في مثل هذا اليوم، وقبل عشرين عاماً، اجتياح القوات العراقية للكويت خلال عدة ساعات فقط. الخبر لقي تأييداً شعبياً عارماً، وشهدت البلاد خلال الشهور التالية التي صعدت فيها أمريكا وحلفائها ضد العراق مسيرات تأييد حاشدة شارك فيها معظم قيادات البلاد، بما فيها قيادات رسمية، كما شهدت تعاطفاً غير معلن من الراحل الملك حسين.
سرد تاريخي
الغزو العراقي للكويت أوالحرب العراقية - الكويتية هي حرب بين العراق والكويت في 2 أغسطس 1990 استمرت يومان انتهت باستيلاء القوات العراقية على الكويت في 4 أغسطس واحتلال الكويت لمدة 7 شهور وانتهت بإخراج القوات العراقية من الكويت في 26 فبراير 1991 بعد حرب الخليج الثانية.
وتعود أسباب الأزمة إلى ما بعد انتهاء حرب الخليج الأولى عام 1988م، حيث بدأت بوادر خلافات بين العراق والكويت, وكانت الأسباب هي خلافات حول بعض آبار النفط في المناطق الحدودية.
ومنذ سبتمبر 1989، احتدمت الخلافات في موضوع أسعار النفط، وحصص منظمة "الأوبك"، وتزايدت درجة الحرارة بين البلدَين.
وصل الرئيس صدام حسين إلى عمّان، في 23 فبراير 1990. وكان النزاع حول النفط، بين العراق والكويت، الموضوع الرئيسي للنقاش، في اجتماع مجلس التعاون للخليج العربي. ولكن اللقاء فشل. بعد فشل لقاء عمّان، بين قادة مجلس التعاون العربي، في 24 فبراير 1990، ودول الخليج، في محاولة لعقد اتفاق بين الكويت والمملكة العربية السعودية والعراق، لمعالجة الموقف الاقتصادي العراقي. إلاّ أن الرئيس العراقي، طلب منه الاضطلاع بهذه الزيارة، نيابة عنه.
وفي 3 مايو 1990، عاد العراق إلى شكواه المزمنة من الكويت، بسبب إنتاجها الزائد على حصتها في اتفاقات "الأوبك". فتقدم طارق عزيز، وزير الخارجية العراقي، بشكوى حول ارتفاع معدل إنتاج النفط في دول "الأوبك"، بما يشكل خطراً متصاعداً على العراق خصوصاً انه كان خارجاً من الحرب العراقية الايرانية وبحاجة لتقوية اقتصاده. منذ أوائل يوليه 1990، بدأت تظهر، علناً، بوادر تفجر الأزمة. وظهر ذلك، بعد استقبال الرئيس العراقي وزير نفط المملكة العربية السعودية، هشام الناظر، في بغداد، في 8 يوليه.
وقد قامت القوات العراقية بحشد 7 فرق عسكرية من قوات الحرس الجمهوري للقيام بغزو الكويت إضافة إلى وحدات القوات الخاصة وتلخصت خطة الغزو بهجوم من أربع محاور على النحو التالي:
1.الفرقة المدرعة حمورابي على محور صفوان - العبدلي - المطلاع - الجهراء - الكويت العاصمة تعقبها فرقة نبوخذ نصر مشاة وفرقة بغداد مشاة على نفس المحور.
2.فرقة الفاو مشاة على محور أم قصر الصبية وجزيرة بوبيان.
3.فرقة المدينة المنورة المدرعة على محور الرميلة - الأبرق - قاعدة علي السالم الجوية ثم الأحمدي في جنوب مدينة الكويت تعقبها فرقة عدنان مشاة على نفس المحور.
4.فرقة توكلنا على الله المدرعة على محور الأوسط مابين فرقة حمورابي وفرقة المدينة المنورة وتتمركز في غرب الكويت.
في المقابل كانت القوات الكويت مؤلفة من اللواء المدرع 35 في غرب الكويت واللواء المدرع 15 في جنوب الكويت واللواء المشاة الآلي 6 في شمال الكويت إضافة إلى كتيبة مغاوير و وحدات من حرس الحدود وقوات الحرس الأميري.
في الساعة 02:30 من فجر يوم 2 أغسطس احتلت كتيبة مشاة بحرية عراقية مدعمة بالدبابات جزيرة بوبيان من الجنوب وكان بالجزيرة حامية عسكرية كويتية وهاجمت أيضاً القوات العراقية جزيرة فيلكا و اشتبكت مع حاميتها.
في العاصمة أنزلت قوات جوية وبحرية في ساعات الغزو الأولى ودارت اشتبكات حول قصر دسمان مع قوات الحرس الاميري، في الجهراء (29 كم غرب العاصمة) اشتبكت ألوية الجيش مع القوات المتقدمة في معارك غير متكافئة مثل معركة جال اللياح ومعركة جال المطلاع ومعركة الجسور وجال الأطراف وبحلول يوم 4 أغسطس كانت القوات العراقية قد سيطرت على كامل التراب الكويتي.
وفي الكويت يحيي الكويتيون الذكرى العشرين للغزو العراقي لبلادهم في 2 اغسطس/ آب عام 1990، بينما لا تزال العلاقات بين البلدين متوترة بعد سبع سنوات من سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين.
وركزت عناوين الصحف الكويتية الصادرة صباح الاثنين على هذه الذكرى.
وأدى الغزو العراقي إلى احتلال الكويت لفترة سبعة أشهر، قبل أن تقود الولايات المتحدة تحالفا دوليا أدى لإخراج القوات العراقية من الكويت في فبراير 1991.
ومنذ ذلك الحين دفع العراق مليارات الدولارات كتعويضات للكويت، لكن العلاقات بين الجانبين لا تزال متوترة بسبب ملف ترسيم الحدود.
يذكر أن الكويت استدعت السفير العراقي لديها في يوليو/ تموز الماضي للاحتجاج على تصريحات نسبت لمسؤول عراقي بأن بلاده لا تعترف بالحدود بين البلدين.
وكانت الأمم المتحدة قد رسمت الحدود بين البلدين عقب خروج القوات العراقية من الكويت، واعترفت الحكومة العراقية حينها تحت حكم الرئيس السابق صدام حسين بهذا الترسيم.
وبينما يسعى العراق لإعادة الإعمار بعد سبع سنوات من الاطاحة بصدام حسين، تأمل الحكومة العراقية في إعادة النظر في نسبة عائدات تصدير النفط التي تستثمر في صندوق خاص في جنيف لتسوية التعويضات الخاصة بالغزو العراقي للكويت.
ووفقا للشروط التي فرضتها الأمم المتحدة بعد تحرير الكويت، يجب على العراق دفع 5 % من عائدات النفط كتعويضات للكويت ودول أخرى.
الخلافات مستمرة
اكد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ان غزو القوات العراقية للكويت في عهد الرئيس الراحل صدام حسين "خطأ كارثي" ما زال يلقي بظلاله على العلاقات بين البلدين.
ففي الثاني من اب/اغسطس عام 1990، قام نظام صدام حسين بارسال قواته لاجتياح جارته الجنوبية الكويت الامر الذي دفع القوات الدولية بالرد على ذلك وطرده منها.
واصبح هذا الغزو احد مبررات اجتياح العراق لاسقاط نظامه عام 2003. وبسبب ذلك الغزو، يدفع العراق الان للكويت تعويضات عما لحق بها بينما الخلافات بين البلدين مستمرة حول الحدود المشتركة بينهما.
وقال زيباري لوكالة فرانس برس ان اجتياح الكويت "كان احد اكبر الاخطأ المروعة التي ارتكبها (صدام) على الاطلاق". واوضح ان "العراق عانى وما زال يعاني من ذلك القرار، من العقوبات (الامم المتحدة) ومجلس الامن"، مؤكدا انه "يكافح" منذ ان تولى منصب وزير الخارجية قبل سبع سنوات "لاعادة بلادي الى ماكانت عليه قبل الثاني من اب/اغسطس".
ومنذ 1994، اتخذت الامم المتحدة قرارا ينص على انشاء صندوق لتعويضات على العراق دفعها للكويت، وقيمتها 30,15 مليار دولار اضافة الى 22,2 مليار اخرى، كديون بين البلدين. واضافة الى ذلك، هناك متعلقات مالية بينها مليار دولار تعويضات تطالب بها شركة الخطوط الجوية الكويتية عن الاضرار التي لحقت بها جراء الاجتياح.
وسببت هذه الالتزامات شللا في العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين البلدين في وقت يحتاج العراق للكثير من اجل اعادة بنائه بعد سنوات من الحروب والحصار والعنف الطائفي التي تعرض لها. وقالت رئيسة لجنة العلاقات الخارجية موسمة المبروك، لفرانس برس ان "العلاقات بين العراق والكويت ستبقى موضع جدل (...) الى ان يحقق العراق الاستقرار الداخلي وتستطيع حكومته تحقيق علاقات خارجية موحدة".
واضافت ان "الجروح عميقة، من الصعب ان ننسى لكننا نحاول ان نطوي صفحة جديدة بالعلاقات الكويتية العراقية". وهناك العديد من القضايا العالقة التي مازلت دون حل بين البلدين بينها ترسيم الحدود التي قامت قبلها الامم المتحدة بتحديدها رسميا في اوائل عام 1990.
وكان صدام حسين وافق على الحدود المنصوص عليها في قرار مجلس الامن رقم 833. لكن الحكومة العراقية الحالية لو توافق عليها. وقال زيباري "كنت اتمنى ...ان يعالج هذا (الامر) بنهاية العام الحالي، لتطوى هذه الصفحة".
واوضح انه عدم موافة الحكومة "قرار سياسي (...) الحكومة تشعر ان الامر سوف لن تتقبله الجماهير في هذه المرحلة مع اقتراب الانتخابات (التي جرت في السابع من اذار/مارس الماضي)، لانه قد ياتي بنتائج عكسية وتركناه الى الحكومة المقبلة لتقرر" بشانه.
ويرى دبلوماسيون ان العراق يتحفظ على القبول بالقرار 833 بهدف استثمار ذلك كورقة للمساومة في المفاوضات مع الكويت. وقال احد الدبلوماسيين العاملين في بغداد طالبا عدم كشف هويته، ان "الكويت تعارض بشكل جذري مراجعة الحدود".
واضاف ان "التحفظ الحالي من الجانب العراقي فقط، يعزز موقف الكويت ومعارضتها لاي مبادرة قد تتعلق بترسيم الحدود". والتعاون المتبادل بين البلدين فيما يتعلق في قضايا اعادة رفات الكويتين والعراقيين لا ينطبق على ترسيم الحدود او المطالب الكويتية باعادة ممتلكاتها وارشيفها.
ووفقا لتقرير للجنة الدولية للصليب الاحمر في تشرين الثاني/نوفمبر 2009، مازال مصير اكثر من 300 شخصا بينهم 215 كويتيا و82 عراقيا واخرين من جنسيات مختلفة، في عداد المفقودين. وقال زيباري ان نحو ستمائة شخص باتوا في عداد المفقودين منذ الاجتياح، فيما اعيد رفات 285 كويتيا، مؤكدا تعاون العراق فيما يتعلق باعادة الارشيف والوثائق الكويتية.
ويعد تطور العلاقات بين البلدين، خصوصا فيما يتعلق بموافقة حكومة بغداد على الحدود المشتركة بينهما، مفتاح نجاح العراق في رفع الفصل السابع من قرارات الامم المتحدة المتعلق باعتباره يشكل تهديدا للامن الدولي. ورغم تاكيد العراق انه نفذ التزاماته الدولية، يبقى القرار الحاسم بشان الفصل السابع بيد مجلس الامن الدولي.
ويرى الدبلوماسي ان "الخط الحالي هو بالتحرك باتجاه مطلب العراق بالخروج من الفصل السابع، ولكن ليس على حساب امن ومتعلقات الكويت". مشيرا الى ان الكويت لا تميل لتقديم تنازلات لضمان مصالح بعيدة الامد كدولة مستقرة وغنية، مع العراق".
(وكالات)