بسم الله الرحمن الرحيم
وقاية الدبابات من تهديدات أسلحة الضرب المباشر
تتعرض الدبابات والمركبات المدرعة في معركة الأسلحة المشتركة لمصادر عديدة من التهديدات، وذلك نتيجة للتسابق المستمر بين الأسلحة والمقذوفات المضادة للدبابات من جهة والدروع من جهة أخرى. وقد ساهم التقدم في مجالات تكنولوجيا الالكترونيات والمستشعرات في ظهور أجيال عديدة من الصواريخ والذخائر (الذكية) المضادات للدبابات، التي تهاجم أهدافها بطرق فعالة ومتعددة. وعلى الصعيد الآخر، كان الاهتمام بوقاية الدبابات هو السبب الرئيسي في ابتكار أنظمة وقاية متكاملة ظهرت على ساحة الاستخدام الفعلي في العديد من بلدان العالم.
ويمكن تعريف الضرب المباشر بأنه: "أسلوب تدمير الهدف المميز من خلال الشعاع البصري القادم منه إلى العين المجردة للرامي أو من خلال أجهزة الرؤية المتنوعة واطلاق المقذوف المناسب له". وقد أدى تطور وتعدد التهديدات في مسرح العمليات الى الاهتمام بدراسة تسليح الدبابات والمقذوفات المضادة لها كنظم أسلحة ضرب مباشر. وفي ظل التكنولوجيا المتاحة عالميا وأنظمة البحث والاستشعار والتوجيه، فإنه يمكن تعريف الضرب المباشر بأنه "أسلوب تدمير الهدف المميز للرامي أو لأجهزة البحث والتوجيه المزود بها المقذوف التي تمكنه بعد إطلاقه من استشعار الهدف وتمييزه حتى الوصول إليه وإحداث التأثير المطلوب به".
وتتنوع أسلحة الضرب المباشر تنوعاً كبيراً. وتجدر الإشارة إلى أن إطالة مدى الضرب المباشر وتعظيم معيار التهديد أو الأذى الواقع على الهدف هو الشغل الشاغل للباحثين الآن. وتختلف مقذوفات الدبابات والمقذوفات المضادة للدبابات التي تتنوع تنوعاً كبيرا وفقا لوسائل الاطلاق، وأسلوب الهجوم، وطريقة إحداث التدمير، وأمكانية الإعاقة عليها. وإطلاق أسلحة الضرب المباشر يمكن أن يتم من خلال مدافع الدبابات، أو قواذف الصواريخ، أو الأسلحة عديمة الارتداد، أو الهاوتزرات.
أنواع مقذوفات الضرب المباشر
ويمكن حصر الأنواع المختلفة لمقذوفات الضرب المباشر ضد الدبابات وترتيبها تنازليا طبقا لمستوى التهديد كما يلي:
1 - مقذوفات الطاقة الحركية، ومن أهمها القلب الخارق "السابو" (SABOT).
2 - مقذوفات الحشوة الجوفاء المزدوجة (Tandem).
3 - مقذوفات الحشوة الجوفاء التقليدية.
4 - المقذوفات المشكلة بالانفجار.
5 - المقذوفات الشديدة الانفجار.
وتختلف أساليب الهجوم لهذه المقذوفات طبقاً لتصميم المقذوف ووسيلة إطلاقه ومنظومة توجيهه. فهذا الهجوم قد يكون من الأمام، أو من الخلف، أو من الأجناب، أو من أعلى. ومما لا شك فيه أن السباق في تطبيق التكنولوجيا المذكورة في هذه المجالات قد أوضح العديد من الحقائق الثابتة التي حسمت تقسيم المقذوفات المضادة للدبابات الى نوعين أساسيين وهما: مقذوفات يمكن لنا إعاقتها، ومقذوفات لا يمكن إعاقتها.
مفهوم وقاية الدبابات ومركبات القتال
إن مفهوم الوقاية قد أصبح شاملاً ويعرف حالياً بأنه "ضمان استمرار بقاء الدبابة أو مركبة القتال في المعركة حتى نفاد وحدتها النارية". وتطوير نظم أسلحة الضرب المباشر التى تهدد الدبابات والمركبات المدرعة لا يتم بمعزل عن تطوير منظومات الوقاية، وبالتالي فإن الترابط بينهما هو في الواقع تكامل لنظام تصميم الدبابة أو مركبة القتال. فهدف نظام الوقاية هو الحفاظ على القدرات القتالية أو تعويض أي خسائر فيها، وبالتالي ضمان البقاء واستمرارية الأداء بكفاءة في أرض المعركة.
ويجب أن يتمتع نظام الوقاية بالمواصفات التالية:
- تجنب وسائل الكشف والتعرف المعادية، وبالتالي ضرورة أن تحقق وسائل الحماية أقل مساحة مواجهة، بالاضافة إلى القدرة على إيجاد حلول مناسبة للإخفاء والتمويه في كافة ظروف المعارك. كما أن تقليل كثافة البصمات بكافة أنواعها من ضوئية ورادارية وأشعة تحت الحمراء، يعتبر أحد مطالب نظام الوقاية، وقد أدى ذلك الى البدء في تصميمات دبابات بدون برج.
- الوقاية من تأثير المقذوف عند اصطدامه بجسم الدبابة أو البرج بأي زاوية، وقد أدى ذلك الى تعميق مفهوم الوقاية ليكون على مستوى الحجم والوزن، وهو الأمر الذي أدى الى تعقد تصميمات نظم الوقاية.
- في حالة إصابة المركبة أو الدبابة فإن من خصائص نظام الوقاية السليم القدرة على استبدال الجزء المصاب أو المستهلك في عملية مقاومة الاختراق (الاصابة) بطريقة عملية سريعة. وقد أكد المصممون على أن ذلك لا يتأتى إلا من خلال بناء نظام الوقاية من وحدات قياسية تتوافق مع تصميم الدرع الأساسي لتضمن القدرة على صد العديد من الاصابات وتتسم بكفاءة ووقاية عالية.
- بناء الدروع باستخدام أفضل التكنولوجيا المتاحة لمضاعفة قدرات مقاومة الاختراق. ويمكن التعبير عن كفاءة مثل هذه الدروع بمعايير الحجم والوزن بالنسبة إلى كفاءة مقاومة الاختراق.
- في حالة حدوث اختراق، يجب أن يتميز نظام الوقاية بتقليل الخسائر على مستوى الطاقم والمعدات الداخلية. وللوصول الى هذا المستوى من الحماية يجب أن يتسم تصميم الدبابة أو المركبة بأنسب الأماكن أمناً لعمل الطاقم وأفضلها لوضع المعدات داخل غرفة القتال بما يضمن حمايتها. كما انه من الواجب العناية الفائقة بحماية الذخيرة ضد الانفجارات الناتجة عن التشظي أو خلافه داخل غرف القتال. وزيادة لمعايير الأمان يجب أن يتضمن تصميم المركبة أو الدبابة تبطيناً داخلياً مناسباً لغرفة القتال.
- الوقاية من نتائج الضرب التي تشمل وسائل اخماد النيران.
- الوقاية ضد الهجمات النووية والبيولوجية والكيميائية.
اتجاهات تطوير نظم الوقاية
وتتلخص اتجاهات الوقاية في تكوين منظومة متكاملة تتعامل مع معظم العدائيات المنتشرة في أرض المعركة. ولقد كان للتطور الهائل في مجال الالكترونيات خلال الفترة الماضية أكبر الأثر في تطوير المستشعرات بكافة أنواعها، وهو الامر الذي أدى أيضاً الى تطوير منظومات الوقاية لكي يمكن للدبابة أو مركبة القتال أن تعمل بكفاءة في جو المعركة وما فيه من عدائيات متنوعة، مع اختلاف الأجواء من ليل أو نهار.
وتتضمن نظم الوقاية الحديثة التي يتم البحث والتطوير فيها: نظام الاحساس (Sensor) ومعالجة البيانات، ويتكون من مجموعة مستشعرات تعمل بالتوازن لتكون قادرة على "الاحساس" بالعدائيات المختلفة والمنتشرة في أرض المعركة. وقد تكون هذه المستشعرات بصرية، أو حرارية، أو رادارية، أو صوتية. وتعتمد فكرة نظام الاحساس على التقاط التهديدات ومعالجة بياناتها باستخدام حاسب لتحديد أنسب وسائل التدمير المتاحة واطلاقها صوب الهدف.
أما نظام اتخاذ ردود الأفعال فيتكون من منظومة متكاملة يرتبط عملها آلياً بنظام الاحساس ومعالجة البيانات، ويحتوي على أنواع متعددة من قذائف تطلق على الهدف في الاتجاه القادم منه لتدميره أو إعاقته، ومن هذه المقذوفات:
مقذوفات الدفاع الايجابي لتدمير الهدف، وتهاجم الهدف القادم وتقوم بتفجيره على مسافات تحقق أمن معدات الدبابة (حتى 20 مترا تقريباً من الدبابة).
مقذوفات الدفاع السلبي، وتهاجم المقذوف القادم بأن يطلق نظام الوقاية أنواعاً من القذائف التي تعيقه الكترونياً بغرض تغيير مساره أو تفجيره وهو ما يتم على بعد يصل إلى 20 متراً تقريباً.
وبالاضافة الي ما سبق ذكره من نظم وقاية حديثة يتم تطبيقها وتسليح الدبابات بها سواء كانت دبابات عاملة بالخدمة أوتصميمات جديدة لها، فإن هناك اتجاهات أخرى تتوافق مع طبيعة التهديدات التي تواجهها الدبابات طبقا لظروف العدائيات المتوقعة ومنها تطوير وسائل وقاية إضافية لمواجهة تهديد ذخائر الحشوة الجوفاء التقليدية والمزدوجة معاً ويمكنها أيضاً العمل كمنظومة وقاية مبسطة تتمتع بالخصائص السابق ذكرها. ويجري أيضاً البحث في مجال الدروع الايجابية ذات صفة الوقاية المتعددة ضد كافة أنواع التهديدات وعلى رأسها طلقات "سابو".
الأنظمة العالمية في مجال الوقاية
وهناك العديد من الأنظمة العالمية التي تم تطويرها لتحقيق الوقاية للدبابات والمركبات المدرعة وسوف تقوم روسيا بتصدير نظام متميز لحماية الدبابات، يقوم بصد هجوم الصواريخ المضادة للدبابات، ويشمل النظام راداراً متعدد الاتجاهات يمكنه استشعار الصواريخ المهاجمة للدبابات، ونظاماً للحاسب الآلي معداً لقذف الذخائر المقذوفة على شكل قوس حول الدبابة والجوانب خلف البرج، وتدعي المؤسسة الروسية المصممة للنظام بأن عملية اطلاق الذخائر المضادة للصواريخ على شكل قوس لحماية الدبابة تستغرق خمسة أجزاء من الألف من الثانية (0.005) بشكل أتوماتيكي، مما يوفر قدرا أكبر من الحماية للدبابة من الرأس المدمر شديد الانفجار للصواريخ المضادة للدبابات، وتكون هذه الحماية للدبابة بزاوية مقدارها 300 درجة أمام وحول البرج. وقد تضمنت النماذج المبدئية من النظام ثلاثة خيارات، ويعد النظام الذي أطلق عليه اسم (ايرينا) ARENA، أحدث ما قدمته الصناعة الروسية لدعم المدرعات، وقد تم استخدامه في روسيا لحماية الدبابة (T-80), (T-84), (T-90).
وتفيد المعلومات أن الدبابات الروسية (T-80), (T90)، والأكرانية (T-84s) مزودة بالنظام المسمى (Shora-1) الذي يحتوي على قذائف دخان ومقذوفات إعاقة تعمل بالأشعة تحت الحمراء، والنظام يتكون من 2-4 أنظمة لاكتشاف أشعة الليزر، ونظام او اثنين لتشويش الأشعة تحت الحمراء، وقذائف خاصة وحاسب مركزي، ولوحة تحكم. ويؤمن النظام الدفاع ضد الصواريخ الموجهة بالليزر، فعند اكتشاف الإشعاع الليزري يطلق النظام القذائف التي تتسبب في نشر سحابة من الأيروسول تجعل مشغل الصاروخ يفقد رؤية الهدف ويجعل التوجيه النهائي نحو الهدف غير ممكن.
أما قدرات التشويش فتتسبب في قطع الصلة بين نظام اطلاق الصاروخ وقدرته على تحديد موقع الأشعة تحت الحمراء.
ونظام (Tshul-7) الروسي هو نظام للتشويش على الأشعة تحت الحمراء، ويعمل عن طريق إطلاق إشارة تحكم تتداخل مع دورة التوجيه للصاروخ، وتتسبب هذه الإشارات في قطع الصلة بين نظام اطلاق الصاروخ، وقدرته على تحديد موقع الأشعة تحت الحمراء.
ويتم تطوير نظامين في أمريكا أحدهما يسمى (TRW) والآخر (IDS)، ويتم تركيب نظام تدمير المقذوفات المهاجمة خلف برج الدبابة (MIAI).
وتمتلك اسرائيل نظاماً متكاملا يسمى (ARPAM)، وقد تم تركيبه على المركبة (M113) المزودة بمدفع عيار 60مم، ويجري تطويره حتى يصل إلى المواصفات المطلوبة. وقد تم تركيب بعض مكونات هذا النظام على الدبابة "ميركافا-3" ويمكن لهذا النظام اطلاق مقذوفات الدخان التي تضمن اخفاء بصمة الدبابة وتضليل المقذوف المهاجم.
إعاقة أسلحة الضرب المباشر
ووسائل إعاقة مقذوفات الضرب المباشر قد تكون سلبية أو إيجابية. أما الإعاقة السلبية فتعني التأثير على المقذوف المهاجم للدبابة بغرض تضليله أو انحراف مساره، والتأثير على وسائل التفجير الالكترونية وتبكير التفجير قبل الوصول للدبابة بمسافة آمنة. والإعاقة الإيجابية تعني تدمير المقذوف المتجه نحو الدبابة بإطلاق مقذوف مضاد له في اتجاه حركته والتحكم في تفجيره بالقرب منه بوسائل تتصف بالاعتمادية، مما يؤدي الى تدمير هذا المقذوف المهاجم للدبابة. وهناك مقذوفات الضرب المباشر التي يمكن إعاقتها، والأخرى التي لا يمكن إعاقتها.
أولاً: المقذوفات التي لا يمكن إعاقتها:
مقذوفات الطاقة الحركية التي تتميز بالسرعة الفوهية العالية، التي يستحيل في الوقت الحالي مقاومتها أثناء طيرانها بغرض تغيير مسارها. ويمكن التقليل من تأثير هذه الأنواع على الهدف باتباع أساليب الوقاية المناسبة، ومن المؤكد وجود محاولات بحثية لمواجهة تأثير القلب الخارق على الهدف عند اصطدامه به باستخدام تقنيات جديدة للدروع الايجابية.
الطلقات شديدة الانفجار المزودة بطابات طرقية، مع مراعاة أنها لا تمثل التهديد الأول للدبابات ويستحيل حالياً أيضاً مواجهتها أثناء انطلاقها نحو الهدف لقصر الزمن اللازم لاتخاذ ردود الأفعال في منظومات الوقاية. ويمكن تقليل تأثير هذا النوع من الذخيرة الى الحد الأدنى، وهو المبدأ المتبع في تصميم مكونات الدبابة الخارجية من معدات ومواسير.
طلقات الدبابات ذات الحشوة الجوفاء التقليدية، أو المزدوجة غير الموجهة، وهي تتميز بالسرعة الفوهية العالية، يصعب في الوقت الحالي مقاومتها أثناء طيرانها بغرض تغيير مسارها. ولكنه يمكن حالياً السيطرة على أدائها عند اصطدامها بالهدف لتقليل تأثيرها الى الحد الأدنى باستخدام وسائل الوقاية المناسبة. وبناء علي الاتجاهات العالمية في نظم الوقاية من هذه الأنواع من الذخيرة فإن تزويد الدبابات بها لا ينعكس بالسلب على خصائصها القتالية، نظرا لعدم تعقد تصميماتها. ويرجع السبب في قدرة أنظمة الوقاية على احتواء تأثير هذه الأنواع من الذخائر الى تبكير أداء عمل الطابة الطرقية المزودة بها، بحيث تبدأ عملية الاختراق في الدرع الأصلي بعد أن يكون قد اضمحل تأثيرها بدرجة كبيرة قبل الاختراق الفعلي.
وقد زودت الدبابة الروسية طراز (T-80) بألواح ذات سمك رقيق تبرز بمسافة مناسبة عن برج الدبابة، كما زودت بألواح من الكاوتش المدعم بشباك معدنية أسفل المقدمة وعلى الأجناب، من أمثلة ذلك ما تم إضافته من أطوال مناسبة من جنازير في منطقة أسفل برج الدبابة الاسرائيلية "ميركافا-3" لوقاية البرج من الخلف. والطلقات الخارقة للدروع ذات العيار المخفض (السابو) تعتبر هي العدو الأول للدبابات الذي يتم تطويره بصفة مستمرة في اتجاهات متعددة. ونظراً لصعوبة تصميم أنظمة وقاية للدبابات حتى الآن تتسم بالاعتمادية وتقاوم اختراق هذا النوع من المقذوفات، فقد كان اتجاه إطالة مدى الضرب المباشر هو الحل الوحيد لتجنب تهديد هذه الذخيرة.
وعلى الصعيد الآخر فمن أجل تطوير هذه الذخيرة والاحتفاظ بها كأفضل وسائل الضرب المباشر فإنه يجري العمل في تطويرها في الاتجاهات التالية:
زيادة السرعة الفوهية بزيادة الضغط الدافع للمقذوفات داخل الماسورة. واستخدام خامات مواسير تتحمل ضغوطا أعلى. ويحتم هذا الأمر ترابط تكنولوجيا السبائك الحديدية بمجال تصميم وتطوير مدافع الدبابات بصفة خاصة لضمان استمرارية مثل هذا النوع من عمليات التطوير.
تصميم مدافع دبابات جديدة ذات عيار 135مم أو 140مم لضمان تصاعد السرعة الفوهية بدرجة كبيرة تسمح بزيادة المدى المؤثر لمقذوفات السابو. ومما هو جدير بالذكر أن انهاء العيار من الخدمة يتم التخطيط له بناء على جدوى تطويره لمواجهة العدائيات المنتظرة. وفي حالة عدم جدوى أداء المدفع الرئيسي لمواجهة عدائيات المستقبل المدروسة بعناية يتم تقرير تصميم مدفع دبابة جديد بعيار أكبر. وتستخدم في هذا المجال أساليب المحاكاة للصراع بين مصممي دروع ومدافع المستقبل ومخططي برامج استنباط السبائك عالية المتانة لوضع إطار العيار الجديد.
استنباط أشكال جديدة لحبيبات المادة القاذفة الصلبة. وقد ظهرت الحبيبات عديدة الثقوب لترفع كفاءة الاحتراق. وقد بدأت المحاولات بسبعة ثقوب، كما تم حديثا استخدام الأنواع ذات التسعة عشر ثقبا، وتجري الأبحاث في تطبيق الأنواع ذات أربعة وخمسين ثقبا.
تصميم عبوات مادة قاذفة متحركة خلف المقذوف لكي يتم احتراقها في حجم أكبر، وبالتالي يمكن استخدام كميات أكبر من المادة دون أن يرتفع الحد الأقصى للضغط في الماسورة إلى قيم خطرة على التصميم.
اتباع الأساليب الحديثة للدفع مثل احتراق السائل، ورفع كفاءة الاختراق باستخدام مصادر طاقة إضافية كالبلازما أو الدفع الكهرومغنطيسى.
الارتفاع بمواصفات وتكنولوجيات انتاج القلب الخارق (السابو) ويستخدم هذا الأسلوب في تطوير مدافع الدبابات الموجودة بالخدمة دون المساس بتصميمات المدافع. وقد تم استخدام (كربيدات التنجستن) في صناعة القلب الخارق في الفترة الماضية، بينما الاتجاه العالمي يسير نحو تطوير التكنولوجيا من استخدام سبائك التنجستن واليورانيوم المستنفد. ويتم الحصول على قدرات اختراق تزيد بنسبة 15% تقريبا في سبائك التنجستين عنها في حال كربيدات التنجستن.
ثانياً: المقذوفات التي يمكن إعاقتها:
- الصواريخ الموجهة، التي تطلق سواء من الطائرات العمودية، أو من قواذفها المحمولة بطرق مختلفة أو من مواسير مدافع الدبابات. وتتسم هذه الأنواع بالسرعة المنخفضة نسبيا (أقل من سرعة الصوت) التى تسمح باتخاذ عدد من التدابير لتدميرها أو إعاقتها.
- مقذوفات عديمة الارتداد، يكون الرأس الحربي فيها -غالبا- حشوة جوفاء. ونظرا للسرعة الصغيرة نسبيا، فإنه يمكن لوسائل الوقاية الحديثة التقاطها أثناء طيرانها واتخاذ تدابير الدفاع السلبي أو الايجابي ضدها.
- المقذوفات شديدة الانفجار المزودة بطابات تقاربية. ويجري عدد من الدول دراسة أسلوب إعاقة أداء هذا النوع من الطابات بتبكير تفجيرها أو بأسلوب آخر.
ثالثاً: مقذوفات يصعب إعاقتها:
وتتمثل أساسا في المقذوفات المشكلة بالانفجار المزودة بباحث، التي تطلق عادة من الهاوتزرات على مسافات كبيرة قد تصل إلى 20كم لتهاجم الدبابات ومركبات القتال من أعلى. وتتسم هذه المقذوفات بالسرعات العالية جدا أثناء الطيران نحو مناطق تقدم الدبابات أو تجمعها. ويصعب على وسائل الكشف أو الوقاية تمييز هذا النوع عن غيره إلا بعد انفصال نظام الرأس الحربي في البحث عن الدبابة أثناء سقوطه. وعلى الرغم من انخفاض سرعة السقوط لأسفل، إلا أن قصر مسافة السقوط يستغرق زمنا (في حدود ثلاث ثوان تقريبا) وهو زمن قصير نسبيا. هذا بالاضافة الى أن أسلوب الهجوم من أعلى، وكبر المساحة المعرضة للهجوم. وأن نقاط ضعف أساليب الوقاية الحديثة تكمن في الدفاع عن السطح العلوي للدبابة، فإن هذا النوع من المقذوفات يمكن أن يقع ضمن فئة المقذوفات التى يصعب أعاقتها.
ومن اتجاهات التطوير العالمية في هذا المجال:
تصميم ذخائر تدمير للدبابات من أعلى محمولة في ذخائر هاوتزات، وينفصل الرأس الحربي الذكي عن الطلقة الحاملة له بمقذوفات مشكّلة بالانفجار، مما يزيد احتمالية الاصابة، نظرا لأن مساحة سطح الهدف في هذه الحالة (الدبابة) أكبر ما يمكن، وحيث تكمن نقاط ضعف نظم الوقاية، ومن هذه الذخائر نوع فرنسي- سويدي يطلق من الهاوتزر عيار 155مم ويطلق عليه اسم (BONU)، وأنواع روسية للضرب غير المباشر، مثل ذخيرة "كيتولوف" 122مم ذات مدى 5.5كم (أسلوب الهجوم من أعلى) والمزودة أيضا برأس حربي ارتجاجي يمكن استخدامه لتدمير نظام الوقاية للدبابات الذي يصمم جزء كبير منه خارج الدبابة.
تطوير صواريخ مضادة للدبابات موجهة بالليزر يصعب إعاقتها الكترونيا (سلبيا) وتطلق من مدفعية الدبابات (T-55) و (T-62) مثل طراز "باستيون" عيار 100مم و 115مم (مدى من 4-5كم).
اتجاهات جديدة
لمواجهة أسلحة الضرب المباشر
نظرا لأهمية الطائرات العمودية المسلحة في مجال الضرب المباشر، فقد تم تطوير ألغام مضادة للحوامات، ويجري حاليا تطويرها لامكانية إسقاطها خلف العدو أثناء العمليات من خلال نظم إطلاق خاصة في الأماكن المتوقع وجود هذه الطائرات بها. ومن أهم مميزات هذه الأنواع من الألغام: الاحساس ببصمة الطائرات الصوتية، وعدم البدء في تشغيل باقي المستشعرات المزود بها اللغم إلا بعد التأكد الذاتي من بصمة الهدف تجنبا لأي احتمالات إعاقة.
وقد تم أيضا تطوير صاروخ كمائن مضادة للدبابات يمكن استغلالها كوسيلة تدمير للدبابات. ويحمل الصاروخ رأسا حربياً مشكَّلاً بالانفجار، ويمكنه الإحساس بالهدف ومعالجة البيانات بطرق يصعب إعاقتها حاليا. ومن بين هذه الأنواع صاروخ كمائن ذاتي الأداء من تصميم فرنسي يسمى (MAZAC) يطلق ذاتيا بناء على استشعار بصمة صوت محرك الدبابة ليطير فوقها ويستشعر مكان المحرك حراريا لإطلاق قذيفة مشكلة بالانفجار لتصطدم بسطح الدبابة من أعلى.
المراجع:
- Military Technology, 5/2000.
- Jane,s Defense Weekly, 15 July2000.
- Defense News, 17July 2000.
مجلة الحرس الوطني : تقارير
تاريخ: 01/02/2004
بقلم: اللواء د. علي محمد رجب
وقاية الدبابات من تهديدات أسلحة الضرب المباشر
تتعرض الدبابات والمركبات المدرعة في معركة الأسلحة المشتركة لمصادر عديدة من التهديدات، وذلك نتيجة للتسابق المستمر بين الأسلحة والمقذوفات المضادة للدبابات من جهة والدروع من جهة أخرى. وقد ساهم التقدم في مجالات تكنولوجيا الالكترونيات والمستشعرات في ظهور أجيال عديدة من الصواريخ والذخائر (الذكية) المضادات للدبابات، التي تهاجم أهدافها بطرق فعالة ومتعددة. وعلى الصعيد الآخر، كان الاهتمام بوقاية الدبابات هو السبب الرئيسي في ابتكار أنظمة وقاية متكاملة ظهرت على ساحة الاستخدام الفعلي في العديد من بلدان العالم.
ويمكن تعريف الضرب المباشر بأنه: "أسلوب تدمير الهدف المميز من خلال الشعاع البصري القادم منه إلى العين المجردة للرامي أو من خلال أجهزة الرؤية المتنوعة واطلاق المقذوف المناسب له". وقد أدى تطور وتعدد التهديدات في مسرح العمليات الى الاهتمام بدراسة تسليح الدبابات والمقذوفات المضادة لها كنظم أسلحة ضرب مباشر. وفي ظل التكنولوجيا المتاحة عالميا وأنظمة البحث والاستشعار والتوجيه، فإنه يمكن تعريف الضرب المباشر بأنه "أسلوب تدمير الهدف المميز للرامي أو لأجهزة البحث والتوجيه المزود بها المقذوف التي تمكنه بعد إطلاقه من استشعار الهدف وتمييزه حتى الوصول إليه وإحداث التأثير المطلوب به".
وتتنوع أسلحة الضرب المباشر تنوعاً كبيراً. وتجدر الإشارة إلى أن إطالة مدى الضرب المباشر وتعظيم معيار التهديد أو الأذى الواقع على الهدف هو الشغل الشاغل للباحثين الآن. وتختلف مقذوفات الدبابات والمقذوفات المضادة للدبابات التي تتنوع تنوعاً كبيرا وفقا لوسائل الاطلاق، وأسلوب الهجوم، وطريقة إحداث التدمير، وأمكانية الإعاقة عليها. وإطلاق أسلحة الضرب المباشر يمكن أن يتم من خلال مدافع الدبابات، أو قواذف الصواريخ، أو الأسلحة عديمة الارتداد، أو الهاوتزرات.
أنواع مقذوفات الضرب المباشر
ويمكن حصر الأنواع المختلفة لمقذوفات الضرب المباشر ضد الدبابات وترتيبها تنازليا طبقا لمستوى التهديد كما يلي:
1 - مقذوفات الطاقة الحركية، ومن أهمها القلب الخارق "السابو" (SABOT).
2 - مقذوفات الحشوة الجوفاء المزدوجة (Tandem).
3 - مقذوفات الحشوة الجوفاء التقليدية.
4 - المقذوفات المشكلة بالانفجار.
5 - المقذوفات الشديدة الانفجار.
وتختلف أساليب الهجوم لهذه المقذوفات طبقاً لتصميم المقذوف ووسيلة إطلاقه ومنظومة توجيهه. فهذا الهجوم قد يكون من الأمام، أو من الخلف، أو من الأجناب، أو من أعلى. ومما لا شك فيه أن السباق في تطبيق التكنولوجيا المذكورة في هذه المجالات قد أوضح العديد من الحقائق الثابتة التي حسمت تقسيم المقذوفات المضادة للدبابات الى نوعين أساسيين وهما: مقذوفات يمكن لنا إعاقتها، ومقذوفات لا يمكن إعاقتها.
مفهوم وقاية الدبابات ومركبات القتال
إن مفهوم الوقاية قد أصبح شاملاً ويعرف حالياً بأنه "ضمان استمرار بقاء الدبابة أو مركبة القتال في المعركة حتى نفاد وحدتها النارية". وتطوير نظم أسلحة الضرب المباشر التى تهدد الدبابات والمركبات المدرعة لا يتم بمعزل عن تطوير منظومات الوقاية، وبالتالي فإن الترابط بينهما هو في الواقع تكامل لنظام تصميم الدبابة أو مركبة القتال. فهدف نظام الوقاية هو الحفاظ على القدرات القتالية أو تعويض أي خسائر فيها، وبالتالي ضمان البقاء واستمرارية الأداء بكفاءة في أرض المعركة.
ويجب أن يتمتع نظام الوقاية بالمواصفات التالية:
- تجنب وسائل الكشف والتعرف المعادية، وبالتالي ضرورة أن تحقق وسائل الحماية أقل مساحة مواجهة، بالاضافة إلى القدرة على إيجاد حلول مناسبة للإخفاء والتمويه في كافة ظروف المعارك. كما أن تقليل كثافة البصمات بكافة أنواعها من ضوئية ورادارية وأشعة تحت الحمراء، يعتبر أحد مطالب نظام الوقاية، وقد أدى ذلك الى البدء في تصميمات دبابات بدون برج.
- الوقاية من تأثير المقذوف عند اصطدامه بجسم الدبابة أو البرج بأي زاوية، وقد أدى ذلك الى تعميق مفهوم الوقاية ليكون على مستوى الحجم والوزن، وهو الأمر الذي أدى الى تعقد تصميمات نظم الوقاية.
- في حالة إصابة المركبة أو الدبابة فإن من خصائص نظام الوقاية السليم القدرة على استبدال الجزء المصاب أو المستهلك في عملية مقاومة الاختراق (الاصابة) بطريقة عملية سريعة. وقد أكد المصممون على أن ذلك لا يتأتى إلا من خلال بناء نظام الوقاية من وحدات قياسية تتوافق مع تصميم الدرع الأساسي لتضمن القدرة على صد العديد من الاصابات وتتسم بكفاءة ووقاية عالية.
- بناء الدروع باستخدام أفضل التكنولوجيا المتاحة لمضاعفة قدرات مقاومة الاختراق. ويمكن التعبير عن كفاءة مثل هذه الدروع بمعايير الحجم والوزن بالنسبة إلى كفاءة مقاومة الاختراق.
- في حالة حدوث اختراق، يجب أن يتميز نظام الوقاية بتقليل الخسائر على مستوى الطاقم والمعدات الداخلية. وللوصول الى هذا المستوى من الحماية يجب أن يتسم تصميم الدبابة أو المركبة بأنسب الأماكن أمناً لعمل الطاقم وأفضلها لوضع المعدات داخل غرفة القتال بما يضمن حمايتها. كما انه من الواجب العناية الفائقة بحماية الذخيرة ضد الانفجارات الناتجة عن التشظي أو خلافه داخل غرف القتال. وزيادة لمعايير الأمان يجب أن يتضمن تصميم المركبة أو الدبابة تبطيناً داخلياً مناسباً لغرفة القتال.
- الوقاية من نتائج الضرب التي تشمل وسائل اخماد النيران.
- الوقاية ضد الهجمات النووية والبيولوجية والكيميائية.
اتجاهات تطوير نظم الوقاية
وتتلخص اتجاهات الوقاية في تكوين منظومة متكاملة تتعامل مع معظم العدائيات المنتشرة في أرض المعركة. ولقد كان للتطور الهائل في مجال الالكترونيات خلال الفترة الماضية أكبر الأثر في تطوير المستشعرات بكافة أنواعها، وهو الامر الذي أدى أيضاً الى تطوير منظومات الوقاية لكي يمكن للدبابة أو مركبة القتال أن تعمل بكفاءة في جو المعركة وما فيه من عدائيات متنوعة، مع اختلاف الأجواء من ليل أو نهار.
وتتضمن نظم الوقاية الحديثة التي يتم البحث والتطوير فيها: نظام الاحساس (Sensor) ومعالجة البيانات، ويتكون من مجموعة مستشعرات تعمل بالتوازن لتكون قادرة على "الاحساس" بالعدائيات المختلفة والمنتشرة في أرض المعركة. وقد تكون هذه المستشعرات بصرية، أو حرارية، أو رادارية، أو صوتية. وتعتمد فكرة نظام الاحساس على التقاط التهديدات ومعالجة بياناتها باستخدام حاسب لتحديد أنسب وسائل التدمير المتاحة واطلاقها صوب الهدف.
أما نظام اتخاذ ردود الأفعال فيتكون من منظومة متكاملة يرتبط عملها آلياً بنظام الاحساس ومعالجة البيانات، ويحتوي على أنواع متعددة من قذائف تطلق على الهدف في الاتجاه القادم منه لتدميره أو إعاقته، ومن هذه المقذوفات:
مقذوفات الدفاع الايجابي لتدمير الهدف، وتهاجم الهدف القادم وتقوم بتفجيره على مسافات تحقق أمن معدات الدبابة (حتى 20 مترا تقريباً من الدبابة).
مقذوفات الدفاع السلبي، وتهاجم المقذوف القادم بأن يطلق نظام الوقاية أنواعاً من القذائف التي تعيقه الكترونياً بغرض تغيير مساره أو تفجيره وهو ما يتم على بعد يصل إلى 20 متراً تقريباً.
وبالاضافة الي ما سبق ذكره من نظم وقاية حديثة يتم تطبيقها وتسليح الدبابات بها سواء كانت دبابات عاملة بالخدمة أوتصميمات جديدة لها، فإن هناك اتجاهات أخرى تتوافق مع طبيعة التهديدات التي تواجهها الدبابات طبقا لظروف العدائيات المتوقعة ومنها تطوير وسائل وقاية إضافية لمواجهة تهديد ذخائر الحشوة الجوفاء التقليدية والمزدوجة معاً ويمكنها أيضاً العمل كمنظومة وقاية مبسطة تتمتع بالخصائص السابق ذكرها. ويجري أيضاً البحث في مجال الدروع الايجابية ذات صفة الوقاية المتعددة ضد كافة أنواع التهديدات وعلى رأسها طلقات "سابو".
الأنظمة العالمية في مجال الوقاية
وهناك العديد من الأنظمة العالمية التي تم تطويرها لتحقيق الوقاية للدبابات والمركبات المدرعة وسوف تقوم روسيا بتصدير نظام متميز لحماية الدبابات، يقوم بصد هجوم الصواريخ المضادة للدبابات، ويشمل النظام راداراً متعدد الاتجاهات يمكنه استشعار الصواريخ المهاجمة للدبابات، ونظاماً للحاسب الآلي معداً لقذف الذخائر المقذوفة على شكل قوس حول الدبابة والجوانب خلف البرج، وتدعي المؤسسة الروسية المصممة للنظام بأن عملية اطلاق الذخائر المضادة للصواريخ على شكل قوس لحماية الدبابة تستغرق خمسة أجزاء من الألف من الثانية (0.005) بشكل أتوماتيكي، مما يوفر قدرا أكبر من الحماية للدبابة من الرأس المدمر شديد الانفجار للصواريخ المضادة للدبابات، وتكون هذه الحماية للدبابة بزاوية مقدارها 300 درجة أمام وحول البرج. وقد تضمنت النماذج المبدئية من النظام ثلاثة خيارات، ويعد النظام الذي أطلق عليه اسم (ايرينا) ARENA، أحدث ما قدمته الصناعة الروسية لدعم المدرعات، وقد تم استخدامه في روسيا لحماية الدبابة (T-80), (T-84), (T-90).
وتفيد المعلومات أن الدبابات الروسية (T-80), (T90)، والأكرانية (T-84s) مزودة بالنظام المسمى (Shora-1) الذي يحتوي على قذائف دخان ومقذوفات إعاقة تعمل بالأشعة تحت الحمراء، والنظام يتكون من 2-4 أنظمة لاكتشاف أشعة الليزر، ونظام او اثنين لتشويش الأشعة تحت الحمراء، وقذائف خاصة وحاسب مركزي، ولوحة تحكم. ويؤمن النظام الدفاع ضد الصواريخ الموجهة بالليزر، فعند اكتشاف الإشعاع الليزري يطلق النظام القذائف التي تتسبب في نشر سحابة من الأيروسول تجعل مشغل الصاروخ يفقد رؤية الهدف ويجعل التوجيه النهائي نحو الهدف غير ممكن.
أما قدرات التشويش فتتسبب في قطع الصلة بين نظام اطلاق الصاروخ وقدرته على تحديد موقع الأشعة تحت الحمراء.
ونظام (Tshul-7) الروسي هو نظام للتشويش على الأشعة تحت الحمراء، ويعمل عن طريق إطلاق إشارة تحكم تتداخل مع دورة التوجيه للصاروخ، وتتسبب هذه الإشارات في قطع الصلة بين نظام اطلاق الصاروخ، وقدرته على تحديد موقع الأشعة تحت الحمراء.
ويتم تطوير نظامين في أمريكا أحدهما يسمى (TRW) والآخر (IDS)، ويتم تركيب نظام تدمير المقذوفات المهاجمة خلف برج الدبابة (MIAI).
وتمتلك اسرائيل نظاماً متكاملا يسمى (ARPAM)، وقد تم تركيبه على المركبة (M113) المزودة بمدفع عيار 60مم، ويجري تطويره حتى يصل إلى المواصفات المطلوبة. وقد تم تركيب بعض مكونات هذا النظام على الدبابة "ميركافا-3" ويمكن لهذا النظام اطلاق مقذوفات الدخان التي تضمن اخفاء بصمة الدبابة وتضليل المقذوف المهاجم.
إعاقة أسلحة الضرب المباشر
ووسائل إعاقة مقذوفات الضرب المباشر قد تكون سلبية أو إيجابية. أما الإعاقة السلبية فتعني التأثير على المقذوف المهاجم للدبابة بغرض تضليله أو انحراف مساره، والتأثير على وسائل التفجير الالكترونية وتبكير التفجير قبل الوصول للدبابة بمسافة آمنة. والإعاقة الإيجابية تعني تدمير المقذوف المتجه نحو الدبابة بإطلاق مقذوف مضاد له في اتجاه حركته والتحكم في تفجيره بالقرب منه بوسائل تتصف بالاعتمادية، مما يؤدي الى تدمير هذا المقذوف المهاجم للدبابة. وهناك مقذوفات الضرب المباشر التي يمكن إعاقتها، والأخرى التي لا يمكن إعاقتها.
أولاً: المقذوفات التي لا يمكن إعاقتها:
مقذوفات الطاقة الحركية التي تتميز بالسرعة الفوهية العالية، التي يستحيل في الوقت الحالي مقاومتها أثناء طيرانها بغرض تغيير مسارها. ويمكن التقليل من تأثير هذه الأنواع على الهدف باتباع أساليب الوقاية المناسبة، ومن المؤكد وجود محاولات بحثية لمواجهة تأثير القلب الخارق على الهدف عند اصطدامه به باستخدام تقنيات جديدة للدروع الايجابية.
الطلقات شديدة الانفجار المزودة بطابات طرقية، مع مراعاة أنها لا تمثل التهديد الأول للدبابات ويستحيل حالياً أيضاً مواجهتها أثناء انطلاقها نحو الهدف لقصر الزمن اللازم لاتخاذ ردود الأفعال في منظومات الوقاية. ويمكن تقليل تأثير هذا النوع من الذخيرة الى الحد الأدنى، وهو المبدأ المتبع في تصميم مكونات الدبابة الخارجية من معدات ومواسير.
طلقات الدبابات ذات الحشوة الجوفاء التقليدية، أو المزدوجة غير الموجهة، وهي تتميز بالسرعة الفوهية العالية، يصعب في الوقت الحالي مقاومتها أثناء طيرانها بغرض تغيير مسارها. ولكنه يمكن حالياً السيطرة على أدائها عند اصطدامها بالهدف لتقليل تأثيرها الى الحد الأدنى باستخدام وسائل الوقاية المناسبة. وبناء علي الاتجاهات العالمية في نظم الوقاية من هذه الأنواع من الذخيرة فإن تزويد الدبابات بها لا ينعكس بالسلب على خصائصها القتالية، نظرا لعدم تعقد تصميماتها. ويرجع السبب في قدرة أنظمة الوقاية على احتواء تأثير هذه الأنواع من الذخائر الى تبكير أداء عمل الطابة الطرقية المزودة بها، بحيث تبدأ عملية الاختراق في الدرع الأصلي بعد أن يكون قد اضمحل تأثيرها بدرجة كبيرة قبل الاختراق الفعلي.
وقد زودت الدبابة الروسية طراز (T-80) بألواح ذات سمك رقيق تبرز بمسافة مناسبة عن برج الدبابة، كما زودت بألواح من الكاوتش المدعم بشباك معدنية أسفل المقدمة وعلى الأجناب، من أمثلة ذلك ما تم إضافته من أطوال مناسبة من جنازير في منطقة أسفل برج الدبابة الاسرائيلية "ميركافا-3" لوقاية البرج من الخلف. والطلقات الخارقة للدروع ذات العيار المخفض (السابو) تعتبر هي العدو الأول للدبابات الذي يتم تطويره بصفة مستمرة في اتجاهات متعددة. ونظراً لصعوبة تصميم أنظمة وقاية للدبابات حتى الآن تتسم بالاعتمادية وتقاوم اختراق هذا النوع من المقذوفات، فقد كان اتجاه إطالة مدى الضرب المباشر هو الحل الوحيد لتجنب تهديد هذه الذخيرة.
وعلى الصعيد الآخر فمن أجل تطوير هذه الذخيرة والاحتفاظ بها كأفضل وسائل الضرب المباشر فإنه يجري العمل في تطويرها في الاتجاهات التالية:
زيادة السرعة الفوهية بزيادة الضغط الدافع للمقذوفات داخل الماسورة. واستخدام خامات مواسير تتحمل ضغوطا أعلى. ويحتم هذا الأمر ترابط تكنولوجيا السبائك الحديدية بمجال تصميم وتطوير مدافع الدبابات بصفة خاصة لضمان استمرارية مثل هذا النوع من عمليات التطوير.
تصميم مدافع دبابات جديدة ذات عيار 135مم أو 140مم لضمان تصاعد السرعة الفوهية بدرجة كبيرة تسمح بزيادة المدى المؤثر لمقذوفات السابو. ومما هو جدير بالذكر أن انهاء العيار من الخدمة يتم التخطيط له بناء على جدوى تطويره لمواجهة العدائيات المنتظرة. وفي حالة عدم جدوى أداء المدفع الرئيسي لمواجهة عدائيات المستقبل المدروسة بعناية يتم تقرير تصميم مدفع دبابة جديد بعيار أكبر. وتستخدم في هذا المجال أساليب المحاكاة للصراع بين مصممي دروع ومدافع المستقبل ومخططي برامج استنباط السبائك عالية المتانة لوضع إطار العيار الجديد.
استنباط أشكال جديدة لحبيبات المادة القاذفة الصلبة. وقد ظهرت الحبيبات عديدة الثقوب لترفع كفاءة الاحتراق. وقد بدأت المحاولات بسبعة ثقوب، كما تم حديثا استخدام الأنواع ذات التسعة عشر ثقبا، وتجري الأبحاث في تطبيق الأنواع ذات أربعة وخمسين ثقبا.
تصميم عبوات مادة قاذفة متحركة خلف المقذوف لكي يتم احتراقها في حجم أكبر، وبالتالي يمكن استخدام كميات أكبر من المادة دون أن يرتفع الحد الأقصى للضغط في الماسورة إلى قيم خطرة على التصميم.
اتباع الأساليب الحديثة للدفع مثل احتراق السائل، ورفع كفاءة الاختراق باستخدام مصادر طاقة إضافية كالبلازما أو الدفع الكهرومغنطيسى.
الارتفاع بمواصفات وتكنولوجيات انتاج القلب الخارق (السابو) ويستخدم هذا الأسلوب في تطوير مدافع الدبابات الموجودة بالخدمة دون المساس بتصميمات المدافع. وقد تم استخدام (كربيدات التنجستن) في صناعة القلب الخارق في الفترة الماضية، بينما الاتجاه العالمي يسير نحو تطوير التكنولوجيا من استخدام سبائك التنجستن واليورانيوم المستنفد. ويتم الحصول على قدرات اختراق تزيد بنسبة 15% تقريبا في سبائك التنجستين عنها في حال كربيدات التنجستن.
ثانياً: المقذوفات التي يمكن إعاقتها:
- الصواريخ الموجهة، التي تطلق سواء من الطائرات العمودية، أو من قواذفها المحمولة بطرق مختلفة أو من مواسير مدافع الدبابات. وتتسم هذه الأنواع بالسرعة المنخفضة نسبيا (أقل من سرعة الصوت) التى تسمح باتخاذ عدد من التدابير لتدميرها أو إعاقتها.
- مقذوفات عديمة الارتداد، يكون الرأس الحربي فيها -غالبا- حشوة جوفاء. ونظرا للسرعة الصغيرة نسبيا، فإنه يمكن لوسائل الوقاية الحديثة التقاطها أثناء طيرانها واتخاذ تدابير الدفاع السلبي أو الايجابي ضدها.
- المقذوفات شديدة الانفجار المزودة بطابات تقاربية. ويجري عدد من الدول دراسة أسلوب إعاقة أداء هذا النوع من الطابات بتبكير تفجيرها أو بأسلوب آخر.
ثالثاً: مقذوفات يصعب إعاقتها:
وتتمثل أساسا في المقذوفات المشكلة بالانفجار المزودة بباحث، التي تطلق عادة من الهاوتزرات على مسافات كبيرة قد تصل إلى 20كم لتهاجم الدبابات ومركبات القتال من أعلى. وتتسم هذه المقذوفات بالسرعات العالية جدا أثناء الطيران نحو مناطق تقدم الدبابات أو تجمعها. ويصعب على وسائل الكشف أو الوقاية تمييز هذا النوع عن غيره إلا بعد انفصال نظام الرأس الحربي في البحث عن الدبابة أثناء سقوطه. وعلى الرغم من انخفاض سرعة السقوط لأسفل، إلا أن قصر مسافة السقوط يستغرق زمنا (في حدود ثلاث ثوان تقريبا) وهو زمن قصير نسبيا. هذا بالاضافة الى أن أسلوب الهجوم من أعلى، وكبر المساحة المعرضة للهجوم. وأن نقاط ضعف أساليب الوقاية الحديثة تكمن في الدفاع عن السطح العلوي للدبابة، فإن هذا النوع من المقذوفات يمكن أن يقع ضمن فئة المقذوفات التى يصعب أعاقتها.
ومن اتجاهات التطوير العالمية في هذا المجال:
تصميم ذخائر تدمير للدبابات من أعلى محمولة في ذخائر هاوتزات، وينفصل الرأس الحربي الذكي عن الطلقة الحاملة له بمقذوفات مشكّلة بالانفجار، مما يزيد احتمالية الاصابة، نظرا لأن مساحة سطح الهدف في هذه الحالة (الدبابة) أكبر ما يمكن، وحيث تكمن نقاط ضعف نظم الوقاية، ومن هذه الذخائر نوع فرنسي- سويدي يطلق من الهاوتزر عيار 155مم ويطلق عليه اسم (BONU)، وأنواع روسية للضرب غير المباشر، مثل ذخيرة "كيتولوف" 122مم ذات مدى 5.5كم (أسلوب الهجوم من أعلى) والمزودة أيضا برأس حربي ارتجاجي يمكن استخدامه لتدمير نظام الوقاية للدبابات الذي يصمم جزء كبير منه خارج الدبابة.
تطوير صواريخ مضادة للدبابات موجهة بالليزر يصعب إعاقتها الكترونيا (سلبيا) وتطلق من مدفعية الدبابات (T-55) و (T-62) مثل طراز "باستيون" عيار 100مم و 115مم (مدى من 4-5كم).
اتجاهات جديدة
لمواجهة أسلحة الضرب المباشر
نظرا لأهمية الطائرات العمودية المسلحة في مجال الضرب المباشر، فقد تم تطوير ألغام مضادة للحوامات، ويجري حاليا تطويرها لامكانية إسقاطها خلف العدو أثناء العمليات من خلال نظم إطلاق خاصة في الأماكن المتوقع وجود هذه الطائرات بها. ومن أهم مميزات هذه الأنواع من الألغام: الاحساس ببصمة الطائرات الصوتية، وعدم البدء في تشغيل باقي المستشعرات المزود بها اللغم إلا بعد التأكد الذاتي من بصمة الهدف تجنبا لأي احتمالات إعاقة.
وقد تم أيضا تطوير صاروخ كمائن مضادة للدبابات يمكن استغلالها كوسيلة تدمير للدبابات. ويحمل الصاروخ رأسا حربياً مشكَّلاً بالانفجار، ويمكنه الإحساس بالهدف ومعالجة البيانات بطرق يصعب إعاقتها حاليا. ومن بين هذه الأنواع صاروخ كمائن ذاتي الأداء من تصميم فرنسي يسمى (MAZAC) يطلق ذاتيا بناء على استشعار بصمة صوت محرك الدبابة ليطير فوقها ويستشعر مكان المحرك حراريا لإطلاق قذيفة مشكلة بالانفجار لتصطدم بسطح الدبابة من أعلى.
المراجع:
- Military Technology, 5/2000.
- Jane,s Defense Weekly, 15 July2000.
- Defense News, 17July 2000.
مجلة الحرس الوطني : تقارير
تاريخ: 01/02/2004
بقلم: اللواء د. علي محمد رجب