– الحلقة السابعة عشر -
من كتاب " في قلب العاصفة : سنواتي في الـ "
سي.آي. إيه CIA
ألمؤلف
جورج تينيت المدير
السابق لوكالة المخابرات الأمريكية ..
ليس فقط يورانيوم النيجر و أنابيب الألمونيوم ... معامل أسلحة صدام البيولوجية المتنقلة أكذوبة أيضاً !!
من كتاب " في قلب العاصفة : سنواتي في الـ "
سي.آي. إيه CIA
ألمؤلف
جورج تينيت المدير
السابق لوكالة المخابرات الأمريكية ..
ليس فقط يورانيوم النيجر و أنابيب الألمونيوم ... معامل أسلحة صدام البيولوجية المتنقلة أكذوبة أيضاً !!
أسرار تأتى ... بعد دهور ... ليعرف الشعب المصرى والعربى ، ماذا كان يدور خلف ظهره ...
يحى الشاعر
يحى الشاعر
المصدر
http://www.el-wasat.com/details.php?id=3576
المؤلف : جورج تينيت المدير السابق لوكالة المخابرات الأمريكية
بعد أن فضح تينيت في الحلقة الماضية " قضية يورانيوم النيجر " أحد مرتكزات إدارة بوش الرئيسية لشن الحرب علي العراق ، والتي ضمنتها خطاب وزير الخارجية كولين باول الكارثي أمام الأمم المتحدة ، يستمر تينيت في فضح المزيد من مرتكزات الخطاب " مبررات الحرب ".. وفي هذا الجزء يتناول القصة الحقيقية لعميل المخابرات الألمانية مهندس الكيماويات العراقي كورف بول " اسمه الحركي " التي لطالما شغلت الأمريكيين والعالم لارتباطها بأكذوبة " معامل أسلحة صدام البيولوجية المتنقلة " ، التي عرضها باول بالصور ، والتي لطالما استشهد بها الرئيس بوش وكبار مسئوليه لتبرير الحرب.. ويؤكد تينيت أن وكالته ومعها استخبارات وزارة الدفاع توصلا إلى أن هذه المعامل يمكن أن تكون موجودة ، وتلقوا بعض صور لها ، ولكنهما قرروا مواصلة التحقق من صحتها.. إدارة بوش علمت من أحد ضباطه أنه اكتشف أنها مفبركة فطلبت منه إخفاء الأمر علي رئيسه تينيت حتى يوافق علي إدراجها خطاب باول.. وعندما اكتشف أمرها علقوا الحبل في رقبته هو، وجعلوا ضابطه الخائن يشهد ضده بأنه أبلغه ورغم ذلك لم يحذر باول !!
ترجمة الأستاذ / مجدى كامل
تبدأ القصة في عام 1998 ، عندما استطاع مهندس كيميائي عراقي أن ينسل إلي معسكر لاجئين ألماني. وخلال عام أو ما يقرب من العام استطاع الحصول على حق الهجرة لألمانيا ، والموافقة علي التعاون مع وكالة المخابرات الفيدرالية الألمانية " بي أن. دي " وتزويدها بمعلومات. وقد أعطي الألمان هذا العميل العراقي اسماً كودياً هو" كورف بول". وكما تفعل أجهزة المخابرات في شتى أنحاء العالم مع جواسيسها ، فقد أبقت المخابرات الألمانية علي شخصية مهندسها العراقي طي الكتمان ، ولكنها كانت تتقاسم مع وكالتنا " سي. آي. إيه ، من وقت لآخر، ما تحصل عليه منه من معلومات.
وقد زعم بول أن العلماء العراقيين لديهم برنامج أسلحة بيولوجية ، وأن لديهم معامل اسلحة بيولوجية متنقلة " مختبرات مواد جرثومية " يمكن تحريقها بحيث تكون دائماً بعيدة عن أعين مفتشي الأمم المتحدة.
ولأن المخابرات الألمانية كانت تحتفظ بشخصية مصدرها ، ولأن مخابرات وزارة الدفاع الأمريكية " دي. آي إيه " ، ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية " سي. آي. إيه " كانتا مسئولتين عن التجسس على العراقيين في معسكر اللاجئين في ألمانيا ، فقد رفضت السلطات الألمانية – بغرابة – أي اتصال مباشر ، بالمصدر العراقي كورف بول من جانب " سي. آي. إيه " و" دي. إن آيه ".
هكذا استغل بوش وصقوره قصــة " كورف بول "..
من وراء ظهري ثم اتهموني بعد الكارثة بأنني لم أنبههم !!
من وراء ظهري ثم اتهموني بعد الكارثة بأنني لم أنبههم !!
وقالوا لنا إنه لا يتحدث الانجليزية ، وأنه يكره الأمريكيين ( وقد عرفنا فيما بعد أن انجليزيته جيدة ). وحدث أن واتتنا الفرصة لرصده من خلال طبيب يتحدث الإنجليزية ، كان يعالجه في معسكر اللاجئين.
وقد أبلغنا هذا الطبيب أن المهندس العراقي بدا مشوشاً وعبر الطبيب عن شكوكه في إمكانيه الاعتماد علي ما يقوله. ولكن ومع ميلي لتصديق الطبيب إلا أن المخابرات لو ألقت كل معلومة لمجرد تشكيك أحد فيها ، فسوف نلقي بكل ما يأتينا من الشباك.
وقد علمت أن هناك مناقشات جارية بين محللينا وجامعي المعلومات لدينا حول هذه القضية. وعلمت أن بعض جامعي المعلومات في إدارة العمليات لدينا لا يحبون الطريقة التي تسير عليها هذه القضية ، وأعربوا عن إحساسهم الغريزي بأن " فيه حاجة غلط بالنسبة لهذا المدعوكورف بول". أما محللونا فكانوا يشعرون بأن ما كشف عنه كورف بول دقيق وصحيح لدرجة لا يجب معها استبعاده. فمما قاله يتأكد أنه فعلاً رأي معمل الأسلحة البيولوجية المتنقلة لأنه وصفها بدقة ، وأن كلامه مهم نظراً لتصعيد فرق التفتيش الدولية - في ذلك الوقت - لبحثها في العراق عن أسلحة الدمار الشامل.
ولكن بتقييم ما لدينا من معلومات ، وفي غياب أية إشارات حمراء تؤكد صدق ما قاله بول وخاصة من جانب استخبارات وزارة الدفاع الأمريكية ، بدا لنا في النهاية هذا المهندس العراقي وما كشف عنه غير ذي قيمة.
ولكن لجنة " سيلبرمان – روب " الرئاسية التي شكلها الرئيس بوش للتحقيق في تقارير المخابرات التي صدرت قبل حرب العراق بشأن برامج الأسلحة العراقية ، قالت في تقريرها الصادر في شهر مارس عام 2005 ، أنه كان يتعين علينا أن نعلن هذا بعلو صوتنا ، بغض النظر عن نتيجة مناقشاتنا ، حتى لا تدرج إدارة بوش هذه المعامل الجرثومية المتنقلة في خطاب باول ، وفي مبررات حربها علي العراق ، وأنه لا يكتفي باستبعادها من حسابات سي. آي. إيه ".. إيضاح من المترجم : سميت بلجنة " سيلبرمان – روب " نسبة إلي لورانس سيلبرمان القاضي في محكمة الاستئناف ، وتشارلز روب الحاكم السابق لولاية فيرجينيا والعضو في مجلس الشيوخ واللذين كانا يرأسا هذه اللجنة التي كانت مهمتها الكشف عما إذا كان هناك دليل على شبهة تلاعب مسؤولي البيت الأبيض أو وزارة الدفاع في المعلومات المقدمة بشأن العراق لأغراض سياسية أو تبرير الحرب ".
والسؤال الآن هو: إذا كنت تطلب تقاريرنا ، وتقول إنك تعتمد عليها ، فلماذا تضمن مبررات حربك دليلاً خطيراً لم ندرجه في تقاريرنا ، ولم تعد إلينا لتأكيده من عدمه ، وفي النهاية نلام نحن عما لم نقله ، ثم نلام لأننا لم نقل أنه ليس لدينا شيء مؤكد في موضوع ، لم تطرحه علينا أصلاً.؟!
وأعود إلي قصة كورف بول.. فقد أصدر جيم بافيت نائب مدير العمليات ورئيس الخدمة السرية بوكالتي تعليماته إلي تيلر دريمهلر رئيس القسم الأوربي لكي يبحث عن ضابط من " سي. آي. إيه " ليلتقي بالمهندس العراقي وجهاً لوجه. وفي شهر سبتمبر أو أوائل شهر اكتوبر ، التقي دريمهلر مع نظيره الألماني علي الغداء في أحد مطاعم واشنطون لتمرير طلب مقابلة المهندس العراقي ، من خلاله ، ولكنه أبلغنا أن الضابط الألماني رفض أن يتحدث مطلقاً في الموضوع.
والآن يأتي دريمهلر ليقول أمام لجنة " سيبرمان – روب " إن الضابط الألماني قال له في تلك المقابلة : " انتم لا تريدون مقابلة كورف بول لأنه مجنون.. والحديث معه سيكون مضيعة للوقت ". واستمر الألماني في القول بأنهم لا يعرفون ما إذا كان كورف بول يقول الحقيقة أم لا ، لأن هناك شكوكاً كبيرة في سلامة قواه العقلية ومن ثم ضمان صحة ما يقوله.. هذا ما قاله لنا دريمهلر.
ويأتينا دريمهلر الآن ليقول لنا أيضاً إن ضابط المخابرات الألماني أبلغه في المقابلة أن بول ربما يعاني من انهيار عصبي ، قبل أن يقول إن هذا العراقي يمكن أن يكون قد فبرك ما كشف عنه من معلومات حول معامل أسلحة صدام البيولوجية المتنقلة ، وأننا لم نبلغ أحدا بذلك ، وتركنا باول يقدم القصة كدليل علي امتلاك صدام لبرامج أسلحة دمار شامل ، وكمبرر للحرب في خطابه أمام الأمم المتحدة !!
جعلوا أحد ضباطي يخفي معلومات عني تنفي وجود معامل أسلحة صدام
البيولوجية المتنقلة وجعلوه يتهمني بأنني علمت ولم أنبه باول !!
وحسب وصف دريمهلر فقد كان الضابط الألماني حذره من أن المخابرات الألمانية ستنفي رسمياً وعلانية كل ما كشفت عنه للأمريكيين بخصوص كورف بول إذا ما تعرضت لضغوط أمريكية لأنها لا تريد وضع نفسها موضع الحرج. البيولوجية المتنقلة وجعلوه يتهمني بأنني علمت ولم أنبه باول !!
و لو كان هذا صحيحاً ، ولوكان دريمهلر قد أبلغنا بهذا ، فقد كان الأمر سيسير علي النحو التالي : كنا في " سي. آي. إيه " سنعتبر ما جرى في هذا الغداء أمراً يثير الريبة والشك ، وكنا سنعتبر كورف بول مشكلة لابد من التعامل معها بجدية رسمياً وفي العلن . وكنا سنعد تقريراً رسمياً نرفعه لمحللي الوكالة والمجتمع الاستخباراتي في الولايات المتحدة وكذلك صانعي السياسة في الإدارة الأمريكية الذين أبلغناهم من قبل عن حكاية كورف بول . وكان إرسال مثل هذين التقريرين من شأنه أن ينبه الخبراء علي الفور. ولكن لم يتم عمل هذين التقريرين ولم يأت أحد يهذه المعلومات إلي مكتبي ، وإلا لكانت قد أثارت انتباهي واهتمامي. ومما يؤكد كلامي أن كبيرة محللينا في سي. آي. إيه المختصة بهذه القضية بحكم مسئوليتها عن مركز استخبارات الأسلحة ومنع الانتشار النووي تصر على أن أحداً لم يبلغها شيئاً عن ذلك الاجتماع !!
ومع ذلك فقد أصر دريمهلر في شهادته أمام لجنة سلبرمان – روب ، وفي مقابلات صحفية وتليفزيونية لاحقة علي إعلان تقرير اللجنة النهائي في أوائل شهر إبريل عام 2005.. أصر علي أن أخبار اجتماع غداء الضابط الألماني أنه أبلغنا بها ، وأن أخبار الاجتماع هذه كان لها وقع القنبلة علينا في " سي. آي. إيه " !!
وقد حجب دريمهلر عني رسالة من مدير المخابرات الألمانية يقول لي فيها إن العراقي مصدر المعلومات مشوش ومجنون ولا يعتمد عليه. وحجب عني أيضاً برقية من رجلنا في ألمانيا يبلغنا فيها مدير المخابرات الألمانية بأن بإمكاننا الكشف عن حكاية العميل العراقي المزعومة.
لكن في 27 يناير عام 2003 ، قبل خطاب باول مباشرة ، بعث رجلنا في ألمانيا برقية أخرى يؤكد فيها تحفظاته
في النهاية ، وبعد أن شعر رجلنا في ألمانيا باليأس والإحباط بسبب عدم ردنا عليه ، قام يوم 5 فبراير عام 2003 ، بإرسال النسخة الأصلية لرسالة مدير المخابرات الألمانية مع ترجمة لها بالانجليزية إلي مقر الوكالة عن طريق الحقيبة الدبلوماسية ، وقد وصلت هذه الرسالة يوم 26 فبراير وتم تسليمها لإدارة القسم الأوربي التي يرأسها دريمهلر. وقد أمر خليفتي بورتر جوس الذي تولى منصب مدير "سي. آي. إيه " بعدي ضباطه بمراجعة قصة كورف بول ، ليكتشفوا في عام 2005 أن رسالة في القسم الأوربي لم يشر إليها في سجل الوارد ، وبعد عملية بحث شاقة اكتشفوا أنه ليس هناك ما يدل علي أن هذه الرسالة قد أرسلت إليَّ أوإلي نائبي جون ماجلوغين.
والحقيقة أنني لم أكن أتصور أبداً أن أحداً من ضباطي في " سي. آي. إيه " يمكن أن يحجب عني أية برقيات ، أو رسائل في أي موضوع أو قضية تتعلق بالعراق ، التي كانت محور اهتمام الجميع ، هذا قضية كورف بول. وما حدث لا يزال بالنسبة لي لغزاً مبهماً.
إيضاح من المترجم : من الواضح أن تينيت لا يريد اتهام الرئيس بوش أو البيت الأبيض اتهاماً صريحاً وبذكر الأسماء بالاتفاق مع نائبه تشيني وباقي صقوره باختراق وكالة مخابراتهم وتجنيد بعض ضباطها للعمل لحسابهم!!
ومع ذلك ، فقد حدث أن أصدرنا نحن " سي. آي. إيه " بالاشتراك مع وكالة مخابرات وزارة الدفاع " دي. إن. إيه " تقريراً في مايو عام 2003 ، بعد اكتشاف شاحنة في العراق شبيهة إلي درجة كبيرة بالمعامل المتنقلة التي ذكرها كورف بول. وعدنا إلي الألمان مرة أخري عبر إدارة دريمهلر ، ليطلعوا بول عليها بين مجموعة من الصور ، فتعرف عليها ، ولم يقل لي أحد أبداً لا أنا ولا نائبي ماجلوغلين : " توقف ... هذه صور مفبركة ورواية مفبركة لا يمكن الاعتماد عليها " !
دريمهلر كذاب خان وكالته.. تواطأ مع إدارة بوش لفبركة مبررات الحرب
ثم جعلوه يتهمنـي بالتقصير.. ومكالمة منتصف الليل أكذوبة كبرى!!
والغريب أن دريمهلر جاء بعد ذلك ، وقال أمام لجنة " سلبرمان – روب " ثم الصحف أنه اتصل بي منتصف ليلة إلقاء باول لخطابه في الأمم المتحدة ليبلغني بأن قصة كورف بول غير صحيحة ومفبركة ، وأن يحذفها باول من خطابه. وأنني أجبته بعبارة "لا تقلق لقد تأكدنا من القصة " !! ثم جعلوه يتهمنـي بالتقصير.. ومكالمة منتصف الليل أكذوبة كبرى!!
ومع ذلك ، فأنا أؤكد أنني لم أتلق علي الإطلاق مكالمة نصف الليل هذه.. لقد تحدثت أنا ودريمهلر في وقت مبكر من مساء ذلك اليوم ولكننا لم نتطرق أبداً إلي الحديث عن كورف بول ، ولم يكن بها شيئاً مهماً سوى طلب الاتصال بالبريطانيين لكي يسمحوا لنا باستخدام بعض تقاريرهم الاستخباراتية في خطاب باول !!
ورغم أن مكالمة كتلك التي يدعي دريمهلر أنه أجراها معي لا بد وأن تكون مسجلة كقاعدة مطبقة ومعروفة ، إلا أنه عندما سُئل من جانب أعضاء لجنة استخبارات مجلس الشيوخ في عام 2005 ، عما إذا كان بمقدوره إثبات أنه أجراها ، رد بقوله " لا. ليس بمقدوري " !!
لقد كان لدى دريمهلر عشرات الفرص قبل وبعد خطاب باول ليبلغني بما يدعي أنه أبلغني به ، ولكنه إلي يومنا هذا لم يفعل !!
وعندما قلبت مفكرتي خلال الفترة التي ما بين خطاب باول في 5 فبراير 2003 ، واستقالتي من الوكالة في 11 يولية 2004 ، وجدت أن دريمهلر قد حضر إلي في مكتبي وجلس معي 22 مرة ولم يعتقد أنه لا بد من إطلاعي علي هذه المعلومات الخطيرة التي تتعلق بأحد الركائز أو الأعمدة الرئيسية في قضية أسلحة صدام !!
انتظرونا غدا في الحلقة الثامنة عشرة.