الميزانيات العسكرية لا تعرف الأزمة الاقتصادية .

night fury

عضو
إنضم
23 مارس 2008
المشاركات
4,508
التفاعل
1,268 1 0
الدولة
Jordan
. .من قال قبل أسبوع من إعلان خفضه لتقاعد الشعب الفرنسي: «السعي في مجالات الدفاع لن يتوقف « ؟ لقد حزرتم ! بالنسبة إلى ساركوزي، كما بالنسبة إلى باقي قادة الدول الكبرى، إذا كانت الأزمة الاقتصادية تستخدم كتبرير لتقليص الميزانيات المخصصة لمجالات الصحة والتعليم والتقاعد، فبالمقابل، مما لا شك فيه هو النية بعدم الاقتراب من الميزانيات المخصصة للتسلح. هيا لنجري بحثاً حول ميزانيات الموت هذه.
1244 مليار يورو! أي زيادة بمقدار %50 عما كانت عليه قبل 10 سنوات. إن النفقات العسكرية العالمية قد بلغت ذروة جديدة في عام 2009. فالولايات المتحدة الأمريكية تخصص لوحدها %43 من ميزانيتها لهذه النفقات. أما فرنسا والتي هي في المرتبة الثالثة فقد خصصت لهذه النفقات ما يعادل 40% من ديونها دون أن يكون هذا الاختيار الميزاني قابل للنقاش.
في شهر أيار ومن قلب العاصمة اليونانية، فقد أكدت وزيرة الاقتصاد الفرنسية، كريستين لاغارد Christine Lagarde ، أمام النواب بأنها ستكون «حذرة للغاية» أمام تطبيق إجراءات التقشف المتخذة من قبل حكومة باباندريو Papandréou في مقابل «خطة المساعدة» المقترحة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. منذ ذلك الحين وبثمن التضحيات الغير مسبقة المفروضة على الشعب اليوناني ) تجميد رواتب التقاعد لموظفي وعمال القطاع الخاص، إلغاء مكافأة الشهر 14 لعمال القطاع العام مع قطع 30% من الشهر 13، زيادة ضريبة القيمة المضافة، زيادة أسعار المحروقات... الخ( ، استطاعت الأسواق المالية إظهار ارتياحها. فلقد أعلنت اليونان في 10 حزيران الماضي بأنها تجاوزت أهدافها في تخفيض العجز العام في الخمسة أشهر الأولى من السنة، حيث بلغ العجز 8.97 مليار يورو من كانون الثاني حتى أيار، في مقابل 14.65 مليار خلال الخمسة أشهر الأولى لعام 2009.
بالرغم من «الحذر» الشديد لكريستين لاغارد، فان الحكومة الفرنسية لن تتنازل عن كرمها تجاه عقود التسلح. فباريس تفاوض الحكومة اليونانية لبيعها 6 فرقاطات متعددة المهام FREMM)بسعر 2.5 مليار يورو(، المنتجة من قبل شركة EADS وريثة الترسانات الفرنسية، والتي تساهم فيها الدولة بنسبة .74% طبعاً دون نسيان التسليم المتوقع ل 15 هليكوبتر من طراز EC725 المصنعة من قبل أوروكوبتر Eurocopter، وهي فرع مستقل في شركة EADS. )تنوي فرنسا تزويد اليونان بأسلحة تبلغ قيمتها عدة مليارات يورو، مأخوذ من موقع لوبوان lepoint.fr،7 حزيران (2010 .
في شهر آذار وبخصوص هذا الموضوع، سأل فرنسوا كورنو-جونتيه François Cornut-Gentille ، النائب عن حزب اتحاد الحركة الشعبية UMP)اليمين الوسط، المترجم) وزير الدفاع هيرفيه موران Hervé Morin، ليس قلقاً من هذا الحمل الثقيل لعقود التسلح على النفقات العامة اليونانية، وإنما من اجل التأكد بأن المساهمين اليونانيين سيستمرون بدعم «المردودية المالية للبرامج المتعددة» الفرنسية. ولقد كان جواب هيرفيه موران كالتالي: «إذا قررت اليونان خفض ميزانية الدفاع إلى 6.6% في 2010، فسيتعلق الأمر بشكل أساسي في خفض «مخصصات الرواتب». نفس المنطق في ألمانيا، حيث وعدت خطة التقشف الغير مسبوقة التي أعلنتها أنجيلا ميركل Angela Merkel بخفض عدد أفراد القوات المسلحة 40000 جندي، دون التنازل عن عقود التسلح المتفق عليها مع اليونان.
على ما يبدو فان تجار المدافع لم تمر على رؤوسهم الأزمة الاقتصادية بما أن محصولهم في عام 2009 كان أكثر من ممتاز ! هيا لنحكم: لقد كرس العالم في السنة الماضية 1244 مليار يورو للمجال الحربي، أي ما يعادل تقريباً دين الحكومة الفرنسية. بالأسعار الثابتة وبحسب التقرير الذي نشره لتوه المعهد الدولي للأبحاث من اجل السلام في ستوكهولم سيبري (Sipri)، فان الزيادة في ميزانية المجال الحربي تصل إلى 5.9% نسبة لعام 2008 و… 49% نسبة لعام 2000 !!
إن المحرك الأساسي لهذا الانفجار، ليس فقط الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تجاوزت ميزانيتها المخصصة للحرب في أفغانستان وللمرة الأولى في عام 2010 تلك المخصصة للحرب في العراق (65 مليار دولار في مقابل 61)، ولكن أيضاً الصين، روسيا، الهند والبرازيل، «حيث النفقات العسكرية تشكل خياراً استراتيجياً على المدى البعيد يتمسكون به حتى في أثناء الأزمات الاقتصادية» كما أشار المعهد الدولي للأبحاث من اجل السلام سيبري Sipri .
تشكل ميزانية الولايات المتحدة الأمريكية لوحدها 43% من الميزانية الحربية الشاملة. «6 من أصل 10 أكبر شركات تسلح هي أمريكية حيث تحقق 60% من البيع العالمي للأسلحة»، كما أشار لذلك جان بول هيبر Jean-Paul Hébert ، الباحث في المركز المتعدد الاختصاصات للأبحاث عن السلام والدراسات الإستراتيجية في كلية الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية سيبري.ما هو الحافز الاستراتيجي لكي يتمتع قطاع تجارة الموت بهذه الصحة الوقحة ؟ «الأمن» كما يفسره أيضاً جان بول هيبير.
إن الولايات المتحدة، وباسم الأمن، تكثر من استخدام طائرات الدرون طائرات بدون طيار، بسعر يماثل سعر طائرة قتالية( في أفغانستان و باكستان)، وحيث تحاول فرنسا هناك إعادة نشر قواتها العسكرية. ويتابع قائلاً: «إن الدفاع الفرنسي أصبح في حالة من الانسياق النظري بشكل مثير للقلق للغاية. فالكتاب الأبيض عن الدفاع، المنشور قبل سنتين، كان بعنوان « الكتاب الأبيض حول الدفاع والأمن القومي». إلا أن ، الأمن، هو عبارة عن رؤية شمولية للعالم حيث ينعدم أمامها أي موضوع سياسي. هو ببساطة عبارة عن مجموعة تهديدات، عن مخاطر مرتبطة بالفيضانات وباستعمال قنبلة قذرة ما. إن الخطر الذي أراه بالنسبة إلى فرنسا هو بأن نغرق في سباق المهمات والمعدات والذي يساهم في الإكثار من خيارات الولايات المتحدة. إن وجودنا في أفغانستان لا يمثل شيئاً آخر غير هذا. ليس لدى فرنسا أية مصلحة للبقاء هناك. إنها تستهلك هناك رجالاً ومعدات مقابل ثمن سياسي هام جدا.»
إن نهاية هذا الخطاب الحربي والأمني ليست بقريبة إذا تابعنا أقوال ساركوزي التي أكدها في العاشر من حزيران في نهاية زيارته على حاملة الطائرات النووية «شارل دو غول»: «إن السعي في مجالات الدفاع لن يتوقف، وان هذه الحاملة سترحل هذا الخريف بمهمة إلى الخليج الفارسي، هذه المنطقة الخطرة المكونة من أفغانستان، باكستان وإيران: إن المهمات التي ستتمونها هناك هي حاسمة.» ثم أضاف الرئيس في أفغانستان بحزم «تقود فرنسا مع حلفائها الصراع ضد البربرية والبربر الذين يهددون بقلب منطقة شديدة الأهمية لتوازن وأمن العالم». وكان باستطاعته المتابعة بأنها كريمة جداً لتجار الأسلحة...
 
عودة
أعلى