يبدو أن إعلان إيران على فترات زمنية متقاربة عن مفاجآت عسكرية ونووية وتكنولوجية أربك حسابات تل أبيب وواشنطن بشدة بل ودفعهما أيضا للتراجع عن تهديداتهما شيئا فشيئا .
ففي 9 مارس / آذار ، أعلن وزير الحرب الإسرائيلي إيهود باراك أن إيران لا تشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل في الوقت الحالي ، قائلا في كلمة أمام لجنة الخارجية والأمن بالكنيست :" إن إيران تطور برامجها النووي بوتيرة متسارعة ، ومن الممكن أن تشكل في المستقبل تهديدا لوجودنا، ونحن نعمل ما بوسعنا من أجل منع ذلك ، إلا أنها في الوقت الحالي لا تشكل أي تهديد".
وبجانب تصريحات باراك ، فإنه رغم اتفاق الولايات المتحدة مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا على مسودة اقتراح لفرض مجموعة رابعة من العقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي ، إلا أن واشنطن غير مستعدة فيما يبدو لاحتمال مباركة أي عمل عسكري ضد طهران خاصة في ظل مأزقها المتواصل في العراق وأفغانستان ، هذا بالإضافة للإنجازات العسكرية التي أعلنت عنها إيران في الأيام الأخيرة والتي جعلت إدارة أوباما تفكر ألف مرة قبل الدخول في أية مغامرة عسكرية جديدة .
ولعل زيارة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إسرائيل يوم الاثنين الموافق 8 مارس والتي تعتبر الأولى لأرفع مسئول أمريكي لتل أبيب منذ تولي أوباما السلطة في يناير/كانون الثاني 2009 تدعم صحة الفرضية السابقة خاصة بعد أن كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن زيارة بايدن تهدف أساسا إلى تحذير إسرائيل من مهاجمة إيران.
والمثير للانتباه أن المواقف السابقة ظهرت متزامنة مع إعلان إيران في 9 مارس أن قواتها البحرية اختبرت بنجاح إطلاق المدمرة البحرية المحلية الصنع "جماران" لصاروخ بحر بحر.
وذكرت وكالة أنباء فارس الإيرانية في هذا الصدد أن إطلاق الصاروخ الذي جرى بحضور قادة ومسئولين إيرانيين كبار جاء بعد إجراء اختبارات مختلفة على النظام الصاروخي في مدمرة جماران خلال الأيام الأخيرة.
وأضافت الوكالة أن المدمرة "جماران" دشنتها إيران في منتصف فبراير/شباط الماضي وصنعت بخبرات محلية تضم أحدث المعدات الالكترونية والرادارات وقواعد إطلاق الصواريخ والطوربيدات والمدفعية.
وانتهت إلى القول :" إن جماران ونظرا للإمكانات التي تتمتع بها بإمكانها الدخول في أي مواجهة على السطح أو تحت الماء أو في الجو وخوض الحرب الإلكترونية في آن واحد ، إضافة إلى قدرتها على حمل طائرات مروحية ".
وقبل يومين من الكشف عن التطور السابق وتحديدا في 7 مارس ، أعلنت إيران أيضا عن إنتاج صاروخ كروز " نصر - 1" القادر على تدمير سفن حربية كبيرة الحجم.
ونقلت وكالة "اسنا" الإيرانية عن وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي القول أثناء مشاركته في تدشين خط إنتاج الصاروخ :" إيران بدأت بإنتاج صاروخ جديد قصير المدى مضاد للسفن أطلق عليه اسم نصر - 1 وقادر على تدمير أهداف من ثلاثة آلاف طن".
وأضاف " الصاروخ يمكن إطلاقه من الساحل أو من السفن وسيتم تطويره لاحقا لاستخدامه من المروحيات والغواصات".
طائرة الشبح
صواريخ إيرانية
ولم يقف الأمر عند ما سبق ، حيث كشفت إيران في 7 فبراير الماضي عن تصنيع طائرة "شبح" لا يكتشفها الرادار لتضاف إلى الترسانة العسكرية الإيرانية وذلك بعد ساعات من إعلانها أيضا عن افتتاح خطوط إنتاج لنوعين جديدين من الصواريخ وإنتاج سلاح مضاد للـ"أباتشي" من شأنه أن يحد من قدرات هذا النوع من المروحيات القتالية الأمريكية.
وكان مساعد قائد القوات الجوية الإيرانية لشئون التنسيق عزيز نصير زادة أعلن في 7 فبراير عن نجاح تجربة أول طائرة إيرانية دون طيار لا يكتشفها الرادار " طائرة شبح " ، قائلا إن : " الاختبارات التي أجريت علي الطائرة تمت بنجاح تام حيث كانت وفق المعايير التي كنا نتطلع إليها وحلقت دون أن يكتشفها الرادار".
وأضاف نصير زادة أن الطائرة التي أطلق عليها "سفره ماهي" أي "شيطان البحر" صنعت بالاستفادة من التكنولوجيا المتطورة للغاية وسيتم إنتاجها رسمياً بعد إتمام مرحلة الأبحاث وتزويدها بالأجهزة الإلكترونية والعتاد ، مؤكدا أن تحليق تلك الطائرة يعد ذروة التطور التقني في العالم الذي حصلت عليه إيران.
وجاءت التصريحات السابقة بعد أن أعلنت إيران في 6 فبراير أيضا عن خطوة جديدة على صعيد تعزيز وضعها العسكري تمثلت في افتتاح خطوط إنتاج لنوعين من الصواريخ ، الأول مضاد للمدرعات، في حين أن الثاني موجه ضد المروحيات ، كما لوحت بقدرة قواتها الجوية على مواجهة كل التحديات.
وجرى افتتاح الخطين برعاية وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي وتحمل الصواريخ المضادة للدروع اسم "طوفان 5" ، أما المضادة للمروحيات فقد سميت "قائم" ، ووصف وحيدي "طوفان 5" بأنه من أحدث الصواريخ المضادة للدروع وأكثرها تطورا حيث لها القدرة في اختراق المصفحات والدبابات والمدرعات وتدميرها تماما.
وشرح وحيدي أيضا أبعاد صاروخ "قائم" المضاد للمروحيات ، قائلا: "هذا الصاروخ شبه الثقيل الذي يتم توجيهه باستطاعته تدمير الأهداف الجوية وخاصة المروحيات الهجومية المزودة بشبه الدروع المقاومة ، وهو يطلق بأشعة ليزرية ومن خصوصياته قدرته على مقاومة الحرب الالكترونية وهو يطلق ذبذبات تشويش على أهداف العدو".
وأعرب وزير الدفاع الإيراني عن أمله بأن يتم تعزيز القدرة الدفاعية للقوتين الجوية والبرية من خلال الإنتاج المكثف لمثل تلك الأسلحة المتطورة .
وقبل ذلك وبالتزامن مع تقارير حول نشر الولايات المتحدة لصواريخ دفاعية في منطقة الخليج تحسباً لهجمات إيرانية ، لوحت إيران في 3 فبراير بقدراتها العسكرية أيضا بالإعلان عن تطوير سلاح جديد يقلص سيادة مروحيات "الأباتشي" الهجومية الأمريكية على الأجواء.
وقال مدير مؤسسة الاكتفاء الذاتي للقوات البرية لحرس الثورة الإيراني ناصر عرب بيكي في هذا الصدد :" إنه ينبغي للأعداء أن يدركوا بأن طائراتهم الأباتشي التي تحلق في العراق وأفغانستان لن يكون لها نفس تلك الكفاءة إذا ما هاجمت إيران ".
والخلاصة أن سياسة إيران باتت تربك حسابات الغرب بشدة ، وفي حال كهذا فإن أوباما لن يعطي الضوء الأخضر بسهولة لإسرائيل لشن عمل عسكري ضد إيران خاصة وأن الاقتصاد الأمريكي مازال يئن تحت وطأة الأزمة المالية التي تفجرت في أواخر عهد سلفه جورج بوش.
http://www.moheet.com