ضمان الولايات المتحـدة الأمريكية لعدم سيطرة قوى معادية على البحر الأحمر وبقاء إسرائيل واستمرارها
علاقات الدول بالبحر الأحمر
أولاً: الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الكبرى
لا يمكن فصل البحر الأحمر عن مجمل المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط. فهذا البحر يمثل أهمية خاصة للإستراتيجية الأمريكية في ضوء الاعتبارات التالية:
سعي الولايات المتحدة الأمريكية إلى السيطرة على البحر الأحمر، وبصفة خاصة مدخله الجنوبي، بسبب أهميته الإستراتيجية، وارتباطه المباشر بمنطقة الخليج العربي.
ضرورة ضمان استمرار تأمين الخطوط الملاحية، التي يمر بها النفط، عبر البحر الأحمر وقناة السويس.
ما تشكله المنطقة من أهمية إستراتيجية في مواجهة التجمع الأوروبي، سعياً إلى انفراد الولايات المتحدة الأمريكية بالدور الأكثر فاعلية في السيطرة على النفط وطرق نقله.
حرص الولايات المتحدة الأمريكية على استمرار دورها الفاعل في منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة، والبحر الأحمر والخليج بصفة خاصة، مع العمل على إعادة ترتيب المنطقة طبقاً لمصالحها الإستراتيجية.
الأهمية العسكرية للبحر الأحمر، الذي يشكل محوراً أساسياً لأي تدخل عسكري محتمل، في حالة أي تهديد للمصالح الأمريكية في المنطقة وما حولها.
وجود مصالح إستراتيجية مشتركة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في البحر الأحمر، على أساس التزام الأولى بضمان أمن الثانية في مواجهة أي احتمالات لفرض قيود خاصة على مضايق البحر أو الملاحة فيه.
وقد برزت أهمية منطقة البحر الأحمر، من منظور الأهداف الإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط، في أعقاب حرب 1973، حين استُخدم النفط العربي كسلاح سياسي، وهو ما أكد للولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا واليابان أهمية منطقة النفط في الشرق الأوسط، وخطر الطرق والممرات البحرية في البحر الأحمر، الأمر الذي وضع المنطقة في دائرة التنافس بين القوى الدولية. ومع دخول منطقة البحر الأحمر في دائرة الصراع الدولي، استهدفت الإستراتيجية الأمريكية، يومذاك، الحد من النفوذ السوفيتي في المنطقة، إذ وضع الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، أول مرة، إستراتيجية التدخل الأمريكي في المنطقة بالقوة المسلحة، في حالة تهديد المصالح الأمريكية. وعلى هذا، ظهر في الفكر العسكري الأمريكي ما يعرف بإنشاء "قوات الانتشار السريع"، التي خُصصت للعمل في الخليج والبحر الأحمر، والتي وضعت بإمرة القيادة المركزية الأمريكية.
وظل البحر الأحمر موضع اهتمام الإدارة الأمريكية، على اختلاف عهودها والمبادئ التي تحكمها، من مبدأ نيكسون (1969) حتى مبدأ بوش (1990)، مروراً بمبدأ كارتر (1976) ومبدأ ريجان (1982). وجميعها كانت ترى في البحر الأحمر موقعاً ذا أهمية إستراتيجية، وممراً دولياً للملاحة، ومنطقة يجب أن تسيطر عليها الإستراتيجية الأمريكية، وتطرد منها النفوذ السوفيتي، أو تخفف وجوده إلى أدنى حدّ ممكن، وتضمن لإسرائيل المرور البحري الحر، والوجود العسكري في بعض جُزر البحر وموانئه.
تسعى سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط بصفة عامة، وفي منطقة البحر الأحمر بصفة خاصة، إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية، هي:
1. ضمان عدم سيطرة قوى معادية على البحر الأحمر
من أجل تحقيق هذا الهدف، قامت الولايات المتحدة الأمريكية بملء الفراغ الذي تركه الانسحاب البريطاني من منطقة الخليج وعدن، العام 1968، خشية قيام أي دولة أخرى منافسة بمثل هذا الدور. فالولايات المتحدة الأمريكية عدّت نفسها وصية على حماية المصالح الغربية، بعد الانسحاب البريطاني. والمصالح الغربية، من وجهة نظر السياسة الأمريكية، تتمثل في منع انتشار التأثير أو الوجود لأي قوة معادية، في منطقة الشرق الأوسط والبحر الأحمر وممراتهما المائية ذات الأهمية الإستراتيجية.
ومن أجل تحقيق مصالحها الإستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، عقدت الولايات المتحدة الأمريكية مجموعة من التحالفات، ذات الصبغة السياسية أو الصبغة العسكرية، لتطويق الاتحاد السوفيتي السابق، والحدّ من تأثيره ونفوذه. ومن أمثلة هذه التحالفات "حلف بغداد"، الذي حاولت الولايات المتحدة الأمريكية استقطاب العديد من الدول العربية للانضمام إليه. ولكن مقاومة بعض الدول العربية للحلف، أدّت إلى تقليصه ثم طيّه.
وفي جميع الأحوال، حاولت الإستراتيجية الأمريكية في البحر الأحمر تفادي أي صِدام مباشر مع الاتحاد السوفيتي السابق في المنطقة، مستفيدة من تجربة تورطها في فيتنام. بيد أن هذا لم يكن يعني أن خيار التدخل العسكري المباشر، لم يكن وارداً في حسبان الولايات المتحدة الأمريكية، وبالذات في الحالات التي تدرك فيها أن مصالحها وأمنها القومي معرضان للخطر. وفي هذا يقول هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق: "فنحن (الأمريكيون) يجب أن نكون قد تعلمنا درساً من فيتنام، يتمثل في أنه من السهل الدخول في حرب، ولكن من الصعب الخروج منها. ولكن هذا لا يعني، بأي حال من الأحوال، أننا غير قادرين، في أي ظرف من الظروف، على استخدام القوة".
وفي واقع الأمر، فإن التطورات والمتغيرات في السياسة الدولية، وخاصة بعد زوال الاتحاد السوفيتي، تجعل الولايات المتحدة الأمريكية أكثر استعداداً للتدخل المباشر، حينما تتهيأ أسبابه. ويمثل التدخل العسكري الأمريكي المباشر في حرب الخليج الثانية، خير دليل على ذلك.
2. ضمان بقاء إسرائيل واستمرارها
قدمت الولايات المتحـدة الأمريكية ـ ولا تـزال تقدم ـ جميـع الضمانات والإمكانات والمساعدات إلى إسرائيل، ملتزمة بتوفير الأمن والأمان لها، معتبرة إسرائيل حليفها الأول. وعلى هذا، فقد واصلت السياسة الأمريكية تأييد مطامع إسرائيل التوسعية، ومنها مطامعها في البحر الأحمر ومضايقه.
3. ضمان تدفق النفط عبر البحر الأحمر
الهدف الثالث من أهداف الإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط والبحر الأحمر، يتعلق بضمان وتأمين تدفق إمدادات النفط من منطقة الخليج العربي، عبر المحيط الهندي والبحر الأحمر والبحر المتوسط، إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا. إن ضمان تدفق إمدادات النفط، وحماية منابع النفط في الخليج العربي، يعدّان من الأهداف الأساسية للسياسة الخارجية الأمريكية، نظراً إلى ما للنفط من تأثير في اقتصاديات الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا. إن حرب 1973، وما ترتب عليها من حظر مؤقت على إمدادات النفط إلى الولايات المتحدة الأمريكية وهولندا، ومن ارتفاع حاد في أسعار النفط الخام، الذي أثر سلبياً في اقتصاديات الدول الغربية، ما زال ماثلاً في الفكر الإستراتيجي الأمريكي.
كما أوضحت الحرب العراقية ـ الإيرانية، في الثمانينيات، حرص الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا الغربية على استمرار تدفق إمدادات النفط من الخليج العربي، على الرغم من خطـر الموقف الناجـم عما عرف بـ "حرب الناقلات "، بسبب مهاجمة كل من العراق وإيران ناقلات النفط في موانئ الطرف الآخر، وفي مياه الخليج. وقد أدى ذلك إلى أن تعزز واشنطن، وبعض القوى الأوروبية، وجودها العسكري في الخليج العربي، لتأمين الحماية البحرية والجوية لناقلات النفط الكويتية، لضمان تدفق النفط من الخليج العربي.
وتُدخل الإستراتيجية الأمريكية منطقة البحر الأحمر في دائرة أوسع، مركزها المحيط الهندي، وتمتد من جنوبي أفريقيا غرباً حتى أستراليا شرقاً، وتشمل خليج عدن والبحر الأحمر وبحر العرب، ومجموعة جُزر المالديف وسيشيل، وخليج البنجال.
وتعتمد الولايات المتحدة الأمريكية، في هذه الدائرة الجغرافية الواسعة، على قواعد عسكرية، بحرية وجوية، وعلى نقاط ارتكاز وتموين، تؤمن للأسطول الأمريكي حضوراً مستمراً في المحيط الهندي وما حوله. وتمثل القواعد العسكرية التالية أهم القواعد الأمريكية خارج الولايات المتحدة الأمريكية:
أ. قاعدة دييجو جارسيا، الواقعة في جزيرة دييجو جارسيا، التابعة لبريطانيا. وهي تعد أكبر قاعدة أمريكية في المحيط الهندي.
ب. جزيرة مصيرة، الواقعة قبالة الساحل العُماني، على بعد 6.4 كم من مضيق هرمز.
ج. ميناء مطرة، في عُمان.
د. ميناء مومباسا ومطار ننيوكي، في كينيا.
هـ. جزيرة ماهية، في جُزر سيشيل.
و. ميناء إيلات، في إسرائيل.
وفي تقـرير صـادر عن وزارة الدفـاع الأمريكيـة (1996) تحديـدٌ للمضايق التي تعدّها واشنطن "جسر المواصلات بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، وتساعد الولايات المتحدة الأمريكية على نقل بضائعها التجارية وقواتها المسلحة إلى أي مكان في العالم". وهذه المضايق في منطقة الشرق الأوسط، هي: جبل طارق، صقلية، قناة السويس، باب المندب، هرمز، و "إن أي محاولة لإغلاق مضيق هرمز أمام ناقلات النفط تعدّ محاولة خطيرة، تحُول دون وصول النفط إلى الأسواق العالمية. كما أن محاولة عرقلة التحركات العسكرية الأمريكية في المنطقة، وقت الحرب، سوف تدفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى استخدام القوة، لضمان استمرار سلامة خطوط المواصلات الحيوية".
وإلى جانب الوجود الأمريكي، نفوذاً أو اقتصاداً أو قوة عسكرية، في منطقة البحر الأحمر وما حولها، ثمة مصالح متنوعة لمختلف الدول الكبرى، كفرنسا وبريطانيا والصين واليابان. ويختلف نوع المصالح والوجود في المنطقة وما حولها، بين دولة وأخرى. ففي حين يتحرك النفوذ البريطاني في ظل النفوذ الأمريكي، تسعى فرنسا إلى تبنّي نوع من الاستقلالية في وجودها وتحركها، خاصة أنها تتمتع بمركز متميز في جيبوتي، المستعمرة الفرنسية السابقة. وفي حين لا تكثر المصالح الصينية في المنطقة، تسعى اليابان إلى إقامة علاقات متوازنة بمختلف دول المنطقة، دعماً لمصالحها الاقتصادية وأسواقها، فضلاً عن استيرادها للنفط من المنطقة.
يحى الشاعر
علاقات الدول بالبحر الأحمر
أولاً: الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الكبرى
لا يمكن فصل البحر الأحمر عن مجمل المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط. فهذا البحر يمثل أهمية خاصة للإستراتيجية الأمريكية في ضوء الاعتبارات التالية:
سعي الولايات المتحدة الأمريكية إلى السيطرة على البحر الأحمر، وبصفة خاصة مدخله الجنوبي، بسبب أهميته الإستراتيجية، وارتباطه المباشر بمنطقة الخليج العربي.
ضرورة ضمان استمرار تأمين الخطوط الملاحية، التي يمر بها النفط، عبر البحر الأحمر وقناة السويس.
ما تشكله المنطقة من أهمية إستراتيجية في مواجهة التجمع الأوروبي، سعياً إلى انفراد الولايات المتحدة الأمريكية بالدور الأكثر فاعلية في السيطرة على النفط وطرق نقله.
حرص الولايات المتحدة الأمريكية على استمرار دورها الفاعل في منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة، والبحر الأحمر والخليج بصفة خاصة، مع العمل على إعادة ترتيب المنطقة طبقاً لمصالحها الإستراتيجية.
الأهمية العسكرية للبحر الأحمر، الذي يشكل محوراً أساسياً لأي تدخل عسكري محتمل، في حالة أي تهديد للمصالح الأمريكية في المنطقة وما حولها.
وجود مصالح إستراتيجية مشتركة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في البحر الأحمر، على أساس التزام الأولى بضمان أمن الثانية في مواجهة أي احتمالات لفرض قيود خاصة على مضايق البحر أو الملاحة فيه.
وقد برزت أهمية منطقة البحر الأحمر، من منظور الأهداف الإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط، في أعقاب حرب 1973، حين استُخدم النفط العربي كسلاح سياسي، وهو ما أكد للولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا واليابان أهمية منطقة النفط في الشرق الأوسط، وخطر الطرق والممرات البحرية في البحر الأحمر، الأمر الذي وضع المنطقة في دائرة التنافس بين القوى الدولية. ومع دخول منطقة البحر الأحمر في دائرة الصراع الدولي، استهدفت الإستراتيجية الأمريكية، يومذاك، الحد من النفوذ السوفيتي في المنطقة، إذ وضع الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، أول مرة، إستراتيجية التدخل الأمريكي في المنطقة بالقوة المسلحة، في حالة تهديد المصالح الأمريكية. وعلى هذا، ظهر في الفكر العسكري الأمريكي ما يعرف بإنشاء "قوات الانتشار السريع"، التي خُصصت للعمل في الخليج والبحر الأحمر، والتي وضعت بإمرة القيادة المركزية الأمريكية.
وظل البحر الأحمر موضع اهتمام الإدارة الأمريكية، على اختلاف عهودها والمبادئ التي تحكمها، من مبدأ نيكسون (1969) حتى مبدأ بوش (1990)، مروراً بمبدأ كارتر (1976) ومبدأ ريجان (1982). وجميعها كانت ترى في البحر الأحمر موقعاً ذا أهمية إستراتيجية، وممراً دولياً للملاحة، ومنطقة يجب أن تسيطر عليها الإستراتيجية الأمريكية، وتطرد منها النفوذ السوفيتي، أو تخفف وجوده إلى أدنى حدّ ممكن، وتضمن لإسرائيل المرور البحري الحر، والوجود العسكري في بعض جُزر البحر وموانئه.
تسعى سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط بصفة عامة، وفي منطقة البحر الأحمر بصفة خاصة، إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية، هي:
1. ضمان عدم سيطرة قوى معادية على البحر الأحمر
من أجل تحقيق هذا الهدف، قامت الولايات المتحدة الأمريكية بملء الفراغ الذي تركه الانسحاب البريطاني من منطقة الخليج وعدن، العام 1968، خشية قيام أي دولة أخرى منافسة بمثل هذا الدور. فالولايات المتحدة الأمريكية عدّت نفسها وصية على حماية المصالح الغربية، بعد الانسحاب البريطاني. والمصالح الغربية، من وجهة نظر السياسة الأمريكية، تتمثل في منع انتشار التأثير أو الوجود لأي قوة معادية، في منطقة الشرق الأوسط والبحر الأحمر وممراتهما المائية ذات الأهمية الإستراتيجية.
ومن أجل تحقيق مصالحها الإستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، عقدت الولايات المتحدة الأمريكية مجموعة من التحالفات، ذات الصبغة السياسية أو الصبغة العسكرية، لتطويق الاتحاد السوفيتي السابق، والحدّ من تأثيره ونفوذه. ومن أمثلة هذه التحالفات "حلف بغداد"، الذي حاولت الولايات المتحدة الأمريكية استقطاب العديد من الدول العربية للانضمام إليه. ولكن مقاومة بعض الدول العربية للحلف، أدّت إلى تقليصه ثم طيّه.
وفي جميع الأحوال، حاولت الإستراتيجية الأمريكية في البحر الأحمر تفادي أي صِدام مباشر مع الاتحاد السوفيتي السابق في المنطقة، مستفيدة من تجربة تورطها في فيتنام. بيد أن هذا لم يكن يعني أن خيار التدخل العسكري المباشر، لم يكن وارداً في حسبان الولايات المتحدة الأمريكية، وبالذات في الحالات التي تدرك فيها أن مصالحها وأمنها القومي معرضان للخطر. وفي هذا يقول هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق: "فنحن (الأمريكيون) يجب أن نكون قد تعلمنا درساً من فيتنام، يتمثل في أنه من السهل الدخول في حرب، ولكن من الصعب الخروج منها. ولكن هذا لا يعني، بأي حال من الأحوال، أننا غير قادرين، في أي ظرف من الظروف، على استخدام القوة".
وفي واقع الأمر، فإن التطورات والمتغيرات في السياسة الدولية، وخاصة بعد زوال الاتحاد السوفيتي، تجعل الولايات المتحدة الأمريكية أكثر استعداداً للتدخل المباشر، حينما تتهيأ أسبابه. ويمثل التدخل العسكري الأمريكي المباشر في حرب الخليج الثانية، خير دليل على ذلك.
2. ضمان بقاء إسرائيل واستمرارها
قدمت الولايات المتحـدة الأمريكية ـ ولا تـزال تقدم ـ جميـع الضمانات والإمكانات والمساعدات إلى إسرائيل، ملتزمة بتوفير الأمن والأمان لها، معتبرة إسرائيل حليفها الأول. وعلى هذا، فقد واصلت السياسة الأمريكية تأييد مطامع إسرائيل التوسعية، ومنها مطامعها في البحر الأحمر ومضايقه.
3. ضمان تدفق النفط عبر البحر الأحمر
الهدف الثالث من أهداف الإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط والبحر الأحمر، يتعلق بضمان وتأمين تدفق إمدادات النفط من منطقة الخليج العربي، عبر المحيط الهندي والبحر الأحمر والبحر المتوسط، إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا. إن ضمان تدفق إمدادات النفط، وحماية منابع النفط في الخليج العربي، يعدّان من الأهداف الأساسية للسياسة الخارجية الأمريكية، نظراً إلى ما للنفط من تأثير في اقتصاديات الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا. إن حرب 1973، وما ترتب عليها من حظر مؤقت على إمدادات النفط إلى الولايات المتحدة الأمريكية وهولندا، ومن ارتفاع حاد في أسعار النفط الخام، الذي أثر سلبياً في اقتصاديات الدول الغربية، ما زال ماثلاً في الفكر الإستراتيجي الأمريكي.
كما أوضحت الحرب العراقية ـ الإيرانية، في الثمانينيات، حرص الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا الغربية على استمرار تدفق إمدادات النفط من الخليج العربي، على الرغم من خطـر الموقف الناجـم عما عرف بـ "حرب الناقلات "، بسبب مهاجمة كل من العراق وإيران ناقلات النفط في موانئ الطرف الآخر، وفي مياه الخليج. وقد أدى ذلك إلى أن تعزز واشنطن، وبعض القوى الأوروبية، وجودها العسكري في الخليج العربي، لتأمين الحماية البحرية والجوية لناقلات النفط الكويتية، لضمان تدفق النفط من الخليج العربي.
وتُدخل الإستراتيجية الأمريكية منطقة البحر الأحمر في دائرة أوسع، مركزها المحيط الهندي، وتمتد من جنوبي أفريقيا غرباً حتى أستراليا شرقاً، وتشمل خليج عدن والبحر الأحمر وبحر العرب، ومجموعة جُزر المالديف وسيشيل، وخليج البنجال.
وتعتمد الولايات المتحدة الأمريكية، في هذه الدائرة الجغرافية الواسعة، على قواعد عسكرية، بحرية وجوية، وعلى نقاط ارتكاز وتموين، تؤمن للأسطول الأمريكي حضوراً مستمراً في المحيط الهندي وما حوله. وتمثل القواعد العسكرية التالية أهم القواعد الأمريكية خارج الولايات المتحدة الأمريكية:
أ. قاعدة دييجو جارسيا، الواقعة في جزيرة دييجو جارسيا، التابعة لبريطانيا. وهي تعد أكبر قاعدة أمريكية في المحيط الهندي.
ب. جزيرة مصيرة، الواقعة قبالة الساحل العُماني، على بعد 6.4 كم من مضيق هرمز.
ج. ميناء مطرة، في عُمان.
د. ميناء مومباسا ومطار ننيوكي، في كينيا.
هـ. جزيرة ماهية، في جُزر سيشيل.
و. ميناء إيلات، في إسرائيل.
وفي تقـرير صـادر عن وزارة الدفـاع الأمريكيـة (1996) تحديـدٌ للمضايق التي تعدّها واشنطن "جسر المواصلات بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، وتساعد الولايات المتحدة الأمريكية على نقل بضائعها التجارية وقواتها المسلحة إلى أي مكان في العالم". وهذه المضايق في منطقة الشرق الأوسط، هي: جبل طارق، صقلية، قناة السويس، باب المندب، هرمز، و "إن أي محاولة لإغلاق مضيق هرمز أمام ناقلات النفط تعدّ محاولة خطيرة، تحُول دون وصول النفط إلى الأسواق العالمية. كما أن محاولة عرقلة التحركات العسكرية الأمريكية في المنطقة، وقت الحرب، سوف تدفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى استخدام القوة، لضمان استمرار سلامة خطوط المواصلات الحيوية".
وإلى جانب الوجود الأمريكي، نفوذاً أو اقتصاداً أو قوة عسكرية، في منطقة البحر الأحمر وما حولها، ثمة مصالح متنوعة لمختلف الدول الكبرى، كفرنسا وبريطانيا والصين واليابان. ويختلف نوع المصالح والوجود في المنطقة وما حولها، بين دولة وأخرى. ففي حين يتحرك النفوذ البريطاني في ظل النفوذ الأمريكي، تسعى فرنسا إلى تبنّي نوع من الاستقلالية في وجودها وتحركها، خاصة أنها تتمتع بمركز متميز في جيبوتي، المستعمرة الفرنسية السابقة. وفي حين لا تكثر المصالح الصينية في المنطقة، تسعى اليابان إلى إقامة علاقات متوازنة بمختلف دول المنطقة، دعماً لمصالحها الاقتصادية وأسواقها، فضلاً عن استيرادها للنفط من المنطقة.
يحى الشاعر