دراسة أميركية تكشف خبايا الآلة العسكرية لـ "حزب الله": "حزب الله" أعد 500 مخزن أسلحة في الجنوب وبنى شبكة عنكبوتية من الأنفاق لمقاتليه
المتابع للمشهد اللبناني بفصوله المأساوية الأخيرة، حتما ولابد إن تقع عيناه على الدور المحوري الذي يضطلع به "حزب الله" في تحريك الأحداث باتجاهات يراها أصحاب الشأن اللبناني لا تخدم صالح هذا البلد العربي، وتضعه على بعد سنتيمترات عن الانزلاق مرة أخرى لحرب أهلية ستقذف به لمجهول لا يدري احد إلى أين سيأخذه، بعدما كان يوشك على النهوض من قرابة 15 عاما عجاف من الحرب الأهلية.
فعلى مدى سنوات طويلة متعاقبة كان "حزب الله" اللبناني موضع ومحل تركيز بالغ من جهة إسرائيل والولايات المتحدة، بسبب نبرة تحديه العالية لكل ما له صلة بالطرفين السابقين، واعتبرت مقاومته للاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان العامل الحاسم خلف قرار رئيس الوزراء الأسبق ايهود باراك بالانسحاب منه عام 2000.
هذا الاهتمام زاد وتكثف بصورة كبيرة منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر، حينما أدرجت واشنطن "حزب الله" ضمن الجماعات الإرهابية المطلوب القضاء عليها، لأنها تسهم في تعميق الكراهية والعداء بين الغرب والعالمين العربي والإسلامي، فضلا عن تهديدها لأمن إسرائيل.
ورغم كل المساعي الداخلية والإقليمية والدولية الهادفة لنزع سلاح "حزب الله" وحرمانه من ذراعه العسكرية المنظور إليه بوصفه من اخطر العناصر المهددة ليس للبنان فحسب، وإنما لسلام واستقرار منطقة الشرق الأوسط بكاملها.
ثم جاءت الحرب الإسرائيلية ضد لبنان في صيف عام 2006 ، وما شهدته من أداء قتالي غير متوقع لمقاتلي "حزب الله" في مواجهة الجيش الإسرائيلي المزود بأحدث المعدات والأسلحة، لتصعد بـ "حزب الله" لواجهة الأحداث الملحة.
وتعددت الدراسات، خصوصا الأميركية منها، عن الحزب وتأثيره على مكانة الولايات المتحدة في المنطقة، وتشجيعه جماعات أخرى في الشرق الأوسط للسير على خطاه، وما سيلحق بذلك من تداعيات مدمرة للمصالح الأميركية وللدول الصديقة المتحالفة معها في حربها ضد الإرهاب.
وعلى كثرة الدراسات المتنوعة عن "حزب الله"، فان الدراسة التي كتبها اندور اكسوم، الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ، ونشرت أخيرا تستوقفك لكون صاحبها ضابطا سابقا في الجيش الأميركي، وقاد وحدة مشاة لتنفيذ عمليات في أفغانستان والعراق في الفترة من 2000 حتى 2004 ، ومنح وساما لشجاعته في اشتباكات جرت في أفغانستان.
واصدر عام 2004 كتابا عنوانه "قصة جندي من الخطوط الأمامية للحرب على الإرهاب"، وبعد خروجه من الخدمة التحق بالمعهد وتخصص في إعداد دراسات عن المنطقة من منظور عسكري بحكم خبرته، وأقام اكسوم ما بين بيروت والقاهرة لمدة عامين، ودراسته الجديدة محصلة زيارة للبنان وإسرائيل استغرقت أسبوعين التقى خلالهما مع عدد من السياسيين والعسكريين والخبراء.
قسم اكسوم دراسته إلى مقدمة وثلاثة أجزاء تتناول الخلفية التاريخية لسيطرة "حزب الله" على الجنوب اللبناني، والهيكل العسكري للحزب وتدريبه وتسليحه، وكيف خاض الحزب الحرب مع إسرائيل، ثم الخاتمة.
ومن البداية يعترف اكسوم بان اختطاف مقاتلي الحزب جنديين إسرائيليين في الثاني عشر من يوليو من العام الماضي، لم يكن عملية نفذها مجموعة من الهواة، بل كان نتيجة تدريب مكثف لعدة سنوات، ودراسة متقنة للوضع في إسرائيل على الصعيدين العسكري والسياسي، وان "حزب الله" اثبت ذلك عمليا إبان الحرب التي استمرت 33 يوما قبل التوصل لوقف إطلاق النار.
وأشار اكسوم في دراسته إلى إن "حزب الله" اكتسب مهارة عملية في فنون حرب العصابات بفضل ما نفذه من هجمات ضد القوات الإسرائيلية أثناء احتلالها للجنوب، مما جعله يحظى بشعبية وإعجاب سواء في لبنان أو في الكثير من البلدان العربية.
ومنذ انسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني أمضى الحزب سنوات في تهيئة جبهة الجنوب للمعركة المقبلة مع الجيش الإسرائيلي بتدعيم دفاعاته، لكي يملك مقدرة اكبر على التصدي للغزو الإسرائيلي أو في أضعف الأحوال إعاقة تقدم القوات الغازية.
ولأجل هذا الغرض بنى "حزب الله" مواقع حصينة في الجنوب في شكل مخابئ خرسانية بعيدة عن القرى والمناطق السكنية وتزويدها بكل ما يحتاجه المقاتلون للصمود داخلها لأسابيع طويلة، وعلى سبيل المثال كان احد هذه المواقع يقع جنوب النافورة قرب الحدود مع إسرائيل، وبلغ سمك الكتلة الخرسانية للسقف 18 بوصة، الطريف إن هذا الموقع كان على بعد 20 مترا من موقع تابع لقوات حفظ السلام الدولية.
كما أشار الباحث إلى انه رغم يقين الجيش الإسرائيلي من إن "حزب الله" يجهز تحصينات فانه لم يدر بخلده أنها ستكون بهذا الحجم والتعقيد، وأوضح انه اطلع على صور التقطها جنود إسرائيليون داخل احد هذه المخابئ المزودة بأجهزة اتصالات، ومواقع قتالية، ومياه ومواد غذائية وذخيرة تكفى للصمود أمام أي حصار مهما طال أمده.
ونقلت الدراسة عن مسؤول في قوات حفظ السلام الدولية اندهاشه من تمكن "حزب الله" من بناء مثل هذه التحصينات بدون أن يشعر احد قائلا: يبدو أنهم كانوا يحضرون الاسمنت بواسطة ملعقة شاي، في إشارة لا تحتاج لتفسير أنهم كانوا يتحركون في سرية تامة.
وكشفت الدراسة إن الجيش الإسرائيلي درب جنوده في معسكرات أقيمت في شمال إسرائيل على كيفية التعامل مع مقاتلي "حزب الله"، غير إن المشكلة على ارض الواقع كانت أن الجنود الإسرائيليين يجهلون أين تقع مواقع "حزب الله" على وجه الدقة ؟ ولم يكن لدى أجهزة المخابرات الإسرائيلية معلومات عن هذه المواقع، التي دمر جنوده بعضها في الحرب الأخيرة.
وأشار الباحث إلى أن الحزب استغل قرى الجنوب ومنازلها لتخزين أسلحته ومعداته وذخيرته من دون أن يعلم سكانها في معظم الأحيان بتحويل منازلهم لمخابئ للذخيرة، وان مقاتلي "حزب الله" قاموا بتلغيم الطرق المتوقع أن تسلكها القوات الإسرائيلية عند غزوها الجنوب.
لذلك دمرت دبابة إسرائيلية من طراز ميركافا في اليوم الأول لبدء العمليات العسكرية، وهو ما اجبر قادة الجيش الإسرائيلي على تغيير وتبديل مخططاتهم، بحيث تبتعد قوات الغزو عن الطرق، مما تسبب في بطء حركة الجنود الإسرائيليين الذين كانوا يقاتلون في ارض غريبة مجهولة بالنسبة لهم.
واعتمادا على معلومات مصدرها الجيش الإسرائيلي فقد اعد الحزب 500 مخزن لأسلحته في الجنوب اللبناني انتظارا للغزو الإسرائيلي المرتقب. ولم تتوقف قدرات الحزب عند هذا المستوى، فقد زاد عليها قدرته الفائقة في الرد على الهجمات الإسرائيلية بإطلاقه صواريخ كاتيوشا على المناطق الشمالية من إسرائيل.
وأوضحت الدراسة أن "حزب الله" وفر حماية شاملة لترسانته الصاروخية، حتى يضمن إطلاق اكبر عدد منها في اليوم الواحد، وكشفت النقاب عن انه جرى بناء مواقع معينة لإطلاق الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى داخل تحصيناته تحت الأرض، وصممت بحيث تفتح نافذة تطلق عبرها ثم تغلق بسرعة.
وفوجئ الجيش الإسرائيلي بان توغل قواته في الجنوب لم يحد من إطلاق الكاتيوشا، نظرا لان الوحدات المسئولة عن إطلاقها كانت تتحصن أما في مخابئ تحت الأرض أو في كهوف يصعب الوصول إليها واكتشافها وتدميرها خلال الغارات الجوية المكثفة على لبنان. وتوصل الباحث إلى أن وحدات إطلاق الكاتيوشا تدربت جيدا، حتى لا تعطي فرصة للمدفعية الإسرائيلية لاستهدافها عقب إطلاقها.
وانتقلت الدراسة لاستعراض مهم للهيكل العسكري ل"حزب الله" وأسلحته وأساليب تدريبه، وأشارت إلى انه يمكن تقسيم مقاتلي الحزب لنوعين، أولهما الطبقة المتميزة وعدد أفرادها نحو ألف مقاتل ويحصلون على أسلحة متقدمة وتدريب كثيف.
وثانيهما مقاتلو القرى ولا يعرف على وجه التحديد عددهم لكون بعضهم لا تربطه صلة مباشرة بـ"حزب الله".
وقال الباحث: انه خلال حرب صيف العام الماضي لم يكن مقاتلي "حزب الله" وحدهم الذين يدافعون عن قرى الجنوب، فقد كان بجانبهم عناصر من أحزاب وفصائل أخرى ، ويضرب المثال بأنه في أول أيام معركة مارون الراس الشهيرة فان القتلى كانوا من حركة "أمل".
وينظم "حزب الله" مقاتليه لجماعات صغيرة العدد تمنح صلاحية التصرف باستقلالية في ارض المعركة بدون الرجوع للقيادة العليا، وفي الغالب فان وحدات المقاتلين تتكون من 7 إلى 10 أشخاص، ويستطيعون التواصل مع الوحدات الأخرى عبر نظام اتصالات معقد للغاية يشمل التليفون المحمول.
وابرز عنصر في تركيبة الهيكل العسكري ل"حزب الله" الصلاحيات الممنوحة للضباط الصغار في الميدان باتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب بدون الحصول على موافقة مسبقة من قادتهم، ورأى الباحث أن إحدى أبرز نقاط الضعف في الجيوش العربية عدم قدرة صغار الضباط على الأخذ بزمام المبادرة وانتهاز الفرص المتاحة لشن هجوم قبل حصولهم على موافقة قادتهم.
الأكثر أن وحدات "حزب الله" تستطيع القتال لمدة دون الحصول على خط تموين وإمداد دائم، فضلا عن استغنائها عن الأوامر المباشرة من قياداتهم، وهو ما يعطيهم ميزة كبيرة في أسلوبهم القتالي.
واستعرضت الدراسة بصورة مفصلة الأسلحة التي يستخدمها "حزب الله" وكفاءة مقاتليه عند استخدامها، أوضحت أن المقاتلين يعتمدون على البنادق الكلاشينكوف من طراز آي.كي 47 ، علاوة على كاربيني أم.16 و أم.4 نظرا لسهولة استخدامها وصيانتها ولا توجد صعوبة في شراء ذخيرتها وقطع غيارها.
بالإضافة لذلك يستخدم الحزب الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى من الكاتيوشا، ففي الأيام الـ 33 للحرب أطلق "حزب الله" أكثر من أربعة آلاف صاروخ كاتيوشا على إسرائيل، ولم تكن الكاتيوشا هي الرمز الأوضح للحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان فقد جاء لجوارها الصواريخ المضادة للدبابات روسية الصنع التي حصل عليها الحزب من سوريا بتمويل إيراني، واستخدمت ضد الدبابات والسيارات المدرعة والأفراد.
وظهرت صواريخ من طراز آي.تي.14 كورنت في مواجهة الدبابات والسيارات العسكرية الإسرائيلية، ومعها صاروخ آخر مضاد للسفن الحربية من طراز سي.802 والذي أطلق على سفينة إسرائيلية كانت قرب شواطئ بيروت مما أسفر عن مقتل عدد من إفرادها وغرقها عقب سحبها.
وأكدت الدراسة أن "حزب الله" استغل بكفاءة واقتدار كل الأسلحة المتوافرة تحت يده، وبالنسبة لتدريب مقاتليه فان الجيش الإسرائيلي يعتقد أن إيران مسئولة عن عمليات تدريب مقاتلي "حزب الله" بصورة كاملة، غير أن الباحث يري انه مع الإقرار بان إيران تزود الحزب بأنواع حديثة من الأسلحة مثل الصواريخ المضادة للدبابات، إلا إن المفاجأة إن مستوى تدريب مقاتليه يتفوق على الإيرانيين أنفسهم.
وأضاف إن الجزء الأعظم من تدريبات "حزب الله" تجري في شمال شرق لبنان أي في وادي البقاع، أما بخصوص قرار اختطاف الجنديين الإسرائيليين وسواء اتخذ في بيروت أو طهران، فان القرائن تظهر أن سوريا وإيران تم إبلاغهما به، وانه تم في الضاحية الجنوبية، حيث مقر "حزب الله" وزعيمه حسن نصر الله.
ووظف الباحث خلفيته العسكرية لتقويم الأداء القتالي ل"حزب الله" في الحرب، واستهل اكسوم هذه الجزئية بالإشارة إلى أن مهمة مقاتلي الحزب انحصرت في الثبات في مواقعهم، وتكبيد الإسرائيليين اكبر خسائر ممكنة.
ووصف ذلك بأنه محاولة للنجاة، خاصة إذا نظرنا إليها من زاوية الأهداف المعلنة من جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت عند بدء الحرب، وهي وقف الهجمات الصاروخية على شمال إسرائيل، واستعادة الجنديين المختطفين، والقضاء على "حزب الله".
وكان قادة "حزب الله" يرون أن مهمتهم لم تكن محصورة في كسب المعركة مع إسرائيل فحسب، وإنما أيضا الحفاظ على مكانته وشعبيته في الدول العربية، وان يظل يشكل تهديدا للدولة العبرية.
ومن البدء لم يكن "حزب الله" يسعي لهزيمة إسرائيل في المعركة بل إصابتها بجراح بالغة، وبالتالي فقد كانت الأوامر المعطاة للمقاتلين الدفاع عن قرى الجنوب وإبطاء تقدم القوات الإسرائيلية، حتى تقدر الوحدات المختلفة على ممارسة مهامها بنجاح، واستفاد الحزب كثيرا من تجاربه مع إسرائيل منذ انسحابها من الجنوب وجهز نفسه للمعركة الجديدة.
ودلل الباحث على هذا الرأي بتأكيده أن خطة اختطاف الجنديين ونقلهما من منطقة الحدود نفذت بمهارة تستحق التقدير والثناء، لان عودة منفذي العملية واختفاءهم قبل أن تبدأ إسرائيل في إرسال وحدات لداخل الأراضي اللبنانية لمطاردتهم وإطلاق سراح الجنديين كانت تتطلب العون من عدة فرق دعم ومساندة، وفى يوم اختطافهما ابلغ "حزب الله" رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة بان الرد الإسرائيلي سيكون محدودا.
غير إن شراسة الهجوم الإسرائيلي أثبتت أن "حزب الله" لم يقدر رد الفعل الإسرائيلي بشكل صحيح، وهو ما اعترف به فيما بعد حسن نصر الله الذي قال: انه لو كان يعلم أن إسرائيل سترد كهذا ما كان أمر بخطف الجنديين من الأساس. وطرح اكسوم تساؤلا حول سبب عدم تزامن الغارات الجوية الإسرائيلية العنيفة على كامل لبنان مع شن هجوم بري ؟ ويرد بان القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل كانت واثقة من أن الهجوم الجوي وحده كفيل بانجاز الأهداف الإسرائيلية، وما لم يدركه قادة إسرائيل أن تأخير الهجوم البرى زود "حزب الله" بهامش لتعزيز دفاعاته في الجنوب، فخلال المدة ما بين بدء الحرب في الثاني عشر من يوليو 2006 والعمليات البرية في السابع عشر من نفس الشهر حرك الحزب قواته ومؤنه وانتظر مجيء الإسرائيليين.
وكانت مناورات مقاتلي "حزب الله" وتصديهم للقوات الإسرائيلية كبرى مفاجآت الحرب، الأهم أن "حزب الله" حدد قواعد سير المعركة، فبدلا من أن تفرض إسرائيل على "حزب الله" قواعدها حدث العكس. فمقاتلو "حزب الله" قاتلوا في الحواري والأزقة الضيقة للقرى غير الصالحة لكي تناور وتتحرك فيها الدبابات والسيارات المصفحة، وأصبح الجيش الإسرائيلي أمام معركة لم يتدرب عليها، ومقابل خصم يمتلك ميزة درايته بجغرافية ودهاليز منطقة القتال.
بناء عليه استطاعت عناصر "حزب الله" المناورة في القرى، حتى في ظل الغارات الجوية والقصف المدفعي، وساعدهم صغر تشكيل الوحدات المقاتلة وامتلاكها إمدادات تكفيها لخمسة أسابيع. وقال جندي إسرائيلي شارك في الحرب: لقد قاتلوا بعنف، وكانت كفاءتهم القتالية ظاهرة للعيان.
تلك الكفاءة انعكست في نجاح مقاتلي "حزب الله" باستغلال الأسلحة المضادة للدبابات، بما يفيد بان خلفها سنوات مثمرة من التدريب، ويتكون فريق مهاجمة الدبابات من شخصين ومعهما ثلاثة أشخاص كاحتياطي، علاوة على إطلاق الكاتيوشا يوميا على إسرائيل.
وأشار اكسوم في دراسته إلى أن من يرغب في تقييم أداء "حزب الله" في حرب الصيف الماضي عليه مقارنته بما فعلته الجيوش العربية خلال حروبها مع إسرائيل منذ عام 1948.
وتحدث الباحث عن أوجه الاختلاف بين مقاتلي الحزب والجيوش العربية، وهى قدرته العالية على المناورة والقتال الليلي، والجانب الأخير احد عيوب الجيوش العربية، واستقلالية الوحدات الصغيرة في اتخاذ القرار، وإجادة تعظيم الاستفادة من كافة أنواع الأسلحة المتوفرة لديه. ومن وجهة نظر اكسوم فان مقاتلي "حزب الله" قاتلوا على قدم المساواة مع الجنود الإسرائيليين، موضحا إن هذا الأداء يجب إن يقلق الولايات المتحدة وصناع القرار فيها، فأعداء أميركا قد يحتذون بما فعله الحزب في حربه مع إسرائيل.
ولهذا فان الولايات المتحدة مدعوة لتذكر إن طريقتها في القتال في العراق وأفغانستان لن تجدي نفعا في وجه "حزب الله"، وان حربها المقبلة ستكون ضد حرب العصابات وعلى المسؤولين الأميركيين أن يدرسوا أساليب "حزب الله" استعدادا لخوضها.
http://defense-arab.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=4:busted_red[1]:
المتابع للمشهد اللبناني بفصوله المأساوية الأخيرة، حتما ولابد إن تقع عيناه على الدور المحوري الذي يضطلع به "حزب الله" في تحريك الأحداث باتجاهات يراها أصحاب الشأن اللبناني لا تخدم صالح هذا البلد العربي، وتضعه على بعد سنتيمترات عن الانزلاق مرة أخرى لحرب أهلية ستقذف به لمجهول لا يدري احد إلى أين سيأخذه، بعدما كان يوشك على النهوض من قرابة 15 عاما عجاف من الحرب الأهلية.
فعلى مدى سنوات طويلة متعاقبة كان "حزب الله" اللبناني موضع ومحل تركيز بالغ من جهة إسرائيل والولايات المتحدة، بسبب نبرة تحديه العالية لكل ما له صلة بالطرفين السابقين، واعتبرت مقاومته للاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان العامل الحاسم خلف قرار رئيس الوزراء الأسبق ايهود باراك بالانسحاب منه عام 2000.
هذا الاهتمام زاد وتكثف بصورة كبيرة منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر، حينما أدرجت واشنطن "حزب الله" ضمن الجماعات الإرهابية المطلوب القضاء عليها، لأنها تسهم في تعميق الكراهية والعداء بين الغرب والعالمين العربي والإسلامي، فضلا عن تهديدها لأمن إسرائيل.
ورغم كل المساعي الداخلية والإقليمية والدولية الهادفة لنزع سلاح "حزب الله" وحرمانه من ذراعه العسكرية المنظور إليه بوصفه من اخطر العناصر المهددة ليس للبنان فحسب، وإنما لسلام واستقرار منطقة الشرق الأوسط بكاملها.
ثم جاءت الحرب الإسرائيلية ضد لبنان في صيف عام 2006 ، وما شهدته من أداء قتالي غير متوقع لمقاتلي "حزب الله" في مواجهة الجيش الإسرائيلي المزود بأحدث المعدات والأسلحة، لتصعد بـ "حزب الله" لواجهة الأحداث الملحة.
وتعددت الدراسات، خصوصا الأميركية منها، عن الحزب وتأثيره على مكانة الولايات المتحدة في المنطقة، وتشجيعه جماعات أخرى في الشرق الأوسط للسير على خطاه، وما سيلحق بذلك من تداعيات مدمرة للمصالح الأميركية وللدول الصديقة المتحالفة معها في حربها ضد الإرهاب.
وعلى كثرة الدراسات المتنوعة عن "حزب الله"، فان الدراسة التي كتبها اندور اكسوم، الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ، ونشرت أخيرا تستوقفك لكون صاحبها ضابطا سابقا في الجيش الأميركي، وقاد وحدة مشاة لتنفيذ عمليات في أفغانستان والعراق في الفترة من 2000 حتى 2004 ، ومنح وساما لشجاعته في اشتباكات جرت في أفغانستان.
واصدر عام 2004 كتابا عنوانه "قصة جندي من الخطوط الأمامية للحرب على الإرهاب"، وبعد خروجه من الخدمة التحق بالمعهد وتخصص في إعداد دراسات عن المنطقة من منظور عسكري بحكم خبرته، وأقام اكسوم ما بين بيروت والقاهرة لمدة عامين، ودراسته الجديدة محصلة زيارة للبنان وإسرائيل استغرقت أسبوعين التقى خلالهما مع عدد من السياسيين والعسكريين والخبراء.
قسم اكسوم دراسته إلى مقدمة وثلاثة أجزاء تتناول الخلفية التاريخية لسيطرة "حزب الله" على الجنوب اللبناني، والهيكل العسكري للحزب وتدريبه وتسليحه، وكيف خاض الحزب الحرب مع إسرائيل، ثم الخاتمة.
ومن البداية يعترف اكسوم بان اختطاف مقاتلي الحزب جنديين إسرائيليين في الثاني عشر من يوليو من العام الماضي، لم يكن عملية نفذها مجموعة من الهواة، بل كان نتيجة تدريب مكثف لعدة سنوات، ودراسة متقنة للوضع في إسرائيل على الصعيدين العسكري والسياسي، وان "حزب الله" اثبت ذلك عمليا إبان الحرب التي استمرت 33 يوما قبل التوصل لوقف إطلاق النار.
وأشار اكسوم في دراسته إلى إن "حزب الله" اكتسب مهارة عملية في فنون حرب العصابات بفضل ما نفذه من هجمات ضد القوات الإسرائيلية أثناء احتلالها للجنوب، مما جعله يحظى بشعبية وإعجاب سواء في لبنان أو في الكثير من البلدان العربية.
ومنذ انسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني أمضى الحزب سنوات في تهيئة جبهة الجنوب للمعركة المقبلة مع الجيش الإسرائيلي بتدعيم دفاعاته، لكي يملك مقدرة اكبر على التصدي للغزو الإسرائيلي أو في أضعف الأحوال إعاقة تقدم القوات الغازية.
ولأجل هذا الغرض بنى "حزب الله" مواقع حصينة في الجنوب في شكل مخابئ خرسانية بعيدة عن القرى والمناطق السكنية وتزويدها بكل ما يحتاجه المقاتلون للصمود داخلها لأسابيع طويلة، وعلى سبيل المثال كان احد هذه المواقع يقع جنوب النافورة قرب الحدود مع إسرائيل، وبلغ سمك الكتلة الخرسانية للسقف 18 بوصة، الطريف إن هذا الموقع كان على بعد 20 مترا من موقع تابع لقوات حفظ السلام الدولية.
كما أشار الباحث إلى انه رغم يقين الجيش الإسرائيلي من إن "حزب الله" يجهز تحصينات فانه لم يدر بخلده أنها ستكون بهذا الحجم والتعقيد، وأوضح انه اطلع على صور التقطها جنود إسرائيليون داخل احد هذه المخابئ المزودة بأجهزة اتصالات، ومواقع قتالية، ومياه ومواد غذائية وذخيرة تكفى للصمود أمام أي حصار مهما طال أمده.
ونقلت الدراسة عن مسؤول في قوات حفظ السلام الدولية اندهاشه من تمكن "حزب الله" من بناء مثل هذه التحصينات بدون أن يشعر احد قائلا: يبدو أنهم كانوا يحضرون الاسمنت بواسطة ملعقة شاي، في إشارة لا تحتاج لتفسير أنهم كانوا يتحركون في سرية تامة.
وكشفت الدراسة إن الجيش الإسرائيلي درب جنوده في معسكرات أقيمت في شمال إسرائيل على كيفية التعامل مع مقاتلي "حزب الله"، غير إن المشكلة على ارض الواقع كانت أن الجنود الإسرائيليين يجهلون أين تقع مواقع "حزب الله" على وجه الدقة ؟ ولم يكن لدى أجهزة المخابرات الإسرائيلية معلومات عن هذه المواقع، التي دمر جنوده بعضها في الحرب الأخيرة.
وأشار الباحث إلى أن الحزب استغل قرى الجنوب ومنازلها لتخزين أسلحته ومعداته وذخيرته من دون أن يعلم سكانها في معظم الأحيان بتحويل منازلهم لمخابئ للذخيرة، وان مقاتلي "حزب الله" قاموا بتلغيم الطرق المتوقع أن تسلكها القوات الإسرائيلية عند غزوها الجنوب.
لذلك دمرت دبابة إسرائيلية من طراز ميركافا في اليوم الأول لبدء العمليات العسكرية، وهو ما اجبر قادة الجيش الإسرائيلي على تغيير وتبديل مخططاتهم، بحيث تبتعد قوات الغزو عن الطرق، مما تسبب في بطء حركة الجنود الإسرائيليين الذين كانوا يقاتلون في ارض غريبة مجهولة بالنسبة لهم.
واعتمادا على معلومات مصدرها الجيش الإسرائيلي فقد اعد الحزب 500 مخزن لأسلحته في الجنوب اللبناني انتظارا للغزو الإسرائيلي المرتقب. ولم تتوقف قدرات الحزب عند هذا المستوى، فقد زاد عليها قدرته الفائقة في الرد على الهجمات الإسرائيلية بإطلاقه صواريخ كاتيوشا على المناطق الشمالية من إسرائيل.
وأوضحت الدراسة أن "حزب الله" وفر حماية شاملة لترسانته الصاروخية، حتى يضمن إطلاق اكبر عدد منها في اليوم الواحد، وكشفت النقاب عن انه جرى بناء مواقع معينة لإطلاق الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى داخل تحصيناته تحت الأرض، وصممت بحيث تفتح نافذة تطلق عبرها ثم تغلق بسرعة.
وفوجئ الجيش الإسرائيلي بان توغل قواته في الجنوب لم يحد من إطلاق الكاتيوشا، نظرا لان الوحدات المسئولة عن إطلاقها كانت تتحصن أما في مخابئ تحت الأرض أو في كهوف يصعب الوصول إليها واكتشافها وتدميرها خلال الغارات الجوية المكثفة على لبنان. وتوصل الباحث إلى أن وحدات إطلاق الكاتيوشا تدربت جيدا، حتى لا تعطي فرصة للمدفعية الإسرائيلية لاستهدافها عقب إطلاقها.
وانتقلت الدراسة لاستعراض مهم للهيكل العسكري ل"حزب الله" وأسلحته وأساليب تدريبه، وأشارت إلى انه يمكن تقسيم مقاتلي الحزب لنوعين، أولهما الطبقة المتميزة وعدد أفرادها نحو ألف مقاتل ويحصلون على أسلحة متقدمة وتدريب كثيف.
وثانيهما مقاتلو القرى ولا يعرف على وجه التحديد عددهم لكون بعضهم لا تربطه صلة مباشرة بـ"حزب الله".
وقال الباحث: انه خلال حرب صيف العام الماضي لم يكن مقاتلي "حزب الله" وحدهم الذين يدافعون عن قرى الجنوب، فقد كان بجانبهم عناصر من أحزاب وفصائل أخرى ، ويضرب المثال بأنه في أول أيام معركة مارون الراس الشهيرة فان القتلى كانوا من حركة "أمل".
وينظم "حزب الله" مقاتليه لجماعات صغيرة العدد تمنح صلاحية التصرف باستقلالية في ارض المعركة بدون الرجوع للقيادة العليا، وفي الغالب فان وحدات المقاتلين تتكون من 7 إلى 10 أشخاص، ويستطيعون التواصل مع الوحدات الأخرى عبر نظام اتصالات معقد للغاية يشمل التليفون المحمول.
وابرز عنصر في تركيبة الهيكل العسكري ل"حزب الله" الصلاحيات الممنوحة للضباط الصغار في الميدان باتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب بدون الحصول على موافقة مسبقة من قادتهم، ورأى الباحث أن إحدى أبرز نقاط الضعف في الجيوش العربية عدم قدرة صغار الضباط على الأخذ بزمام المبادرة وانتهاز الفرص المتاحة لشن هجوم قبل حصولهم على موافقة قادتهم.
الأكثر أن وحدات "حزب الله" تستطيع القتال لمدة دون الحصول على خط تموين وإمداد دائم، فضلا عن استغنائها عن الأوامر المباشرة من قياداتهم، وهو ما يعطيهم ميزة كبيرة في أسلوبهم القتالي.
واستعرضت الدراسة بصورة مفصلة الأسلحة التي يستخدمها "حزب الله" وكفاءة مقاتليه عند استخدامها، أوضحت أن المقاتلين يعتمدون على البنادق الكلاشينكوف من طراز آي.كي 47 ، علاوة على كاربيني أم.16 و أم.4 نظرا لسهولة استخدامها وصيانتها ولا توجد صعوبة في شراء ذخيرتها وقطع غيارها.
بالإضافة لذلك يستخدم الحزب الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى من الكاتيوشا، ففي الأيام الـ 33 للحرب أطلق "حزب الله" أكثر من أربعة آلاف صاروخ كاتيوشا على إسرائيل، ولم تكن الكاتيوشا هي الرمز الأوضح للحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان فقد جاء لجوارها الصواريخ المضادة للدبابات روسية الصنع التي حصل عليها الحزب من سوريا بتمويل إيراني، واستخدمت ضد الدبابات والسيارات المدرعة والأفراد.
وظهرت صواريخ من طراز آي.تي.14 كورنت في مواجهة الدبابات والسيارات العسكرية الإسرائيلية، ومعها صاروخ آخر مضاد للسفن الحربية من طراز سي.802 والذي أطلق على سفينة إسرائيلية كانت قرب شواطئ بيروت مما أسفر عن مقتل عدد من إفرادها وغرقها عقب سحبها.
وأكدت الدراسة أن "حزب الله" استغل بكفاءة واقتدار كل الأسلحة المتوافرة تحت يده، وبالنسبة لتدريب مقاتليه فان الجيش الإسرائيلي يعتقد أن إيران مسئولة عن عمليات تدريب مقاتلي "حزب الله" بصورة كاملة، غير أن الباحث يري انه مع الإقرار بان إيران تزود الحزب بأنواع حديثة من الأسلحة مثل الصواريخ المضادة للدبابات، إلا إن المفاجأة إن مستوى تدريب مقاتليه يتفوق على الإيرانيين أنفسهم.
وأضاف إن الجزء الأعظم من تدريبات "حزب الله" تجري في شمال شرق لبنان أي في وادي البقاع، أما بخصوص قرار اختطاف الجنديين الإسرائيليين وسواء اتخذ في بيروت أو طهران، فان القرائن تظهر أن سوريا وإيران تم إبلاغهما به، وانه تم في الضاحية الجنوبية، حيث مقر "حزب الله" وزعيمه حسن نصر الله.
ووظف الباحث خلفيته العسكرية لتقويم الأداء القتالي ل"حزب الله" في الحرب، واستهل اكسوم هذه الجزئية بالإشارة إلى أن مهمة مقاتلي الحزب انحصرت في الثبات في مواقعهم، وتكبيد الإسرائيليين اكبر خسائر ممكنة.
ووصف ذلك بأنه محاولة للنجاة، خاصة إذا نظرنا إليها من زاوية الأهداف المعلنة من جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت عند بدء الحرب، وهي وقف الهجمات الصاروخية على شمال إسرائيل، واستعادة الجنديين المختطفين، والقضاء على "حزب الله".
وكان قادة "حزب الله" يرون أن مهمتهم لم تكن محصورة في كسب المعركة مع إسرائيل فحسب، وإنما أيضا الحفاظ على مكانته وشعبيته في الدول العربية، وان يظل يشكل تهديدا للدولة العبرية.
ومن البدء لم يكن "حزب الله" يسعي لهزيمة إسرائيل في المعركة بل إصابتها بجراح بالغة، وبالتالي فقد كانت الأوامر المعطاة للمقاتلين الدفاع عن قرى الجنوب وإبطاء تقدم القوات الإسرائيلية، حتى تقدر الوحدات المختلفة على ممارسة مهامها بنجاح، واستفاد الحزب كثيرا من تجاربه مع إسرائيل منذ انسحابها من الجنوب وجهز نفسه للمعركة الجديدة.
ودلل الباحث على هذا الرأي بتأكيده أن خطة اختطاف الجنديين ونقلهما من منطقة الحدود نفذت بمهارة تستحق التقدير والثناء، لان عودة منفذي العملية واختفاءهم قبل أن تبدأ إسرائيل في إرسال وحدات لداخل الأراضي اللبنانية لمطاردتهم وإطلاق سراح الجنديين كانت تتطلب العون من عدة فرق دعم ومساندة، وفى يوم اختطافهما ابلغ "حزب الله" رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة بان الرد الإسرائيلي سيكون محدودا.
غير إن شراسة الهجوم الإسرائيلي أثبتت أن "حزب الله" لم يقدر رد الفعل الإسرائيلي بشكل صحيح، وهو ما اعترف به فيما بعد حسن نصر الله الذي قال: انه لو كان يعلم أن إسرائيل سترد كهذا ما كان أمر بخطف الجنديين من الأساس. وطرح اكسوم تساؤلا حول سبب عدم تزامن الغارات الجوية الإسرائيلية العنيفة على كامل لبنان مع شن هجوم بري ؟ ويرد بان القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل كانت واثقة من أن الهجوم الجوي وحده كفيل بانجاز الأهداف الإسرائيلية، وما لم يدركه قادة إسرائيل أن تأخير الهجوم البرى زود "حزب الله" بهامش لتعزيز دفاعاته في الجنوب، فخلال المدة ما بين بدء الحرب في الثاني عشر من يوليو 2006 والعمليات البرية في السابع عشر من نفس الشهر حرك الحزب قواته ومؤنه وانتظر مجيء الإسرائيليين.
وكانت مناورات مقاتلي "حزب الله" وتصديهم للقوات الإسرائيلية كبرى مفاجآت الحرب، الأهم أن "حزب الله" حدد قواعد سير المعركة، فبدلا من أن تفرض إسرائيل على "حزب الله" قواعدها حدث العكس. فمقاتلو "حزب الله" قاتلوا في الحواري والأزقة الضيقة للقرى غير الصالحة لكي تناور وتتحرك فيها الدبابات والسيارات المصفحة، وأصبح الجيش الإسرائيلي أمام معركة لم يتدرب عليها، ومقابل خصم يمتلك ميزة درايته بجغرافية ودهاليز منطقة القتال.
بناء عليه استطاعت عناصر "حزب الله" المناورة في القرى، حتى في ظل الغارات الجوية والقصف المدفعي، وساعدهم صغر تشكيل الوحدات المقاتلة وامتلاكها إمدادات تكفيها لخمسة أسابيع. وقال جندي إسرائيلي شارك في الحرب: لقد قاتلوا بعنف، وكانت كفاءتهم القتالية ظاهرة للعيان.
تلك الكفاءة انعكست في نجاح مقاتلي "حزب الله" باستغلال الأسلحة المضادة للدبابات، بما يفيد بان خلفها سنوات مثمرة من التدريب، ويتكون فريق مهاجمة الدبابات من شخصين ومعهما ثلاثة أشخاص كاحتياطي، علاوة على إطلاق الكاتيوشا يوميا على إسرائيل.
وأشار اكسوم في دراسته إلى أن من يرغب في تقييم أداء "حزب الله" في حرب الصيف الماضي عليه مقارنته بما فعلته الجيوش العربية خلال حروبها مع إسرائيل منذ عام 1948.
وتحدث الباحث عن أوجه الاختلاف بين مقاتلي الحزب والجيوش العربية، وهى قدرته العالية على المناورة والقتال الليلي، والجانب الأخير احد عيوب الجيوش العربية، واستقلالية الوحدات الصغيرة في اتخاذ القرار، وإجادة تعظيم الاستفادة من كافة أنواع الأسلحة المتوفرة لديه. ومن وجهة نظر اكسوم فان مقاتلي "حزب الله" قاتلوا على قدم المساواة مع الجنود الإسرائيليين، موضحا إن هذا الأداء يجب إن يقلق الولايات المتحدة وصناع القرار فيها، فأعداء أميركا قد يحتذون بما فعله الحزب في حربه مع إسرائيل.
ولهذا فان الولايات المتحدة مدعوة لتذكر إن طريقتها في القتال في العراق وأفغانستان لن تجدي نفعا في وجه "حزب الله"، وان حربها المقبلة ستكون ضد حرب العصابات وعلى المسؤولين الأميركيين أن يدرسوا أساليب "حزب الله" استعدادا لخوضها.
http://defense-arab.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=4:busted_red[1]: