يمثل أرخبيل حنيش مجموعة الجزر الواقعة أمام مديرية الخوخة. ويُعد الأرخبيل أقرب الجزر اليمنية إلى الممرات البحرية في البحر الأحمر، للسفن المتجهة إلى مضيق باب المندب، أو القادمة مباشرة منه.
وفي السّبعينيات، سمحت اليمن للثوار الإريتريين، تخزين الأسلحة في هذه الجزيرة، لاستخدامها في صراعهم ضد النظام الإثيوبي. وبُني فنار، في مطلع الثمانينيات، في الجانب الشرقي من رأس عربات، في جزيرة زقر. ويتيح ارتفاع جبل زقر السيطرة الإستراتيجية، والإشراف على كل الممرات الدولية لخطوط الملاحة في البحر الأحمر. ويمكن مشاهدة الساحل الإريتري من على قمة جبل زقر، لذلك تتمتع هذه القمة بأهمية عسكرية كبيرة.
أما جزيرة حنيش الكبرى، فتمتد من الشمال إلى الجنوب الغربي، وتبلغ مساحتها66 كم2.
وتوجد جنوب جزيرة زقر، جزيرة حنيش الصغرى، وهي جزيرة صخرية بركانية، يبلغ أعلى ارتفاع لها عن سطح البحر 127 قدماً، وتصل مساحتها إلى 10 كم2. وتبعد عن الساحل اليمني حوالي 25 ميلاً بحرياً، وعن الساحل الإريتري حوالي 47 ميلاً بحرياً، وقد بنت عليها مؤسسة الموانئ اليمنية فناراً عام 1981م .
وكانت جزر حنيش موضع نزاع بين الدولتين، قبل استقلال إريتريا عام 1993م ، وشهدت بعض الفترات موجات خلاف بينهما، مثلما حدث عام 1974م . وتشير معظم المصادر والخرائط إلى أن إريتريا، سبق لها أن اعترفت بتبعية تلك الجزر لليمن.
وبعد تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990م ، عملت اليمن على إنشاء الفنارات في الجُزر وإدارتها وصيانتها، وصُممت لتعمل بالطاقة الشمسية، بالاتفاق مع شركة سيمنس الألمانية، خدمة للملاحة العالمية في الممرات الدولية للبحر الأحمر، التي تقع جميعها في المياه الإقليمية لليمن.
وتعزيزاً لحقوقها التاريخية، في السّيادة على جزرها في البحر الأحمر، مارست اليمن حقوقها السياسية على تلك الجزر، بما يتناسب وطبيعتها غير المأهولة.
فسمحت اليمن ـ الشطر الشمالي سابقاً ـ لفصائل الثورة الإريترية باستخدام الجزر اليمنية في البحر الأحمر، بما فيها مجموعة جزر حنيش الكبرى، خلال نضالها؛ لتحقيق استقلال إريتريا. ولم تكن تلك العناصر تتعرض للمطاردة، عند دخولها إلى المياه الإقليمية لتلك الجزر، سواء خلال العهد الإمبراطوري في إثيوبيا، أو في أثناء حكم منجستو هيلا ماريام، إدراكاً من إثيوبيا أن هذه الجزر ليست تابعة لها.
كما سمحت اليمن ـ "الشطر الشمالي سابقاً" ـ لمصر، بالوجود في الجزر اليمنية في البحر الأحمر، بما فيها مجموعة جزر حنيش الكبرى، خلال تحضيرات مصر لحرب أكتوبر 1973م، بموجب اتفاق سري وقعته اليمن ومصر في 12 مايو 1973م. ولم تعترض إثيوبيا، أو أي دولة أخرى، على ذلك القرار اليمني.
و منذ استقلال إريتريا في 25 مايو 1993م، لم تثر مشكلة جزيرة حنيش، ولم تتقدم الحكومة الإريترية قط بأي مطالب أو ادعاء. وواصلت الحكومة اليمنية التصرف، كما اعتادت دائماً، باعتبار تلك الجزيرة تابعة لها. واستمرت باسطة سيادتها عليها، من خلال وجود حامية عسكرية صغيرة فيها. وكذلك، من خلال استخدام الصيادين اليمنيين لها.
كما ظلت الأطراف الخارجية أيضاً، تتصرف على أساس تبعية تلك الجزيرة للسيادة اليمنية، حتى إن الأجانب الذين يزورون جزيرة حنيش الكبرى لأغراض سياحية، كانوا يأخذون الإذن من الحكومة اليمنية.
وقد شهدت العلاقات اليمنية الإريترية، تدهوراً مفاجئاً، قبيل نهاية عام 1995م ، بسبب من منهما صاحب الحق في امتلاك جزيرتي حنيش الكبرى والصغرى، وجزيرة زقر.
طالبت إريتريا، في النصف الأول من نوفمبر 1995م، بإجلاء الحامية اليمنية، الموجودة في جزيرة حنيش الكبرى، على اعتبار أنها من الجزر الإريترية. فأرسلت اليمن وفداً على مستوى عال، إلى أسمرة، للتفاوض مع المسؤولين الإريتريين، حول ترسيم الحدود البحرية. وتم الاتفاق، في اجتماع 7 ديسمبر 1995م، على تأجيل المباحثات حول ترسيم الحدود، إلى ما بعد شهر رمضان (نوفمبر 1996م).
احتلال إريتريا جزيرة حنيش
في يوم 15 ديسمبر 1995م، من دون مقدمات سياسية أو عسكرية، احتلت قوات عسكرية إريترية جزيرة حنيش الكبرى. وأسفر هذا العمل عن سقوط ثلاثة قتلى من أفراد الحامية العسكرية اليمنية، التي كانت مرابطة في الجزيرة. وقد صدر تصريح لمصدر يمني مسؤول يستنكر العدوان الإريتري، ويرى فيه انتهاكاً لسيادة الجمهورية اليمنية، على أراضيها ومياهها الإقليمية، كما يهدد العدوان، في الوقت نفسه، الملاحة الدولية في منطقة البحر الأحمر. ويشير المصدر إلى أنه سبق للسلطات الإريترية توجيه إنذار في 11 نوفمبر 1995م، إلى المواطنين اليمنيين، والحامية العسكرية المرابطة في جزيرة حنيش، بمغادرتها، وإيقاف العمل بإحدى الشركات، وهذا ما جعل الحكومة اليمنية تجري اتصالات على أعلى مستوى مع الحكومة الإريترية، بهدف احتواء الموقف. وذلك تأكيداً لحرص اليمن على علاقاتها مع إريتريا، ورغبتها الصادقة في حل أي خلافات حول الحدود البحرية مع إريتريا، عبر الحوار والتفاوض السلمي، وطبقاً للقوانين والمواثيق الدولية.
وعلى إثر ذلك عُقدت عدة اجتماعات في صنعاء وأسمرة، كان آخرها في إريتريا برئاسة نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية اليمني، ووزير الخارجية الإريتري. وأكدت اليمن مجدداً استعدادها للحوار، والتوقيع على مذكرة تفاهم مع إريتريا، تتضمن أسس التفاوض حول الحدود البحرية، على أساس التفاوض الثنائي. وفي حالة عدم التوصل إلى حل، فإنه يمكن اللجوء إلى التحكيم، أو محكمة العدل الدولية.
ولاشك أن احتلال إريتريا لجزيرة حنيش، واختيار توقيت محدد للعدوان، وضع حكومة اليمن في موقف حرج، إذ وجدت نفسها تحت ضغوط عديدة، منها ما عانته من ضغوط الشارع اليمني العام، الذي استشاط غضباً، وكاد يتميز غيظاً من جراء العدوان الإريتري على الجزيرة اليمنية، إذ لم يكن يدور بخلد أي مواطن يمني، أن يأتي الأعتداء على اليمن من إريتريا.
والأمر الآخر، أن اليمن لم تلجأ إلى استخدام القوة فوراً لاستعادة الجزيرة، كما أُخذت بالقوة، وذلك تحت طائل المسؤولية، التي تفرضها المصالح الإقليمية، وتلبية لنداءات الأشقاء والأصدقاء لضبط النفس، والسعي لإنهاء العدوان بالحوار والطرق السلمية.
وتشير الشواهد، إلى أن التحرك الإريتري، هدف إلى الآتي:
أ. منع جماعة (جبهة حماس الإريترية الإسلامية)، من استخدام هذه الجزر، ضد إريتريا، خاصة أن الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا ، سبق أن استخدمت تلك الجزر، ضد إثيوبيا، في أثناء احتلال إثيوبيا للأراضي الإريترية.
ب. الحصول على المزيد من الدعم، والمساعدات، من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، بإظهار أن إريتريا، قادرة على القيام بدور مهم في منطقة البحر الأحمر.
ج. إحباط فكرة أن البحر الأحمر، بحيرة عربية، وهي الفكرة التي نادت بها دول عربية، في عام 1976م ، خاصة بعد استقلال إريتريا، وعدم الإعلان عن هويتها العربية.
د. تبنت إريتريا إستراتيجية حرمان الطرف الآخر، من امتلاك السيطرة في المنطقة.
هـ. إظهار مكانة إريتريا الإقليمية، بصفتها دولة مستقلة، حديثة.
و في الأول من نوفمبر 1998م، تسلمت الحكومة اليمنية رسمياً، جزيرة حنيش الكبرى، بعد أن احتلتها إريتريا قبل حوالي ثلاث سنوات، إثر اشتباكات محدودة بين قوات البلدين. ورفع اليمن علمه على الجزيرة، في الساعة الثانية والنصف من بعد ظهر 31 أكتوبر 1998م، في حفل عسكري وسياسي، شارك فيه كبار ضباط الجيش اليمني، فضلاً عن مشاركة إريترية تمثلت في حضور قائد القوات البحرية الإريترية .
وكان انسحاب إريتريا من حنيش الكبرى، قد صدر بموجب قرار محكمة التحكيم، في 9 من أكتوبر 1998م، ونفّذ بعد 23 يوماً من صدوره، علماً بأنه أعطى لإريتريا مهلة 90 يوماً للانسحاب.
وقد كان رد الفعل الإريتري إيجابياً، فأعرب هيلي ولد تينسائي، وزير خارجية إريتريا، عن تقدير حكومته العميق للحكومة اليمنية، بسبب التزامها بقرار محكمة التحكيم الدولية، حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، الصادر في 17 ديسمبر 1999م. وقال في لقاء مع البعثات الدبلوماسية الأجنبية في أسمرة: "إن الحكومة الإريترية ملتزمة بقبول وتنفيذ قرار محكمة التحكيم فوراً". وقال إن لجوء اليمن وإريتريا إلى التحكيم الدولي، والتزامهما به، أظهر احترامهما لمبادئ وقواعد القانون الدولي، وحسن السلوك في التعاملات الدولية.
كما قال إن التزام البلدين بتسوية سلمية لنزاعهما، لن يفتح الطريق فقط أمام تقوية علاقات البلدين، ولكن يفتح الباب أيضاً أمام خلق منطقة سلام، وتبادل منافع.
تشير قدرات إريتريا العسكرية، إلى عدم قدرتها، على تنفيذ عملية بحرية، للاستيلاء على الجزيرة، وقد ظهرت مؤشرات، على تلقي إريتريا دعماً خارجياً، حيث رصدت زيارة سريةقام بها الرئيس الإريتري، إلى إسرائيل، في نوفمبر 1995م، استجابت فيها إسرائيل إلى طلبات إريتريا، التي اشتملت على
1- مجموعة من الخبراء، والمستشارين العسكريين الإسرائيليين، في مجال القوات البحرية والجوية
2- إمداد إريتريا بالمعدات، والأسلحة الحديثة، وتضمنت ما يلي :
ا- ستة زوارق حاملة للصواريخ، من طراز ريشيف، قادرة على حمل طائرتين عموديتين، وتستخدم في مجال الإنزال البحري .
ب- ست طائرات عموديه من طراز دولفين وبلاك هوك
ج - طائرة استطلاع بحري
د- منظومة رادار بحري و مجموعة صواريخ سطح - سطح من طراز جبرايل
تمت هذه الصفقه قبل احتلال جزيرة حنيش .. ولا تملك ارتيريا اسلحة مماثلة لتلك الاسلحه الاسرائيليه او حتى اطقم مدربه .. لذا تشير الدلائل الى مشاركة اسرائيل في ادارة الهجوم وتشغيل الاسلحه .
المصدر[/SIZE]
التعديل الأخير بواسطة المشرف: