من ملفات التاريخ العسكري الأردني التعريب اكبر من مسألة إنهاء خدمة ضابط أجنبي

FOX_85

عضو
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
1,394
التفاعل
721 2 0
الدولة
Jordan
من ملفات التاريخ العسكري الأردني التعريب اكبر من مسألة إنهاء خدمة ضابط أجنبي



د. بكر خازر المجالي - تميزت فترة الخمسينات في منطقتنا بحالة من التناقضات التي املتها التدخلات الاجنبية، واصبحت المنطقة وكأنها ميدان حرب بديلة لآخرين ينتظرون فقط ان يحصدوا النتائج . وهكذا كان قدر الاردن الذي قد يختلف من هم ضد الأردن فيما بينهم، ولكنهم جميعا يتفقون ضد شأن الأردن، كانت هذه صورة الوضع في فترة الخمسينات، رياح عقائدية مختلفة تهب على المنطقة وهي تريد أن تعصف في الأردن لنقله إلى حالة اللاستقرار السائدة في المنطقة، الأردن كان الحالة الفريدة في محيط هادر، يتميز بقيادة شابة في دولة تأسست وتكونت رغماً عن كل المخططات بفضل جهود وحكمة الملك المؤسس عبدالله الاول، فاستقلاله الأول في 25 أيار 1923م هو استقلال الإنقاذ لأرض عربية كانت على وشك أن تكون غير ذلك، ومسيرته التاريخية تميزت بتقديم مصالح العرب وخدمة قضاياهم وتجاوز كل أشكال الإساءات وما ماثلها.
الأردن بنى جيشاً عربياً على قاعدة الاحتراف والتميز، والجندية الحقة، وكانت رؤية قيادته الهاشمية على أن يكتسب الجيش الخبرات العسكرية الأصلية ولكن في ظل تحديات الإمكانات القليلة، والموارد الشحيحة، فكانت المعاهدة الأردنية البريطانية الأولى عام 1928، والثانية عام 1946م ومن بنودها العناية بتطوير القوات المسلحة مع وجود ضباط أجانب فيه.... ولكن حالة الجنرال كلوب (جون باغوت جلوب) هي حالة اخرى فهو ضابط متعاقد مع الجيش الأردني، وليس كضابط معار من بريطانيا وقد خدم باخلاص ولكنه نفسه يقول انه لا ينسى انه في خدمة التاج البريطاني.
تمضي الأيام... وتتبلور فكرة ضرورة تعريب قيادة الجيش العربي الأردني لدى جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه عام 1955م ويكون التنفيذ عام 1956م في الأول من آذار وكان ذلك في ظروف حرجة ودقيقة: فبريطانيا هي الحليف الوحيد للأردن والمصدر الوحيد للوقود والتمويل.
والظروف المحيطة تتصف بالعقائدية المعقدة التي لا تعرف الامن معها وما سوى ذلك هو ضدها، مع العداء الشديد ضد كل من له علاقة في المعسكر الغربي. .
وأول معاهدة أردنية بريطانية كانت بتاريخ 24 تموز 1928م وتنظم المادة الثامنة منها استخدام الضباط البريطانيين في الأردن، والمعاهدة الثانية كانت في 22 آذار 1946م، والتي تنص المادة السابعة على أن يبذل صاحب الجلالة الملك (البريطانية) كل جهد ليحصل لحكومة صاحب السمو الأمير على خدمات أي خبراء وموظفين من ذوي المؤهلات الفنية التي قد تحتاج إليهم شرق الأردن.
و معاهدة التحالف الموقعة بتاريخ 3 أيار 1948م بين الأردن وبريطانيا، هي أشبه ما تكون باتفاقية عسكرية، وفي ملحق المعاهدة جاء في المادة السادسة: يقدم صاحب الجلالة البريطانية - عندما يطلب منه ذلك - أية أفراد عن القوات البريطانية تلزم خدماتهم لضمان الكفاءة في الوحدات العسكرية من قوات صاحب الجلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية...
هذه المعاهدات قد نظمت العلاقة مع بريطانيا على اساس ان لا تكون هناك اية صورة من صور الاحتلال والهيمنة كما كان يحلو للبعض تسميتها:ولكن هذا هو قدر الأردن : أنه لم يكن له صديق حقيقي في المنطقة، والكل إما يتربص بشكل علني أو ينظر من فتحات ضيقة ينتظر أن يرمي شباكه من اجل صيد الاستقلال الأردني وتحويله إلى معسكر ما...
وأنه لم ينحنِ ابدا بل واجه الصعاب والتحديات وبثبات .
فكان قرار التعريب من جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه صورة من مواجهة تحد كبير، فكان القرار بإرادة أردنية خالصة، وبشجاعة هاشمية وبرؤية لمستقبل جديد يتجاوز تبعات قرار التعريب...
وتمت الإجراءات في غاية الاحترام لشخص الجنرال كلوب، فهو قد خدم بإخلاص، وقد عبّر بعد قرار إعفائه عن احترامه لقيادة الملك الحسين بن طلال يرحمه الله وتقديره للشعب الأردني، وبقي يتحدث مدافعاً عن الأردن حتى آخر لحظات حياته، وقد التقاه جلالة الحسين أكثر من مرة في لندن.
الجنرال كلوب كان ضابطاً محترفاًً منذ أن بدأ حياته بتأسيس قوات البادية الأردنية عام 1930 ،واستلامه لقيادة الجيش عام 1939م ،وهو ضابط باحث ومؤرخ كتب العديد من المؤلفات في التاريخ الإسلامي والسياسي، ودوّن مذكراته أثناء خدمته في الجيش العربي الأردني بكتابه «جندي مع العرب» ونشرت مذكراته عام 1983م بعنوان حياتي في المشرق العربي وكتب عنه المؤرخ بني مورس كتابه الجنرال غلوب آخر الباشوات ... الذي صدر عام 2003م.
قصة التعريب، هي ذاكرة تاريخية سياسية وشاهد على قوة الدولة الأردنية وشجاعة قيادتها التي اتخذت قراراً سيادياً لتدعيم الاستقلال، وتحقيق السيادة الوطنية وقوة القرار، كانت عظيمة بسبب الظروف الدقيقة المحيطة وسط زخم الشعارات وتنوع المنابر وعمق الولاءات لغير العروبة ومصالحها،،، فكان الأردن هو الذي انبرى وحيداً يخطو بقوة وعمق وقدم نفسه كنموذج فريد في اتخاذ القرار السيادي الذي يتجاوز حجم الإمكانات وشح الموارد ومخاطر ما بعد القرار، لأن الوقت قد حان عند القيادة الهاشمية والأردنيين لتحقيق الانتصار للعروبة وللسيادة والقومية والتطلع لمستقبل الجيش العربي ليكون عصرياً وقد تأسس في أصوله على قيم الجندية الأصيلة والاحتراف وليكون الأقدر على خدمة قضايا الأمة.
من هنا يجب أن ننظر إلى تعريب قيادة الجيش العربي كقرار استراتيجي استهدف روح الأمة وإكمال عقد استقلالها وليس كقرار إداري فحسب هدفه عزل شخصية عسكرية لذاتها لكونها من بلد مارس الانتداب على الأردن لحوالي ثلاثة عقود...
والنظر أيضا إلى تعريب قيادة الجيش كقرار استراتيجي وطني ينبع من حاجة الأمة لامتلاك قرارها، ويجب أن ندرس هذا الحدث بالطريقة التي نقدمه بها للتاريخ كحدث يتصل بحياة الأردن ويشكل ركيزة من ركائز الاستقلال والسيادة تلك التي انبعثت من مبادئ النهضة العربية....
لقد كتب الجنرال جون باجوت كلوب John Pagot Glob عدة كتب حول حياته العسكرية والسياسية في العراق والأردن بدءاً من عام 1920م، وعندما جاء لأول مرة إلى المنطقة للعمل في المنطقة الجنوبية العراقية، وفي الجزء الذي عرف قبلاً باسم المنطقة المحايدة بين العراق والسعودية، كانت مهمته هناك مكافحة عمليات الغزو ومحاولة توطيد الأمن والاستقرار، وبقي كذلك حتى بداية الثلاثينات من القرن الماضي عندما انتقل إلى البادية الأردنية ليمارس نفس الدور إلى أن أصبح قائداً للجيش الأردني عام 1939م.
كتب الجنرال كلوب كتباً مختلفة مثل الفتوحات العربية الكبرى، وكتاب الإمبراطورية العربية وكتاب جندي بين العرب، إضافة إلى سلسلة من المحاضرات التي كان يلقيها في الأكاديميات العسكرية والجامعات حول فترة خدمته التي تتوفر بخط يده وسيصار إلى جمعها في كتاب واحد مع ترجمة مناسبة لها...
ولكن بين أيدينا كتاب جديد يحمل اسم مذكرات كلوب باشا من عام 1897م وحتى 1983 وعنوان الكتاب الأصلي باللغة الانجليزية هو:- The changing scenes of life autobiography auto Sir John Glubb 1983 وهو آخر ما صدر عن كلوب باشا يؤرخ لأحداث المنطقة، ويتحدث عن قصته مع الجيش العربي الأردني ويتناول يوم عزله من قيادته.
في هذا الكتاب يتحدث الجنرال كلوب عن يوم 1 آذار 1956م فيقول في الصفحة 268 ما نصه:- «في اليوم الأول من آذار 1956م حضر الملك الحسين اجتماعاً عقدته الوزارة بكامل أعضائها، وقد أنبأ الأعضاء بوجوب طردي من الخدمة على الفور، وحين غادر الملك الاجتماع اتصل بي رئيس الوزراء هاتفياً طالباً حضوري إلى مكتبه، حيث أعلمني بأوامر الملك وطلب إلي أن أغادر الأردن في حدود ست ساعات... فقلت له بأنني لا استطيع ذلك لأن لي زوجة وطفلين في عمان التي عشت فيها طيلة ست وعشرين سنة، وإذ ذاك اتفقنا على أن أغادر في صباح اليوم التالي ...» يروي كلوب في مذكراته حول هذا الحدث بطريقة يبرر فيها الوقائع، ويربط ذلك بالأحداث السياسية وما إلى ذلك، ولكن مهما يكن فإنه لا شك يدرك أن قرار نقل القيادة للأيدي الأردنية هو هاجس جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه، ولحقيقة التاريخ فان كلوب باشا يذكر الأردن والأردنيين في مذكراته بصفاتهم الحسنة الأصيلة، ويذكر أيضا ما نصه : « والحقيقة أنني حتى هذا اليوم وبعد مرور أربع وعشرين سنة على تلك الحوادث ما أزال أحس نفسي بأنني ملزم بان اخلص لملك الأردن وشعبه...» ويقصد الجنرال كلوب بتاريخ هذا اليوم هو السنة التي بدأ فيها بتدوين مذكراته وهي عام 1980م.
ويصف الجنرال كلوب الدقائق التي تلت خبر عزله فيقول : «بعد أن قابلت رئيس الوزراء، غادرت الدائرة وقدت سيارتي إلى البيت وكان سكرتيري الخاص» مولي وايت Molly White ... قد سارع إلى وضع الأضابير السرية في كيس، ثم خرج بعد ذلك لبضع دقائق...
وصلت البيت في منتصف النهار فأنبأت (روزميري) بأنني قد فُصلت من عملي..» Rosemery وروزميري هي زوجته التي كان قد تزوجها عام 1938م...
يتحدث الجنرال كلوب في فقرات مختلفة ليصف جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه فهو يقول عن فضائله التي يتحلى بها وأهمها العاطفة الكريمة ،و الجرأة التي لا تخشى شيئاً...» ويشير الجنرال كلوب أيضا في مذكراته بعد 24 سنة من مغادرته عمان إلى «أن الحسين هو من اذكي رجال الدولة في الشرق الوسط....» ويصف الجنرال كلوب يوم رحيله فهو يقول : لنعد الآن بعد هذا الاستطراد، إلى طردي من الأردن في شهر آذار 1956، ما أن هبطت بنا إحدى طائرات الفيلق العربي في جزيرة قبرص حتى ذهبت أنا وعائلتي إلى فندق (دوم) Dom في (كيرينا) Kerena لتمضية يوم أو يومين فيه حيث سبق لنا في مرتين أن مكثنا فيه قبلا في بعض الإجازات المحلية، ومن ثم حصلنا على مقاعد لنا في شركة الخطوط البريطانية وطرنا إلى لندن».
نتحدث عن قائد الجيش العربي هو البريطاني الذي خدم هو ومجموعة من الضباط الانجليز الذين استلموا وسيطروا على شؤون الإدارة والمال والاستخبارات والعمليات، خدم هؤلاء منذ عام 1923 وبمعية الجنرال كلوب خدموا منذ عام 1939 وحتى كان يوم التعريب لقيادة الجيش في الأول من آذار 1956م...
لقد كان قرار التعريب مفاجئا للقيادة التي يتولاها الجنرال كلوب، وكذلك مفاجئا للسفير البريطاني في الأردن آنذاك السير (تشارلز ديوك) وكذلك لرئيس الوزراء البريطاني حينها «انطوني إيدن». السفير البريطاني تشارلز ديوكCharls Deuke من جهته كان قد حضر إلى الديوان الملكي بناء على استدعاء من جلالة الملك الحسين، ويتحدث دولة المرحوم بهجت التلهوني رئيس الديوان الملكي الهاشمي حينها فيقول : وصلت الديوان الملكي فاتصلت بالسفير البريطاني وحضر، وأخبرت جلالة الملك فشرف ودخل إلى مكتب رئيس الديوان، وكان السفير ينتظر في مكتب رئيس التشريفات فأدخلته إلى مكتبي ليتشرف بلقاء جلالة الملك.... وبعد أن طرح السفير التحية على جلالة الملك قال: «إن القرار الذي اتخذتموه بإعفاء الفريق يجب العودة عنه وإلا ستتحملون المسؤولية كاملة...» فأجاب جلالته «إن القرار قراري ولا أعود عنه مهما كانت النتائج وقد مارسنا حقنا وفق سيادتنا ...» وحين نرجع إلى الحالة العامة في الشرق الأوسط ندرك دقة وخطورة قرار التعريب الذي كان شجاعا ومن اجل مصلحة السيادة الوطنية.
احدث قرار التعريب ردود فعل قوية في مختلف أنحاء العالم، فلقد خاطب الرئيس الأمريكي ايزنهاور جلالة الملك الحسين قائلاً : إنك بطل، والبطولة ليست مُلك شعبك بل هي للعالم .
وقد تناولت الصحف الأمريكية والبريطانية والسوفيتية والصينية والفرنسية قرار تعريب قيادة الجيش العربي، واعتبرت الحدث بأنه انتصار للأردن وبداية انحسار النفوذ الأجنبي في المنطقة، وان هذا الحدث سيؤدي إلى زيادة التعاون بين العرب، ... واقتبس هنا من جريدة الشعب الصينية مما ورد في مقالها الافتتاحي بتاريخ 4 آذار 1956م حيث جاء فيه «إذا كانت دولة صغيرة تعتمد على الغير كالأردن تستطيع أن تعامل الأسد البريطاني بهذه الطريقة، فليس من العسير على الإنسان أن يرى كيف أن الحادث يشجع محاولات سائر الدول العربية».
وكأن هذه الجريدة الصينية تتنبأ بأحداث المستقبل في المنطقة فبعد أن كتب أنور السادات افتتاحية صحيفة الجمهورية المصرية بعنوان: سلمت يداك يا حسين ذكر الرئيس عبدالناصر بعد أحداث السويس والعدوان الثلاثي في نفس العام وبعد حوالي 8 شهور من التعريب ذكر بان قرار الحسين هو الذي حرر مصر وقناة السويس من الانجليز...» والتاريخ يكرر نفسه ويتحدث عن الأرض الأردنية باستمرار كنقطة البداية إلى أي عمل حاسم قادم منذ مطلع هذا القرن...
فمثلما كان احتلال العرب للعقبة في 6 تموز 1917 أثناء عمليات الثورة العربية الكبرى نقطة التحول في مسيرة الثورة العربية ونقلها من ميدان العمل المحدود إلى ميدان العمل الواسع ذي الأبعاد العسكرية والسياسية.
ومثلما كان قرار التعريب سبباً في دفع العرب لاتخاذ القرارات الجريئة التي تخدم مصلحة العرب.
كذلك كانت الكرامة - التي سنحتفل بذكراها الثانية والأربعين خلال هذا الشهر آذار - كانت الروح التي أحيت آمال العرب وقدمت لهم الإقناع الكافي بان النصر وتحقيق الفوز ليس ضرباً من المستحيل...
كان قرار التعريب ينطلق من هذا النموذج في عروبته وسيادته واستقلاليته وقيادته الهاشمية، وقرار التعريب ليس قراراً إداريا صدر عن مجلس الوزراء فحسب بل هو نقلة حضارية لروح الأمة لتدخل عالم الجرأة والإقدام...
فالقيادة الهاشمية التي أطلقت رصاصة الثورة العربية الكبرى وليس لديها جندي نظامي واحد ولا رشاش واحد، وقادت الأمة العربية نحو الفوز لتتمكن بعد اقل من سنتين من إرساء أول كيان عربي ودولة مؤسسات عربية بعد غياب الدولة العربية لأكثر من ستة قرون.... هي نفسها القيادة الهاشمية التي اتخذت أجرأ قرار في منطقة الشرق الأوسط في زمن كانت السيادة لبريطانيا وفرنسا وغيرها في المنطقة....
ولا يفوتنا أن نذكر الأخلاق الأردنية في مثل هذه المواقف... فالشهامة والشيم الأردنية تجلت في طريقة إبلاغ الجنرال لقرار عزله وفي كيفية نقله، ونذكر أن بهجت التلهوني كان قد أهدى الجنرال كلوب صورة لجلالة الملك ذات إطار فضي يعلوها التاج الهاشمي بينما كان يستعد لمغادرة الأردن وقال له: «أن جلالة الملك يقدر جهودكم وخدماتكم لهذا البلد ويُكن لكم كل التقدير لما بذلتموه من خدمات للجيش العربي...» ويذكر دولة المرحوم بهجت التلهوني أن جلالة الملك الحسين يرحمه الله قد أمر بعدم التفوه بأي كلمة بسوء على «الفريق» واصدر تعليماته إلى وسائل الإعلام بمراعاة ذلك.
والجنرال كلوب يذكر في مذكراته أن جلالة الملك الحسين كان في زيارة لبريطانيا بعد التعريب بسنوات وكان مقيماً في فندق دور تشستر «ويذكر انه زار جلالته زيارة مجاملة واستقبله بان فتح ذراعيه وضمه إليه....
كلوب باشا الذي رحل عن الدنيا يوم الاثنين السابع عشر من آذار 1986م قد بقي يذكر الأردن « وقد نشر في الصحف البريطانية عام 1968م اثر معركة الكرامة مطالباً الحكومة البريطانية أن تقف إلى جانب الأردن لأنه قد وقف إلى جانبها في الحرب العالمية الثانية عندما شاركت القوات الأردنية في فلسطين وسوريا والعراق ومنطقة العلمين في مصر... لقد ترك كلوب باشا عشرين مؤلفاً تتحدث عن تاريخ المنطقة آخرها مذكراته التي نشرت عام 1983م...
واليوم وبعد أكثر من نصف قرن على القرار الجريء والشجاع نراجع مجد تاريخنا المشرف، ونؤكد العهد لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم على مواصلة تحقيق أهداف الوطن والارتقاء به ونحن أكثر اعتزازاً بانجازاتنا.
ونفخر بأن قواتنا المسلحة الأردنية تتميز بالاحتراف والضبط والقدرة على أداء الواجبات الوطنية والقومية والعالمية، وقد اظهر العرض العسكري الكبير عام 2006 بعيد الجيش والثورة العربية الكبرى تميز هذه القوات وجاهزيتها الأكيدة وكفاءتها، وتحظى القوات المسلحة الأردنية برعاية خاصة من جلالة القائد الأعلى الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه، واحدث جلالته نقله نوعية في أداء القوات العسكرية، لتدخل عالم الإنتاج العسكري الدفاعي من خلال مركز الملك عبدالله للتصميم والتطوير، وتسهم بشكل فاعل في مسيرة التنمية الشاملة، وبتولى نشر التعليم وتوفير الخدمات الصحية إلى مستوى استحداث مستشفيات ميدانية متحركة لخدمة المناطق النائية...
ومما يبعث على الاعتزاز أن القوات الأردنية هي من اكبر القوات العسكرية ضمن قوات حفظ السلام العالمية التي تنتشر في مناطق النزاع والتوتر في العالم، وتمتاز بالكفاءة وحسن أدائها في تنفيذ الواجبات الانسانية وجلالته يقول عن قواته المسلحة الباسلة في لقائه معهم بتاريخ 3 تشرين الأول عام 2007 م ((أما انتم رفاق السلاح، نشامى الجيش العربي، والأجهزة الأمنية، فأنتم موضع الفخر والاعتزاز والاحترام والتقدير، وسمعتكم بترفع الرأس في كل العالم... وحتى يبقى الجيش العربي والأجهزة الأمنية الأردنية، كما كانت على الدوام، مثالا في الكفاءة والاقتدار، والنهوض بالواجب والقيام بمسؤولياتها العظيمة)).
وتعريب قيادة الجيش العربي واحدة من المحطات التي واجهها الأردن بشجاعة وثبات مثل العديد من الأحداث في أعوام 1957 و1958م وفي معركة الكرامة الخالدة، وما واجهناه في السبعينات وغيرها، وباستمرار يُثبت الأردن انه الأقوى، وفي خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم في العيد العاشر لتولي جلالته لسلطاته الدستورية بتاريخ 8 حزيران 2009م قال جلالته: ((والحمد لله فالأردن اليوم أقوى وأحسن حالا مما كان عليه، فقد تجاوزنا الكثير من التحديات والصعاب، وهذا هو الأردن الذي لا تزيده التحديات إلا قوة وثباتا وإصرارا على تحقيق أعظم الانجازات)).
وفي ذات الخطاب توجه جلالته بالحديث إلى قواتنا المسلحة الأردنية قائلا جلالته : (أما النشامى والنشميات رفاق السلاح في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، فيسرني أن أتوجه إليهم بتحية الفخر والاعتزاز والتقدير، إلى كل جندي وضابط وضابط صف، في كل المواقع والخنادق، فهم رمز التضحية والعطاء والانتماء، وهم حماة الوطن والمسيرة، وهم راية الأردن التي ستظل مرفوعة بعون الله، شامخة بالعز والكبرياء مثل جبال الأردن وهامات الأردنيين التي لا تنحني إلا الله).
ويعتز الأردنيون بقواتهم المسلحة الباسلة، وهم يقفون معها وهي منهم، ويعاهدون جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم نحو معارج التقدم والتطور لأن نكون جميعا جيشا لهذا الوطن نسيجه بوفائنا ونحميه بمحبتنا ونطوقه بعزائمنا وكبريائنا..
ولقائدنا ولقواتنا المسلحة الأردنية الباسلة ولكل الأجهزة الأمنية نقول : انتم راية العز والمجد والفخار وعنوان كبرياء وغنوة انتصار وكل عام وانتم بألف خير ...

 
عودة
أعلى