[FONT=ديواني5 قائم]الخلايا عاقلة ![/FONT]
في الوقت الذي نعيش فيه حياتنا اليومية ، و منشغلين بهموم الحياة المختلفة ، لم نحاول التفكير يوماً بتلك الحروب الشرسة التي تجرى داخل أجسامنا في كل لحظة زمنية نمضيها ! ... إننا لا نعلم شيئاً عن تلك الكائنات المخلصة التي تمضي معظم أوقاتها و هي تقاتل ( و أحياناً كثيرة حتى الموت ) في سبيل قضية نبيلة جداً تتمثّل بالحفاظ على استمرار بقائنا في هذه الحياة ! .
كل ما نعرفه و تعلمناه عن هذه الكائنات هو أنها عبارة عن خلايا بيضاء و حمراء موجودة في دمائنا و تعمل على نقل الأوكسجين ( و مواد أخرى ) إلى جميع أنحاء الجسم و من ثم العودة بالكربون إلى الرئتين .
و الخلايا البيضاء تعمل على مهاجمة الكائنات الغريبة و الدخيلة على أجسادنا و غيرها من أعمال أخرى مألوفة لدى الجميع .... لكن بعد ظهور المكبرات المجهرية المتطوّرة ، تبين أن منظومة حياة هذه الخلايا الصغيرة هي أعقد من ما نظنه بكثير ! و قد تفاجأ العلماء لمدى ذكاءها و قوّة ذاكرتها و قدرتها التنظيمية التي تستحقّ التفكير فعلاً !... و يجب أن لا ننسى الملاحظة المهمّة ، هي أن هذه الكائنات الصغيرة ليس لها دماغ !.
و من أجل إثبات فكرتنا ، سوف نتناول الجهاز المناعي في الجسم ، و هو عبارة عن جزء بسيط من المنظومة الكاملة التي تنتمي إليها الأنظمة الأخرى ( و لكل نظام حكايته الخاصة به ) .
الجهاز المناعي :
الجهاز المناعي عند الإنسان هو عبارة عن مجموعة من الخلايا و الجزيئات و الأعضاء التي تتعاون جميعاً لتشكّل نظام يقوم بالدفاع عن الجسم ضد الأجسام الغريبة الغازية من الخارج ، و التي تشكل السبب الرئيسي في حدوث الأمراض و العلل مثل البكتيريا و الفيروسات و الفطريات المختلفة . إن صحة الجسم تعتمد على قدرة النظام المناعي على التمييز و من ثم مقاومة و تدمير تلك الكائنات الغازية و القادمة من كل جهة و صوب .
هناك نوعين من المناعة في الجسم : النوع الأوّل هو المناعة لغريزية ، و تعتبر الخط الدفاعي الأوّل ضد جميع الهجمات العدوانية . تتمثّل بالجلد ، الدموع ، المخاط ، اللعاب ، و غيرها من مواد تعتبر مضادات حيوية طبيعية ضد الكائنات المتطفّلة . لكن يبدو أن هذا الخط الدفاعي لا يستطيع منع جميع الهجمات التي يتعرّض لها الجسم ، و غالباً ما تنجح الكائنات الجرثومية في الدخول إليه ، مما يتطلّب إستنفار الخط الدفاعي الثاني .
هذا الخط الدفاعي يشمل الخلايا و الجزيئات و أعضاء الجهاز المناعي المختلفة التي تعمل مجتمعة لتصميم استراتيجية دفاع مناسبة لنوع الكائن المهاجم ! و يتم القضاء عليه بواسطة هذه الاستراتيجية المصممة خصيصاً من أجله !. و إذا عادت هذه النوعية من الجراثيم فيما بعد ( ربما بعد سنوات عديدة ) ، تستطيع الخلايا تمييزها و التعرّف عليها ! فتعيد تنفيذ الخطة الحربية ذاتها التي اعتمدت عليها في المرّة الأولى قبل سنوات ! لكن بكفاءة أعلى من السابقة لأنه يبدو أنها تعلّمت من تجربتها الماضية و طوّرت هذه الاستراتيجية على هذا الأساس !.
فعملية التطعيم ( اللقاح ) ، التي نعرفها جميعاً ، تعتمد على هذه الحقيقة . فاللقاح الذي يتم حقنه في الجسم ضد مرض معيّن ، كمرض الجدري مثلاً ، هو ليس محلول سحري يزيد من مقاومة الجسم ، بل هو عبارة عن فيروسات تسبب مرض الجدري لكنها عولجت مخبرياً كي تصبح ضعيفة و غير فعالة . فيتم حقنها في الجسم ، فتعمل الخلايا على وضع خطة حربية مضادة لهذا النوع من الفيروسات و تدمرها تماماً . و تقوم الخلايا بحفظ هذه الاستراتيجية في ذاكرتها لسنوات عديدة ( أحياناً إلى الأبد ) مما يجعله من السهل عليها مواجهة فيروسات الجدري الحقيقية في المرّة المقبلة ، لكن بكفاءة أعلى !.
هكذا تعمل اللقاحات !. إنها عبارة عن علمية تدريب الخلايا المناعية على مقاتلة فيروسات ضعيفة لكي تستطيع مواجهتها فيما بعد و مقاومتها بسهولة ، حتى لو كانت الفيروسات في حالتها الطبيعية !. تسمى هذه العملية في المجال الطبي بالمناعة التكيفية . يستعين الأطباء بالمناعة التكيفية للوقاية من الأمراض و الأوبئة المختلفة ، لأنهم يعتمدون على أربعة خواص تتميّز بها الخلايا المناعية :
1 ـ إنها تستنفر فقط عند دخول الكائن المعتدي ( الجرثومة أو الفيروس ) إلى الجسم ، أي لديها القدرة على الإدراك الذي يساعدها على التصرّف حسب الحالة !.
2 ـ تستطيع تحديد نوعية الكائن المعتدي ، و بناءً على هذا ، تقوم بتنفيذ خطة دفاعية محددة مناسبة لمقاومته !.
3 ـ تظهر قدرة هائلة على التذكّر ! و تستفيد دائماً من تجاربها السابقة ، حيث أنها إذا تعرّضت لاعتداء من قبل كائن جرثومي من نفس النوعية ( و لو بعد سنوات عديدة ) تقوم بمواجهته بنفس الخطة الدفاعية ، لكن بكفاءة أعلى من السابق و أساليب متطوّرة أكثر !.
4 ـ الخلايا المناعية لا تهاجم العناصر التابعة للجسم ! فهي تستطيع التمييز بين العناصر الغريبة عن الجسم و تلك التابعة للجسم !. و إذا حصل أحياناً و تمرّدت هذه الخلايا ، و راحت تهاجم العناصر التابعة للجسم ( كالأنسجة الجلدية مثلاً ) ، ينتج عن ذلك ما نسميه بالتحسس الجلدي . ففي هذه الحالة ، تكون الخلايا قد استنفرت نتيجة إنذار خاطئ لسبب من الأسباب ( حسب الحالة ) ، و بدأت تهاجم الجسم .
هذا ليس سوى جزء بسيط من ما أبدتها هذه الكائنات المجهرية الموجودة في أجسامنا ، و القصة طويلة جداً ... لكن يبدو أن هذه النبذة البسيطة قد كشفت لنا عن حقائق كثيرة تخصّ الخلايا ، و العلم المنهجي لازال مترفعاً عن الاعتراف بها . إن ما قرأناه في ما سبق يوحي لنا بأن تلك الكائنات هي ليست مجرّد خلايا حيّة ، بل خلايا عاقلة !.
فرجال العلم المنهجيين لازالوا يتخبطون في متاهات هذه الظاهرة الغير قابلة للتفسير
( اعتماداً على منطقهم العلمي ) . فيبدؤا بالدخول في متاهات كثيرة معقّدة بحثاً عن جواب نهائي للمظاهر المدهشة التي تميّزت بها هذه الخلايا . مع أنهم يعرفون تماماً أن الجواب هو حاضر أمامهم بوضوح ، حقيقة أن الخلايا هي كائنات عاقلة مئة بالمئة !. لكنهم لازالوا يتجاهلون هذه الحقيقة كما العميان !. فهم يعتبرون أنفسهم علمانيون ، و من العار عليهم أن يدخلوا في مجالات ميتافيزيقية !. إنهم يتجاهلون حقيقة واضحة وضوح الشمس فقط لأنها منافية لمنطقهم العلمي الناقص !. فأي منهم أفضل ؟ البحث عن الحقيقة المجرّدة التي قد تكون منافية لمنطقهم العلمي السائد ؟ أم السير وفق منطقهم الملتوي الذي تملأه الأكاذيب و الخداع ؟!.
بعد ظهور أجهزة مجهرية متطوّرة في منتصف القرن الماضي ، و راح العلماء يراقبون و يدرسون تلك الخلايا التي تملأ مجارينا الدموية ، ذهلوا لما شاهدوه من سلوكيات ذكية أبدتها تلك الكائنات ! أما الخلايا المناعية ( البيضاء ) ، فلازال الباحثون واقعين في حيرة حول قدراتها العقلية التي أظهرتها من خلال تصرفاتها المختلفة !.
أهم المظاهر التي تميّزت بها هي التالي :
1 ـ القدرة على الإدراك و التمييز :
هذه الخلية تستطيع التمييز بين الجسم المعتدي القابل للتدمير و الجسم المعتدي الذي لا يمكن مقاومته بشكل مباشر . و تتصرّف على هذا الأساس ، إما الهروب و استنفار الخلايا الأخرى ، أو الهجوم و المقاومة بشكل مباشر ، أو الجمود في مكانها ( هذا التصرف الأخير لا زال سببه غامضاً بالنسبة للباحثين . فعملية الجمود في المكان قد تكون خطة استراتيجية أو حيلة مقصودة أو عبارة عن رد فعل سببه الخوف أو الحيرة في اتخاذ قرار مناسب ، خاصة إذا تم مباغتتها من جهات عديدة ) .
أما إذا تم استنفار الخلايا التي تتسارع إلى الموقع من جميع أنحاء الجسم ، فتستطيع تمييز نوعية الجسم الغريب ، و بناءً على ذلك ، تبني خطة استراتيجية محددة مناسبة لمقاومة ذلك النوع المحدد من الأجسام الغريبة ! ( كل فيروس مثلاً له طريقة محددة مناسبة لمقاومته ، و كذلك الحال مع البكتيريا و الجراثيم الأخرى ) .
تستطيع هذه الخلايا التمييز بين الكائنات التابعة للجسم و تلك التي هي غريبة عنه ! فلديها قدرة هائلة على الإدراك و التمييز لدرجة أنها تستطيع معرفة و تمييز الخلايا البيضاء التي هي من نفس نوعها لكنها تابعة لجسم آخر ! فتقوم بمهاجمتها على الفور !.
2 ـ القدرة على التذكّر و الابتكار :
لقد ذكرنا سابقاً أن عملية التلقيح التي تقوم بها الجهات الطبية تعتمد بشكل رئيسي على تمتع الخلايا بذاكرة قوية تساعدها على تمييز و معرفة نوع الفيروس الذي تم تلقيحه في السابق ، إذا قام بمهاجمة الجسم مرة أخرى . و تقوم بمواجهته بكفاءة أعلى من المرّة السابقة ! أي أنها ابتكرت وسائل جديدة بناءً على تجاربها السابقة !.
يبدو أن هذه الخلية لديها مخزن خاص للذاكرة ، تستعين به على الدوام ! و أثبتت الاختبارات هذه الحقيقة بعد أن تم نقل الخلية من جسم إلى جسم آخر ، فاكتشفوا أنها قامت بنقل تجاربها الخاصة معها ! لأنها استطاعت مواجهة نوع من الجراثيم المألوفة لديها من قبل ، بكفاءة كبيرة تفوق تلك التي أبدتها خلايا الجسم الأساسية التي لم تألف هذا النوع من الجراثيم من قبل !.
لدى هذه الخلايا قدرة عجيبة على معرفة الاستراتيجية المناسبة لجميع الاجسام الغريبة التي تهاجم الجسم ! حتى لو كانت أوّل مرة تتعرّض لذلك النوع من الأجسام الغريبة !. كيف علمت بالطريقة المناسبة لمحاربة هذا النوع من الأجسام الغريبة الذي لم تتعرّف عليه من قبل ؟!. هل يعود السبب إلى القدرة على الابتكار و التخطيط الذكي ؟ أم أنها مجرّد ذاكرة جماعية ، تنتقل بين جميع الخلايا في الكون ، بواسطة التخاطر ؟!.
3 ـ القدرة على التواصل مع الخلايا الأخرى :
السؤال الكبير الذي واجهه الباحثين في عالم الخلايا هو : كيف يتم نقل خبر وجود جسم غريب في موقع معيّن ، إلى جميع أنحاء الجسم ، فتتسارع الخلايا المقاتلة إلى المكان ذاته لمواجهة هذا الكائن الغريب ؟!. قبل الإجابة على هذا التساؤل ، وجب علينا معرفة حقيقة حجم الخلايا الصغير جداً بالنسبة لأجسامنا . عندما نتحدث عن إنجازات خلية واحدة ، هذا لأننا نحاول تبسيط الموضوع من أجل سهولة استيعاب الفكرة . يوجد في جسم الإنسان ما يعادل ( 12 10 ترليون ) خلية بيضاء ! و مئة مليون ترليون جزيء مضاد ! و خلال فترة قراءتنا لهذه السطور ، يكون جسمنا قد أنتج 10 مليون خلية بيضاء ، و مليون بليون جزيء مضاد للأجسام الغريبة !. إن حجم الخلية دقيق جداً مما يجعل عملية انتقالها من مكان إلى مكان في أجسامنا ، كما نحن نسافر من بلاد إلى بلاد !. فعندما نتساءل عن آلية التواصل فيما بينها ، نكون قد دخلنا إلى موضوع مهم لازال يمثّل لغزاً غامضاً بالنسبة للباحثين !.
بعد التعمّق أكثر في دراسة هذه الكائنات العجيبة ، تبيّن أنه يوجد أنواع مختلفة من الخلايا الحمراء و أنواع مختلفة من الخلايا البيضاء ! رغم التشابه الكبير في شكلها ، إلا أنها تختلف من ناحية المهمات الموكلة لها ! يبدو أن كل نوع من الخلايا له وظيفة خاصة به !.
تقسم الخلايا البيضاء إلى قسمين رئيسيين : الخلايا (ب) ، و الخلايا (ت) .
ـ أما الخلايا (ب) ، فهي خلايا مقاتلة من الطراز الأوّل ، عملها الأساسي هو مواجهة الأجسام الغريبة ، و تتميّز عن غيرها من الخلايا البيضاء بقدرتها على إفراز جزيئات مضادة للأجسام الغريبة .
ـ أما الخلايا (ت) ، فتبين فيما بعد أنها مقسومة إلى ثلاثة فئات مختلفة ، الفئات المقاتلة منها لا تقل شراسة عن الخلايا (ب) ، لكن الفرق بينها هو أن هذه الفئة لا تستطيع إفراز جزيئات مضادة للأجسام الغريبة ، و عملها يتركّز في مقاتلة الجسمية التي تسبب السرطان ( الخلايا المتمرّدة ) ، بالإضافة إلى تدمير الأنسجة الغريبة عن الجسم و التي يمكنها تفريخ أجسم غريبة في المستقبل .
أما الفئة التي سنولي اهتمامنا بها ، فهي الفئة الاستطلاعية من الخلايا (ت) . عمل هذه الخلايا هو الاستطلاع و التعرّف على العدو و من ثم إعطاء التوجيهات لخلايا (ب) التي تتقدّم للمواجهة ! و بعد انتهاء المعركة ، تعمل الخلايا (ت) على إخماد الخلايا (ب) و تأمرها بالتوقف عن القتال !. يعتبر هذا النوع من الخلايا من أهم العناصر التي تدخل في منظومة الجهاز المناعي ! هذا ما كشفته الأبحاث مؤخراً . و يبدو أنه يوجد علاقة صميمية بين خلايا (ب) و خلايا (ت) الاستطلاعية ، و سوف نكتشفها من خلال التجربة التالية :
قام الطبيبين ، "ريتشارد دوتون" و "روبرت متشل" ، من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو ، بتجربة تتمثّل بالتالي :
جلبوا خلايا بيضاء من طحال حيوان مريض ، و وضعوها في طبق بلاستيكي صغير تحت المجهر . ثم وضعوا معها بنفس الطبق خلايا و أجسام تعمل على تفريخ الجراثيم . بعد عدة أيام ، لاحظوا أن الخلايا البيضاء راحت تفرز مضادات مناسبة لمقاومة ذلك النوع من الجراثيم !.
لكن بعد أن جرّدوا الطبق المجهري من خلايا (ت) الاستطلاعية ، و تركوا الخلايا (ب) لوحدها ، اكتشفوا أن الخلايا (ب) بقيت ساكنة دون أي عمل مقاومة أو رد فعل تجاه الجراثيم !.
و بعد أن أعيدت الخلايا (ت) إلى الموقع ، بدأت خلايا (ب) عملها من جديد ! و راحت تفرز المواد المضادة المناسبة لقتل الجرثومة !.
هل هذا يعني أن الخلايا (ت) الاستطلاعية هي التي تدير هذه المعركة عن طريق إعطاء الأوامر المناسبة لخلايا (ب) ؟! أم أنه يوجد تنسيق و تواصل من نوع آخر لازال العلماء يجهلونه ؟!.
لكن هناك ما يشير إلى أن الخلايا (ت) تتمتع بصفات قيادية ! نلاحظ ذلك خلال قيامها بقمع و تهدئة الخلايا (ب) بعد انتهاء المعركة ! فالخلايا (ب) لا تتوقف عن القتال إلا إذا تدخلت الخلايا (ت) و جعلتها تهدأ و تعود إلى حالتها الطبيعية !. قد تتمرّد الخلايا (ب) أحياناً ، و تبدأ بمهاجمة الأنسجة التابعة للجسم ، مما يسبب ما نسميه بالتحسس !.
لكن السؤال هو : كيف تعلن الخلية (ت) باقي الخلايا المقاتلة المنتشرة في أنحاء الجسم ، بوجود العدو في مكان معيّن ، فتتسارع الخلايا إلى المكان المحدد ؟! و كيف تأمر الخلية (ت) باقي الخلايا بالتوقف عن القتال و إعلان انتهاء المعركة ؟!. ما هي وسيلة التواصل بين الخلايا ؟!..
بعد انتهاء المعركة ، تأتي خلايا مخصصة إلى الساحة و تبدأ بعملية التنظيف ! فتقوم بإزالة جميع الشظايا و بقايا الأجسام الغريبة و الخلايا الميتة و غيرها ..!
سؤال : كيف علمت هذه الخلايا بأن المعركة قد انتهت ، و تتسارع بعدها إلى المكان ، من جميع أنحاء الجسم و تبدأ بعمل التنظيف ؟!.
الاكتشاف الجديد الذي قد يمثّل إجابة على التساؤلات العديدة حول عملية التواصل بين الخلايا ، جاء من روسيا ! ( الاتحاد السوفييتي السابق ) .
بعد اكتشاف طريقة تصوير خاصة تستطيع إظهار الهالة المحيطة بأجسام الكائنات المحيطة بالكائنات الحية المختلفة ( طريقة كيرليان ) ، تمكن العلماء بواسطتها من النظر إلى عالم الخلايا من زاوية مختلفة !. فعن طريق الهالة البايوبلازمية المحيطة بجسم الخلية ، استطاعوا تحديد حالتها الصحية بدقة كبيرة !. ( قبل اكتشاف طريقة تصوير كيرليان ، كانوا يواجهون صعوبة في التمييز بين الخلية المريضة و الخلية السليمة ) .
إحدى الأبحاث المتعددة التي أقيمت في مجال الخلايا كانت تلك التي أقامها العالم الروسي فلايل كازناشيف ، الذي اثبت أن الخلايا المصابة بمرض معيّن تستطيع إرسال معلومات تخاطرية إلى خلايا سليمة و تجعلها تصاب بالمرض !.
و قد توصل إلى هذه النتيجة بعد أن عزل خلايا مريضة عن خلايا سليمة بواسطة جدار من الكريستال ، فتمت العدوى تخاطرياً !.
ما الذي يجعل فيروس الإيدز خطيراً لهذه الدرجة ؟!
يقول "روبرت غالو" ، من المؤسسة الوطنية للسرطان في ماريلاند ، الولايات المتحدة : " لأنه يقوم بمهاجمة و قتل أهم الخلايا في النظام المناعي ، خلايا (ت) الاستطلاعية !".
و بما أن هذه الخلية هي المسئولة عن نشر الرسالة التحذيرية بوجود عدوان على الجسم ، و هي المسئولة عن إدارة عملية الصراع ، فإن استهدافها من قبل الفيروس يعمل على تعطيل عملية التواصل بين جميع فئات الخلايا المناعية !.
أوّل ما يدخل الفيروس للجسم ، يعمل على استهداف إحدى خلايا (ت) المتجوّلة بحثاً عن أجسام غريبة ! فيقتلها و يختبئ في داخل جسدها ! و ينتظر حتى تقترب خلية (ت) أخرى من نفس النوع ( الاستطلاعية ) ، و لا يهاجمها إلا بعد أن تقترب إلى جسد الخلية الميتة و تلتصق بها ، فينقضّ عليها الفيروس و يقتلها و يدخل إلى جسدها !. يمكن لفيروس الإيدز أن يبقى في جسد خلية (ت) ميتة لمدة شهور أو حتى سنوات طويلة !. يبقى على هذه الحال إلى أن يتعرّض الجسم لاعتداء جرثومي أو غيرها من أجسام غريبة مما يجعل خلايا (ت) الاستطلاعية تتكاثر ، و يبدأ باصطيادها واحدة تلو الأخرى !.
هكذا ينعطب الجهاز المناعي عند المريض بالإيدز !. لأن الخلية المسئولة عن إنذار الخلايا المقاتلة ، بدخول الأجسام الغريبة ، قد منعت من عملها ! فتدخل الجراثيم و تسرح بحريّة في جميع أنحاء الجسم و تعمل عملها فيه !.
أي أن فيروس الإيدز يعمل على ضرب جهاز التواصل بين الخلايا المناعية فقط ! و ليس عمل تخريبي كما تفعله الأجسام الغريبة الأخرى التي تستفيد من تعطيل جهاز التواصل و تعمل بحرية بجسم الإنسان !.
إن ما ذكرته هو ليس سوى جزء بسيط من حياة الخلايا و ما أظهرته من حقائق لا يمكن للعلم نكرانها ، بالرغم من اعتماده على مفاهيم خاطئة لتفسير تلك المظاهر و السلوكيات التي أبدتها هذه الكائنات المجهرية العجيبة !. لكن مهما حاولوا الذهاب بعيداً في تفسيراتهم العلمانية ، محاولين الهروب من الحقيقة ، سوف يجدون أنفسهم يتمحورون حول الحقائق التالية :
أينما يوجد ذاكرة ... أينما يوجد قدرة على الادراك و التمييز ....
أينما يوجد قدرة على التواصل و نقل المعلومات ..
وجب حتماً وجود العقل !.
المصدر http://hidden-science.net/UM/desantcell.htm