بضرب الدبابات والصواريخ والمدفعيات بأنواعها.
هل تتذكر أبرز المهمات التى نفذتها؟
كنت فى طريقى لضرب هدف فى مدينة القنيطرة فوجئت بمركز القيادة يطلب منى التحليق فوق سماء دمشق وعمل مظلة جوية، وأثناء عمل المظلة شاهدت طائرتين من طراز فانتوم تقترب من دير صيدناية فى اتجاه دمشق فابلغت القيادة ولكنى لم أجد تجاوبا. اعطيت تعليماتى للملازم بكر معاون قائد التشكيل بالانفصال إلى اليمين للتعامل مع طائرات أخرى، وتعاملت مع الطائرة فى المقدمة، كان وضعها مناسب للهجوم. وكانت أول مرة أهاجم طائرة فى السماء وكنت على مسافة 800 متر، فاقتربت من الطائرة وقمت بعمل مناورات فى الجو، وكنت أخوض المعركة وأنا واثق من الموت نظرا لتفوق الفانتوم الكبير على الميج17. وبعد إصابة تلك الطائرة وجدت طائرة فانتوم خلفى، فقمت بعمل مناورة حادة وأصبحت خلفها. اطلقت عليها النيران ولكنى لم ارها تسقط. ووردت أخبار بعد ذلك عن سقوط طائرة فى الزيدانى. وبعد ذلك انسحبت باقى طائرات الفانتوم. وكان معى الملازم سيف وكان يتابعنى من الخلف ويحاول الاصطدام بالطائرات المعادية لحماية باقى اللواء. عند هبوطنا على الممر نفذ الوقود ونحن بالكاد فى آخر الممر.
من الأشياء الأخرى التى اتذكرها، انى فى أحدى الطلعات لضرب تجمع دبابات لم أجد الهدف، فبحثت عن شئ أصيبه حتى لا أعود خالى الوفاض. فكان يجب أن أطير على ارتفاع أعلى من 100 متر، وكان يجب أن نظل أقل من ارتفاع 50 متر حتى لا تصيبنا صواريخ الهوك للدفاع الجوى، وجدت موقع صواريخ هوك، ولكنه لم يطلق، فدمرته وعدت بعد أن علمنا أننا نستطيع الطيران على ارتفاع 100 متر دون الخوف من صواريخ الهوك.
كيف حدثت الإصابة؟
استمرت الحرب حتى يوم 12 أو 13 وكنا فى طلعة لتقديم الدعم لقواتنا البرية بالقرب من بلدة أسمها سعسع. ولاحظت فى هذا اليوم تحركات على الأرض بكثافة حتى لم أستطع التمييز بين السوريين والإسرائيليين. لاحظت تجمع للدبابات قريب منى فقمت بعمل ثلاث هجمات وفى الهجمة الأخيرة شعرت بانفجار فى مؤخرة الطائرة وبدأت الحرارة ترتفع وتراجعت قدرة المحرك فعلمت أننى أصبت. وعرفت بعد ذلك أن صاروخ من طائرة معادية هو الذى آصابنى. فهبطت بالمظلة ووقعت بالقرب من بلدة سعسع وتلقفتنى القوات السورية.
كيف كانت الإصابة؟
نقلتنى القوات السورية إلى مستشفى المواساة فى دمشق بموتوسيكل مزود بعربة جانبية. وتم تشخيص الإصابة بكسر فى العمود الفقرى وإصابة فى الرأس يصاحبها شعور بالغثيان وتشوش فى الرؤية. غير الجروح البالغة فى ذراعى وظهرى. ثم نقلت إلى مستشفى حراثته العسكرى ثم إلى القاهرة.
كيف كان الاستقبال فى القاهرة؟
استقبلنى الفريق محمد حسنى مبارك استقبالا حافلا ومعه قادة القوات الجوية واشادوا باعمال السرب المصرى فى سوريا وجلست مع قائد القوات الجوية الفريق مبارك فى مكتبه وحكيت له عن الأعمال القتالية التى نفذناها فى سوريا.
ما رأيك فى قرار السادات بعمل وقفة تعبوية دون تطوير الهجوم؟
من الأعمال العسكرية المعتادة بعد تحريك المهمة المباشرة وهى إقامة رؤوس كبارى على الجبهة المصرية أن تكون هناك وقفة تعبوية الغرض منها تحسين الحد الأمامى للدفاعات وتقويته والاستعداد لاستئناف القتال. ولكن الوقفة التعبوية أخذت وقتا أكثر من اللازم.
ماذا كان تأثير ذلك على الجبهة السورية؟
أدى ذلك إلى السماح للقوات الإسرائيلية وخاصة القوات الجوية. بشن هجمات مركزة بطريقة أكثر فاعلية على الجبهة السورية. مما جعل الرئيس حافظ الأسد يطلب من السادات أن ينشط الجبهة المصرية للتخفيف عن الجبهة السورية.
ماذا عن الدور العراقى فى الجبهة السورية؟
عندما كان العدو على بعد 30 إلى 35 كيلو من دمشق قامت الحكومة العراقية بدفع فرقة مشاة وفرقة مشاة ميكانيكية وثلاثة أسراب إلى الجبهة السورية. وعلى الرغم من ذلك بدأ الرئيس أنور السادات بتطوير الهجوم فى الجيش الثانى وكان رأى قادة الجيش والقيادة العليا عدم القدرة على تطوير الهجوم بسب عدم مناسبة الاتجاه والقوة والتوقيت ولكن القائد الأعلى أصر ونفذ أوامره.
ماذا حدث بعد ذلك؟
تم تطوير الهجوم باستخدام لواء واحد من الفرقة 21، حقق بعض النجاحات ولكن بخسائر كبيرة ولم يستطع الصمود وصدرت له أوامر الانسحاب، يستطرد بعصبية "ما كان من الأول منخشش".
ما تقييمك لتعامل القيادة السياسية مع نصر أكتوبر؟
القيادة السياسية لم تسمح للجيش المصرى بعمل عسكرى مكتمل. كانت تتدخل دائما فى أعماله. فتتبعه اليهود ثم عبروا قناة السويس وبدأوا فى التعامل مع وحدات الدفاع الجوى فى فايد، وللاسف كان تعامل القيادة العامة غير سليم مما ادى إلى تفاقم الثغرة حتى وصلت من السويس.
هل كان من الممكن التعامل مع الثغرة؟
لا، بعد تفاقم الثغرة. صحيح أنه تمت محاصرة تلك الثغرة وكان من الممكن تصفيتها ولكن بخسائر كبيرة جدا، وكما هو واضح بدون هذه الثغرة كان الانتصار سيكون أكبر وأعظم. صحيح أننا انتصرنا فى 73 وعبرنا قناة السويس واستولينا على الضفة الشرقية وكبدنا العدو خسائر كبيرة ولكن الوضع كان سيصبح أفضل بدون ثغرة كان من الممكن تفاديها.
ماهى النياشين والأوسمة التى حصلت عليها؟
وسام النجمة العسكرية فى حرب اليمن، نيشان الترقية الاستثنائية فى حرب اليمن، نوط الواجب (ثلاث مرات) فى حروب اليمن والاستنزاف، نوط الخدمة الممتازة، نوط جرحى الحرب (مرتين). هذه هى الأوسمة المصرية، أما على الجانب السورى، وسام الشرف العسكرى من رتبة فارس (وهو أعلى وسام عسكرى سورى)، الوسام الحربى من الطبقة الممتازة، وميدالية جرحى الحرب السورية.
هل حصلت على وسام نجمة سيناء؟
لا، للاسف لم أحصل عليه، ربما اكتفوا بتقدير الحكومة السورية.
:bud[1]: