كأن اللبنانيين لم يكفهم انكشاف أمنهم الاجتماعي والغذائي والاقتصادي والمالي، حتى يأتيهم الانكشاف الأمني، وهو الأخطر، فيجعل كل واحد منهم في دائرة الخطر، فكيف اذا كان الانكشاف أمام الإسرائيليين من خلال شبكات تجسس فيزيائية أو فنية.. تتيح للعدو أن يدخل الى معظم بيوت اللبنانيين ويراقب همســاتهم ويحدد أماكنهم وتنقلاتهم ويعطل اتصالاتهم أو يبرمجها؟
مع توقيف العميل (شربل ق.)، يتبين أن الإسرائيليين لم ولن يوقفوا «استثماراتهم»، لا على صعيد تجنيد العملاء والشبكات ولا من خلال تركيزهم، خاصة بعد التحرير في العام ألفين، على قطاع الاتصالات الحيوي جداً، وهو الأمر الذي يطرح علامات استفهام كبيرة حول حجم العملاء المزروعين في هذا القطاع، سواء في الشركات الخاصة أو حتى في بعض المؤسسات الرسمية، في الشبكة الخلوية أم في الشبكة الثابتة؟
يطرح هذا الموضوع، أيضاً، أسئلة كبيرة حول أشخاص آخرين أوقفوا وكانوا يتاجرون بالخطوط أو حول قضية فتحت وسرعان ما أقفلت وهي قضية محطة الباروك التي كان الإسرائيليون من خلالها يتحكمون بـ«داتا» المعلومات في قطاع الانترنت.
أيضاً يصبح السؤال مشروعاً حول حقيقة الدور الذي لعبته المديرة التنفيذية لشركة «ألفا» الهولندية انيكي بوتر التي تمكنت من الفرار من لبنان في نهاية عام 2007 قبل ساعات من تنفيذ أمر إلقاء القبض عليها...
في التفاصيل، أظهرت الاعترافات الأولية للموظف في شركة «ألفا» شربل ق. ليس تعامله مع «الموساد» الإسرائيلي وحسب، بل فداحة الأعمال التي قام بها طيلة 14 سنة من التعامل مع الإسرائيليين، من خلال وظيفته في قطاع الاتصالات، سواء في الشركة التي كان يعمل فيها حتى لحظة توقيفه مساء يوم الخميس الماضي أو قبلها في وزارة الاتصالات، وهو الأمر الذي جعل مراجع أمنية لبنانية تؤكد لـ«السفير» أننا أمام أكثر من صيد ثمين لا بل نحن أمام كنز ثمين جداً من حيث الخدمات والمعلومات التي كان يقدمها طوال هذه السنوات للإسرائيليين.
وفي التفاصيل، أن مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، وبناءً على معلومات أولية تقاطعت من غير مصدر، تمكنت من تحقيق إنجاز أمني من خلال رصدها المدعو شربل ق. وهو من مواليد عام 1954 علمان ـ الشوف، وعندما باتت تملك أدلة حول تعامله، قررت بالتنسيق مع قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي، ومع النيابة العامة، توقيفه، حيث سارع الى الاعتراف بتعامله مع «الموساد» الإسرائيلي منذ العام 1996.
وعلى الفور، أعطت النيابة العامة إذنا لمديرية المخابرات في الجيش بمداهمة مبنى شركة «الفا» في الشيفروليه في فرن الشباك صباح يوم الجمعة الماضي، وتمت مصادرة جهاز الكومبيوتر الذي كان شربل يستخدمه، كما تمت مصادرة وثائق من سيارته ومكتبه، بالإضافة الى وسائل للاتصال يجري فحصها حالياً من قبل فنيين في الجيش اللبناني.
وقد أظهرت التحقيقات الأولية مع شربل أنه ومن خلال موقعه الحساس جداً في شركة «ألفا» مكّن العدو الاسرائيلي من الدخول الى شبكة الاتصالات الخلوية والتنصت ورصد أشخاص، وهو الأمر الذي جعله يقدم خلال «حرب تموز» 2006 خدمات لا توصف للإسرائيليين، كونه كان يستطيع تحديد مكان وجود أي شخص حامل لخط «ألفا» على كل الأراضي اللبنانية وكذلك الوصول الى الأسماء والأرقام والعناوين والسيَر الشخصية الخ... فضلاً عما كان يتيحه له تحكمه الفني بالإرسال والترددات من تقديمه.
ما هو الموقع الذي كان يشغله شربل في «ألفا»؟
يقول موظفون في الشركة إن شربل كان مسؤولاً عن قسم الـ«بي تي اس» (BTS)، وهو القسم الذي تمر به المرحلة الأولى من كل الاتصالات عبر هذه الشركة، ومنه يمكن التحكم بأكثر من 650 محطة إرسال تابعة للشركة المذكورة في جميع المناطق اللبنانية، كونه هو القاعدة التي تتولى توصيلهم ببعضهم البعض، ويستطيع من خلال عمله أن يحدد موقع أي خط على هذه الشبكة، ليس في منطقة وحسب بل في أضيق نطاق ممكن (مجمع سكني)، وكان يستطيع أن يعرف من أي «ريليه» يأخذ الخط نفسه الإرسال، ذلك أنه كلما تحرك حامل الخط من منطقة الى أخرى تتغير المحطة التي تؤمن له الإرسال، حتى ولو لم يكن يجري محادثة.
وقد أظهرت التحقيقات الأولية مع شربل أن الإسرائيلي كلفه بزرع أجهزة فنية في كل المحطات التابعة للشركة، ومن خلالها أمكن تزويد الإسرائيليين بالترددات التي تعمل عليها المحطات المذكورة، الأمر الذي يجعل الاسرائيلي قادراً على التحكم بكل مسار عملية الاتصالات الخلوية في الشركة المذكورة، لا بل «يمكن القول إن «الموساد» الإسرائيلي أصبح له شبه سيطرة فنية على شركة «ألفا» بفضل شربل والأدوار الفنية التي كان يقوم بها ضمن «مسرح عمله الفضفاض» على حد تعبير مصادر أمنية لبنانية.
ويحاول المحققون الوصول الى معرفة من هم شركاء شربل في هذه العملية، ذلك أن أكثر من خبير فني أشار الى أن الموقوف ربما يكون شبكة بحد ذاتها وربما يكون جزءاً من منظومة أو شبكة أكبر... والسبب أن شربل بمقدوره الوصول الى التنصت والتسجيلات إذا كان شريكاً مع شخص آخر، أو اشخاص آخرين، وهناك ترجيحات بأنه استطاع التنصت على خطوط معينة خلال «حرب تموز»، مثلما كان بمقدوره تعطيل أي هوائي إرسال وكذلك تشغيله، فضلاً عن برمجة الخطوط، كونه كان معبراً إلزامياً لكل عملية الاتصالات في الشركة المذكورة.
وقال وزير الاتصالات شربل نحاس لـ«السفير» إنه عرف باكتشاف المشتبه به من خلال وسائل الإعلام، لافتاً الانتباه الى انه جرى الاستفسار حول الامر من شركة «ألفا» التي أكدت نبأ توقيف الموظف يوم الخميس الماضي، فأبلغناها بأننا نستغرب عدم مبادرتها الى إطلاعنا على الموضوع في حينه، مشيراً الى انه لاحظ أن الشركة مربكة.
وأوضح نحاس أن الموظف الموقوف قديم في هذا القطاع، ويمارس عمله منذ أيام شركة «سيليس»، وكان في السابق موظفاً في وزارة الاتصالات، مشيراً الى انه ليس من موظفي الصف الأول في شركة «ألفا» (أي ليس مديراً)، بل هو تقني (رئيس قسم)، من دون ان يعني ذلك التقليل من أهمية المعلومات التي ربما يكون قد حصل عليها.
وقال نحاس إنه يهتم بالموضوع من زاوية ان هناك عقد إدارة بين الدولة اللبنانية وشركة «ألفا»، ونحن يهمنا ان تكون الجهات التي نتعاطى معها محصنة وغير مخترقة.
"السفير"
http://www.alwatanvoice.com/arabic/content-150824.html
مع توقيف العميل (شربل ق.)، يتبين أن الإسرائيليين لم ولن يوقفوا «استثماراتهم»، لا على صعيد تجنيد العملاء والشبكات ولا من خلال تركيزهم، خاصة بعد التحرير في العام ألفين، على قطاع الاتصالات الحيوي جداً، وهو الأمر الذي يطرح علامات استفهام كبيرة حول حجم العملاء المزروعين في هذا القطاع، سواء في الشركات الخاصة أو حتى في بعض المؤسسات الرسمية، في الشبكة الخلوية أم في الشبكة الثابتة؟
يطرح هذا الموضوع، أيضاً، أسئلة كبيرة حول أشخاص آخرين أوقفوا وكانوا يتاجرون بالخطوط أو حول قضية فتحت وسرعان ما أقفلت وهي قضية محطة الباروك التي كان الإسرائيليون من خلالها يتحكمون بـ«داتا» المعلومات في قطاع الانترنت.
أيضاً يصبح السؤال مشروعاً حول حقيقة الدور الذي لعبته المديرة التنفيذية لشركة «ألفا» الهولندية انيكي بوتر التي تمكنت من الفرار من لبنان في نهاية عام 2007 قبل ساعات من تنفيذ أمر إلقاء القبض عليها...
في التفاصيل، أظهرت الاعترافات الأولية للموظف في شركة «ألفا» شربل ق. ليس تعامله مع «الموساد» الإسرائيلي وحسب، بل فداحة الأعمال التي قام بها طيلة 14 سنة من التعامل مع الإسرائيليين، من خلال وظيفته في قطاع الاتصالات، سواء في الشركة التي كان يعمل فيها حتى لحظة توقيفه مساء يوم الخميس الماضي أو قبلها في وزارة الاتصالات، وهو الأمر الذي جعل مراجع أمنية لبنانية تؤكد لـ«السفير» أننا أمام أكثر من صيد ثمين لا بل نحن أمام كنز ثمين جداً من حيث الخدمات والمعلومات التي كان يقدمها طوال هذه السنوات للإسرائيليين.
وفي التفاصيل، أن مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، وبناءً على معلومات أولية تقاطعت من غير مصدر، تمكنت من تحقيق إنجاز أمني من خلال رصدها المدعو شربل ق. وهو من مواليد عام 1954 علمان ـ الشوف، وعندما باتت تملك أدلة حول تعامله، قررت بالتنسيق مع قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي، ومع النيابة العامة، توقيفه، حيث سارع الى الاعتراف بتعامله مع «الموساد» الإسرائيلي منذ العام 1996.
وعلى الفور، أعطت النيابة العامة إذنا لمديرية المخابرات في الجيش بمداهمة مبنى شركة «الفا» في الشيفروليه في فرن الشباك صباح يوم الجمعة الماضي، وتمت مصادرة جهاز الكومبيوتر الذي كان شربل يستخدمه، كما تمت مصادرة وثائق من سيارته ومكتبه، بالإضافة الى وسائل للاتصال يجري فحصها حالياً من قبل فنيين في الجيش اللبناني.
وقد أظهرت التحقيقات الأولية مع شربل أنه ومن خلال موقعه الحساس جداً في شركة «ألفا» مكّن العدو الاسرائيلي من الدخول الى شبكة الاتصالات الخلوية والتنصت ورصد أشخاص، وهو الأمر الذي جعله يقدم خلال «حرب تموز» 2006 خدمات لا توصف للإسرائيليين، كونه كان يستطيع تحديد مكان وجود أي شخص حامل لخط «ألفا» على كل الأراضي اللبنانية وكذلك الوصول الى الأسماء والأرقام والعناوين والسيَر الشخصية الخ... فضلاً عما كان يتيحه له تحكمه الفني بالإرسال والترددات من تقديمه.
ما هو الموقع الذي كان يشغله شربل في «ألفا»؟
يقول موظفون في الشركة إن شربل كان مسؤولاً عن قسم الـ«بي تي اس» (BTS)، وهو القسم الذي تمر به المرحلة الأولى من كل الاتصالات عبر هذه الشركة، ومنه يمكن التحكم بأكثر من 650 محطة إرسال تابعة للشركة المذكورة في جميع المناطق اللبنانية، كونه هو القاعدة التي تتولى توصيلهم ببعضهم البعض، ويستطيع من خلال عمله أن يحدد موقع أي خط على هذه الشبكة، ليس في منطقة وحسب بل في أضيق نطاق ممكن (مجمع سكني)، وكان يستطيع أن يعرف من أي «ريليه» يأخذ الخط نفسه الإرسال، ذلك أنه كلما تحرك حامل الخط من منطقة الى أخرى تتغير المحطة التي تؤمن له الإرسال، حتى ولو لم يكن يجري محادثة.
وقد أظهرت التحقيقات الأولية مع شربل أن الإسرائيلي كلفه بزرع أجهزة فنية في كل المحطات التابعة للشركة، ومن خلالها أمكن تزويد الإسرائيليين بالترددات التي تعمل عليها المحطات المذكورة، الأمر الذي يجعل الاسرائيلي قادراً على التحكم بكل مسار عملية الاتصالات الخلوية في الشركة المذكورة، لا بل «يمكن القول إن «الموساد» الإسرائيلي أصبح له شبه سيطرة فنية على شركة «ألفا» بفضل شربل والأدوار الفنية التي كان يقوم بها ضمن «مسرح عمله الفضفاض» على حد تعبير مصادر أمنية لبنانية.
ويحاول المحققون الوصول الى معرفة من هم شركاء شربل في هذه العملية، ذلك أن أكثر من خبير فني أشار الى أن الموقوف ربما يكون شبكة بحد ذاتها وربما يكون جزءاً من منظومة أو شبكة أكبر... والسبب أن شربل بمقدوره الوصول الى التنصت والتسجيلات إذا كان شريكاً مع شخص آخر، أو اشخاص آخرين، وهناك ترجيحات بأنه استطاع التنصت على خطوط معينة خلال «حرب تموز»، مثلما كان بمقدوره تعطيل أي هوائي إرسال وكذلك تشغيله، فضلاً عن برمجة الخطوط، كونه كان معبراً إلزامياً لكل عملية الاتصالات في الشركة المذكورة.
وقال وزير الاتصالات شربل نحاس لـ«السفير» إنه عرف باكتشاف المشتبه به من خلال وسائل الإعلام، لافتاً الانتباه الى انه جرى الاستفسار حول الامر من شركة «ألفا» التي أكدت نبأ توقيف الموظف يوم الخميس الماضي، فأبلغناها بأننا نستغرب عدم مبادرتها الى إطلاعنا على الموضوع في حينه، مشيراً الى انه لاحظ أن الشركة مربكة.
وأوضح نحاس أن الموظف الموقوف قديم في هذا القطاع، ويمارس عمله منذ أيام شركة «سيليس»، وكان في السابق موظفاً في وزارة الاتصالات، مشيراً الى انه ليس من موظفي الصف الأول في شركة «ألفا» (أي ليس مديراً)، بل هو تقني (رئيس قسم)، من دون ان يعني ذلك التقليل من أهمية المعلومات التي ربما يكون قد حصل عليها.
وقال نحاس إنه يهتم بالموضوع من زاوية ان هناك عقد إدارة بين الدولة اللبنانية وشركة «ألفا»، ونحن يهمنا ان تكون الجهات التي نتعاطى معها محصنة وغير مخترقة.
"السفير"
http://www.alwatanvoice.com/arabic/content-150824.html