حمل إليّ البريد خبرا مستفِزا عن مؤتمر عقد في لندن، عقده من سموا أنفسهم ( خدام المهدي ) للاحتفال بوفاة عائشة أم المؤمنين احتفال سفه وخفة ورعونة..
وكرر مرسلو الخبر إرساله، وشفعوه بمقطع فيديو لواحد من هؤلاء الهوام يفرغ ما في قلبه الأسود المرباد على أم المؤمنين عائشة وأبيها ولا ينسى أم المؤمنين حفصة وأبيها أيضا في نفس السياق.
ويعتب عليّ بعض من أرسل، ممن أحترم، أنني لم أنشر الوقائع الناطقة الموثقة في دلالاتها على الحقد والتعصب. ويقول لي: مستنكرا عليّ كأنك لم تغضب لأمك عائشة رضي الله عنها، أو لعلها ليست لك بأم!!
أما أنني لم اغضب لما سمعت ولما قرأت وتابعت فهذه تهمة أبرئ إلى الله منها. بل إنني أعتبر ما نقل بالصوت والصورة يستفز كل صاحب فطرة سوية مهما كانت ملته ونحلته. وكلام السفهاء حين يغوص في الحمأة يثير الاشمئزاز والغثيان أكثر مما يثير الحفائظ!!
ثم لعلي أتساءل إذا كانت أمة من الناس تقضي العام كل العام في الاحتفال بأجندة الندب واللطم على من تعتبرهم أولياء، وأجندة اللعن والشتم على من تعتبرهم ( أعداء ) فمتى تنتج؟ ومتى تنجز؟ والعدو يتهددها، كما نتسامع صباح مساء..؟!
كانت العرب تقول:
لا يصلح الناس فوضى لا سَراة لهم * ولا سَراة إذا جهالهم سادوا
وفي مثل هذا الموطن نتساءل عن سَراة القوم، ليكفوا عن أهل القبلة جهالهم وسفهاءهم ، نتساءل هل في أتباع المذهب الذي يخطف اسمَه هؤلاء الناسُ سَراةٌ حقيقيون يأخذون على يد السفيه وفمه كلما أراد أن يشعل فتنة أو يقول هجرا..( وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ)
وأؤكد للذين أرسلوا الرسائل والتقارير عن مؤتمر التهييج المذكور: لم أنشر ما أرسلتم ولن انشره لا لأنني لم أغضب للصديقة ابنة الصديق، بل لأنني ارفض أن أترك لمثل هؤلاء السفهاء أن يكونوا مرجعا في صياغة العلاقة بين أهل القبلة، والمقرين بالشهادتين. وأرفض ويجب أن نرفض جميعا أن نعطيهم الفرصة أن يكونوا مسموعين وأن يكونوا مؤثرين، وأن يستشعروا القيمة أنهم أصبحوا مهمين. ويجب أن نرفض أن نُستجر إلى خنادقهم الضيقة، وأن نغوص في الحمأة التي فيها يغوصون. ومؤتمر السفه هذا ينتظر من أولي الأحلام والنهى أينما وجدوا أن يصادروه، ويردوه، ويكبتوه أيضا. فهذا موطن لا ينفع فيه الصمت من الصامتين لأن الصمت في معرض البيان بيان.
وأؤكد في هذا السياق أن هؤلاء السفهاء من الناس لا يمكن أن ينتموا في حقيقة أمرهم لا إلى دين ولا إلى مذهب ولا إلى ملة أو نحلة و هم إلى الذين قال الله فيهم ( أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ) أقرب.
ذلك أن أم المؤمنين التي اجتمعوا للطعن عليها والنيل منها ظلت محترمة الجناب، موفورة المكانة، عزيزة المقام حتى في أشد ساعات الفتنة حلكة. وأمير المؤمنين علي الذي غيرةً عليه، فيما يزعمون، ينتهضون، وحميةً له يُرغون ويُزبدون يؤكد في كتابهم الأول نهج البلاغة في الصفحة 252 / منه على ما يروي راويهم ويقرر مقررهم ( ولها بعذُ حرمتُها الأولى، والحساب على الله ) فأي إمام، بعد هذا القول أطاعوا، أطاعوا، وأي حرمة وفّروا، وبأي حديث بعد نهج بلاغتهم يؤمنون؟ وهم قد اخترقوا حتى حرمة الآدمية، وولغوا ولوغ الذئاب في لحم زوجة نبيهم ودينها وعرضها وأبيها!! أي ستر هتكوا؟ وأي كريهة ارتكبوا!! وأي بهتان احتملوا!! وهل سيكون الساكتون عنهم، وهم يوقدون نار الفتنة بين المسلمين إلا شركاؤهم في الإثم والخزي والعار..
نتذكر خبر التاريخ يوم وقف علي وطلحة والزبير فتناجوا وتصافوا حتى بات الناس لا يشكون في الصلح ..؟! ثم كان سلف هؤلاء من الرعاع الذين غاظهم الحب، وهاجهم الحقد، واستفزهم حديث السلام؛ فما برحوا حتى أوقدوا نار الحرب..
ويأتي واحد من هؤلاء إلى سيدنا علي يبشره يقول: ( قتلت الزبير )!! فيقول له أبو الحسن، وما شأن هو الأراذل بأبي الحسن؟! , بشّر قاتل ابن صفية بالنار!! ويمر بعد ذلك أبو الحسن على طلحة معفرا بدمه : فيقول اعزز عليّ أبا اليقظان أن أراك صريعا مجدلا..
أما عائشة أم المؤمنين وما كان حول جملها يوم الجمل وما كان بعده فحسبنا ما رواه ابن كثير..
وأمر عليٌّ نفرا أن يحملوا الهودج ، هودج أم المؤمنين، من بين القتلى، وأمر محمدا بن أبي بكر ( أخاها وكان مع علي!!) وعمارا أن يضربا عليها قبة. صونا لها. وجاء إليها أخوها محمد: فسألها هل أصابك شيء من الجراح؟ فقالت: لا ، وما أنت وذاك يابن الخثعمية؟. وسلم عليها عمار فقال: كيف أنت يا أم؟ فقالت لست لك بأم!! قال بلى وإنْ كرهت. ( يتمسك بأمومتها ويحرص عليها)، وجاء إليها علي بن أبي طالب أمير المؤمنين مسلّما فقال: كيف أنت يا أماه؟ قالت بخير، فقال يغفر الله لك . وجاء وجوه الناس من الأمراء والأعيان يسلمون على أم المؤمنين رضي الله عنها..
وفي البداية والنهاية أيضا بعد أن وضعت الحرب أوزارها..( ثم جاء علي إلى الدار التي فيها أم المؤمنين عائشة فاستأذن فسلم عليها ورحبت به. ولما دخل علي قالت له صفية أم طلحة الطلحات: أيتَم الله منك أولادك كما أيتمت أولادي، فلم يرد عليها شيئا، فلما خرج أعادت عليه المقالة فسكت، فقال له رجل ( من سلف هؤلاء) أتسكت عن هذه المرأة وهي تقول ما تسمع؟!! فقال أبو الحسن أمير المؤمنين بحق: ويحك إنّا أُمرنا أن نكف عنهن وهن مشركات، أفلا نكف عنهن وهن مسلمات. فقال له رجل آخر يا أمير المؤمنين إن على الباب رجلين ينالان من عائشة، فأمر القعقاع بن عمرو أن يجلد كل واحد منهما مائة، وان يجردهما من ثيابهما..
فهل فيمن يزعم أنه من أتباع أبي الحسن من يقضي بقضاء أبي الحسن في هؤلاء السفهاء المارقين ؟ لا بد لكلمة الحق أن تُقال، ولا بد لداعي العقل أن يُجاب، ولنذكر جميعا قوله تعالى:
( وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ).
لا أظنها مسألة عفوية، تلك الفعلة الحقيرة التي أقدم عليها "صعلوك" من صعاليك الفتنة، في الطعن بأم المؤمنين سيدتنا عائشة بنت الصديق، وبالخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين، بل إنها (جزء من خطة استراتيجية بعيدة المدى لنشر الفتنة والضلالة)، من خلال ترويض العقول والأبصار والأسماع، على إعتياد لعن الصحابة الأجلاء وسب الخلفاء والأفك في حق أمهات المؤمنين، الخطة المسمومة تتضمن (تعويد) أسماع المسلمين، وبخاصة من غير أتباع المذهب الصفوي، على مسألتي اللعن والسب التي هي أساس من أهم أسس عقيدتهم التفريقية الشاذة. وهذا ما نلمسه من خلال منهجهم التحريضي الذي تمارسه القنوات الطائفية المسمومة، بحيث صار التجرّؤ على الاعلان (صراحة) عن كفر وعصيان ومروق الخلفاء الراشدين ابو بكر وعمر وعثمان وخلودهم في النار مع باقي الصحابة الذين أنكروا الولاية المزعومة!!.. ولاشك في أنّ إستفحال هذا الأمر المشين هو نتيجة حتمية ومنطقية لما يسمى بالثورة الاسلامية في ايران التي تقوم على هذه الاسس الطائفية التفريقية، وكذلك كحصيلة متوقعة من التحالف الأمريكي الغريب مع القوى الصفوية لإنجاز غزو العراق وقيام الإدارة الأمريكية بمكافأتهم من خلال تسليمهم مقاليد الحكم في العراق تحت شعارات "المظلومية التاريخية"، وإقامة النظام الديمقراطي، وما زلنا نتذكر أحاديث بول بريمر الحاكم المدني الامريكي للعراق المحتل وكيف كان لا يفوت فرصة دون الحديث عن "مظلومية الأغلبية الشيعية في العراق"!!. كما أن هناك من يرى تلازما بين إقدام قس مهووس على إحراق المصحف الكريم، وبين إقدام المهووس الآخر الخبيث على الطعن بأم المؤمنين وبالصحابة والخلفاء الراشدين، وقبله الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول الاعظم، فالمنهج اللاأخلاقي واحد، والهدف في إستفزاز المسلمين واحد، والسعي لتعويد الأسماع والأبصار على إهانة المقدسات واحد!
لقد بلغ الأمر ذروته بقيام أحد صعاليك الفتنة بالطعن علنا في احتفالية اقيمت في لندن مؤخرا بحق سيدتنا عائشة أم المؤمنين، في مؤتمر رسمي علني نظمته "هيئة خدام المهدي" العائدة للمدعو "خاسر الخبيث " يوم 17 رمضان "للاحتفال" بوفاة سيدتنا عائشة أم المؤمنين رضوان الله تعالى عليها حيث القيت في المؤتمر وما اسموه هؤلاء الزنادقة باحتفالية (موت الحميراء)!! كلمات وخطب وقصائد في الطعن واللعن والسب والشتم والتخوين والتكفير بحق عرض وشرف نبي الأمة محمد صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين كما سماها الله تعالى في كتابه الكريم.
إن هذا الفعل الشائن من قبل المدعو خاسر الخبيث، فعل قبيح ومستنكر من فئات المجتمع واطيافه، ويعد خروجا عن ثوابت الامة وما استقرت عليه نصوص القرآن والسنة المطهرة حيث يقول تعالى: "النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم" (الاحزاب) وقوله صلى الله عليه وسلم "من يعذرنا من رجل بلغني اذاه في اهل بيتي فوالله ما علمت من اهلي الا خيرا "رواه البخاري 2494" فأي عقوق يستوجبه هذا الجرم الفاضح في حق امهات المؤمنين واذى المصطفى صلى الله عليه وسلم. وإذ ندين بشدة هذا التطاول على ام المؤمنين وآل بيت النبي وصحابته الكرام لتدعو الجهات المسؤولة لاتخاذ الاجراءات الحاسمة والرادعة لكل من تجرأ على ثوابت الدين وعقيدة الامة.
ولقد كان الشيعة العرب في مقدمة من استنكر تطاول المدعو خاسر الخبيث على امهات المؤمنين وعدّوه سلوكاً لااخلاقياً وغير مسؤول ويتعارض مع تعاليم مدرسة اهل البيت ومبادئ الوحدة الوطنية. كما أنه مساس سئ بوحدة المسلمين، وان اي مساس برسول الله صلى الله عليه وسلم هو مساس بهم وبكل ابناء الامة الاسلامية.
والملاحظ أن المسالة لاتقتصر على هذا الصعلوك بل انها صارت مادة تتفنن بها بعض المواقع الصفوية على النت التي تنطق بلسان عربي، ونشره موادا على موقعه بشبكة المعلومات, تتضمن تطاولا سافرا على امهات المؤمنين, بعبارات مشينة وكلمات معيبة لا تمثل إلا صاحبها الذي اعتاد هذا السلوك الشاذ ويبدو أن أرباب الفتنة الصفوية يعتقدون أن العالم اغبياء وان حيلهم ستنطلي على المسلمين، فهم أساساً لايتجرأون على سب الرسول صلى الله عليه وسلم جهراً حتى لايكشف امرهم عند اذنابهم مع انهم يسبونه ويلعنونه سراً ويشككون فيه وفي رسالته وكلامهم عن (خيانة جبريل للوحي) ثابت في كتبهم وعقائدهم، ولاشك أن من يطعن بشرف عائشة ويسبها لامانع لديه من إن يسب الرسول الكريم وسوف ياتي زمن قريب وفق خطتهم الجهنمية، لأن يسبونه ويلعنونه كما يسبون اصحابه الآن. فهم حاليا يشككون في صحابته وزوجاته ويلمّحون إلى أنّ علي بن ابي طالب رضي الله عنه افضل منه ويقولون عنه انه (ولي الله) حتى تكون مرتبته اعظم من مجرد رسول لله، ويكتفون بهذا حاليا وسوف يأتي زمان يسبونه ويلعنونه ـ علناً ـ كما يلعنون اصحابه فالخطة متقنه وعلى مراحل ففي هذه المرحله التشكيك في اصحابه وسبهم ولعنهم وانكار كل مانقلوه لنا والتشكيك فيه..وللاسف أن تمر هذه الحيل على اتباعهم من القطعان البشريه التي ابعدوها عن العلم الشرعي وعن القران وعن كل ماقد ينير عقولهم فاصبحوا كالانعام بل هم اظل..إن الطعن بالصحابة والخلفاء وأمهات المؤمنين هو سلوك لآ أخلاقي وغير مسؤول، بل ويتناقض مع تعاليم مدرسة اهل البيت (ع) وابسط مبادئ الوحدة الوطنية.
ولا أظن أن فعلة خاسر الخبيث الذي تولى كِبره في تعدّيه بالإثم والعدوان على أم المؤمنين عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تختلف كثيرا عن الرسام الدنماركي كورت وسترجارد المسيء برسوماته الكاريكاتيرية الى الرسول صلى الله عليه وسلم، فالاثنان تجمعهما قضية واحدة هي الإساءة الى رسولنا صلى الله عليه وسلم وجرح مشاعر مسلمي العالم قاطبة، وهذا التعدي المشين يدخل في دائرة الأعمال الاستفزازية التي قد تؤدي الى عواقب غير محمودة المسلمون في غنى عنها، فمنذ أيام كوفئ الرسام الدنماركي وسترجارد بمنحه جائزة الإعلام في ألمانيا حيث اعتبره عمدة بوتسدام رمزا لحرية الصحافة والرأي! وهو إطراء لن يقدم العمدة على إضفائه على الرسام لو انه أقدم على الإساءة الى رمز ديني يهودي بل سيكون مصيره الطرد من الصحيفة قبل أن يدينه القانون الألماني بجريمة معادة السامية،
لقد سبق أن طالبنا بصدور اتفاقية دولية او قرار اممي لتجريم المساس بالعقائد والاديان ورموزها، كما نطالب الدول العربية والاسلامية بسن التشريعات التي تمنع إثارة الفتن الطائفية والمس بعقائدد المسلمين، وهو لا يقل اهمية عن قانون مكافحة الارهاب،
ندعو الجميع التصدي للفتنة الطائفية ووأدها, وعدم الانسياق وراء الآلة المشبوهة التي تعمل على صناعة الفتنة وادارتها, ونبذ كل اشكال الاستفزاز والتحريض, الذي لا يصب إلا في صالح المشروع الطائفي الذي يعمل اعداء الامة على تنفيذه.
الا لعنة الله على كل من يلعن أم المؤمنين عائشة عليها السلام فقد قال الامام مالك بن أنس رحمه الله: "من سبَّ عائشة في الزنا فقد كفر لأنه يكذب القرآن الكريم"، وقال الامام الحافظ ابن كثير عند قوله تعالى { ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم(23) }(النور)، قال: أجمع العلماء رحمهم الله قاطبة على ان من سبها بعد هذا ورماها بما رماها به بعد هذا الذي ذكر في هذه الآية، فانه كافر لأنه معاند للقرآن.
ان ما قامت به هذه الفئة الضالة ليس مجرد عمل طائش وشنيع فحسب انما هو امر مخطط ومدروس من قبل الولايات المتحدة الامريكية والصهيونية العالمية وربيبتهم ايران الصفوية المجوسية لفتنة المسلمين وتدمير ماتبقى من امنهم وكرامتهم واشاعة روح اليأس والقهر بين ابناء امتنا المجيدة . وليغطوا عن جرائهم وافعالهم القادمة بحق الامة ودينها وشرفها وماهو أت لاكبر واشد واخبث فلنحذر المخطط الصفوي اللعين لتطبيع الامة على اللعن والشتم والطعن بأعراض الرسول وأمهات المؤمنين..