العقيدة القتالية لإسرائيل تتغير تبعاً لمفاهيم الحرب الجديدة

بسآم

عضو
إنضم
5 فبراير 2010
المشاركات
597
التفاعل
12 0 0
العقيدة القتالية لإسرائيل تتغير تبعاً لمفاهيم الحرب الجديدة




بعد نقاشات طويلة ودراسات مستفيضة معمقة، قامت بها أطقم الجيش الإسرائيلي IDF على مدار ثلاثة أعوام، قررت قيادة الجيش مؤخرا تبني إدخال مفاهيم جديدة على نظريتها القتالية في حروبها المستقبلية، سواء ضد الجيوش النظامية أو شبه النظامية أو ما يسمى بحرب العصابات. بحيث تستجيب بشكل فعال للتحديات والتهديدات المستجدة آخذة بعين الاعتبار طابع المعركة الحديث من حيث طبيعة العدو، سلاحه المستخدم، تكتيكاته القتالية والإستراتيجية، بالإضافة إلى مكانه الجغرافي.

وتأخذ العقيدة القتالية الحديثة للجيش الإسرائيلي بعين الاعتبار التغيير الذي طرأ على طبيعة المعركة في الوقت الراهن؛ فبعدما كان الاستيلاء على مناطق جغرافية هدفا استراتيجيا وتكتيكيا هاما لقوات الجيش في الحروب التقليدية لم يعد هدفا ذي أهمية حسب المفهوم الجديد، مشيرة إلى تعمد "العدو" الى استهداف الجبهة الداخلية الإسرائيلية بقصد إرهاقها واستنزافها مما يشكل ضغطا على الجيش لوقف الحرب وتشويش صورة مفهوم الانتصار لديه.

israeli_army_soldiers_ground_operation_07_january_2009_news_020.jpg




يقول احد كبار قادة العمليات بالجيش، الذي رفض ذكر اسمه، "إن الجهات المعادية لإسرائيل كمنظمة حزب الله وحماس وسوريا وإيران تستهدف المجتمع الإسرائيلي أو ما بات يعرف باسم الجبهة الداخلية بهدف إرهاق المجتمع، الأمر الذي يعود بالفائدة على العدو مع مرور الوقت". مضيفا بان إستراتيجية وتكتيكات العدو تغيرت الآن، وان الصراع معه لم يعد محكوما بوقت محدد بل باستمرارية تشهد فترات هدوء وتصعيد مما يشكل إرهاقا للمجتمع الإسرائيلي الذي لا يحتمل معارك طويلة تفرض عليه، على عكس حزب الله وحماس الذين ينظرون للحرب من وجهة نظر أيديلوجية على أنها صراع مستمر لعشرات السنين. "من وجهة نظر الجيش الإسرائيلي فهو يأخذ بعين الاعتبار بأن الردع سيكون دفاعيا وهجوميا في آن واحد؛ لان الحرب لا تبدأ وتنتهي بزمن محدد، بل تشكل سلسلة حلقات متتالية من القتال عوضا عن أن التهديدات الجديدة تجبرنا على تغيير أساليبنا القتالية".


وتشير النظرية القتالية الإسرائيلية الجديدة إلى تغير جغرافي في مكان العدو المحتمل؛ فبعد أن كانت الأهداف المعادية للجيش الإسرائيلي لا تبعد سوى مئات الكيلومترات عن إسرائيل، كدمشق مثلا، باتت تبعد حاليا آلاف الكيلومترات كإيران؛ مما يحتم على قيادة العمليات والتخطيط اخذ ذلك بعين الاعتبار "ُبعد العدو عنا هذه المسافة يحتم علينا أن نبني لأنفسنا قدرات للوصول إلى تلك الأهداف وليس الاكتفاء بجمع المعلومات الإستخبارية عنها" بحسب قول قائد بارز في الجيش الإسرائيلي.



وتنص النظرية القتالية على أن مفهوم الجبهة الأمامية ونجاعة الإصابات قد تتغير أيضا، مستشهدة بان القصف الجوي الإسرائيلي لمواقع حزب الله في حرب تموز 2006 دمر 50% من قدراته الصاروخية، إضافة إلى استخدامه 20% أخرى من تلك القدرات. إلا ان الحزب نجح بالاحتفاظ ب 30% واستطاع بعد وقت قصير من إعادة بناء قدراته ربما أفضل من ذي قبل بالإضافة إلى التهديد النووي الإيراني الذي يحميه.


usein00.jpg



ويشدد المفهوم القتالي الجديد على ضرورة الاستجابة للتهديدات عبر إتباع أساليب جديدة في بناء القوة والتدريب والتسليح، وكذلك طبيعة القوات التي من المحتمل أن تشارك في المعركة مستقبلا، إذ تشير التقديرات العسكرية الإسرائيلية أن يشارك كل من حزب الله وحماس في المعركة، إذا ما نشبت حرب مع سوريا مستقبلا. وان سوريا لن تباغت إسرائيل باقتحام مساحة جغرافية بلواء مدرع، بل سوف تستخدم الصواريخ لضرب أهداف حيوية داخل إسرائيل.

وكانت النظرية العسكرية الإسرائيلية التقليدية القديمة، التي وضع قواعدها القتالية غير المكتوبة دافيد بن غوريون منذ الخمسينات، وخاضت إسرائيل جميع حروبها اللاحقة بناء عليها بدءا بحرب الأيام الستة عام 1967، مرورا بحرب أكتوبر عام 1973 وحرب لبنان عام 1982 تقوم على مفهوم حروب صغيرة وقصيرة يسعى خلالها الجيش الإسرائيلي إلى نقل المعركة الى الطرف المعادي، بحيث يتم حسم المعركة خلال فترة قصيرة وبأسرع وقت ممكن لان إسرائيل لا تتحمل أن تستمر المعركة اشهرا. إلا انه تبين خلال حرب تموز 2006 أن نظرية الوقت القصير غير واقعية حيث استمرت الحرب 33 يوما وبقي حزب الله يقصف إسرائيل بالصواريخ حتى اليوم الأخير من الحرب.

وتضيف النظرية بان المعركة أصبحت صورة كبيرة مركبة من صور صغيرة؛ إذ تشارك قوات ووحدات قتالية إسرائيلية مختصة ومتعددة في نفس الوقت على جبهات عدة لمقاتلة عدو مكون من جيش نظامي وقوات شبه نظامية وعصابات مقاتلة بآن واحد. كما أن مفهوم "الأعداء" عن الانتصار قد تغير إذ بات يكمن في الصمود وعدم خسارة المعركة وليس في تدمير إسرائيل حسب حربي تموز 2006 وغزة 2009. وترى النظرية بان كل من حماس وحزب الله بدوا واثقين من أنهم حققوا انتصارا في الحرب الأخيرة، غير آبهين بالضرر الكبير الذي لحق بقدراتهم العسكرية لان الانتصار من وجهة نظرهم تترجم في صمودهم.


وبحسب خبراء عسكريين إسرائيليين فان النظرية الجديدة ليست خطة قتالية عملية، لكن أي مخطّط عسكري لمعارك وحروب إسرائيل مستقبلا مجبرٌ على التخطيط ضمن هذه المفاهيم الجديدة، في رده على التحديات المستقبلية سواء بتحديد هوية العدو أو الوسائل التي يجب استخدامها للرد عليه والتي سيتم على أساسها تحديد صورة المعركة المستقبلية المتوقع أن تستمر فترة أطول، فيما تكون الجبهة الداخلية الإسرائيلية معرضة لخطر حقيقي.



 
عودة
أعلى