3جواد الرومي القائد بالجيش العراقي السابق يكشف الأسرار..(2-1):السبت 20 / 2 / 2010
أجري الحوار ـ هاني بدر الدين
اللواء الركن جواد الرومي الدايني, أحد القادة العسكريين البارزين بالعراق, شارك في حروب العراق ضد إسرائيل خلال حرب1973, في الجبهتين السورية والأردنية, كما كان من الضباط البارزين في الحرب العراقية الإيرانية, الأهرام العربي تواصل نشر ملف ذكري الغزو الأمريكي للعراق بحوار مع اللواء الرومي, يكشف خلاله دور إيران في تدمير الجيش العراقي خلال الانسحاب من الكويت, معتبرا أن دخول الكويت كان كارثة علي الجيش العراقي, موضحا أن الرئيس الراحل صدام حسين شارك في معركة مطار بغداد التي صمد خلالها الجيش قبل أن تتم إبادته بأسلحة أمريكية محرمة, معلنا أن الجيش العراقي استعد لسيناريو الغزو بتحول مقاتليه إلي مقاومة بلباس مدني, نافيا تواطؤ الجيش أو تراخيه في القتال ضد القوات الغازية, مشيرا إلي التسهيلات الكبيرة التي قدمتها إيران للغزو الأمريكي وأن واشنطن قدمت العراق علي طبق من ذهب لإيران, موضحا أن العراق حاليا يعاني احتلالين ـ أمريكي وإيراني ـ في نفس الوقت, متهما الحكومة العراقية الحالية بأنها مشكلة من أحزاب مدعومة من إيران وأنها المسئولة عن التفجيرات التي تقع يوميا به.
* بداية نريد أن نتعرف علي مناصبك العسكرية بالجيش العراقي؟
تدرجت في المناصب العسكرية بالجيش العراقي بعد تخرجي في الكلية العسكرية العراقية1966 برتبة ملازم حربي والتحقت بالجيش العراقي وكنت أعمل في سلاح المشاة واشتغلت في المنطقة الشمالية, وشاركت في الحرب العراقية ضد إيران والتي استمرت ثماني سنوات وشاركت مع الجيش العراقي في كل من الأردن وسوريا لحمايتهما من إسرائيل خلال حرب1973, وشاركت في معظم معارك الجيش العراقي الكبري ضد إيران, وكنت متميزا خلال حرب إيران وحصلت علي وسام الرافدين من الطبقة الأولي ووسام القادسية من الدرجة الأولي, وسيف القادسية من الدرجة الأولي و27 نوط شجاعة, وتوليت عدة مناصب بالجيش العراقي حتي آمر فوج مشاة في حرب إيران, ثم لواء مشاة وآمر لواء حرس جمهوري, ولم أكن عضوا بارزا بحزب البعث ولكني كنت ضابطا عسكريا حرفيا وبقيت منتسبا للمؤسسة العسكرية العراقية المعروفة بحرفيتها وتميزها, حيث كان الجيش العراقي مؤسسة عسكرية مستقلة يضم قادة وخبراء ذوي خبرة غنية من خلال الحرب ضد إيران ومشاركة الجيش العراقي ضد إسرائيل خلال حرب1973, علي الجبهات المصرية والسورية والأردنية, فالجيش العراقي استطاع أن يحمي دمشق وأن يصد الهجوم الإسرائيلي المضاد عليها خلال الحرب ولدينا مقبرة شهداء من الجيش العراقي في حلب, كما أن لدينا أيضا مقبرة لشهدائنا في عمان بالأردن.
* ماذا حدث وأدي لتدهور الجيش العراقي بعدما نظم صفوفه بعد الحرب ضد إيران؟
بعد خروج العراق منتصرا من الحرب العراقية- الإيرانية, بدأت الدول الاستعمارية في التوجه لدراسة أسباب انتصار الجيش العراقي علي الجيش الإيراني الذي كان يعتبر وقتئذ خامس أقوي جيش بالعالم, ووجدت أمريكا أن الجيش العراقي أصبح أقوي جيش بالعالم العربي من حيث التسليح والقوة البشرية, كما أنه بدأ يصنع أسلحته ويطورها ويقلل الاعتماد علي شراء الأسلحة من الخارج, فالصاروخ الذي كان مداه250 كيلو مترا أصبح مداه1800 واستطاعت صواريخنا أن تضرب قلب طهران, فهذه كلها جعلت هناك تخوفا أمريكيا- إسرائيليا من العراق, ولهذا أوقعوا العراق في مستنقع الكويت والتي كانت الخطأ الكبير الذي ارتكبه العراق, فنحن تعرضنا لكارثة حقيقية بسبب ذلك, فخطأ صدام هو دخوله للكويت ففقد شعبيته في الشارع العربي ووضع نفسه كهدف أمام الدول الاستعمارية ولم يترك مبررا للدول العربية لتدافع عنه بعدما احتل دولة عربية هي الكويت, ولهذا مهما كانت الأسباب والمبررات فما كان عليه أن يحتل الكويت, فدخول الكويت أعطي مبررات لتدمير العراق بالكامل.
* هل كنت من القوات العراقية التي دخلت الكويت؟
لا ولكن أنا كضابط كانت لي مهمة أخري بالجيش وهي حماية المنطقة الحدودية الشرقية مع إيران, وأقول: إذا صدرت لي الأوامر بدخول الكويت كنت سأنفذها, فالعسكريون العراقيون يلتزمون بأي أمر من أوامر قادتهم, فقد كانت لدينا تخوفات من إيران حتي بعد انتهاء الحرب معها, وتعرضنا لكارثة كبيرة حيث إن الهدنة كانت من طرف واحد, حيث التزمنا بالهدنة ولم تلتزم بها أمريكا وبدأت بتصفية كل القطاعات العسكرية العراقية وأثناء الانسحاب قامت إيران بدور كبير ضدنا.
* وما هو ذلك الدور؟
خلال الانسحاب دفعت إيران فيلق بدر, وهو مؤلف من الضباط والجنود الخونة والجبناء الفارين من ساحة المعركة في الحرب العراقية ضد إيران وهؤلاء هم عملاء إيران كما دفعوا معهم عناصر الحرس الخوميني, فدفعوهم إلي داخل جنوب العراق ونفذوا كمائن ضد الجيش العراقي المنسحب وقاموا بقتل القادة وأسر الجنود العراقيين لدرجة أن معظم القادة المنسحبين تم قتلهم, كما أسروا عددا كبيرا من الجنود مستغلين ضعف القوات العراقية وحتي الآن هناك أسري من الجيش العراقي لدي إيران.
* وما تأثير الحصار علي الجيش العراقي؟
تعرفون أن العراق كان تحت البند السابع وكان مفروضا عليه الحصار الشديد وتم فرض مناطق الحظر الجوي الجنوبي والشمالي داخل حدود العراق وأصبحنا في وضع واهن جدا, وتم منذ ذلك الحين تدمير العراق والبنية التحتية لقواته, وكانت طائرات الاستطلاع الأمريكية تجوب سماء العراق وتصور كل ما يدور فيه وأصبحوا يعرفون جيدا المواقع العسكرية ومرابض الطائرات ومخابئ الجيش والمدرعات وكل المقرات العسكرية, وعانينا عدم وجود قطع غيار للأسلحة العراقية نتيجة الحصار ولم نستطع شراء أسلحة جديدة ولا إصلاح الأسلحة التي أصيبت خلال حرب الكويت.
* كم كانت خسائر الجيش العراقي بعد حرب الكويت؟
خسائرنا كانت حوالي40% علي الأقل كمعدات وأفراد علي أيدي القوات الأمريكية وعملاء إيران.
* وماذا عن الاستعداد العسكري العراقي للغزو الأمريكي؟
قمنا بتنظيم القطاعات ولكن بدون أن تكون لدينا أسلحة ومعدات, إضافة إلي وجود نواح سلبية نتيجة خطوط العرض والطول والحظر الجوي علي طائراتنا وكذلك وجود طائرات التجسس الأمريكية التي ترصد كل مواقعنا وتحركاتنا, وللأسف كانت الطائرات والصواريخ الأمريكية تأتينا من كل صوب وحدب وتحول العراق لكتلة من النار, لدرجة أننا عندما قمنا بتحريك فرقة مدرعة من بعقوبة إلي بغداد60 كيلو مترا, لم تصل منها إلا6 دبابات فقط نتيجة القصف الصاروخي والطيران الأمريكي بينما كانت طائراتنا ممنوعة من الطيران فكانت السماء لهم بالكامل, وأنا كقائد عسكري أري أن القيادة العسكرية آنذاك كانت قناعاتها من التسريبات من الجانب الروسي أن الحرب ستستمر لفترة محدودة قد تكون أسبوعين أو ثلاثة ثم تتوقف.
* ما إستراتيجيتكم كقوات مسلحة في التصدي للقوات الغازية؟
وقعت القيادة العراقية في خطأ إستراتيجي هو السماح لفرق التفتيش بدخول العراق قبل الغزو, حيث أدي ذلك لتدمير كل أسلحتنا الإستراتيجية وكل صواريخنا قبل الغزو وبقي الضابط بدون سلاح فلجان التفتيش تلك تركت العراق منزوع المخالب, وأصبح الجيش العراقي جيشا تقليديا ودمرت الصواريخ التي كانت سلاحنا الأساسي للفوز بالحرب العراقية ـ الإيرانية, كما أننا لم نستخدم طائراتنا والتي أرسلناها لإيران ومازالت لديها حتي اليوم, وأمريكا دمرت كل مواقعنا التي كانت تعرفها عبر طائرات التجسس وعبر العملاء.
* هل كان داخل القوات المسلحة العراقية تململ ضد القيادة ورغبة في خلع صدام وعدم القتال ضد القوات الغازية؟
أقسم لك بشرفي وأنا ضابط كنت بالجيش العراقي أنه لم يكن بين صفوفنا أبدا من هو خائن ولم تكن لدينا أبدا فكرة الإطاحة بالرئيس الراحل صدام حسين الذي رغم خطأ غزو الكويت نراه قائدا عربيا محترما كان العراق بعهده حارسا أمينا للبوابة الشرقية للوطن العربي, ولم تستطع إيران أن تقوم بما تقوم به الآن من فرض نفوذها في الجزيرة العربية في اليمن عبر الحوثيين واحتلال جزر الإمارات وتغلغل أتباعها في البحرين والكويت ومحاولتها لاختراق السعودية.
* نريدك أن تخبرنا عن مشاركتك ومشاهداتك في حرب الغزو الأمريكي للعراق؟
كنت في بغداد والمعركة الكبيرة التي وقعت هي معركة مطار بغداد الذي كان عصيا علي القوات الأمريكية الغازية نتيجة وجود قطاعات عسكرية من خيرة القوات العراقية, حيث كانت به أفضل النخب من قوات الحرس الثوري مزودة بأفضل ما لدينا من أسلحة سواء دبابات أم صواريخ مضادة للطائرات وغيرها من الأسلحة, بالإضافة لقوات المغاوير وفدائيي صدام, حتي إن صدام حسين, قاتل في معركة المطار ولكن الوضع تغير بعدما وجدت أمريكا نفسها في حرج فاستخدمت أسلحة محرمة وأبادت القوات العراقية تقريبا, والآن هناك مقبرة في المطار تضم آلاف الشهداء من الجيش العراقي, فقد كان هناك أكثر من فرقتين عراقيتين.
* وهل كان صدام يدير معركة المطار؟
نعم كان الرئيس الراحل صدام حسين موجودا في معركة المطار ولكنه انسحب عندما وجد أمريكا تستخدم أشد أسلحتها فتكا, فأمريكا استخدمت الأسلحة المحرمة ليس فقط في معركة المطار, وإنما في كل العراق حيث كنا نجد عائلات بالكامل مقتولة نتيجة القصف الوحشي.
* وهل كان لديكم في الجيش تصور للتعامل مع القوات الغازية إذا تم الاحتلال؟
نعم فقد كنا نتوقع ذلك وأعددنا له سيناريو للتعامل معه, من خلال تحول الجيش العراقي إلي فصائل مقاومة وطنية في كل العراق بزي مدني, والآن فصائل المقاومة العراقية مؤلفة من الجيش العراقي السابق وخبراتها وأسلحتها من الجيش العراقي السابق ومعظم الأسلحة التي نستخدمها الآن ضد الاحتلال الإيراني والأمريكي هي من تدبير عراقي, أقول لكم إن المقاومة كلها عراقية, وحتي العراقيين الذين هربوا من العراق هربوا نتيجة تضحيات واعتداءات تعرضوا لها علي أيدي الميليشيات المدعومة من إيران, التي تنفذ أعمال القتل علي الهوية مستهدفة طوائف وقطاعات بعينها تعارض المد والنفوذ الإيراني.
* كيف تصف لنا التسهيلات الإيرانية للغزو العراقي؟
الغزو الأمريكي جاء بتسهيل إيراني كبير ولولا إيران لما تمكنت أمريكا من الغزو, إيران دفعت كل ما لديها من العملاء العراقيين الخونة والذين كانوا يعيشون علي موائد إيران وأقول إن العراق يتعرض لاحتلالين في نفس الوقت, فعملاء إيران زودتهم أمريكا بأقراص كانوا يقومون بوضعها علي الأماكن المهمة التي يراد تدميرها فتأتي الطائرات الأمريكية وتقصفها مسترشدة بتلك الأقراص, وإيران استغلت فترة الغزو وأدخلت كل عملائها وفتحت سماءها وأجواءها للطائرات الأمريكية بخلاف الأدلاء الذين كانوا علي ظهور الدبابات الأمريكية لإرشادهم, وهم المتمثلون بالأحزاب الحاكمة الآن في العراق وهم حزب الدعوة والمجلس الأعلي وفيلق بدر وحزب الله والكتلة الصدرية, والشيعة العرب في العراق أبرياء من هؤلاء الذين باعوا العراق.
* كيف ذلك؟
هناك بالفعل احتلال إيراني جنبا إلي جنب مع الاحتلال الأمريكي, فحزب الدعوة وأمينه السابق إبراهيم الجعفري, والذي انقسم لحزبين أحدهما بقيادة الجعفري والثاني بقيادة نوري المالكي, رئيس الوزراء الحالي, أما المجلس الأعلي فيقوده عمار الحكيم بعد وفاة والده عبد العزيز الحكيم وهؤلاء وهؤلاء يحملون الجنسية الإيرانية ومتزوجون من إيرانيات يقمن حاليا بإيران, أما زوجاتهم العراقيات فقد أصبحن عضوات بالبرلمان العراقي الحالي, والانتخابات أكذوبة فقد عملوا تحت غطاء المرجعية الدينية التي أعلنت فتاوي خرافية دفعت الناس لانتخابهم ولا أعتقد أنهم سيحصلون علي أصوات حقيقية في الانتخابات المقبلة لأنهم يستمدون قوتهم من إيران, وهؤلاء دمروا العراق بشكل كامل, وإنجازات الحكومة الحالية سلبية للغاية فقد أدت لكثرة المعتقلات وسرقة أموال العراق وتدمير بنيته التحتية وتدمير الشعب وإشعال الفتنة وتهجير الشعب العراقي إلي خارج العراق, بل وهناك مهجرون في الداخل, ولا يوجد أي أمن حاليا بالعراق, وأقول إن العمليات المفخخة التي تقع كل يوم هي من تدبيرهم, بل إن جيش المهدي والقاعدة والميليشيات مرتبطة بإيران.** الحلقة القادمة: أسرار الجيش العراقي الجديد وحيلة المالكي بالانتخابات المقبلة
كارثة شخصية
استشهد نجلي الأكبر وهو طبيب علي أيدي ميليشيات مدعومة من إيران والتي اغتالت أيضا زوج ابنتي وقاموا ايضا بحرق منزلي بالكامل فخرجت من العراق وأتيت لمصر.
الضاري
الشيخ حارث الضاري أمين عام هيئة علماء المسلمين هو رجل محترم, وهو ملاذ العراقيين وهو من يعول عليه الشعب العراقي أن يقوده نحو الحرية وإنهاء الاحتلال بعدما أصبح ممثلا عاما عن المقاومة العراقية وأنا شخصيا أتشرف به كقائد, وأعتبر نفسي جنديا لديه وأتمني من القيادات العربية أن تحتضنه لأنه يمثل المقاومة العراقية الشريفة, وهناك أمثاله كثير والمقاومة العراقية بخير والخسائر الأمريكية أكبر بكثير مما يعلنونه.
مصر ودورها
منذ وصلت وأسرتي لأرض مصر ونحن نلقي كل الاحترام وكأننا بالعراق, ولهذا أكن كل الاحترام لهذا الشعب الطيب ولقيادة مصر الحكيمة المحنكة التي قادت مصر لشاطئ السلامة, وجدنا في مصر أنها حاضنة العرب وملاذ العرب وكان صدام يوصي بأن مصر ستبقي البوابة الكبيرة للعرب, ونشعر بأننا مصريون في مصر ونتمتع بكل الحقوق.
مطالب من العرب
أطلب من الحكام العرب أن يقفوا إلي جانب العراق, لأن المد الإيراني يزيد ويتسع ولا سبيل لوقفه إلا من خلال تقوية العراق وتحريره, وأنا شخصيا أطالب بإغلاق السفارات الإيرانية في الدول العربية, لأن العراق الآن في مفترق طرق إما أن يكون ضيعة لإيران أو أن يستعيد عروبته.
الجيش الحالي
الجيش الحالي مؤلف من الأحزاب الحاكمة كحزب الدعوة والمجلس الأعلي وفيلق بدر والكتلة الصدرية وحزب الله, وهؤلاء كلهم تحت خيمة إيران ويستلمون الأوامر من طهران وأمريكا سلمت العراق علي طبق من ذهب لإيران.
أجري الحوار ـ هاني بدر الدين
اللواء الركن جواد الرومي الدايني, أحد القادة العسكريين البارزين بالعراق, شارك في حروب العراق ضد إسرائيل خلال حرب1973, في الجبهتين السورية والأردنية, كما كان من الضباط البارزين في الحرب العراقية الإيرانية, الأهرام العربي تواصل نشر ملف ذكري الغزو الأمريكي للعراق بحوار مع اللواء الرومي, يكشف خلاله دور إيران في تدمير الجيش العراقي خلال الانسحاب من الكويت, معتبرا أن دخول الكويت كان كارثة علي الجيش العراقي, موضحا أن الرئيس الراحل صدام حسين شارك في معركة مطار بغداد التي صمد خلالها الجيش قبل أن تتم إبادته بأسلحة أمريكية محرمة, معلنا أن الجيش العراقي استعد لسيناريو الغزو بتحول مقاتليه إلي مقاومة بلباس مدني, نافيا تواطؤ الجيش أو تراخيه في القتال ضد القوات الغازية, مشيرا إلي التسهيلات الكبيرة التي قدمتها إيران للغزو الأمريكي وأن واشنطن قدمت العراق علي طبق من ذهب لإيران, موضحا أن العراق حاليا يعاني احتلالين ـ أمريكي وإيراني ـ في نفس الوقت, متهما الحكومة العراقية الحالية بأنها مشكلة من أحزاب مدعومة من إيران وأنها المسئولة عن التفجيرات التي تقع يوميا به.
* بداية نريد أن نتعرف علي مناصبك العسكرية بالجيش العراقي؟
تدرجت في المناصب العسكرية بالجيش العراقي بعد تخرجي في الكلية العسكرية العراقية1966 برتبة ملازم حربي والتحقت بالجيش العراقي وكنت أعمل في سلاح المشاة واشتغلت في المنطقة الشمالية, وشاركت في الحرب العراقية ضد إيران والتي استمرت ثماني سنوات وشاركت مع الجيش العراقي في كل من الأردن وسوريا لحمايتهما من إسرائيل خلال حرب1973, وشاركت في معظم معارك الجيش العراقي الكبري ضد إيران, وكنت متميزا خلال حرب إيران وحصلت علي وسام الرافدين من الطبقة الأولي ووسام القادسية من الدرجة الأولي, وسيف القادسية من الدرجة الأولي و27 نوط شجاعة, وتوليت عدة مناصب بالجيش العراقي حتي آمر فوج مشاة في حرب إيران, ثم لواء مشاة وآمر لواء حرس جمهوري, ولم أكن عضوا بارزا بحزب البعث ولكني كنت ضابطا عسكريا حرفيا وبقيت منتسبا للمؤسسة العسكرية العراقية المعروفة بحرفيتها وتميزها, حيث كان الجيش العراقي مؤسسة عسكرية مستقلة يضم قادة وخبراء ذوي خبرة غنية من خلال الحرب ضد إيران ومشاركة الجيش العراقي ضد إسرائيل خلال حرب1973, علي الجبهات المصرية والسورية والأردنية, فالجيش العراقي استطاع أن يحمي دمشق وأن يصد الهجوم الإسرائيلي المضاد عليها خلال الحرب ولدينا مقبرة شهداء من الجيش العراقي في حلب, كما أن لدينا أيضا مقبرة لشهدائنا في عمان بالأردن.
* ماذا حدث وأدي لتدهور الجيش العراقي بعدما نظم صفوفه بعد الحرب ضد إيران؟
بعد خروج العراق منتصرا من الحرب العراقية- الإيرانية, بدأت الدول الاستعمارية في التوجه لدراسة أسباب انتصار الجيش العراقي علي الجيش الإيراني الذي كان يعتبر وقتئذ خامس أقوي جيش بالعالم, ووجدت أمريكا أن الجيش العراقي أصبح أقوي جيش بالعالم العربي من حيث التسليح والقوة البشرية, كما أنه بدأ يصنع أسلحته ويطورها ويقلل الاعتماد علي شراء الأسلحة من الخارج, فالصاروخ الذي كان مداه250 كيلو مترا أصبح مداه1800 واستطاعت صواريخنا أن تضرب قلب طهران, فهذه كلها جعلت هناك تخوفا أمريكيا- إسرائيليا من العراق, ولهذا أوقعوا العراق في مستنقع الكويت والتي كانت الخطأ الكبير الذي ارتكبه العراق, فنحن تعرضنا لكارثة حقيقية بسبب ذلك, فخطأ صدام هو دخوله للكويت ففقد شعبيته في الشارع العربي ووضع نفسه كهدف أمام الدول الاستعمارية ولم يترك مبررا للدول العربية لتدافع عنه بعدما احتل دولة عربية هي الكويت, ولهذا مهما كانت الأسباب والمبررات فما كان عليه أن يحتل الكويت, فدخول الكويت أعطي مبررات لتدمير العراق بالكامل.
* هل كنت من القوات العراقية التي دخلت الكويت؟
لا ولكن أنا كضابط كانت لي مهمة أخري بالجيش وهي حماية المنطقة الحدودية الشرقية مع إيران, وأقول: إذا صدرت لي الأوامر بدخول الكويت كنت سأنفذها, فالعسكريون العراقيون يلتزمون بأي أمر من أوامر قادتهم, فقد كانت لدينا تخوفات من إيران حتي بعد انتهاء الحرب معها, وتعرضنا لكارثة كبيرة حيث إن الهدنة كانت من طرف واحد, حيث التزمنا بالهدنة ولم تلتزم بها أمريكا وبدأت بتصفية كل القطاعات العسكرية العراقية وأثناء الانسحاب قامت إيران بدور كبير ضدنا.
* وما هو ذلك الدور؟
خلال الانسحاب دفعت إيران فيلق بدر, وهو مؤلف من الضباط والجنود الخونة والجبناء الفارين من ساحة المعركة في الحرب العراقية ضد إيران وهؤلاء هم عملاء إيران كما دفعوا معهم عناصر الحرس الخوميني, فدفعوهم إلي داخل جنوب العراق ونفذوا كمائن ضد الجيش العراقي المنسحب وقاموا بقتل القادة وأسر الجنود العراقيين لدرجة أن معظم القادة المنسحبين تم قتلهم, كما أسروا عددا كبيرا من الجنود مستغلين ضعف القوات العراقية وحتي الآن هناك أسري من الجيش العراقي لدي إيران.
* وما تأثير الحصار علي الجيش العراقي؟
تعرفون أن العراق كان تحت البند السابع وكان مفروضا عليه الحصار الشديد وتم فرض مناطق الحظر الجوي الجنوبي والشمالي داخل حدود العراق وأصبحنا في وضع واهن جدا, وتم منذ ذلك الحين تدمير العراق والبنية التحتية لقواته, وكانت طائرات الاستطلاع الأمريكية تجوب سماء العراق وتصور كل ما يدور فيه وأصبحوا يعرفون جيدا المواقع العسكرية ومرابض الطائرات ومخابئ الجيش والمدرعات وكل المقرات العسكرية, وعانينا عدم وجود قطع غيار للأسلحة العراقية نتيجة الحصار ولم نستطع شراء أسلحة جديدة ولا إصلاح الأسلحة التي أصيبت خلال حرب الكويت.
* كم كانت خسائر الجيش العراقي بعد حرب الكويت؟
خسائرنا كانت حوالي40% علي الأقل كمعدات وأفراد علي أيدي القوات الأمريكية وعملاء إيران.
* وماذا عن الاستعداد العسكري العراقي للغزو الأمريكي؟
قمنا بتنظيم القطاعات ولكن بدون أن تكون لدينا أسلحة ومعدات, إضافة إلي وجود نواح سلبية نتيجة خطوط العرض والطول والحظر الجوي علي طائراتنا وكذلك وجود طائرات التجسس الأمريكية التي ترصد كل مواقعنا وتحركاتنا, وللأسف كانت الطائرات والصواريخ الأمريكية تأتينا من كل صوب وحدب وتحول العراق لكتلة من النار, لدرجة أننا عندما قمنا بتحريك فرقة مدرعة من بعقوبة إلي بغداد60 كيلو مترا, لم تصل منها إلا6 دبابات فقط نتيجة القصف الصاروخي والطيران الأمريكي بينما كانت طائراتنا ممنوعة من الطيران فكانت السماء لهم بالكامل, وأنا كقائد عسكري أري أن القيادة العسكرية آنذاك كانت قناعاتها من التسريبات من الجانب الروسي أن الحرب ستستمر لفترة محدودة قد تكون أسبوعين أو ثلاثة ثم تتوقف.
* ما إستراتيجيتكم كقوات مسلحة في التصدي للقوات الغازية؟
وقعت القيادة العراقية في خطأ إستراتيجي هو السماح لفرق التفتيش بدخول العراق قبل الغزو, حيث أدي ذلك لتدمير كل أسلحتنا الإستراتيجية وكل صواريخنا قبل الغزو وبقي الضابط بدون سلاح فلجان التفتيش تلك تركت العراق منزوع المخالب, وأصبح الجيش العراقي جيشا تقليديا ودمرت الصواريخ التي كانت سلاحنا الأساسي للفوز بالحرب العراقية ـ الإيرانية, كما أننا لم نستخدم طائراتنا والتي أرسلناها لإيران ومازالت لديها حتي اليوم, وأمريكا دمرت كل مواقعنا التي كانت تعرفها عبر طائرات التجسس وعبر العملاء.
* هل كان داخل القوات المسلحة العراقية تململ ضد القيادة ورغبة في خلع صدام وعدم القتال ضد القوات الغازية؟
أقسم لك بشرفي وأنا ضابط كنت بالجيش العراقي أنه لم يكن بين صفوفنا أبدا من هو خائن ولم تكن لدينا أبدا فكرة الإطاحة بالرئيس الراحل صدام حسين الذي رغم خطأ غزو الكويت نراه قائدا عربيا محترما كان العراق بعهده حارسا أمينا للبوابة الشرقية للوطن العربي, ولم تستطع إيران أن تقوم بما تقوم به الآن من فرض نفوذها في الجزيرة العربية في اليمن عبر الحوثيين واحتلال جزر الإمارات وتغلغل أتباعها في البحرين والكويت ومحاولتها لاختراق السعودية.
* نريدك أن تخبرنا عن مشاركتك ومشاهداتك في حرب الغزو الأمريكي للعراق؟
كنت في بغداد والمعركة الكبيرة التي وقعت هي معركة مطار بغداد الذي كان عصيا علي القوات الأمريكية الغازية نتيجة وجود قطاعات عسكرية من خيرة القوات العراقية, حيث كانت به أفضل النخب من قوات الحرس الثوري مزودة بأفضل ما لدينا من أسلحة سواء دبابات أم صواريخ مضادة للطائرات وغيرها من الأسلحة, بالإضافة لقوات المغاوير وفدائيي صدام, حتي إن صدام حسين, قاتل في معركة المطار ولكن الوضع تغير بعدما وجدت أمريكا نفسها في حرج فاستخدمت أسلحة محرمة وأبادت القوات العراقية تقريبا, والآن هناك مقبرة في المطار تضم آلاف الشهداء من الجيش العراقي, فقد كان هناك أكثر من فرقتين عراقيتين.
* وهل كان صدام يدير معركة المطار؟
نعم كان الرئيس الراحل صدام حسين موجودا في معركة المطار ولكنه انسحب عندما وجد أمريكا تستخدم أشد أسلحتها فتكا, فأمريكا استخدمت الأسلحة المحرمة ليس فقط في معركة المطار, وإنما في كل العراق حيث كنا نجد عائلات بالكامل مقتولة نتيجة القصف الوحشي.
* وهل كان لديكم في الجيش تصور للتعامل مع القوات الغازية إذا تم الاحتلال؟
نعم فقد كنا نتوقع ذلك وأعددنا له سيناريو للتعامل معه, من خلال تحول الجيش العراقي إلي فصائل مقاومة وطنية في كل العراق بزي مدني, والآن فصائل المقاومة العراقية مؤلفة من الجيش العراقي السابق وخبراتها وأسلحتها من الجيش العراقي السابق ومعظم الأسلحة التي نستخدمها الآن ضد الاحتلال الإيراني والأمريكي هي من تدبير عراقي, أقول لكم إن المقاومة كلها عراقية, وحتي العراقيين الذين هربوا من العراق هربوا نتيجة تضحيات واعتداءات تعرضوا لها علي أيدي الميليشيات المدعومة من إيران, التي تنفذ أعمال القتل علي الهوية مستهدفة طوائف وقطاعات بعينها تعارض المد والنفوذ الإيراني.
* كيف تصف لنا التسهيلات الإيرانية للغزو العراقي؟
الغزو الأمريكي جاء بتسهيل إيراني كبير ولولا إيران لما تمكنت أمريكا من الغزو, إيران دفعت كل ما لديها من العملاء العراقيين الخونة والذين كانوا يعيشون علي موائد إيران وأقول إن العراق يتعرض لاحتلالين في نفس الوقت, فعملاء إيران زودتهم أمريكا بأقراص كانوا يقومون بوضعها علي الأماكن المهمة التي يراد تدميرها فتأتي الطائرات الأمريكية وتقصفها مسترشدة بتلك الأقراص, وإيران استغلت فترة الغزو وأدخلت كل عملائها وفتحت سماءها وأجواءها للطائرات الأمريكية بخلاف الأدلاء الذين كانوا علي ظهور الدبابات الأمريكية لإرشادهم, وهم المتمثلون بالأحزاب الحاكمة الآن في العراق وهم حزب الدعوة والمجلس الأعلي وفيلق بدر وحزب الله والكتلة الصدرية, والشيعة العرب في العراق أبرياء من هؤلاء الذين باعوا العراق.
* كيف ذلك؟
هناك بالفعل احتلال إيراني جنبا إلي جنب مع الاحتلال الأمريكي, فحزب الدعوة وأمينه السابق إبراهيم الجعفري, والذي انقسم لحزبين أحدهما بقيادة الجعفري والثاني بقيادة نوري المالكي, رئيس الوزراء الحالي, أما المجلس الأعلي فيقوده عمار الحكيم بعد وفاة والده عبد العزيز الحكيم وهؤلاء وهؤلاء يحملون الجنسية الإيرانية ومتزوجون من إيرانيات يقمن حاليا بإيران, أما زوجاتهم العراقيات فقد أصبحن عضوات بالبرلمان العراقي الحالي, والانتخابات أكذوبة فقد عملوا تحت غطاء المرجعية الدينية التي أعلنت فتاوي خرافية دفعت الناس لانتخابهم ولا أعتقد أنهم سيحصلون علي أصوات حقيقية في الانتخابات المقبلة لأنهم يستمدون قوتهم من إيران, وهؤلاء دمروا العراق بشكل كامل, وإنجازات الحكومة الحالية سلبية للغاية فقد أدت لكثرة المعتقلات وسرقة أموال العراق وتدمير بنيته التحتية وتدمير الشعب وإشعال الفتنة وتهجير الشعب العراقي إلي خارج العراق, بل وهناك مهجرون في الداخل, ولا يوجد أي أمن حاليا بالعراق, وأقول إن العمليات المفخخة التي تقع كل يوم هي من تدبيرهم, بل إن جيش المهدي والقاعدة والميليشيات مرتبطة بإيران.** الحلقة القادمة: أسرار الجيش العراقي الجديد وحيلة المالكي بالانتخابات المقبلة
كارثة شخصية
استشهد نجلي الأكبر وهو طبيب علي أيدي ميليشيات مدعومة من إيران والتي اغتالت أيضا زوج ابنتي وقاموا ايضا بحرق منزلي بالكامل فخرجت من العراق وأتيت لمصر.
الضاري
الشيخ حارث الضاري أمين عام هيئة علماء المسلمين هو رجل محترم, وهو ملاذ العراقيين وهو من يعول عليه الشعب العراقي أن يقوده نحو الحرية وإنهاء الاحتلال بعدما أصبح ممثلا عاما عن المقاومة العراقية وأنا شخصيا أتشرف به كقائد, وأعتبر نفسي جنديا لديه وأتمني من القيادات العربية أن تحتضنه لأنه يمثل المقاومة العراقية الشريفة, وهناك أمثاله كثير والمقاومة العراقية بخير والخسائر الأمريكية أكبر بكثير مما يعلنونه.
مصر ودورها
منذ وصلت وأسرتي لأرض مصر ونحن نلقي كل الاحترام وكأننا بالعراق, ولهذا أكن كل الاحترام لهذا الشعب الطيب ولقيادة مصر الحكيمة المحنكة التي قادت مصر لشاطئ السلامة, وجدنا في مصر أنها حاضنة العرب وملاذ العرب وكان صدام يوصي بأن مصر ستبقي البوابة الكبيرة للعرب, ونشعر بأننا مصريون في مصر ونتمتع بكل الحقوق.
مطالب من العرب
أطلب من الحكام العرب أن يقفوا إلي جانب العراق, لأن المد الإيراني يزيد ويتسع ولا سبيل لوقفه إلا من خلال تقوية العراق وتحريره, وأنا شخصيا أطالب بإغلاق السفارات الإيرانية في الدول العربية, لأن العراق الآن في مفترق طرق إما أن يكون ضيعة لإيران أو أن يستعيد عروبته.
الجيش الحالي
الجيش الحالي مؤلف من الأحزاب الحاكمة كحزب الدعوة والمجلس الأعلي وفيلق بدر والكتلة الصدرية وحزب الله, وهؤلاء كلهم تحت خيمة إيران ويستلمون الأوامر من طهران وأمريكا سلمت العراق علي طبق من ذهب لإيران.