بسم الله الرحمن الرحيم
...........................
التمهيد لحرب أكتوبر 1973
يقول ((هرتزوج ))عن حائط الصواريخ: إن نظام الدفاع الجوي المصري، الذي أقيم بالجبهة، عام 1970، لم يكن رداً مباشراً على المشاكل، التي تواجه المصريين؛ لحماية قواتهم غرب القناة، وإنما كان تعبيراً عن تطور إستراتيجي، لم يتم فهمه، إلا بعد ثلاث سنوات، عندما بدأ الهجوم المصري، في 6 أكتوبر1973.
وبالرغم من مرارة الهزيمة في يونيه 1967، لم تتمكن إسرائيل من تحقيق الهدف النهائي للحرب، فلقد أثبتت دراسة الصراعات المسلحة على مر التاريخ أن الهدف النهائي لأي حرب، لا يتم تحقيقه إلا من خلال تحطيم القوة العسكرية للخصم،مع تحطيم إرادته على المقاومة لإجباره على الاستسلام، وإن كانت إسرائيل، خلال هذه الجولة قد نجحت في تحطيم أسلحة ومعدات القوات المسلحة المصرية فإنها لم تنجح في تحطيم إرادتها.
فقد أثبت الشعب المصري، وفي طليعته القوات المسلحة، قدرته على تحدي الهزيمة، عندما بدأت مرحلة الصمود، عقب انتهاء الحرب مباشرة، حيث أظهرت هذه الفترة مدى تماسك إرادة القوات المسلحة، من خلال أعمال قتالها الناجحة، في رأس العش، والمعارك التي دارت، في عمق سيناء، وتدمير المدمرة إيلات.
إن إعداد القوات المسلحة لخوض الجولة الرابعة، من تاريخ الصراع العربي ـ الإسرائيلي، في الفترة بين 1967-1973، قد مر بأربع مراحل رئيسية، هي، مرحلة الصمود، من أول يوليه 1967 حتى أغسطس 1968، مرحلة الردع، من سبتمبر 1968، حتى أول مارس 1969، مرحلة الاستنزاف من مارس 1969، حتى أغسطس 1970، مرحلة وقف إطلاق النار، من أغسطس 1970، حتى حرب أكتوبر 1973.
شهدت مرحلة صمود القوات المسلحة، مولد مرحلة جديدة في تاريخ تطور الدفاع الجوي المصري، وأدت خبرة قتال حرب يونيه 1967، وأعمال القتال، التي دارت بعدها مباشرة، إلى إدراك أهمية دور القوات الجوية الإسرائيلية، في تحقيق إستراتيجية إسرائيل العسكرية. وكان لازماً، عند إعادة بناء القوات المسلحة، أن يكون لديها القوة والوسيلة، التي تمكنها من مواجهة القوات الإسرائيلية وتقليص دور هذه القوات، فكان القرار،بإنشاء قوات الدفاع الجوي قوة مستقلة وفرعاً رئيسياً من أفرع القوات المسلحة، قد شكل بصدوره، منعطفاً هاماً وحاسماً في تاريخ تطور الدفاع الجوي تمثل في تحوله إلى قوة منظمة لأول مرة في تاريخه منذ نشأته.
لقد شكلت الانتصارات التي حققتها قوات الدفاع الجوي، في مواجهة القوات الجوية الإسرائيلية، خلال حرب الاستنزاف، نقطة البداية على طريق الإعداد للجولة الرابعة وابتداء، من اليوم التالي لوقف إطلاق النار، بدأت قيادة الدفاع الجوي في الإعداد والتحضير لها، بإعداد القادة وهيئات القيادة والقوات،من خلال المشروعات التدريبية المختلفة، والتطوير المستمر لأساليب القتال وتجهيز مسرح العمليات.
.............
اتخاذ قرار الحرب
ومع نهاية عام 1972، ونتيجة لاستنفاد القيادة السياسية، في مصر، كل الوسائل لتحريك القضية سلمياً، تم اتخاذ القرار السياسي، باستخدام القوة العسكرية، بغرض تغيير موازين الموقف السياسي العسكري، في الشرق الأوسط، وتهيئة الظروف المناسبة، لاستخدام باقي قوى الدولة الأخرى.
وتحددت المهمة للقوات المسلحة المصرية، بشن عملية هجومية إستراتيجية، تنفذ بالتعاون مع القوات المسلحة السورية، تقوم فيها بالاقتحام المدبر لقناة السويس، وتدمير خط بارليف، والاستيلاء على رؤوس كبارٍ، بعمق من 10-15 كم شرق القناة، مع الاستعداد لتنفيذ أي مهام قتالية أخرى تُكلف بها.
..........
مهمة قوات الدفاع الجوى
وبصدور توجيهات القائد العام للقوات المسلحة، وتحديد المهمة لقوات الدفاع الجوي، بدأت قيادة قوات الدفاع الجوي، في التخطيط لتنفيذها، واضعة، نصب أعينها، العديد من الاعتبارات، كان أهمها:
أهمية الدور الواقع على عاتق قوات الدفاع الجوي في إطار العملية، ضرورة المتابعة المستمرة لتطور القوات الجوية الإسرائيلية، وفكرة استخدامها المنتظرة في العملية.
طبيعة مهام الأفرع الرئيسية الأخرى، والتشكيلات التعبوية البرية في إطار العملية،طبيعة مسرح العمليات وتأثيره على أعمال القتال.
وعلى الرغم من متاعب وخسائر حرب الاستنزاف، فإنها كانت عملاً قومياً وعسكرياً ضرورياً في شتى المجالات، وقد أفرزت خبرات واسعة في مجال التنظيم،والتسليح، ومتطلبات الدفاع الصلب، في مجال الدفاع الجوي، حيث برزت الأهمية الأساسية للأسلحة الصاروخية، التي حققت أروع النتائج، وكذلك أعمال المساندةالإلكترونية الفعالة، وكذلك أسلوب تنظيم التعاون بين عناصر الدفاع الجوي الارضى ومقاتلات القوات الجوية، والتي يمكن أن نوجزها في الآتي:
.................
الأعمال الإلكترونية على الجانبين
أتاحت حرب الاستنزاف، لقوات الدفاع الجوي، فرصاً كبيرة في مجال التدريب الواقعي، في ميدان القتال، والوقوف على نقاط القوة والضعف، في السلاح الجوي الإسرائيلي، ومكنت القادة، على كل المستويات، من الاحتكاك المباشر، مع الفكر العسكري الإسرائيلي.
وأدى هذا إلى دراسات، وتحليلات ميدانية، وأكاديمية، مكنت قوات الدفاع الجوي، من التوصل إلى كثير من الحلول العملية للصعوبات، التي واجهتها، وأهمها التصدي للهجمات الكثيفة على الارتفاعات المنخفضة، وتحت ستر الإعاقة الإلكترونية، بأنواعها المختلفة، وقد استخدم الجانبان الكثير من الأعمال الإلكترونية والأعمال الإلكترونية المضادة.
.............
1_الاعمال الالكترونية الاسرائيلية
كانت هذه الحرب حقلاً لتجارب، واختبار معدات الإعاقة الإلكترونية،حيث دفعت الشركات الأمريكية المنتجة لتلك المعدات، بالكثير من خبرائها وعلمائها لاختبارها وتطويرها، وقد ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية، مساهمة فعالة، وألقت بكل ثقلها، لدعم إسرائيل في هذا المجال، واستغلت ظروف الحرب لاختبار وتقويم الكفاءة الفعلية لهذه المعدات، ومعرفة نتائج استخدامها، وتأثيرها على أجهزة الرادار، ومحطات توجيه الصواريخ سام -2، سام-3.
كما قامت طائرات من سلاح الجو الأمريكي، بنقل هذه المستودعات الإلكترونية، من خط الإنتاج المباشر بالولايات المتحدة الأمريكية، إلى إسرائيل، مباشرة، وكذا العلماء؛ لكي يكونوا على مقربة من حقل تجارب تلك المعدات،ويمكن القول إن إسرائيل قد استخدمت معظم وسائل الحرب الإلكترونية، المتاحة في ذلك الوقت، وهي:
الاستطلاع الموجي أو الإشاري: SignalIntelligence: SIGINTويهدف هذا النوع من الاستطلاع، إلى توفير معلومات فنية، عن أجهزة الرادار واللاسلكي، لتحديد تردداتها، وقدرة الإرسال، وشكل الشعاع، وتحليل هذه المعلومات؛ لتحديد أنسب الوسائل المضادة للتعامل معها، وشل فاعليتها، وقد استخدمت إسرائيل الأنواع الآتية:
أ_ الاستطلاع الإلكترونيElectronic Intelligence: ELINT، من مستودعات محمولة على طائرات، الاستطلاع اللاسلكي Communication Intelligence.
ب_ الإعاقة الإلكترونية المساندة: Support Jamming وهي أنظمة تركب في طائرات القتال، بغرض حماية أكثر من طائرة "تشكيل جوي"، في أثناء تنفيذ الهجمات الجوية، وقد استخدمها السلاح الجوي الإسرائيلي، بعدة أساليب، أهمها الإعاقة من بعد Stand Off Jamming، وفيها تكون طائرات الدعم مصاحبة للتشكيل المهاجم، حتى خارج مناطق عمل وسائل الدفاع الجوي.
وتحمل هذه المستودعات، على الطائرات F-4، وتحتوي بعض هذه المستودعات، على نظم فرعية، لإعاقة الاتصالات والخداع الراداري، ومستقبلات، لتحديد مصادر التهديد وخصائصها، وحاسب متصل بالنظام الملاحي، لتسهيل تمييز الأهداف، وتحديد الأسلوب المناسب لكل هدف، وقد قام السلاح الجوي الإسرائيلي باستخدام الإعاقة،بأنواعها الآتية:
1- الإعاقة الإيجابية:Active Jamming ويمكن أن تكون: إعاقة ضوضائية، إعاقة خداعية أو إعاقة نبضية.
2- الإعاقة السلبيةPassive Jamming.
3- نظام الحماية الذاتيةSelf Protection.
وتمتلك إسرائيل جهاز الإنذار والتحذير، من طراز سام سونج Sam Song،ويركب في الطائرات الفانتوم وسكاي هوك، لتأمينها، وقد استخدم هذا النظام في حرب الاستنزاف، وكان يعتمد على نظام لإنذار الطيار، فعند التقاط الطائرة، بجهاز رادار، إنذاراً، تضيء لمبة إرشاد، وكذا، عند التقاطه بمحطة رادار توجيه صواريخ سام 2 أو سام 3، وعند الإطلاق، وأثناء توجيه الصواريخ عليه، مما يساعد الطيار على المناورة الحادة؛ للخروج من منطقة التدمير، أو الإفلات من الصواريخ، كما يضم النظام مستودعات للإعاقة الإيجابية، وأسلحة الخمد "وايلدويزل" WILD WEASEL، بالإضافة لمستودعات الإعاقة السلبية.
4- الصواريخ المضادة للإشعاع الراداري: Anti Radar Missile: ARM ويعتبر من الأسلحة المتقدمة، تكنولوجياً، وتسمى كذلك الصواريخ راكبة الشعاع، حيث يقوم الطيار بالتقاط شعاع الرادار الأرضي، عن طريق الباحث الموجود بالصاروخ، وبعد التعرف على الهدف، يتم إطلاق الصاروخ، الذي يتخذ مساراً داخل شعاع الرادار، ويستمر في الطيران، على امتداد محور الشعاع، حتى يصل إلى جهازالرادار، أو الهوائيات، ويدمرها.
وقد استخدم هذا الصاروخ، في حرب الاستنزاف، ضد كتائب الصواريخ، وكان من طراز شرايك أمريكي الصنع، وتم استخدامه في حرب فيتنام، وحصلت عليه إسرائيل من أمريكا، وحدث به الكثير من التطوير، فتم تزويده بدائرة ذاكرة، تمكنه من الاستمرار في التوجيه بآخر معلومات ملتقطة، إذا ماقام جهاز الرادار بإيقاف الإرسال.
ويواجه الطيار صعوبات، في استخدام هذا النوع من الصواريخ، خاصة في المناطق، التي تتركز بها وسائل الدفاع الجوي، وهذا ما حدث في جبهة القناة، حيث يعتمد طول المدى للصاروخ على ارتفاع الإطلاق، فكلما زاد الارتفاع، زاد مدى الصاروخ، وقد يضطر الطيار زيادة ارتفاعه، حتى يتمكن من الاشتباك، من خارج مناطق عمل الصواريخ، خاصة أجناب التشكيل، أو مواقع الصواريخ غير المحمية، وهذا يتعارض مع مبادئ الاستخدام للطائرات الإسرائيلية، التي تعودت على الطيران المنخفض.
5- الطائرات الموجهة من دون طيار:استخدم الجانب الإسرائيلي الطائرات الموجهة، من دون طيار RPV's،للعمل على الجبهة المصرية والسورية، في أغراض الاستطلاع والتصوير، وذلك من خلال طيرانها، خارج مناطق عمل وسائل الدفاع الجوي، إلا أنه لم يستخدمها في أغراض هجومية، وقد أسقطت وسائل الدفاع الجوي عدداً من هذه الطائرات، من طرازي رايان فايربي، شيكار RIAN FIRE-B & SHIKAR .
........................
2. الأعمال الإلكترونية على الجانب المصري
لم يكن لدى الجانب المصري، تصور يذكر عن الحرب الإلكترونيةفي حرب1967، وفوجئ الجميع بأعمال الإعاقة الراداريةواللاسلكية التي استخدمها الجانب الإسرائيلي وبدأ التفكيربجدية في حل هذه المشكلة الكبرى التي يمكن أن تكون حجر عثرة أمام تنفيذ مهام وسائل الدفاع الجوي.
وكانت المطالب في البداية هي:
أ. توفير أجهزة استطلاع إلكترونية، تركب على طائرات مروحية.
ب. دراسة موضوع التشويش على أجهزة رادار الإنذار، ومحطات رادار توجيه الصواريخ.
ج. إيجاد حل لمشكلة التعارف IFF، بين الأجهزة الأرضية والطائرات، وبين الطائرات بعضها مع بعض، وذلك بتوحيد نظام التعارف. وقد قدمت هذه المطالب إلى الاتحاد السوفيتي، ووافق عليها، وكان ذلك، في نهاية عام 1969.
وقد بدأ الاهتمام بإيجاد الحلول، واستنباط الأساليب التكتيكية، لمجابهة تلك الأعمال الإلكترونية من جانب العدو، كالآتي:
1- اتباع الإجراءات الوقائية مثل: تقييد الإشِعاع الراداري لحرمان العدو من استطلاع ترددات أجهزة الرادار.
2- تنظيم العمل على الترددات الاحتياطية والاحتفاظ بجزء من الترددات لأغراض العمليات.
3- تدريب عمال الرادار على ضبط الشاشات حتى يمكنهم اكتشاف الأهداف وسط التداخل الإيجابي والسلبي.
4- تدريب عمال التتبع بكتائب الصواريخ على قوة الملاحظة، والمتابعة لشاشات المبينات خاصة أجهزة الرادار واكتشاف الأهداف المنخفضة جداً وسط التداخل والكسرات الأرضية الثابتة.
5- تقييد الإشعاع اللاسلكي بغرض حرمان العدو من استطلاعه.
وبدأت موضوعات الحرب الإلكترونية تأخذ دورها في التطور والنمو، جنباً إلى جنب مع باقي أسلحة، ومعدات منظومة الدفاع الجوي، ووصلت إلى مصر في بداية عام 1970، أول مجموعة من معدات الحرب الإلكترونية واتخذت مواقع لها بالقرب من القاهرةوبدأت في العمل على استطلاع أعمال العدو الإلكترونية، وكذا تنفيذ أعمال مضادة إلى جانب تدريب أطقم من المصريين، على التخصصات المختلفة لهذه الأجهزة.
ثم تلا ذلك وصول المجموعة الثانية من المعدات، وتمركزت في منطقة القناة وقد تسلمتها وقامت بتشغيلها الأطقم المصرية بعد إتمام تدريبها عليها وأجبرت حرب الاستنزاف السلاح الجوي الإسرائيلي على استخدام معظم ما لديه من أساليب الاستطلاع، والإعاقة اللاسلكية، والرادارية وبالرغم من هذا، فإن هذه الأعمال الإلكترونية لم تكن في يوم من أيام القتال تمثل عائقاً أساسياً لنشاطات وسائل الدفاع الجوي. فقد أدت وسائل الاستطلاع والإنذار مهامها بنجاح تام مثلها كمثل باقي الأنظمة، خاصة بعد أن تم تطوير معظم المعدات لمجابهة الأعمال الإلكترونية للعدو وتتلخص في الآتي:
أ- تطوير أجهزة رادار الإنذار، وذلك بتزويدها بأنظمة انتخاب الأهداف المتحركةMoving Target Indicator: MTI.
ب- زيادة إمكانيات أجهزة الاستقبال لتقليل وصولها إلى حالة التشبع.
ج- تدعيم وحدات الرادار والإنذار وكذا كتائب الصواريخ بأجهزة رادار حديثة، مثل جهاز ب15، ذات القدرة العالية على اكتشاف الأهداف المنخفضة والقائمة بالتداخل.
د- تعديل محطات رادار توجيه الصواريخ بما يمكنها من تقليل تأثير أعمال الإعاقة وكذا تحديث طرق توجيه الصواريخ، وإمدادها بأجهزة تتبع بصرية وتليفزيونية.
هـ- الاهتمام بالإخفاء والتمويه، للمواقع الحقيقية، والهيكلية، وتزويد المواقع الهيكلية، بعواكس ركنية تجعلها تبدو كمواقع حقيقية في أثناء عمليات الاستطلاع الراداري، وكذاالاهتمام بخطط إنتاج ستائر الدخان؛ لتضليل أسلحة الهجوم الجوي التليفزي.
.....................
استكمال البناء
استمرت المواجهات الكبرى، في حرب الاستنزاف، وسارعت الولاياتالمتحدة، إلى خسائر إسرائيل بإمدادها بـ 40 طائرة، منها 15 طائرة فانتوم وكان قد سبق تزويدها بالصواريخ شرايك، خلال عام 1971. وتوقف إطلاق النيران بقبول الطرفين لمبادرة وزير الخارجية الأمريكي روجرز في 8 أغسطس 1970، لمدة ثلاثة أشهر، وبدأ كل جانب يعد العدة للجولة القادمة.
وكان، من ضمن عناصر تقدير الموقف المصري، للموافقة على إيقاف النيران أن هذه الفترة ستوفر وقتاً؛ لاستكمال التجهيزات الهندسية لمواقع الصواريخ بالجبهة وكذلك استكمال تدريب وحدات الصواريخ سام 3 الحديثة التشكيل على واجب العمليات، ودمجها في تشكيلات قتال قوات الدفاع الجوي، في الجبهة غرب
القناة.
..............
تنامى قوة الذراع الطويلة
تنفيذاً للعقيدة القتالية التي أصرت إسرائيل على اعتناقها وهي التفوق الكمي والنوعي، فقد وصل حجم السلاح الجوي الإسرائيلي قبل حرب أكتوبر 1973 إلى نحو 540 طائرة قتال أي أكثر من ضعف ما كان عليه الحجم في 1967 والعدد الأكبر من هذه الطائرات من الطائرات الحديثة، "410 طائرات من الأنواع فانتوم ـ سكاي هوك ـ ميراج" ولم تقتصر الزيادة على الحجم بل في الكيف كذلك كالآتي من حيث القوة التدميرية ارتفعت من 250 طناً من القنابل والصواريخ لطلعة قوات جوية واحدة عام 1967، إلى 1800 طن عام 1973 أي أكثر من 7 أضعاف ومن حيث القدرات الإلكترونية:زُوِدَّت طائرات القتال بالعديد من الأجهزة والمعدات المتطورة أهمها:
1- رادارات الطيران المنخفض، "متابعة الثنيات الأرضية"، وهي تمكن الطيار من ضبط ارتفاع معين للطيران ويقوم هذا الجهاز بالتحكم في ارتفاع ثابت للطائرة مواز لسطح الأرض أو سطح البحر.
2- رادارات القصف جو/ أرض، والاشتباك جو/ جوالمزودة بحاسبات إلكترونية تساعد الطيار على دقة التسديدعند مهاجمة الأهداف الأرضية والاشتباك الجوي الآلي بالصواريخ جو/ جو والمدافع.
3- معدات الملاحة الأرضية، المحمولة في الطائرات والتي تتكامل في تحقيق وصول الطائرات إلى أهدافها من دون خطأ يذكر.
4- معدات الإعاقة اللاسلكية والرادارية، بإمكانيات تكنولوجية متقدمة من حيث القدرةالعاليةواتساع عرض النطاق الترددي.
5- نظم الاستطلاع البصري والراداري، وبالأشعة تحت الحمراء والتصوير الفوتوغرافي والتليفزيوني.
ومن حيث القدرات التكنولوجية من ناحية تسليح طائراتها ويظهر ذلك فى الصواريخ راكبة الشعاع من طراز شرايك وهارم، المضادة للرادار والصواريخ التليفزيونية مافريك اضافة الى القنابل الموجهة وول آيبالاضافة الى محطات الإعاقة الأرضية ذات القدرات العالية وطائرات الاستطلاع والإعاقة الإلكترونية المتخصصة وأنظمة الإنذار والتحذير "سام سونج"،نظام Wild Weasel "العرسة المتوحشة" للإعاقة والخمد.
تتميز الطائرات الحديثة التي امتلكتها إسرائيل بطول المدى على الارتفاعات المنخفضة ويمكنها الوصول إلى العمق المصري البعيد بل أكثر من هذاكما أن فترة بقائها في الجو طويلة تمكنها من الصمود في المعارك الجوية إذا ماقورنت بالمقاتلات الميج 21 وعلاوة على ذلك يمكنها التزود بالوقود في الجوحيث تمتلك إسرائيل هذه الإمكانيات، بمساعدة أمريكية.
اهتمت إسرائيل بتسليح طائراتها بأحدث الأسلحةوذلك لتحقيق التفوق الذي تنشده باستمرار وقامت باتباع الأسلوب التالي في
مجال تسليح الطائرات:
اهتمت بتزويد طائراتها بصواريخ القتال الجوي جو/ جو من طراز سايد ويندرSide Winder المتطورة حيث تحقق دقة في الإصابة وطول المدى بحيث يمكن إطلاقها من خارج مدى الصواريخ جو/ جو المعادية.
نظراً لما تتمتع به الطائرات الفانتوم وسكاي هوك من إمكانيات كبيرة في الحمولة فقد زودت بالقنابل ذات الأوزان الثقيلة زنة ألف وألفي رطل واهتمت بتزويد طائراتها بأسلحة الهجوم الجوي الحديثة مثل الصواريخ جو/ أرض الموجهة والقنابل الزعنفية، والزمنية بالإضافة إلى القنابل الانشطارية.
بالرغم من امتلاك إسرائيل لأعداد كبيرة من الطائرات فإنها كانت دائماً تخطط لمضاعفة المجهود الجوي لسلاحها الجوي وذلك بزيادة أعداد الطيارين المدربين، تدريباً جيداً على مهام العمليات وقد وصلت نسبة الطيارين إلى الطائرات، قبل حرب أكتوبر 1973، إلى ثلاثة طيارين لكل طائرتين وسبب هذه الزيادة هو تدفق أعداد كبيرة من الطيارين المتطوعين المحترفين اليهود من الولايات المتحدة وأوروبا ممن يحملون الجنسية المزدوجة بالإضافة إلى الأطقم الفنية عالية الكفاءة حيث يمكن بمساعدتها مضاعفة الطلعات اليومية للطائرةالواحدة.
وفي مجال التدريب
اهتمت إسرائيل بتدريب الطيارين على مهام القتال المختلفة حيث توافرت لها خبرات القتال من ميادين القتال في فيتنام ومن خلال حرب الاستنزاف حيث واجهت نفس أسلحة الدفاع الجوي الروسية التي استخدمتها فيتنام.
نتيجة لاحتلال القوات الإسرائيلية لسيناء توافر لإسرائيل عمق إستراتيجي كبير يصعب معه وصول الطائرات المصرية قصيرة المدى إلى قواعد التمركز الرئيسية داخل إسرائيل.
يستند السلاح الجوي الإسرائيلي على دعم أمريكي مطلق حيث يتم استعواض أي خسائر في الطائرات من دون مقابل ويتم التزود بالأسلحة والمعدات الإلكترونية بمجرد الحاجة إليها.
هذا بالإضافة إلى وجود الكثير من الخبراء المتخصصين والعلماء للمساهمة في التخطيط لأعمال السلاح الجوي الإسرائيلي والعمل على حل أي مشاكل فنية أو تكتيكية قد تظهر في أثناء العمليات.
اتبعت طائرات القتال لسلاح الجو الإسرائيلي الأساليب والتكتيكات التالية فى قتالها مع الدفاعات المصرية:
الاقتراب على ارتفاعات منخفضة ومنخفضة جداً واستخدام الإعاقة الرادارية واللاسلكية بكثافة شديدة، استخدام الصواريخ الموجهة جو/ أرض وبقية أسلحة الهجوم الجوي الحديثة ومحاولة إطلاقها من خارج مناطق القتال، استخدام أسلوب المشاغلة من اتجاه ثم الهجوم على ارتفاع منخفض من اتجاه آخر، استخدام الطائرات الموجهة من دون طيار بغرض المشاغلة واستنزاف الصواريخ، استخدام القنابل ذات الأوزان الثقيلة ألف وألفي رطل مع استخدام النابالم الذى تم استخدامه في أثناء حرب الاستنزاف.
مما لا شك فيه أن السلاح الجوي الإسرائيلي على رغم الإمكانيات الكبيرالتي حصل عليها فإنه استفاد بصفة رئيسية من مصادر المعلومات والاستطلاع الأمريكية سواء من طلعات طائرات الاستطلاع الإستراتيجية من طراز SR-71 أو من معلومات الأقمار الصناعية التي كانت توفر له معلومات فورية عن أوضاع القوات العربية على مختلف جبهات القتال، وكذا في العمقاعتباراً من 18 أبريل 1970.
وبرزت قيمة وتأثير شبكة الصواريخ غرب القناة عندما تعمدت إسرائيل تحدي هذه الشبكة في شهري يونيه ويوليه 197 ونتج عند ذلك تدمير وإصابة نحو 18طائرة فانتوم وسكاي هوك وكان يوم 30 يونيه 1970 هو يوم الفخر والمجد لقوات الدفاع الجوي وما زالت تحتفل به مصر وقوات الدفاع الجوي.
وشمل التطور،الحجم: كان حجم الصواريخ المضادة للطائرات في حرب 1967 وبداية حرب الاستنزاف حوالي 25 كتيبة لا تستطيع في أحسن الأحوال إلا مواجهة 10% من طائرات الهجمة الجوية الإسرائيلية،وقبل بدء الحرب كان حجم صواريخ الدفاع الجوي قد ارتفع لأكثر من أربعة أضعاف كما ارتفع حجم وحدات الرادار والإنذار إلى أكثر من الضعف.
وكان التجميع الرئيسي لأسلحة وأجهزة الدفاع الجوي مركزاً في منطقة القناة من القنطرة غرب حتى ميناء الأدبية جنوب السويس وبعمق 30 كم غرب القناة حيث احتلت أكثر من 45 كتيبة صواريخ سام 2 وسام 3 بالإضافة إلى كتائب المدفعية المضادة للطائرات المختلفة العيار وكتائب المدفعية 23مم الرباعية "الشيلكا"، وكتائب سام 7، وكتائب رادار، وكتائب مراقبة بالنظر تدار عملياتها المشتركة مع القوات الجوية من خلال مركز عمليات مشترك.
كما أنشأت لها غرفة عمليات على محور منفصل في منطقة بورسعيد الدفاعية ولكنه مرتبط بشبكة الدفاع الجوي في نظام الإنذار والتوجيه لقيادة عناصر الدفاع الجوي عن بورسعيد،هذا بالإضافة إلى أسلحة الدفاع الجوي المخصصة للتشكيلات البرية والتي تدخل ضمن تنظيم فرق المشاة والفرق الميكانيكية والفرق المدرعة والتي تضم المدافع 23مم الثنائية والرباعية الموجهة رادارياً من طراز "شيلكا"، وصواريخ سام 7 والمدفعية المضادة للطائرات 57 مم الموجهة رادارياً، و57 مم الذاتي الحركة مع الفرق المدرعة.
وأضيف إليها فيما بعد صواريخ سام 6 ذاتية الحركة((كوادرات)) التي تم توزيعها على قوات الجيشين الثاني والثالث، كما استقرت وحدات الدفاع الجوي عن عمق الدولة في كل من القاهرة والإسكندرية وأسوان وباقي العمق المصري الممتد طولاً وعرضاً.
ومما لاشك فيه أن هذه الطفرة الهائلة في حجم ونوعية الدفاع الجوي المصري وبعد حساب قدرات الأفرع الرئيسية الأخرى للقوات المسلحة بين مصر وإسرائيل نجد أن ميزان القوى كان قد تحول لصالح مصرعام70/1971 وكان هذا راجعاً إلى إقامة هذه الشبكة الكبيرة للدفاع الجوي وتأثيرها المباشر على أقوى أسلحة إسرائيل المتمثلة في القوات الجوية.
يتبع..........
...........................
التمهيد لحرب أكتوبر 1973
يقول ((هرتزوج ))عن حائط الصواريخ: إن نظام الدفاع الجوي المصري، الذي أقيم بالجبهة، عام 1970، لم يكن رداً مباشراً على المشاكل، التي تواجه المصريين؛ لحماية قواتهم غرب القناة، وإنما كان تعبيراً عن تطور إستراتيجي، لم يتم فهمه، إلا بعد ثلاث سنوات، عندما بدأ الهجوم المصري، في 6 أكتوبر1973.
وبالرغم من مرارة الهزيمة في يونيه 1967، لم تتمكن إسرائيل من تحقيق الهدف النهائي للحرب، فلقد أثبتت دراسة الصراعات المسلحة على مر التاريخ أن الهدف النهائي لأي حرب، لا يتم تحقيقه إلا من خلال تحطيم القوة العسكرية للخصم،مع تحطيم إرادته على المقاومة لإجباره على الاستسلام، وإن كانت إسرائيل، خلال هذه الجولة قد نجحت في تحطيم أسلحة ومعدات القوات المسلحة المصرية فإنها لم تنجح في تحطيم إرادتها.
فقد أثبت الشعب المصري، وفي طليعته القوات المسلحة، قدرته على تحدي الهزيمة، عندما بدأت مرحلة الصمود، عقب انتهاء الحرب مباشرة، حيث أظهرت هذه الفترة مدى تماسك إرادة القوات المسلحة، من خلال أعمال قتالها الناجحة، في رأس العش، والمعارك التي دارت، في عمق سيناء، وتدمير المدمرة إيلات.
إن إعداد القوات المسلحة لخوض الجولة الرابعة، من تاريخ الصراع العربي ـ الإسرائيلي، في الفترة بين 1967-1973، قد مر بأربع مراحل رئيسية، هي، مرحلة الصمود، من أول يوليه 1967 حتى أغسطس 1968، مرحلة الردع، من سبتمبر 1968، حتى أول مارس 1969، مرحلة الاستنزاف من مارس 1969، حتى أغسطس 1970، مرحلة وقف إطلاق النار، من أغسطس 1970، حتى حرب أكتوبر 1973.
شهدت مرحلة صمود القوات المسلحة، مولد مرحلة جديدة في تاريخ تطور الدفاع الجوي المصري، وأدت خبرة قتال حرب يونيه 1967، وأعمال القتال، التي دارت بعدها مباشرة، إلى إدراك أهمية دور القوات الجوية الإسرائيلية، في تحقيق إستراتيجية إسرائيل العسكرية. وكان لازماً، عند إعادة بناء القوات المسلحة، أن يكون لديها القوة والوسيلة، التي تمكنها من مواجهة القوات الإسرائيلية وتقليص دور هذه القوات، فكان القرار،بإنشاء قوات الدفاع الجوي قوة مستقلة وفرعاً رئيسياً من أفرع القوات المسلحة، قد شكل بصدوره، منعطفاً هاماً وحاسماً في تاريخ تطور الدفاع الجوي تمثل في تحوله إلى قوة منظمة لأول مرة في تاريخه منذ نشأته.
لقد شكلت الانتصارات التي حققتها قوات الدفاع الجوي، في مواجهة القوات الجوية الإسرائيلية، خلال حرب الاستنزاف، نقطة البداية على طريق الإعداد للجولة الرابعة وابتداء، من اليوم التالي لوقف إطلاق النار، بدأت قيادة الدفاع الجوي في الإعداد والتحضير لها، بإعداد القادة وهيئات القيادة والقوات،من خلال المشروعات التدريبية المختلفة، والتطوير المستمر لأساليب القتال وتجهيز مسرح العمليات.
.............
اتخاذ قرار الحرب
ومع نهاية عام 1972، ونتيجة لاستنفاد القيادة السياسية، في مصر، كل الوسائل لتحريك القضية سلمياً، تم اتخاذ القرار السياسي، باستخدام القوة العسكرية، بغرض تغيير موازين الموقف السياسي العسكري، في الشرق الأوسط، وتهيئة الظروف المناسبة، لاستخدام باقي قوى الدولة الأخرى.
وتحددت المهمة للقوات المسلحة المصرية، بشن عملية هجومية إستراتيجية، تنفذ بالتعاون مع القوات المسلحة السورية، تقوم فيها بالاقتحام المدبر لقناة السويس، وتدمير خط بارليف، والاستيلاء على رؤوس كبارٍ، بعمق من 10-15 كم شرق القناة، مع الاستعداد لتنفيذ أي مهام قتالية أخرى تُكلف بها.
..........
مهمة قوات الدفاع الجوى
وبصدور توجيهات القائد العام للقوات المسلحة، وتحديد المهمة لقوات الدفاع الجوي، بدأت قيادة قوات الدفاع الجوي، في التخطيط لتنفيذها، واضعة، نصب أعينها، العديد من الاعتبارات، كان أهمها:
أهمية الدور الواقع على عاتق قوات الدفاع الجوي في إطار العملية، ضرورة المتابعة المستمرة لتطور القوات الجوية الإسرائيلية، وفكرة استخدامها المنتظرة في العملية.
طبيعة مهام الأفرع الرئيسية الأخرى، والتشكيلات التعبوية البرية في إطار العملية،طبيعة مسرح العمليات وتأثيره على أعمال القتال.
وعلى الرغم من متاعب وخسائر حرب الاستنزاف، فإنها كانت عملاً قومياً وعسكرياً ضرورياً في شتى المجالات، وقد أفرزت خبرات واسعة في مجال التنظيم،والتسليح، ومتطلبات الدفاع الصلب، في مجال الدفاع الجوي، حيث برزت الأهمية الأساسية للأسلحة الصاروخية، التي حققت أروع النتائج، وكذلك أعمال المساندةالإلكترونية الفعالة، وكذلك أسلوب تنظيم التعاون بين عناصر الدفاع الجوي الارضى ومقاتلات القوات الجوية، والتي يمكن أن نوجزها في الآتي:
.................
الأعمال الإلكترونية على الجانبين
أتاحت حرب الاستنزاف، لقوات الدفاع الجوي، فرصاً كبيرة في مجال التدريب الواقعي، في ميدان القتال، والوقوف على نقاط القوة والضعف، في السلاح الجوي الإسرائيلي، ومكنت القادة، على كل المستويات، من الاحتكاك المباشر، مع الفكر العسكري الإسرائيلي.
وأدى هذا إلى دراسات، وتحليلات ميدانية، وأكاديمية، مكنت قوات الدفاع الجوي، من التوصل إلى كثير من الحلول العملية للصعوبات، التي واجهتها، وأهمها التصدي للهجمات الكثيفة على الارتفاعات المنخفضة، وتحت ستر الإعاقة الإلكترونية، بأنواعها المختلفة، وقد استخدم الجانبان الكثير من الأعمال الإلكترونية والأعمال الإلكترونية المضادة.
.............
1_الاعمال الالكترونية الاسرائيلية
كانت هذه الحرب حقلاً لتجارب، واختبار معدات الإعاقة الإلكترونية،حيث دفعت الشركات الأمريكية المنتجة لتلك المعدات، بالكثير من خبرائها وعلمائها لاختبارها وتطويرها، وقد ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية، مساهمة فعالة، وألقت بكل ثقلها، لدعم إسرائيل في هذا المجال، واستغلت ظروف الحرب لاختبار وتقويم الكفاءة الفعلية لهذه المعدات، ومعرفة نتائج استخدامها، وتأثيرها على أجهزة الرادار، ومحطات توجيه الصواريخ سام -2، سام-3.
كما قامت طائرات من سلاح الجو الأمريكي، بنقل هذه المستودعات الإلكترونية، من خط الإنتاج المباشر بالولايات المتحدة الأمريكية، إلى إسرائيل، مباشرة، وكذا العلماء؛ لكي يكونوا على مقربة من حقل تجارب تلك المعدات،ويمكن القول إن إسرائيل قد استخدمت معظم وسائل الحرب الإلكترونية، المتاحة في ذلك الوقت، وهي:
الاستطلاع الموجي أو الإشاري: SignalIntelligence: SIGINTويهدف هذا النوع من الاستطلاع، إلى توفير معلومات فنية، عن أجهزة الرادار واللاسلكي، لتحديد تردداتها، وقدرة الإرسال، وشكل الشعاع، وتحليل هذه المعلومات؛ لتحديد أنسب الوسائل المضادة للتعامل معها، وشل فاعليتها، وقد استخدمت إسرائيل الأنواع الآتية:
أ_ الاستطلاع الإلكترونيElectronic Intelligence: ELINT، من مستودعات محمولة على طائرات، الاستطلاع اللاسلكي Communication Intelligence.
ب_ الإعاقة الإلكترونية المساندة: Support Jamming وهي أنظمة تركب في طائرات القتال، بغرض حماية أكثر من طائرة "تشكيل جوي"، في أثناء تنفيذ الهجمات الجوية، وقد استخدمها السلاح الجوي الإسرائيلي، بعدة أساليب، أهمها الإعاقة من بعد Stand Off Jamming، وفيها تكون طائرات الدعم مصاحبة للتشكيل المهاجم، حتى خارج مناطق عمل وسائل الدفاع الجوي.
وتحمل هذه المستودعات، على الطائرات F-4، وتحتوي بعض هذه المستودعات، على نظم فرعية، لإعاقة الاتصالات والخداع الراداري، ومستقبلات، لتحديد مصادر التهديد وخصائصها، وحاسب متصل بالنظام الملاحي، لتسهيل تمييز الأهداف، وتحديد الأسلوب المناسب لكل هدف، وقد قام السلاح الجوي الإسرائيلي باستخدام الإعاقة،بأنواعها الآتية:
1- الإعاقة الإيجابية:Active Jamming ويمكن أن تكون: إعاقة ضوضائية، إعاقة خداعية أو إعاقة نبضية.
2- الإعاقة السلبيةPassive Jamming.
3- نظام الحماية الذاتيةSelf Protection.
وتمتلك إسرائيل جهاز الإنذار والتحذير، من طراز سام سونج Sam Song،ويركب في الطائرات الفانتوم وسكاي هوك، لتأمينها، وقد استخدم هذا النظام في حرب الاستنزاف، وكان يعتمد على نظام لإنذار الطيار، فعند التقاط الطائرة، بجهاز رادار، إنذاراً، تضيء لمبة إرشاد، وكذا، عند التقاطه بمحطة رادار توجيه صواريخ سام 2 أو سام 3، وعند الإطلاق، وأثناء توجيه الصواريخ عليه، مما يساعد الطيار على المناورة الحادة؛ للخروج من منطقة التدمير، أو الإفلات من الصواريخ، كما يضم النظام مستودعات للإعاقة الإيجابية، وأسلحة الخمد "وايلدويزل" WILD WEASEL، بالإضافة لمستودعات الإعاقة السلبية.
4- الصواريخ المضادة للإشعاع الراداري: Anti Radar Missile: ARM ويعتبر من الأسلحة المتقدمة، تكنولوجياً، وتسمى كذلك الصواريخ راكبة الشعاع، حيث يقوم الطيار بالتقاط شعاع الرادار الأرضي، عن طريق الباحث الموجود بالصاروخ، وبعد التعرف على الهدف، يتم إطلاق الصاروخ، الذي يتخذ مساراً داخل شعاع الرادار، ويستمر في الطيران، على امتداد محور الشعاع، حتى يصل إلى جهازالرادار، أو الهوائيات، ويدمرها.
وقد استخدم هذا الصاروخ، في حرب الاستنزاف، ضد كتائب الصواريخ، وكان من طراز شرايك أمريكي الصنع، وتم استخدامه في حرب فيتنام، وحصلت عليه إسرائيل من أمريكا، وحدث به الكثير من التطوير، فتم تزويده بدائرة ذاكرة، تمكنه من الاستمرار في التوجيه بآخر معلومات ملتقطة، إذا ماقام جهاز الرادار بإيقاف الإرسال.
ويواجه الطيار صعوبات، في استخدام هذا النوع من الصواريخ، خاصة في المناطق، التي تتركز بها وسائل الدفاع الجوي، وهذا ما حدث في جبهة القناة، حيث يعتمد طول المدى للصاروخ على ارتفاع الإطلاق، فكلما زاد الارتفاع، زاد مدى الصاروخ، وقد يضطر الطيار زيادة ارتفاعه، حتى يتمكن من الاشتباك، من خارج مناطق عمل الصواريخ، خاصة أجناب التشكيل، أو مواقع الصواريخ غير المحمية، وهذا يتعارض مع مبادئ الاستخدام للطائرات الإسرائيلية، التي تعودت على الطيران المنخفض.
5- الطائرات الموجهة من دون طيار:استخدم الجانب الإسرائيلي الطائرات الموجهة، من دون طيار RPV's،للعمل على الجبهة المصرية والسورية، في أغراض الاستطلاع والتصوير، وذلك من خلال طيرانها، خارج مناطق عمل وسائل الدفاع الجوي، إلا أنه لم يستخدمها في أغراض هجومية، وقد أسقطت وسائل الدفاع الجوي عدداً من هذه الطائرات، من طرازي رايان فايربي، شيكار RIAN FIRE-B & SHIKAR .
........................
2. الأعمال الإلكترونية على الجانب المصري
لم يكن لدى الجانب المصري، تصور يذكر عن الحرب الإلكترونيةفي حرب1967، وفوجئ الجميع بأعمال الإعاقة الراداريةواللاسلكية التي استخدمها الجانب الإسرائيلي وبدأ التفكيربجدية في حل هذه المشكلة الكبرى التي يمكن أن تكون حجر عثرة أمام تنفيذ مهام وسائل الدفاع الجوي.
وكانت المطالب في البداية هي:
أ. توفير أجهزة استطلاع إلكترونية، تركب على طائرات مروحية.
ب. دراسة موضوع التشويش على أجهزة رادار الإنذار، ومحطات رادار توجيه الصواريخ.
ج. إيجاد حل لمشكلة التعارف IFF، بين الأجهزة الأرضية والطائرات، وبين الطائرات بعضها مع بعض، وذلك بتوحيد نظام التعارف. وقد قدمت هذه المطالب إلى الاتحاد السوفيتي، ووافق عليها، وكان ذلك، في نهاية عام 1969.
وقد بدأ الاهتمام بإيجاد الحلول، واستنباط الأساليب التكتيكية، لمجابهة تلك الأعمال الإلكترونية من جانب العدو، كالآتي:
1- اتباع الإجراءات الوقائية مثل: تقييد الإشِعاع الراداري لحرمان العدو من استطلاع ترددات أجهزة الرادار.
2- تنظيم العمل على الترددات الاحتياطية والاحتفاظ بجزء من الترددات لأغراض العمليات.
3- تدريب عمال الرادار على ضبط الشاشات حتى يمكنهم اكتشاف الأهداف وسط التداخل الإيجابي والسلبي.
4- تدريب عمال التتبع بكتائب الصواريخ على قوة الملاحظة، والمتابعة لشاشات المبينات خاصة أجهزة الرادار واكتشاف الأهداف المنخفضة جداً وسط التداخل والكسرات الأرضية الثابتة.
5- تقييد الإشعاع اللاسلكي بغرض حرمان العدو من استطلاعه.
وبدأت موضوعات الحرب الإلكترونية تأخذ دورها في التطور والنمو، جنباً إلى جنب مع باقي أسلحة، ومعدات منظومة الدفاع الجوي، ووصلت إلى مصر في بداية عام 1970، أول مجموعة من معدات الحرب الإلكترونية واتخذت مواقع لها بالقرب من القاهرةوبدأت في العمل على استطلاع أعمال العدو الإلكترونية، وكذا تنفيذ أعمال مضادة إلى جانب تدريب أطقم من المصريين، على التخصصات المختلفة لهذه الأجهزة.
ثم تلا ذلك وصول المجموعة الثانية من المعدات، وتمركزت في منطقة القناة وقد تسلمتها وقامت بتشغيلها الأطقم المصرية بعد إتمام تدريبها عليها وأجبرت حرب الاستنزاف السلاح الجوي الإسرائيلي على استخدام معظم ما لديه من أساليب الاستطلاع، والإعاقة اللاسلكية، والرادارية وبالرغم من هذا، فإن هذه الأعمال الإلكترونية لم تكن في يوم من أيام القتال تمثل عائقاً أساسياً لنشاطات وسائل الدفاع الجوي. فقد أدت وسائل الاستطلاع والإنذار مهامها بنجاح تام مثلها كمثل باقي الأنظمة، خاصة بعد أن تم تطوير معظم المعدات لمجابهة الأعمال الإلكترونية للعدو وتتلخص في الآتي:
أ- تطوير أجهزة رادار الإنذار، وذلك بتزويدها بأنظمة انتخاب الأهداف المتحركةMoving Target Indicator: MTI.
ب- زيادة إمكانيات أجهزة الاستقبال لتقليل وصولها إلى حالة التشبع.
ج- تدعيم وحدات الرادار والإنذار وكذا كتائب الصواريخ بأجهزة رادار حديثة، مثل جهاز ب15، ذات القدرة العالية على اكتشاف الأهداف المنخفضة والقائمة بالتداخل.
د- تعديل محطات رادار توجيه الصواريخ بما يمكنها من تقليل تأثير أعمال الإعاقة وكذا تحديث طرق توجيه الصواريخ، وإمدادها بأجهزة تتبع بصرية وتليفزيونية.
هـ- الاهتمام بالإخفاء والتمويه، للمواقع الحقيقية، والهيكلية، وتزويد المواقع الهيكلية، بعواكس ركنية تجعلها تبدو كمواقع حقيقية في أثناء عمليات الاستطلاع الراداري، وكذاالاهتمام بخطط إنتاج ستائر الدخان؛ لتضليل أسلحة الهجوم الجوي التليفزي.
.....................
استكمال البناء
استمرت المواجهات الكبرى، في حرب الاستنزاف، وسارعت الولاياتالمتحدة، إلى خسائر إسرائيل بإمدادها بـ 40 طائرة، منها 15 طائرة فانتوم وكان قد سبق تزويدها بالصواريخ شرايك، خلال عام 1971. وتوقف إطلاق النيران بقبول الطرفين لمبادرة وزير الخارجية الأمريكي روجرز في 8 أغسطس 1970، لمدة ثلاثة أشهر، وبدأ كل جانب يعد العدة للجولة القادمة.
وكان، من ضمن عناصر تقدير الموقف المصري، للموافقة على إيقاف النيران أن هذه الفترة ستوفر وقتاً؛ لاستكمال التجهيزات الهندسية لمواقع الصواريخ بالجبهة وكذلك استكمال تدريب وحدات الصواريخ سام 3 الحديثة التشكيل على واجب العمليات، ودمجها في تشكيلات قتال قوات الدفاع الجوي، في الجبهة غرب
القناة.
..............
تنامى قوة الذراع الطويلة
تنفيذاً للعقيدة القتالية التي أصرت إسرائيل على اعتناقها وهي التفوق الكمي والنوعي، فقد وصل حجم السلاح الجوي الإسرائيلي قبل حرب أكتوبر 1973 إلى نحو 540 طائرة قتال أي أكثر من ضعف ما كان عليه الحجم في 1967 والعدد الأكبر من هذه الطائرات من الطائرات الحديثة، "410 طائرات من الأنواع فانتوم ـ سكاي هوك ـ ميراج" ولم تقتصر الزيادة على الحجم بل في الكيف كذلك كالآتي من حيث القوة التدميرية ارتفعت من 250 طناً من القنابل والصواريخ لطلعة قوات جوية واحدة عام 1967، إلى 1800 طن عام 1973 أي أكثر من 7 أضعاف ومن حيث القدرات الإلكترونية:زُوِدَّت طائرات القتال بالعديد من الأجهزة والمعدات المتطورة أهمها:
1- رادارات الطيران المنخفض، "متابعة الثنيات الأرضية"، وهي تمكن الطيار من ضبط ارتفاع معين للطيران ويقوم هذا الجهاز بالتحكم في ارتفاع ثابت للطائرة مواز لسطح الأرض أو سطح البحر.
2- رادارات القصف جو/ أرض، والاشتباك جو/ جوالمزودة بحاسبات إلكترونية تساعد الطيار على دقة التسديدعند مهاجمة الأهداف الأرضية والاشتباك الجوي الآلي بالصواريخ جو/ جو والمدافع.
3- معدات الملاحة الأرضية، المحمولة في الطائرات والتي تتكامل في تحقيق وصول الطائرات إلى أهدافها من دون خطأ يذكر.
4- معدات الإعاقة اللاسلكية والرادارية، بإمكانيات تكنولوجية متقدمة من حيث القدرةالعاليةواتساع عرض النطاق الترددي.
5- نظم الاستطلاع البصري والراداري، وبالأشعة تحت الحمراء والتصوير الفوتوغرافي والتليفزيوني.
ومن حيث القدرات التكنولوجية من ناحية تسليح طائراتها ويظهر ذلك فى الصواريخ راكبة الشعاع من طراز شرايك وهارم، المضادة للرادار والصواريخ التليفزيونية مافريك اضافة الى القنابل الموجهة وول آيبالاضافة الى محطات الإعاقة الأرضية ذات القدرات العالية وطائرات الاستطلاع والإعاقة الإلكترونية المتخصصة وأنظمة الإنذار والتحذير "سام سونج"،نظام Wild Weasel "العرسة المتوحشة" للإعاقة والخمد.
تتميز الطائرات الحديثة التي امتلكتها إسرائيل بطول المدى على الارتفاعات المنخفضة ويمكنها الوصول إلى العمق المصري البعيد بل أكثر من هذاكما أن فترة بقائها في الجو طويلة تمكنها من الصمود في المعارك الجوية إذا ماقورنت بالمقاتلات الميج 21 وعلاوة على ذلك يمكنها التزود بالوقود في الجوحيث تمتلك إسرائيل هذه الإمكانيات، بمساعدة أمريكية.
اهتمت إسرائيل بتسليح طائراتها بأحدث الأسلحةوذلك لتحقيق التفوق الذي تنشده باستمرار وقامت باتباع الأسلوب التالي في
مجال تسليح الطائرات:
اهتمت بتزويد طائراتها بصواريخ القتال الجوي جو/ جو من طراز سايد ويندرSide Winder المتطورة حيث تحقق دقة في الإصابة وطول المدى بحيث يمكن إطلاقها من خارج مدى الصواريخ جو/ جو المعادية.
نظراً لما تتمتع به الطائرات الفانتوم وسكاي هوك من إمكانيات كبيرة في الحمولة فقد زودت بالقنابل ذات الأوزان الثقيلة زنة ألف وألفي رطل واهتمت بتزويد طائراتها بأسلحة الهجوم الجوي الحديثة مثل الصواريخ جو/ أرض الموجهة والقنابل الزعنفية، والزمنية بالإضافة إلى القنابل الانشطارية.
بالرغم من امتلاك إسرائيل لأعداد كبيرة من الطائرات فإنها كانت دائماً تخطط لمضاعفة المجهود الجوي لسلاحها الجوي وذلك بزيادة أعداد الطيارين المدربين، تدريباً جيداً على مهام العمليات وقد وصلت نسبة الطيارين إلى الطائرات، قبل حرب أكتوبر 1973، إلى ثلاثة طيارين لكل طائرتين وسبب هذه الزيادة هو تدفق أعداد كبيرة من الطيارين المتطوعين المحترفين اليهود من الولايات المتحدة وأوروبا ممن يحملون الجنسية المزدوجة بالإضافة إلى الأطقم الفنية عالية الكفاءة حيث يمكن بمساعدتها مضاعفة الطلعات اليومية للطائرةالواحدة.
وفي مجال التدريب
اهتمت إسرائيل بتدريب الطيارين على مهام القتال المختلفة حيث توافرت لها خبرات القتال من ميادين القتال في فيتنام ومن خلال حرب الاستنزاف حيث واجهت نفس أسلحة الدفاع الجوي الروسية التي استخدمتها فيتنام.
نتيجة لاحتلال القوات الإسرائيلية لسيناء توافر لإسرائيل عمق إستراتيجي كبير يصعب معه وصول الطائرات المصرية قصيرة المدى إلى قواعد التمركز الرئيسية داخل إسرائيل.
يستند السلاح الجوي الإسرائيلي على دعم أمريكي مطلق حيث يتم استعواض أي خسائر في الطائرات من دون مقابل ويتم التزود بالأسلحة والمعدات الإلكترونية بمجرد الحاجة إليها.
هذا بالإضافة إلى وجود الكثير من الخبراء المتخصصين والعلماء للمساهمة في التخطيط لأعمال السلاح الجوي الإسرائيلي والعمل على حل أي مشاكل فنية أو تكتيكية قد تظهر في أثناء العمليات.
اتبعت طائرات القتال لسلاح الجو الإسرائيلي الأساليب والتكتيكات التالية فى قتالها مع الدفاعات المصرية:
الاقتراب على ارتفاعات منخفضة ومنخفضة جداً واستخدام الإعاقة الرادارية واللاسلكية بكثافة شديدة، استخدام الصواريخ الموجهة جو/ أرض وبقية أسلحة الهجوم الجوي الحديثة ومحاولة إطلاقها من خارج مناطق القتال، استخدام أسلوب المشاغلة من اتجاه ثم الهجوم على ارتفاع منخفض من اتجاه آخر، استخدام الطائرات الموجهة من دون طيار بغرض المشاغلة واستنزاف الصواريخ، استخدام القنابل ذات الأوزان الثقيلة ألف وألفي رطل مع استخدام النابالم الذى تم استخدامه في أثناء حرب الاستنزاف.
مما لا شك فيه أن السلاح الجوي الإسرائيلي على رغم الإمكانيات الكبيرالتي حصل عليها فإنه استفاد بصفة رئيسية من مصادر المعلومات والاستطلاع الأمريكية سواء من طلعات طائرات الاستطلاع الإستراتيجية من طراز SR-71 أو من معلومات الأقمار الصناعية التي كانت توفر له معلومات فورية عن أوضاع القوات العربية على مختلف جبهات القتال، وكذا في العمقاعتباراً من 18 أبريل 1970.
وبرزت قيمة وتأثير شبكة الصواريخ غرب القناة عندما تعمدت إسرائيل تحدي هذه الشبكة في شهري يونيه ويوليه 197 ونتج عند ذلك تدمير وإصابة نحو 18طائرة فانتوم وسكاي هوك وكان يوم 30 يونيه 1970 هو يوم الفخر والمجد لقوات الدفاع الجوي وما زالت تحتفل به مصر وقوات الدفاع الجوي.
وشمل التطور،الحجم: كان حجم الصواريخ المضادة للطائرات في حرب 1967 وبداية حرب الاستنزاف حوالي 25 كتيبة لا تستطيع في أحسن الأحوال إلا مواجهة 10% من طائرات الهجمة الجوية الإسرائيلية،وقبل بدء الحرب كان حجم صواريخ الدفاع الجوي قد ارتفع لأكثر من أربعة أضعاف كما ارتفع حجم وحدات الرادار والإنذار إلى أكثر من الضعف.
وكان التجميع الرئيسي لأسلحة وأجهزة الدفاع الجوي مركزاً في منطقة القناة من القنطرة غرب حتى ميناء الأدبية جنوب السويس وبعمق 30 كم غرب القناة حيث احتلت أكثر من 45 كتيبة صواريخ سام 2 وسام 3 بالإضافة إلى كتائب المدفعية المضادة للطائرات المختلفة العيار وكتائب المدفعية 23مم الرباعية "الشيلكا"، وكتائب سام 7، وكتائب رادار، وكتائب مراقبة بالنظر تدار عملياتها المشتركة مع القوات الجوية من خلال مركز عمليات مشترك.
كما أنشأت لها غرفة عمليات على محور منفصل في منطقة بورسعيد الدفاعية ولكنه مرتبط بشبكة الدفاع الجوي في نظام الإنذار والتوجيه لقيادة عناصر الدفاع الجوي عن بورسعيد،هذا بالإضافة إلى أسلحة الدفاع الجوي المخصصة للتشكيلات البرية والتي تدخل ضمن تنظيم فرق المشاة والفرق الميكانيكية والفرق المدرعة والتي تضم المدافع 23مم الثنائية والرباعية الموجهة رادارياً من طراز "شيلكا"، وصواريخ سام 7 والمدفعية المضادة للطائرات 57 مم الموجهة رادارياً، و57 مم الذاتي الحركة مع الفرق المدرعة.
وأضيف إليها فيما بعد صواريخ سام 6 ذاتية الحركة((كوادرات)) التي تم توزيعها على قوات الجيشين الثاني والثالث، كما استقرت وحدات الدفاع الجوي عن عمق الدولة في كل من القاهرة والإسكندرية وأسوان وباقي العمق المصري الممتد طولاً وعرضاً.
ومما لاشك فيه أن هذه الطفرة الهائلة في حجم ونوعية الدفاع الجوي المصري وبعد حساب قدرات الأفرع الرئيسية الأخرى للقوات المسلحة بين مصر وإسرائيل نجد أن ميزان القوى كان قد تحول لصالح مصرعام70/1971 وكان هذا راجعاً إلى إقامة هذه الشبكة الكبيرة للدفاع الجوي وتأثيرها المباشر على أقوى أسلحة إسرائيل المتمثلة في القوات الجوية.
يتبع..........
التعديل الأخير: