حكيم الأندلس رائد الفضاء الأول المخترع عباس بن فرناس
د. أحمد علي هجوان
باحث في الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة
هو أبو القاسم العباس بن فرناس بن ورداس التاكرتي الأندلسي القرطبي منزله في مدينة العلم والعلماء برابرة تاكرتا، ولم يذكر المؤرخون تاريخ ولادته إلا أنه عاش في القرنين الثاني والثالث الهجريين في عهد الخليفة عبد الرحمن الثاني بن الحكم. أجمع المحققون من المؤرخين على أنه توفي عام 274هـ ـ 887م وأجمعوا كذلك أنه تعمر 80 حولاً وعلى هذا تكون ولادته في حوالي 194هـ.
أين تعلم؟ وأين علم؟
نشأ وتعلم في قرطبة منارة العلم وبلد الصناعات، نشأ في برابرة تاكرتا التي قصدها العرب والعجم لتلقي جميع أنواع العلوم وكان أساتذة بيكون عالم أربا المشهور يتعلمون في الأندلس.
تعلم ابن فرناس القرآن الكريم ومبادئ الشرع الحنيف في كتاتيب (تاكرتا) ثم التحق بمسجد قرطبة الكبير ليتضلع وينهل من معارفه ثم خاض غمار المناظرات والمناقشات والندوات والخطب والمحاورات والمجادلات في شتى فنون الشعر والأدب واللغة، ولتوقد ذهنه كان أدباء الأندلس وشعرائها وعلماء اللغة يجلسون حول عباس بن فرناس الذي اشتغل بعلم النحو وقواعد الإعراب يعلمهم اللغة ويفك الغامض من العلوم كعلم البديع والبيان وعلوم البلاغة واللغة التي ابتكرها الخليل بن أحمد الفراهيدي، وكان بن فرناس شاعراً مجيداً أشهرته قصيدة الرثاء التي رثا بها ابن الخليفة محمد بن عبد الرحمن الثاني ابن الحكم المتوفى سنة 273 فوق شهرته السابقة، وهو من نحاة عصره فقد صنفه الزبيدي صاحب الطبقات في الطبقة الأولى وقيل في الثالثة من نحاة الأندلس، كما وصفه بأنه كان متصرفاً في دروب الإعراب، وقد جاء بما أدهش العالم في علوم الطبيعة وكان مبرزاً في علوم الفلك ماهراً في الطب مخترعاً في مختلف الصنع عالماً بالرياضيات وكان من عباقرة علم الكيمياء.
وكان يحسن الإفادة من ربط العلوم ببعضها ويحسن الاستفادة والإفادة من جمعه بين تلك العلوم فمثلاُ كانت دراسته للكيمياء أكبر مساعد له بعد الله على دقته في صناعة الزجاج وعلى التمرس في الصيدلة والطب وعلى التحليق في السماء وقد اهتدي فيما نعلمه في أمور خفيت على من سبقه من العلماء وحسبه ما قاله المعجبون به من أهل زمانه ومن جاء بعدهم بأنه من أبرز المبرزين متفوق على أقرانه في علم الطبيعة والهيئة والرياضيات والطب والصيدلة والكيمياء والهندسة والصناعات وكل المعارف الدقيقة والآداب الرفيعة وكان رائد محاولة تطبيق العلم على العمل ولهذا استحق لقب حكيم الأندلس.
منهجه في الطب والصيدلة:
درس عباس بن فرناس الطب والصيدلة وأحسن الإفادة منهما فقد عمدا إلى قراءة خصائص الأمراض وأعراضها وتشخيصها واهتم بطرق الوقاية من الأمراض عملاً بقولهم درهم وقاية خير من قنطار علاج، ثم قام بدراسة وتجارب علاج من أصيب بالأمراض على مختلف أنواعها ثم أجرى الدواء.
قال العبقري (د. رحاب خضر عكاوي) درس خصائص الأحجار والأعشاب والنباتات ووقف على خواصها المفيدة في المعالجة وكان في سبيل ذلك يقصد المتطببين والصيادلة ويناقشهم فيما بدا له من اطلاعه في هذه الصنعة الجليلة التي تحفظ البدن وتقيه من آفات الأدواء والأعراض وقد اتخذه أمراء بني أمية في الأندلس طبيباً خاصا لقصورهم، انتخب من مجموعات من الأطباء المهرة لشهرته وحكمته وأسلوبه الجاذب عند إرشاداته الطبية الخاصة بالوقاية من الأمراض وإشرافه على طعام الأسر الحاكمة لإحراز السلامة من الأسقام والأمراض فلا يحتاج إلى المداواة إلا نادراً، فإذا حصل ما يكرهون من المرض دلهم على أنجع الطرق في المداواة ولم يكن ابن فرناس يقنع بكل ما كتبه الناس من نظريات بل ألزم نفسه إلقاء التجارب ليتحقق من صحة كل نظرية درسها أو نقلها من غيره ليرقي بها إلى مرتبة الحقيقة العلمية أو ينقضها، وقد شجب القبول والقناعة بالأمور الظاهرة المبسطة المقدور على النظر والبحث فيها، كان ابن فرناس يغوص في تحقيق ما علم وكان يطبق النظريات العلمية على منهج علمي في كل العلوم وأهمها الطب والصيدلة وخاصة دراسة الأعشاب.
الصناعات الفلكية
الميقاته:
كان أول من صنع الميقاته لمعرفة الأوقات كما جاء في الأعلام.
المنقالة:
قال (إدريس الخرشاف) كما اشتهر بصناعة الآلات الهندسية مثل المنقالة (آلة لحساب الزمن) (نموذج بالمسجد الكبير بمدينة طنجه) واشتهر بصناعة الآلات العلمية الدقيقة.
ذات الحلق:
اخترع آلة صنعها بنفسه لأول مرة تشبه الإسطرلاب في رصدها للشمس والقمر والنجوم والكواكب وأفلاكها ومداراتها ترصد حركاتها ومطالعها ومنازلها والتي عرفت بذات الحلق.
القبة السماوية:
بينما كنت في منتصف سبعينات القرن المنصرم أدرس في جامعة الأزهر تعرفت على القبة السماوية وأعجبت بما قدمته من عروض في علم الفلك، فلما درست تاريخ أبي القاسم العباس بن فرناس اكتشفت أنه المخترع الأول لهذه القبة لما علمت أن الناس كانت تقصد منزله لا لطلب الطب فحسب، بل لمشاهدة ما اتخذه عباس من رسم جميل بديع في منزله فقد مثل هيئة السماء بنجومها وغيومها وبروقها ورعودها والشمس والقمر والكواكب ومداراتها كما ذكر الزركلي وغيره من المؤرخين والمترجمين للعباس بن فرناس أمثال صاحب عباقرة الإسلام د. رحاب خضر عكاوى. وقد وصف الشعراء المعاصرون له هذه اللوحة العجيبة مؤكدين أنه جعل في أعلاها نجوماً وغيوماً تبدوا كأنها حقيقة فعدوا ذلك من عجائب الصنعة وبديع الابتكارات.
اختراع صناعة الزجاج من الحجارة والرمل:
أجمع المؤرخون أن العباس بن فرناس كان أول من استنبط في الأندلس صناعة الزجاج من الحجارة والرمل فانتشرت صناعة الزجاج لما رأى الناس أن المادة أصبحت في متناول الغني والفقير، وسبب عناء ابن فرناس هو التسهيل على الناس وأول من استفاد من تجارب ابن فرناس هم أهل الأندلس ويرجع ذلك إلى سبب اهتمامه الشديد بصناعة الكيمياء.
الطيران:
وأول من اخترق الجو من البشر وأول من فكر في الطيران واعتبره المنصفون أول رائد للفضاء وأول مخترع للطيران، فقد كسا نفسه الريش ومد له جناحين طار بهما في الجو مسافة بعيدة ثم سقط فتأذى في ظهره لأنه لم يعمل له ذنباً وقد وصف شعراء عصره هذا الطيران وأسهبوا في الثناء عليه. قال الزركلي قد كتب أحمد تيمور باشا بحثاً قال فيه لا يغض من اختراع ابن فرناس الطيران تقصيره في الشأن البعيد فذلك شأن كل مشروع في بدايته.
وفيما يلي أقدم لك مقتطفاً يفصل هذه القضية بقلم العبقري د. رحاب خضر عكاوى.
قال تحت عنوان: ابن فرناس ومحاولة الطيران
قام عباس بن فرناس بتجارب كثيرة، درس في خلالها ثقل الأجسام ومقاومة الهواء لها، وتأثير ضغط الهواء فيها إذا ما حلقت في الفضاء، وكان له خير معين على هذا الدرس تبحره في العلوم الطبيعية والرياضة والكيمياء فاطلع على خواص الأجسام، واتفق لديه من المعلومات ما حمله على أن يجرب الطيران الحقيقي بنفسه، فكسا نفسه بالريش الذي اتخذه من سرقي الحرير (شقق الحرير الأبيض) لمتانته وقوته، وهو يتناسب مع ثقل جسمه، وصنع له جناحين من الحرير أيضاً يحملان جسمه إذا ما حركهما في الفضاء، وبعد أن تم له كل ما يحتاج إليه هذا العمل الخطير وتأكد من أن باستطاعته إذا ما حرك هذين الجناحين فإنها سيحملانه ليطير في الجو، كما تطير الطيور ويسهل عليه التنقل بهما كيفما شاء.
بعد أن أعد العدة أعلن على الملأ أنه يريد أن يطير في الفضاء، وأن طيرانه سيكون من الرصافة في ظاهر مدينة قرطبة، فاجتمع الناس هناك لمشاهدة هذا العمل الفريد والطائر الآدمي الذي سيحلق في فضاء قرطبة، وصعد أبو القاسم بآلته الحريرية فوق مرتفع وحرك جناحيه وقفز في الجو، وطار في الفضاء مسافة بعيدة عن المحل الذي انطلق منه والناس ينظرون إليه بدهشة وإعجاب وعندما هم بالهبوط إلى الأرض تأذي في ظهره، فقد فاته أن الطيران إنما يقع على زمكه (زيله)، ولم يكن يعلم موقع الذنب في الجسم أثناء هبوطه إلى الأرض، فأصيب في ظهره بما أصيب من أذى.أهـ.
ويؤسفني أن كتاب الموسوعات إذا تعرضوا لتاريخ الطيران ينصفون أرفيل رايت 1877م وأخاه يلبور 1867م ـ 1912م في موسوعاتهم، لكنهم ينسون أو يتناسون منزلة المخترع عباس بن فرناس التي احتلها في التاريخ. إن عباس بن فرناس قد سبق عباقرة القرن العشرين بأكثر من عشرة قرون، علماً أن الاختراعات في ذلك العصر تعد من عجائب الدهر. إن اختراعاته المدهشة وتجاربه المذهلة تعد من مفاخر المسلمين ومآثرهم، لقد كان صاحب مغامرات نادرة، فقد طار وحلق في الهواء كما تطير الطيور بعد أن تجاوز الثمانين حولاً، رحم الله عباس بن فرناس وتجاوز عن هفواته ومغامراته.
عن موقع الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة
د. أحمد علي هجوان
باحث في الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة
هو أبو القاسم العباس بن فرناس بن ورداس التاكرتي الأندلسي القرطبي منزله في مدينة العلم والعلماء برابرة تاكرتا، ولم يذكر المؤرخون تاريخ ولادته إلا أنه عاش في القرنين الثاني والثالث الهجريين في عهد الخليفة عبد الرحمن الثاني بن الحكم. أجمع المحققون من المؤرخين على أنه توفي عام 274هـ ـ 887م وأجمعوا كذلك أنه تعمر 80 حولاً وعلى هذا تكون ولادته في حوالي 194هـ.
أين تعلم؟ وأين علم؟
نشأ وتعلم في قرطبة منارة العلم وبلد الصناعات، نشأ في برابرة تاكرتا التي قصدها العرب والعجم لتلقي جميع أنواع العلوم وكان أساتذة بيكون عالم أربا المشهور يتعلمون في الأندلس.
تعلم ابن فرناس القرآن الكريم ومبادئ الشرع الحنيف في كتاتيب (تاكرتا) ثم التحق بمسجد قرطبة الكبير ليتضلع وينهل من معارفه ثم خاض غمار المناظرات والمناقشات والندوات والخطب والمحاورات والمجادلات في شتى فنون الشعر والأدب واللغة، ولتوقد ذهنه كان أدباء الأندلس وشعرائها وعلماء اللغة يجلسون حول عباس بن فرناس الذي اشتغل بعلم النحو وقواعد الإعراب يعلمهم اللغة ويفك الغامض من العلوم كعلم البديع والبيان وعلوم البلاغة واللغة التي ابتكرها الخليل بن أحمد الفراهيدي، وكان بن فرناس شاعراً مجيداً أشهرته قصيدة الرثاء التي رثا بها ابن الخليفة محمد بن عبد الرحمن الثاني ابن الحكم المتوفى سنة 273 فوق شهرته السابقة، وهو من نحاة عصره فقد صنفه الزبيدي صاحب الطبقات في الطبقة الأولى وقيل في الثالثة من نحاة الأندلس، كما وصفه بأنه كان متصرفاً في دروب الإعراب، وقد جاء بما أدهش العالم في علوم الطبيعة وكان مبرزاً في علوم الفلك ماهراً في الطب مخترعاً في مختلف الصنع عالماً بالرياضيات وكان من عباقرة علم الكيمياء.
وكان يحسن الإفادة من ربط العلوم ببعضها ويحسن الاستفادة والإفادة من جمعه بين تلك العلوم فمثلاُ كانت دراسته للكيمياء أكبر مساعد له بعد الله على دقته في صناعة الزجاج وعلى التمرس في الصيدلة والطب وعلى التحليق في السماء وقد اهتدي فيما نعلمه في أمور خفيت على من سبقه من العلماء وحسبه ما قاله المعجبون به من أهل زمانه ومن جاء بعدهم بأنه من أبرز المبرزين متفوق على أقرانه في علم الطبيعة والهيئة والرياضيات والطب والصيدلة والكيمياء والهندسة والصناعات وكل المعارف الدقيقة والآداب الرفيعة وكان رائد محاولة تطبيق العلم على العمل ولهذا استحق لقب حكيم الأندلس.
منهجه في الطب والصيدلة:
درس عباس بن فرناس الطب والصيدلة وأحسن الإفادة منهما فقد عمدا إلى قراءة خصائص الأمراض وأعراضها وتشخيصها واهتم بطرق الوقاية من الأمراض عملاً بقولهم درهم وقاية خير من قنطار علاج، ثم قام بدراسة وتجارب علاج من أصيب بالأمراض على مختلف أنواعها ثم أجرى الدواء.
قال العبقري (د. رحاب خضر عكاوي) درس خصائص الأحجار والأعشاب والنباتات ووقف على خواصها المفيدة في المعالجة وكان في سبيل ذلك يقصد المتطببين والصيادلة ويناقشهم فيما بدا له من اطلاعه في هذه الصنعة الجليلة التي تحفظ البدن وتقيه من آفات الأدواء والأعراض وقد اتخذه أمراء بني أمية في الأندلس طبيباً خاصا لقصورهم، انتخب من مجموعات من الأطباء المهرة لشهرته وحكمته وأسلوبه الجاذب عند إرشاداته الطبية الخاصة بالوقاية من الأمراض وإشرافه على طعام الأسر الحاكمة لإحراز السلامة من الأسقام والأمراض فلا يحتاج إلى المداواة إلا نادراً، فإذا حصل ما يكرهون من المرض دلهم على أنجع الطرق في المداواة ولم يكن ابن فرناس يقنع بكل ما كتبه الناس من نظريات بل ألزم نفسه إلقاء التجارب ليتحقق من صحة كل نظرية درسها أو نقلها من غيره ليرقي بها إلى مرتبة الحقيقة العلمية أو ينقضها، وقد شجب القبول والقناعة بالأمور الظاهرة المبسطة المقدور على النظر والبحث فيها، كان ابن فرناس يغوص في تحقيق ما علم وكان يطبق النظريات العلمية على منهج علمي في كل العلوم وأهمها الطب والصيدلة وخاصة دراسة الأعشاب.
الصناعات الفلكية
الميقاته:
كان أول من صنع الميقاته لمعرفة الأوقات كما جاء في الأعلام.
المنقالة:
قال (إدريس الخرشاف) كما اشتهر بصناعة الآلات الهندسية مثل المنقالة (آلة لحساب الزمن) (نموذج بالمسجد الكبير بمدينة طنجه) واشتهر بصناعة الآلات العلمية الدقيقة.
ذات الحلق:
اخترع آلة صنعها بنفسه لأول مرة تشبه الإسطرلاب في رصدها للشمس والقمر والنجوم والكواكب وأفلاكها ومداراتها ترصد حركاتها ومطالعها ومنازلها والتي عرفت بذات الحلق.
القبة السماوية:
بينما كنت في منتصف سبعينات القرن المنصرم أدرس في جامعة الأزهر تعرفت على القبة السماوية وأعجبت بما قدمته من عروض في علم الفلك، فلما درست تاريخ أبي القاسم العباس بن فرناس اكتشفت أنه المخترع الأول لهذه القبة لما علمت أن الناس كانت تقصد منزله لا لطلب الطب فحسب، بل لمشاهدة ما اتخذه عباس من رسم جميل بديع في منزله فقد مثل هيئة السماء بنجومها وغيومها وبروقها ورعودها والشمس والقمر والكواكب ومداراتها كما ذكر الزركلي وغيره من المؤرخين والمترجمين للعباس بن فرناس أمثال صاحب عباقرة الإسلام د. رحاب خضر عكاوى. وقد وصف الشعراء المعاصرون له هذه اللوحة العجيبة مؤكدين أنه جعل في أعلاها نجوماً وغيوماً تبدوا كأنها حقيقة فعدوا ذلك من عجائب الصنعة وبديع الابتكارات.
اختراع صناعة الزجاج من الحجارة والرمل:
أجمع المؤرخون أن العباس بن فرناس كان أول من استنبط في الأندلس صناعة الزجاج من الحجارة والرمل فانتشرت صناعة الزجاج لما رأى الناس أن المادة أصبحت في متناول الغني والفقير، وسبب عناء ابن فرناس هو التسهيل على الناس وأول من استفاد من تجارب ابن فرناس هم أهل الأندلس ويرجع ذلك إلى سبب اهتمامه الشديد بصناعة الكيمياء.
الطيران:
وأول من اخترق الجو من البشر وأول من فكر في الطيران واعتبره المنصفون أول رائد للفضاء وأول مخترع للطيران، فقد كسا نفسه الريش ومد له جناحين طار بهما في الجو مسافة بعيدة ثم سقط فتأذى في ظهره لأنه لم يعمل له ذنباً وقد وصف شعراء عصره هذا الطيران وأسهبوا في الثناء عليه. قال الزركلي قد كتب أحمد تيمور باشا بحثاً قال فيه لا يغض من اختراع ابن فرناس الطيران تقصيره في الشأن البعيد فذلك شأن كل مشروع في بدايته.
وفيما يلي أقدم لك مقتطفاً يفصل هذه القضية بقلم العبقري د. رحاب خضر عكاوى.
قال تحت عنوان: ابن فرناس ومحاولة الطيران
قام عباس بن فرناس بتجارب كثيرة، درس في خلالها ثقل الأجسام ومقاومة الهواء لها، وتأثير ضغط الهواء فيها إذا ما حلقت في الفضاء، وكان له خير معين على هذا الدرس تبحره في العلوم الطبيعية والرياضة والكيمياء فاطلع على خواص الأجسام، واتفق لديه من المعلومات ما حمله على أن يجرب الطيران الحقيقي بنفسه، فكسا نفسه بالريش الذي اتخذه من سرقي الحرير (شقق الحرير الأبيض) لمتانته وقوته، وهو يتناسب مع ثقل جسمه، وصنع له جناحين من الحرير أيضاً يحملان جسمه إذا ما حركهما في الفضاء، وبعد أن تم له كل ما يحتاج إليه هذا العمل الخطير وتأكد من أن باستطاعته إذا ما حرك هذين الجناحين فإنها سيحملانه ليطير في الجو، كما تطير الطيور ويسهل عليه التنقل بهما كيفما شاء.
بعد أن أعد العدة أعلن على الملأ أنه يريد أن يطير في الفضاء، وأن طيرانه سيكون من الرصافة في ظاهر مدينة قرطبة، فاجتمع الناس هناك لمشاهدة هذا العمل الفريد والطائر الآدمي الذي سيحلق في فضاء قرطبة، وصعد أبو القاسم بآلته الحريرية فوق مرتفع وحرك جناحيه وقفز في الجو، وطار في الفضاء مسافة بعيدة عن المحل الذي انطلق منه والناس ينظرون إليه بدهشة وإعجاب وعندما هم بالهبوط إلى الأرض تأذي في ظهره، فقد فاته أن الطيران إنما يقع على زمكه (زيله)، ولم يكن يعلم موقع الذنب في الجسم أثناء هبوطه إلى الأرض، فأصيب في ظهره بما أصيب من أذى.أهـ.
ويؤسفني أن كتاب الموسوعات إذا تعرضوا لتاريخ الطيران ينصفون أرفيل رايت 1877م وأخاه يلبور 1867م ـ 1912م في موسوعاتهم، لكنهم ينسون أو يتناسون منزلة المخترع عباس بن فرناس التي احتلها في التاريخ. إن عباس بن فرناس قد سبق عباقرة القرن العشرين بأكثر من عشرة قرون، علماً أن الاختراعات في ذلك العصر تعد من عجائب الدهر. إن اختراعاته المدهشة وتجاربه المذهلة تعد من مفاخر المسلمين ومآثرهم، لقد كان صاحب مغامرات نادرة، فقد طار وحلق في الهواء كما تطير الطيور بعد أن تجاوز الثمانين حولاً، رحم الله عباس بن فرناس وتجاوز عن هفواته ومغامراته.
عن موقع الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة