قد يَتَّهِمُ المرءُ نفسَه بالرياء إن هو أخفَى ذنْبَه، فكتمانه للذنب يقيه الذم، إذ يظنه الناس على صلاح، وعندما لا يستوي عنده السر مع العلَن يظن نفسه مرائيًا، فالإنسان إذا طلب المكانة في قلب مَنْ يسترشد بهم بكتمان أحواله السيئة عنهم كان مرائيًا بالورع، إن كان ظاهره الورع وباطنه خلاف ذلك.
وإذا أفصح المرء عن ذنبه وعيب نفسه فربما سقط في الرياء من الناحية الأخرى، فالإنسان إن طلب المكانة بإظهار ذنبه حتى يظنه الناس متواضعًا كان مرائيًا أيضًا، ذلك أنه يُعجبه أن يظنه الناس متواضعًا وأن يُنفَى عنه العُجْبُ، فكأنه يمدح نفسه حين يذمُّها على الملأ.
فماذا نفعل؟ نكتم أم نفصح؟.
نكتم طلبًا للمعافاة:
المجاهَرَة تذهب بفرصة العفو والمعافاة، قال رَسُولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم-: "كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلاً ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ: يَا فُلانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ" (رواه البخاري).
نكتم عسى ألا نُعَاقَب:
المرء إنْ ستر الله تعالى ذنبه في الدنيا دخل في مشيئة العفو والعقاب، فعن عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ النبي- صلى الله عليه وسلم- قَالَ- وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ (عصابة: أي مجموعة) مِنْ أَصْحَابِهِ-: "بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا، وَلا تَسْرِقُوا، وَلا تَزْنُوا، وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ، وَلا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلا تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللهُ فَهُوَ إِلَى اللهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ" يقول عبادة: فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِك (رواه البخاري).
نكتم حصارًا للمعصية:
إنَّ تكرار الإفصاح عن السوء والذنوب والمعاصي يهبط بمستوى الحياء منها، وبذلك يفشو الفساد، ويتجرأ الناس على إظهار الذنوب، قال الله تعالى: ﴿لاَ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا عَلِيمًا﴾ (الآية 148 من سورة النساء).
وظهور المعاصي في الناس أمرٌ يكرهه الله تعالى.. قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ (النور:19)
نكتم حمايةً للقلب وتصغيرًا لشأن الناس:
قلب المرء قد ينشغل بلوم الناس له؛ بسبب ذنبه، فلا يفرغ للطاعات، وقد يؤدي الإفصاح عن الذنب إلى دفع الناس لذمِّه، فَيُوقِع غيره في المعصية، فضلاً عمَّا في ذلك مِن إعانة للشيطان على نفس المذنب.
ومعرفة الناس بذنب المرء قد تُقَلِّل مِن استحياء المرء من هذا الذنب فيصعُب العلاج، فإن لم يكن فقد تجعل لذم الناس له وزنًا أكبر مِن غضب الله تعالى عليه، وفي ذلك خطرٌ كبير.
فإذا لم يُفَوِّت كتمان الذنب حقوقًا أو حدودًا؛ فلا يُرَى مُوجِبٌ لاطلاع الغير عليه، أما إإذا كان الكتمان سيُفَوِّتُ حدًّا أو سيُضَيِّعُ حقًّا، فإن إقامة الحدِّ وأداء الحق أولى، ولهذا اعترف "ماعز" و"الغامدية" لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالزنا، وأقيم عليهما الحد الذي هو حق الله، وحق المجتمع المسلم، وحق نفسيهما في التطهر.
نستغفر الله:
من حق المعبود تعالى على العابدين أن يطلبوا عفوه وستره، وصفحَه وغفرانَه؛ لينالوا جنته ورضوانه، وقد أعدَّ الله تعالى للمستغفرين خيرًا وفيرًا، فقد حكى الكتاب العزيز ماذا أعدَّ الله لمن استغفر مستجيبًا لدعوة نوح- عليه السلام- في قوله تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا﴾ (نوح: من 12:10).
وكان من بلاغ النبي الخاتم محمد- صلى الله عليه وسلم- بعد النهي عن الشرك..﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ﴾ (هود:3)، والقرآن الحكيم يذكر أن من صفات مُنـزِلِه ومُوحِيه- وصفاته سبحانه لا تتعطل- أنه كثير الغفران، واسع العفو، لمن صدقت أوبتُه، وطابق فعلُه قولَه: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾ (طه:82).
وبعد..
فلنُكثِر من الاستغفار على كل الأحوال، بالغدو والآصال، بالعشي والإبكار، وصلوات ربنا على المصطفى المختار، الذي عَلَّمَنا فقال: "...قُل: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" (رواه البخاري).
وإذا أفصح المرء عن ذنبه وعيب نفسه فربما سقط في الرياء من الناحية الأخرى، فالإنسان إن طلب المكانة بإظهار ذنبه حتى يظنه الناس متواضعًا كان مرائيًا أيضًا، ذلك أنه يُعجبه أن يظنه الناس متواضعًا وأن يُنفَى عنه العُجْبُ، فكأنه يمدح نفسه حين يذمُّها على الملأ.
فماذا نفعل؟ نكتم أم نفصح؟.
نكتم طلبًا للمعافاة:
المجاهَرَة تذهب بفرصة العفو والمعافاة، قال رَسُولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم-: "كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلاً ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ: يَا فُلانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ" (رواه البخاري).
نكتم عسى ألا نُعَاقَب:
المرء إنْ ستر الله تعالى ذنبه في الدنيا دخل في مشيئة العفو والعقاب، فعن عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ النبي- صلى الله عليه وسلم- قَالَ- وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ (عصابة: أي مجموعة) مِنْ أَصْحَابِهِ-: "بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا، وَلا تَسْرِقُوا، وَلا تَزْنُوا، وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ، وَلا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلا تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللهُ فَهُوَ إِلَى اللهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ" يقول عبادة: فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِك (رواه البخاري).
نكتم حصارًا للمعصية:
إنَّ تكرار الإفصاح عن السوء والذنوب والمعاصي يهبط بمستوى الحياء منها، وبذلك يفشو الفساد، ويتجرأ الناس على إظهار الذنوب، قال الله تعالى: ﴿لاَ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا عَلِيمًا﴾ (الآية 148 من سورة النساء).
وظهور المعاصي في الناس أمرٌ يكرهه الله تعالى.. قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ (النور:19)
نكتم حمايةً للقلب وتصغيرًا لشأن الناس:
قلب المرء قد ينشغل بلوم الناس له؛ بسبب ذنبه، فلا يفرغ للطاعات، وقد يؤدي الإفصاح عن الذنب إلى دفع الناس لذمِّه، فَيُوقِع غيره في المعصية، فضلاً عمَّا في ذلك مِن إعانة للشيطان على نفس المذنب.
ومعرفة الناس بذنب المرء قد تُقَلِّل مِن استحياء المرء من هذا الذنب فيصعُب العلاج، فإن لم يكن فقد تجعل لذم الناس له وزنًا أكبر مِن غضب الله تعالى عليه، وفي ذلك خطرٌ كبير.
فإذا لم يُفَوِّت كتمان الذنب حقوقًا أو حدودًا؛ فلا يُرَى مُوجِبٌ لاطلاع الغير عليه، أما إإذا كان الكتمان سيُفَوِّتُ حدًّا أو سيُضَيِّعُ حقًّا، فإن إقامة الحدِّ وأداء الحق أولى، ولهذا اعترف "ماعز" و"الغامدية" لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالزنا، وأقيم عليهما الحد الذي هو حق الله، وحق المجتمع المسلم، وحق نفسيهما في التطهر.
نستغفر الله:
من حق المعبود تعالى على العابدين أن يطلبوا عفوه وستره، وصفحَه وغفرانَه؛ لينالوا جنته ورضوانه، وقد أعدَّ الله تعالى للمستغفرين خيرًا وفيرًا، فقد حكى الكتاب العزيز ماذا أعدَّ الله لمن استغفر مستجيبًا لدعوة نوح- عليه السلام- في قوله تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا﴾ (نوح: من 12:10).
وكان من بلاغ النبي الخاتم محمد- صلى الله عليه وسلم- بعد النهي عن الشرك..﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ﴾ (هود:3)، والقرآن الحكيم يذكر أن من صفات مُنـزِلِه ومُوحِيه- وصفاته سبحانه لا تتعطل- أنه كثير الغفران، واسع العفو، لمن صدقت أوبتُه، وطابق فعلُه قولَه: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾ (طه:82).
وبعد..
فلنُكثِر من الاستغفار على كل الأحوال، بالغدو والآصال، بالعشي والإبكار، وصلوات ربنا على المصطفى المختار، الذي عَلَّمَنا فقال: "...قُل: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" (رواه البخاري).