الإعدام للعميل علي منتش بعد مساندته العدوّ في حرب تموز بمعلومات أودت بحياة مواطنين
صحيفة السفير
توحي المعلومات التي قدّمها العميل علي حسين منتش للعدوّ الإسرائيلي خلال حربه الدموية على لبنان في شهر تموز 2006، أنّه كان أكثر دموية من الغارات الإسرائيلية على المواقع التي وشى بها وأبلغ عنها عن سابق تصوّر وتصميم، وسقط فيها عدد من الشهداء من أبناء وطنه، ما يعني أنّه لا يستحقّ أيّ عقوبة، غير الإعدام، وذلك كردّ اعتبار للدماء البريئة المسفوكة بفضل خيانته و«نخوته» في مساندة عدوّه على أهله وناسه ومقاومته ووطنه.
وهذا ما خلص إليه قاضي التحقيق العسكري سميح الحاج في قراره الاتهامي، فطلب له الإعدام ليس سنداً للمادة 275 من قانون العقوبات التي تنص على هذه العقوبة وحسب، بل أرفقها بالمادة 549 عقوبات التي تحسم الإعدام، والمادتين 5 و6 من قانون الإرهاب المختصر بقانون 11 كانون الثاني 1958، وهما تؤكّدان هذه العقوبة المفصلية.
والغريب أنّ منتش انخرط سريعاً في العمل التجسّسي، منذ تلقيه ذلك الاتصال الهاتفي المشؤوم من ضابط « الموساد» المعرّف عن نفسه باسمه الوهمي «أبو غزال»، مع أنّ شقيقه إبراهيم استشهد مع المقاومة خلال تنفيذها عملية عسكرية ضدّ العدوّ في مدينة صيدا قبل اثنين وعشرين عاماً وتحديداً في العام 1983 حيث كان منتش في عزّ فتوته وشبابه.
ولم يترك شاردة ولا واردة قبل حرب تموز وخلالها، إلاّ وعمل على إيصالها بلمح البصر، إدراكاً منه أنّ نصيبه من الدولارات الموضّبة في «البريد الميت» في بلدة الزعرورية، سيتضاعف على قدر«مشقّته» وصحّة معلوماته التي لم تخطئ مرة واحدة لأنّها مستقاة من أرض الواقع واستثمرها العدوّ على أكمل وجه في حرب تموز. وهكذا كان فتسبّب منتش بجملة غارات أوقعت عدداً من الشهداء، بينهم مصطفى منصور وعلي فقيه.
ومن يتمعنّ في فحوى القرار الاتهامي، يدرك مدى المهانة التي يوجّهها العدوّ لجواسيسه خلال رحلة التواصل بينهم، بدءاً من الانتظار الطويل المملّ في فندق ما، والتلاعب بأعصاب الجاسوس وامتحان قدرته على الصبر والتأنّي في العمل، إلى تفتيشه تفتيشاً دقيقاً في أوّل لقاء تعارف، ورميه في المستعمرات المشيّدة في فلسطين المحتلة مع ما يحتاج اليه من مأكولات وحبسه وحيداً في غرفته، إيذاناً ببدء ورشة التجنيد والتدريب الفعليين.
وهذا ما تمّ مع منتش في البدء، في المجر التي استهل زيارتها لها بعد تسهيلات قدّمها له أحد موظّفي سفارتها في لبنان بمجرّد اطلاعه على جواز سفره على حدّ ما ورد في القرار الاتهامي ما يرسم علامات استفهام ويثير الريبة، ومن ثمّ في مستوطنة كريات شمونة.
وفيما شريحة كبيرة من المواطنين تتوجّه إلى المساجد يوم الجمعة لتأدية الصلاة، كان علي منتش يستغلّ هذا المشهد الإيماني، ويخرج من منزله قاصداً المنطقة أو المبنى الذي طُلب منه إعداد ملفّ عنه وإجراء مسح شامل له، بدءاً من ألوانه وعدد طوابقه والمتاجر المتوافرة فيه، وانتهاء بأسماء ساكنيه حتّى ولو كانوا يمتون إليه بصلة قربى. كان يفضّل التواصل معّ العدوّ على التواصــل مع خالقــه وهو الــذي حــجّ إلى بيـته الحرام مراراً.
أمّا أدوات منتش التواصلية، فهي هاتف خلوي أمني لم يكن يفتحه إلاّ يوم الاثنين من كلّ أسبوع بناء لأوامر «أبو غزال»، ومخزّن معلومات «فلاش ميموري»، وجهاز إرسال، وحاسوب محمول درّبه الإسرائيليون على كيفية حفظ ملفّاته فيه.
ومثلما كانت المقاومة هدفه، لم يوفّر منتش الجيش اللبناني من مراقبة مواقعه في غير بلدة جنوبية، ولكنْ بقي مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا «المطلوب الرقم واحدا» في قائمة الأهداف الإسرائيلية التي عمل منتش على تطويرها وتحديثها بمعلوماته، علماً بأن صفا هو ابن البلدة التي احتضنته زبدين.
ماذا جاء في تفاصيل أفعال علي حسين منتش (والدته نزهة، مواليد العام 1957 رقم سجل نفوسه 27 الكفور النبطية)؟
تبين من التحقيق ان المدعى عليه علي حسين منتش قد انتسب في مطلع شبابه خلال عام /1978/ الى حزب البعث العربي الاشتراكي ـ العراق في بلدته زبدين ثم التحق بعدها في صفوف حركة أمل التي كان سابقاً شقيقه المقاوم ابراهيم منتش من عدادها واستشهد خلال عام /1983/ اثناء قيامه بعملية عسكرية ضد جيش العدو الاسرائيلي في مدينة صيدا، وبعد طرد المدعى عليه من حركة أمل لأسباب مسلكية افتتح على مفرق بلدته زبدين «فرن وملحمة الضيعة».
وتبين كذلك انه خلال أوائل عام /2005/ تلقى المدعى عليه علي حسين منتش اتصالاً هاتفياً من خارج لبنان على هاتفه الخلوي ذي الرقم 374263/03 أعلن فيه المتصل بداية عن صفته بأنه صديق من منطقة الشمال في جنوب لبنان ويرغب بالتعاون معه، وانه سيعاود الاتصال به ثانية يوم الاثنين القادم الساعة الحادية عشرة نهاراً، وبالفعل وفي الوقت والتاريخ المحددين اتصل ذلك الشخص مجدداً بالمدعى عليه منتش المذكور وأعلن له عن صفته الحقيقية بأنه إسرائيلي، يدعى أبو غزال، ضابط في الجيش الإسرائيلي، عارضاً عليه العمل لصالحهم مقابل المال، وتحسين وضعه المادي وألح عليه بالموافقة على عرضه هذا طالباً منه شراء خط وهاتف خلوي جديدين على ان يزوده برقمه بعد إضافة عدد واحد الى كل رقم من أرقامه، عند الاتصال به يوم الاثنين القادم، بنفس الوقت، وما ان انتهت المكالمة حتى توجه المدعى عليه الى محلات «كلاس» في شارع مار الياس في بيروت وقام بشراء خط هاتف نوع «MTC» وهاتف خلوي نوع «نوكيا»، وفي الموعد المحدد تلقى اتصالاً من الضابط الإسرائيلي أبو غزال فأعلمه المدعى عليه برقمه الجديد وفق الطريقة المنوه عنها أعلاه، فأقفل الضابط المذكور الخط معه وعاود الاتصال به على رقمه الجديد وطلب منه ان لا يفتحه الا يوم الاثنين من كل أسبوع الساعة الحادية عشرة.
وتوالت بعدها الاتصالات بينهما لفترة وجيزة الى ان طلب منه الضابط أبو غزال الاستحصال على تأشيرة سفر الى دولة المجر، فتوجه المدعى عليه علي منتش في اليوم التالي الى السفارة المجرية في بيروت محلة عين سعادة وتقدم بطلب للحصول على تأشيرة سفر الى دولة المجر قامت بتعبئته الموظفة فيها بناء لتعليمات أحد الأشخاص الموظفين فيها الذي اهتم به بعد ان اطلع على جواز سفره وأعاده اليه ممهوراً بتأشيرة سياحية لمدة خمسة عشر يوماً الى المجر التي توجّه اليها عبر مطار بيروت الدولي بعد ان ورده اتصال هاتفي من الضابط الإسرائيلي أبو غزال زوده فيه برقم هاتف دولي في المانيا على ان يتصل به فور وصوله الى فندق «IBIS AIRO» في المجر وبالفعل وبوصوله الى الفندق المذكور أجرى اتصالاً بالرقم الذي زُوّد به فرد عليه الضابط الإسرائيلي أبو غزال وطلب منه البقاء فيه لحين حضوره اليه، وبعد مرور خمسة أيام من وجوده في الفندق الذي لم يغادره الا الى المطعم تلقى المدعى عليه اتصالاً هاتفياً من «أبو غزال» أعلمه فيه بأن اشخاصاً سيحضرون لاصطحابه وعليه انتظارهم قرب الصراف الآلي مقابل الفندق بعد أن استفسر منه عما سيرتديه من ملابس ولونها.
وبالفعل وخلال وجوده قرب الصراف الآلي توقفت بالقرب منه سيارة من نوع «غولف» بداخلها شاب وفتاة فصعد معهما بعد ان تعرفا اليه وانطلقا به الى المطار الذي دخلوه من دون ان يعترضهم أحد، وأجريا تفتيشه داخل احدى الغرف التي تحتوي علماً إسرائيلياً، تفتيشاً دقيقاً من جسده وحقائبه، نقل بعدها الى الطائرة المتوجهة الى «بلاد العدو» التي أقلعت وحطت بعد أربع ساعات من الطيران تقريباً في مطار بن غوريون في تل أبيب حيث كان باستقباله الضابط الإسرائيلي أبو غزال الذي عرّفه على نفسه وتمنى له ان يمضي أياماً جميلة في إسرائيل نقله بعدها الى مستعمرة كريات شمونة ووضعه داخل غرفة في أحد الفنادق وأقفل بابها بعد ان أمن له ما يحتاجه.
تحديد معالم النبطية
وفي صباح اليوم التالي حضر إليه الضابط أبو غزال وبرفقته خبراء إسرائيليون، شابان وفتاة يرتدون بزات عسكرية إسرائيلية وبحوزتهم حقائب أخرجوا منها جهازاً ضوئياً وجهوه نحو حائط الغرفة وبدأوا بتركيب أجهزتهم التي بحوزتهم، فظهرت بعد قليل على الحائط صور لمدينة النبطية وبدأوا بتكبير المعالم التي تهمهم وراح الضابط أبو غزال يستوضحه عن كل معلم يظهر في الصورة ومنها المهنية على مدخل النبطية، وبناية العجمي، وبناية بئر القنديل، وبناية الصباح، والمدافن والكنائس والجوامع والحسينيات، وقاعة الارشاد التابعة لحزب الله وتمثال حسن كامل الصباح في مدينة النبطية وأماكن إقامته وإقامة أهله وأهل زوجته ومنزلي شقيقي الحاج وفيق صفا وهما عدنان ومحمود صفا في بلدة زبدين اضافة الى تحديد منزل أحد كوادر حزب الله في البلدة المذكورة المدعو حسين زيون ومكتب النائب محمد رعد في النبطية والملاحم والأفران فيها.
وفي اليوم التالي جرى تدريبه على يد نفس الخبراء على كيفية استعمال جهاز الكمبيوتر «LapTop» وفتح الملفات وحفظها وطريقة عمله بعد ادخال «الفلاش الميموري» اليه والتي تحتوي على صور وخرائط جوية لمناطق لبنانية، بعد استخراج الاهداف المطلوب منه مراقبتها وجمع المعلومات عنها بواسطة (XY).
مراقبة صفا
بعدها كلفه الضابط أبو غزال بمراقبة تحركات الحاج وفيق صفا الذي لمع اسمه في عمليات تبادل الأسرى وذلك عند تردده الى بلدته زبدين والمنازل التي يقوم بزيارتها ولحظة خروجه من البلدة، وطلب إليه شراء حاسوب الكتروني فور عودته الى لبنان واتفقا على التواصل مع بعضهما البعض كل يوم اثنين من الأسبوع عبر الهاتف الخلوي الأمني، نقده بعدها مبلغ ستة آلاف دولار أميركي اضافة الى باقي المصاريف التي تكبدها ثم سلمه «فلاش ميموري» عدد اثنين تحتوي على خريطة لبنان كل منها ومقسمة الى عدة مربعات، ولكل مربع، الذي هو عبارة عن منطقة، رقم، وتحتوي هذه الخريطة على (XY) بحيث عند الطلب منه الدخول الى رقم أي منطقة يزوده الضابط الإسرائيلي أبو غزال عبر الهاتف برقم الـ X وبرقم الـ Y وعند تحديده للمكان في المنطقة يتوصل لمعرفة المبنى او الموقع او الهدف المقصود مراقبتها فيتوجه اليه ويقوم بإجراء مسح شامل له عن عدد طوابقه، ولونها، والمحلات او المؤسسات الموجودة فيه وعدد السكان وغيره، ويزود العدو بها، أي الضابط أبو غزال بواسطة الهاتف الخلوي في الموعد المحدد للتواصل بينهما، ثم عمد الى نقله الى المطار في تل ابيب حيث اقفل المدعى عليه عائداً الى دولة المجر ومنها الى لبنان.
وتبين أيضاً انه بعودة المدعى عليه علي حسين منتش الى بلدته زبدين، وتنفيذاّ لطلب الضابط الإسرائيلي أبو غزال أقدم على شراء جهاز حاسوب الكتروني (كمبيوتر محمول) من محلات راشد قبيسي في مدينة النبطية وراح يتواصل عبر الهاتف الخلوي الأمني مع الضابط الإسرائيلي أبو غزال بمعدل مرة في الأسبوع في اليوم والوقت المتفق عليه بينهما حيث يحدد خلال ذلك الضابط المذكور الاهداف المطلوب من المدعى عليه جمع المعلومات عنها بشكل دقيق بعد تزويده برقم الـ (X) وبرقم الـ (Y) فيعمد الأخير الى ادخال «الفلاش ميموري» الى الحاسوب ومعرفة الموقع او الهدف المحدد له فينتقل اليه بسيارته يوم الجمعة وقت تأدية الصلاة ويجري مسحاً كاملاً وشاملاً له مبيناً موقعه والبناء الذي يقع فيه وعدد طوابق البناء والمحلات التجارية الموجودة في الطابق الأرضي منه ونوع عملها وأسماء اصحابها ويزود بعدها العدو الإسرائيلي بهذه المعلومات الذي يزوده بالمقابل بمبالغ مالية عبر البريد الميت حيث طلب منه اواخر عام /2005/ الضابط الإسرائيلي ابو غزال الانتقال بسيارته المرسيدس الى منطقة الزعرورية وإبقاء خطه الخليوي مفتوحا للتواصل معه، وخلال توجهه الى تلك المنطقة راح يتواصل مع الضابط ابو غزال الذي كان يرشده الى الطرق الواجب سلوكها حتى وصل الى قرب حائط من الخفان فطلب منه ابو غزال التوقف قرب صخرتين كبيرتين في آخر الحائط والحفر بجانب الصخرة الداخلية وتحديداً تحت العلامة الحمراء الموجودة عليها فنفذ ذلك وعثر في الأرض على علبة بلاستيك فأخذها وتوجه الى منزله ففتحها ووجد بداخلها مبلغ ستة آلاف دولار اميركي.
أهداف بالجملة
واستمر بتواصله مع العدو الإسرائيلي وتزويده بكافة المعلومات حتى اندلاع حرب تموز من عام /2006/ وتبين ان من هذه الاهداف التي قام بجمع المعلومات عنها وإرسالها للضابط الإسرائيلي ابو غزال عبر هاتفه الخلوي الأمني وعلى سبيل المثال لا الحصر:
ـ مهنية النبطية التي تقع عند مدخل النبطية ـ بناية بئر قنديل بناية العجمي ـ قاعة الارشاد العائدة لحزب الله والمخصصة للاجتماعات والكائنة في حي السرايا، مكتب النائب محمد رعد، حدد للعدو موقعه في احد الأبنية المؤلفة من ثلاثة طوابق وعائدة لحزب الله، دوار كفررمان ـ جادة الرئيس نبيه بري ـ مبنى البلدية الجديد في النبطية الكائن في شارع محمود فقيه ـ المكتب الاعلامي لحزب الله الكائن في حي البياض ـ طريق الكفور ـ مركز جمعية الامداد الخيرية الإسلامية التابع لحزب الله والكائن في النبطية شارع مدرسة المصطفى مركز الهيئة الصحية الاسلامية التابع لحزب الله الذي يرأسه المدعو حسين زيون ومنزل هذا الاخير ـ مركز القرض الحسن في النبطية، بعض المنازل لكوادر من حزب الله ومنزلي شقيقي الحاج وفيق صفا وهما محمود وعدنان صفا في زبدين وأحدهما مجاور لمنزل ذويه وبعض الابنية في محيط عمله، مواقع الجيش اللبناني في بلدات كفردجال وحاروف وشوكين، وحواجز هذه المواقع عما اذا كانت ثابتة ام متحركة وعدد العناصر التي تتولى الحراسة فيها. اضافة الى المقابر والجوامع والكنائس والمدارس في مدينة النبطية والقرى المجاورة لها.
وقد استثمر العدو الإسرائيلي بعض هذه المعلومات في حربه وعدوانه على لبنان خلال شهر تموز من عام /2006/ مما ادى الى قصفها وتدميرها وسقوط شهداء من جراء ذلك من حزبيين ومدنيين عرف منهما الشهيدان مصطفى منصور وعلي فقيه إضافة الى سقوط عدد من الجرحى، مع الاشارة الى ان المدعى عليه بقي طيلة حرب تموز في منطقة النبطية ـ زبدين.
عميل لم يرعو
وتبيّن انه بعد انتهاء حرب تموز، ورغم المجازر التي ارتكبها العدو الإسرائيلي في منطقة الجنوب خاصة ولبنان عامة ورغم فظاعة الدمار الذي احدثه في القرى والمدن والطرقات والجسور وغيرها، كل هذا المنظر لم يحرّك مشاعر المدعى عليه علي حسين منتش او يوقظ ضميره ويعمد الى قطع اتصاله وتواصله مع العدو الإسرائيلي، بل على العكس من ذلك فقد بقي ضميره غارقاً في سبات وحل العمالة ولاهثاً وراء المال، حيث عاد للتواصل بتاريخ 13/8/2006 وعبر هاتفه الخلوي الأمني مع الضابط الإسرائيلي ابو غزال طالبا منه المال لصيانة محله بسبب الاضرار التي لحقت به من جراء القصف والدمار الذي طال بعض المباني المقابلة له وأدى الى استشهاد عنصرين من الهيئة الصحية الإسلامية التابعة لحزب الله فوعده الضابط المذكور بتزويده بالمال وبجهاز ارسال مخصص لتلقي الرسائل وبثها ويكون وسيلة الاتصال بينهما بدلاً من الهاتف الخلوي الأمني اللبناني كونه اكثر أمناً من هذا الاخير وكلفه الضابط ابو غزال بإجراء مسح شامل لكافة الاهداف والمواقع والمباني التي لم يطلها القصف خلال الحرب المذكورة فنفذ المدعى عليه منتش ذلك وزوده بالمعلومات المطلوبة عنها.
وتبيّن انه خلال اوائل عام /2007/ تلقى المدعى عليه علي حسين منتش اتصالا هاتفيا من الضابط ابو غزال الذي طلب منه الانتقال الى بلدة الزعرورية والإبقاء على هاتفه الخلوي مفتوحا للتواصل معه، وبالفعل توجه المدعى عليه الى تلك البلدة المذكورة وبوصوله اليها طلب منه الضابط المذكور متابعة سيره بسيارته باتجاه محطة لتحويل الكهرباء حيث اعلمه بأنه اصبح بجانبها، وبناءً لإرشادات الضابط ابو غزال ترجل المدعى عليه من سيارته وتوجه نحو قناة مائية بجانب المحطة المذكورة خالية من الماء توجد فيها حقيبة من البلاستيك لون اسود اخذها وغادر باتجاه منزله في بلدة زيدين حيث الوقت كان قد اصبح ليلاً، وبوصوله اليه قام بفتح الحقيبة ووجد بداخلها مبلغاً من المال قدره ستة آلاف دولار اميركي وجهاز الارسال الذي كان قد وعده الضابط ابو غزال بإرساله اليه إضافة الى«فلاش ميموري» وأوراق وكتاب صغير يتضمن شرحاً مفصلا عن كيفية استعماله واستخدامه.
وأثناء ذلك اتصل به الضابط ابو غزال وأعلمه بأن الجهاز المذكور هو متوفر في السوق ولا يثير الشبهات وانه مخصص لتلقي الرسائل وبثها، وهو وسيلة اتصال افضل من الهاتف الخلوي، وأعلمه بأنه سيعاود الاتصال به بعد يومين مساء عبر الهاتف الخلوي. بعدها عمد المدعى عليه الى تخبئة الجهاز «والفلاش ميموري» داخل الخزانة الخاصة به في منزله ولاحقاً إلى تجهيزه للعمل بعد مراجعة الاوراق والكتاب الخاص بالعمل عليه ووصله بالكهرباء كونه لا يعمل الا عبر ذلك، وراح يفتحه كل أربعة ايام لمعرفة ما ورده من برقيات من العدو الاسرائيلي ويزوده بواسطته بالمعلومات المطلوبة منه ومنها ما يتعلق بمسؤولين وكوادر في حزب الله ومنهم المدعوون:
حسان المقدم مسؤول حزب الله في بلدة زبدين وحسين عبد الكريم قبيسي مسؤول السرايا اللبنانية في المقاومة الاسلامية، ويوسف مزهر مسؤول في حزب الله وتحديد موقع منزل كل منهم اضافة إلى معلومات عن الحاج وفيق صفا أحد المسؤولين الأمنيين في حزب الله وخاصة خلال تردده عام /2007/ الى بلدته زبدين لحضور مأتم شقيقه المدعو علي صفا حيث أعلم المدعى عليه منتش العدو الاسرائيلي عن تاريخ حضوره إلى البلدة والمنازل التي يتردد اليها ولحظة خروجه من البلدة باتجاه مدينة بيروت ازاء هذه المعلومات اتصل الضابط ابو غزال بالمدعى عليه علي حسين منتش وأبلغه بأنه سيرسل اليه مبلغاً من المال موضب ضمن طرد إلى شركة MPS وزوده برقم الطرد ومصدره باسم شقيقه الى المانيا تلافياً للشبهات، فاستحصل المدعى عليه على رقم الشركة المذكورة من شركة «أوجيرو» ومن ثم على عنوانها في محلة الاشرفية ـ نزلة اوتيل ديو حيث توجه لاحقاً إلى مكان الشركة واستلم الطرد الذي كان بداخله مبلغ ثمانية آلاف دولار اميركي.
وبقي المدعى عليه منتش المذكور على تواصله مع العدو الاسرائيلي عبر الضابط ابو غزال ويزوده بكافة ما يطلبه من معلومات، متخذاً من تقربه من إمام بلدة مدينة النبطبة ومشاركته في مناسك الحج والعمرة كل سنة غطاءً لإبعاد الشبهات عن نشاطه لصالح العدو إلى ان افتضح امره ووقع في قبضة الاجهزة الامنية بتاريخ 25/4/2009. وبمداهمة منزله عثر بداخله على جهاز الارسال وجهاز الحاسوب الالكتروني وفلاش ميموري عدد اثنين واوراق عن كيفية تشغيل واستعمال الجهاز المذكور اعلاه وعلاقة مفاتيح بداخلها خط هاتف خلوي دولي جميعها قد استلمها من العدو باستثناء الحاسوب الالكتروني إضافة إلى رمانات يدوية وقذيفتي إينيرغا وذخائر، وتمت مصادرتها جميعاً.
صحيفة السفير
توحي المعلومات التي قدّمها العميل علي حسين منتش للعدوّ الإسرائيلي خلال حربه الدموية على لبنان في شهر تموز 2006، أنّه كان أكثر دموية من الغارات الإسرائيلية على المواقع التي وشى بها وأبلغ عنها عن سابق تصوّر وتصميم، وسقط فيها عدد من الشهداء من أبناء وطنه، ما يعني أنّه لا يستحقّ أيّ عقوبة، غير الإعدام، وذلك كردّ اعتبار للدماء البريئة المسفوكة بفضل خيانته و«نخوته» في مساندة عدوّه على أهله وناسه ومقاومته ووطنه.
وهذا ما خلص إليه قاضي التحقيق العسكري سميح الحاج في قراره الاتهامي، فطلب له الإعدام ليس سنداً للمادة 275 من قانون العقوبات التي تنص على هذه العقوبة وحسب، بل أرفقها بالمادة 549 عقوبات التي تحسم الإعدام، والمادتين 5 و6 من قانون الإرهاب المختصر بقانون 11 كانون الثاني 1958، وهما تؤكّدان هذه العقوبة المفصلية.
والغريب أنّ منتش انخرط سريعاً في العمل التجسّسي، منذ تلقيه ذلك الاتصال الهاتفي المشؤوم من ضابط « الموساد» المعرّف عن نفسه باسمه الوهمي «أبو غزال»، مع أنّ شقيقه إبراهيم استشهد مع المقاومة خلال تنفيذها عملية عسكرية ضدّ العدوّ في مدينة صيدا قبل اثنين وعشرين عاماً وتحديداً في العام 1983 حيث كان منتش في عزّ فتوته وشبابه.
ولم يترك شاردة ولا واردة قبل حرب تموز وخلالها، إلاّ وعمل على إيصالها بلمح البصر، إدراكاً منه أنّ نصيبه من الدولارات الموضّبة في «البريد الميت» في بلدة الزعرورية، سيتضاعف على قدر«مشقّته» وصحّة معلوماته التي لم تخطئ مرة واحدة لأنّها مستقاة من أرض الواقع واستثمرها العدوّ على أكمل وجه في حرب تموز. وهكذا كان فتسبّب منتش بجملة غارات أوقعت عدداً من الشهداء، بينهم مصطفى منصور وعلي فقيه.
ومن يتمعنّ في فحوى القرار الاتهامي، يدرك مدى المهانة التي يوجّهها العدوّ لجواسيسه خلال رحلة التواصل بينهم، بدءاً من الانتظار الطويل المملّ في فندق ما، والتلاعب بأعصاب الجاسوس وامتحان قدرته على الصبر والتأنّي في العمل، إلى تفتيشه تفتيشاً دقيقاً في أوّل لقاء تعارف، ورميه في المستعمرات المشيّدة في فلسطين المحتلة مع ما يحتاج اليه من مأكولات وحبسه وحيداً في غرفته، إيذاناً ببدء ورشة التجنيد والتدريب الفعليين.
وهذا ما تمّ مع منتش في البدء، في المجر التي استهل زيارتها لها بعد تسهيلات قدّمها له أحد موظّفي سفارتها في لبنان بمجرّد اطلاعه على جواز سفره على حدّ ما ورد في القرار الاتهامي ما يرسم علامات استفهام ويثير الريبة، ومن ثمّ في مستوطنة كريات شمونة.
وفيما شريحة كبيرة من المواطنين تتوجّه إلى المساجد يوم الجمعة لتأدية الصلاة، كان علي منتش يستغلّ هذا المشهد الإيماني، ويخرج من منزله قاصداً المنطقة أو المبنى الذي طُلب منه إعداد ملفّ عنه وإجراء مسح شامل له، بدءاً من ألوانه وعدد طوابقه والمتاجر المتوافرة فيه، وانتهاء بأسماء ساكنيه حتّى ولو كانوا يمتون إليه بصلة قربى. كان يفضّل التواصل معّ العدوّ على التواصــل مع خالقــه وهو الــذي حــجّ إلى بيـته الحرام مراراً.
أمّا أدوات منتش التواصلية، فهي هاتف خلوي أمني لم يكن يفتحه إلاّ يوم الاثنين من كلّ أسبوع بناء لأوامر «أبو غزال»، ومخزّن معلومات «فلاش ميموري»، وجهاز إرسال، وحاسوب محمول درّبه الإسرائيليون على كيفية حفظ ملفّاته فيه.
ومثلما كانت المقاومة هدفه، لم يوفّر منتش الجيش اللبناني من مراقبة مواقعه في غير بلدة جنوبية، ولكنْ بقي مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا «المطلوب الرقم واحدا» في قائمة الأهداف الإسرائيلية التي عمل منتش على تطويرها وتحديثها بمعلوماته، علماً بأن صفا هو ابن البلدة التي احتضنته زبدين.
ماذا جاء في تفاصيل أفعال علي حسين منتش (والدته نزهة، مواليد العام 1957 رقم سجل نفوسه 27 الكفور النبطية)؟
تبين من التحقيق ان المدعى عليه علي حسين منتش قد انتسب في مطلع شبابه خلال عام /1978/ الى حزب البعث العربي الاشتراكي ـ العراق في بلدته زبدين ثم التحق بعدها في صفوف حركة أمل التي كان سابقاً شقيقه المقاوم ابراهيم منتش من عدادها واستشهد خلال عام /1983/ اثناء قيامه بعملية عسكرية ضد جيش العدو الاسرائيلي في مدينة صيدا، وبعد طرد المدعى عليه من حركة أمل لأسباب مسلكية افتتح على مفرق بلدته زبدين «فرن وملحمة الضيعة».
وتبين كذلك انه خلال أوائل عام /2005/ تلقى المدعى عليه علي حسين منتش اتصالاً هاتفياً من خارج لبنان على هاتفه الخلوي ذي الرقم 374263/03 أعلن فيه المتصل بداية عن صفته بأنه صديق من منطقة الشمال في جنوب لبنان ويرغب بالتعاون معه، وانه سيعاود الاتصال به ثانية يوم الاثنين القادم الساعة الحادية عشرة نهاراً، وبالفعل وفي الوقت والتاريخ المحددين اتصل ذلك الشخص مجدداً بالمدعى عليه منتش المذكور وأعلن له عن صفته الحقيقية بأنه إسرائيلي، يدعى أبو غزال، ضابط في الجيش الإسرائيلي، عارضاً عليه العمل لصالحهم مقابل المال، وتحسين وضعه المادي وألح عليه بالموافقة على عرضه هذا طالباً منه شراء خط وهاتف خلوي جديدين على ان يزوده برقمه بعد إضافة عدد واحد الى كل رقم من أرقامه، عند الاتصال به يوم الاثنين القادم، بنفس الوقت، وما ان انتهت المكالمة حتى توجه المدعى عليه الى محلات «كلاس» في شارع مار الياس في بيروت وقام بشراء خط هاتف نوع «MTC» وهاتف خلوي نوع «نوكيا»، وفي الموعد المحدد تلقى اتصالاً من الضابط الإسرائيلي أبو غزال فأعلمه المدعى عليه برقمه الجديد وفق الطريقة المنوه عنها أعلاه، فأقفل الضابط المذكور الخط معه وعاود الاتصال به على رقمه الجديد وطلب منه ان لا يفتحه الا يوم الاثنين من كل أسبوع الساعة الحادية عشرة.
وتوالت بعدها الاتصالات بينهما لفترة وجيزة الى ان طلب منه الضابط أبو غزال الاستحصال على تأشيرة سفر الى دولة المجر، فتوجه المدعى عليه علي منتش في اليوم التالي الى السفارة المجرية في بيروت محلة عين سعادة وتقدم بطلب للحصول على تأشيرة سفر الى دولة المجر قامت بتعبئته الموظفة فيها بناء لتعليمات أحد الأشخاص الموظفين فيها الذي اهتم به بعد ان اطلع على جواز سفره وأعاده اليه ممهوراً بتأشيرة سياحية لمدة خمسة عشر يوماً الى المجر التي توجّه اليها عبر مطار بيروت الدولي بعد ان ورده اتصال هاتفي من الضابط الإسرائيلي أبو غزال زوده فيه برقم هاتف دولي في المانيا على ان يتصل به فور وصوله الى فندق «IBIS AIRO» في المجر وبالفعل وبوصوله الى الفندق المذكور أجرى اتصالاً بالرقم الذي زُوّد به فرد عليه الضابط الإسرائيلي أبو غزال وطلب منه البقاء فيه لحين حضوره اليه، وبعد مرور خمسة أيام من وجوده في الفندق الذي لم يغادره الا الى المطعم تلقى المدعى عليه اتصالاً هاتفياً من «أبو غزال» أعلمه فيه بأن اشخاصاً سيحضرون لاصطحابه وعليه انتظارهم قرب الصراف الآلي مقابل الفندق بعد أن استفسر منه عما سيرتديه من ملابس ولونها.
وبالفعل وخلال وجوده قرب الصراف الآلي توقفت بالقرب منه سيارة من نوع «غولف» بداخلها شاب وفتاة فصعد معهما بعد ان تعرفا اليه وانطلقا به الى المطار الذي دخلوه من دون ان يعترضهم أحد، وأجريا تفتيشه داخل احدى الغرف التي تحتوي علماً إسرائيلياً، تفتيشاً دقيقاً من جسده وحقائبه، نقل بعدها الى الطائرة المتوجهة الى «بلاد العدو» التي أقلعت وحطت بعد أربع ساعات من الطيران تقريباً في مطار بن غوريون في تل أبيب حيث كان باستقباله الضابط الإسرائيلي أبو غزال الذي عرّفه على نفسه وتمنى له ان يمضي أياماً جميلة في إسرائيل نقله بعدها الى مستعمرة كريات شمونة ووضعه داخل غرفة في أحد الفنادق وأقفل بابها بعد ان أمن له ما يحتاجه.
تحديد معالم النبطية
وفي صباح اليوم التالي حضر إليه الضابط أبو غزال وبرفقته خبراء إسرائيليون، شابان وفتاة يرتدون بزات عسكرية إسرائيلية وبحوزتهم حقائب أخرجوا منها جهازاً ضوئياً وجهوه نحو حائط الغرفة وبدأوا بتركيب أجهزتهم التي بحوزتهم، فظهرت بعد قليل على الحائط صور لمدينة النبطية وبدأوا بتكبير المعالم التي تهمهم وراح الضابط أبو غزال يستوضحه عن كل معلم يظهر في الصورة ومنها المهنية على مدخل النبطية، وبناية العجمي، وبناية بئر القنديل، وبناية الصباح، والمدافن والكنائس والجوامع والحسينيات، وقاعة الارشاد التابعة لحزب الله وتمثال حسن كامل الصباح في مدينة النبطية وأماكن إقامته وإقامة أهله وأهل زوجته ومنزلي شقيقي الحاج وفيق صفا وهما عدنان ومحمود صفا في بلدة زبدين اضافة الى تحديد منزل أحد كوادر حزب الله في البلدة المذكورة المدعو حسين زيون ومكتب النائب محمد رعد في النبطية والملاحم والأفران فيها.
وفي اليوم التالي جرى تدريبه على يد نفس الخبراء على كيفية استعمال جهاز الكمبيوتر «LapTop» وفتح الملفات وحفظها وطريقة عمله بعد ادخال «الفلاش الميموري» اليه والتي تحتوي على صور وخرائط جوية لمناطق لبنانية، بعد استخراج الاهداف المطلوب منه مراقبتها وجمع المعلومات عنها بواسطة (XY).
مراقبة صفا
بعدها كلفه الضابط أبو غزال بمراقبة تحركات الحاج وفيق صفا الذي لمع اسمه في عمليات تبادل الأسرى وذلك عند تردده الى بلدته زبدين والمنازل التي يقوم بزيارتها ولحظة خروجه من البلدة، وطلب إليه شراء حاسوب الكتروني فور عودته الى لبنان واتفقا على التواصل مع بعضهما البعض كل يوم اثنين من الأسبوع عبر الهاتف الخلوي الأمني، نقده بعدها مبلغ ستة آلاف دولار أميركي اضافة الى باقي المصاريف التي تكبدها ثم سلمه «فلاش ميموري» عدد اثنين تحتوي على خريطة لبنان كل منها ومقسمة الى عدة مربعات، ولكل مربع، الذي هو عبارة عن منطقة، رقم، وتحتوي هذه الخريطة على (XY) بحيث عند الطلب منه الدخول الى رقم أي منطقة يزوده الضابط الإسرائيلي أبو غزال عبر الهاتف برقم الـ X وبرقم الـ Y وعند تحديده للمكان في المنطقة يتوصل لمعرفة المبنى او الموقع او الهدف المقصود مراقبتها فيتوجه اليه ويقوم بإجراء مسح شامل له عن عدد طوابقه، ولونها، والمحلات او المؤسسات الموجودة فيه وعدد السكان وغيره، ويزود العدو بها، أي الضابط أبو غزال بواسطة الهاتف الخلوي في الموعد المحدد للتواصل بينهما، ثم عمد الى نقله الى المطار في تل ابيب حيث اقفل المدعى عليه عائداً الى دولة المجر ومنها الى لبنان.
وتبين أيضاً انه بعودة المدعى عليه علي حسين منتش الى بلدته زبدين، وتنفيذاّ لطلب الضابط الإسرائيلي أبو غزال أقدم على شراء جهاز حاسوب الكتروني (كمبيوتر محمول) من محلات راشد قبيسي في مدينة النبطية وراح يتواصل عبر الهاتف الخلوي الأمني مع الضابط الإسرائيلي أبو غزال بمعدل مرة في الأسبوع في اليوم والوقت المتفق عليه بينهما حيث يحدد خلال ذلك الضابط المذكور الاهداف المطلوب من المدعى عليه جمع المعلومات عنها بشكل دقيق بعد تزويده برقم الـ (X) وبرقم الـ (Y) فيعمد الأخير الى ادخال «الفلاش ميموري» الى الحاسوب ومعرفة الموقع او الهدف المحدد له فينتقل اليه بسيارته يوم الجمعة وقت تأدية الصلاة ويجري مسحاً كاملاً وشاملاً له مبيناً موقعه والبناء الذي يقع فيه وعدد طوابق البناء والمحلات التجارية الموجودة في الطابق الأرضي منه ونوع عملها وأسماء اصحابها ويزود بعدها العدو الإسرائيلي بهذه المعلومات الذي يزوده بالمقابل بمبالغ مالية عبر البريد الميت حيث طلب منه اواخر عام /2005/ الضابط الإسرائيلي ابو غزال الانتقال بسيارته المرسيدس الى منطقة الزعرورية وإبقاء خطه الخليوي مفتوحا للتواصل معه، وخلال توجهه الى تلك المنطقة راح يتواصل مع الضابط ابو غزال الذي كان يرشده الى الطرق الواجب سلوكها حتى وصل الى قرب حائط من الخفان فطلب منه ابو غزال التوقف قرب صخرتين كبيرتين في آخر الحائط والحفر بجانب الصخرة الداخلية وتحديداً تحت العلامة الحمراء الموجودة عليها فنفذ ذلك وعثر في الأرض على علبة بلاستيك فأخذها وتوجه الى منزله ففتحها ووجد بداخلها مبلغ ستة آلاف دولار اميركي.
أهداف بالجملة
واستمر بتواصله مع العدو الإسرائيلي وتزويده بكافة المعلومات حتى اندلاع حرب تموز من عام /2006/ وتبين ان من هذه الاهداف التي قام بجمع المعلومات عنها وإرسالها للضابط الإسرائيلي ابو غزال عبر هاتفه الخلوي الأمني وعلى سبيل المثال لا الحصر:
ـ مهنية النبطية التي تقع عند مدخل النبطية ـ بناية بئر قنديل بناية العجمي ـ قاعة الارشاد العائدة لحزب الله والمخصصة للاجتماعات والكائنة في حي السرايا، مكتب النائب محمد رعد، حدد للعدو موقعه في احد الأبنية المؤلفة من ثلاثة طوابق وعائدة لحزب الله، دوار كفررمان ـ جادة الرئيس نبيه بري ـ مبنى البلدية الجديد في النبطية الكائن في شارع محمود فقيه ـ المكتب الاعلامي لحزب الله الكائن في حي البياض ـ طريق الكفور ـ مركز جمعية الامداد الخيرية الإسلامية التابع لحزب الله والكائن في النبطية شارع مدرسة المصطفى مركز الهيئة الصحية الاسلامية التابع لحزب الله الذي يرأسه المدعو حسين زيون ومنزل هذا الاخير ـ مركز القرض الحسن في النبطية، بعض المنازل لكوادر من حزب الله ومنزلي شقيقي الحاج وفيق صفا وهما محمود وعدنان صفا في زبدين وأحدهما مجاور لمنزل ذويه وبعض الابنية في محيط عمله، مواقع الجيش اللبناني في بلدات كفردجال وحاروف وشوكين، وحواجز هذه المواقع عما اذا كانت ثابتة ام متحركة وعدد العناصر التي تتولى الحراسة فيها. اضافة الى المقابر والجوامع والكنائس والمدارس في مدينة النبطية والقرى المجاورة لها.
وقد استثمر العدو الإسرائيلي بعض هذه المعلومات في حربه وعدوانه على لبنان خلال شهر تموز من عام /2006/ مما ادى الى قصفها وتدميرها وسقوط شهداء من جراء ذلك من حزبيين ومدنيين عرف منهما الشهيدان مصطفى منصور وعلي فقيه إضافة الى سقوط عدد من الجرحى، مع الاشارة الى ان المدعى عليه بقي طيلة حرب تموز في منطقة النبطية ـ زبدين.
عميل لم يرعو
وتبيّن انه بعد انتهاء حرب تموز، ورغم المجازر التي ارتكبها العدو الإسرائيلي في منطقة الجنوب خاصة ولبنان عامة ورغم فظاعة الدمار الذي احدثه في القرى والمدن والطرقات والجسور وغيرها، كل هذا المنظر لم يحرّك مشاعر المدعى عليه علي حسين منتش او يوقظ ضميره ويعمد الى قطع اتصاله وتواصله مع العدو الإسرائيلي، بل على العكس من ذلك فقد بقي ضميره غارقاً في سبات وحل العمالة ولاهثاً وراء المال، حيث عاد للتواصل بتاريخ 13/8/2006 وعبر هاتفه الخلوي الأمني مع الضابط الإسرائيلي ابو غزال طالبا منه المال لصيانة محله بسبب الاضرار التي لحقت به من جراء القصف والدمار الذي طال بعض المباني المقابلة له وأدى الى استشهاد عنصرين من الهيئة الصحية الإسلامية التابعة لحزب الله فوعده الضابط المذكور بتزويده بالمال وبجهاز ارسال مخصص لتلقي الرسائل وبثها ويكون وسيلة الاتصال بينهما بدلاً من الهاتف الخلوي الأمني اللبناني كونه اكثر أمناً من هذا الاخير وكلفه الضابط ابو غزال بإجراء مسح شامل لكافة الاهداف والمواقع والمباني التي لم يطلها القصف خلال الحرب المذكورة فنفذ المدعى عليه منتش ذلك وزوده بالمعلومات المطلوبة عنها.
وتبيّن انه خلال اوائل عام /2007/ تلقى المدعى عليه علي حسين منتش اتصالا هاتفيا من الضابط ابو غزال الذي طلب منه الانتقال الى بلدة الزعرورية والإبقاء على هاتفه الخلوي مفتوحا للتواصل معه، وبالفعل توجه المدعى عليه الى تلك البلدة المذكورة وبوصوله اليها طلب منه الضابط المذكور متابعة سيره بسيارته باتجاه محطة لتحويل الكهرباء حيث اعلمه بأنه اصبح بجانبها، وبناءً لإرشادات الضابط ابو غزال ترجل المدعى عليه من سيارته وتوجه نحو قناة مائية بجانب المحطة المذكورة خالية من الماء توجد فيها حقيبة من البلاستيك لون اسود اخذها وغادر باتجاه منزله في بلدة زيدين حيث الوقت كان قد اصبح ليلاً، وبوصوله اليه قام بفتح الحقيبة ووجد بداخلها مبلغاً من المال قدره ستة آلاف دولار اميركي وجهاز الارسال الذي كان قد وعده الضابط ابو غزال بإرساله اليه إضافة الى«فلاش ميموري» وأوراق وكتاب صغير يتضمن شرحاً مفصلا عن كيفية استعماله واستخدامه.
وأثناء ذلك اتصل به الضابط ابو غزال وأعلمه بأن الجهاز المذكور هو متوفر في السوق ولا يثير الشبهات وانه مخصص لتلقي الرسائل وبثها، وهو وسيلة اتصال افضل من الهاتف الخلوي، وأعلمه بأنه سيعاود الاتصال به بعد يومين مساء عبر الهاتف الخلوي. بعدها عمد المدعى عليه الى تخبئة الجهاز «والفلاش ميموري» داخل الخزانة الخاصة به في منزله ولاحقاً إلى تجهيزه للعمل بعد مراجعة الاوراق والكتاب الخاص بالعمل عليه ووصله بالكهرباء كونه لا يعمل الا عبر ذلك، وراح يفتحه كل أربعة ايام لمعرفة ما ورده من برقيات من العدو الاسرائيلي ويزوده بواسطته بالمعلومات المطلوبة منه ومنها ما يتعلق بمسؤولين وكوادر في حزب الله ومنهم المدعوون:
حسان المقدم مسؤول حزب الله في بلدة زبدين وحسين عبد الكريم قبيسي مسؤول السرايا اللبنانية في المقاومة الاسلامية، ويوسف مزهر مسؤول في حزب الله وتحديد موقع منزل كل منهم اضافة إلى معلومات عن الحاج وفيق صفا أحد المسؤولين الأمنيين في حزب الله وخاصة خلال تردده عام /2007/ الى بلدته زبدين لحضور مأتم شقيقه المدعو علي صفا حيث أعلم المدعى عليه منتش العدو الاسرائيلي عن تاريخ حضوره إلى البلدة والمنازل التي يتردد اليها ولحظة خروجه من البلدة باتجاه مدينة بيروت ازاء هذه المعلومات اتصل الضابط ابو غزال بالمدعى عليه علي حسين منتش وأبلغه بأنه سيرسل اليه مبلغاً من المال موضب ضمن طرد إلى شركة MPS وزوده برقم الطرد ومصدره باسم شقيقه الى المانيا تلافياً للشبهات، فاستحصل المدعى عليه على رقم الشركة المذكورة من شركة «أوجيرو» ومن ثم على عنوانها في محلة الاشرفية ـ نزلة اوتيل ديو حيث توجه لاحقاً إلى مكان الشركة واستلم الطرد الذي كان بداخله مبلغ ثمانية آلاف دولار اميركي.
وبقي المدعى عليه منتش المذكور على تواصله مع العدو الاسرائيلي عبر الضابط ابو غزال ويزوده بكافة ما يطلبه من معلومات، متخذاً من تقربه من إمام بلدة مدينة النبطبة ومشاركته في مناسك الحج والعمرة كل سنة غطاءً لإبعاد الشبهات عن نشاطه لصالح العدو إلى ان افتضح امره ووقع في قبضة الاجهزة الامنية بتاريخ 25/4/2009. وبمداهمة منزله عثر بداخله على جهاز الارسال وجهاز الحاسوب الالكتروني وفلاش ميموري عدد اثنين واوراق عن كيفية تشغيل واستعمال الجهاز المذكور اعلاه وعلاقة مفاتيح بداخلها خط هاتف خلوي دولي جميعها قد استلمها من العدو باستثناء الحاسوب الالكتروني إضافة إلى رمانات يدوية وقذيفتي إينيرغا وذخائر، وتمت مصادرتها جميعاً.