بعد 25 عاماً من توقيع اتفاقية كامب ديفيد..الأمة تعثر على الاستراتيجية البديلة!
يمر الآن 25 عاماً على توقيع الرئيس المصري أنور السادات على اتفاقيات كامب ديفيد، ولم تكن مصادفة أن تحل هذه الذكرى هذه الأيام، وأهم النواتج التي بنيت على كامب ديفيد أن اتفاقات أوسلو تشارف على نهايتها، بعدما أصدرت القيادة الصهيونية قرارها بطرد الرئيس عرفات، بما يعني إنهاء كل الاتفاقيات، وليست مصادفة أيضاً على الجانب الآخر أن تأتي ذكرى كامب ديفيد بينما دول الصمود والتصدي التي أعلنت أنها تتصدى للاتفاقية وجميعها في أسوأ وأخطر حال؛ فالعراق الذي رفع لواء المعارضة للاتفاقيات قد تم احتلاله على خلفية معارضته للخطة الأمريكية في المنطقة، وليبيا بدورها باتت في حالة سيئة حيث إنها لا تزال تسدد فواتير مواقفها؛ بل هي التي ذهبت إلى الجانب الأسوأ والأخطر على الأمة، أما سوريا؛ فهي الآن محاصرة ومهددة إلى درجة التلويح بالاحتلال العسكري على النمط العراقي، وإذا كانت ثمة ضرورة للإشارة إلى الموقف اليمني في القضية؛ فإن اليمن قدم كل ما هو مطلوب أمريكياً من تسهيلات للأمريكان ضمن خطة ضرب الحركات الجهادية التي تحاول الوقوف ضد مترتبات كامب ديفيد..
حصاد كامب مرير إذاً، سواء لمن مشى على خطي كامب ديفيد أو لمن وقف في وجهها وقت إعلانها، وهو ما يطرح فكرة أنها كانت بمثابة نقطة الانطلاق للوثوب على الأمة، أو مرحلة تحول خطيرة على مستقبل الأمة كلها..
والآن وفي هذه الذكرى وفي محاولة لإرساء نمط من التفكير الاستراتيجي؛ فإن الواجب الآن هو تقديم رؤية كلية للمضمون الاستراتيجي لأهداف كامب ديفيد والتغييرات الاستراتيجية التي حاولت إحداثها، والنتائج الفعلية لها بعد ما يربو على ربع قرن من التوقيع عليها. والأهم هو الإجابة عن السؤال الجوهري وهو: هل تمكنت الأمة من تحديد بديلٍ في المواجهة ليكون بديلاً عن استراتيجية كامب ديفيد؟ ذلك لأن السبب الرئيس الذي مكن كامب ديفيد من النجاح وتحقيق أهدافها لم يكن سوى افتقاد الأمة لطرح استراتيجية بديلة، ومن عاشوا تلك الأيام يتذكرون جيداً أن كل الذين أيدوا كامب ديفيد كانوا يطرحون سؤالاً دون إجابة من أحد: وما البديل؟ وكذلك فإن الذين تصدوا لكامب ديفيد لم يقدموا بديلاً، وكان أهم مؤشر لذلك أنهم شكلوا ما سُميت "جبهة الصمود والتصدي"!.
قبل كامب ديفيد مباشرة كانت الصورة الاستراتيجية لأوضاع الصراع في غاية الخطورة بالنسبة للكيان الصهيوني؛ فمن ناحية كانت صدمة حرب 73 في أوج تفاعلها بما حوته من نهاية مفهوم الأمن القومي الصهيوني – إذا جاز التعبير –، حيث انهارت نظرياته ومقوماته بحكم قيام الجيوش العربية بإثبات قدرتها على هزيمة الجيش الصهيوني الذي تحول للدفاع لأول مرة منذ قيام الكيان الصهيوني، ومن ناحية أخرى كانت صورة الوضع العربي قد جسدت إمكانيات خوض العرب حرباً مشتركة تقوم على خطة سياسية عسكرية موحدة ومفاجئة، حيث شاركت في الحرب كل الدول العربية، كما سخرت كل الإمكانيات العربية في المواجهة، وفي القلب منها سلاح البترول، وفي تلك المرحلة كان الكيان الصهيوني محاصراً بدول الطوق من كل جانب. كان التقدير الاستراتيجي لهذه المرحلة هو أن استمرار هذا الوضع إنما يمثل تهديداً مستقبلياً حقيقياً عليها، وأنه ينذر بتحول استراتيجي متصاعد لميلاد توحد عربي حقيقي وجذري، وهنا كان التغيير الاستراتيجي في الخطة الأمريكية والصهيونية من المواجهة العسكرية إلى خطة تفتيت الموقف العربي.
لقد استهدفت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني إنهاء هذا الوضع الاستراتيجي الذي تحقق، أي إعادة رسم الوضع الاستراتيجي بما يخرج الكيان الصهيوني من هذا المأزق، فمن خلال كامب ديفيد جرى إخراج مصر من المواجهة العسكرية المباشرة مع الكيان الصهيوني، وتبع ذلك الانتقال إلى تكسير عظام وتركيع الدول الأخرى بالانتقال من تكتيك إنهاء وحدة الموقف العربي، وفكرة تكوين دول الطوق حول الكيان الصهيوني، والانتقال إلى عملية استراتيجية لتفكيك الأمة كلها وإدخال الكيان الصهيوني داخل جسدها، وكان اختيار عقد هذا الاتفاق مع مصر واضحاً في هذا البعد الاستراتيجي، بسبب وزنها الأكبر والأهم في التأثير على الأمة وقدراتها، وكانت المبررات التي سيقت وقتها هي أن الدول العربية فشلت في إزالة الكيان الصهيوني، وأن إسرائيل قد أصبحت حقيقة واقعة بالنسبة للنظام العربي الرسمي، وأنه لم تعد هناك إمكانية عسكرية لإزالتها، وأنه لا بديل عن الاعتراف بها..إلخ.
ويبدو ضرورياً هنا طرح السؤال: لماذا كانت كامب ديفيد؟ أو: هل جاءت كامب ديفيد مفاجئة أو طارئة؟ والحقيقة أن كامب ديفيد جاءت كتطور طبيعي لاستراتيجية النظم العربية في المواجهة؛ فالنظرة الفاحصة للأساس الاستراتيجي للموقف الرسمي العربي بعد هزيمة عام 67 تظهر أن استراتيجيات النظم العربية قامت على أساس إنهاء نتائج 67، وليس إنهاء الكيان الصهيوني، وهو ما أتضح من قبول هذه الأنظمة لقرار 242 الذي شدد على الحدود المحتلة عام 67، وليس الأراضي المحتلة في عام 48 كما أتضح من خلال شعارات تحرير سيناء والجولان... إلخ. ومن ثم فإن هذه الاستراتيجية كانت بالفعل هي الأساس الممهد للقبول بكامب ديفيد.
ثمة وجهتا نظر في التعامل مع نتائج كامب ديفيد منذ بدايتها حتى الآن: وجهة النظر الأولى تركز على نتائج وتأثير هذه المعاهدة على الرأي الشعبي، ومواقف الشعوب؛ فتركز مثلاً على أن الشعب المصري لم يقبل على تطبيع العلاقات مع الصهاينة، وأن 25 عاماً مرت دون أن يتمكن العدو الصهيوني من التغلغل داخل الرأي العام المصري، ونفس الأمر بالنسبة للأردن، وأن لبنان وسوريا لا تزالا صامدتين.. إلخ. لكن ثمة وجهة نظر أخرى تنظر للأمر من زاوية الترتيب الاستراتيجي للمنطقة، ومن وجهة النظر هذه؛ فإنه يمكن القول بأن كامب ديفيد قد نجح من خلالها العدو في تحقيق جوانب استراتيجية يمكن إجمالها في إنهاء حصار الكيان الصهيوني سياسياً، وهو ما تحقق بقيام علاقات سياسية مع الحكم في مصر والأردن، ثم بناء علاقات سياسية مع كل من موريتانيا وقطر، ومن أن يحضر قادته لمناسبات سياسية أو اقتصادية في عدد آخر من الدول العربية، آخرها الحضور الإسرائيلي لمؤتمر صندوق النقد الدولي في دولة الإمارات، كما يمكن القول أيضاً: إن الكيان الصهيوني والولايات المتحدة اخترقا الوضع الاستراتيجي العربي الذي كان قد تحقق بعد حرب أكتوبر، وتم تفكيك وحدة الموقف العربي الذي تحول إلى جزر متفرقة، وأن كل التطورات التي جرت بعد ذلك في حرب الخليج كانت تطويراً للاختراق الأمريكي والصهيوني وليس العكس.
لقد جاءت كامب كامب ديفيد لتكون بمثابة إعلان بنهاية وفشل استراتيجية الحرب النظامية في المواجهة - التي اعتمدتها النظم الرسمية العربية-، حيث سارت تلك النظم بعدها جميعاً في طريق منحدرٍ رويداً رويداً إلى أن أجمعت كلها على ما سُمي بأن السلام خيار استراتيجي، وحيث انتهت فعلياً المواجهة الإسرائيلية السورية العسكرية في إطار الحرب النظامية، كما انتهت بعدها المواجهة الفلسطينية وفق نمط الحرب من الحدود، وجاء العدوان الأول على العراق، ثم الاحتلال؛ لتؤكد نهاية إمكانيات استخدام القوة النظامية المسلحة في الحروب ضد العدوان الأمريكي والصهيوني على الأمة، وهو نفس ما تأكد وفقاً لتجربة العدوان الأمريكي على أفغانستان، انتهت تلك الاستراتيجية لكن ذلك ورغم آلام حدوثه؛ قد فتح الطريق للمقاومة الشعبية الجهادية، وهو ما مثل البديل الجذري والحقيقي لأسلوب الحرب النظامية ولاستراتيجية الاعتراف الرسمي أو العملي بالكيان الصهيوني، والتي تطرح استراتيجيات وشعارات جذرية في المواجهة. وهذا هو الأهم في هذه المرحلة.
المصدر الاسلام اليوم
يمر الآن 25 عاماً على توقيع الرئيس المصري أنور السادات على اتفاقيات كامب ديفيد، ولم تكن مصادفة أن تحل هذه الذكرى هذه الأيام، وأهم النواتج التي بنيت على كامب ديفيد أن اتفاقات أوسلو تشارف على نهايتها، بعدما أصدرت القيادة الصهيونية قرارها بطرد الرئيس عرفات، بما يعني إنهاء كل الاتفاقيات، وليست مصادفة أيضاً على الجانب الآخر أن تأتي ذكرى كامب ديفيد بينما دول الصمود والتصدي التي أعلنت أنها تتصدى للاتفاقية وجميعها في أسوأ وأخطر حال؛ فالعراق الذي رفع لواء المعارضة للاتفاقيات قد تم احتلاله على خلفية معارضته للخطة الأمريكية في المنطقة، وليبيا بدورها باتت في حالة سيئة حيث إنها لا تزال تسدد فواتير مواقفها؛ بل هي التي ذهبت إلى الجانب الأسوأ والأخطر على الأمة، أما سوريا؛ فهي الآن محاصرة ومهددة إلى درجة التلويح بالاحتلال العسكري على النمط العراقي، وإذا كانت ثمة ضرورة للإشارة إلى الموقف اليمني في القضية؛ فإن اليمن قدم كل ما هو مطلوب أمريكياً من تسهيلات للأمريكان ضمن خطة ضرب الحركات الجهادية التي تحاول الوقوف ضد مترتبات كامب ديفيد..
حصاد كامب مرير إذاً، سواء لمن مشى على خطي كامب ديفيد أو لمن وقف في وجهها وقت إعلانها، وهو ما يطرح فكرة أنها كانت بمثابة نقطة الانطلاق للوثوب على الأمة، أو مرحلة تحول خطيرة على مستقبل الأمة كلها..
والآن وفي هذه الذكرى وفي محاولة لإرساء نمط من التفكير الاستراتيجي؛ فإن الواجب الآن هو تقديم رؤية كلية للمضمون الاستراتيجي لأهداف كامب ديفيد والتغييرات الاستراتيجية التي حاولت إحداثها، والنتائج الفعلية لها بعد ما يربو على ربع قرن من التوقيع عليها. والأهم هو الإجابة عن السؤال الجوهري وهو: هل تمكنت الأمة من تحديد بديلٍ في المواجهة ليكون بديلاً عن استراتيجية كامب ديفيد؟ ذلك لأن السبب الرئيس الذي مكن كامب ديفيد من النجاح وتحقيق أهدافها لم يكن سوى افتقاد الأمة لطرح استراتيجية بديلة، ومن عاشوا تلك الأيام يتذكرون جيداً أن كل الذين أيدوا كامب ديفيد كانوا يطرحون سؤالاً دون إجابة من أحد: وما البديل؟ وكذلك فإن الذين تصدوا لكامب ديفيد لم يقدموا بديلاً، وكان أهم مؤشر لذلك أنهم شكلوا ما سُميت "جبهة الصمود والتصدي"!.
الأهداف الأمريكية والصهيونية
قبل كامب ديفيد مباشرة كانت الصورة الاستراتيجية لأوضاع الصراع في غاية الخطورة بالنسبة للكيان الصهيوني؛ فمن ناحية كانت صدمة حرب 73 في أوج تفاعلها بما حوته من نهاية مفهوم الأمن القومي الصهيوني – إذا جاز التعبير –، حيث انهارت نظرياته ومقوماته بحكم قيام الجيوش العربية بإثبات قدرتها على هزيمة الجيش الصهيوني الذي تحول للدفاع لأول مرة منذ قيام الكيان الصهيوني، ومن ناحية أخرى كانت صورة الوضع العربي قد جسدت إمكانيات خوض العرب حرباً مشتركة تقوم على خطة سياسية عسكرية موحدة ومفاجئة، حيث شاركت في الحرب كل الدول العربية، كما سخرت كل الإمكانيات العربية في المواجهة، وفي القلب منها سلاح البترول، وفي تلك المرحلة كان الكيان الصهيوني محاصراً بدول الطوق من كل جانب. كان التقدير الاستراتيجي لهذه المرحلة هو أن استمرار هذا الوضع إنما يمثل تهديداً مستقبلياً حقيقياً عليها، وأنه ينذر بتحول استراتيجي متصاعد لميلاد توحد عربي حقيقي وجذري، وهنا كان التغيير الاستراتيجي في الخطة الأمريكية والصهيونية من المواجهة العسكرية إلى خطة تفتيت الموقف العربي.
لقد استهدفت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني إنهاء هذا الوضع الاستراتيجي الذي تحقق، أي إعادة رسم الوضع الاستراتيجي بما يخرج الكيان الصهيوني من هذا المأزق، فمن خلال كامب ديفيد جرى إخراج مصر من المواجهة العسكرية المباشرة مع الكيان الصهيوني، وتبع ذلك الانتقال إلى تكسير عظام وتركيع الدول الأخرى بالانتقال من تكتيك إنهاء وحدة الموقف العربي، وفكرة تكوين دول الطوق حول الكيان الصهيوني، والانتقال إلى عملية استراتيجية لتفكيك الأمة كلها وإدخال الكيان الصهيوني داخل جسدها، وكان اختيار عقد هذا الاتفاق مع مصر واضحاً في هذا البعد الاستراتيجي، بسبب وزنها الأكبر والأهم في التأثير على الأمة وقدراتها، وكانت المبررات التي سيقت وقتها هي أن الدول العربية فشلت في إزالة الكيان الصهيوني، وأن إسرائيل قد أصبحت حقيقة واقعة بالنسبة للنظام العربي الرسمي، وأنه لم تعد هناك إمكانية عسكرية لإزالتها، وأنه لا بديل عن الاعتراف بها..إلخ.
ويبدو ضرورياً هنا طرح السؤال: لماذا كانت كامب ديفيد؟ أو: هل جاءت كامب ديفيد مفاجئة أو طارئة؟ والحقيقة أن كامب ديفيد جاءت كتطور طبيعي لاستراتيجية النظم العربية في المواجهة؛ فالنظرة الفاحصة للأساس الاستراتيجي للموقف الرسمي العربي بعد هزيمة عام 67 تظهر أن استراتيجيات النظم العربية قامت على أساس إنهاء نتائج 67، وليس إنهاء الكيان الصهيوني، وهو ما أتضح من قبول هذه الأنظمة لقرار 242 الذي شدد على الحدود المحتلة عام 67، وليس الأراضي المحتلة في عام 48 كما أتضح من خلال شعارات تحرير سيناء والجولان... إلخ. ومن ثم فإن هذه الاستراتيجية كانت بالفعل هي الأساس الممهد للقبول بكامب ديفيد.
ماذا بقي من كامب ديفيد؟
ثمة وجهتا نظر في التعامل مع نتائج كامب ديفيد منذ بدايتها حتى الآن: وجهة النظر الأولى تركز على نتائج وتأثير هذه المعاهدة على الرأي الشعبي، ومواقف الشعوب؛ فتركز مثلاً على أن الشعب المصري لم يقبل على تطبيع العلاقات مع الصهاينة، وأن 25 عاماً مرت دون أن يتمكن العدو الصهيوني من التغلغل داخل الرأي العام المصري، ونفس الأمر بالنسبة للأردن، وأن لبنان وسوريا لا تزالا صامدتين.. إلخ. لكن ثمة وجهة نظر أخرى تنظر للأمر من زاوية الترتيب الاستراتيجي للمنطقة، ومن وجهة النظر هذه؛ فإنه يمكن القول بأن كامب ديفيد قد نجح من خلالها العدو في تحقيق جوانب استراتيجية يمكن إجمالها في إنهاء حصار الكيان الصهيوني سياسياً، وهو ما تحقق بقيام علاقات سياسية مع الحكم في مصر والأردن، ثم بناء علاقات سياسية مع كل من موريتانيا وقطر، ومن أن يحضر قادته لمناسبات سياسية أو اقتصادية في عدد آخر من الدول العربية، آخرها الحضور الإسرائيلي لمؤتمر صندوق النقد الدولي في دولة الإمارات، كما يمكن القول أيضاً: إن الكيان الصهيوني والولايات المتحدة اخترقا الوضع الاستراتيجي العربي الذي كان قد تحقق بعد حرب أكتوبر، وتم تفكيك وحدة الموقف العربي الذي تحول إلى جزر متفرقة، وأن كل التطورات التي جرت بعد ذلك في حرب الخليج كانت تطويراً للاختراق الأمريكي والصهيوني وليس العكس.
بديل كامب ديفيد
كانت الإشكالية الاستراتيجية التي واجهتها القوى الحية في الأمة وقت توقيع كامب ديفيد هي أنها لم تكن تملك أو تطرح استراتيجية بديلة، وقد كان لهذا ظروفه بطبيعة الحال، لكن إذ تأتي ذكرى مرور 25 عاماً على كامب ديفيد؛ فإن الأهم هو أن الأمة وجدت بديلاً؛ هذا البديل هو العمل الجهادي الشعبي المقاوم.لقد جاءت كامب كامب ديفيد لتكون بمثابة إعلان بنهاية وفشل استراتيجية الحرب النظامية في المواجهة - التي اعتمدتها النظم الرسمية العربية-، حيث سارت تلك النظم بعدها جميعاً في طريق منحدرٍ رويداً رويداً إلى أن أجمعت كلها على ما سُمي بأن السلام خيار استراتيجي، وحيث انتهت فعلياً المواجهة الإسرائيلية السورية العسكرية في إطار الحرب النظامية، كما انتهت بعدها المواجهة الفلسطينية وفق نمط الحرب من الحدود، وجاء العدوان الأول على العراق، ثم الاحتلال؛ لتؤكد نهاية إمكانيات استخدام القوة النظامية المسلحة في الحروب ضد العدوان الأمريكي والصهيوني على الأمة، وهو نفس ما تأكد وفقاً لتجربة العدوان الأمريكي على أفغانستان، انتهت تلك الاستراتيجية لكن ذلك ورغم آلام حدوثه؛ قد فتح الطريق للمقاومة الشعبية الجهادية، وهو ما مثل البديل الجذري والحقيقي لأسلوب الحرب النظامية ولاستراتيجية الاعتراف الرسمي أو العملي بالكيان الصهيوني، والتي تطرح استراتيجيات وشعارات جذرية في المواجهة. وهذا هو الأهم في هذه المرحلة.
المصدر الاسلام اليوم