تاجر الموت والعقيد ... السوق النووية السوداء من كتاب سي.آي. إيه Cia

يحي الشاعر

كبير المؤرخين العسكريين
عضو مميز
إنضم
2 فبراير 2008
المشاركات
1,560
التفاعل
98 0 0
– الحلقة الحادية عشر -
من كتاب " في قلب العاصفة : سنواتي في الـ "
سي.آي. إيه CIA
ألمؤلف
جورج تينيت المدير السابق
لوكالة المخابرات الأمريكية ..


تاجر الموت والعقيد ... السوق النووية السوداء





أسرار تأتى ... بعد دهور ... ليعرف الشعب المصرى والعربى ، ماذا كان يدور خلف ظهره ...


يحى الشاعر


المصدر


http://www.el-wasat.com/details.php?id=3084




تاجر الموت والعقيد ... السوق النووية السوداء
3084khan.jpg
الحلقة الحادية عشرة من كتاب " في قلب العاصفة : سنواتي في الـ " سي.آي. إيه "
المؤلف : جورج تينيت المدير السابق لوكالة المخابرات الأمريكية

قيمة هذا الجزء من كتاب تينيت الذي اختار له عنوان " تاجر الموت والعقيد" أنه يقدم لأول مرة الأسرار الكاملة لأزمتين دوليتين لطالما استحوذتا على اهتمام العالم في الآونة الأخيرة ، ومنها ما عرف بـ " السوق النووية السوداء " أو " سوبر ماركت خان النووي " نسبة لشبكة العالم الباكستاني عبد القدير خان ، وتفكيك البرنامج النووى الليبي .. ومتعة قراءة هذا الجزء من كتاب تينيت تبقى في تفصيلاته الصغيرة ، وما تكشف عنه من تقلبات في المواقف ، تمليها لغة المصالح ، وتحول أطراف الأزمة من النقيض للنقيض ، واستعداد طرف للنفاق ، واستعداد الآخر لقبوله .. كل هذا يجعل القارئ يعايش هذه الأحداث من جديد ، ولكن من خلال رواية من شارك بالفعل في صنعها !!
ترجمة الأستاذ / مجدي كامل
قال الرئيس جون كنيدي في الثامن والعشرين من شهر نوفمبر عام 1961 : " ليس دائماً من السهولة بمكان أن يتم الإشادة بنجاحاتكم ، أو أن يتم التسامح مع إخفاقاتكم.. ولكني علي يقين من أنكم تدركون مدى أهمية العمل الذي تقومون به.. ومدى الحاجة الملحة إليه.. إنه كذلك هام وملح.. وعلي امتداد مسيرة التاريخ ، كم سيكون حكم التاريخ عليكم رائعاً ".

والآن وبعد ما يقرب من نصف قرن من الزمان ، لا تزال كلمات الرئيس كنيدي تجسد الواقع. فالمشكلة غالباً ما تكون من وحي اختلاق المجتمع المخابراتي نفسه. فنحن نتردد دائماً في الحديث عن نجاحاتنا. وأحياناً يكون من المفيد أن يتم تجاهل انجاز مهم قمنا به كما لو كان فشلاً ، لإبعاد ما فعلناه عن أعين الدول والمنظمات المارقة.
لم يذكر لـي أحد إغلاقي سوبر ماركت خان النووي
و لا جهودي لتفكيك برنامج العقيد القذافي النووي!!
ورغم ذلك فهناك عمليتان ناجحتان قمنا بهما إبان مشواري الوظيفي في المخابرات الأمريكية ، ولم يسترعيا ما يجب من اهتمام الرأي العام : تفكيك شبكة عبد القدير خان النووية ، ونزع برامج أسلحة الدمار الشامل الليبية. وهاتان العمليتان مجرد نموذج كلاسيكي لما ينبغي أن تقوم به المخابرات الأمريكية إذا ما أردنا تفادي مستقبل كارثي.
و قد كانت شبكة عبد القدير خان لنشر النووي تحت أعيننا طيلة سنواتي السبع كمدير لـ " سي. آي. إيه ". وكان يتم التعامل داخل الوكالة مع ما نبذله من جهود ضد منظمته كأسرار فائقة السرية . وغالباً ما كنت أطلع الرئيس وحده دون سائر أعضاء إدارته علي ما نحققه من تقدم في مطاردة شبكة خان.

ودكتور عبد القدير خان هو عالم وخبير معادن وهو الأب الروحي لبرنامج الأسلحة النووية الباكستاني. وقد درس دكتور خان كما هو معروف في أوروبا ونال درجة الدكتوراة في بلجيكا عام 1972. وعمل في صناعة الطاقة النووية في هولندا قبل أن يعود إلي باكستان في عام 1976 ليساعد بلاده علي منافسة الهند التي كانت قد أجرت لتوها أول عملية تفجير نووي.

و كان خان قد سرق من رؤسائه الهولنديين الأسرار والمعلومات التي منحت باكستان قفزة البداية لدخول العصر النووي ( وللحقيقة فقد أدانت محكمة هولندية خان في عام 1983 - غيابياً - بتهمة التجسس النووى ، ولكن تم اسقاط الحكم بعد عامين لعدم سلامة الإجراءات ).
وخلال السبعينيات والثمانينيات ، بذل خان جهوداً هائلة لبناء مركز لتخصيب اليورانيوم ، أطلق اسمه عليه فيما بعد علي سبيل التكريم لجهوده من جانب الحكومة الباكستانية ، ليصبح " معمل أبحاث عبد القدير خان ".
و في عام 1979 ، أوقفت الولايات المتحدة مساعداتها العسكرية والاقتصادية لباكستان بسبب مخاوفها إزاء محاولاتها استخدام اليورانيوم لإنتاج اسلحة نووية.
و مع نهاية الثمانينيات وأوائل التسعينيات ، بدأت تقارير تفيد بأن باكستان لديها ما يكفي من الوقود المخصب لإنتاج قنبلتها ، تظهر في وسائل الإعلام وأماكن أخرى.

وعلي مدي سنوات عدة ، كانت هناك شائعات وبعض المعلومات الاستخباراتية حول أن خان كان يتقاسم خبراته المميتة فيما وراء حدود باكستان ، وأن اتصالاته الدولية تشمل الصين وكوريا الشمالية وجميع أنحاء العالم الإسلامي. وفي بعض الحالات كانت هناك مؤشرات على أنه كان يتاجر بخبراته النووية بالإضافة إلي مواد تدخل في مجال التصنيع العسكري. وعلي سبيل المثال ساعد كوريا الشمالية في عملية تخصيبها لليورانيوم مقابل حصوله علي تكنولوجيا صناعة الصواريخ البالستية. وقد كان من الصعب في تلك المرحلة اكتشاف مدى تورط الحكومة الباكستانية في الأمر ، وما إذا كان ما يفعله يجري بعلمها. فقد كان من المفترض أن خان في النهاية موظف حكومي براتب متواضع ، ورغم ذلك فقد كان يحيا في رغد من العيش ، ولديه امبراطورية مستمرة في التوسع.

قلت لمشرف : " خان " باعكم وسرق مـــــن حكومتك
تصميمات النووي.. واحنا سرقناها منه.. وأهه !!
وعلى الرغم من أن سي. آي. إيه قد كافحت لاختراق شبكة خان النووية ، وكشف خفايا عملياتها ، إلا أننا كنا نشعر بالتوتر أثناء قيامنا بالتحقيق في هذه العمليات. فالطبيعي وبحكم الغريزة ، أن تندفع علي الفور للتحرك متى اكتشفت معلومات استخباراتية حول وجود شبكة انتشار نووي ، ولكن عليك ان تسيطر علي هذا الاندفاع ، وتتريث ، حتي تقتفي اثر هذه الشبكة وحلقاتها إلي حيث تقودك ، حتى إذا بدأت التحرك تستطيح استئصال الشبكة بجذورها وفروعها ، لأنك لو قمت فقط باستئصال الفروع ، فسوف تنمو الجذور من جديد.
و في نهاية التسعينيات كان قسم مكافحة الانتشار النووي في الوكالة يديره ضابط مخابرات أبلغني ذات مرة أنه عندما كان طفلاً قرأ كتاباً عن ضرب هيروشيما بالقنبلة الذرية ، وشعر بالصدمة لما يمكن أن تنشره مثل هذه القنابل من دمار شامل. وقال الضابط أن من بين ما يربطه بعمله هو رغبته في الحيلولة دون وقوع مثل أسلحة الدمار هذه في الأيدي الخطأ.

وكما هي العادة فتحنا قنوات اتصال مع كل الجهات التي يمكن أن تساعدنا في هذا الصدد. ومن هنا انضم إلينا زملاؤنا في الاستخبارات البريطانية ، وبدأنا في العمل الجاد للكشف عن خفايا شبكة خان. واكتشفنا مدي اتساع الشبكة وامتدادها من باكستان لأوربا ومن الشرق الأوسط لآسيا. وتمكنا معاً من رسم صورة مفصلة للشبكة والكشف عن داعميها بالأموال وعلمائها والشركات التجارية التي تعمل كواجهة تتستر خلفها أنشطة الشبكة واستطاع جواسيسنا اختراق سلسلة من عملياتها.
و أدركنا في النهاية أن خان كان يبيع لزبائنه اشياء كثيرة منها أجهزة الطرد المركزي اللازمة لعملية تخصيب اليورانيوم. وأنه من بين هؤلاء الزبائن كوريا الشمالية وإيران وجنوب إفريقيا.
و ما كان منا إلا أن أبلغنا الرئيس بوش بما لدينا. وقال أحد ضباطي للرئيس: "المعلومات التي لدينا عن النووي يا سيدي تكفي لتحويل سي آي إيه إلي دولة نووية قائمة بذاتها " !


و في أواسط عام 2003 ، اكتشفنا المواقع التي كان يقوم فيها خان بتصنيع أجهزة الطرد المركزي تمهيداً لبيعها وأخذنا نبحث قيامنا بعمل ضد هذه المواقع. ولكننا فكرنا في أن هذا ليس بالحل الأمثل لأنه سيكون بإمكانه متى مني بانتكاسة في هذه المواقع أن ينقل نشاطه إلي أماكن أخري.
لذا ، توصلنا إلي حل أكثر واقعية ، وأبعد أثراً يتتضمن سلسلة من التحركات المتناغمة ضد الشبكة.
فقد توصلنا إلي دلائل حول قيام خان ببيع تصميمات أجهزة الطرد المركزي ووثائق نووية أخري قام بسرقتها من الحكومة الباكستانية ومن بين الدول التي اشترتها منه ليبيا وإيران وكوريا الشمالية . وأنه وزملائه في الشبكة كانوا يستخدمون مصنعاً في ماليزيا لإنتاج المكونات الأساسية لهذه الأجهزة. أما الأجزاء الأخري فيأتي بها عملاؤه في أوربا والشرق الأوسط وأفريقيا. وكان مساعد خان بي أس إيه طاهر يدير بيزنس خان النووي من دبي متخذاً من شركة لبيع أجهزة الكمبيوتر واجهة لأنشطة الشبكة.

وفي هذه المرحلة كان يتعين علينا التحرك ولكن كان لا بد أولاً من تحديد موقف الحكومة الباكستانية. وكان علي إبلاغ الرئيس برويز مشرف الذي تعاون معنا لمكافحة الإرهاب ، ووقف معنا ضد بن لادن ، بأن عليه مساعدتنا للقضاء علي رجل موجود لديه بالفعل.. رجل حول بلاده إلي قوة نووية ، و يُنظر إليه في باكستان كبطل قومي.
ولأن مثل هذه الطلبات لا ينبغي أن تجري عبر الهاتف ، أو أمام تجمعات كبيرة. وحدث أن كان مشرف في تلك الفترة يزور نيو يورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، فما كان مني إلا أن طلبت مقابلته على انفراد. وفي يوم 24 سبتمبر عام 2003 التقينا في جناحه بالفندق في اجتماع من تلك الاجتماعات التي يشار إليها عندنا " في سي. آي. إيه " بـ " اجتماع الأربع عيون " حيث لا يحضرها سوى اثنين فقط .


في البداية شكرت مشرف علي مساندته الشجاعة في الحرب علي الإرهاب ، ثم قلت إنني أحمل له بعض الأخبار غير السارة.. قلت " عبد القدير خان يخون بلادك. لقد سرق بعض أكثر أسرار بلادك حساسية ، وباعها لمن يدفعون أكثر من المزايدين.. لقد سرق خان أسرار أسلحتك النووية.. ونحن متأكدون من هذا ، لأننا سرقناها منه ". ثم فتحت حقيبتي وأخرجت بعض الرسوم والتصميمات النووية المسروقة من خزائن الحكومة الباكستانية. ورغم أنني وكذلك الرئيس مشرف لسنا علماء نووي ، إلا أنني قد استعنت بفريقي الذي يضم متخصصين لكي يضعوا علامات وإيضاحات علي الرسوم أستطيع من خلالها أن أثبت لمشرف أنه كان من المفترض أن تكون هذه الوثائق في خزائن حكومية في عاصمة بلاده إسلام أباد ، وليس في غرفة فندقية بنيويورك !
ومن بين ما قدمته لمشرف تصميم جهاز الطرد المركزي الباكستاني المستخدم في تخصيب اليورانيوم ، الذي باعه خان لإيران. وتصميم جهاز الطرد المركزي الباكستاني من الجيل الثاني الذي باعه خان لعدة دول. كما قدمت لمشرف الرسوم والتصميمات الخاصة بمحطة معالجة اليورانيوم الباكستانية ، التي باعها خان إلي ليبيا. ومن هنا لم يكن هناك أي شك بالنسبة لحجم وخطورة ما تمثله قضية خان.
و علي الرغم مما ذكره مشرف – فيما بعد – من أن ما جرى معي في الفندق كان من أكثر المواقف التي تعرض فيها للحرج طوال فترة رئاسته. إلا أنه لم يبد أمامي أي تأثر يذكر ، فهو كما عرفته من الشخصيات التي تحتفظ ببرودة أعصابها ، وبينما تركز مع كل كلمة تقولها ، إلا أنها لا تظهر رد فعلها أبداً.

وقلت له إنني أعرف أنه ومنذ شهر مارس 2001 ، وهو يحاول فرض قيود علي سفريات خان للخارج.. ثم قدمت للرئيس الباكستاني قائمة بعشرات الجولات الخارجية ، التي قام بها خان رغم هذه القيود ، وأن خان أثناء حديثنا كان يقوم بإحدي جولات تسويقه للنووي .

و نبهت مشرف لخطورة المأزق الذي يضع خان فيه بلاده. وقلت له : إذا وقع هذا النووي في يد دولة مثل ليبيا أو إيران ، أو لا قدر الله تنظيم إرهابي كالقاعدة ، وعرف فيما بعد أنها حصلت عليه من بلادك فإن عواقب ذلك ستكون وخيمة.
و اقترحت بعض الخطوات التي يمكننا اتخاذها مجتمعين للكشف عن كل ما يتعلق بفساد خان ، ووضع نهاية له مرة واحدة وللأبد.
وبعد أن طرح عدة أسئلة ، ودعني مشرف قائلاً وبمنتهي البساطة : شكراً جورج سأهتم بذلك ".

ولم يمض وقت طويل علي عودته لبلاده حتي تعرض الرئيس الباكستاني لمحاولتي اغتيال من تدبير القاعدة. ثم تسربت إلينا أنباء تحقيقات كبري تجريها الحكومة الباكستانية حول أنشطة مركز ابحاث خان النووي.
وفي 25 يناير 2004 ، أعلن المحققون الباكستانيون أن خان زود البرنامج النووي الإيراني بمساعدات تقنية محظور تداولها مقابل عشرات الملايين من الدولارات. وبعد ستة أيام تم فصل خان من وظيفته كمستشار علمي للرئيس للسماح باستمرار التحقيق. وفي أوائل شهر فبراير ، أعلنت الحكومة الباكستانية أن خان وقع اعترافاً بتقديمه تصميمات وأجهزة ومعدات لبرامج لإيران وليبيا وكوريا الشمالية لاستخدامها في برامج أسلحتها النووية. وظهر خان علي شاشة التيلفزيون الباكستاني في الرابع من فبراير يلقي كلمة استغرقت ثلاث دقائق ، يعترف فيها لشعبه بما فعل ، ويطلب منه الصفح. وفي اليوم التالي صفح عنه مشرف ، ولكنه أمر بوضعه قيد الإقامة الجبرية بمنزله.

ورغم أننا كنا نمني النفس بأن يتم تقديم خان للمحاكمة ، أو أن يتم استجوابه بواسطة محققين أمريكيين ومعهم محققون من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، إلا أننا اعتبرنا ما حدث بمثابة انتصار كبير. وقبل أن أرحل عن منصبي كمدير لوكالة سي. آي. إيه " قمت بتقليد جميع ضباطي المسئولين عن تفكيك شبكة خان الأوسمة تقديراً لدورهم.

التعاون الاستخباراتي بيننا وبين الليبيين حول أنشطة الجماعات الإسلامية
مستمر من عام 1999 وكنا نجتمع معهم بانتظام في العواصم أوربية !!

منتهى الغرابة : فوجئنا بموسى كوسه رئيس مخابرات القذافي يقدم لنا هدايا
بعد أن اتهمناه بأنه العقل المدبر لعملية تفجير طائرة " بان أمريكان " 1988!!


ولكن هناك انتصار كبير آخر أعقب هذا الإنجاز وهو تفكيك برنامج العقيد القذافي النووي دون إطلاق رصاصة واحدة . ومنذ عام 1999 وهناك اجتماعات سرية تجري مع مسئولين ليبيين كبار حول نشاط الجماعات الإرهابية الإسلامية. وكنا نعقد هذه الاجتماعات بحضور زملاءنا في المخابرات البريطانية في مدن أوربية مختلفة.
وحدث أن اجتمعنا مع وفد ليبي يرأسه موسى كوسه الذي كان قد نال درجة الماجستير من جامعة ميتشجان الأمريكية في عام 1977 ، ويا للغرابة فقد وجد ضباط سي آي إيه أنفسهم يتبادلون الهدايا مع الرجل الذي وصفته بعض التقارير بأنه العقل المدبر لعملية تفجير طائرة بان أمريكان الرحلة رقم 103 في شهر ديسمبر عام 1988 ، والتي قتل فيها 270 شخصاً ( وقد عرف الحادث بـ " قضية لوكيربي " نسبة لتفجير الطائرة فوق قرية لوكيربي باسكتلندا ).
qzafy.jpg
و قد استمرت هذه الاتصالات لسنوات عدة تالية ، حتى أدانت محكمة اسكتلندية ضابط مخابرات ليبي في القضية وحكمت ببراءة ضابط آخر. وقد بدا من تعاون ليبيا مع المحكمة أن نظام القذافي يريد أن يقفز خارج حلقة الإرهاب التي ارتبط بها اسم بلاده علي مدي أكثر من عشرين سنة مضت.

وكان العقيد القذافي قد أدان علانية هجمات 11 سبتمبر ووصفها بأنها " مخيفة " ، وقال إن الشعب الليبي مستعد لإرسال مساعدات إنسانية لأمريكا. وكانت هذه بادرة طيبة منه. وبعد سبتمبر تبادلنا مع الليبيين معلومات استخباراتية وكان تركيزنا هنا علي كل ما يتعلق بتنظيم القاعدة.
و في شهر مارس 2003 ، أبلغنا زملاؤنا في المخابرات البريطانية أن مبعوثاً ليبياً من طرف القذافي أبلغهم بأن العقيد الليبي يفكر جيداً في التخلي عن برامج أسلحته النووية ، وأن هذا المبعوث سألهم : هل الغرب مستعد لتخفيف العقوبات المفروضة علي ليبيا حال قيامها بذلك ؟.

سيناريو الصفقة : اتفقنا علي أن يعلن القذافي أولاً قراره بالتخلي عن النووي
ثم يرحب بليــر بالقرار ثم يبدي بوش بعض الملاحظات !!
ووصل أحد كبار ضباط المخابرات البريطانية واشنطون والتقاني في اليوم التالي ، وكانت حربنا علي العراق قد بدأت لتوها . وبعد خمسة أيام كنت مع الرئيس بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير في كامب ديفيد نبحث عرض القذافي ودوافعه.
و بعدما اتفق علي أن العرض فرصة لعمل إنجاز دون عناء ، وبعد عدة اتصالات ومقابلات مع موسى كوسه التقى وفد سي آي إيه مع القذافي في نفس المكان الذي قصفته المقاتلات الأمريكية في عام 1986 وقتلت فيه ابنة القذافي بالتبني.


القذافـي أجل إعلانه عن صفقة النووي لمشاهدة مباراة لمنتخب بلاده
و قال : لا يجب إفساد متعة المباراة علي الجماهير بأشياء لا تهمهم !!

وتعددت الزيارات تمهيداً لعقد الصفقة الكبرى ، التي تسمح بالتفتيش علي النووي الليبي وتفكيكه ، وعند منتصف شهر ديسمبر من نفس العام تحقق تقدماً كبيراً بدرجة كانت كافية للإعلان عنه. وتم الاتفاق علي أن يعلن القذافي أولاً لشعبه أنه قرر التخلي عن برامج أسلحة الدمار الشامل ، ثم يأتي دور بلير الذي يرحب بهذا الإعلان ، ثم يقوم بعد ذلك الرئيس بوش بالتعقيب علي ذلك.
و كان من المفترض أن يعلن القذافي قراره هذا في التاسع عشر من ديسمبر ، ولكننا فوجئنا بتأجيل ، وعندما علمنا السبب صدمنا أكثر.. العقيد لا يستطيع إعلان قراره الليلة لأنه سيكون منشغلاً بمشاهدة المنتخب الليبي لكرة القدم في مباراته التي سينقلها التيلفزيون ، كما أنه لا يريد إفساد تركيز جماهير الكرة الليبية علي متابعة منتخبهم في مباراة هامة بالإعلان عن أشياء لا تهمهم كأسلحة الدمار الشامل !!

انتظرونا غدا في الحلقة الثانية عشرة.
 
عودة
أعلى