الرئيس الأمريكى "جونسون" ووزير الخارجية الإسرائيلي، "أبا إيبان" ووزير الدفاع الأمريكي، وغرفة العمليات في البنتاجون قبل حرب 1967
إســرائيل ... تل أبيب:.:.
1 - استمرت الاستعدادات العسكرية الإسرائيلية على قدم وساق، مع التنسيق الكامل للخطة وعقب إعلان الرئيس "عبدالناصر" إغلاق خليج العقبة، فقد بدأت مرحلة جديدة في التخطيط الإسرائيلي على المستويين السياسي والعسكري … قادها العسكريون الذي بدا عليهم الإصرار على اتخاذ قرار الحرب وكان أخطر الاجتماعات في هذه المرحلة، وهو اجتماع القيادة الإسرائيلي "مجلس الحرب" الذي يضم القادة السياسيين والعسكريين صباح يوم 23 مايو، ودارت فيه خلاصة فكر القادة الإسرائيليين في التخطيط للحرب .. وفكر القادة السياسيين لإدارة الحرب … ومن الناحية العسكرية التي تولى شرحها الجنرال "رابين" رئيس الأركان كان هناك ثلاث اقتراحات للعمل العسكري ضد مصر وهم:
"إما عملية محددة تهدف احتلال شرم الشيح وفك الحصار المصري … عنها … ويعتبر هذا التصرف خطأ سياسي وعسكري … والثانية … توجيه ضربة جوية شاملة لتدمير الطيران المصري واحتلال قطاع غزة، ثم انتظار الرد المصري والتصرف على أساسه .. ولكنه عمل ناقص … أما الثالث فهو الحرب الشاملة …".
أما الموقف السياسي فتلخص في ضرورة تشكيل وزارة حرب يشترك فيها كل الأحزاب .. ولا بد من التثبت من الموقف الأمريكي … ولا بد من حساب الموقف السوفيتي .. وأخيراً التصرف إزاء برقية من الرئيس "جونسون" تطلب إيقاف أي عمل عسكري قد تقوم به إسرائيل لمدة 48 ساعة .. وتقرر في الاجتماع سفر وزير الخارجية "أبا إيبان" إلى الولايات المتحدة للتنسيق على أن يمر خلال سفره على كل من لندن، وباريس لتأكيد المواقف. وقد وصل الأمر بضغط العسكريين لضرورة تشكيل وزارة حرب إلى الحد الذي قام فيه "شيمون بيريز" بتكوين تكتل من 50 عضواً في الكنيست لإسقاط حكومة "أشكول"
وتوجه أبا "إيبان" إلى فرنسا … حيث وجد أن رأي الجنرال "ديجـول" محـدد في "أن إسرائيل لا ينبغي لها أن تقوم بشن الحرب .. على الأقل لا تكون هي البادئة بها، ولا تبادر بالطلقة الأولى".
وفي لندن .. وجد أبا "إيبان" أن بريطانيا متحمسة للعمل العسكري ضد مصر .. وأن مجلس الوزراء البريطاني وافق على الاشتراك بوحدات بحرية مع الولايات المتحدة وآخرين في عملية منسقة لفتح خليج العقبة بالقوة، وفي نفس الوقت فإن "ويلسون" "لا يريد تحريض إسرائيل على العمل المباشر والسريع ضد مصر".
وفي واشنطن كانت بداية زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي، ومعه وزير الدفاع الأمريكي، لغرفة العمليات في البنتاجون .. حيث بادر الجنرال "ايرل هويلر" رئيس الأركان المشتركة" في الجيش الأمريكي: "أنني لا أريدك أن تقلق عن أي اعتبار، فسواء بدءوا هم (يقصد المصريين) .. أو بدأتم أنتم (يقصد الإسرائيليين)، فليس لدينا شك في النتيجة، فنحن نعرف ما هو حجم المتاح لكم، كما أننا نقدر كفاءتكم في إدارته" .. "وحساب المعركة كلها في صالحكم … هذه تقديرات جميع خبارئنا، ولم يعترض منهم واحد، فلديكم كل ما هو لازم وزيادة"
ثم قابل أبا "إيبان" الرئيس "جونسون" واستمرت المباحثات بينهما 85 دقيقة تميزت بالود الخالص .. وأكد "جونسون" خلالها أنه "يتمنى للعلم الإسرائيلي ذو اللونين الأزرق والأبيض أن يمر خلال هذا المضيق وأكد له دعمه الكامل لإسرائيل، ولكنه يريد وقت لمدة ساعات حتى يحقق تأييد الكونجرس، وتأييد الأمم المتحدة، وتأييد الرأي العام العالمي لنضمن عزلة الاتحاد السوفيتي … وفي نهاية المقابلة قال لــ "أبا إيبان" لينقل لحكومته: قل لهم أن إسرائيل تستطيع أن تعتمد عليّ. إنني لن أنكص عن وعد ولن أنسى كلمة قلتها. ولكنني لا أريد أن أترك ثغرة لاحتمال تدخل سوفيتي بسبب أنكم سئمتم الانتظار ساعات"
وبينما كان الحال يجري على النطاق الخارجي لصالح إسرائيل .. كان هناك بركاناً في داخلها يثيره القادة العسكريون للإسراع باتخاذ قرار الحرب … حيث يسجل "ليفي أشكـول" رئيس الوزراء "أنه كان في زيارة للجبهة في القطاع الجنوبي (الجبهة المصرية) يوم 25 مايو .. وعاد مقتنعاً أنه إذا لم تدخل إسرائيل الحرب بسرعة، فإن هناك خطر أن يستولي بعض القادة العسكـريين على السلطة" .. ولم يقتصر ذلك على الجبهة فقط .. بل أن "أشكول" واجه الجنرال "عيزرا وايزمان" مدير العمليات أثناء عرض الأخير بعض التقارير عليه، حيث فوجئ "أشكول" أن "وايزمان" يقول له "إنني في دهشة من أمرك، فتحت تصرفك أقوى جيش يهودي تجمع منذ أيـام "داود"، وهو لا ينتظر إلا إشارة "داود" منك، ومع ذلك تتردد حتى الآن في إعطائها له" .. ولم يتمالك "أشكول" نفسه، ورد بعصبيـة: "إني مذهول لأن الجنرالات عاجزون تماماً عن رؤية مقتضيات السياسة، وأن أي عمل إسرائيلي لا يمكن تأمين نجاحه العسكري والسياسي وتحقيق نتائجه والاحتفاظ بها، إلا باشتراك الولايات المتحدة والرئيس "جونسون" شخصياً .. وما يروعه هو أن الجنرالات ليسوا على استعداد لانتظار ساعات كي يحققوا حلم عمرهم الطويل.."
وفي مساء 26 مايو .. وصلت معلومات استخبارية، بأن مصر تجهز لهجوم على إسرائيلي سوف تشنه في ظرف ساعات .. وأبرق "أشكول" فوراً إلى وزير الخارجية الإسرائيلي، الذي كان متواجد في واشنطن لإبلاغ وزير الخارجية الأمريكي بهذه المعلومات .. و نفذ وزير الخارجية ذلك فوراً .. لتبدأ سلسلة من الاتصالات لإيقاف هذا الهجوم.
د. يحى الشاعر
تم تحرير المشاركة بواسطة يحى الشاعر: Dec 19 2006, 02:59 PM
إســرائيل ... تل أبيب:.:.
1 - استمرت الاستعدادات العسكرية الإسرائيلية على قدم وساق، مع التنسيق الكامل للخطة وعقب إعلان الرئيس "عبدالناصر" إغلاق خليج العقبة، فقد بدأت مرحلة جديدة في التخطيط الإسرائيلي على المستويين السياسي والعسكري … قادها العسكريون الذي بدا عليهم الإصرار على اتخاذ قرار الحرب وكان أخطر الاجتماعات في هذه المرحلة، وهو اجتماع القيادة الإسرائيلي "مجلس الحرب" الذي يضم القادة السياسيين والعسكريين صباح يوم 23 مايو، ودارت فيه خلاصة فكر القادة الإسرائيليين في التخطيط للحرب .. وفكر القادة السياسيين لإدارة الحرب … ومن الناحية العسكرية التي تولى شرحها الجنرال "رابين" رئيس الأركان كان هناك ثلاث اقتراحات للعمل العسكري ضد مصر وهم:
"إما عملية محددة تهدف احتلال شرم الشيح وفك الحصار المصري … عنها … ويعتبر هذا التصرف خطأ سياسي وعسكري … والثانية … توجيه ضربة جوية شاملة لتدمير الطيران المصري واحتلال قطاع غزة، ثم انتظار الرد المصري والتصرف على أساسه .. ولكنه عمل ناقص … أما الثالث فهو الحرب الشاملة …".
أما الموقف السياسي فتلخص في ضرورة تشكيل وزارة حرب يشترك فيها كل الأحزاب .. ولا بد من التثبت من الموقف الأمريكي … ولا بد من حساب الموقف السوفيتي .. وأخيراً التصرف إزاء برقية من الرئيس "جونسون" تطلب إيقاف أي عمل عسكري قد تقوم به إسرائيل لمدة 48 ساعة .. وتقرر في الاجتماع سفر وزير الخارجية "أبا إيبان" إلى الولايات المتحدة للتنسيق على أن يمر خلال سفره على كل من لندن، وباريس لتأكيد المواقف. وقد وصل الأمر بضغط العسكريين لضرورة تشكيل وزارة حرب إلى الحد الذي قام فيه "شيمون بيريز" بتكوين تكتل من 50 عضواً في الكنيست لإسقاط حكومة "أشكول"
وتوجه أبا "إيبان" إلى فرنسا … حيث وجد أن رأي الجنرال "ديجـول" محـدد في "أن إسرائيل لا ينبغي لها أن تقوم بشن الحرب .. على الأقل لا تكون هي البادئة بها، ولا تبادر بالطلقة الأولى".
وفي لندن .. وجد أبا "إيبان" أن بريطانيا متحمسة للعمل العسكري ضد مصر .. وأن مجلس الوزراء البريطاني وافق على الاشتراك بوحدات بحرية مع الولايات المتحدة وآخرين في عملية منسقة لفتح خليج العقبة بالقوة، وفي نفس الوقت فإن "ويلسون" "لا يريد تحريض إسرائيل على العمل المباشر والسريع ضد مصر".
وفي واشنطن كانت بداية زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي، ومعه وزير الدفاع الأمريكي، لغرفة العمليات في البنتاجون .. حيث بادر الجنرال "ايرل هويلر" رئيس الأركان المشتركة" في الجيش الأمريكي: "أنني لا أريدك أن تقلق عن أي اعتبار، فسواء بدءوا هم (يقصد المصريين) .. أو بدأتم أنتم (يقصد الإسرائيليين)، فليس لدينا شك في النتيجة، فنحن نعرف ما هو حجم المتاح لكم، كما أننا نقدر كفاءتكم في إدارته" .. "وحساب المعركة كلها في صالحكم … هذه تقديرات جميع خبارئنا، ولم يعترض منهم واحد، فلديكم كل ما هو لازم وزيادة"
ثم قابل أبا "إيبان" الرئيس "جونسون" واستمرت المباحثات بينهما 85 دقيقة تميزت بالود الخالص .. وأكد "جونسون" خلالها أنه "يتمنى للعلم الإسرائيلي ذو اللونين الأزرق والأبيض أن يمر خلال هذا المضيق وأكد له دعمه الكامل لإسرائيل، ولكنه يريد وقت لمدة ساعات حتى يحقق تأييد الكونجرس، وتأييد الأمم المتحدة، وتأييد الرأي العام العالمي لنضمن عزلة الاتحاد السوفيتي … وفي نهاية المقابلة قال لــ "أبا إيبان" لينقل لحكومته: قل لهم أن إسرائيل تستطيع أن تعتمد عليّ. إنني لن أنكص عن وعد ولن أنسى كلمة قلتها. ولكنني لا أريد أن أترك ثغرة لاحتمال تدخل سوفيتي بسبب أنكم سئمتم الانتظار ساعات"
وبينما كان الحال يجري على النطاق الخارجي لصالح إسرائيل .. كان هناك بركاناً في داخلها يثيره القادة العسكريون للإسراع باتخاذ قرار الحرب … حيث يسجل "ليفي أشكـول" رئيس الوزراء "أنه كان في زيارة للجبهة في القطاع الجنوبي (الجبهة المصرية) يوم 25 مايو .. وعاد مقتنعاً أنه إذا لم تدخل إسرائيل الحرب بسرعة، فإن هناك خطر أن يستولي بعض القادة العسكـريين على السلطة" .. ولم يقتصر ذلك على الجبهة فقط .. بل أن "أشكول" واجه الجنرال "عيزرا وايزمان" مدير العمليات أثناء عرض الأخير بعض التقارير عليه، حيث فوجئ "أشكول" أن "وايزمان" يقول له "إنني في دهشة من أمرك، فتحت تصرفك أقوى جيش يهودي تجمع منذ أيـام "داود"، وهو لا ينتظر إلا إشارة "داود" منك، ومع ذلك تتردد حتى الآن في إعطائها له" .. ولم يتمالك "أشكول" نفسه، ورد بعصبيـة: "إني مذهول لأن الجنرالات عاجزون تماماً عن رؤية مقتضيات السياسة، وأن أي عمل إسرائيلي لا يمكن تأمين نجاحه العسكري والسياسي وتحقيق نتائجه والاحتفاظ بها، إلا باشتراك الولايات المتحدة والرئيس "جونسون" شخصياً .. وما يروعه هو أن الجنرالات ليسوا على استعداد لانتظار ساعات كي يحققوا حلم عمرهم الطويل.."
وفي مساء 26 مايو .. وصلت معلومات استخبارية، بأن مصر تجهز لهجوم على إسرائيلي سوف تشنه في ظرف ساعات .. وأبرق "أشكول" فوراً إلى وزير الخارجية الإسرائيلي، الذي كان متواجد في واشنطن لإبلاغ وزير الخارجية الأمريكي بهذه المعلومات .. و نفذ وزير الخارجية ذلك فوراً .. لتبدأ سلسلة من الاتصالات لإيقاف هذا الهجوم.
د. يحى الشاعر
تم تحرير المشاركة بواسطة يحى الشاعر: Dec 19 2006, 02:59 PM