وتعجز عن حل لغز وفاته
المخابرات البريطانية تودع خبير فك الشفرة القتيل
فى خطوة وصفت بغير المعتادة، شارك رئيس جهاز المخابرات الخارجية فى بريطانيا (إم آى 6) السير جون سويرس فى جنازة خبير فك الشفرة فى المخابرات جاريث ويليامز، الذى لم يُحل بعد لغز وفاته رغم مرور أكثر من شهر بعد العثور على جثته فى حمام منزله بقلب لندن.
وفيما بدت محاولة للتنصل من هذا الفشل الأمنى، قال سويرس خلال الجنازة إن «الأمر منوط بالشرطة» فيما يتعلق بالعجز عن كشف حقيقة ما جرى لويليامز، الذى كان يقطن أحد المنازل الآمنة التابعة للمخابرات فى حى بيمليكو الراقى، حينما عثرت الشرطة عليه ميتا فى الثالث والعشرين من أغسطس الماضى.
وتتناقض تصريحات رئيس المخابرات مع حقيقة إجراء فريق مشترك من المخابرات الداخلية والخارجية فى البلاد (إم آى 5) و(إم آى 6) تحقيقا منفصلا فى القضية، بالتوازى مع التحقيق الذى تجريه الشرطة، فى سابقة تعاون لم تشهدها بريطانيا منذ حقبة الحرب الباردة فى النصف الثانى من القرن الماضى.
فى الوقت نفسه، شدد السير سويرس على أهمية ما كان ينجزه العميل القتيل من «أعمال لا تقدر بثمن لخدمة قضية الأمن القومى»، مشددا على أن «عبقرى الرياضيات الراحل» الذى وصفه بأنه كان «موهوبا بشدة» أسهم فى «إنقاذ أرواح» العديد من الأشخاص.
واعتبرت تصريحات سويرس اعترافا ضمنيا بما تردد عن الدور البارز الذى كان يلعبه ويليامز، حيث كانت مهام عمله تتضمن رصد اتصالات بين قادة فى تنظيم القاعدة وحركة طالبان فى أفغانستان، بجانب مشاركته فى الشهور الأخيرة من حياته فى فريق مكلف باستحداث نظام دفاعى لحماية الشبكات الإلكترونية، خاصة المتعلقة بالقطاع المصرفى، فى بريطانيا.
كما كان العميل القتيل من بين عناصر المخابرات التى تقوم بزيارات دورية إلى وكالة الأمن القومى التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، ضمن التعاون الثنائى بين البلدين، بجانب أنه كان من بين خبراء تشغيل شبكة «إشيلون» التى تربط ما بين الأقمار الصناعية وأجهزة الكمبيوتر العملاقة فى الولايات المتحدة ونظيراتها فى أبرز الدول الحليفة لواشنطن، وعلى رأسها بريطانيا بالطبع.
وكان ويليامز، الذى عثر على جثته عارية وفى حالة تحلل متقدمة بداخل حقيبة رياضية مغلقة من الخارج على الأرجح، يعمل فى الأصل لحساب الوكالة الحكومية المعنية بعمليات التنصت على الاتصالات والمراسلات فى بريطانيا، قبل أن يُنتدب قبل عام تقريبا للعمل لحساب الـ(إم آى 6).
وبينما قال رئيس المخابرات إنه يحضر الجنازة بوصفه «الوجه العلنى الوحيد لأجهزة المخابرات»، حرص منظمو المراسم التى جرت فى كنيسة بمسقط رأس القتيل على إدخال ضباط المخابرات، الذين حضروا بدورهم الجنازة، من باب خلفى حتى لا يتم التعرف على هويتهم. وبدورها طمست وسائل الإعلام البريطانية التى غطت الجنازة ملامح وجوه هؤلاء الضباط.
وتواصل السلطات البحث ما يعنى أن تركيز المحققين لا يزال ينصب على فرضية أن ويليامز راح ضحية عملية اغتيال نفذها محترفون ربما يكونون على صلة بجهاز مخابرات معاد، ما يعنى استبعاد ما قيل من قبل من أنه ربما فقد حياته بسبب «لعبة ذات طابع جنسى جرت على نحو خاطئ».