نظرات بيانية/الآية 21 الكهف ،الآية 62 طه/د.عثمان قدري مكانسي

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
22,779
التفاعل
17,897 114 0
نظرات بيانية

الآية 21 الكهف والآية 62 طه

الدكتور عثمان قدري مكانسي

هذه اجتهادات بيانية قد تصيب وقد تخطئ، وقد تدنو أو تبعد، وأرجو الله أن يسدد قلبي وعقلي للصواب، إنه الميسر للخير سبحانه وتعالى:
" ... إذ يتنازعون بينهم أمرهم ، فقالوا ابنوا عليهم بنياناً ...." الكهف (21)
" ... فتنازعوا أمرهم بينهم ، وأسرّوا النجوى " طه (62)

التنازع في سورة الكهف بين المؤمنين في أمر الفتيان الذين ناموا في الكهف ثلاث مئةٍ سنين ، ثم استيقظوا بقدرة الله تعالى ليؤكد المولى للناس أنه لا بد من اليوم الآخر ، وسيحشر فيه الناس بأرواحهم وأجسادهم . هذا التنازع في الطريقة التي يكرّمون بها هؤلاء المفتيان المؤمنين بعد موتهم ليكونوا عبرة للناس جميعاً ، " قال الذين غلبوا على أمرهم لنتّخذنّ عليهم مسجداً " .
التنازع في سورة طه بين الكفار من السحرة الذين أمرهم فرعون أن يجهزوا أنفسهم لمقارعة موسى وهارون عليهما السلام ، فكان السحرة فريقين – كما يذكر المفسرون – في أمرهما ، فكان الغالبية من السحرة يعتقدون أن النبيين الكريمين ساحران يمكن الغلبة عليهما " قالوا إنْ هذان لساحران " وكان بعضهم يعتقد أن موسى وهارون ليسا ساحرين ، وهما يعتمدان على قوة قاهرة لا يمكن التغلب عليهما .
في قصة أهل الكهف نجد " إذ " مع الفعل المضارع " يتنازعون " يستحضران صورة المسلمين يتناقشون في تكريم هؤلاء الفتية الأبرار دون ضجة ولا جلبة ، فليس بينهم منافسة ولا تحدٍّ ، إنما يريدون الوصول – برأيهم – إلى الطريقة المثلى لتكريم الهاربين إلى الله بدينهم الذين ضربوا المثل والقدوة في اللجوء إلى الله . واستحضار الصورة مشهد حضاري في الشورى الذي قرر العمل برأي الأغلبية ، فكان من الأولى تقديم كلمة " بينهم " على كلمة " أمرهم " . فاختلاف الرأي ليس في أمر الفتية إنما بين المتحاورين في طريقة تكريمهم .
في قصة السحرة والنبيين الأخوين الكريمين موسى وهارون ، نجد الفعل الماضي " تنازعوا " يدل على لفلفة الأمور وطمس رأي الآخرين الذين خالفوهم في الرؤية ولا حظ معي الجملة التالية " قالوا إنْ هذان لساحران ... " وقد حُذفت فاء الترتيب والتعقيب ، ومكانها قبل الفعل قالوا . ولن يُسمح حتى بسماع الرأي الآخر لأن فرعون قرر أنهما ساحران ينبغي مواجهتهما والقضاء عليهما سريعاً ، وينبغي أن يكونوا رأياً واحداً ، فلا يسمع أحد برأي يأباه فرعون " فأجمعوا أمركم ، ثم ائتوا صفاً " وكان همهم وهمّ سيدهم النصر لا الوصول إلى الحق ، والدليل على ذلك قولهم " وقد أفلح اليوم من استعلى " ولم يقولوا : قد أفلح اليوم من كان الحق معه !! . ولأن التنازع في موقف السحرة أنفسهم من النبيين موسى وهارون قٌدّمت كلمة " أمرهم" على كلمة " بينهم " والضمير في كلمة " أمرهم " عائد على السحرة ، ولو كانوا على كلمة واحدة في اتخاذ القرار ، وكان الخلاف متعلقاً بمقارعة النبيين ليس غير لقال " فتنازعوا أمرهما بينهم " .
والله أعلم .
 
التعديل الأخير:
رد: نظرات بيانية/الآية 21 الكهف ،الآية 62 طه/د.عثمان قدري مكانسي

جزاك الله خير وبارك فيك
 
عودة
أعلى