في الواقع اشتهرت مصر واسرائل بخلافات ابدية بداية من الحروب التي وقعت بينهم الى القبض على مجموعه من الجواسيس الذين تم تجنيدهم لحساب الموساد او المخابرات المصرية ولعل اشهرهم هو رافت الهجان الذي تم انتاج مسلسل تلفزيوني يحتوي على قصته
هذا البطل الذي فيما بعد اصبح اهم الركائز التي تمد الاستخبارات المصرية باملعلومات عن المخططات الاسرائلية
ولد رفعت الجمال وهو الاسم الحقيقي له عام1927 بمدينة دمياط في شارع الشبطاني حيث تلقى تعليمة الابتدائي بمدرسة الهداية الابتدائية
انتج مسلسل له من ثلاث اجزاء باسماء مستعارة وليست حقيقة وربما ان الشي الوحيد المطابق لما هو موجود لدى الاستخبارات المصرية هو رقمه لديهم حيث اشتهر برقم 313
بعدالرقم 216 الذي اشتهر به جمعه الشوال
قام للواء عبدالمحسن فائق بتدريبه قبل ان يذهب الى اسرائيل
وصل رفعت الجمال الى اسرائل عام 1955 عن طريق البحر قادما من الاسكندرية
وكان عمره وقتها لم يتجاوز الثمانية وعشرون عام وصل الى اسرائل بجواز سفر مزور باسم جاك بيتون ويحمل الرقم
146742
مصدره تل ابيب وكان مسجل في الجواز بانه اسرائيلي مولود في مصر وبالتحديد في المنصورة
عاش في شارع يوشع بن نون في تل ابيب بدأ بوضع غطاء له او بالاصح لعمليته التجسسية وهي القيام بانشاء شركة تكون في البداية غطاء للمبالغ التي كانت تصله والتي كان سيكشف امرها لو لم يكن هناك نشاط يدر عليه هذه الاموال
جاءت له التعليمات بفتح مكتب طيران ولم يكن هناك افضل من شارع بن يهودا حيث توجد هناك اغلب مكاتب الطيران
وبد ان تمكن من جعل من حوله يثق به بدأ عملة كاشهر الجواسيس المصريين في تاريخ الاستخبارات المصرية
هذا الذي وضع بعد ذلك بين يدي القيادة المصرية الموعد السري الذي حددته القيادة الإسرائيلية لشن حربها على العرب عام 1967م، دون أن يعلم أحد!! هذا الذي حرق لإسرائيل كثيراً من أغلى جواسيسها، دون أن يعلم أحد!! هذا الذي وضع بين يدي السادات خرائط مفصلة لخط بارليف، دون أن يعلم أحد.
لقد أعطى المخابرات المصرية موعد ضربة العدو فى 5 يونيو 1967 بالتفصيل
واستمر في ذالك حتى بعد نهاية حرب 1973
وكانت نهاية هذا البطل في 29/1/1982
وكان عمره قرابة 55 عام
والمؤسف انه برغم ماقدم لوطنه الا ان جنازتة لم يحضراها الى اشخاص يعدون على الاصابع .
ولكن على مر السنين اشتهر العديد من الجواسيس الذين تم تجنيدهم بين مصر واسرائل ولعل واحده من اهم هذه العمليات حدثت عام 1944
حين وصل الى مصر الجاسوس اليهودي ليفي افرايم متخفيا بشخصية ضابط انجليزي باسم جون درالنج للبدأ في واحدة من اكبر عمليات التجسس والتي عرفت فيما بعد باسم سوزانا
قام ليفي بتجنيد مجموعه من من اليهود المصريين والغير مصريين وضمت مجموعه من الاشخاص نذكر منهم مثلا
فيليب ناتاس إيلي جاكوب نعيممائير زعفرانمائير يوحاس
صمويل عازر روبير زاسان سيزار كوهين فيكتور ليفي
كان أيضاً من بينهم (إيلي كوهين) الذي كانت له فيما بعد قصة طويلة في دمشق، كان الهدف إفساد علاقات مصر بأميركا وبريطانيا
وكانت الوسيلة الحرائق والاغتيالات، تورط في العملية (سوزانا) كبار زعماء اليهود موشيه شاريت بنحاس لافون ديفيد بن غوريو وأيضاً شمعون بريسكي الشهير باسم شمعون بيريز
لصدفة وحدها أدت إلى سقوط شبكة اليهودية مساء الثالث والعشرين من يوليو/ تموز عام 1954م عندما احترقت قبل الأوان عبوة كيماوية في جيب (فيليب ناتاسون) أمام سينما (ريو) بالإسكندرية،
اشخاص تم تجنيدة لصالح الموساد
وفي الستنيات ايضا، وتحديدا عام 1964 حصلت الشابة هبة عبدالرحمن عامر سليمان علي منحة لزيارة السوربون بسبب تفوقها في اللغة الفرنسية بعد حصولها علي ليسانس أداب قسم اللغة الفرنسية بجامعة عين شمس. وفي العام التالي عادت الي باريس لتدرس الماجستير في نفس الجامعة العربية في باريس كما عملت مندوبة لبعض شركات الأزياء الفرنسية.
ومن خلال علاقة نشأت بينها وبين طبيب فرنسي اسمه بورتوا يعمل في مستشفي سان ميشيل انفتحت امامها ابواب الخيانة، حيث عرفها صديقها علي صحفي اسمه ادمون، ولم يكن الأخير الا ضابط مخابرات اسرائيلي، استطاع ان ينسج شباكه حولها وطلب منها ترجمة بعض الموضوعات الصحفية بمقابل مادي معقول، وانتهي الأمر بالطبع الي تجنيدها.
سافرت هبة الي اسرائيل وتلقت تدريبات مكثفة علي أعمال الجاسوسية وعادت الي القاهرة مكلفة بجمع معلومات. اتجهت انظارها لقريب لها كان يعمل مهندسا ضابطا بالقوات المسلحة برتبة مقدم اسمه فاروق الفقي، وسبق له ان تقدم للزواج منها لكن أسرة هبة رفضته لأسباب غامضة، غير ان علاقة عاطفية كانت قد ربطت بينهما خصوصا بعد ان اقرضها 400 جنيه وهو مبلغ ضخم جدا عام 1964 لتستعين به في نفقات رحلة سياحية لسويسرا.
بدورها استطاعت كامرأة لعوب ان توقع بفاروق الفقي واستأجرا شقة يلتقيان فيها ويمارسان عملهما كجاسوسين، وللقاريء ان يتصور حجم المعلومات التي قدمها الخائن فاروق الفقي من خلال عمله كضابط مهندس لمن جندوه في اسرائيل. وقبل حرب اكتوبر بأيام قليلة قررت المخابرات المصرية التي كانت تتابع تفاصيل هذه العملية القاء القبض علي الخائنين، فاستدرجت هبة من باريس الي القاهرة، علي النحو الذي كتبه الراحل صالح مرسي وتم تحويله الي فيلم سينمائي باسم 'الصعود الي الهاوية'. اما هبة وفاروق فقد تم اعدامهما بعد محاكمتهما
البلاي بوي
وفي السبعينات حصل ابراهيم نافع رئيس تحرير الأهرام من ملفات المخابرات العامة علي قصة هشام محجوب جاسوس اسرائيل الذي استخدمته مصر في عمليات الخداع الاستراتيجي قبل حرب اكتوبر ونشرها نافع في الأهرام أخيرا.
هشام ابن اكابر ايضا وكان يعمل ضابطا أول للعمليات الجوية في شركة مصر للطيران، مهمته رسم مسارات وارتفاعات الرحلات الجوية ومتابعة تجهيز جداول نوبتجيات الطيارين والموظفين وبعد مرض والده، الذي كان بدوره ضابطا بالقوات المسلحة علي المعاش، بالسرطان، اضطر لاصطحابه الي لندن لمحاولة انقاذه في المستشفيات البريطانية. وفي فندق رويال لانكستر في لندن بدأت اولي خطوات انحدار هشام في طريق خيانة الوطن. فمدير الفندق رأفت مصري ويعمل لحساب الموساد، والمخابرات المصرية تتابعه.
التفاصيل يستطيع القاريء ان يتوقعها، فعلاج الأب من السرطان في لندن يتكلف مبالغ طائلة، وعميل الموساد رأفت ينسج شباكه حول هشام، ووعده بانه يقدمه لرجل أعمال انجليزي من أصل لبناني ويحصل من خلاله علي عمل اضافي يساعده في علاج والده.
والتقي هشام برجل الأعمال في ملهي 'البلاي بوي' حيث كل طاقم الخدمة من أجمل الفتيات اللائي يرتدين يونيفورم الأرنب المشهور وهو ليس أكثر من اذان تبدو من فوق الرؤوس وقطعة فراء مستديرة تمثل ذيل الأرنب أعلي الارداف. أما رجل الأعمال ادوار كوشير فقد كان لطيفا وناعما يتكلم باللهجة الشامية وأخبر هشام بأنه يريد ان يستثمر جزءا من أمواله في مصر وتنقصه بعض المعلومات عن السوق المصرية.
وانتهي الأمر بعد لقاءات عديدة رتبت بعناية للايقاع بهشام محجوب الي تكليفه بتأسيس مكتب في القاهرة، كقاعدة للتحرك والاتصال. وعاد هشام بوالده في الاسبوع الأول من يونيو عام 1972 الي القاهرة لاستكمال علاجه، بينما كانت المخابرات المصرية تراقب الموقف عن كثب.
امتد مسرح العمليات بين القاهرة ولندن، وبدأ هشام يجمع المعلومات ويوصلها الي لندن، ووقع في الفخ أخيرا، وسافر بالفعل إلي اسرائيل للتدريب، ثم عاد إلي القاهرة ومنها الي لندن.. وفي نفس الوقت كانت المخابرات المصرية تتابعه وتدفع له بمن يمدونه بمعلومات تسهم في الخداع الاستراتيجي لاسرائيل حول استعدادات مصر العسكرية قبيل حرب اكتوبر حتي صدر القرار باغلاق ملف عملية السنجاب وهو اسم عملية هشام محجوب والذي يتضمن كلمة واحدة الصاعقة ليتم إلقاء القبض علي الخائن.
اعترف السنجاب تفصيليا بخيانته وصدر الحكم باعدامه، غير انه لم ينفذ الحكم، فقد مات في السجن قبل اعدامه.
وتتتابع محاولات اسرائيل، وشأن كل قضايا التجسس علي الوطن، تحفل بتوابل الجنس والمخدرات، الا ان قضية فارس مصراتي وابنته فائقة 'فاقت' غيرها من القضايا. ففي عام 1992 أي بعد 14 عاما من معاهدة السلام ضبطت أجهزة الأمن المصرية جاسوسا اسرائيليا ومعه ابنته داخل شقة مفروشة بحي النزهة بمصر الجديدة وتحديدا في الدور الأول بالمنزل رقم 5 بشارع احمد مخيمر وذلك فجر احد ايام فبراير عام 1992، حيث اصطحبت الشرطة بواب المنزل الي الشقة. وعندما دقوا الباب ولم يفتح من كانوا بالداخل، تم كسر الباب حيث وجدت الشرطة فائقة في وضع مريب مع أحد الشباب ونفت فائقة انها تعرف مكان والدها، لكن رجال المباحث لاحظوا ان هناك كسرا في شباك خلفي للشقة، فتوجهوا الي اسفل حيث وجدوا فارس مصراتي ملقي علي الأرض وقد اصيب بكسر في ساقه.
اقتيد الجميع للتحقيق. واعترف فارس مصراتي الاسرائيلي من اصل ليبي انه يحضر للقاهرة بتعليمات من الموساد تحت ستار السياحة لجمع معلومات والعودة بها لاسرائيل. والغريب ان فارس اعترف بلا حرج بأن مهمة ابنته تتمثل في اصطياد الشخصيات العامة والشباب وقضاء سهرات حمراء معهم للحصول علي المعلومات. واعترفت فائقة بدورها، وعندما حاول رجال المباحث التوصل لمعارفها، اعتذرت فائقة فلا يمكن حصرهم، اما الشاب الذي تصادف وجوده معها لحظة القبض عيها وعلي والدها تبين انه مجرد زبون من بين عشرات الزبائن.. ومن بين توابل القضية ايضا ما آشارت له الصحف وقتها من أن الآنسة فائقة مصابة بالايدز وانها كانت مهتمة بالايقاع بعشرات وربما مئات الشباب والرجال المصريين، لذلك انطلقت الشرطة في الامساك بهؤلاء الذين اصيبوا بالايدز لعزلهم!!
وفي نهاية عام 1997 تم القبض علي عميل الموساد سمحان مطير الذي عينه محافظ جنوب سيناء مستشارا له عام .1980 والسيد سمحان كان يعمل في شبابه خفيرا في احدي شركات البترول، وخلال 30 عاما عمل في جهاز الموساد وكان يتلقي شحنات المخدرات عبر سيناء ويرسل المعلومات في مقابلها وبلغت ثروته اكثر من أربعة ملايين جنيه ونشط كسياسي حصيف حتي تم تعيينه مستشارا لمحافظ جنوب سيناء.
كما سبقت الاشارة جدير بالذكر ان السيد سمحان حصل علي نوط الامتياز من الطبقة الأولي في عهد الرئيس السادات 'تقديرا لمعاونته الصادقة خلال حرب اكتوبر'!! كما أشاد تقرير أمني طبقا لما نشرته الأهرام في 11/12/1997 بالدور البارز الذي لعبه لصالح البلاد قبل وأثناء وبعد حرب اكتوبر. وجدير بالذكر ايضا ان السيد سمحان لم يكن يكتفي بدفع ضرائبه كاملة، بل كان يقيم في رمضان أضخم وأهم موائد الرحمن في البلاد، وفي نفس الوقت كان حريصا علي تهريب كل أمواله لبنوك أوروبا وامريكا. وعلي الرغم من ذلك وبسبب عدم وجود ادلة يقينية علي تخابره، اكتفت محكمة القيم بفرض الحراسة عليه!.
اما 'سبع البحر 'الاسرائيلي مورخاي ليفي فقد قبضت عليه شرطة المسطحات المائية بمنفذ طابا بعد ان سبح من ايلات حتي ميناء طابا، أي عشرة كيلومترات وطلب ليفي فور القبض عليه اللجوء الي مصر والبقاء فيها، وكان يرتدي اثناء سباحته جلبابين احدهما كحلي والثاني ابيض ويرتدي اسفل الجلبابين بنطلون جينز وقميصا ويلف حول وسطه كيسا كبيرا من البلاستيك بداخله 3 من كتب التوراة!! وعلل السيد ليفي هربه وطلبه للجوء بأنه يكره النظام السياسي القاسي في اسرائيل!!. وبعد حبسه 15 يوما بتهمة التسلل حكم عليه بغرامة قدرها 1500 دولار دفعتها السفارة الاسرائيلية وتم ترحيله الي اسرائيل.
قبل هذا بتسعة شهور فقط تم القبض علي الجاسوس سمير عثمان احمد اثناء قيامه بالتجسس مرتديا زي الغوص، فقد اعتاد علي التنقل بحرا بين مصر واسرائيل لينقل المعلومات المطلوبة أولا بأول. المعلومات التي اوردتها الصحف حول الغواص سمير علي قلتها مثيرة للغاية. من بينها انه تم تجنيده عام 1988 بعد ان ترك عمله في (جهاز مصري حساس) ولم تذكر الصحف اسم هذا الجهاز، وسافر الي بلدان عربية عديدة ويمتلك اربع جوازات سفر وسبق له الالتحاق بالجيش العراقي وقام بتدريب القوات البحرية العراقية علي عمل الضفادع البشرية. اما القبض عليه فقد تم بالصدفة البحتة، حيث اعتاد علي السباحة من طابا المصرية الي اسرائيل مرتديا زي الغوص للقاء الموساد لكنه ضل طريقه والقي القبض عليه.
حكاية السيدأكوكا!
وفي العام الماضي فقط ألقت سلطات الأمن القبض علي السيد أكوكا وهو اسرائيلي كان يعبر الحدود مع زوجته في سيارة مجهزة بثلاث محطات لاسلكية ضخمة و9 أجهزة لاسلكية و7 أجهزة شاحن خاص وكيس ممتليء بذخيرة عيار 9 مللي و18 خزينة طبنجة مختلفة العيار وخزينة رشاش آلي!! واذا كان محام السيد اكوكا تعلل بأن موكله جاهل بالقانون المصري وانه يشغل وظيفة كبري في شركة امن عملاقة والتجهيزات الموجودة بالسيارة خاصة بعمله. غير ان المفاجأة ان السيد أكوكا قال في تظلمه من قرار حبسه: افرجوا عني كما افرجتم عن عمير الوني الذي ضبط في قضية لاسلكي مشابهة.
وهكذا تبين ان السيد الوني قد حبس احتياطيا بعد محاولة عبور البلاد بأجهزة لاسلكي (لعل القاريء يعلم ان أجهزة اللاسلكي تستخدم في التجسس وليس في تجارة البط مثلا!!)، وبعد أن تم تجديد الحبس له شهرين افرج عنه بضمان مالي
بدايه الحكاية :
ولد رفعت الجمال فى الأول من يوليو 1927 بمدينة طنطا وكان الأبن الأصغر للحاج على سليمان الجمال تاجر الفحم وكان له اخوين اشقاء هما لبيب ونزيهه اضافة الى اخ غير شقيق هو سامى، وكان والده يحمل لقب (أفندي) اما والدته فكانت من أسرة عريقة وكانت تتحدث الإنجليزية والفرنسية.
لم ينعم "رفعت" بوالده طويلا اذ توفى والده وهو بعد فى التاسعة من عمره عام 1936 وكانت شقيقته نزيهه فى الحادية عشر ولبيب فى الثالثة عشر، اما سامي فكان فى الثالثة والعشرين، ولم يكن لهم اى مصدر للرزق فاتفق الاعمام والعمات على حل كان منطقيا فى هذة الظروف وهو ان يلتحق الصبيين (رفعت ولبيب) بورشة للنجارة حيث كانت مدينة دمياط منذ القدم وحتى الان مشهورة بصناعة الاخشاب الا ان الشقيق الاكبر سامى رفض الفكرة من اساسها واقترح ان ينتقل الاولاد الثلاثة وامهم معه الى القاهرة ليتعلموا فى مدارسها ويكفل لهم راتبه المتواضع حياه كريمة، وكان سامي مدرسا للغة الإنجليزية وكان مسئولا عن تعليم أخوة الملكة فريدة اللغة الإنجليزية.
وفى القاهرة التحقت نزيهة بمدرسة ثانوية للبنات والتحق لبيب بمدرسة تجارية متوسطة، اما رفعت فالتحق بمدرسة ابتدائية وبعد اتمامه لها التحق ايضا بمدرسة تجارية وكان وقتها يتقن التحدث باللغتين الانجليزية والفرنسية ، وبرغم محاولات سامى ان يخلق من رفعت رجلا منضبطا ومستقيما الا ان رفعت كان على النقيض من اخية سامى فقد كان يهوى اللهو والمسرح والسينما بل انه استطاع ان يقنع الممثل الكبير بشارة وكيم بموهبته ومثل معه بالفعل في ثلاثة افلام.
وفي عام 1943 تزوجت نزيهة من الملازم اول احمد شفيق في حين سافرت امه الى دكرنس للإقامة مع أخوها ليجد رفعت نفسه محروما فجأة من امه وأخته التى كان يحبها كثيرا، ووجد نفسه فجأة مطالبا بتحمل أعباء نفسه ومن ثم وعلى سبيل الإحتجاج رسب عمدا فى امتحان العام الدراسي الثالث بمدرسته التجارية وفي هذا الوقت تزوج شقيقه سامي من ابنه محرم فهيم نقيب المحامين فى ذلك الوقت، في حين انشغل لبيب بعمله، ولما كان هناك ملاحق للراسبين فى الامتحان النهائي ومع ثورة الجميع على رفعت ومطالبته بالنجاح في الملاحق الا انه كان مصرا .. ورسب للمرة الثانية.
وفي العام التالي نجح رفعت فى الامتحان ولم يعد امامه الا عام واحد على التخرج وبالفعل تخرج في عام 1946 فى الوقت الذى كان فيه قد انضم الى عالم السينما.
الا انه احس ان الوقت قد حان لكي ينتقل لمجال آخر، وربما كان يريد وقتها الهروب من (بيتي) تلك الراقصة التى تعرف عليها، فتقدم بطلب لشركة بترول اجنبية تعمل بالبحر الأحمر للعمل كمحاسب واختارته الشركة برغم العدد الكبير للمتقدمين ربما نظرا لإتقانه الإنجليزية والفرنسية، وانتقل بالفعل الى رأس غارب حيث بقى لمده خمسة عشر شهرا تعلم خلالها كل ما امكنه عن اعمال البترول واقام علاقات متعدده مع مهندسين اجانب، وفي هذه الأثناء توفيت والدته بدكرنس.
وفي عام 1947 قرر رئيسه نقله الى المركز الرئيسي بالقاهرة ولما كان لا يرغب في العودة الى القاهرة آنذاك إذ انه لن يستطيع ان يكون قريبا من أخته نزيهة وأبناءها وفي الوقت نفسه لا يستطيع رؤيتها مع سوء علاقته بزوجها فقد رفض الترقية.
وانتقل الى الإسكندرية للعمل في شركة كيماويات كان رئيسها قد فاتحه أكثر من مرة للعمل لديه، وسر منه صاحب الشركة كثيرا نظرا لإجتهاده وكان يعامله كإبن له وهو الشئ الذى كان يفتقده رفعت كثيرا.
وفي عام 1949 طلب منه صاحب الشركة السفر الى القاهرة لأنه غير مطمئن للمدير هناكوطلب منه مراجعه اعماله.
وسافر رفعت الى القاهره وراجع اعمال مدير الفرع فلم يجد ما يثير الريبه وتسلم منه الخزانه وراجع ما فيها دون ان يدري انه يمتلك مفتاحا ثانيا لها، وفي اليوم التالي اكتشف ضياع الف جنيه من الخزانه واصبح هو من الناحية الرسمية المسئول عن ضياع المبلغ، واتصل مدير الفرع برئيس الشركة بلإسكندرية وابلغه انه عثر على المبلغ في غرفته وهو ما لم يحدث، وعاد رفعت الى الإسكندرية وقال له رئيسه انه يصدقه لكنه لا يستطيع الإبقاء عليه فى وظيفته تجنبا لإجراء اى تحقيقات رسمية لكنه ايضا رتب له عمل آخر مع صديق له يدير شركة ملاحه بحرية .. ولم يكن امام رفعت خيار آخر.
لم يتوقع احد تلك العاصفة التى هبت داخل اسرائيل بحثا وسعيا لمعرفة حقيقة الشخصية التى اعلنت المخابرات العامة المصرية عام 1988 بانها قد عاشت داخل اسرائيل لسنوات طوال امدت خلالها جهاز المخابرات المصرى بمعلومات مهمة كما انها شكلت وجندت داخل المجتمع الاسرائيلى نفسه اكبر شبكه تجسس شهدتها منطقة الشرق الاوسط.
وكان اسم (رأفت الهجان) هو الاسم المعلن البديل للمواطن المصرى المسلم (رفعت على سليمان الجمال) ابن دمياط والذى ارتحل الى اسرائيل بتكليف من المخابرات المصرية عام 1954 حاملا روحه على كفة.
وحقق الجمال نجاحات باهرة وبه استطاعت المخابرات المصرية ان تثبت عمليا كذب اسطورة التالق التى تدعيها اسرائيل لجهاز مخابراتها.
وفور اعلان القاهرة لهذة العملية المذهلة طالبت الصحفية الاسرائيلية "سمادر بيرى" - فى موضوع نشرته بجريدة يدعوت احرونوت الاسرائيلية - آيسر هريتيل مدير المخابرات الاسرائيلية فى هذا الوقت ان ينفى ما اعلنته المخابرات المصرية واكدت لمدير المخابرات الاسرائيلية ان هذة المعلومات التى اعلنتها القاهرة تثبت تفوق المخابرات العربية المصرية فى اشهر عملية تجسس داخل اسرائيل ولمدة تقرب من العشرين عاما.
واستهدفت الصحفية من نشر هذا الموضوع عرض الحقيقة كاملة ، حقيقة ذلك الرجل الذى عاش بينهم وزود بلاده بمعلومات خطيرة منها موعد حرب يونيو 1967 وكان له دور فعال للغاية فى الاعداد لحرب اكتوبر 1973 بعد ان زود مصر بادق التفاصيل عن خط برليف ، كما انه كون امبراطورية سياحية داخل اسرائيل ولم يكشف احد امره .
وجاء الرد الرسمى من جانب المخابرات الاسرائيلية : ان هذة المعلومات التى اعلنت عنها المخابرات المصرية ما هى الا نسج خيال وروايه بالغة التعقيد .. وان على المصريين ان يفخروا بنجاحهم!
وبينما يلهث الكل وراء اى معلومة للتأكد من الحقيقة عن هذا المجهول المقيد فى السجلات الاسرائيلية باسم "جاك بيتون" بصفته اسرائيلى ويهودى ، نشرت صحيفة "الجيروزاليم بوست" الاسرائيلية موضوعا موسعا بعد ان وصلت الى الدكتور "ايميرى فريد" شريك الجمال فى شركتة السياحية "سي تورز" وبعد ان عرضوا علية صورة الجمال التى نشرتها القاهرة شعر بالذهول واكد انها لشريكة "جاك بيتون" الذى شاركه لمدة سبع سنوات وانه كان بجواره مع جمع كبير من صفوة المجتمع الاسرائيلى عندما رشح لعضوية الكنيست الاسرائيلى ممثلا لحزب "مباى" الاسرائيلى "حزب عمال الارض" ولكنه لم يرغب فى ذلك.
وفور ان فجرت صحيفة "الجيروزاليم بوست" حقيقة الجاسوس المصرى وانه شخصية حقيقية وليست من نسج خيال المصريين كما ادعى مدير الموساد حصلت الصحيفة ايضا على بيانات رسمية من السجلات الاسرائيلية مفادها ان "جاك بيتون" يهودى مصرى من مواليد المنصورة عام 1919 وصل الى اسرائيل عام 1955 وغادرها للمرة الاخيرة عام 1973 .
واضافت الصحيفة بعد التحرى ان "جاك بيتون" او "رفعت الجمال" رجل الاعمال الاسرائيلى استطاع ان ينشئ علاقات صداقه مع عديد من القيادات فى اسرائيل منها "جولدا مائير" رئيسة الوزراء ، و"موشى ديان" وزير الدفاع .
وخلصت الصحيفة الى حقيقة ليس بها ادنى شك :
"جاك بيتون" ما هو الا رجل مصرى مسلم دفعت به المخابرات المصرية الى اسرائيل واسمه الحقيقى "رفعت على سليمان الجمال" من ابناء مدينة دمياط بمصر.
وفور هذة المعلومات الدقيقة التقطت الصحف العالمية اطراف الخيط فقالت صحيفة "الاوبزرفر" البريطانية الواسعة الانتشار : ان "الجمال" عبقرية مصرية استطاع ان يحقق اهداف بلاده .
كنانة اون لاين