شكل تعيين ياسين المنصوري على رأس الإدارة العامة للدراسات والمستندات خلفا للجنرال دو ديفيزيون أحمد الحرشي الذي وشحه الملك محمد السادس بالحمالة الكبرى لوسام العرش، الحدث البارز لهذه الأيام من قبل مختلف المراقبين والمتتبعين للشأن العام ببلادنا، وهذا الاهتمام مرده إلى عوامل متعددة تتجسد في طبيعة هذه المؤسسة العسكرية وفي شخص مديرها الجديد.
ـ المـــؤسسة:
تعرف مؤسسة "لادجيد" بأهميتها داخل الأجهزة الاستخباراتية في وقت توجهت فيه الأنظار إليها خاصة بعد الأحداث الإرهابية التي كانت الدار البيضاء مسرحا لها وقبلها أحداث الحادي عشر من شتنبر 2001 بالولايات المتحدة الأمريكية وبعدها أحداث مدريد في الحادي عشر من شهر مارس 2004، فضلا عن الصورة التي أصبحت لصيقة بالمغاربة في الخارج لتورط بعضهم في أعمال إرهابية.. وهذا الوضع جعل العديد من الدول تولي أهمية كبرى لإعادة هيكلة أجهزتها الاستخباراتية في أفق تقويتها بمدها بالإمكانيات المادية والبشرية اللازمتين. كما تعرف هذه المؤسسة باستقرارها، ذلك أن إحداثها يعود تاريخه إلى عام 1973 أي بعد تحويل جهاز "الكاب1" إلى إدارة للمستندات والوثائق المعروفة بـ"لادجيد "ومديرية لمراقبة التراب الوطني أي "الديستي" اللتين تولى مسؤوليتهما على التوالي أحمد الدليمي وإدريس البصري، فمنذ ذلك التاريخ تربع على مسؤولية " لادجيد" "ابن سيدي قاسم" إلى حدود بداية الثمانينات، حيث ظلت إدارتها شاغرة لفترة انتقالية بعد رحيل الجنرال القوي أحمد الدليمي الذي سيخلفه بعد ذلك عبد الحق القادري والذي عرفت هذه الإدارة في عهده هيكلة جديدة أصبح لها موقع متقدم داخل مؤسسات البلاد.
فهذا الاستقرار الذي ميز هذه المؤسسة الاستخباراتية، كتب له أن يعرف تطورا في عهد الملك محمد السادس، حيث سيتولى الجنرال الحرشي مسؤولية "لادجيد" خلفا لزمليه الجنرال عبد الحق القادري الذي أسندت إليه مهمة المفتشية العامة للقوات المسلحة الملكية قبل أن يحال على التقاعد لأسباب قيل إنها مرتبطة بوضعه الصحي ليخلفه على رأسها الجنرال عبد العزيز بناني قائد القوات المسلحة الملكية بالمنطقة الجنوبية.
وتعرف هذه المؤسسة أيضا بحساسيتها داخل النسق السياسي المغربي على اعتبار أن الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وأن الجيش تتميز مؤسساته بانغلاقها الشديد، حيث إن التنقيب عن أخباره من طرف وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية.. يدخل في دائرة المحرمات السياسية، إلا أنه في السنوات الأخيرة شهد المجال العسكري نوعا من الانفتاح النسبي تمثل في التصريحات الصحفية كتلك التي أدلى بها الضابط مصطفى أديب لصحيفة "لوموند" الفرنسية حول بعض الممارسات المتعلقة بانحرافات عرفتها عملية تسيير موارد هذه المؤسسة، فضلا عن الاهتمام الذي أضحت وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية الفرنسية والإسبانية على وجه الخصوص توليه لها، منها البيان المنشور بيوميتي "الباييس" الإسبانية و"لوموند" الفرنسية الذي نسب إلى جماعة تدعى"الضباط الأحرار"، ثم الرسالة المفتوحة الشهيرة (النصيحة) التي وجهها الصحافي خالد الجامعي إلى الملك محمد السادس بأسبوعية "لوجورنال هيبدو" من أجل التسريع بالدخول في مسلسل إصلاح الجيش وغير ذلك.
ـ الشــــخص:
تكمن أهمية الشخص أي ياسين المنصوري في كونه، أولا، شابا ورفيق الملك في الدراسة إلى جانب فؤاد عالي الهمة، حسن أوريد، رشدي الشرايبي وآخرين، وفي كونه، ثانيا، مدنيا يتولى لأول مرة مؤسسة عسكرية استخباراتية ، خلافا لثلاثة جنرالات تعاقبوا على هرم هذه الم
ؤسسة وهم: الدليمي، القادري والحرشي، ولكونه ،ثالثا، لم يتدرج داخل أسلاك هذه الإدارة، بمعنى أنه ليس "ابن الدار"، وهنا يكمن سر الاهتمام المتزايد الذي حظي به تعيينه الأسبوع الماضي من قبل الملك محمد السادس.
مما لا شك فيه أن مساره المهني عرف محطات متعددة، فقد عمل داخل ديوان إدريس البصري، وزير الدولة والداخلية الأسبق لسنوات، والأكيد أنه تعلم الشيء الكثير من تجربة وخبرة "ابن الشاوية" داخل ديوانه الذي كان بمثابة المعبر الأساسي لكل الملفات الشائكة والقضايا الهامة، والذي عرف مرور العديد من الوجوه به كأطريشة، بنهاشم، اظريف، بوعبيد..، فضلا عن كونه قام في بداية التسعينات بتداريب في الخارج وعلى وجه الخصوص بـ"الشرطة الفيدرالية الأمريكية"، ثم عهد إليه بمهمة تتبع التطورات التي شهدتها الأقاليم الجنوبية بعيد وفاة الملك الحسن الثاني، وبعدها عين على رأس وكالة المغرب العربي للأنباء مكان عبد المجيد فنجيرو، قبل أن يعود إلى وزارة الداخلية لكن هذه المرة كوال مدير عام لمديرية الشؤون العامة إثر انتقال محمد اظريف إلى ولاية الدار البيضاء خلفا لإدريس بنهيمة الذي أوكلت إليه مسؤولية وكالة تنمية الأقاليم الشمالية، وسيشكل إلى جانب فؤاد الهمة ومصطفى الساهل ثلاثيا قويا داخل الإدارة الترابية.
ودون شك فإن هذه الانتقالات منحت "لابن بلدة بجعد" خبرة أغنت مساره المهني، فقد عمل في مجالات كلها حساسة واشتغل على ملفات ليست بالسهلة كالداخلية والإعلام والصحراء، ثم على الهجرة السرية والتهريب.. فهذه المحطات راكمت لديه تجربة واسعة لاسيما إذا علمنا بأن المنصوري حاصل على الإجازة في الحقوق وعلى شهادتي دبلوم الدراسات العليا في القانون العام ويتوفر على كفاءات علمية تؤهله لتولي مسؤوليات كبرى من حجم الإدارة العامة للدراسات والمستندات.
أكثر من ذلك ساعدت المنصوري، رفيق الملك في الدراسة، طبيعة شخصيته وسلوك معاملاته، فملامح وجهه تفيد بأنه رجل دولة.. قليل الكلام، لا تغريه المجاملات خاصة إذا كانت قادمة من رجال الصحافة، يحب الاشتغال في الظل، لكن السنوات الأخيرة بدأت أضواء كاميرات القناة الأولى وشقيقتها الثانية تزعجه "وتستفزه" ليجيب عنها بتصريحات خاصة، ولم يسبق للإعلام أن وجه إليه سهام نقده خلافا لبعض زملائه..علما بأن صورته ما تزال تظهر خلف إدريس البصري، إذ كان ظله في بعض المحطات كسفره بجانبه إلى الجزائر قبيل وفاة الملك الحسن الثاني..
ومن هذا المنطلق يتضح أن الملك يقوي ركائزه داخل القطاع العسكري، وذلك من خلال إسناد مسؤولية هذه الإدارة إلى زميله في الدراسة، أيضا في ذات السياق يقوم بتشبيب أطر هذه المؤسسة، وهي إشارة واضحة اتجاه "الشيوخ العسكريين"، تفيد بأن تعديلات جوهرية قادمة ستمس هياكل وبنيات هذا المجال. فالملك قام بـ"تمدين" هرم "لادجيد" (المخابرات العسكرية) علما بأنها إدارة عسكرية في حين قام قبل ذلك بـ "عسكرة" مديرية مراقبة التراب الوطني (المخابرات المدنية) من خلال تعيين الجنرال حميدو لعنيكري قبل أن يرقيه إلى موقع المدير العام للأمن الوطني على اعتبار أن "الديستي" خاضعة بحكم القانون إلى المدير العام للأمن الوطني كما أظهرت ذلك وبوضوح الهيكلة الجديدة للإدارة المذكورة. ويجدر التذكير في هذا الباب بأن إدارة الأمن الوطني سبق أن أشرف عليها منذ سنوات الستينات من القرن الماضي عسكريون كأوفقير والدليمي والوزاني.
إن هذا التعيين قد يجعل المخابرات العسكرية والمخابرات المدنية تحت مراقبة كل من المنصوري من خلال التنسيق مع باقي الأجهزة المخابراتية (المكتب الثاني، الخامس...) وعالي الهمة المكلف بعملية التنسيق بين الأجهزة المخابراتية المدنية، وهي خطوة لتسهيل عملية التحكم في هذه القطاعات الأمنية الاستراتيجية داخليا وخارجيا وبالتالي استرجاع الملك لسلطاته وإعادة تنظيمها وفق منظوره لإدارة شؤون مؤسسات البلاد.
ـ المـــؤسسة:
تعرف مؤسسة "لادجيد" بأهميتها داخل الأجهزة الاستخباراتية في وقت توجهت فيه الأنظار إليها خاصة بعد الأحداث الإرهابية التي كانت الدار البيضاء مسرحا لها وقبلها أحداث الحادي عشر من شتنبر 2001 بالولايات المتحدة الأمريكية وبعدها أحداث مدريد في الحادي عشر من شهر مارس 2004، فضلا عن الصورة التي أصبحت لصيقة بالمغاربة في الخارج لتورط بعضهم في أعمال إرهابية.. وهذا الوضع جعل العديد من الدول تولي أهمية كبرى لإعادة هيكلة أجهزتها الاستخباراتية في أفق تقويتها بمدها بالإمكانيات المادية والبشرية اللازمتين. كما تعرف هذه المؤسسة باستقرارها، ذلك أن إحداثها يعود تاريخه إلى عام 1973 أي بعد تحويل جهاز "الكاب1" إلى إدارة للمستندات والوثائق المعروفة بـ"لادجيد "ومديرية لمراقبة التراب الوطني أي "الديستي" اللتين تولى مسؤوليتهما على التوالي أحمد الدليمي وإدريس البصري، فمنذ ذلك التاريخ تربع على مسؤولية " لادجيد" "ابن سيدي قاسم" إلى حدود بداية الثمانينات، حيث ظلت إدارتها شاغرة لفترة انتقالية بعد رحيل الجنرال القوي أحمد الدليمي الذي سيخلفه بعد ذلك عبد الحق القادري والذي عرفت هذه الإدارة في عهده هيكلة جديدة أصبح لها موقع متقدم داخل مؤسسات البلاد.
فهذا الاستقرار الذي ميز هذه المؤسسة الاستخباراتية، كتب له أن يعرف تطورا في عهد الملك محمد السادس، حيث سيتولى الجنرال الحرشي مسؤولية "لادجيد" خلفا لزمليه الجنرال عبد الحق القادري الذي أسندت إليه مهمة المفتشية العامة للقوات المسلحة الملكية قبل أن يحال على التقاعد لأسباب قيل إنها مرتبطة بوضعه الصحي ليخلفه على رأسها الجنرال عبد العزيز بناني قائد القوات المسلحة الملكية بالمنطقة الجنوبية.
وتعرف هذه المؤسسة أيضا بحساسيتها داخل النسق السياسي المغربي على اعتبار أن الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وأن الجيش تتميز مؤسساته بانغلاقها الشديد، حيث إن التنقيب عن أخباره من طرف وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية.. يدخل في دائرة المحرمات السياسية، إلا أنه في السنوات الأخيرة شهد المجال العسكري نوعا من الانفتاح النسبي تمثل في التصريحات الصحفية كتلك التي أدلى بها الضابط مصطفى أديب لصحيفة "لوموند" الفرنسية حول بعض الممارسات المتعلقة بانحرافات عرفتها عملية تسيير موارد هذه المؤسسة، فضلا عن الاهتمام الذي أضحت وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية الفرنسية والإسبانية على وجه الخصوص توليه لها، منها البيان المنشور بيوميتي "الباييس" الإسبانية و"لوموند" الفرنسية الذي نسب إلى جماعة تدعى"الضباط الأحرار"، ثم الرسالة المفتوحة الشهيرة (النصيحة) التي وجهها الصحافي خالد الجامعي إلى الملك محمد السادس بأسبوعية "لوجورنال هيبدو" من أجل التسريع بالدخول في مسلسل إصلاح الجيش وغير ذلك.
ـ الشــــخص:
تكمن أهمية الشخص أي ياسين المنصوري في كونه، أولا، شابا ورفيق الملك في الدراسة إلى جانب فؤاد عالي الهمة، حسن أوريد، رشدي الشرايبي وآخرين، وفي كونه، ثانيا، مدنيا يتولى لأول مرة مؤسسة عسكرية استخباراتية ، خلافا لثلاثة جنرالات تعاقبوا على هرم هذه الم
مما لا شك فيه أن مساره المهني عرف محطات متعددة، فقد عمل داخل ديوان إدريس البصري، وزير الدولة والداخلية الأسبق لسنوات، والأكيد أنه تعلم الشيء الكثير من تجربة وخبرة "ابن الشاوية" داخل ديوانه الذي كان بمثابة المعبر الأساسي لكل الملفات الشائكة والقضايا الهامة، والذي عرف مرور العديد من الوجوه به كأطريشة، بنهاشم، اظريف، بوعبيد..، فضلا عن كونه قام في بداية التسعينات بتداريب في الخارج وعلى وجه الخصوص بـ"الشرطة الفيدرالية الأمريكية"، ثم عهد إليه بمهمة تتبع التطورات التي شهدتها الأقاليم الجنوبية بعيد وفاة الملك الحسن الثاني، وبعدها عين على رأس وكالة المغرب العربي للأنباء مكان عبد المجيد فنجيرو، قبل أن يعود إلى وزارة الداخلية لكن هذه المرة كوال مدير عام لمديرية الشؤون العامة إثر انتقال محمد اظريف إلى ولاية الدار البيضاء خلفا لإدريس بنهيمة الذي أوكلت إليه مسؤولية وكالة تنمية الأقاليم الشمالية، وسيشكل إلى جانب فؤاد الهمة ومصطفى الساهل ثلاثيا قويا داخل الإدارة الترابية.
ودون شك فإن هذه الانتقالات منحت "لابن بلدة بجعد" خبرة أغنت مساره المهني، فقد عمل في مجالات كلها حساسة واشتغل على ملفات ليست بالسهلة كالداخلية والإعلام والصحراء، ثم على الهجرة السرية والتهريب.. فهذه المحطات راكمت لديه تجربة واسعة لاسيما إذا علمنا بأن المنصوري حاصل على الإجازة في الحقوق وعلى شهادتي دبلوم الدراسات العليا في القانون العام ويتوفر على كفاءات علمية تؤهله لتولي مسؤوليات كبرى من حجم الإدارة العامة للدراسات والمستندات.
أكثر من ذلك ساعدت المنصوري، رفيق الملك في الدراسة، طبيعة شخصيته وسلوك معاملاته، فملامح وجهه تفيد بأنه رجل دولة.. قليل الكلام، لا تغريه المجاملات خاصة إذا كانت قادمة من رجال الصحافة، يحب الاشتغال في الظل، لكن السنوات الأخيرة بدأت أضواء كاميرات القناة الأولى وشقيقتها الثانية تزعجه "وتستفزه" ليجيب عنها بتصريحات خاصة، ولم يسبق للإعلام أن وجه إليه سهام نقده خلافا لبعض زملائه..علما بأن صورته ما تزال تظهر خلف إدريس البصري، إذ كان ظله في بعض المحطات كسفره بجانبه إلى الجزائر قبيل وفاة الملك الحسن الثاني..
ومن هذا المنطلق يتضح أن الملك يقوي ركائزه داخل القطاع العسكري، وذلك من خلال إسناد مسؤولية هذه الإدارة إلى زميله في الدراسة، أيضا في ذات السياق يقوم بتشبيب أطر هذه المؤسسة، وهي إشارة واضحة اتجاه "الشيوخ العسكريين"، تفيد بأن تعديلات جوهرية قادمة ستمس هياكل وبنيات هذا المجال. فالملك قام بـ"تمدين" هرم "لادجيد" (المخابرات العسكرية) علما بأنها إدارة عسكرية في حين قام قبل ذلك بـ "عسكرة" مديرية مراقبة التراب الوطني (المخابرات المدنية) من خلال تعيين الجنرال حميدو لعنيكري قبل أن يرقيه إلى موقع المدير العام للأمن الوطني على اعتبار أن "الديستي" خاضعة بحكم القانون إلى المدير العام للأمن الوطني كما أظهرت ذلك وبوضوح الهيكلة الجديدة للإدارة المذكورة. ويجدر التذكير في هذا الباب بأن إدارة الأمن الوطني سبق أن أشرف عليها منذ سنوات الستينات من القرن الماضي عسكريون كأوفقير والدليمي والوزاني.
إن هذا التعيين قد يجعل المخابرات العسكرية والمخابرات المدنية تحت مراقبة كل من المنصوري من خلال التنسيق مع باقي الأجهزة المخابراتية (المكتب الثاني، الخامس...) وعالي الهمة المكلف بعملية التنسيق بين الأجهزة المخابراتية المدنية، وهي خطوة لتسهيل عملية التحكم في هذه القطاعات الأمنية الاستراتيجية داخليا وخارجيا وبالتالي استرجاع الملك لسلطاته وإعادة تنظيمها وفق منظوره لإدارة شؤون مؤسسات البلاد.
التعديل الأخير بواسطة المشرف: