بينما كان شيخ الأزهر يصرح أن الأزهر لن يتدخل في قضية الرسوم المسيئة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) كنت بجانب الجامع الأزهر، فتطلعت ببصري إلى بابه فوجدت زحامًا للدخول، وللأسف لم يكن من المسلمين إنما كان من الأجانب (فوج سياحي)، وهنا تذكرت رائعة الكاتب الكبير محمد جلال كشك -رحمه الله- "ودخلت الخيل الأزهر" لا أعرف لماذا خطر بذهني في ذلك الوقت، ولكنى أخذت أراجع الكتاب الذي قرأته منذ أكثر من عشرين عامًا، وأخذت الصور تتراءى في ذهني كيف قاوم وجاهد رجال وشيوخ الأزهر حملة نابليون بونابرت الفرنسية عندما دخلت مصر، ووصلت بخيولها إلى صحن الأزهر، واستمروا في الجهاد وتقديم التضحيات حتى خرجت خيل الفرنساوية وطرد جنودها شر طردة ـ بفضل الله ـ ثم قيادة الأزهر للأمة.
لكني متأكد الآن، بعد قرنين من الزمان، أن أحد جنود نابليون من الفرنساوية هرب واختبأ في حارة في زقاق بجانب الأزهر أو في قبر داخله ثم تسلل وخرج وجمع حوله عصابة من أشباهه؛ فبدلوا شرع الله بالقانون الفرنسي وتسللوا في مختلف مناحي الحياة؛ حتى غيروا من عقول وقلوب كثير من مشائخ الأزهر والمثقفين في مصر، فالفرنسيون لم يتركوا مصر إلا وتركوا خلفهم طابورًا خامسًا -حتى أصبح الأزهر مزارًا سياحيًا.
نعم رجال الأزهر جاهدوا وقدموا تضحيات فريدة ومواقف بطولية حتى طردوا المحتل الفرنسي، والتاريخ لا ينسى الشيخ المجاهد عمر مكرم ومن معه من شيوخ الأزهر الكرام من أمثال الشهيد الشيخ محمد كريم.
ولكن حملة نابليون وتدنيس خيله صحن الأزهر الشريف كانت رسالة واضحة لكل أتباعه في كل وقت وزمان، أن احتلال مصر من هنا وتضييع هويتها من هنا وتغريبها من هنا !!.
ومن وقتها فطن أعداء الإسلام من كل لون أن من يريد السيطرة والاستبداد بشعب مصر وهويته الإسلامية فليتجه صوب الأزهر؛ ولهذا عمل المحتلون ومن خلفهم السلاطين والحكام على تقييد الأزهر، وجعله مقطورة يجرها كل سلطان خلفه، تهلل للاستبداد وتصفق للفساد، وتصدر له الفتاوى الجاهزة حتى سخر الشعب المصري على طريقته من ذلك، وأطلق أحدهم أن أحد السلاطين ذهب للصيد مع أصدقائه وكان معهم شيخ من شيوخ الأزهر الموالين للسلطان؛ فصوب أصدقاء السلطان سهامهم وأصاب كل منهم طائرًا، وعندما صوب السلطان سهمه لم يصب الطائر، فنظر للشيخ الذي انبرى قائلا ـ سبحان الله ـ تطير وهي مقتولة؟!
نعم انتشر شيوخ الفتاوى جاهزة التفصيل، وتراجع بشدة دور الأزهر في الدعوة والإصلاح وقيادة الأمة، وإن ظلت القلة المخلصة الصادقة من علماء الأزهر تجاهد بكلمة الحق على قدر استطاعتها، ولكنهم دائمًا كانوا محاصرين ومضطهدين.
واجتهد كل حاكم لمصر في تعيين شيخًا للأزهر تتوافر فيه كافة المواصفات المطلوبة للتعيين في قيادة هذا المسجد المقيد بسلاسل السلطان كي يتعاون مع الحاكم في إحكام القيود، والتلبيس على الأمة كي تسبح بحمد الحاكم، حتى لو علق خيارها على أعواد المشانق!!.
وفى أيامنا هذه ساد القهر والفقر والفساد، وانشغل الكثير من علماء الأزهر بالترقيات والإعارات، وتركوا مهمتهم في بيان الحق وفضح الباطل، والحق تبارك وتعالى يقول: {وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [سورة آل عمران:187]، والأزهر الشريف لم يعد القلعة الشامخة التي يحتمي بها المسلمون وتدافع عنهم، فالبعض من علمائه سكت قهرًا وضعفًا، والبعض سافر هجرة، ولم يبق على السطح إلا فريق يتفنن بكل وسيلة وكل طريقة في نفاق السلطان؛ كي ينال حظاً من الدنيا الزائلة، وفريق اغتربوا فعادوا بأفكار الغرب؛ لتطبيقها على المسلمين باسم الأزهر زورًا.
لذلك لم يكن غريبًا أن نسمع شيخ الأزهر يصرح أن الأزهر لن يتدخل في مشكلة الرسوم الدنماركية دون أن ينكر عليه أحد!
وهذا أمر عجيب، فمن يتدخل من أجل رسول الله؟
كهنة بوذا الذين خرجوا في وجه الطغيان في بورما؟ أم بابا الفاتيكان أم الأم تريزا؟!
لقد أعطى الشيخ للفرنسيين قبل ذلك الحق في صك بخلع حجاب المسلمات في فرنسا، وقبلها فعل كذا وكذا...
والقائمة تطول لا تنهى، ولا مجال لسردها؛ ولكنى في مجال الأنين والحسرة على مسجدنا الذي ظل قرونًا من الزمان حصنًا قويًا للإسلام والمسلمين، أناشد القلة القوية في شخصيتها وديانتها من المنتسبين إليه؛ بأن يربأوا بأنفسهم عن سخط الله على الذين يعرفون الحق، ويسكتون عنه أو يداهنون فيه، وذلك في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [سورة آل عمران:187].
وأقول لهم ما قال الشاعر:
يا معشر القراء يا ملح البلد *** من يصلح الملح إذا الملح فسد
ويبقى أمران:
الأول: لا يفوتني بالطبع ذكر رجال الأزهر الشامخين أمثال عمر مكرم ومحمد كريم والشيخ السادات الذين صمدوا أمام الاستبداد والفتن والمصائب للصدع بالحق والدفاع عن الإسلام، اذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر شيخنا الكبير الشيخ أحمد المحلاوي أمده الله بالصحة والعافية وأطال الله في عمره على الإسلام والشيخ صلاح أبو إسماعيل، والشيخ عبد الرشيد صقر، والشيخ محمد عيد، والشيخ عبد الحميد كشك، والشيخ حسن أيوب، والشيخ السيد سابق ـ رحمهم الله جميعًا ـ وأسأل الله أن يسامحني في من نسيت اسمه من القلة المؤمنة الثابتة أصحاب الفضل.
ثانيًا: إنني أتعجب أن محمد جلال كشك فى كتابه الرائع "ودخلت الخيل الأزهر" شرح واستفاض في جهاد رجال الأزهر حتى خرجت خيل الفرنساوية من مصر، وكان مناسبًا أن يكون العنوان "وخرجت الخيل من الأزهر" ولكن قدر الله أن يكون العنوان بهذا التوفيق؛ لأن هناك بقايا من خيول الفرنسيين وكل الغربيين لا تزال ترمح في الأزهر!!.
وأخيرًا:
- هل يظل اسم عمر مكرم رمزًا لسرادق العزاء... أم يصبح رمزًا للفداء ومقارعة الأعداء؟
- ومتى يركب شيوخ الأزهر خيل الحق لطرد كل البغاة الذين اعتدوا على الدين والحرمات؟
- متى يرجع الأزهر لمجده ويفك قيوده وسلاسله ويطرد بقايا خيل الفرنساوية من صحن الأزهر؟
ترى هل يرجع ذلك الماضي؟! فإني أذوب لذلك الماضي حنينًا
نقلاً عن لواء الشريعة
لكني متأكد الآن، بعد قرنين من الزمان، أن أحد جنود نابليون من الفرنساوية هرب واختبأ في حارة في زقاق بجانب الأزهر أو في قبر داخله ثم تسلل وخرج وجمع حوله عصابة من أشباهه؛ فبدلوا شرع الله بالقانون الفرنسي وتسللوا في مختلف مناحي الحياة؛ حتى غيروا من عقول وقلوب كثير من مشائخ الأزهر والمثقفين في مصر، فالفرنسيون لم يتركوا مصر إلا وتركوا خلفهم طابورًا خامسًا -حتى أصبح الأزهر مزارًا سياحيًا.
نعم رجال الأزهر جاهدوا وقدموا تضحيات فريدة ومواقف بطولية حتى طردوا المحتل الفرنسي، والتاريخ لا ينسى الشيخ المجاهد عمر مكرم ومن معه من شيوخ الأزهر الكرام من أمثال الشهيد الشيخ محمد كريم.
ولكن حملة نابليون وتدنيس خيله صحن الأزهر الشريف كانت رسالة واضحة لكل أتباعه في كل وقت وزمان، أن احتلال مصر من هنا وتضييع هويتها من هنا وتغريبها من هنا !!.
ومن وقتها فطن أعداء الإسلام من كل لون أن من يريد السيطرة والاستبداد بشعب مصر وهويته الإسلامية فليتجه صوب الأزهر؛ ولهذا عمل المحتلون ومن خلفهم السلاطين والحكام على تقييد الأزهر، وجعله مقطورة يجرها كل سلطان خلفه، تهلل للاستبداد وتصفق للفساد، وتصدر له الفتاوى الجاهزة حتى سخر الشعب المصري على طريقته من ذلك، وأطلق أحدهم أن أحد السلاطين ذهب للصيد مع أصدقائه وكان معهم شيخ من شيوخ الأزهر الموالين للسلطان؛ فصوب أصدقاء السلطان سهامهم وأصاب كل منهم طائرًا، وعندما صوب السلطان سهمه لم يصب الطائر، فنظر للشيخ الذي انبرى قائلا ـ سبحان الله ـ تطير وهي مقتولة؟!
نعم انتشر شيوخ الفتاوى جاهزة التفصيل، وتراجع بشدة دور الأزهر في الدعوة والإصلاح وقيادة الأمة، وإن ظلت القلة المخلصة الصادقة من علماء الأزهر تجاهد بكلمة الحق على قدر استطاعتها، ولكنهم دائمًا كانوا محاصرين ومضطهدين.
واجتهد كل حاكم لمصر في تعيين شيخًا للأزهر تتوافر فيه كافة المواصفات المطلوبة للتعيين في قيادة هذا المسجد المقيد بسلاسل السلطان كي يتعاون مع الحاكم في إحكام القيود، والتلبيس على الأمة كي تسبح بحمد الحاكم، حتى لو علق خيارها على أعواد المشانق!!.
وفى أيامنا هذه ساد القهر والفقر والفساد، وانشغل الكثير من علماء الأزهر بالترقيات والإعارات، وتركوا مهمتهم في بيان الحق وفضح الباطل، والحق تبارك وتعالى يقول: {وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [سورة آل عمران:187]، والأزهر الشريف لم يعد القلعة الشامخة التي يحتمي بها المسلمون وتدافع عنهم، فالبعض من علمائه سكت قهرًا وضعفًا، والبعض سافر هجرة، ولم يبق على السطح إلا فريق يتفنن بكل وسيلة وكل طريقة في نفاق السلطان؛ كي ينال حظاً من الدنيا الزائلة، وفريق اغتربوا فعادوا بأفكار الغرب؛ لتطبيقها على المسلمين باسم الأزهر زورًا.
لذلك لم يكن غريبًا أن نسمع شيخ الأزهر يصرح أن الأزهر لن يتدخل في مشكلة الرسوم الدنماركية دون أن ينكر عليه أحد!
وهذا أمر عجيب، فمن يتدخل من أجل رسول الله؟
كهنة بوذا الذين خرجوا في وجه الطغيان في بورما؟ أم بابا الفاتيكان أم الأم تريزا؟!
لقد أعطى الشيخ للفرنسيين قبل ذلك الحق في صك بخلع حجاب المسلمات في فرنسا، وقبلها فعل كذا وكذا...
والقائمة تطول لا تنهى، ولا مجال لسردها؛ ولكنى في مجال الأنين والحسرة على مسجدنا الذي ظل قرونًا من الزمان حصنًا قويًا للإسلام والمسلمين، أناشد القلة القوية في شخصيتها وديانتها من المنتسبين إليه؛ بأن يربأوا بأنفسهم عن سخط الله على الذين يعرفون الحق، ويسكتون عنه أو يداهنون فيه، وذلك في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [سورة آل عمران:187].
وأقول لهم ما قال الشاعر:
يا معشر القراء يا ملح البلد *** من يصلح الملح إذا الملح فسد
ويبقى أمران:
الأول: لا يفوتني بالطبع ذكر رجال الأزهر الشامخين أمثال عمر مكرم ومحمد كريم والشيخ السادات الذين صمدوا أمام الاستبداد والفتن والمصائب للصدع بالحق والدفاع عن الإسلام، اذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر شيخنا الكبير الشيخ أحمد المحلاوي أمده الله بالصحة والعافية وأطال الله في عمره على الإسلام والشيخ صلاح أبو إسماعيل، والشيخ عبد الرشيد صقر، والشيخ محمد عيد، والشيخ عبد الحميد كشك، والشيخ حسن أيوب، والشيخ السيد سابق ـ رحمهم الله جميعًا ـ وأسأل الله أن يسامحني في من نسيت اسمه من القلة المؤمنة الثابتة أصحاب الفضل.
ثانيًا: إنني أتعجب أن محمد جلال كشك فى كتابه الرائع "ودخلت الخيل الأزهر" شرح واستفاض في جهاد رجال الأزهر حتى خرجت خيل الفرنساوية من مصر، وكان مناسبًا أن يكون العنوان "وخرجت الخيل من الأزهر" ولكن قدر الله أن يكون العنوان بهذا التوفيق؛ لأن هناك بقايا من خيول الفرنسيين وكل الغربيين لا تزال ترمح في الأزهر!!.
وأخيرًا:
- هل يظل اسم عمر مكرم رمزًا لسرادق العزاء... أم يصبح رمزًا للفداء ومقارعة الأعداء؟
- ومتى يركب شيوخ الأزهر خيل الحق لطرد كل البغاة الذين اعتدوا على الدين والحرمات؟
- متى يرجع الأزهر لمجده ويفك قيوده وسلاسله ويطرد بقايا خيل الفرنساوية من صحن الأزهر؟
ترى هل يرجع ذلك الماضي؟! فإني أذوب لذلك الماضي حنينًا
نقلاً عن لواء الشريعة