الولايات المتحدة.. إقامة طويلة في العراق.
أخبار عقود مشتريات العتاد والخدمات التي أعلنت عنها الولايات المتحدة مؤخراً لا توحي أبداً أن الأمريكيين لديهم النية في مغادرة العراق في القريب العاجل. إذ أدى فشل عربات "الهمفن" في توفير الحماية لركابها من هجمات المقاومة إلى تعاقد الجيش الأمريكي على شراء عربات مدرعة خفيفة مزودة برشاشات يمكن تشغيلها بأمان من داخل العربة وعدم ظهور الرامي أو المراقب خارج حماية الدرع. اسم العربة الجديدة م117 وبعد أن كان العقد يشمل حوالي 120 عربة قرر الجيش الأمريكي فجأة رفع العدد المطلوب إلى حوالي ألفي عربة واستبدال المدفع الرشاش بآخر من عيار ثقيل مع قاذف قنابل عيار 40 ملم. وقد تسلم الأمريكيون 70 عربة من هذا الطراز حتى الآن وهم يطالبون الشركة المنتجة برفع معدل الإنتاج من 8 عربات شهريا إلى 36 عربة بأسرع ما يمكن. وللتغلب على خطر العبوات الناسفة المزروعة على الطرق والسيارات المفخخة والكمائن العشوائية التي تفيد المصادر الأمريكية بأنها السبب المباشر الذي أدى إلى 90% من الخسائر البشرية. ثم التعاقد على تطوير نظام تصوير مركب على طائرات مسيرة لتصوير الطرق والمناطق الخطرة بشكل مستمر وإرسال نتائج الاستطلاع إلى مركز معلومات لاكتشاف أعمال نصب الكمائن وزرع الألغام فوراً أو اكتشاف مكانها من خلال قيام الحاسبات في مركز المعلومات بمقارنة الصور آلياً والتحذير من التغييرات الجديدة التي طرأت بين وقتي التصوير مثل إحداث ردميات أو حفر أو وقوف سيارة. أيضاً لا تزال مواقع الاستخبارات ووزارة الدفاع على شبكة الإنترنت تعلن عن وظائف مترجمين يجيدون اللغة العربية باللهجة العراقية. كل هذه المؤشرات تفسر لنا لماذا أتى بيان شرم الشيخ الأخير غفلاً عن ذكر التاريخ المقرر لانسحاب القوات الأمريكية من العراق.
السويد... تأجير مقاتلات... والقبض دجاجاً
السويد تكاد تكون الدولة الأوروبية الوحيدة التي استطاعت أن تحافظ على صناعة طيران عسكري مستقل فيما اضطرت باقي الدول الأخرى إلى مشاركة الآخرين في برامج إنتاج مشترك أو إنتاج طائرات الآخرين بترخيص خاص. ونظراً لأن معظم الدول الصغيرة لا تشتري الطائرات إلا من الدول التي تستطيع أن تعطيها حماية سياسية إضافة إلى الطائرات فإن طائرات السويد وعلى الرغم من جودتها وتقنياتها العالية لم تجد مشترين. ولحماية صناعتها الجوية من الإفلاس تجاهد السويد لتسويق مقاتلاتها الحديثة من طراز (ساب) ولكن دون جدوى تذكر. ولذلك فقد اضطرت أخيراً إلى تأجير المقاتلات لتشيكيا. إذ أبرمت معها صفقة لتأجير أربع عشرة مقاتلة حديثة "ساب جريبن" متعددة المهام لمدة عشر سنوات بما في ذلك تقديم خدمات التدريب والإسناد الفني. كما نجحت السويد في بيع طائرات مماثلة إلى جنوب إفريقيا والمجر. أما مع تايلاند فقد اضطرت السويد إلى القبول لقبض ثمن جزء من مبيعاتها من المقاتلات على شكل صادرات من لحوم الدجاج التايلاندية التي تجد تايلاند صعوبة في تصديرها بسبب المخاوف التي تحيط بالطيور الآسيوية التي تعرضت للمرض بشكل متكرر في الأعوام الماضية. وهذا يعكس مدى الصعوبة التي يجدها مصدرو الطائرات المقاتلة الذين لا يملكون عضلات سياسية أو زبائن أثرياء. فروسيا على سبيل المثال تعرض مقاتلاتها من طراز سوقوي وميج مع إعلان قبولها بفكرة السداد بصادرات مثل زيوت الطعام أو سلع استهلاكية ولكن دون جدوى خاصة مع ارتفاع أثمان الطائرات المقاتلة وتجاوزها لحاجز الـ30 مليون دولار.
كندا... الشركات تتحدى تلاعب الحكومة
في خطوة جريئة ويائسة أقدم تحالف شركتي أوجستا الإيطالية وويستلاند البريطانية على تقديم شكوى قضائية إلى المحكمة الفدرالية العليا الكندية ضد وزارة الأشغال والخدمات الحكومية بسبب قيام الوزارة بمنح عقد توريد 28 طائرة عمودية للقوات المسلحة الكندية بقيمة 4 مليارات دولار أمريكي تقريباً إلى منافستها الأمريكية شركة سيكورسكي. الجريء في الأمر أن الشركة قدمت للمحكمة دراسات تفصيلية عن التكلفة التشغيلية للطائرات تثبت أن مصلحة كندا تقتضي شراء الطائرات الأوروبية واتهمت الوزارة بالتحيز الواضح للأمريكيين إذ إن الطائرة الأمريكية التي وقع عليها الاختيار لن تكون جاهزة قبل عام 2010 وقالت الشركة إنها تقدمت للمسابقة وأنفقت أموالاً ووقتاً وجهداً معتقدة أن الاختيار سيتم على أسس واضحة ونزيهة وإن النتيجة التي تمخضت عنها المسابقة لا توحي بذلك ولذلك فهي تطالب المحكمة بإصدار حكمها في الموضوع بأحد الحلول التالية: إما إلزام الحكومة الكندية بشراء طائراتها أو إعادة المسابقة تحت إشراف جهة رقابية محايدة أو تعويضها عما خسرته من جراء الإعداد والمشاركة في المسابقة... ما أعجبني في هذا الأمر هو أن الشركات أصبحت لها أظافر وأنياب وأنها مستعدة للدفاع عن مصالحها إذا ما أحست أن الحكومات لا تحافظ على مصالح مواطنيها وتبذر أموالهم، وأعتقد أن هذا التحالف الأوروبي لن توجه له الدعوة لمنافسات الدول النامية لأنه تحالف مشاغب ومحرج ولا يفهم أن توجيه الدعوة له هو من باب المجاملة واستكمال مظاهر النزاهة المفترضة في مثل هذه الصفقات. ولكن أرجو ألا تفهموا أن الكنديين أفضل بكثير من الدول النامية فقد صرح متحدث باسم الوزارة أن الوزارة لا شأن لها بموقف الشركة المعترضة وأنها ستمضي قدماً في التعاقد مع سايكورسكي يعني بالبلدي "خليها تبلط البحر".
عقود التسليح في الدول المتقدمة... والدول النامية
مما يلفت النظر ما ينشر في المجلات والنشرات العسكرية المختلفة عن برامج المشتريات العسكرية في الدول المتقدمة فنجد أن قوائم مشتريات السلاح للقوات المسلحة الأمريكية أو البريطانية من الآن وحتى عام 2025 معروفة ومواعيد خروج المنظومات الحالية ودخول المنظومات الجديدة محددة سلفاً وكذلك الأمر بالنسبة لفرنسا وفي روسيا إلى حد ما. كذلك ويجدون حرجاً في نشر تكاليف التسليح وقيمة وحدة المنظومة من طلقة الرشاش وحتى حاملة الطائرات.
أما عندما يتعلق الأمر بمشتريات السلاح في دول العالم الثالث فإن الأمر يتحول إلى ألغاز وأحاجي يستحيل حلها إلا بعد خروج تلك الأسلحة من الخدمة أما الأسعار وتكاليف الخدمات فلا تفكر أبداً في معرفتها لأن إفشاءها يضر بالمصالح الوطنية للدول المنتجة والمصالح المالية الشخصية المباشرة لبعض المسؤولين والمتنفذين المستفيدين من هذا الغموض والذي ينسب عادة إلى سرية المعلومات العسكرية. وخير مثال على ذلك ما أعلنته صحيفة الجارديان البريطانية مؤخراً من أن ابنة الرئيس الإندونيسي السابق سوهارتو تلقت عشرة في المئة من قيمة الصفقة البالغة 160 مليون دولار لشراء مئة دبابة من طراز سكوربيون من شركة "آلفيز" البريطانية بينما حصل بقية الجنرالات الذين سهلوا الأمر على نسب أقل. لكن السر الأكبر هو الشروط التي خضعت لها إندونيسيا بشأن استخدام تلك الدبابات التي تجعلها إذا ما التزمت إندونيسيا بذلك مجرد قطع زينة للديكور والاستعراض البروتوكولي.
المصدر صحيفة الوطن
أخبار عقود مشتريات العتاد والخدمات التي أعلنت عنها الولايات المتحدة مؤخراً لا توحي أبداً أن الأمريكيين لديهم النية في مغادرة العراق في القريب العاجل. إذ أدى فشل عربات "الهمفن" في توفير الحماية لركابها من هجمات المقاومة إلى تعاقد الجيش الأمريكي على شراء عربات مدرعة خفيفة مزودة برشاشات يمكن تشغيلها بأمان من داخل العربة وعدم ظهور الرامي أو المراقب خارج حماية الدرع. اسم العربة الجديدة م117 وبعد أن كان العقد يشمل حوالي 120 عربة قرر الجيش الأمريكي فجأة رفع العدد المطلوب إلى حوالي ألفي عربة واستبدال المدفع الرشاش بآخر من عيار ثقيل مع قاذف قنابل عيار 40 ملم. وقد تسلم الأمريكيون 70 عربة من هذا الطراز حتى الآن وهم يطالبون الشركة المنتجة برفع معدل الإنتاج من 8 عربات شهريا إلى 36 عربة بأسرع ما يمكن. وللتغلب على خطر العبوات الناسفة المزروعة على الطرق والسيارات المفخخة والكمائن العشوائية التي تفيد المصادر الأمريكية بأنها السبب المباشر الذي أدى إلى 90% من الخسائر البشرية. ثم التعاقد على تطوير نظام تصوير مركب على طائرات مسيرة لتصوير الطرق والمناطق الخطرة بشكل مستمر وإرسال نتائج الاستطلاع إلى مركز معلومات لاكتشاف أعمال نصب الكمائن وزرع الألغام فوراً أو اكتشاف مكانها من خلال قيام الحاسبات في مركز المعلومات بمقارنة الصور آلياً والتحذير من التغييرات الجديدة التي طرأت بين وقتي التصوير مثل إحداث ردميات أو حفر أو وقوف سيارة. أيضاً لا تزال مواقع الاستخبارات ووزارة الدفاع على شبكة الإنترنت تعلن عن وظائف مترجمين يجيدون اللغة العربية باللهجة العراقية. كل هذه المؤشرات تفسر لنا لماذا أتى بيان شرم الشيخ الأخير غفلاً عن ذكر التاريخ المقرر لانسحاب القوات الأمريكية من العراق.
السويد... تأجير مقاتلات... والقبض دجاجاً
السويد تكاد تكون الدولة الأوروبية الوحيدة التي استطاعت أن تحافظ على صناعة طيران عسكري مستقل فيما اضطرت باقي الدول الأخرى إلى مشاركة الآخرين في برامج إنتاج مشترك أو إنتاج طائرات الآخرين بترخيص خاص. ونظراً لأن معظم الدول الصغيرة لا تشتري الطائرات إلا من الدول التي تستطيع أن تعطيها حماية سياسية إضافة إلى الطائرات فإن طائرات السويد وعلى الرغم من جودتها وتقنياتها العالية لم تجد مشترين. ولحماية صناعتها الجوية من الإفلاس تجاهد السويد لتسويق مقاتلاتها الحديثة من طراز (ساب) ولكن دون جدوى تذكر. ولذلك فقد اضطرت أخيراً إلى تأجير المقاتلات لتشيكيا. إذ أبرمت معها صفقة لتأجير أربع عشرة مقاتلة حديثة "ساب جريبن" متعددة المهام لمدة عشر سنوات بما في ذلك تقديم خدمات التدريب والإسناد الفني. كما نجحت السويد في بيع طائرات مماثلة إلى جنوب إفريقيا والمجر. أما مع تايلاند فقد اضطرت السويد إلى القبول لقبض ثمن جزء من مبيعاتها من المقاتلات على شكل صادرات من لحوم الدجاج التايلاندية التي تجد تايلاند صعوبة في تصديرها بسبب المخاوف التي تحيط بالطيور الآسيوية التي تعرضت للمرض بشكل متكرر في الأعوام الماضية. وهذا يعكس مدى الصعوبة التي يجدها مصدرو الطائرات المقاتلة الذين لا يملكون عضلات سياسية أو زبائن أثرياء. فروسيا على سبيل المثال تعرض مقاتلاتها من طراز سوقوي وميج مع إعلان قبولها بفكرة السداد بصادرات مثل زيوت الطعام أو سلع استهلاكية ولكن دون جدوى خاصة مع ارتفاع أثمان الطائرات المقاتلة وتجاوزها لحاجز الـ30 مليون دولار.
كندا... الشركات تتحدى تلاعب الحكومة
في خطوة جريئة ويائسة أقدم تحالف شركتي أوجستا الإيطالية وويستلاند البريطانية على تقديم شكوى قضائية إلى المحكمة الفدرالية العليا الكندية ضد وزارة الأشغال والخدمات الحكومية بسبب قيام الوزارة بمنح عقد توريد 28 طائرة عمودية للقوات المسلحة الكندية بقيمة 4 مليارات دولار أمريكي تقريباً إلى منافستها الأمريكية شركة سيكورسكي. الجريء في الأمر أن الشركة قدمت للمحكمة دراسات تفصيلية عن التكلفة التشغيلية للطائرات تثبت أن مصلحة كندا تقتضي شراء الطائرات الأوروبية واتهمت الوزارة بالتحيز الواضح للأمريكيين إذ إن الطائرة الأمريكية التي وقع عليها الاختيار لن تكون جاهزة قبل عام 2010 وقالت الشركة إنها تقدمت للمسابقة وأنفقت أموالاً ووقتاً وجهداً معتقدة أن الاختيار سيتم على أسس واضحة ونزيهة وإن النتيجة التي تمخضت عنها المسابقة لا توحي بذلك ولذلك فهي تطالب المحكمة بإصدار حكمها في الموضوع بأحد الحلول التالية: إما إلزام الحكومة الكندية بشراء طائراتها أو إعادة المسابقة تحت إشراف جهة رقابية محايدة أو تعويضها عما خسرته من جراء الإعداد والمشاركة في المسابقة... ما أعجبني في هذا الأمر هو أن الشركات أصبحت لها أظافر وأنياب وأنها مستعدة للدفاع عن مصالحها إذا ما أحست أن الحكومات لا تحافظ على مصالح مواطنيها وتبذر أموالهم، وأعتقد أن هذا التحالف الأوروبي لن توجه له الدعوة لمنافسات الدول النامية لأنه تحالف مشاغب ومحرج ولا يفهم أن توجيه الدعوة له هو من باب المجاملة واستكمال مظاهر النزاهة المفترضة في مثل هذه الصفقات. ولكن أرجو ألا تفهموا أن الكنديين أفضل بكثير من الدول النامية فقد صرح متحدث باسم الوزارة أن الوزارة لا شأن لها بموقف الشركة المعترضة وأنها ستمضي قدماً في التعاقد مع سايكورسكي يعني بالبلدي "خليها تبلط البحر".
عقود التسليح في الدول المتقدمة... والدول النامية
مما يلفت النظر ما ينشر في المجلات والنشرات العسكرية المختلفة عن برامج المشتريات العسكرية في الدول المتقدمة فنجد أن قوائم مشتريات السلاح للقوات المسلحة الأمريكية أو البريطانية من الآن وحتى عام 2025 معروفة ومواعيد خروج المنظومات الحالية ودخول المنظومات الجديدة محددة سلفاً وكذلك الأمر بالنسبة لفرنسا وفي روسيا إلى حد ما. كذلك ويجدون حرجاً في نشر تكاليف التسليح وقيمة وحدة المنظومة من طلقة الرشاش وحتى حاملة الطائرات.
أما عندما يتعلق الأمر بمشتريات السلاح في دول العالم الثالث فإن الأمر يتحول إلى ألغاز وأحاجي يستحيل حلها إلا بعد خروج تلك الأسلحة من الخدمة أما الأسعار وتكاليف الخدمات فلا تفكر أبداً في معرفتها لأن إفشاءها يضر بالمصالح الوطنية للدول المنتجة والمصالح المالية الشخصية المباشرة لبعض المسؤولين والمتنفذين المستفيدين من هذا الغموض والذي ينسب عادة إلى سرية المعلومات العسكرية. وخير مثال على ذلك ما أعلنته صحيفة الجارديان البريطانية مؤخراً من أن ابنة الرئيس الإندونيسي السابق سوهارتو تلقت عشرة في المئة من قيمة الصفقة البالغة 160 مليون دولار لشراء مئة دبابة من طراز سكوربيون من شركة "آلفيز" البريطانية بينما حصل بقية الجنرالات الذين سهلوا الأمر على نسب أقل. لكن السر الأكبر هو الشروط التي خضعت لها إندونيسيا بشأن استخدام تلك الدبابات التي تجعلها إذا ما التزمت إندونيسيا بذلك مجرد قطع زينة للديكور والاستعراض البروتوكولي.
المصدر صحيفة الوطن