د. جيمس جيه اسشيد ر
ترجمة - أحمد محمد علي عمران
تتضمن مبادئ الحرب المتعارف عليها بصورة عامة : الهدف، والهجوم، والحشد، والاقتصاد في القوى، والمناورة، ووحدة القيادة، والأمن، والمفاجأة، والمرونة، والروح المعنوية، والشؤون الإدارية، وحرية العمل، والمبادأة، وخفّة الحركة. وتوفّر هذه المبادئ مرشدًا للقادة يمكن الركون إليه في وضع الخطط واتخاذ القرارات الحاسمة. وقد ظلّت مبادئ الحرب ثابتة ومطبّقة في الحرب منذ عصر (نابليون) و (كلاوزفيتز) ، ولكن كاتب هذه المقالة يرى أنه قد آن أوان تغييرها، لأن بعضها لا يلائم العمليات العسكرية في العصر الحديث، ويورد أسبابًا منطقية لطرحه، فهل تكون هذه المقترحات بداية لتغيير مبادئ الحرب، أم أنها ستفتح مجالاً للجدل بين القائلين بثباتها، وبين من يزعمون ضرورة تغييرها أو على الأقل تغيير بعضها؟
في النصف الأول من القرن التاسع عشر، طرح الفيلسوف الفرنسي (أوجست كونت) (1798 1857م) فلسفته الوضعية التي تهتم بالظواهر ووقائع التجربة، وترفض التفكير التجريدي أو التأملي فيما يخص الطبيعة النهائية للأشياء.
والوضعية في علم النفس هي اتجاه سلوكي، وتأكيد لدور البيئة، ورفض للعقل والمفاهيم العقلية. وبحسب رؤية (كونت)، فإن تاريخ الفكر الإنساني قد مرَّ بثلاث مراحل، هي: مرحلة اللاهوت التي هيمنت عليها المعتقدات الدينية والخرافات؛ ومرحلة الميتافيزيقا أو ما وراء الطبيعة، والتي سادتها المعتقدات التأملية؛ ومرحلة الفلسفة الوضعية التي تحكّمت فيها الحقائق العلمية.
كان (كونت) يرى إمكانية توسيع الأسلوب العلمي ليتضمن دراسة الإنسان والمجتمع، وسرعان ما تضمنت الدراسة العلمية الحرب، بل وحتى قبل ظهور فلسفة (كونت) الوضعية، نشرت في العقد الأول من القرن التاسع عشر مؤلفات لبعض المنظرين العسكريين مثل: (أنتوني هنري جوميني) (1779 1869م)، تقول: "إن هناك إجماع تام على أنه ليس ثمة فن أو علم أصعب من الحرب، فهذا الفن كما هو حال غيره من الفنون يقوم على مبادئ معيّنة راسخة، وهي بطبيعتها مبادئ ثابتة لا تتغير، ولكن الذي يتغيّر هو تطبيقها فقط". ومن هنا برز الادعاء الرئيس الذي ظلّ ساريًا حتى الآن بأن مبادئ الحرب كغيرها من القوانين ثابتة لا تتغير، وإنما تتفاوت فقط من حيث تطبيقها.
وكان لتحوُّل الفلسفة الوضعية في الفكر العسكري تداعيات أخرى مهمة غيرالادعاء بثبات قوانين الحرب؛ فكافة القوانين العلمية الطبيعية تحصر ادعاءاتها في العالم المادي، انطلاقًا من مقولة مؤداها : "إذا لم يكن بالإمكان قياس شيء ما، أو التعبير عنه بأبعاده الطبيعية (الحيّز، والزمان، والكتلة، والقوة، والاتجاه)، فلا يمكن القول بوجوده بصورة موضوعية في العالم المادي". وينطبق ذلك أيضًا على المفاهيم العسكرية الأساسية كالإرادة، والتحفيز، والروح المعنوية، والشجاعة، وفن القيادة، والموهبة. ولعل جوهر الفلسفة الوضعية فيما يتعلق بمبادئ الحرب هو تقليلها من شأن البعد الإنساني القوى المعنوية الأمر الذي يرفضه (جوميني) في كثير من كتاباته، ويعتبره أمرًا مفرغًا منه وغير قابل للمناقشة.
وعلى النقيض من موقف (جوميني)، فإن المفكّر العسكري (كارل فون كلاوزفيتز) (1780 1831م)، كان يحمل رؤية فكرية لها جذورها في الفلسفة العقلية التقليدية التي وضعها كل من: (سقراط، وأفلاطون، وأرسطو) والتي تقول: إنه عن طريق الاستدلال العقلي الخالص وبغير اللجوء إلى أية مقدمات يمكن الوصول إلى معرفة جوهرية عن طبيعة العالم، وكان (كلاوزفيتز) يرى أن مبادى الحرب هي مدركات حسِّية، أو تعاليم تهذِّب العقل لخوض الحرب، وليست قانونًا ملزمًا يحدِّد طريقة معيّنة للعمل.
وضمن هذا الإطار، كتب في أحد مؤلفاته أن المبادئ "تهدف إلى تزويد المفكّر بإطار عمل يرجع إليه في تحركاته التي تدرّب على القيام بها، أكثر من كونها دليلاً يسترشد به أثناء العمل للطريق الذي ينبغي أن يسلكه". وبهذا كان (كلاوزفيتز) يقف موقفًا معارضًا للفلسفة الوضعية التي تُخضع مبادئ الحرب للتطبيق العلمي؛ ففي كتابه: (في الحرب) أشار إلى استحالة الحصول على تعاليم وضعية، حيث يقول: "ينبغي أن نتذكر أنه من غير الممكن ببساطة بناء نموذج لفن الحرب يمكن استعماله كقالب يعتمد عليه القائد في كافة الأوقات، فكلما اقتضت الضرورة اعتماده على موهبته الفطرية، فسيجد نفسه في موقف يتناقض مع النموذج الذي يتبعه. ومهما كانت براعة القانون، فإن الموقف سيؤدي حتمًا إلى عواقب ألمحنا إليها بالموهبة والعبقرية التي لا تتقيد بالقوانين".
وفي معرض حديثه عمّا إذا كانت الحرب فن أم علم، يقول: إن كل عمل فكري هو فن، فالفن يبدأ حيث يرسم رجل منطقي خطًا، أي عندما تنتهي مقدمات البرهان التي هي نتاج قوة الإرادة والتمييز ليأخذ الحكم مكانها، كما أن آراء الفكر نفسها هي حكم أيضًا، وبالتالي فهي فن. وفي نهاية المطاف، تكون المعارف المكتسبة بواسطة الحواس فنًا أيضًا بدون شك، وفي كلمة واحدة لا يمكن أن نتصوّر كائنًا بشريًا قد وُهب القدرة على المعرفة دون القدرة على الحكم، كما لا يمكن أن نتصور العكس، لذا يتعذّر فصل الفن عن المعرفة فصلاً تامًا، فكلما تجسّدت عناصر الضوء الدقيقة هذه في أشكال العالم الخارجي كلما انفصلت ممالكها؛ ومجال الإبداع والإنتاج هو الفن، وعندما نستهدف البحث والمعرفة يسود العلم.
ويخلص (كلاوزفيتز) إلى قوله: "من الأفضل أن نقول فن الحرب، وليس علم الحرب"، ويميّز بينهما بوضوح قائلاً: "يكمن الفرق الأساس في أن الحرب ليست نشاطًا للإرادة مطبقًا على مادة جامدة كما هو الحال في الفنون الميكانيكية كالبناء، والنجارة، وتوصيل الأنابيب أو مطبقًا على شيء حي، إنما هو سلبي وخاضع بدون مقاومة، كالفكر البشري، والحساسية في الفنون الجميلة، ولكن الحرب نشاط مطبق على شيء يعيش وينفعل، وإخضاعها لقوانين ميكانيكية جامدة يؤدي إلى الوقوع في خطأ جسيم. وانطلاقًا من ذلك فقد ارتكبت خطيئة أدّت إلى تشبيه الحرب بفنون وعلوم أخرى، وهذا ما أتاح المجال لمجموعة من التشبيهات الخاطئة. وفي الوقت نفسه، فمن الواضح أن النضال المستمر من أجل الحصول على قوانين مشابهة لتلك التي تلائم عالم الأشياء الجامدة يؤدي إلى ارتكاب الخطأ تلو الآخر، وحتى الآن لم تسفر تلك المحاولات عن تحقيق نجاح يُذكر".
وبالتدقيق في التفسيرين السابقين لكلمة (مبادئ) يمكننا الآن معرفة كنههما، ف (كلاوزفيتز) يرى أن المبدأ هو أيضًا قانون للعمل، ولكنه ليس بمعناه الرسمي المحدد، وإنما يمثل فقط روح القانون والإحساس به. وفي الحالات التي يكون فيها تنوّع العالم الحقيقي أكبر من تضمينه في شكل عقيم من القوانين، يتيح تطبيق المبدأ فرصة أكبر لاختيار الأحكام. ولابد هنا من إعمال الفكر لتحديد الحالات التي لا يمكن فيها تطبيق المبادئ، وبذلك تصبح المبادئ بمثابة أداة مساعدة للرجل المسؤول عن العمل. ولم يغفل (كلاوزفيتز) عن الإشارة إلى أن المبادئ التي يعنيها هي مبادئ فن الحرب، للتأكيد على أن التعرُّف عليها يلزم بالضرورة تطبيقها بإبداع، وينظر (كلاوزفيتز) إلى هذا العمل الخلاّق بوصفه أمرًا جوهريًا في فن الحرب برمته .
ترجمة - أحمد محمد علي عمران
توابت ومتغيرات مبادئ الحرب
تتضمن مبادئ الحرب المتعارف عليها بصورة عامة : الهدف، والهجوم، والحشد، والاقتصاد في القوى، والمناورة، ووحدة القيادة، والأمن، والمفاجأة، والمرونة، والروح المعنوية، والشؤون الإدارية، وحرية العمل، والمبادأة، وخفّة الحركة. وتوفّر هذه المبادئ مرشدًا للقادة يمكن الركون إليه في وضع الخطط واتخاذ القرارات الحاسمة. وقد ظلّت مبادئ الحرب ثابتة ومطبّقة في الحرب منذ عصر (نابليون) و (كلاوزفيتز) ، ولكن كاتب هذه المقالة يرى أنه قد آن أوان تغييرها، لأن بعضها لا يلائم العمليات العسكرية في العصر الحديث، ويورد أسبابًا منطقية لطرحه، فهل تكون هذه المقترحات بداية لتغيير مبادئ الحرب، أم أنها ستفتح مجالاً للجدل بين القائلين بثباتها، وبين من يزعمون ضرورة تغييرها أو على الأقل تغيير بعضها؟
في النصف الأول من القرن التاسع عشر، طرح الفيلسوف الفرنسي (أوجست كونت) (1798 1857م) فلسفته الوضعية التي تهتم بالظواهر ووقائع التجربة، وترفض التفكير التجريدي أو التأملي فيما يخص الطبيعة النهائية للأشياء.
والوضعية في علم النفس هي اتجاه سلوكي، وتأكيد لدور البيئة، ورفض للعقل والمفاهيم العقلية. وبحسب رؤية (كونت)، فإن تاريخ الفكر الإنساني قد مرَّ بثلاث مراحل، هي: مرحلة اللاهوت التي هيمنت عليها المعتقدات الدينية والخرافات؛ ومرحلة الميتافيزيقا أو ما وراء الطبيعة، والتي سادتها المعتقدات التأملية؛ ومرحلة الفلسفة الوضعية التي تحكّمت فيها الحقائق العلمية.
كان (كونت) يرى إمكانية توسيع الأسلوب العلمي ليتضمن دراسة الإنسان والمجتمع، وسرعان ما تضمنت الدراسة العلمية الحرب، بل وحتى قبل ظهور فلسفة (كونت) الوضعية، نشرت في العقد الأول من القرن التاسع عشر مؤلفات لبعض المنظرين العسكريين مثل: (أنتوني هنري جوميني) (1779 1869م)، تقول: "إن هناك إجماع تام على أنه ليس ثمة فن أو علم أصعب من الحرب، فهذا الفن كما هو حال غيره من الفنون يقوم على مبادئ معيّنة راسخة، وهي بطبيعتها مبادئ ثابتة لا تتغير، ولكن الذي يتغيّر هو تطبيقها فقط". ومن هنا برز الادعاء الرئيس الذي ظلّ ساريًا حتى الآن بأن مبادئ الحرب كغيرها من القوانين ثابتة لا تتغير، وإنما تتفاوت فقط من حيث تطبيقها.
وكان لتحوُّل الفلسفة الوضعية في الفكر العسكري تداعيات أخرى مهمة غيرالادعاء بثبات قوانين الحرب؛ فكافة القوانين العلمية الطبيعية تحصر ادعاءاتها في العالم المادي، انطلاقًا من مقولة مؤداها : "إذا لم يكن بالإمكان قياس شيء ما، أو التعبير عنه بأبعاده الطبيعية (الحيّز، والزمان، والكتلة، والقوة، والاتجاه)، فلا يمكن القول بوجوده بصورة موضوعية في العالم المادي". وينطبق ذلك أيضًا على المفاهيم العسكرية الأساسية كالإرادة، والتحفيز، والروح المعنوية، والشجاعة، وفن القيادة، والموهبة. ولعل جوهر الفلسفة الوضعية فيما يتعلق بمبادئ الحرب هو تقليلها من شأن البعد الإنساني القوى المعنوية الأمر الذي يرفضه (جوميني) في كثير من كتاباته، ويعتبره أمرًا مفرغًا منه وغير قابل للمناقشة.
وعلى النقيض من موقف (جوميني)، فإن المفكّر العسكري (كارل فون كلاوزفيتز) (1780 1831م)، كان يحمل رؤية فكرية لها جذورها في الفلسفة العقلية التقليدية التي وضعها كل من: (سقراط، وأفلاطون، وأرسطو) والتي تقول: إنه عن طريق الاستدلال العقلي الخالص وبغير اللجوء إلى أية مقدمات يمكن الوصول إلى معرفة جوهرية عن طبيعة العالم، وكان (كلاوزفيتز) يرى أن مبادى الحرب هي مدركات حسِّية، أو تعاليم تهذِّب العقل لخوض الحرب، وليست قانونًا ملزمًا يحدِّد طريقة معيّنة للعمل.
وضمن هذا الإطار، كتب في أحد مؤلفاته أن المبادئ "تهدف إلى تزويد المفكّر بإطار عمل يرجع إليه في تحركاته التي تدرّب على القيام بها، أكثر من كونها دليلاً يسترشد به أثناء العمل للطريق الذي ينبغي أن يسلكه". وبهذا كان (كلاوزفيتز) يقف موقفًا معارضًا للفلسفة الوضعية التي تُخضع مبادئ الحرب للتطبيق العلمي؛ ففي كتابه: (في الحرب) أشار إلى استحالة الحصول على تعاليم وضعية، حيث يقول: "ينبغي أن نتذكر أنه من غير الممكن ببساطة بناء نموذج لفن الحرب يمكن استعماله كقالب يعتمد عليه القائد في كافة الأوقات، فكلما اقتضت الضرورة اعتماده على موهبته الفطرية، فسيجد نفسه في موقف يتناقض مع النموذج الذي يتبعه. ومهما كانت براعة القانون، فإن الموقف سيؤدي حتمًا إلى عواقب ألمحنا إليها بالموهبة والعبقرية التي لا تتقيد بالقوانين".
وفي معرض حديثه عمّا إذا كانت الحرب فن أم علم، يقول: إن كل عمل فكري هو فن، فالفن يبدأ حيث يرسم رجل منطقي خطًا، أي عندما تنتهي مقدمات البرهان التي هي نتاج قوة الإرادة والتمييز ليأخذ الحكم مكانها، كما أن آراء الفكر نفسها هي حكم أيضًا، وبالتالي فهي فن. وفي نهاية المطاف، تكون المعارف المكتسبة بواسطة الحواس فنًا أيضًا بدون شك، وفي كلمة واحدة لا يمكن أن نتصوّر كائنًا بشريًا قد وُهب القدرة على المعرفة دون القدرة على الحكم، كما لا يمكن أن نتصور العكس، لذا يتعذّر فصل الفن عن المعرفة فصلاً تامًا، فكلما تجسّدت عناصر الضوء الدقيقة هذه في أشكال العالم الخارجي كلما انفصلت ممالكها؛ ومجال الإبداع والإنتاج هو الفن، وعندما نستهدف البحث والمعرفة يسود العلم.
ويخلص (كلاوزفيتز) إلى قوله: "من الأفضل أن نقول فن الحرب، وليس علم الحرب"، ويميّز بينهما بوضوح قائلاً: "يكمن الفرق الأساس في أن الحرب ليست نشاطًا للإرادة مطبقًا على مادة جامدة كما هو الحال في الفنون الميكانيكية كالبناء، والنجارة، وتوصيل الأنابيب أو مطبقًا على شيء حي، إنما هو سلبي وخاضع بدون مقاومة، كالفكر البشري، والحساسية في الفنون الجميلة، ولكن الحرب نشاط مطبق على شيء يعيش وينفعل، وإخضاعها لقوانين ميكانيكية جامدة يؤدي إلى الوقوع في خطأ جسيم. وانطلاقًا من ذلك فقد ارتكبت خطيئة أدّت إلى تشبيه الحرب بفنون وعلوم أخرى، وهذا ما أتاح المجال لمجموعة من التشبيهات الخاطئة. وفي الوقت نفسه، فمن الواضح أن النضال المستمر من أجل الحصول على قوانين مشابهة لتلك التي تلائم عالم الأشياء الجامدة يؤدي إلى ارتكاب الخطأ تلو الآخر، وحتى الآن لم تسفر تلك المحاولات عن تحقيق نجاح يُذكر".
وبالتدقيق في التفسيرين السابقين لكلمة (مبادئ) يمكننا الآن معرفة كنههما، ف (كلاوزفيتز) يرى أن المبدأ هو أيضًا قانون للعمل، ولكنه ليس بمعناه الرسمي المحدد، وإنما يمثل فقط روح القانون والإحساس به. وفي الحالات التي يكون فيها تنوّع العالم الحقيقي أكبر من تضمينه في شكل عقيم من القوانين، يتيح تطبيق المبدأ فرصة أكبر لاختيار الأحكام. ولابد هنا من إعمال الفكر لتحديد الحالات التي لا يمكن فيها تطبيق المبادئ، وبذلك تصبح المبادئ بمثابة أداة مساعدة للرجل المسؤول عن العمل. ولم يغفل (كلاوزفيتز) عن الإشارة إلى أن المبادئ التي يعنيها هي مبادئ فن الحرب، للتأكيد على أن التعرُّف عليها يلزم بالضرورة تطبيقها بإبداع، وينظر (كلاوزفيتز) إلى هذا العمل الخلاّق بوصفه أمرًا جوهريًا في فن الحرب برمته .
كيف تشهد مبادئ الحرب تغييرات؟
في الحقيقة لم تشهد مبادئ الحرب تغييرًا حتى كتابة هذه السطور، ولكن هناك شعور بضرورة تغييرها، فقد ظلت مبادئ الحرب على حالها تقريبًا منذ عصر نابليون. والسؤال المطروح هو: كيف إذن يمكن تغييرها؟ فإذا ما شبّهنا فن الحرب بأرقام الرسم على لوحة زيتية، يكون من الضروري تغييرها لتلبية متطلبات المبدع العسكري، فمن وجهة النظر الجمالية أو الإبداعية تتراءى مبادئ الحرب كأرقام على لوحة قماش تساعد في توجيه المبتدئين العسكريين على تعلّم فن الحرب.
ومبادئ الحرب تتغيّر بتغيّر شكل ومضمون الحرب، ولابد من تغييرها إذا ما أُريد لها أن تساهم في تعليم سلك الضباط على أساليب وطرق الحرب الجديدة، ومبادئ الحرب طريقة تعليمية تقدم حلولاً جاهزة لمعضلات عملية في الحرب، ولكنها قد تحدّ من إبداع الرجل العسكري المحنّك أو الخلاّق، فهذا المبدع يعمل وفق لوحة يرسمها لنفسه تحتوي على ألوان إضافية غير تلك الموجودة على لوحة القماش، وفي القرن التاسع عشر ساد اعتقاد واسع بندرة الموهوبين العسكريين، أما في العصر الحالي فقد ابتُكر نظام الأركان العامة لجعل الموهبة العسكرية مسؤولية جماعية. ووفق مثال اللوحة الزيتية السابق، يصبح القادة والأركان هم من يكتبون الأرقام مع بعضهم البعض، وبتوظيف الأركان العامة لعملية التخطيط التي تقع ضمن نطاق عملهم يصممون ميدان المعركة أو اللوحة الزيتية العسكرية فيرسمونه حركة تلو أخرى وفق العمل العسكري. وهكذا يُعبَّر عن نوايا القائد من خلال
ومبادئ الحرب تتغيّر بتغيّر شكل ومضمون الحرب، ولابد من تغييرها إذا ما أُريد لها أن تساهم في تعليم سلك الضباط على أساليب وطرق الحرب الجديدة، ومبادئ الحرب طريقة تعليمية تقدم حلولاً جاهزة لمعضلات عملية في الحرب، ولكنها قد تحدّ من إبداع الرجل العسكري المحنّك أو الخلاّق، فهذا المبدع يعمل وفق لوحة يرسمها لنفسه تحتوي على ألوان إضافية غير تلك الموجودة على لوحة القماش، وفي القرن التاسع عشر ساد اعتقاد واسع بندرة الموهوبين العسكريين، أما في العصر الحالي فقد ابتُكر نظام الأركان العامة لجعل الموهبة العسكرية مسؤولية جماعية. ووفق مثال اللوحة الزيتية السابق، يصبح القادة والأركان هم من يكتبون الأرقام مع بعضهم البعض، وبتوظيف الأركان العامة لعملية التخطيط التي تقع ضمن نطاق عملهم يصممون ميدان المعركة أو اللوحة الزيتية العسكرية فيرسمونه حركة تلو أخرى وفق العمل العسكري. وهكذا يُعبَّر عن نوايا القائد من خلال