بسم الله الرحمن الرحيم
قبل طائرة بوينغ المشهورة الجامبو جيت 747، وبالطبع قبل الطائرة العملاقة الجديدة الأيربص A380 (السوبر جامبو)، قبل هاتين الطائرتين بعقود كانت هناك طائرة ضخمة لم يسبق للعالم أن شاهد لها مثيلاً على الاطلاق، هذة الطائرة هي الالمانية "Dornier Do X" البرمائية .
في مقالتي السابقة، وضحت مدى التطور الذي بذله الالمان في تطوير قدراتهم العسكرية والصناعية، وكيف أنهم أيام الحرب العالمية الثانية كانت قدراتهم العسكرية تفوق مثيلاتها التي يتملكها الحلفاء انذاك(الولايات المتحدة الامريكية، بريطانيا، فرنسا) بسنين ان لم تكن عقوداً.
وفي الحقيقة ليس في مجال الصناعات العسكرية فحسب، بل أيضاً في مجال التصنيع الذي يخص الاغراض المدنية، من السيارات وحتى الطائرات، فالالمان هم عباقرة في مجالات الهندسة بكل انواعها.
وتجسد هذا الانجاز الالماني العريق السابق لعصرة، بتصنيع المانيا عام 1929 أول طائرة عملاقه من نوعها في العالم وهي ألـ(Dornier Do X) هذة الطائرة هي بحق "جامبو جيت" عصرها، وكان مشروعاً لم يكن احد يصدق ان يتحول لحقيقة، طائرة ولدت في عقد عشرينيات القرن الماضي وتحمل أكثر من 100 راكب!
قبل الحديث عن هذة الطائرة الاسطورية، لنتحدث اولاً عن مواصفاتها التي لم يكن احداً يحلم بها ايام عشرينيات القرن الماضي.
-مواصفات عامة:
طاقم الطائرة: 10-14
سعة الطائرة: 66-100راكب
الطول:41 مترا
طول الجناح:48 مترا
الارتفاع:10 امتار
منطقة الجناح:450 m²
وزنها(فارغة):28,250 kg
اقصى وزن لدي الاقلاع:56,000 kg
المحرك: 12 محرك من نوع 12 اسطوانه لكل محرك، تولد كل واحده من المحركات 610 حصان مكبحي.
-الأداء:
السرعة القصوي:211 كلم/س
سرعة الرحلة: 175 كلم/س
المدى: 1700 كلم.
سقف خدمة:500 متراً.
طائرة الـDornier Do X
منذ بداية القرن العشرين وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية، لم تكن شركات تصنيع الطائرات المعروفة هذة الايام، لم تكن معروفة آنذاك، فبوينج الامريكية على سبيل المثال وقد تأسست العام 1916، ولكنها مع ذلك لم تكن سيطرتها على السوق الطائرات كما الآن، وفي الواقع كان الاوربيون هم من يسيطرون على مجال صناعات الطائرات، وامريكا لم تتمكن من السيطرة على هذا المجال المهم الا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.
ولذلك كانت الاسماء المشهورة آنذاك اوروبية، ومنها الالمانية الاكثر شهره أمثال(Junkers ،Focke-Wulf،Messerschmitt ،Heinkel ) كما لا ننسى الشركة الهولندية المشهورة(Fokker) فكل تلك الاسماء الاوروبية هي الاكثر شهرة آنذاك.
وعودة للطائرتنا المعنية هنا "Dornier Do X" وهي من صنع الشركة الالمانية "Dornier" ومصممها وهو مالك الشركة أيضأ السيد الدكتور Claudius Dornier .
بدأ التصميم على هذة الطائرة في بداية العشرينيات، بتمويل من وزارة النقل الالمانية، وقد تم الاتفاق على تطوير هذة الطائرة في منطقة ما في الجزء السويسري، وهذا بعيداً من اعين المسؤلين الذين حرموا المانية من تطوير طائرات كبيرة ذات مدى بعيد وهو مايعرف بـ(معاهدة فرساي) والتي تم التصديق عليها نهاية الحرب العالمية الاولى.
وبعد الجهود الكبيرة وسنين من العمل والتصميم، قد اقلعت اخيراً أول نموذج منها في العام 1929، وكان الزبون الاساسي لهذة الطائرة هي الخطوط الجوية الالمانية "Lufthansa" والخطوط الجوية الايطالية، وهي طائرة كبير الحجم فعلاً، وكان تصميمها معقداً بشكل كبير، كما ان الاقلاع بها تطلب طاقماً كبير يتألف من 10 الى 14 فرد.
صورة للطائرة وهي تابعة للخطو الجوية الايطالية Regia Aeronautica
-التصميم:
بدن الطائرة مكون من هيكل يحتوي على سبيكة الألمنيوم والنحاس مدعم بفولاذَ يغطي النسيج الثقيل، ومغطى بطلاء الألمنيوم.
الطائرة تحتوي على 12 محرك مزدوج من نوع 12 سلندر لكل محرك، ومع طاقة مكبحية 610 حصان لكل محرك، وهي مخصصة لنقل 66 شخص على مسافات بعيدة، أو حوال 100 راكب للمسافات القصيرة.
كما أن الطائرة صممت لعبور الاطلسي.
-دخول الخدمة:
الطائرة Do-X أو كما يطلق عليها "flying ship" أي السفينة الطائرة، وهذا لأنها طائرة برمائية، حلقت لأول مرة عام 1929 في شهر يوليو/تموز ، وكان على متنها 169 مسافر، "150 ركاب و9 مسافرين متهربين و 10 هم أفراد الطاقم". وكانت قد حطمت الرقم القياسي آنذاك للعد الركاب ولم يحطم هذا الرقم الا بعد مرور أكثر من 15 عام ، ومنها حققت شهرة كبير، وصنعت دعاية كبير جداً في امريكا الشمالية والجنوبية، حيث قامت برحلات اختبارية مطوله هناك.
غرفة المحرك ويظهر هنا عامل والذي يتكم بقوة الدفع الطائرة المكونة من 12 محرك اعلى الجناح الطائرة.
_المصير النهائي:
بما ان الطائرة كانت ناجحة جداً، وحققت سمعة ممتازة، سلم نموذج للخطوط الوطنية لوفتهانزا، وهذا بسبب الضائقة المالية التي لحقت بالشركة الام(دونيية) وبعد ذلك تم التخطيط لجولات كانت ناجحة في المدن الساحلية الالمانية، وبسبب هذا خططت "لوفتهانزا" لرحلات خارجية عام 1933 لكل من فينا، بودابست، وإسطنبول.
ولكن حادثة وقعت حددت المصير لهذة الطائرة، مع ان الحادثة تم التغطية عليها بشكل جيد، والحاصل أن قسم ذيل الطائرة المائيةَ مزقَ أثناء الهبوط ، وكان هبوط قوي أكثر من اللازم على بحيرة خزان، ومع ان الضرر تم تصليحة بنجاح، أقلعت الطائرة البرمائية مرة أخرى الى برلين، حيث أصبحت تحفة في متحف الطيران في المانيا الجديد، وكان هذا العام 1934.
هذة الطائرة مع الاسف الشديد، لم يصنع منها سوى ثلاث نماذج فقط، ومع ان واحدة منها كانت في متحف الطيران الجديد آنذاك في المانيا، الا انها دمرت تماما بسبب الغارات الجوية البريطانية أيام الحرب وذلك في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 1943.
هذة الطائرة يجب ان يسجل لها التاريخ أنها واحدة من أعظم الطائرة التي حلقت يوماً، ومع انه لم يصنع منها اكثر من 3 نماذج فقط، وكما أنها لم تعمر كثيراً في الخدمة، الا انها ابتكار وانجاز عظيم يسبق عصرة بكثير، والدليل ان هذة الطائرة صممت في العشرينيات واقلعت اول مرة في العشرينيات، وكل هذا الانجاز حقق من دون مساعد حواسيب متطورة كما هو الآن مع طائرات هذا العصر، ولكنها انجزت بواسطة المصممين والمهندسين تلك الايام بأنفسهم من دون اللجوء الى حواسيب أو خلافة، كما لاننسى ان تلك الفترة لم تكن هناك حواسيب الجيل الاول حتى ، والتي ظهرت اول نماذجها في الاربعينيات مع حاسوب (آنياك) عام 1946، ولذلك هذة الطائرة اسطورية وسابقة لعصرها ، وكم يتمنى الشخص منا لو انه مازال واحد من تلك النماذج الاصلية تعرض في المتاحف الان، لكي تكون دليل قوي على براعة المصممين الالمان تلك الايام.
لي هنا وقفة، مع ان الامريكان هم من انجز اول طيران فعلي بواسطة طائرة ذاتية الدفع، وكان ذلك بواسطة الاخوان رايت في العام 1903، الا انه الاوربيون (الالمان خصوصاً) هم من ابدعوا وطوروا وسائل النقل الجوي، سواء من ناحية التصاميم أو الهندسة.
ولي لقاء جديد انشاء الله تعالى.
_ والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاتة...
قبل طائرة بوينغ المشهورة الجامبو جيت 747، وبالطبع قبل الطائرة العملاقة الجديدة الأيربص A380 (السوبر جامبو)، قبل هاتين الطائرتين بعقود كانت هناك طائرة ضخمة لم يسبق للعالم أن شاهد لها مثيلاً على الاطلاق، هذة الطائرة هي الالمانية "Dornier Do X" البرمائية .
في مقالتي السابقة، وضحت مدى التطور الذي بذله الالمان في تطوير قدراتهم العسكرية والصناعية، وكيف أنهم أيام الحرب العالمية الثانية كانت قدراتهم العسكرية تفوق مثيلاتها التي يتملكها الحلفاء انذاك(الولايات المتحدة الامريكية، بريطانيا، فرنسا) بسنين ان لم تكن عقوداً.
وفي الحقيقة ليس في مجال الصناعات العسكرية فحسب، بل أيضاً في مجال التصنيع الذي يخص الاغراض المدنية، من السيارات وحتى الطائرات، فالالمان هم عباقرة في مجالات الهندسة بكل انواعها.
وتجسد هذا الانجاز الالماني العريق السابق لعصرة، بتصنيع المانيا عام 1929 أول طائرة عملاقه من نوعها في العالم وهي ألـ(Dornier Do X) هذة الطائرة هي بحق "جامبو جيت" عصرها، وكان مشروعاً لم يكن احد يصدق ان يتحول لحقيقة، طائرة ولدت في عقد عشرينيات القرن الماضي وتحمل أكثر من 100 راكب!
قبل الحديث عن هذة الطائرة الاسطورية، لنتحدث اولاً عن مواصفاتها التي لم يكن احداً يحلم بها ايام عشرينيات القرن الماضي.
-مواصفات عامة:
طاقم الطائرة: 10-14
سعة الطائرة: 66-100راكب
الطول:41 مترا
طول الجناح:48 مترا
الارتفاع:10 امتار
منطقة الجناح:450 m²
وزنها(فارغة):28,250 kg
اقصى وزن لدي الاقلاع:56,000 kg
المحرك: 12 محرك من نوع 12 اسطوانه لكل محرك، تولد كل واحده من المحركات 610 حصان مكبحي.
-الأداء:
السرعة القصوي:211 كلم/س
سرعة الرحلة: 175 كلم/س
المدى: 1700 كلم.
سقف خدمة:500 متراً.
طائرة الـDornier Do X
منذ بداية القرن العشرين وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية، لم تكن شركات تصنيع الطائرات المعروفة هذة الايام، لم تكن معروفة آنذاك، فبوينج الامريكية على سبيل المثال وقد تأسست العام 1916، ولكنها مع ذلك لم تكن سيطرتها على السوق الطائرات كما الآن، وفي الواقع كان الاوربيون هم من يسيطرون على مجال صناعات الطائرات، وامريكا لم تتمكن من السيطرة على هذا المجال المهم الا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.
ولذلك كانت الاسماء المشهورة آنذاك اوروبية، ومنها الالمانية الاكثر شهره أمثال(Junkers ،Focke-Wulf،Messerschmitt ،Heinkel ) كما لا ننسى الشركة الهولندية المشهورة(Fokker) فكل تلك الاسماء الاوروبية هي الاكثر شهرة آنذاك.
وعودة للطائرتنا المعنية هنا "Dornier Do X" وهي من صنع الشركة الالمانية "Dornier" ومصممها وهو مالك الشركة أيضأ السيد الدكتور Claudius Dornier .
بدأ التصميم على هذة الطائرة في بداية العشرينيات، بتمويل من وزارة النقل الالمانية، وقد تم الاتفاق على تطوير هذة الطائرة في منطقة ما في الجزء السويسري، وهذا بعيداً من اعين المسؤلين الذين حرموا المانية من تطوير طائرات كبيرة ذات مدى بعيد وهو مايعرف بـ(معاهدة فرساي) والتي تم التصديق عليها نهاية الحرب العالمية الاولى.
وبعد الجهود الكبيرة وسنين من العمل والتصميم، قد اقلعت اخيراً أول نموذج منها في العام 1929، وكان الزبون الاساسي لهذة الطائرة هي الخطوط الجوية الالمانية "Lufthansa" والخطوط الجوية الايطالية، وهي طائرة كبير الحجم فعلاً، وكان تصميمها معقداً بشكل كبير، كما ان الاقلاع بها تطلب طاقماً كبير يتألف من 10 الى 14 فرد.
صورة للطائرة وهي تابعة للخطو الجوية الايطالية Regia Aeronautica
-التصميم:
بدن الطائرة مكون من هيكل يحتوي على سبيكة الألمنيوم والنحاس مدعم بفولاذَ يغطي النسيج الثقيل، ومغطى بطلاء الألمنيوم.
الطائرة تحتوي على 12 محرك مزدوج من نوع 12 سلندر لكل محرك، ومع طاقة مكبحية 610 حصان لكل محرك، وهي مخصصة لنقل 66 شخص على مسافات بعيدة، أو حوال 100 راكب للمسافات القصيرة.
كما أن الطائرة صممت لعبور الاطلسي.
-دخول الخدمة:
الطائرة Do-X أو كما يطلق عليها "flying ship" أي السفينة الطائرة، وهذا لأنها طائرة برمائية، حلقت لأول مرة عام 1929 في شهر يوليو/تموز ، وكان على متنها 169 مسافر، "150 ركاب و9 مسافرين متهربين و 10 هم أفراد الطاقم". وكانت قد حطمت الرقم القياسي آنذاك للعد الركاب ولم يحطم هذا الرقم الا بعد مرور أكثر من 15 عام ، ومنها حققت شهرة كبير، وصنعت دعاية كبير جداً في امريكا الشمالية والجنوبية، حيث قامت برحلات اختبارية مطوله هناك.
غرفة المحرك ويظهر هنا عامل والذي يتكم بقوة الدفع الطائرة المكونة من 12 محرك اعلى الجناح الطائرة.
_المصير النهائي:
بما ان الطائرة كانت ناجحة جداً، وحققت سمعة ممتازة، سلم نموذج للخطوط الوطنية لوفتهانزا، وهذا بسبب الضائقة المالية التي لحقت بالشركة الام(دونيية) وبعد ذلك تم التخطيط لجولات كانت ناجحة في المدن الساحلية الالمانية، وبسبب هذا خططت "لوفتهانزا" لرحلات خارجية عام 1933 لكل من فينا، بودابست، وإسطنبول.
ولكن حادثة وقعت حددت المصير لهذة الطائرة، مع ان الحادثة تم التغطية عليها بشكل جيد، والحاصل أن قسم ذيل الطائرة المائيةَ مزقَ أثناء الهبوط ، وكان هبوط قوي أكثر من اللازم على بحيرة خزان، ومع ان الضرر تم تصليحة بنجاح، أقلعت الطائرة البرمائية مرة أخرى الى برلين، حيث أصبحت تحفة في متحف الطيران في المانيا الجديد، وكان هذا العام 1934.
هذة الطائرة مع الاسف الشديد، لم يصنع منها سوى ثلاث نماذج فقط، ومع ان واحدة منها كانت في متحف الطيران الجديد آنذاك في المانيا، الا انها دمرت تماما بسبب الغارات الجوية البريطانية أيام الحرب وذلك في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 1943.
هذة الطائرة يجب ان يسجل لها التاريخ أنها واحدة من أعظم الطائرة التي حلقت يوماً، ومع انه لم يصنع منها اكثر من 3 نماذج فقط، وكما أنها لم تعمر كثيراً في الخدمة، الا انها ابتكار وانجاز عظيم يسبق عصرة بكثير، والدليل ان هذة الطائرة صممت في العشرينيات واقلعت اول مرة في العشرينيات، وكل هذا الانجاز حقق من دون مساعد حواسيب متطورة كما هو الآن مع طائرات هذا العصر، ولكنها انجزت بواسطة المصممين والمهندسين تلك الايام بأنفسهم من دون اللجوء الى حواسيب أو خلافة، كما لاننسى ان تلك الفترة لم تكن هناك حواسيب الجيل الاول حتى ، والتي ظهرت اول نماذجها في الاربعينيات مع حاسوب (آنياك) عام 1946، ولذلك هذة الطائرة اسطورية وسابقة لعصرها ، وكم يتمنى الشخص منا لو انه مازال واحد من تلك النماذج الاصلية تعرض في المتاحف الان، لكي تكون دليل قوي على براعة المصممين الالمان تلك الايام.
لي هنا وقفة، مع ان الامريكان هم من انجز اول طيران فعلي بواسطة طائرة ذاتية الدفع، وكان ذلك بواسطة الاخوان رايت في العام 1903، الا انه الاوربيون (الالمان خصوصاً) هم من ابدعوا وطوروا وسائل النقل الجوي، سواء من ناحية التصاميم أو الهندسة.
ولي لقاء جديد انشاء الله تعالى.
_ والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاتة...