http://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2010/07/24/151944.html
على الرغم من نجاح قوات حرس الحدود السعودية في ضبط الحدود السعودية - العراقية التي يصل طولها إلى مئات الكيلومترات (812 كيلومترا) خلال ذروة نشاط «القاعدة في العراق» وذلك بمنع التسلل عبرها، فإن ذلك لم يمنع من التفكير الجدي بخطوات أخرى من شأنها الحيلولة دون حدوث هجرة عكسية لعناصر التنظيم لأراضيها أو تسلل المتعاطفين منها إلى العراق، لذا عمدت سلطات الحدود السعودية إلى نشر أبراج المراقبة الحدودية التي تحتوي على أحدث أنظمة المراقبة المتقدمة من رادارات وكاميرات مراقبة نهارية وليلية تعمل بنظام الأشعة تحت الحمراء على مدار الـ24 ساعة.
وفضلا عن كل تلك الإجراءات المتبعة من أجل إحكام السيطرة عليها، فهناك مشروع السياج الأمني الحدودي، الذي وقفت عليه «الشرق الأوسط» كأول صحيفة تطلع على تفاصيله ميدانيا، وهو سياج ضخم تم البدء في إنشائه منذ أكثر من عام، ويتوقع الانتهاء منه في غضون الأشهر المقبلة.
* السعودية.. دولة بحدود قارة (1)
* النتيجة الأولية للسياج الأمني بدت «مفاجئة»، لكنها «متوقعة». فكل الأرقام تشير إلى انخفاض كبير في أعداد محاولات التسلل التي تم ضبطها قبل دخولها الأراضي السعودية.. والفضل في ذلك يعود إلى تركيبة السياج الأمني الذي يناهز ارتفاعه المترين ونصف المتر ويتكون من 3 طبقات، كل طبقة تتكون من مجموعة من الأسلاك الشائكة الملتفة حول بعضها، التي تجعل من اجتيازه مهمة صعبة جدا. وهذه تعتبر المرحلة الأولى من السياج الذي سيعزز فيما بعد بأحدث تقنيات المراقبة والكاميرات التي ستربط مباشرة بالقطاعات التي تتولى كل منها تأمين حدود مسؤوليتها مع الجانب العراقي.
وتعمل الجهات المختصة في السعودية على نشر السياج الأمني الحدودي على طول حدودها مع العراق، التي تشهد اضطرابا أمنيا وحالة من عدم الاستقرار منذ سقوط النظام العراقي السابق. وحتى عام 2003، لم يكن الإرهاب العابر للحدود، هاجسا لدى الحكومة السعودية من ناحية العراق، باعتبار أنه في ذلك الوقت كان بلدا مستقرا نسبيا من الناحية الأمنية.
لكن المخاوف التي كانت تأتي من ذلك البلد نابعة من الارتداد البشري لسكان حدوده المتاخمة للسعودية، نتيجة الحصار الاقتصادي الذي كان مفروضا عليه، قبل سقوط نظام صدام حسين.
ولاحظت «الشرق الأوسط» خلال وجودها في منفذ جديدة عرعر الحدودي، وجودا لمركز واحد من الجانب العراقي، بينما كان هناك غياب ملحوظ للمراكز العراقية على طول الشريط الحدودي.
ويمكن تقسيم توجهات المتسللين والمهربين القادمين من العراق إلى السعودية إلى قسمين، القسم الأول يبحث عن لقمة العيش، وهؤلاء كانوا السواد الأعظم من الحالات التي تم ضبطها ما بعد عام 1991، حيث كان لهم امتداد يتمثل في اللاجئين العراقيين الذين استضافتهم الحكومة السعودية على نفقتها في مرحلة ما بعد حرب الخليج الثانية.
أما القسم الثاني للمتسللين، فهم الذين يعمدون إلى تهريب السلاح والمخدرات إلى أراضي السعودية.
وكانت المتاجرة بالسلاح وتهريبه هي العنوان الأبرز للحالات التي ضبطتها قوات حرس الحدود السعودية في عهد الرئيس الراحل صدام حسين، باعتبار أنها كانت تجارة مربحة للمهربين.
غير أن الأمر في الوقت الراهن اختلف. فالسلاح الذي كان يجد في دول جوار العراق سوقا رائجة، باتت المتاجرة به في الداخل العراقي أكثر ربحية، وسط بروز عدد هائل من الميليشيات المسلحة في مرحلة ما بعد سقوط النظام السابق، فضلا عن تنظيم القاعدة الذي نشط على الأراضي العراقية، وبات تأمين الأسلحة له هدفا لاستمرارية نشاطه هناك.
ومما يعزز ذلك، الأرقام الرسمية التي كشفتها إحصائيات حرس الحدود السعودية، بعد عام من الاحتلال الأميركي للعراق، حيث كشفت تلك الأرقام أن نسبة المضبوط من السلاح خلال الفترة من 18 يوليو (تموز) 2004 وحتى 7 يوليو 2005، بلغ 24 قطعة سلاح فقط. واستمر انخفاض تهريب السلاح عام 2006، حتى وصل إلى 12 قطعة سلاح. أما اليوم فقد لا يجد السلاح طريقا إلى الأراضي السعودية إلا ما ندر.
يقول أحد من قاموا بمرافقة «الشرق الأوسط» على الحدود السعودية العراقية: «الآن.. المهربون في الجهة المقابلة يبحثون عما خف وزنه وغلا ثمنه، وهذا لا يتأتى إلا بتهريب المخدرات».
وتشير اعترافات المهربين الذين تم ضبطهم خلال محاولتهم عبور الحدود السعودية - العراقية إلى أن كميات المخدرات كافة التي تم ضبطها بحوزتهم خلال العام الماضي كانت تأتي عبر الأراضي الإيرانية، حيث إن من المعلوم أن العراق دولة عبور للمخدرات، وليس بلد منشأ لها.
وسواء كان الأمر يتعلق بتهريب مخدرات أو أسلحة، فإن المهربين يسعون بكل ما أوتوا من حيل إلى تضليل عناصر حرس الحدود عبر اعتمادهم بعض الأساليب لإخفاء آثار تسللهم إلى الأراضي السعودية.
وينتشر على طول الحدود السعودية - العراقية 28 مركزا حدوديا (مراكز استجابة) على الجانب السعودي، تتقاسم مسؤولية ضبط 812 كلم من الحدود بين الرياض وبغداد.
وأفاد الرائد فهد الشعلان، الناطق الإعلامي باسم قيادة حرس الحدود في منطقة الحدود الشمالية، الذي رافق «الشرق الأوسط» في كامل جولتها على الشريط الحدودي، بأنه تم إنجاز نحو ثلثي السياج الأمني الأمامي، بينما تم إنجاز 243 كيلومترا من السياج الأمني الخلفي على الحدود السعودية - العراقية.
وبدأت جولة «الشرق الأوسط» على الحدود السعودية - العراقية، من منفذ جديدة عرعر الحدودي، الذي أغلقته السلطات السعودية إبان احتلال العراق للكويت عام 1990.
وتقوم السعودية بفتح منفذ جديدة عرعر الحدودي أمام الحجاج العراقيين كل عام. لكنها تفرض وجودا لقوات حرس الحدود في المنطقة المحصورة بين جمركي البلدين، وذلك لفرز الحجاج العراقيين المخالفين، تحوطا لأي محاولات دخول غير مشروعة عبر الحدود السعودية.
وتتحمل قوات حرس الحدود السعودية، مهمة ضبط الحدود مع العراق بنسبة كبيرة جدا، وخصوصا بعد سقوط بغداد بأيدي القوات الأميركية، وما رافقها من قرارات للحاكم المدني بول بريمر بحل الجيش العراقي، مما أدى إلى غياب الأمن في العراق بشكل كامل، فضلا عن الحدود التي بات فراغها من الوجود الأمني والعسكري يشكل خطرا على دول الجوار كافة، والسعودية على وجه الخصوص.
وحصلت السعودية، خلال الفترة التي عانى فيها العراق فراغا أمنيا ملحوظا، على شهادات هامة من مسؤولين عراقيين، لناحية ضبط الحدود معها، ومنع حالات تسلل عناصر «القاعدة» والمتعاطفين معها من وإلى البلدين، التي نشطت خلال تشكل فرع للتنظيم في بلاد الرافدين.
وتنشر السلطات السعودية في شكل عشرات من المراكز على حدودها مع العراق يعمل فيها مئات من أفراد وضباط حرس الحدود، وذلك لضبط الحالة الأمنية على الشريط الحدودي.
وعززت حكومة الرياض من قدرات قوات حرس الحدود بشكل عام، وتلك العاملة على الحدود السعودية - العراقية بشكل خاص، حيث تم تزويد تلك المراكز بكاميرات مراقبة حرارية لتعمل على رصد أي تجاوز للمتسللين، سواء كانوا مهربين أو مخالفين، أو من عناصر تنظيم القاعدة.
وأمام ذلك، يؤكد اللواء علي نزال العنزي، قائد حرس الحدود في منطقة الحدود الشمالية، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن كلا من إرهاب «القاعدة»، وتهريب المخدرات، وتهريب السلاح، «يمثل خطورة كبيرة تحتم الجدية القصوى في مواجهته»، مضيفا أن «جميع تلك الإخطار مرتبطة ببعضها ارتباطا وثيقا، فلا يوجد خطر بمعزل عن الآخر، وبالتالي كلها على نفس الدرجة من الخطورة سواء على الحدود السعودية - العراقية أو أي حدود متاخمة لدولة أخرى».
ولم يشأ قائد حرس الحدود في منطقة الحدود الشمالية، أن يربط بين أعمال العنف التي شهدتها الأراضي العراقية بعد سقوط نظام صدام حسين وخطوة الحكومة السعودية بإنشاء السياج الأمني، حيث إنه اعتبر أن «مشروع السياج الأمني نتيجة لتخطيط مسبق ورؤى مخطط لها دون النظر إلى ما حدث ويحدث في دول الجوار»، كاشفا عن أن «المأمول تنفيذ مثل هذا السياج على كل حدود المملكة».
وفي معرض حديثه عن الهدف من وراء إنشاء السياج الأمني على الحدود السعودية - العراقية، أشار إلى أن الهدف هو الوصول إلى أعلى درجات المأمونية على الحدود.
وتمتد مسافة حرم الحدود السعودية من العلامات الحدودية الدولية إلى مسافة 10 كيلومترات داخل نطاق الأراضي السعودية، محاطة بساترين ترابيين داخل نطاق الحدود السعودية، بالإضافة إلى مشروع السياج الأمني.
وبدت النتائج الأولية التي رافقت اكتمال الكثير من أجزاء مشروع السياج الأمني «إيجابية».
يقول قائد حرس الحدود في منطقة الحدود الشمالية لـ«الشرق الأوسط»، في تدليله على إسهام السياج الأمني في خفض أعداد محاولات التسلل «في قطاع الشعبة مثلا، شهدت الفترة من 28 ديسمبر (كانون الأول) 2008، إلى 13 أكتوبر (تشرين الأول) 2009، حدوث 278 محاولة تسلل، بينما لم تشهد الفترة الممتدة من نهاية ذلك التاريخ حتى 26 يونيو (حزيران) 2010 سوى 16 محاولة تسلل، ومحاولة تهريب واحدة».
واعتبر اللواء علي نزال العنزي، النتيجة التي حققها بناء السياج الأمني «رائعة»، وقال إنها «تدل دلالة واضحة على تأثير السياج الأمني في انخفاض معدلات محاولات التسلل والتهريب»، مضيفا أن «من المأمول عند اكتمال العمل في المشروع واكتمال التقنية فرض المزيد من السيطرة الأمنية». وتوقع قائد حرس الحدود في منطقة الحدود الشمالية، أن يتم الانتهاء من أعمال السياج الأمني وبنائه خلال الفترة القليلة القادمة. وقال إن «العمل قائم على قدم وساق ليتم الإنجاز في أسرع وقت ممكن». ويستغل المهربون والمتسللون في الوقت الحالي، خلال فترة بناء السياج الأمني، بعض المناطق التي لم يكتمل فيها بناء السياج، لمحاولة النفاذ عبرها إلى الأراضي السعودية.
ويتداول رجال حرس الحدود الذين يعملون على الشريط الحدودي الشمالي للبلاد طرفة في هذا الوقت، تفيد بأن المهربين يشترطون على سيارات الأجرة التي توصلهم إلى آخر نقطة على الجانب العراقي أن يكون في حوزتها «مقص حديدي» لخرق السياج الذي تعمل على إنشائه السعودية.
ويعمد المهربون والمتسللون، من الجانب العراقي، للجوء إلى عدد من الأساليب والحيل التي يطمحون عبرها إلى تضليل قوات حرس الحدود عن اقتفاء آثارهم.
وأطلعت «الشرق الأوسط» على بعض الأساليب التي يلجأ إليها المهربون لإخفاء آثارهم، منها ما يسمى بـ«الأحذية الإسفنجية»، التي لا تترك أثرا يذكر للمهرب، غير أن الخبرة التي اكتسبها العاملون في حرس الحدود تتيح لهم معرفة الآثار التي تتركه تلك الأحذية، بدليل احتفاظهم بالعشرات منها بعد القبض على من كانوا يرتدونها.
وتجري دوريات حرس الحدود، على مدار اليوم، ما يسمى بـ«المسحيات» لكامل الحدود السعودية - العراقية، وذلك بغية اقتفاء أثر من ينجحون في تجاوز الحدود السعودية.. ولكن حتى بعد اجتياز المتسلل أو المهرب أراضي المنطقة الحدودية لا تتوقف عمليات اقتفاء الأثر، وفقا لما ذكره قائد قطاع الشعبة الحدودي، المقدم نايف السبيعي، الذي أكد أن بعض المتسللين تمت الإطاحة بهم بعد يومين من دخولهم الأراضي السعودية. وحول كيفية التعامل مع المهربين أو المتسللين، بعد إلقاء القبض عليهم، يشير الناطق الإعلامي لقطاع حرس الحدود في منطقة الحدود الشمالية إلى أنه يتم التحقيق معهم وتسليمهم إلى الجهات المعنية لاستكمال الإجراءات النظامية في حقهم. ويختلف مَن تلقي سلطات الحدود السعودية إلقاء القبض عليهم باختلاف الدور المناط به، فهناك متسللون ومهربون ومخالفون، بالإضافة إلى المستقبلين الذين يكونون في انتظار هؤلاء داخل السعودية.
ومن ضمن المضبوطات التي تم التحفظ عليها مع المخالفين «حشيش، ومسكرات، وحبوب مخدرة، وأسلحة، وذخائر، ونواظير، ومركبات، وأجهزة اتصال، وأجهزة ملاحة»، كما تم التحفظ على مبالغ مالية من الريالات السعودية والدولارات الأميركية، والدنانير العراقية والكويتية والأردنية. وهنا، يشير قائد قطاع الشعبة الحدودي إلى أن التحقيقات التي أجريت مع المهربين كشفت أن بعض مهام التهريب الموكلة إليهم يتقاضون عنها مبالغ تصل إلى 3 آلاف دولار أميركي. ويقول إن العصابات الإجرامية تحاول إيهام المهربين بأن الطريق أمامهم مفتوح، ليفاجأوا بعد ذلك بالتعزيزات الأمنية التي تحول دون إتمامهم مهماتهم.
وتتبع قيادة حرس الحدود في منطقة الحدود الشمالية 5 قطاعات حدودية، هي: قطاع الشعبة، وقطاع رفحاء، وقطاع العويقلية، وقطاع الجديدة، وقطاع طريف، تتبعها مجتمعة 72 دورية خلفية، تقوم بعمليات مراقبة للحدود على مدار الساعة.
«الشرق الأوسط» قامت بزيارة خلال جولتها على الحدود السعودية - العراقية لقطاع الشعبة، الذي يعد من أهم القطاعات التي يعول عليها في ضبط حالات التسلل، كونها قريبة من المدن الحدودية بين الجانبين السعودي والعراقي، وتعتبر منطقة مفضلة للمهربين والمتسللين. وتتبع قيادة قطاع الشعبة مجموعة من أبراج المراقبة تغطي حدود مسؤوليتها التي تبلغ 121 كيلومترا، وتحتوي على مجموعة من الرادارات والكاميرات لرصد عمليات التسلل. وتوجد داخل قيادة قطاع الشعبة - كما في القطاعات الأخرى - غرفة خاصة بالقيادة والسيطرة ترتبط بكل أبراج المراقبة التي تنشرها في قطاع مسؤوليتها لمراقبة الحدود، وإعطاء إشارة في حال وجود محاولة للتسلل عبر تلك المنطقة.
وشاهدت «الشرق الأوسط» خلال زيارتها مركز القيادة والسيطرة، عملية افتراضية للقبض على متسلل، تم رصده عبر أحد الرادارات، وتوجيه دورية من الدوريات الـ13 التابعة لها، لإلقاء القبض عليه. وترتبط قيادة حرس الحدود في منطقة الحدود الشمالية بالمديرية العامة لحرس الحدود بالرياض وبوزارة الداخلية السعودية مباشرة، عبر مشروع الألياف البصرية.
وسبق للأمير محمد بن نايف، مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، أن قام باتصال مرئي مع غرفة القيادة والسيطرة لقطاع الشعبة، وأطلع على كل الأعمال القائمة الخاصة بتأمين الحدود السعودية.
وهنا، يؤكد قائد حرس الحدود في منطقة الحدود الشمالية أهمية «الاستفادة المثلى من هذه التقنية من خلال تسخيرها في إحكام السيطرة الأمنية». وأوضح أن مشروع السياج الأمني، يعد إنفاذا لتوجهات القيادة السياسية لجلب التقنية واستخدامها وتوطينها.. وأفاد بأن قطاع حرس الحدود في منطقة الحدود الشمالية بدأ يلمس في المواقع التي تم انتهاء العمل فيها انحسارا كبيرا في محاولات التهريب والتسلل، كما قال إن هناك تأثيرا واضحا وملموسا على تنمية القوى البشرية بحرس الحدود من خلال الدورات التي تم إلحاق عدد كبير منهم بها، بينما ذكر أنه «يجرى حاليا تأهيل البقية حتى الوصول إلى تأهيل شامل لرجل حرس الحدود سواء من الناحية المعرفية أو المهارية وحتى طريقة التعامل مع حالات التهريب والتسلل».
ونوه قائد حرس الحدود في منطقة الحدود الشمالية باهتمام القيادة السياسية بمشروع السياج الأمني، ممثلة بخادم الحرمين وولي عهده والنائب الثاني وزير الداخلية ونائبه، منوها كذلك بالاهتمام الكبير من قبل مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الذي قال إنه «يبذل جهودا جبارة في متابعة أدق تفاصيل المشروع». ويحيط بمنطقة الحدود الشمالية الكثير من العوامل الطبيعية القاسية. وهنا تحدث قائد حرس الحدود في منطقة الحدود الشمالية بقوله: «كان وما زال رجل حرس الحدود يبذل الكثير من الجهد في ظل ظروف صعبة، وأقصد العوامل الطبيعية المتمثلة في الظروف المناخية وكذلك طبيعة وتضاريس بعض مناطق العمليات التي يمارس فيها عمله، وكان الاعتماد في السابق - وحتى اللحظة - على قص الأثر والتتبع والمسح المستمر لحدود المسؤولية وهناك سباق مضطرد بين رجل حرس الحدود والمهرب والمتسلل يلجأ من خلالها ذلك المهرب والمتسلل إلى ابتكار الطرق والأساليب التي تقلل من فرص اكتشاف أثره في وقت مبكر».
غير أنه اعتبر أن مشروع السياج الأمني والتقنيات المستخدمة فيه، ستسهم في «إحكام السيطرة الأمنية مما سيسهم في القضاء على محاولات التهريب والتسلل».
وأضاف اللواء العنزي خلال حديثه عن أهمية المشروع: «باختصار.. إننا نتوقع أن تكون هناك نقلة نوعية لعمل حرس الحدود بكل جوانبه بالاستفادة من أحدث ما وصلت إليه التقنيات، كما أنه سيتحقق المزيد من الرضا الوظيفي لرجل حرس الحدود الذي سيعمل في أجواء وظروف أكثر ملاءمة، فهناك وحدات سكنية في كل قطاع تتوفر فيها كل الخدمات الضرورية وكل ذلك يصب في مصلحة العمل من خلال دفع رجل حرس الحدود إلى الأداء بحماس ونشاط متقد».
ويبدو أن هناك الكثير من مكامن الخطر القادمة من العراق دفعت بإنشاء سياج أمني على طول مئات الكيلومترات، فضلا عن الاعتماد على عشرات الأبراج المراقبة وكاميرات نهارية وليلية ورادارات.
وقال قائد حرس الحدود في منطقة الحدود الشمالية أمام ذلك: «إن هناك رغبة حقيقية وجادة في فرض طوق أمني محكم على كامل الحدود، فكما تعلم أن السعودية مستهدفة، والدليل على ذلك ما يتم اعتراضه من محاولات التسلل وضبطه من المخدرات والأسلحة، وكل ذلك خطر داهم يجب مواجهته والتصدي له بكل قوة وحزم وهو ما دفع ويدفع لبذل المزيد في سبيل تأمين الحدود».
وبنظرة عامة على الأسلوب الحالي في حماية ومراقبة الحدود وقبل اكتمال بناء السياج الأمني ومنظومة أبراج المراقبة الإلكترونية الجديدة، فإنه يعتمد بشكل أساسي على دوريات المراقبة المتحركة على خط الحدود على مدار الـ24 ساعة.
وفي معرض حديثه حول خطط حرس الحدود المستقبلية في مواكبة واستباق محاولات المهربين والمتسللين من أساليب خاصة بتضليل القوات الخاصة بحفظ أمن الحدود، أفاد اللواء العنزي بقوله: «إن هناك تقييما مستمرا من خلال دراسة الخطط وتطويرها ومعرفة تأثير التقنية من خلال معطيات الوضع في الميدان (جس نبض العمل الميداني) وتغيير الخطط وفقا لما يتطلبه الموقف».
يشار إلى أن منطقة الحدود الشمالية التي يبنى فيها مشروع السياج الأمني تقع في أقصى شمال السعودية، وهي تمتد على طول الحدود الدولية للعراق والأردن، وتغطي تقريبا 125 ألف كيلومتر مربع، أي ما يمثل 5.6 في المائة من إجمالي السعودية.
وتتكون منطقة الحدود الشمالية من منطقتين رئيسيتين هما: رفحا والطريف، بالإضافة إلى مركز المنطقة وهي مدينة عرعر، وهناك 18 مركزا إداريا في المنطقة، وعدد سكانها نحو 271 ألف نسمة.
والموقع الاستراتيجي للمنطقة يجعلها من أهم الممرات الدولية في السعودية، فهي تقع على الطريق الرابط بين دول الخليج العربي والأردن وسورية ولبنان، ويعتبر خط أنابيب النفط (خط حنفية) الذي يمر في المنطقة شريان حياة منطقة الحدود الشمالية، التي تزخر أيضا ببعض الثروة المعدنية والمصانع التي تنتج المواد الإنشائية والمواد الكيماوية والبلاستيك.
وطرحت وزارة الداخلية مشروع بناء السياج الأمني على حدود البلاد الشمالية في مناقصة عامة، وهو يأتي كمرحلة أولى في المشروع التطويري لقوات حرس الحدود السعودية، ويختص ببناء أسيجة فاصلة على الحدود السعودية المتاخمة للمناطق الشمالية منها، ودعمها بتقنيات متطورة لمساندة قوات حرس الحدود في كشف أي محاولات للتسلل من وإلى الأراضي السعودية.
وطبقا لتأكيدات المسؤولين الأمنيين في السعودية، فإن خطة التطوير تشمل كل قوات حرس الحدود في السعودية بشكل عام لتحديث المعدات المستخدمة في تنفيذ مهامها، فضلا عن وجود خطة بالاستعانة بالطائرات بغرض مراقبة الحدود السعودية المشتركة مع دول الجوار من الجو.
www.alwatanvoice.com/arabic/news/2010/07/24/151944.html