تفاصيل وخرائط الغارات الاسرائيليه

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
إنضم
15 يوليو 2009
المشاركات
750
التفاعل
11 0 0
داول وتـفـاصـيل وخـرائط الـغـارات الإسـرائيلية
والخســائر خلال حرب 5 يونيو (حزيران) 1967 نكسة حـرب يونيو 1967



جــداول وتـفــاصــيل وخــرائط الـغــارات الإســرائيلية والخســائر خلال حرب 5 يونيو (حزيران) 1967 عملية مـوكيد لتصفية القوات الجوية العربية المبدأ الرئيسي للغارات الجوية الإسرائيلية وطريقة الإقتراب لمهاجمة القواعد الجوية والمطارات المصرية
tmp4808fn0.jpg


قبل التطرق إلي الجداول والخرائط وتفاصيل الضربة الجوية القاصمة لأسلحة الطيران العربية وبالذات السلاح الجوي المصري ، لا بد من تدوين حقيقة ، أن حرب 1967 تتميز بشيىء نادر غريب فى التاريخ العسكرى الحديث

ليس فقط أنها نكسة ، فهناك جيوش أخري سبق لها وهزمت بشكل فظيع ، وتاريخ الحروب الحديثة بما في ذلك الحرب العالمية الثانية ، توثق ذل

ولكن الملاحظ أيضا ، أن السجلات والتفاصيل "الرسمية العربية" عن معارك هذه الحرب مازالت تنقص ولم تفتح السجلات للبحث والتقييم ، بل ستبقي الخرائط العربية ، عن الأوضاع الميدانية يومي 5 و 6 و 7 و 8 و 9 و 10 يونيو 1967 (غير صحيحة وخاصة على الجبهة المصرية التى تدهورت فى ساعات أو أيام نتيجة للأوامر المتضاربة أو ... الخاطئة .... أو .... أو

لا أود بهذا الموضوع ، الدخول فى كفائة الشخصيات العسكرية التى قادت الحرب أو المعارك القلبلة التى حدثت ، أو كان المفروض
عليهم أن يقودوها ... ولكن أود الدخول الى "حقائق ةتفاصيل " ما حدث ...

وسنتطرق في وقت لاحق ، إلي تحليل الخرائط وخطط المعارك كما حدثت فعلا وفي الواقع ... وليس كما "وضعت" ولم يتم تنفيذهم ، إذ أن الأسرائيليين ، قد نفذوا خلال هذه الحرب ، خطط وتاكتيكيات هجومية محددة ومعينة... بينما لم يكن أمام القوات المصرية، سوى تنفيذ أمر ألأنسحاب بأكبر سرعة ممكنة ، في الوقت الذي كانت المواقع السورية والأردنية تتميز بالمهمة الدفاعية البحتة ...

رغم تلك الحقيقة المرة ، فهناك حقيقة واضحة يعترف بها الإسرائيليين أنفسهم ، عن الدفاع الباسل الذي قامت به وحدات من الجيش المصري في سيناء والخطط والتحصينات الميدانية التي سببت الكثير من المشاكل بل هددت بفشل "الغزو" الإسرائيلي لتلك النقاط الهامة

ويعترف الإسرائيليين بقيمة وقوة التاكتيكية الدفاعية المصرية ... ولكن "السيطرة" علي سماء معارك حرب 1967، والفضوي التي سادت علي وحدات الجيش المصري وإتسحابه بشكل غير منسق لم تتم حمايته إطلاقا ، أدي فى النهاية الى النكسة
  • ويمكن تشبيه الضربة الأولي هنا (5 يونيو 1967) ، بالضربة الأولي التي قامت بها مصر ، يوم 6 أكتوبر 1973 ، مع ضرورة ملاحظة ، أن حدود إمكانيات مصر التقنية والتدعيم الخارجي لها عند قيامها بالضربة الأولي يوم 6 أكتوبر 1973 ، لا يمكن مقارنتهم إطلاقا بما كان يتوفر لأسرائيل يوم 5 يونيو 1967 ، وخاصة ما يتعلق بالمعلومات "المخابراتية" الأستخبارية التجسسية والنفوذ الأمريكي القوي والعسكري والدولي ... والوقت الذي كان متاح لهم، لتحديد التوقيت الدقيق ليوم ولحظة ومكان الضربة الأولي الجوية التي قصمت ظهر القوات الجوية المصرية ... وبالتالي كشف السماء فوق ميادين القتال والمعارك في سيناء ، مما إنعكس علي سير الأحداث خلال الأيام الستة التالية

    1 - كانت هناك خطط عسكرية "مصرية" موضوعة ... للهجوم والدفاع


    2 - نفذت الحرب ، تبعا للخطط الأسرائيلية ... ولم تحظي الخطط المصرية باي فرصة لأثبات فعاليتها

    3 - جميع ما يوجد من خرائط مصرية عن تخطيط هذه الحرب ، لا يتفق مع الواقع الميداني علي أرض المعركة

    4 - يحتفظ العدو "الجيش الأسرائيلي" ، بخرائط تبين سير المعارك .. تبعا لخطته وتنفيذ الحرب ... بينما تتميز الخرائط المصرية حتي وقوع الحرب ، بعدم تمثيلهم للواقع الميداني إطلاقا

    5 - يتضح الطمس الدعائي الذي تميزت به أجهزة الأعلام العربي عند مقارنة المعلومات التي تنشرهم "إسرائيل" وبالتالي الدول الغربية ، عن سير معارك هذا الحرب بصفة عالية من "الدقة" ، مع ما تنشره "حتي الآن" المصادر العربية

    6 - تتسم المعلومات "العربية" المنشورة ذلك الوقت ، بالتخبط ومحاولات التقليل من أهمية ما حدث ... بل وتضليل "الشعبف
7 - ينشر الأسرائيليين والدول الغربية عديد من أحداث ومقاومة بطولية مصرية وعربية خلال المعارك ، عن ما قامت به وحدات وكتائب من الجيش المصري في سيناء ، بينما الأجهزة الأعلامية المصرية والعربية لازالت تسبو في سبات نوم عميق ولا تنشر للشعب تلك المعلومات "البطولية المشرفة" من أجل المعرفة والإعتزاز وتقوية الإحساس القومي الوطني

8 - لا زلنا نتصف فيما ينشر علي الصعيد العربي ، بعدم الجرأة والشجاعة في التداول الموضوعي ومناقشة أخطائنا ، بشكل بعيد عن الغوغائية والديماجوية والعاطفية ، مما يزيد في طمس الحقائق وزيادة "الشك"

9 - تمتليء العديد من الكتب الغربية التي نشرت عن هذه الحرب ، بإحتوائهم علي العديد من المعلومات والخرائط والصور ... بينما تمتليء الكتب العربية القليلة جدا ، والتي نشرت عن هذه الحرب ، بمحاولات "بائسة" لطنس الأحداث واللجوء إلي "التعبيرات" الفارغة ، دفاعا عن أشخاص ... ويتناسون هدف توضيح الأحداث وأيضا نشر الحقائق "المؤلمة

10 ما زالت أحداث هذه الحرب تستدعي البحث المتوسع وتوسيع النشر للقاريء العربي حتي نتعلم من الأخطاء ونتفادي إحتمال تكرارهم

لذلك ، سأواصل النشر للقاريء العربي واضع أمامه كافة ما أحصل عليه من معلومات وخرائط وأحداث ، وأتمني أن يبتعد البعض عن العاطفية ويلجأوا للموضوعية في المناقشة

ولقد نشرت أدناه ما يدونه "أيضا" الكاتب الفرنسي بيير رازو ، عن "الخطوة التي تتعلق بتصفية أسلحة الطيران العربية" خلال حرب الأيام الستة 1967

وأوجه النظر ، إلي ضرورة مراعاة ، بعض الفروق "البسيطة" في الأرقام التي ينشرهم بيير رازو وبين الجداول التي ينشرهم الجيش الإسرائيلي" في كتابه


د. يحي الشاعر



<H2> عملية مـوكيد لتصفية القوات الجوية العربية المبدأ الرئيسي للغارات الجوية الإسرائيلية وطريقة الإقتراب لمهاجمة القواعد الجوية والمطارات المصرية [SIZE=+1] جــداول وتـفــاصــيل الـغــارات الإســرائيلية والخســائر خلال حرب 5 يونيو (حزيران) 1967
الـقــواعــد الجـوية المـصــرية

طراز الطائرات المتحطمة
الـقاعدة الجوية والمطار
ساعة غارة الهجوم قاذفات ثقيلة TU-16a
قاعدة بني سويف
08.15
طرازات متعددة و ختلفة
قاعدة المنصورة
10.00
طرازات متعددة و ختلفة
مطار حلوان
10.00
طرازات متعددة و ختلفة
مطار ألماظة
10.00
طرازات متعددة و ختلفة
الـمـنـيـا
10.15
طرازات متعددة و ختلفة
قاعدة بـلـبـيـس
12.00
ميج 21 و ميج 19
الـغـردقة
12.15
قاذفات ثقيلة TU-16a

الأقصر
12.30​
[SIZE=+1]
fig06.GIF
وبحساب الطلعات الجوية التي نفذتها إسرائيل من 5 - 10 يونيه 1967: الإجمالي 4338 طلعة جوية خصص منها 3260 طلعة في اتجاه الجبهة المصرية بنسبة 75.1%
وقد قسمت هذه الطلعات على أيام القتال المختلفة كالآتي:



يوم 5 يونيه
الإجمالي 918 طلعة على الجبهة المصرية منها 695 طلعة بنسبة 75.5%
يوم 6 يونيه
الإجمالي 790 طلعة على الجبهة المصرية منها 650 طلعة بنسبة 82.2%.


يوم 7يونيه
الإجمالي 750 طلعة .. على الجبهة المصرية منها 470 طلعة بنسبة 62.6%.
يوم 8 يونيه
الإجمالي 585 طلعة .. على الجبهة المصرية منها 530 طلعة بنسبة 90.6%.


يوم 9 يونيه
الإجمالي 705 طلعة .. على الجبهة المصرية منها 475 طلعة بنسبة 64.8%
يوم 10 يونيه
الإجمالي 610 طلعة .. على الجبهة المصرية منها 190 طلعة بنسبة 31.1%


كانت هناك محاولات ـ ولو فردية ـ لاعتراض الطائرات الإسرائيلية

في مطار السر في سيناء، تمكن الرائد طيار خيري حسنين من الإقلاع بطائرته أثناء قصف العدو، واشتبك مع الطائرات الإسرائيلية في معركة خاسرة.

وفي مطار أبو صوير صعدت ستة طائرات ميج-21 واعترضت الموجة الثانية لطائرات العدو - وأسقطت طائرتين معاديتين.
وفي مطار الغردقة نفذت القوات الجوية إجراءات التصدي لموجات هجوم العدو، وتم إسقاط ثلاث طائرات للعدو.

كما قامت بعض الطائرات التي تم إصلاحها أو التي لم تدمر بالعديد من الطلعات في سيناء لتدمير قوات العدو ومساندة قواتنا ولكن هذه المعاونة كانت قليلة ولا تتناسب مع حجم الطائرات وإمكانياتها في مواجهة سلاح الجو الإسرائيلي

وفي الأردن قامت الطائرات الأردنية باعتراض طائرات العدو المغيرة، ولكن فارق القوتين كان كبيرا
[SIZE=+1][SIZE=+1]
[SIZE=+1]ولقد قامت مصر بإنقاذ ما تبقي من الطائرات السليمة إلي كل من مطارات القاهرة الدولي [/SIZE][SIZE=+1]وقاعدة راس برناس علي شاطيء البحر الأحمر غير أن الطائرات الأسرائيلية قامت [/SIZE][SIZE=+1]بين الساعة 17.15 والساعة 18.00 بمهاجمة المطارين وسببت لهما خسائر فادحة [/SIZE][SIZE=+1]سببت تعطيلهما مؤقتا [/SIZE][/SIZE]
map07ir5.jpg
الـقــواعــد الجـوية في الأردن وسوريا والعراق طراز الطائرات المتحطمة الـقاعدة الجوية والمطار
ساعة غارة الهجوم
طرازات متعددة و ختلفة
عمان - الأردن
12.45
سرب مقاتلات هانتر

مـفرق - الأردن
13.00
طرازات متعددة و ختلفة
دمـشـق - سوريا
13.00
ميج 21

سيقال - سوريا
13.15
ميج 21

دمير - سوريا
13.15
ميج 21 و ميج 17

مرج ريال - سوريا
13.15
ميج 21

هـ 3 - الـعـراق

15.00
ميج 21

ت - 4 سوريا
15.45


fig08.gif
بيان عدد الطلعات والغارات الجوية

<H2>
المجموع
10 يونيو
9 يونيو
8 يونيو
7 يونيو
6 يونيو
5 يونيو
الجـبـهـة
965 8 20 160 321 286 170 مــصــــر 549 - - - 233 221 95
الأردن
1077 345 299 225 98 107 3 ســـوريــا 2591 353 319 385 652 614 208
المجـمـوع


<H2>

fig18.gif
مجموع وتفاصيل خسائر القوات الجوية من يوم 5 يونيو - 10 يونيو 1967 في كل من مـصـر و سـوريـا و العراق و الأردن و ل[SIZE=+1]بنان [/SIZE]
المجموع
لـبـنان
الأردن
الـعـراق
سـوريا
مـصـر
الـدولة






مـقـاتـلات
148
-
-
15
33
100
ميج 21
29
-
-
-
-
29
ميج 19
112
-
-
-
23
89
ميج 17 و ميج 15
14
-
-
-
-
14
مقاتلة سوخوي 7
27
1
21
5
-
-
مقاتلة هوكر هانتر






قاذفات قنابل
25
-
-
1
-
24
متوسطة TU - 16
31
-
-
-
2
29
خفيفة IL-28
إليوشن-28






ناقلات جنود ومعدات
32
-
6
2
-
24
إليوشن 14 و داكوتا
8
-
-
-
-
8
أنتنوف - 12
4
-
-
-
-
4
غير محددة الطراز







طائرات عمودية هليوكوبتر
6
-
2
-
3
1
خفيفة ميل 4 MIL-4
10
-
-
-
-
10
ثقيلة ميل 6 MIL-6
452
1
29
23
61
338
المـجـموع الكـلي
fig07.gif
عدد وأنواع الطائرات التي كانت تملكهم القوات العربيةيوم 5 يونيو 1967 الأردن الـعـراق سـوريا مـصـر طراز الطائرات
-
48
36
125
مقاتلات الخط الأول تصل لسرعة ضعف الصوت ميج 21
-
12
-
80
مقاتلات أخري بسرعة الصوت سوخوي 7 و ميج19
21
80
40
110
مقاتلة - قاذفة مختلفة أقل من سرعة الصوت
-
10
-
40
قاذفة خفيفة IL-28 إليوشن-28

-
6
-
30
قاذفة متوسطة TU - 16
</H2></H2> الخـســائر البــشــرية الـعـســكرية سوريـا
سوريـا
الأردن
الأردن
مصر
مصر
جـرحي
قتــلـي
جـرحي
قتــلـي
جـرحي
قتــلـي
نـوع الخـسائر
306
115
1457
299
800
275
إسرائيل
5.000
2.500
2.000
1.000
20.000 - ؟؟؟؟؟
10.000 - 12.000
العـرب
[SIZE=+1]​

[SIZE=+1]الخسائر البشرية والعسكرية الطلعات الجوية المباغتة للطيران الإسرائيلي في اليوم الأول لحرب 1967 [/SIZE]
[SIZE=+1]وما خلفته من تدمير لسلاح الطيران العربي حسمت المعركة، وأصبح بمقدور هذا الجيش تنفيذ مهامه العسكرية[/SIZE]
[SIZE=+1] بسهولة وكانت الخسائر العسكرية والبشرية على النحو التالي[/SIZE]​
[SIZE=+1][/SIZE]
[/SIZE]
إسرائيل
العـرب
نوع الخسائر
من 650 - 800
من 15 - 25 ألفـا
قتــلـي
2000 - 2500
من 40 - 45 ألفـا
جـرحي
15 - 20
من 4000 - 5000
أســري
% من 2 - 5
% من 70 - 80
نسبة العتاد الحربي
[/SIZE][/SIZE]المبدأ الرئيسي وطريقة الإقتراب لمهاجمة القواعد الجوية والمطارات المصرية
[/SIZE]
</H2>
tmp4808fn0.jpg
<H2>

map07ir5.jpg
الخسائر البشرية العسكرية


</H2>
سوريـا
سوريـا
الأردن
الأردن
مصر
مصر
جـرحي
قتــلـي
جـرحي
قتــلـي
جـرحي
قتــلـي
نـوع الخـسائر
306
115
1457
299
800
275
إسرائيل
5.000
2.500
2.000
1.000
20.000 - ؟؟؟؟؟
10.000 - 12.000
العـرب

الخـســائر الـبتشــرية الـعـســكرية
[SIZE=+1]​

[SIZE=+1]الخسائر البشرية والعسكرية الطلعات الجوية المباغتة للطيران الإسرائيلي في اليوم الأول لحرب 1967​

[SIZE=+1]وما خلفته من تدمير لسلاح الطيران العربي حسمت المعركة، وأصبح بمقدور هذا الجيش تنفيذ مهامه العسكرية[/SIZE]
[SIZE=+1] بسهولة وكانت الخسائر العسكرية والبشرية على النحو التالي[/SIZE]​
[SIZE=+1][/SIZE]
[/SIZE]
إسرائيل
العـرب
نـوع الخـسائر
من 650 - 800
من 15 - 25 ألفـا
قتــلـي
2000 - 2500
من 40 - 45 ألفـا
جـرحي
15 - 20
من 4000 - 5000
أسـري
% من 2 - 5
% من 70 - 80
نسبة العتاد الحربي
تم إستخلاص المعلومات أعلاه ، من كل من كتب "الجيش الإسرائيلي" ... وكتاب "الـعـرب في الحـرب" الذين يحتوياعلي معلوماتوتفاصيل وخرائط هامة جدا
theisraeliarmybookcoverik7.jpg
وسّعت إسرائيل دائرة احتلالها الأراضي العربية. فبعد أن كانت مساحتها في حدود الهدنة (1948-1949)
تبـلغ 20250 كم2، امتد احتلالها إلى سيناء (61198 كم2)، والضفة الغربية (5878 كم2)،
وقطاع غزة (363 كم2)، والجولان (1150 كلم2). وبذلك بلغ مجموع الأراضي التي احتلتهـا إسرائيل
فـي الحرب 68589 كم2، إضافة إلى ما كانت احتلته في حرب 1948. كما ازداد عمقها الإستراتيجي و
هامش أمنها. وفيما يلي جدول ببعض المسافات javascript:hout();:

من خط الدفاع الأول
إلي
قبل حرب 67/كم
بعد حرب 67/كم
السوري
الأردني
الأردني
الأردني
مصر

حيفا
حيفا
تل أبيب
القدس
تل أبيب

55
30
17
صفر
90

80
50
64
40
140
سيطرت إسرائيل على منابع النفط في سيناء، وعلى موارد المياه في المرتفعات السورية والضفة الغربية. وبدأت تنفيذ مشاريع الاستيطان الاستعماري في الأراضي المحتلة، واستقدام المهاجرين اليهود لتوطينهم فيها. وضمت القدس "عاصمة أبدية لها". واحتفظت بالأراضي المحتلة لديها، لتفرض الصلح على الدول العربية المحيطة بها، بالشروط التي تُحقق مصالحها وأمنها، وفي إطار أهدافها الصهيونية والتوسعية
خـرائط النشاط الأمريكي التجسسي الجوي والبحري
سفينة التجسس ليبرتي وطائرات التجسس الإلكتروني
أمام شواطيء مصر وسيناء وإسرائيل

صورة السفينة ليبرتي قبل المهاجمة مواقع طائرات التجسس الإلكتروني الأمريكية أمام شواطيء الحـرب سيناء وإسرائيل ومصر نطاق التجسس الإلكتروني من السفينة "ليبرتي" الأمريكية نطاق ودائرة التجسس الإلكتروني من السفينة "ليبرتي" الأمريكية تحركات سفينة التجسس الأمريكية "ليبرتي" أمام الشواطيء المصرية تحركات سفينة التجسس الأمريكية "ليبرتي" أمام شواطيء سيناء المصرية حرب الأيام الستة من الأسطورة إلى الواقع
أربع دوائر لعملية تصفية سلاح الطيران المصري
جزء 3 - من 3بقلم الكاتب الفرنسي بيير رازو
أربع دوائر لعملية تصفية سلاح الطيران المصري

يجد القارئ نفسه هنا على موعد مع أهم ملامح حرب يونيو 1967، وهي المتعلقة بالضربة التي وجهتها إسرائيل بهدف إنهاء دور الطيران العربي في الحرب، حيث نتبين سريعاً أن هذه الضربة تم التخطيط لها في واقع الأمر منذ أوائل الستينات، وأنها استمدت إلهامها من العمليات المناظرة
التي جرت خلال الحرب العالمية الثانية والعدوان الثلاثي على مصر، ورغم دخان الحرب وضبابها فإنه تتبدى لنا بطولات الطيارين العرب، رغم الظروف الموضوعية المستحيلة التي وجدوا أنفسهم فيها.

كان الإستراتيجيون الإسرائيليون، وعلى رأسهم مردخاي هود، قد خططوا للقيام بهجوم جوي واسع يرمي إلى إنهاء الطيران العربي الأقوى «نظريا» مما تمتلكه القوات الجوية الإسرائيلية. وكان قد جرى تدريب الطيارين الإسرائيليين على تلك الخطط بكل تفاصيلها لفترة طويلة من الزمن قبل
الخامس من يونيو 1967،

وإذا كان الإسرائيليون قد نجحوا في تنفيذ خططهم، فإن مؤلف هذا الكتاب يؤكد قوله: «أظهر الطيارون العرب من جهتهم شجاعة وتصميما كبيرا، إذ حاولوا أن يزيلوا بالاعتماد على صفاتهم الشخصية أشكال الفاقة التي أوجدتها مؤسسة ثقيلة ومصابة بالتصلب غالبا».

بدأت الملامح الأولى لفرضية القيام بهجوم جوي إسرائيلي يستهدف أولا بأول الطيران المصري ترتسم منذ مطلع سنوات الستينات. ذلك أن هذا الطيران بقاذفاته الثقيلة وطائراته المطاردة الحديثة كان يشكل في الواقع التهديد الأكبر بالنسبة للدولة العبرية. ومنذ البداية أيضا لم يكن مرتقبا القيام بهجوم على الطيران السوري والعراقي إلا في مرحلة ثانية، أي بعد أن يكون قد جرى إخراج الطيران
المصري من المعركة.

من الواضح أن الإستراتيجيين العسكريين الإسرائيليين قد استلهموا في عمليتهم الجوية من الهجومات الكبرى التي شهدتها الحرب العالمية الثانية. ثم كانت هناك العمليات التي جرت أثناء حرب السويس 1956 عندما قامت القوات الجوية الفرنسية والبريطانية بهجوم جوي كبير استهدف
إنهاء دور الطيران المصري،

وهذا ما تمّ التوصل إليه عمليا خلال ثلاثة أيام. ويشير المؤلف إلى أنه منذ حملة السويس انكبّ العديد من المتدربين الإسرائيليين على الدراسة في المدارس العسكرية ولدى قيادات الأركان في فرنسا وإنجلترا لاستخلاص أقصى كمية ممكنة من دروس حملة السويس.

ويشير المؤلف إلى أن الإستراتيجيين العسكريين الإسرائيليين قد حددوا أربع دوائر لعمليتهم انطلاقا من إسرائيل باتجاه مصر. شملت الدائرة الأولى القواعد الجوية المصرية الموجودة في شبه جزيرة سيناء وضمّت الثانية القواعد الموجودة في منطقة قناة السويس والثالثة خصّت منطقة الدلتا وشكّلت منطقة مصر العليا موضوع الدائرة الرابعة.

كان مفترضا أن يتم الهجوم على كل قاعدة جوية مصرية بواسطة أربع طائرات بفوارق زمنية منتظمة بحيث يبقى الضغط على أكبر مستوى على الطيران المصري. وجرى تصميم الخطة
بحيث تقوم الطائرات الإسرائيلية أولا بضرب المدارج لمنع إقلاع الطائرات المصرية ثم محاولة تدمير أكبر عدد ممكن من طائرات الميج-21، باعتبارها الطائرة المعترضة الوحيدة التي يمكن أن تنافس طائرة ميراج-3 الإسرائيلية. وقد استثني من تلك الخطة مطار العريش من أجل إمكانية استخدامه من قبل الطائرات الإسرائيلية نفسها بعد السيطرة على مدرّجه. بل كان الإسرائيليون قد أقاموا مطارا على
شاكلة المطارات المصرية في صحراء النقب «من أجل التدرب على الشروط الأكثر واقعية ممكنة».

ملامح الخطة

كانت الضربة الإسرائيلية الجوية الأولى مدروسة بأدق التفاصيل، ثم جرت الضربات التالية بناء على درجة التدمير الذي حققته الأولى. هكذا جرى تكليف طائرات «الميراج» و«فوتور» ذات المدى الأكبر بضرب الأهداف المصرية الأكثر بعدا. وكان الإسرائيليون قد زجّوا بجميع طائراتهم تقريبا في الضربة الأولى، وكانت القيادات العسكرية الإسرائيلية تتوقع إمكانية أن تصل خسائرها فيها إلى حوالي 30 بالمئة.

كانت قيادة سلاح الطيران الإسرائيلي قد أكثرت خلال الأسابيع التي سبقت اندلاع الحرب من مهمات الاستطلاع على ارتفاع منخفض فوق سيناء ومنطقة دلتا النيل من أجل اختبار ردود أفعال السلاح المصري المضاد للطيران. وقد سمحت تلك المهمات للإسرائيليين بتحديد مناطق التحليق الأقل
اكتظاظا بالسكان والمحاور الأكثر أمانا، مما كان يعني التقليل من خطر الكشف من قبل أجهزة الرادار.

وكان العديد من المهمات يرمي إلى إقناع المصريين بأنه في حالة الهجوم سيقوم الإسرائيليون به عبر البحر الأحمر، بينما كانوا قد خططوا في الواقع للقيام به عبر المتوسط.

وأخيرا، سمحت تلك المهمات الاستطلاعية للإسرائيليين بتحديد مواقع انتشار الوحدات المصرية والمواقع التي سيستهدفونها في المطارات المصرية.

جرت حسابات دقيقة ساعة إقلاع الطائرات الإسرائيلية المشاركة في الضربة الأولى عند الساعة الثامنة و45 دقيقة من صباح الخامس من يونيو. وكانت تلك الساعة هي التي تسمح بأفضل مجال للرؤية بالنسبة للطيارين فقبلها قد يكون هناك بعض الغبار وبعدها تكون انعكاسات أشعة الشمس قوية جدا.

ثم إن اختيار مثل هذه الساعة، غير المعتادة بالنسبة لهجوم مباغت، عاد إلى أن الطائرات المصرية تكون قد حطّت بعد أول دورية لها في النهار، وبالتالي تكون مسمّرة في الأرض من أجل الرقابة التقنية وإعادة تزويدها بالوقود.

وتتناظر الساعة المختارة مع ساعة افتتاح المكاتب، وهي ساعة الازدحام الكبير في القاهرة والذي لا بد أن يعيق ضباط القيادة المتوجهين إلى مقرّات عملهم. وبالتالي لن يكون بإمكانهم التحرك بسرعة.

تركز الهجوم الجوي الإسرائيلي على القواعد الجوية ثم منشآت الرادار المصرية ومواقع الصواريخ أرض ـ جو ثم منشآت الاتصال التابعة للقيادات. وكانت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية قد جمعت معلومات عن الهوية الدقيقة للعديد من الطيارين المصريين بحيث إنه يوم اندلاع الحرب قامت أجهزة الدعاية الإسرائيلية ببث رسائل لهم على تردد الموجة المعتادة للعمل، وزودتهم بمعلومات خاطئة، وثبطت من عزيمتهم، وحاولت إقناعهم أنه لا جدوى من المقاومة.

بل ويشير مؤلف هذا الكتاب إلى أن طيارا مصريا تلقى الأوامر المضللة بقطع مهمته وإلقاء قنابله في البحر الأبيض المتوسط. وكان الإسرائيليون قد حصلوا بعملية استخباراتية على طائرة ميج-21، أي رأس حربة الطيران العربي، بواسطة طيار عراقي فرّ بها إلى إسرائيل بتاريخ 16 أغسطس 1966، أي قبل عدة أشهر من اندلاع حرب 1967.

في فجر الخامس من يونيو 1967 قامت عدة أسراب من الطائرات المصرية بدورياتها المعتادة بالقرب من الحدود، كما كانت تفعل كل يوم منذ بداية الأزمة العسكرية والدبلوماسية مع إسرائيل. كان الوضع متوترا جدا وكانت السلطات العسكرية المصرية تأخذ إجراءات وقائية ضد أي تحرش جوي إسرائيلي، إذ من المعروف أن الهجومات الجوية تقوم غالبا عند الفجر.

وعندما حطّ الطيارون المصريون بطائراتهم عند ساعة الإفطار، لم يكن يخطر لهم أبدا أن أحداثا ستجري في الدقائق التالية ستحطم قوتهم الجوية المهمة. ولم تتم أبدا ملاحظة أي نشاط جوي خاص من قبل الإسرائيليين.

وبعد الساعة الثامنة من صباح يوم 5 يونيو شاءت الصدف أن تنطلق ثلاث طائرات نقل على متن الأولى وزير الحربية المصري ورئيس الأركان وعدد من كبار الضباط؛ وكانت الطائرتان الأخريان تقلاّن نائب الرئيس المصري ورئيس الوزراء العراقي برفقة عدد من الصحافيين. وكان من المفروض أن يقوم هؤلاء المسؤولون الكبار بزيارة تفتيشية في منطقة قناة السويس.

ولذلك كانت وسائل الدفاع الجوي المصرية قد تلقّت الأوامر بعد إطلاق النيران بين الساعة الثامنة والساعة التاسعة صباحا خشية إصابة إحدى تلك الطائرات الثلاث عن طريق الخطأ. وعندما حطّت تلك في مطار فايد، كانت الطائرات الإسرائيلية بدأت قصفها للقواعد والمطارات المصرية.

بداية الهجوم الجوي

مع اللحظات الأولى من صبيحة 5 يونيو 1967، تعاقبت عدة تشكيلات مؤلفة من أربع طائرات بالانطلاق لضرب أهداف مصرية، كان قد جرى تحديدها بدقة سابقا. وكان الطيارون الإسرائيليون قد تلقوا أوامر بعدم تعطيل إمكانية الإقلاع، وإذا صادف أية صعوبات في الإقلاع فعليه أن يفعل
كل ما يكفل عدم إعاقة إقلاع الطيارين الآخرين.

وكانت الأوامر هي أن تطير الطائرات الإسرائيلية المتجهة نحو أهدافها على ارتفاع منخفض جدا قد يقل أحيانا عن 15 مترا فوق سطح الأرض. كان الإسرائيليون يخشون كثيرا أن تكشفهم الرادارات السوفييتية الموجودة في البحر الأبيض المتوسط، إذ كان على الطائرات المكلفة بالضربة الأولى أن
تطير فوق المتوسط قبل أن تغير وجهتها جنوبا كي تفاجئ المصريين، الذين لم يكونوا ينتظرون أبدا أن يأتي الإسرائيليون من هذه الوجهة.

عند الساعة الثامنة و50 دقيقة من صباح 5 يونيو 1967 كانت أول طائرة إسرائيلية مهاجمة فوق هدفها، أي المطار الدولي غرب القاهرة الذي كان يضم عددا من الطائرات المقاتلة المعترضة والقاذفات الثقيلة من طراز تي يو-16 التابعة للكتيبة الجوية المصرية الخامسة والستين.

كانت تلك القاذفات بمثابة التهديد الأكثر أهمية على إسرائيل وقد قامت ثلاث تشكيلات من السرب المهاجم بضرب أهدافها بفارق 15 دقيقة بين كل ضربة والتي تليها. كان الهدف الأول هو مدارج إقلاع الطائرات التي قصفها الإسرائيليون بقنابل زنتها 500 كيلوغرام وبقذائف خاصة معدة للمدرجات ثم قصفوا الطائرات الجاثمة ودمّروا منها في الضربة الأولى 13 طائرة من طراز تي يو-16 وثلاث طائرات ميج-21 وطائرة اليوشن-28.

وهاجمت الطائرات الإسرائيلية أيضا في الضربة الأولى مطار بني سويف حيث كانت توجد كذلك طائرات تي. يو-16 ومطار بير تمادة حيث كانت توجد طائرات ميج-17 وطائرات سوخوي-7
التابعة للسرب 55 من الكتيبة الأولى، والتي كانت الوحدة الوحيدة التي تملك مثل تلك الطائرات الجديدة. وقد تمّ تدمير جميع تلك الطائرات حيث كانت على الأرض، بينما لم يخسر الإسرائيليون أية طائرة.

وتعرّضت أيضا جميع القواعد والمطارات المصرية، وخاصة القريبة من القاهرة وفي دلتا النيل للضرب وجرى تدمير 13 طائرة ميج-21 في قاعدة انشاص الجوية وحدها، وسبع طائرات من الطراز نفسه في قاعدة كبريت و17 طائرة ميج مطار فايد.

وينقل المؤلف في هذا السياق عن المقدّم المصري سمير عزيز ميخائيل قوله: «كنّا قد عدنا للتو من دوريتنا النهارية الأولى. وكنت أغتسل عندما سمعت أصوات الانفجارات. ولم أكن أستطيع تصور إن الإسرائيليين يهاجموننا.

عندما خرجنا رأينا طائرات الاستطلاع الأربع تحترق، بينما كانت طائرة مهاجمة إسرائيلية تتابع الهجوم عليها. ارتدينا بسرعة زي الطيران ووضعنا خوذنا على رؤوسنا ثم حاولنا الانطلاق إلى حيث توجد طائرات أخرى في الطرف الآخر للمدرج، لكن قبل أن نصل إليها كان الإسرائيليون قد دمروها أيضا.

فاتجهنا بسرعة صوب طائرة ميج-15 ذات مقعدين للتدريب ومزودة بمدفع، لكن محركها لم يدر. رأيت عندها طائرة ميستير تنقض نحونا على ارتفاع منخفض. فأخرجت مسدسي من نوع بريتا 9 مللميتر وأفرغت ما فيه صوبها، من دون نتيجة.

أمرنا رؤساؤنا عند ذلك باللجوء إلى القرية المجاورة».

وعلى الرغم من قسوة الضربة الأولى وما ألحقته من خسائر فادحة، دخلت وسائل الدفاع الجوي المصرية في المعركة بسرعة، وأسقطت عدة طائرات إسرائيلية وسقط عدد من الطيارين الإسرائيليين بين قتيل وأسير. وأظهر بعض الطيارين المصريين شجاعة كبيرة، هكذا استطاعت طائرات ميج-21 تابعة لدورية الإقلاع أثناء المعارك من مطار ابوصوير واشتبكت بمعركة جوية مع طائرات ميستير الإسرائيلية.

وينقل المؤلف عن المقدّم عواد حمدي رئيس الدورية المصرية قوله: «عندما أصبحت في الجو رأيت أربع طائرات إسرائيلية تترك تشكيلها من أجل الانتقال إلى الهجوم. سددت على إحداها وقلت لنفسي إنني لن أخطئها. لكن طيارا آخر من دوريتي أطلق قبلي صاروخ اتول عليها، ولكن بما أننا كنا
نطير على ارتفاع منخفض ارتطم الصاروخ بالأرض.

ولم تكن طائرة الميج-21 التي أقودها مزودة بمدافع وإنما فقط بصاروخين جو-جو فقمت بالتسديد من جديد وأطلقت صاروخ اتول انفجر بالقرب من طائرة الميستير الإسرائيلية. وعندما كنت أستعد لإطلاق الصاروخ الثاني تركت الطائرات الإسرائيلية ساحة المعركة وعادت باتجاه قاعدتها».

الموجة الثانية

أثارت الموجة الأولى من الضربات الجوية الإسرائيلية حالة من الهلع والتشوش لدى مسؤولي القوات الجوية المصرية فيما ينبغي عمله. فهل كان ينبغي تنظيم عملية الرد بما بقي من إمكانيات أم كان من الأفضل محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه وتوزيع الطائرات المصرية السليمة على مواقع ثانوية أو على مطارات مصر العليا كما حدث في شهر نوفمبر من عام 1956 أثناء الهجوم الثلاثي على السويس؟

لكن لم يكن هناك الكثير من الوقت لطرح العديد من الأسئلة إذ أن الإسرائيليين أطلقوا موجة ثانية من الضربات الجوية وقصفوا مطار القاهرة الدولي ثم القواعد الجوية في بلبيس وحلوان والمنيا ومطار غرب القاهرة من جديد. هنا أيضا أبدى الطيارون المصريون شجاعة كبيرة.

وينقل المؤلف عن الطيّار نبيل شكري الذي أسقط بطائرته الميج-21 طائرة ميراج إسرائيلية قوله: «كان قد جرى تدمير أغلبية طائراتنا المعترضة منذ سلسلة الضربات الأولى.

واستطعنا مع ذلك الاحتفاظ ببعض طائرات الميج-21. لقد أقلعنا عند الساعة الحادية عشرة صباحا من قاعدتنا في انشاص من مدرج يبلغ طوله 900 متر فقط. كنت متأكدا أن ذلك كان طوله إذ كنت قد قمت أنا نفسي بقياسه في السيارة قبل عدة دقائق من الإقلاع».

«وعندما وصلنا إلى ارتفاع 5000 متر أخبرنا المراقبون الأرضيون بأن الإسرائيليين يهاجمون قاعدتنا فاتجهنا نحو انشاص. وقد شاهدت طائرتي ميراج تتقاطعان معنا من جهة اليسار وقد كنّا قريبين من بعضنا إلى درجة أنني لمحت طرف خوذة الطيار الإسرائيلي. قمت بالمناورة مباشرة كي أضع طائرته أمام طائرتي. وكنت قريبا جدا إلى درجة أنني لم أستطع استخدام الصواريخ، وطائرة الميج-21 ليست مزودة للأسف بمدافع.

حاولت طائرات الميراج الإسرائيلية المناورة على المستوى الأفقي من دون نجاح ثم على المستوى الشاقولي مما أعطاني فرصة. كانت طائرتنا الميج-21 تمتلك محركا أقوى من طائرة العدو مما أعطانا ميزة حقيقية في الطيران الشاقولي. وهكذا استطعت أن أضع طائرتي بسرعة خلف الطائرة
الإسرائيلية وبمسافة تسمح بالرمي.

أطلقت صاروخاً تول الأول الذي انفجر بالقرب من الطائرة المعادية وانبثق منها دخان أسود كثيف. اقتربت أكثر ثم أطلقت الصاروخ الثاني. فانفجرت طائرة الميراج بينما استطاع قائدها أن يقذف نفسه بالمظلة». كان اسم طيارها الكابتن نيومان، وعندما وصل إلى الأرض أجهز عليه الأهالي المحليون.

بعد موجتين من الضربات الجوية في الفترة الصباحية من 5 يونيو 1967، بدأت موجة ثالثة ثم رابعة منذ مطلع بعد ظهر ذلك اليوم نفسه وحتى حلول الظلام، ولكن بإيقاع أقل من الصباح. وكانت القواعد الجوية والمطارات المصرية هي المستهدفة أيضا

ولكن هوجمت أيضا، القوى الجوية العربية الأخرى، وخاصة قواعد عمّان في الأردن و«ت-4» في سوريا. كما قصفت الطائرات الإسرائيلية محطة رادار جبل عجلون في الأردن.

كما هوجمت قواعد أخرى من بينها مطار الضمير والمزّة العسكريين السوريين.

وفي ليلة 5 إلى 6 يونيو 1967 قام المصريون بجهود هائلة بعد يوم من الغارات المتواصلة. وقد تركّزت جهودهم على إعادة ترميم مدارج المطارات المدمرة. وقد فقد العشرات منهم حياتهم ذلك أن القنابل التي استخدمها الإسرائيليون كانت مزودة بجهاز لتفجيرها بوقت لاحق مما أدّى إلى انفجارات خلال الليل حيث كانت فرق الترميم تقوم بعملها.

المحصلة

في محصلة اليوم الأول لحرب 5 يونيو كانت الخسائر من الجانبين، كما يقدمها مؤلف هذا الكتاب، بالنسبة للطيران هي خسارة 272 طائرة مقاتلة عربية وهي على الأرض، من بينها 122 طائرة ميج-21 و86 طائرة ميج-17 و21 هنتر و12 ميج-19 و12 سوخوي-7 و2 فامبير.

وكان عدد الطائرة القاذفة المدمّرة هو 59 قاذفة عربية من بينها 30 من طراز تو-16 و29 من طراز اليوشن-28. هذا بالإضافة إلى 35 طائرة نقل و19 طائرة عمودية (هيلوكبتر).


أما أثناء المعارك فقد خسر العرب 29 طائرة مقاتلة من بينها 12 طائرة ميراج-21 و7 ميج-17 و7 هنتر و3 ميج-19 وطائرة قاذفة اليوشن-28 وطائرتي نقل.

أما على الجانب الإسرائيلي فقد كانت الخسائر هي إسقاط 5 طائرات ميراج-3 و5 طائرات ميستير-4 و5 طائرات أوراغان و4 طائرات اس.ام.بي-2 و3 طائرات فوتور و3 طائرات ماجستر، أي ما مجموعه 25 طائرة. هذا بالإضافة إلى إصابات كبيرة لحقت ب4 طائرات ميراج-3 وأربع طائرات ميستير 4 و3 طائرات أوراغان وطائرتين اس.ام.بي-2 وطائرتين من طراز فوتور واثنتين ماجستر.

وما يؤكده مؤلف هذا الكتاب هو أنه على الرغم من التفوق الجوي الكبير للإسرائيليين أثبت العشرات من الطيارين العرب كفاءة وجسارة عاليتين ولم يترددوا في التحليق فوق أرض المعركة بحثا عن أهداف معادية.



وفي فجر يوم 6 يونيو رصدت القوات المصرية موقعا متقدما لقيادة الجنرال الإسرائيلي جافيتش، قائد الجبهة الجنوبية، فأرسلت أربع طائرات ميج-17 لقصفه وجرى تدميره بعد أن كان الإسرائيليون قد خرجوا منه في اللحظة الأخيرة.

وفي صبيحة ذلك اليوم استطاعت قاذفتان عراقيتان من طراز تو-16 التغلغل داخل المجال الجوي الإسرائيلي وقصف منطقة ناتانيا ثم قصف قاعدة رامات دافيد. وفعلت طائرتا سوخوي-7 مصريتان نفس الشيء وقصفتا مواقع إسرائيلية. وتتم الإشارة في هذا الإطار إلى الشجاعة والمهارة اللتين أظهرهما الطيار المصري فتحي سليم في سماء سيناء.

ووصلت في اليوم نفسه ست طائرات ميج-21 جزائرية إلى قاعدة العريش المصرية. لكن أغلبية هذه الطائرات استحوذ عليها الإسرائيليون سليمة إذ كانوا قد استولوا على ذلك المطار قبل فترة وجيزة. وفي صبيحة 7 يونيو قام تشكيل إسرائيلي من 4 طائرات «فوتور» قاذفة ترافقها 4 طائرات ميراج-3
مقاتلة بهجوم على قاعدة «ه-3» العراقية.

كان ذلك هو الهجوم الجوي الثالث على تلك القاعدة. رصدت القوات العراقية الطائرات المهاجمة وأسقطوا طائرة ميراج وطائرتين فوتور وأسرت أحد الطيارين بينما قُتل طياران إسرائيليان آخران. وينقل المؤلف عن طيار إحدى طائرات الميراج الإسرائيلية «جدعون درور» شهادته عن تلك العملية
الفاشلة

وجاء فيها: «لقد خسرنا في الواقع امتيازنا، وعند اقترابنا من الهدف ارتفعنا بطائراتنا أكثر وأيقظنا بذلك كل رادارات المنطقة.هكذا فقدنا عنصر المفاجأة. لقد كانوا بانتظارنا وفتحت وسائل الدفاع الجوي النار علينا؛ كما كانت هناك طائرات مقاتلة في الجو (...). لقد أصيبت طائرتي وقذفت نفسي بالمظلة لتتحطم بعد أربع ثواني عند اصطدامها بالأرض».


قبل سكوت المدافع

خلال الأيام الثلاثة الأخيرة قامت الطائرات الإسرائيلية بتكثيف هجماتها ضد القوات المصرية لمتراجعة في شبه جزيرة سيناء. وركزت تلك الهجومات على ممري الجدي ومتلا، أي نقطتي المرور الرئيستين للوصول إلى مشارف قناة السويس. كانت الصور التي تم توزيعها لهياكل العربات
المحترقة رهيبة.

ورغم كل شيء قام الطيران المصري في تلك الليلة بأربعين مهمة ضد القوات الإسرائيلية التي كانت تتقدم. وينقل المؤلف عن العقيد تحسين زكي الذي شارك في إحدى تلك المهمات قوله: «عندما كنت أحضّر مهمتي أخبرني رئيسي بالهاتف أن جميع القوات المصرية قد أصبحت موجودة غرب ممر
متلا وأن الوحدات شرقه هي إذن إسرائيلية. أقلعت عند الفجر بطائرتي الميج-21 مع طيار آخر باتجاه مضيق المتلا.


وهناك لاحظنا أنه لا تزال توجد قوات مصرية شرقه كانت مهددة أيضا من قبل رتل من دبابات السنتوريون الإسرائيلية فأفرغنا عليها كل صواريخنا جو-أرض من عيار 57 ملمترا، بدا أن بعضها قد أصابت الهدف ولكن لم تتحطم أية دبابة إسرائيلية مما وضّح بجلاء ضعف فعالية الذخائر التي زودنا السوفييت بها».

في يوم 9 يونيو 1967 كان ثقل المعارك قد انتقل إلى الجبهة الشمالية حيث أراد الإسرائيليون تحطيم معنويات القوات السورية المتمركزة في أعالي هضبة الجولان.

في الوقت نفسه كان النشاط الجوي للقوات العربية قد تضاءل كثيرا وأصبح من النادر وجود طائرة مقاتلة سورية أو عراقية في أجواء المعركة. لكن وسائل الدفاع الجوي السورية نجحت يومذاك في إسقاط طائرة ميراج إسرائيلية، قذف قائدها بالمظلة واسترجعه الإسرائيليون بواسطة طائرة هيلوكبتر.

لقد تابعت الطائرات الإسرائيلية قصفها للقوات السورية، خاصة في هضبة الجولان، ويوم 10 يونيو، اليوم الأخير من العمليات، دعم الطيران الإسرائيلي أيضا تقدم القوات الإسرائيلية وبقي موجوداً باستمرار في الأجواء. وفي ذلك اليوم أسقطت المدفعية السورية طائرة «أوراغان» إسرائيلية، قبل أن تتوقف المعارك.



مــذكــرات الفريق عبدالمنعم واصل

"التفاصيل عن المعارك" خلال نكسة حــرب 1967
كتاب "االـصــراع العربي الإسرائيي"


page001.th.jpg
تعتبر التفاصيل التي يتطرق إليهم ويدونهم ، الفريق عبدالمنعم واصل في كتابه "الصراع العربي الإسرائيلي" ، من أهم "التفاصيل عن المعارك" خلال نكسة حــرب 1967
ومتابعة لمحاولة توثيق جميع ما يمت إلي هذه "الهزيمة" .... سأنشر أيضا ما أدلي به ووثقه القادة العسكريين الذين تواجدوا علي ســاحة الحرب ... وما أدلوا به من تفاصيل ، عن "حرب أدخلتهم فيها القيادات السياسية بشكل إستعراضي ... والعسكرية بواقه إهمالي وإرتباكي تكرر للمرة الثانية بعد حرب العدوان الثلاثي 1956
http://samy-sharaf.bravehost.com/WAR67/GENERAL-WASFY67-5.html



الضربة الجوية الإسرائيلية الشاملة 5 ـ يونيه 1967

العمليات الجوية:

الضربة الجوية الإسرائيلية الشاملة:


عندما سئل الجنرال "موردخاي هود" قائد القوات الجوية الإسرائيلية، كيف حقق هذا النصر؟
كان رده لقد أنفقنا عصارة ستة عشر عاما من الإعداد والتخطيط، وفى هذه السنوات كنا نعيش مع الخطة وننام مع الخطة، ونتغذى بالخطة التي هضمناها تماما. وكانت معلومات مخابراتنا عن تحركات طيران العدو ونشاطه، وعن أماكـن قواعده وعن التفاصيل الدقيقة حولها، وعن أماكن وجود طائراته وأجهزة الرادار والصواريخ، وكانت كل هذه المعلومات على درجة عالية من الامتياز .. وكانت إدارة العمليات بكفاءة وتطعيم الخطة بكل ما هو جديد وإبلاغ الطيار في الجو عن وجود أهداف جديدة، كل هذا لعب دورا حيويا في نجاح الخطة. كما كانت طريقة تنفيذ الطيارين للتعليمات هي الشرط الأساسي للنجاح .. وقد تدرب الطيارون على هذا النوع من الهجوم في صحراء النقب لمدة عدة أعوام طويلة… وأنه في الساعة 8.45 من صباح الاثنين 5 يونيه، كانت كفاءة الطيران الإسرائيلي هي 99%".

تحديد توقيت بدء الضربة الجوية "من وجهة نظر إسرائيلية
تم حساب التوقيت في رئاسة الأركان الإسرائيلية بحيث تحقق أقصى قدر من المفاجأة .. وكانت الحسابات نتيجة لرصد الروتين اليومي للقوات المصرية والإلمام التام بأسلوب الاستعداد القتالي، وفكر القادة المصريين، وقد كانت هناك أربعة أسباب رئيسية وراء اختيار إسرائيل للساعة السابعة والدقيقة 45 بتوقيت إسرائيل كموعد لبدء الهجوم "الثامنة وخمسة وأربعون دقيقة بتوقيت مصر":

أولا
كانت حالة الاستعداد المصرية قد بلغت الذروة. وكان من الصواب الافتراض بأن المصريين كانت لديهم منذ أن بدءوا في حشد قواتهم في سيناء عدة طائرات من طراز "ميج-21" تقف على أهبة الاستعداد في نهاية الممر في فجر كل صباح بحيث تكون على استعداد للتحليق في الجو في مدى خمس دقائق، كما كان من المحتمل أيضا أن لديهم دوريات تحلق في الجو وتتألف من طائرة أو طائرتين من طراز "ميج-21" في هذه الفترة من اليوم - وهي الفترة التي من المرجح فيها على الأغلب أن يقع هجوم العدو.
غير أنه رؤى أنه ليس من المرجح، إلى حد كبير، أن يستمر المصريون في هذه الحالة من الاستعداد إلى فترة غير محدودة، وبما أنه لم يقع أي هجوم خلال ساعتين أو ثلاث ساعات بعد الفجر، فمن المرجح أن المصريين كانوا يخففون من حالة استعدادهم ويطفئون بعض أجهزة الرادار لدواعي الصيانة. وقد شعر الإسرائيليون أنه من الصـواب الافتراض بأن المصريين كانوا يقللون من درجة استعدادهم في الساعة 0730 (0830 بتوقيت القاهرة).

ثانياً
أن الهجمات الجوية تقع في أغلب الأحيان في الفجر، ولذلك كان لابـد على الطيارين أن يكونوا داخل طائراتهم قبل ثلاث ساعات على الأقل من تحليقهم في الجو، ومعنى هذا أنه كان لا بد عليهم أن يستيقظوا في حوالي منتصف الليل، أو لا يناموا على الإطلاق في تلك الليلة. وبتحديد الساعة 0745 لتوجيه الضربة الأولى، أصبح في استطاعـة الطيارين الإسرائيليين أن يناموا حتى الساعة 0400 صباحا أو نحوها..

ثالثا
في هذا الوقت من العام يوجد ضباب في الصباح فوق مناطق واسعة من النيل والدلتا وقناة السويس. وفي الساعة 0730 يكون هذا الضباب على وشك أن ينقشع. وفي حوالي الساعة 0800 يكون الجو عادة صافيا لأقصى درجة، وتكون الرؤية واضحة إلى أقصى حد بسبب زاوية الشمس، ويكون الجو ساكنا إلى حد كبير، وهذه العوامل تعتبر على جانب كبير من الأهمية في حالة إلقاء القنابل وتصويبها بدقة على ممرات الطائرات.

رابعا
الساعة 0745 (بتوقيت إسرائيل) تقابل الساعة 0845 بتوقيت مصر. فلماذا حدد الموعد في هذه الساعة، ولم يحدد في الساعة الثامنة أو الساعة الثامنة والربع؟.. إن المصريين يذهبون إلى مكاتبهم في الساعة التاسعة. وتوجيه الضربة قبل هذا الموعد بخمس عشرة دقيقة معناه مفاجأة كبار الضباط وقادة السلاح الجوي وهم في طريقهم إلى مكاتبهم، ومفاجأة الطيارين وأفراد القوات الجوية وهم في طريقهم إلى أداء تدريباتهم وغير ذلك من الأعمال الأخرى.

وقد كان الجنرال "موردخاي هود"، قائد السلاح الجوي الإسرائيلي، في مركز قيادته عندما قامت آخر دورية من الدوريات التي كانت الطائرات المصرية تقوم بها في الساعات الأولى من الصباح بالتحليق في الجو، وأخذت تظهر على شاشات الرادار الإسرائيلية، ثم ضغط على ساعته الميقاتية، وكان يعرف بالضبط المدة التي يمكن للطائرة الميج أن تبقى أثناءها في الجو. وفي الساعة 0745 تكون الدورية قد استنفذت وقودها تقريبا وفي طريقها إلى الهبوط..

وكانت الأهداف الأولية هي جعل الممرات غير صالحة، وتدمير أكبر عدد ممكن من طائرات "الميج-21"، وطائرات "الميج-19" هي الطائرات المصرية التي كان باستطاعتها أن تمنع بطريقة فعالة السلاح الجوي الإسرائيلي من تحقيق هدفه الرئيسي، وهو تدمير قاذفات القنابل المصرية البعيدة المدى والتي تشكل تهديدا كبيرا للسكان المدنيين في إسرائيل. وقد تم تدمير ثمانية تشكيلات من طائرات "الميج-21" عندما كانت تربض في نهاية الممرات..

وقبل نشوب الحرب بيومين تمكن الإسرائيليون من أن يُحملوا المصريين على نقل 20 طائرة من طائرات الخطوط الأمامية (12 طائرة من طراز ميج-21، و8 طائرات من طراز ميج-19) من المنطقة المحيطة بالقاهرة والقناة، حيث تتمركز القواعد الجوية المصرية إلى الغردقة في الجنوب، حيث كانت بالفعل بعيدة عن الاشتراك في القتال. وقد حقق الإسرائيليون ذلك بأن أرسلوا عدة دوريات استطلاع جوية كثيفة إلى الجنوب فوق خليج العقبة مما حمل المصريين على الاعتقاد بأن الإسرائيليين ربما يدبرون شن هجوم من اليسار حول الطرف الجنوبي لشبه جزيرة سيناء بدلا من الهجوم من اليمين من حول البحر المتوسط - مثلما حدث بالفعل.

وقد كانت هذه الطائرات، وهي في الغردقة بعيدة بالفعل عن المنطقة الرئيسية للنشاط الجوي الإسرائيلي. وقد توجهت هذه الطائرات الميج العشرون بعد وقوع الهجوم الإسرائيلي شمالا إلى القواعد القريبة من القناة حيث لم تجد أمامها أية ممرات للهبوط، ووقعت فريسة للسلاح الجوي الإسرائيلي. وكانت من الضحايا الجديدة للخديعة الإسرائيلية..

الضربة الجوية الإسرائيلية في اتجاه الجبهة المصرية
شملت الضربة الجوية على هجمتين رئيسيتين، وهجمات جوية منفصلة، واستهدفت المطارات والقواعد الجوية ومحطات الرادار وقواعد الصواريخ، والدفاع الجوي وأهداف أخرى.

وقد استخدمت إسرائيل في تلك الضربة … لأول مرة في الشرق الأوسط - الإعاقة الإلكترونية على شبكات الرادار واللاسلكي المصريتين اعتبارا من الساعة 45ر8، قبل وصول الطائرات الإسرائيلية لأهدافها مباشرة.. ولم تستخدمها قبل ذلك، حتى لا تكون هناك إجراءات مصرية مضادة يتم بسببها اكتشاف الضربة الجوية الإسرائيلية ( ويعتقد بدور سفينة التجسس الأمريكية "ليبرتي" التي كانت تتواجد في مواجهة الشاطيء المصي - بين العريش وحيفا ظ حتي يمكن التصنت علي المرايلات والرسائل اللاسلكية بين جميع القوات المشتركة في القتال) ، وهو ما تؤكده الخرائط التالية .

الهجمة الجوية الإسرائيلية الأولى:
بدأت بإقلاع 183 طائرة إسرائيلية من قواعدها داخل إسرائيل (عكير - رامات دفيد - حاتسور - حتسريم) اعتبارا من الساعة 14ر8 صباحا.. واشترك في هذه الهجمة أفضل الطيارين الإسرائيليين والمتطوعين اليهود من الطيارين الذين انضموا إلى الجيش الإسرائيلي قبل الحرب. وقد تشكلت أسراب هذه الهجمة في خمسة موجات متتالية، كل موجة (الأربعة الأولى بالذات) تتكون من 40 طائرة، تهاجم 10 مطارات مصرية في وقت واحد وهي:

4 مطارات في سيناء:
العريش ـ السر ـ تمادا ـ المليز (على أن لا تقصف ممرات مطار العريش، والذي خطط لاستخدامه بعد الاستيلاء عليه من القوات البرية).

3 مطارات في منطقة القناة:
أبو صوير - فايد - كبريت.
3 مطارات في وسط الدلتا والوادي :
أنشاص - غرب القاهرة - بني سويف.
وبذلك فقد خصص لمهاجمة كل مطار أربعة طائرات، حددت توقيتات عملها بكل دقة (الوصول للهدف "5ر22 دقيقة" - التحليق فوق الهدف 3-4 دورة "5ر7 دقيقة" - زمن العودة "20 دقيقة" - زمن الهبوط "5ر7 دقيقة" -الإجمالي "5ر57دقيقة". كما حسبت توقيتات تتابع الموجات بحيث يضرب الهدف 4-5 مرة، وتستمر الطائرات فوقه لمدة 40-50 دقيقة تقريبا (بما يعني أن الموجة تستمر فوق الهدف 7 دقيقة ثم تخلي الهدف لمدة 3 دقيقة لتبدأ الموجة الثانية عملها اعتبارا من "س+10 دقيقة" والموجة الثالثة تبدأ عملها من س+20، والرابعة س+30، والخامسة س+40) .. وهكذا.
وتحدد خط سير الضربة، بأن تتجه الطائرات غربا ثم شمالا وتطير على ارتفاع منخفض جدا فوق سطح البحر "30 قدما"، وتحافظ على اتجاهات سيرها بواسطة منارات لاسلكية على سفن في عرض البحر.. وفي نقط محددة تتجه مجموعات الطائرات كل في اتجاه عملها.. على أن تحافظ على صمت اللاسلكي أثناء الطيران، وخصوصا الموجات الأولى. وقد وصلت جميع الطائرات إلى أهدافها فيما بين الساعة 42ر08 - 45ر08 لمطارات سيناء وفيما بين الساعة 48ر08 - 50ر08 لمطارات القناة، وفيما بين الساعة 55ر08 - 10ر9 لمطارات الوادي.

الهجمة الجوية الإسرائيلية الثانية: (الشكل الرقم 1)
بدأت مباشرة بعد انتهاء الهجمة الأولى بدون فاصل زمني، بحيث وصلت طائرات الموجة الأولى إلى أهدافها الساعة 34ر9 … وتمت بنفس النظام السابق في تنفيذ الطلعات والموجات… وكانت قيادة الطيران الإسرائيلي من المرونـة بحيث تمكنت من تعديل أهداف هذه الهجمة طبقا للنتائج التي تحققت في الهجمة الأولى. ولم تكن هناك حاجة لصمت اللاسلكي نظرا لأن المفاجأة قد تحققت فعلا، وأن حجم التدمير في القوات الجوية المصرية كان كبيرا بحيث لا يشكل الباقي تهديدا للطيران الإسرائيلي. وقد اشتركت في هذه الهجمة 164 طائرة قامت باستكمال تدمير المطارات والطائرات المصرية بها .. وتدمير 13 محطة رادار، علاوة على الأهداف الأخرى.
وبالحساب الزمني للضربة الجوية يتضح أنها استمرت لمدة أكثر من ساعتين بشكل متواصل فوق المطارات والأهداف المصرية.

الهجمات الجوية المنفصلة
خططت بهدف استكمال تدمير باقي المطارات المصرية، والتدخل لمنع إصلاح المطارات المدمرة، وقصف محطات الرادار.. وقد استمرت هذه الهجمات طوال اليوم ومن خلال هجمات ليلية بهدف منع إصلاح المطارات، واستمرار تعطيلها.

الخسائر المصرية نتيجة الضربة الجوية:
عندما توجه الفريق أول "صدقي محمود" حوالي الساعة الحادية عشرة صباح الخامس من يونيه إلى مركز قيادته في "الجيوشي" (بعد عودة طائرة المشير).. كان أول بلاغ أمامه هو "أن معظم القواعد والمطارات قد هوجمت، أو انتهى تدميرها والطائرات على الأرض، كما علم أنه فقد 80 % من قواته الجوية، ولم تبقى لديه سوى 30 مقاتلة "ميج 17، 21" وأن جميع القاذفات الثقيلة والخفيفة قد دمرت … وكان هذا هو البلاغ المبدئي الذي يحدد الخسائر المصرية بعد أقل من ثلاث ساعات من بدء الحرب.
الضربة الجوية الإسرائيلية على الجبهتين الأردنية والسورية
أعطى الأردن الذريعة لإسرائيل لكي تنفذ خطتها المأمولة ضده، فمع تصاعد أعمال القتال على الجبهة المصرية بدأت إذاعة الأردن في بث بيانات حماسية، حيث أذاع الملك حسين الساعة 27ر9 "أن ساعة الانتقام قد حانت" ثم بيان رئيس الوزراء "إننا نعيش اليوم أكثر ساعات حياتنا قدسية، ونخوض الآن سويا مع الجيوش العربية، معركة الشرف والبطولة ضد العدو المشترك، إن هذه الحرب التي انتظرناها سنين طوال ستغسل العار"… وقد سبق هذا البيان بيانان الأول الساعة 11ر9 "أن الأردن تعرض لهجوم العدو" والثاني نداء إلى الطيارين "نسور الأردن الأبطال .. انشروا أجنحتكم .. إن نهاية إسرائيل بين أيديكم .. اضربوا في كل مكان حتى النصر…".

وطبقا لمعاهدات الدفاع المشترك بين مصر، وكل من سوريا، والأردن… فقد جرت اتصالات لمحاولة تنفيذ خطط القصف الجوي على مطارات إسرائيل الشمالية .. ولكن هذا الطلب لم ينفذ .. بينمـا قامت الطائرات الأردنية منفردة بقصف مطار "ناثانيا" في إسرائيل وقاعدة الصواريخ الجوية الإسرائيلية في "كيفارسيكين".
وفي الساعة الثانية عشرة والنصف وجهت إسرائيل ضربتها الجوية ضد مطارات الأردن "المفرق - ومطار عمـان العسكري" ـ وجميع مطارات سوريا (5 مطارات) ـ وقاعدة الحبانية العراقية ويقول الجنرال "موردخاي هود" "أن الطيران الإسرائيلي قضى على الطيران الأردني والسوري في ظرف 25 دقيقة فقط".

وعندما انتصف النهار كانت الدول العربية الثلاث (مصر والأردن وسوريا) قد خسرت الجانب الأكبر من قوتها الجوية، وأصبحت سماءها مكشوفة أمام الطيران الإسرائيلي الذي يمكن من إحراز السيادة الجوية المطلقة، وأهدى النصر المبكر لأي قوات برية في ميدان القتال
.
وبحساب الطلعات الجوية التي نفذتها إسرائيل من 5 - 10 يونيه 1967
الإجمالي 4338 طلعة جوية خصص منها 3260 طلعة في اتجاه الجبهة المصرية بنسبة 75.1% وقد قسمت هذه الطلعات على أيام القتال المختلفة كالآتي:

يوم 5 يونيه
الإجمالي 918 طلعة على الجبهة المصرية منها 695 طلعة بنسبة 75.5%
يوم 6 يونيه
الإجمالي 790 طلعة على الجبهة المصرية منها 650 طلعة بنسبة 82.2%.
يوم 7يونيه
الإجمالي 750 طلعة .. على الجبهة المصرية منها 470 طلعة بنسبة 62.6%.
يوم 8 يونيه
الإجمالي 585 طلعة .. على الجبهة المصرية منها 530 طلعة بنسبة 90.6%.
يوم 9 يونيه
الإجمالي 705 طلعة .. على الجبهة المصرية منها 475 طلعة بنسبة 64.8%
يوم 10 يونيه
الإجمالي 610 طلعة .. على الجبهة المصرية منها 190 طلعة بنسبة 31.1%

أسلوب الطائرات الإسرائيلية في قصف الأهداف:
كان للسلبية المطلقة في مجابهة الطيران الإسرائيلي أن أعطى الفرصة لتحقيق مهمته بحرية تامة والتحليق فوق المطارات واختيار أهدافه، لدرجة استخدامه للرشاشات في تدمير الطائرات العربية الرابضة في المطار "وهذا الأمر لا يتحقق إلا عندما لا تتواجد أي مقاومة على الإطلاق.. ويذكر "عيزرا وايزمان" في هذا المجال "إن هناك مثلا أمريكـا يقول (لو قمت بدورة واحدة حول الهدف فهذا شيء رائع) .. ولكن طيارينا لم يذهبوا في مهمتهم لأداء ذلك فقط، فقد قام الطيارون الإسرائيليون بعدة دورات حول أهدافهم لتحقيق قدر أكبر من الدقة، ومن إنزال قدر أكبر من الخسـائر في السلاح الجوي للعدو. وقد استخدموا طريقة الانقضاض في إلقاء القنابل إلى حد كبير وبفاعلية شديدة، وهذا هو السبب في أننا لم نستخدم قاذفات استراتيجية، فلم نكن نهتم بقذف المدنيين بالقنابل، وبالنسبة لتدمـير الممرات والطائرات كانت المقاتلات أكثر فاعلية" في نفس الوقت، استخدمت إسرائيل قنابل تدمير الممرات.. التي ذكر الملك حسين عنها : "إن الحفر التي نجمت عن قذف هذه القنابل كان عمقها يصل إلى متر أو مترين، وأن القنابل التي تنفجر في زمن لاحق لوقت إلقائها جعلت عملية إصلاح الممرات مستحيلة. وقد انتظرنا حتى يهدأ الموقف، ولكـن الطائرات الإسرائيلية كانت تتابع في أمواج متعاقبة، وقد كنا نظن أن الليل سيسمح لنا بالتحرك فوق الأرض ولكنهم كانوا يشعلون الحرائق ويحولون الظلام إلى نهار".

هل كانت هناك محاولات ـ ولو فردية ـ لاعتراض الطائرات الإسرائيلية:

في مطار السر في سيناء، تمكن الرائد طيار خيري حسنين من الإقلاع بطائرته أثناء قصف العدو، واشتبك مع الطائرات الإسرائيلية في معركة خاسرة.
وفي مطار أبو صوير صعدت ستة طائرات ميج-21 واعترضت الموجة الثانية لطائرات العدو - وأسقطت طائرتين معاديتين.
في مطار الغردقة نفذت القوات الجوية إجراءات التصدي لموجات هجوم العدو، وتم إسقاط ثلاث طائرات للعدو.
كما قامت بعض الطائرات التي تم إصلاحها أو التي لم تدمر بالعديد من الطلعات في سيناء لتدمير قوات العدو ومساندة قواتنا (ولكن هذه المعاونة كانت قليلة ولا تتناسب مع حجم الطائرات وإمكانياتها في مواجهة سلاح الجو الإسرائيلي).
وفي الأردن قامت الطائرات الأردنية باعتراض طائرات العدو المغيرة، ولكن فارق القوتين كان كبيرا.

خسائر الطيران "من وجهة نظر إسرائيلية":
عقد الجنرال "موردخاي" هود قائد سلاح الطيران الإسرائيلي مؤتمرا صحفيا في الساعة الواحدة بعد منتصف ليلة 5/6 يونيه (بعد 15 ساعة من الضربة الجوية) ليعلن نتيجة الضربة الجوية، ومدى النصر الذي أحرزته إسرائيل، وحدد "لقد دمرنا 411 طائرة على الأرض وبعضها خلال المعارك الجـوية، منها 309 طائرة مصرية، 60 طائرة سورية، 29 طائرة أردنية، 12 طائرة عراقية، وطائرة لبنانية واحدة من طراز هنتر، كما قمنا بتدمير 19 مطارا، 25 محطة رادار مصرية..

أما خسائر إسرائيل في 5 يونيه فكانت 19 طائرة (4 أورجان، 4 ميستير، 2 سوبر ميستير، 2 ميراج، طائرة فوتور، 4 فوجا ماستر) .. وخسائر الطيارين 19 طيارا، منهم 8 قتلى، 11 مفقود


(وقد يكون الجنرال هود مبالغا بالنسبة للخسائر على الجبهة المصرية .. ولكن ماذا تفيد المبالغة مع حقيقة الموقف الذي أصبحت عليه فعلا القوات الجوية المصرية).

ولماذا كل هذه الخسائر في ذلك الوقت المحدود:
يرجع المحللون أن نجاح الضربة الجوية الإسرائيلية بهذا الحجم يتوقف بنفس القدر إلى قصور في الجانب العربي .. بدءا من اللامبالاة في مسئوليات القيادة التي جعلت القيادات المصرية بالكامل خارج مراكز قيادتها في توقيت بدء الضربـة، وتقييد نيران الدفاع الجوي ومنع وجود مقاتلات في الجـو بسبب زيارة المشير للجبهة في هذا التوقيت القاتل.

ويرجع إلى شلل فكر القيادة نتيجة للمفاجأة التي حققتها إسرائيل، كذلك استخدام وسائل الحرب الإلكترونية الحديثة في الشوشرة على شبكات الرادار واللاسلكي، وهو نوع جديد من الوسائل لم تتعود القوات العربية عليه من قبل ويـرجـع إلى فقدان التنسيق بين الجبهات العربية، ولنا أن نعيد التصور الذي سبق أن طرحه "اسحق رابين" فيما لو قام الطيران السوري والأردني بضرب مطارات إسرائيل، وطائراتها تهاجم مصر؟ ونضيف عليه ولو قام الطيران المصري في نفس الوقت باعتراض الطائرات الإسرائيلية بجدية وحسم..؟ أعتقد أن الحرب كانت ستنقلب رأسا على عقب، ويحدث لإسرائيل ما حدث لنا بالضبط .. بل أكثر لأن ذلك كان سيهدد وجودها من الأساس.

الموقف في القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية يوم 5 يونيه 1967:
يعطي الفريق أول "محمد فوزي" رئيس أركان حرب القوات المسلحة في هذه المرحلة الصورة الحقيقية لما جرى في القيادة العامة صباح الخامس من يونيه، واستمر بعد ذلك لفترة ليست بالقصيرة.
"وصل المشير ومعه الفريق أول "صدقي محمود" قائد القوات الجوية والدفاع الجوي والفريق "أنور القاضي"، إلى مقر القيادة العامة بضاحية مدينة نصر حوالي الساعة 30ر10 صباح يوم 5 يونيه حيث غادر الفريق "صدقي محمود القيادة" العامة إلى قيادته فورا.

أصدر المشـير الأوامر إليه بتنفيذ الخطة الجوية "فهد" وهي الخطة التي جهزت عقب التصديق على الخطة "قاهر" الدفاعية منذ 1966. ولكن، لم يتم تنفيذ هذا الأمر لعدم وجود أداة التنفيذ.
وفي حوالي الساعة 11 صباحا كلفني المشير بالاتصال بالقيادة السورية لإخطارها بالموقف، ومحاولة تنفيذ خطط القصف الجوي على مطـارات إسرائيل الشمالية، وهي جزء من الخطط التي كنت قد نسقتها مع رئيس أركان الجيش السوري "اللواء أحمد سويدان".
اتصلت به لاسلكيا، وطلبت منه تنفيذ الخطـة التعرضية "رشيد" لكنني لم أحصل على رد إيجابي، وكان كل ما نطق به هو جملة واحدة "نحاول سيدي" ثم علمت بعد ذلك أنه لم تصدر أية أوامر من الجانب السوري باتخاذ أي موقف مضاد أو تعرضي أو حتى تدخل في أي علميات إطلاقا ضد إسرائيل.
كما كان الفريق عبدالمنعم رياض في عمان قد طلب من القيادة السورية نفس طلبي قبل ساعة أو أكثر. إلا أن تصرف القيادة السورية كان سلبيا أيضا.
بعد ظهر نفس اليوم حضر الرئيس "جمال عبدالناصر"، كما حضر أعضاء مجلس قيادة الثورة السابقون والفريق أول "علي علي عامر"، إلى مقر القيادة العامة، حيث جلس أعضاء مجلس قيـادة الثـورة صـامتين فـي غـرفـة المشير يستمعون إلى البلاغات التي كان يحولها المقدم "علي شفيق صفوت" مدير مكتب المشير مـن غرفة عمليات قيادة القوات الجوية والدفاع الجوي إلى وسائل الإعلام المختلفة، وكانت كل البلاغات عن إسقاط أعداد كبيرة من طائرات العدو، وكلها بيانات كاذبة
.
أما الرئيس "عبدالناصر" فقد جلس بجوار المشير الذي كان يدير المعركة ويتصل بالقادة سواء الموجودين في الميدان، أو في مركز عمليات القوات الجوية والدفاع الجوي والذي كان يبلغه شخصيا بعدد الطائرات الإسرائيلية التي دمرت. ولم تكن الأعداد بالطبع صحيحة
.
كانت الاتصالات في ذلك اليوم مركزة مع قائد الجيش الميداني، الفريق "صلاح محسن" وقائد الجبهة الفريق أول "عبدالمحسن مرتجي" وقائد المحور الشمالي الذي كان العدو قد بدء يخترقه، وكان المتكلم من العريش دائما هو اللواء "نصر الديب" قائد المنطقة الإدارية
.
حتى تلك اللحظة لم يكن قد ظهر شيء في الموقف العام بالنسبة للقوات البرية ونية العدو الحقيقية، فيما عدا قوات المحور الشمالي "شمال العريش" وقوات الفرقة السابعة مشاة ببروز رفح، "واللواء 11 مشاة
".
كان التأثر باديا فقط على ضياع قواتنا الجوية، وكانت لغة التشجيع بالدفاع والتمسك بالأرض، هي الشعور السائد حتى الساعة السادسة مساءا. في تلك اللحظة غادر الرئيس "جمال عبدالناصر" مبنى القيادة، مشيرا إلى الجالسين بأفضلية ترك المشير يتفرغ لعمله، وإدارة المعركة، خاصة وأن الجالسين كلهم، لا يؤدون أي عمل أو مساعدة فعلية

خلال الاتصالات التي تمت مع المشير من قوات سيناء تردد طلب واحد مشترك من الجميع وهو طلب المعاونة الجوية والغطـاء الجوي.

كما علم المشير من الفريق "صلاح محسن" أنه ينوي دفع اللواء 14 المدرع ولواء مشاة، لوقف تقدم قوات العدو المتجهة إلى العريش، فأمر المشير الفريق أول "صدقي" بمحاولة جمع أعداد من الطيارين للاشتراك في معاونة قوات النطاق الدفاعي الأول صباح 6/6/1967. وقد اعتزل المشير في غرفته ليلا في ذلك اليوم. ولم ينم أحد من الموجودين في مبنى القيادة العامة في تلك الليلة.

بدأت الاتصالات تقل من سيناء نتيجة خلل المواصلات، حيث تم قطع الخط المحوري الرئيسي مساء يوم 5/6/1967. كما أن التداخل والتشويش على المحطات اللاسلكية الرئيسية تم صباح نفس اليوم كما ذكرت سابقا. استمر الاتصـال بالعريش وكان المتكلم دائما هو اللواء "نصر الديب" قائد المنطقة الإدارية الذي حفظ الجميع اسمه من كثرة ما تردد أمامهم.

عاد الرئيس "عبدالناصر" إلى القيادة ومعه "شمس بدران"، ودخل على المشير في غرفته ثم خرج بعد حوالي 20 دقيقة فقط من دخوله حيث وجد المشير في حالة عصبية، بدت في احمرار وجهه بشدة، وقمت أنا بتوصيـل الرئيس إلى الباب الخارجي حيث قال لي: "إن حالة المشير لم تسمح حتى بالكلام أو المناقشة. كما أشار إلى أن الأخبار الواردة من الإذاعات الخارجية مزعجة".

ويلخص الرئيس "السادات" هذا الموقف أيضا "عندما ذهبت للقيادة العامة صباح ذلك اليوم رأيت "عبدالناصر" يخرج من الصالون، ثم بدأ عامر يلقي اللوم كله على الأمريكان قائلا.. إن سلاح الطيران الأمريكي هو الذي ضربنا وليس إسرائيل، ورد عبدالناصر .. أنا لست مستعدا لتصديق هذا الكلام ولا لإصدار بيان رسمي بأن أمريكا هي التي اعتدت علينا.. إلا إذا أتيت لي بجناح طائرة واحدة عليها العلامة الأمريكية .. ولكنه بعد ذلك أدرك مدى الكارثة .. حيث تراجع وأصدر بيانا يتهم فيه أمريكا بالعدوان علينا.. وكان هدفه من ذلك تغطية الموقف سياسيا أمام الشعب.

ومن الأمور العجيبة التي حدثت يوم 5 يونيه المشئوم، أنه بمجرد هبوط طائرة عامر (بعد عودته للقاهرة) وإدراكه ما حدث.. أرسل في طلب السفير السوفيتي لكي يطلب منه وقف إطلاق النار بعد بدء الحرب بساعة واحدة.. وكان هذا هو سر وجود السفير السوفيتي في القيادة العامة صباح هذا اليوم".

ويمس السيد "عبداللطيف البغدادي" نفس الموقف من وجهة نظره ويقول "ذهبنا إلى مبنى القيادة العامة للجيش، وتقابلنا مـع عبدالحكيم عامر، وسألناه عن الموقف، وكانت الساعة الواحدة بعد الظهر، فأخبرنا أننا أسقطنا للعدو حتى الآن 73 طائرة، وسألناه عن خسائرنا في الطائرات فلم يحدد لنا العدد، وإنما قال: أننا خسرنا أغلـب طـائـراتنـا .. وأثناء وجودنا معه، لاحظنا أن "صدقي محمود" قائد القوات الجوية كثير الاتصال به، وقال أن استمرار موجات غارات العدو على مطاراتنا يؤكد انه لابد وأن يكون هناك طائرات أخرى أمريكية وإنجليزية تقوم بمساعـدة الطائرات الإسرائيلية، لأن العدو لا يملك هذا العدد من الطائرات.. فيطلب منه المشير "عبدالحكيم عامر" إحضار ما يثبت له ذلك.

وطلب "عبدالحكيم" تليفونيا "جمال عبدالناصر"، وأخبره أن عدد الطائرات المغيرة كثير جدا، وأكثر مما يملك العدو، وأن هناك طائرات أمريكية تغير على مطار الأقصر..

ثم سأل "جمال .. عبدالحكيم" عن خسائرنا في الطائرات، لكن عبدالحكيم تهرب من الإجابة عليه، بحجة أن بيان الخسائر لم يصله بعد.. وبعد إلحاح من جمال نظر عبدالحكيم إلى كشف أمامه على المكتب وقال: المتبقي لدينا 47 طائرة منها 35 صالحة للاستعمال، والباقي في الإصلاح، ويمكن استخدامها بعد أن يتم تجهيزها".


د. يحى الشاعر
وسّعت إسرائيل دائرة احتلالها الأراضي العربية. فبعد أن كانت مساحتها في حدود الهدنة (1948-1949)
تبـلغ 20250 كم2، امتد احتلالها إلى سيناء (61198 كم2)، والضفة الغربية (5878 كم2)،
وقطاع غزة (363 كم2)، والجولان (1150 كلم2). وبذلك بلغ مجموع الأراضي التي احتلتهـا إسرائيل
فـي الحرب 68589 كم2، إضافة إلى ما كانت احتلته في حرب 1948. كما ازداد عمقها الإستراتيجي و
هامش أمنها. وفيما يلي جدول ببعض المسافات javascript:hout();:

من خط الدفاع الأول
إلي
قبل حرب 67/كم
بعد حرب 67/كم
السوري
الأردني
الأردني
الأردني
مصر

حيفا
حيفا
تل أبيب
القدس
تل أبيب

55
30
17
صفر
90

80
50
64
40
140
سيطرت إسرائيل على منابع النفط في سيناء، وعلى موارد المياه في المرتفعات السورية والضفة الغربية. وبدأت تنفيذ مشاريع الاستيطان الاستعماري في الأراضي المحتلة، واستقدام المهاجرين اليهود لتوطينهم فيها. وضمت القدس "عاصمة أبدية لها". واحتفظت بالأراضي المحتلة لديها، لتفرض الصلح على الدول العربية المحيطة بها، بالشروط التي تُحقق مصالحها وأمنها، وفي إطار أهدافها الصهيونية والتوسعية
[/SIZE]


[SIZE=+1][SIZE=+1][SIZE=+1][SIZE=+1][SIZE=+1][SIZE=+1]

Egyptian Air Force bases under attack.


[SIZE=+1][SIZE=+1][SIZE=+1]










جـدول مجمل عن جميع جيوش
وإنتشــار الــقوات المشتركة فى القتال
خلال حـرب الأيام الستة 1967
مقدمات حرب يونيو ـ حزيران 1967 1 ـ 15 مايو/أيار

مجمل القوة الإسـرائيلية
264.000 جندي
800 دبابة
300 طائرة مقاتلة

ملاحظة: تفوق جوي، شبكة رادار حديثة، صواريخ هوك الأمريكية، مدفعية مضادة عاملة بالرادار، يتم التنسيق بين كل هذه الأسلحة بواسطة نظام إلكتروني بالغ التعقيد.

مجمل قوة مـــصـر:
240.000 جندي
1200 دبابة
500 طائرة مقاتلة

مــلاحـظـة:
أمام القيادة معضلات كبيرة بسبب اتساع رقعة التغطية (حدود مصر مع إسرائيل 270 كم بما فيها غزة، وطول الساحل في خليج العقبة حتى شرم الشيخ 150 كم يضاف 200 كم عمق سيناء وحتى القنال).

قوة ســـــــوريـة:
50.000 جندي
400 دبابة
120 طائرة مقاتلة

مجمل قوة الأردن :
50.000 جندي
200 دبابة
40 طائرة مقاتلة

قوات الطوارئ الدولية:
978 هندي
795 كندي
579 يوغسلافي
530 سويدي
430 برازيلي
60 نرويجي
ميزان القوى وانتشار القوات
أولاً: ميزان القوى

القوات المسلحة المصرية،
كانت القوات المسلحة المصرية، في أوائل شهر يونيه 1967، مؤلفة بشقّيها، القوة العاملة والقـوة الاحتياطيـة التي دعيـت إلى الخدمة العسكريـة، من نحـو 240.000 جندي. وتجسدت قوّتها البرية الضاربة بـ 33 لواء. وحين نشبت الحرب، كان قسم من هذه القوات يعمل في اليمن، وقدّر حجمه بحوالي 50.000 رجل، تضمهم 8 ألوية. وبناء على هذا، يمكن تحديد حجم القوات المصرية التي اشتركت في حرب 1967 بـ 190.000 رجل، يضمهم 25 لواء. وتسلحت القوات المصرية بنحو 1000 دبابة، و 1050 ناقلة جُند مدرعة، و 160 صاروخاً (سام 1 و 2)، و 360 طائرة مقاتلة وقاذفة، و 86 قطعة بحرية.

القوات المسلحة السورية
كانت القوات المسلحة السورية مؤلفة، من حوالي 110.000 جندي عامل واحتياطي. وضمت قواتها البرية 12 لواء، مسلحة بحوالي 550 دبابة، و 500 ناقلة جُند مدرعة، و 120 طائرة مقاتلة، و 21 قطعة بحرية.

القوات الأردنية

كانت القوات الأردنية مؤلفة من 55.000 جندي، تضمهم 8 ألوية، ومعهم 288 دبابة، و 210 ناقلات جُند مدرعة، و 32 طائرة مقاتلة.

القوات المسلحة الإسرائيلية

كانت القوات المسلحة الإسرائيلية مؤلفة من نحو 264.000 جندي عامل واحتياطي، يضمهم 35 لواء، ومعهم 1400 دبابة، و 1500 ناقلة جُند مدرعة، و 380 طائرة مقاتلة، و 15 قطعة بحرية
..
1 -
اقتربت القوات الإسرائيلية من العواصم العربية المواجهة (القاهرة ودمشق وعمّان)، ووضعت يدها على الأماكن المقدسة في القدس، وتقلصت حدودها مع الأردن من 650 كم إلى 480 كم، واستند دفاعها إلى موانع أرضية حاكمة (قناة السويس، نهر الأردن، مرتفعات الجولان).
2 -
هجّرت إسرائيل، خلال القتال وفي إثره مباشرة، ربع مليون فلسطيني من الضفة الغربية وقطاع غزة، ومائة ألف من أهالي الجولان، وآلافاً من بدو سيناء. واستشهد في الحرب حوالي 15 ألف جندي عربي، معظمهم من المصريين. وخسرت الجيوش العربية (مصر، سورية، الأردن) 70% من أسلحتها الثقيلة، ومنها 400 طائرة، و 500 دبابة. ولم تتجاوز خسارة إسرائيل 700 قتيل و 60 دبابة و 20 طائرة،حسب المصادر الرسمية الإسرائيلية javascript:hout();.
3 -
أوردت الصحف الإسرائيلية، في صيف 1995، شهادات ضباط إسرائيليين في شأن قتل أكثر من 900 جندي مصري وقعوا أسرى بيد القوات الإسرائيلية، في حرب 1967، وأن هؤلاء الأسرى قُتلوا عمداً، قتلاً جماعياً في ست مذابـح، وخاصـة في ممر متـلا ومدينـة خان يونس بقطـاع غزة. وقد فتح المؤرخ الإسرائيلي "أرييـه إسحاقي"، أستاذ التاريخ في جامعة "بار إيلان" ملف هذه المذابح. واعتمدت "المنظمة المصرية لحقوق الإنسان" على هذه الوثائق والشهادات الإسرائيلية، لمقاضاة إسرائيل، ومحاكمة قادتها، كمجرمي حرب، بموجب أحكام القانون الدولي الخاصة بأسرى الحرب، وبخاصة اتفاقيات جنيف الأربع الموقعة في 6/7/1951 javascript:hout();.
4-
أيقظت الهزيمة الوجدان العربي، ونبّهت الرأي العام العربي إلى الخطر الذي بات يهدد العرب كلهم. ولم تستطع الحرب، على الرغم من الهزيمة العسكرية، التي حلّت بثلاث دول عربية (مصر، سورية، الأردن) أن تهزم إرادة الصمود والمقاومة العربية، التي تمثلت في عدة وقائع جرت مباشرة في إثر الهزيمة:
أ -
وقف تقدم القوات الإسرائيلية نحو مدينة بور سعيد، وإقامة أول موقع دفاعي مصري شرق القناة، وذلك في إثر معركة "رأس العش"، يوم 1/7/1967.
- حدوث معارك جوية محدودة فوق المنطقة الجنوبية لقناة السويس، يومَي 14 و 15/7/1967، أحرزت فيها المقاتلات المصرية تفوقاً على الطائرات الإسرائيلية.

ب -
إغراق المدمرة الإسرائيليـة "إيـلات" قرب بور سعيد، يوم 21/10/1967، بزوارق الصواريخ المصرية.
ج -
اشتباكات مدفعية واسعة النطاق على الجبهة المصرية طوال عام 1968، وإغارات الصاعقة المصرية على الضفة الشرقية للقناة وفي عمق سيناء وميناء إيلات.
د -
بناء جدار الصواريخ، وحرب الاستنزاف، التي تميزت بالمعارك الجوية واشتباكات المدفعية، حتى تم وقف إطلاق النار، يوم 7/8/1970، لمدة ثلاثة أشهر بمبادرة أمريكية. وقد توفي الرئيس جمال عبدالناصر قبل انتهاء تلك المدة.
5 -
أثبتت الوثائق والمذكرات الصادرة في إسرائيل، أن حرب 1967 شنتها إسرائيل بإرادة وتصميم، وبعد تخطيط طويل، وتحديد واضح للأهداف السياسية والعسكرية والتوسعية، وبعد إعداد جميع الوسائل والإمكانات اللازمة لتحقيق النصر. وفي مقابل ذلك، لم يكن الجانب العربي ـ وخاصة الدول المحيطة بإسرائيل ـ على مثل هذه القدرة والكفاءة في التخطيط والإعداد والاستعداد العسكري والتدريب والقيادة.
6 -
سعت إسرائيل، في حرب 1967، إلى تنفيذ إستراتيجيتها الهجومية ضمن مناخ ملائم لتحقيق النجاح لخطط العمليات العسكرية وتكتيكاتها. وقد حصلت على هذا المناخ بضربتها الجوية القوية، التي كانت مفتاح الحرب، بمثل ما كانت السبب في ترجيح كفة ميزان القوى لمصلحتها ترجيحاً شديداً. فهي قد أوقعت القيادات العسكرية العربية في اضطراب وقلق شديدين، انعكسا على مواقف هذه القيادات وتصرفاتها في إدارة الحرب. ويمكننا القول، إن القوات البرية الإسرائيلية باشرت القتال ضمن إطار إستراتيجي شامل اتصف بضعف الفعل العسكري العربي المضاد، أو بانعدامه في بعض الأحيان، بسبب الشلل، الذي أحدثته الضربة الجوية، وعدم استخدام القوات الاحتياطية في المكان والزمان المناسبَيْن، وانعدام الفعل العسكري المتناسق بين الجبهات العربية الثلاث.
7-
اتسمت حرب 1967 باستثمار خصائص سلاح معين، هو سلاح الجو، وبتجريد الخصم من السلاح نفسه. وهكذا رسمت الساعات الأولى، من صباح 5/6/1967، الملامح الأولى لنهاية حرب بدأت منذ ساعات، حينما أصيبت الطائرات المصرية بعطالة، بسبب تدمير مطاراتها، وشل أجهزة الرادار والتوجيه، ثم تدمير الطائرات نفسها، وهي رابضة على الأرض. وقد تكررت العملية الجوية ضد السلاحين الجويين، السوري والأردني، ولم تكن أجهزة الدفاع الجوي (المدفعية والصواريخ المضادة للطائرات) في الأقطار الثلاثة قادرة على صدّ الطائرات الإسرائيلية وردّها عن أهدافها. وهكذا كان يبدو كأننا كنا نقاتل في حرب 1967 بسلاح غير قادر على التصدي لسلاح العدو.
8 -
لم تكن هناك إستراتيجية عسكرية عربية موحدة،حتى إن الحد الأدنى اللازم من التنسيق بين الجيوش والجبهات العربية، كان مفقوداً. فقد قاتلت تلك الجيوش وهي منعزلة بعضها عن بعض، وكأنها تخوض ثلاث حروب منفصلة، وليس حرباً واحدة ضد عدو واحد.
9 -
لم توظف القيادات السياسية والعسكرية العربية وسائلها السياسية والإعلامية والعسكرية في مناورة ردع إستراتيجية ضد إسرائيل، مع تقليل هذه القيادات من قدرة إسرائيل العسكرية.
10 -
تمسكت القيادات العربية بالمهدئات والوعود والعوامل السياسية، لتستكين إلى المفهوم الدفاعي السكوني. وقد أسهمت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي في ترسيخ ذلك المفهوم. وهو ما أفقد القرار الإستراتيجي المصري، بالتدخل العسكري لمساندة سورية وإزالة آثار حرب 1956، مقومات تطبيقه عسكرياً بنجاح. ومن ثم، فقدت الخطة الدفاعية الأصلية مقومات نجاحها المحتمل، في الوقت نفسه.
11 -
يمكن القول إن الإستراتيجية العسكرية العربية، ما قبل حرب 1967، كان قوامها سياسياً وإعلامياً، أكثر منه عسكرياً. ولأنها بهذا القوام ذي الصفات المذكورة، لم تستطع أن تتصدى لجوهر الإستراتيجية المعادية، ولا لمبادئها وأسُسها ومفاهيمها وأهدافها، التي كانت، كلها، تصب في مجرى واحد هو تطبيق الخطط التوسعية والإحلالية والسيطرية، التي كانت تسعى إلى تطبيقها.
12 -
لم تكن القيادة العربية الموحدة، بجامعة الدول العربية، تملك من أمر القوات العاملة في مسرح الحرب شيئاً، فلا هي قادرة على أن تأمر وتقود، ولا هي قادرة على أن تعدّل الخطط القطرية، حتى تستطيع مواجهة التطورات المفاجئة. ولذلك، كانت هذه القيادة غائبة عن مسرح الحرب، إذ شلّتها الخلافات البينية وعدم الثقة، الذي كان سائداً قبل الحرب.
13 -
كان يفترض في المفهوم الإستراتيجي العام، أن يحقق القدرة على امتصاص الضربة الأولى ـ وهذا كان هو المفهوم الإستراتيجي لقرار القيادة السياسية العليا لمصر ـ وتخفيف نتائجها إلى أدنى حد مستطاع، وحصر آثارها في أضيق نطاق ممكن، ثم الانتقال إلى الهجوم المضاد، الذي يزيل آثار الضربة الأولى، ويلحق الخسارة بالعدو، ويجعله ـ على الأقل ـ يتخلى عن أهدافه من الحرب. بيد أن هذا الافتراض لم ير النور قط.
14 -
عندما لاحت معالم استعداد إسرائيل لشن الحرب، لم يكن العرب يفتقرون، يوم ذاك، إلى جيوش تعمل في مسرح واحد، ولا كان ينقصهم الهدف القومي المتفق عليـه، ولا كانت تعوزهم قيادة موحدة، ومجلس للدفاع المشترك، وقيادات ثنائية وثلاثية متعددة، وإنما كان ينقصهم أن تعمل جميع هذه الأجهزة والوسائل وفق مفهوم إستراتيجي واحد، وفي إطار خطة إستراتيجية شاملة واحدة، وبإمرة قيادة عليا واحدة. وحينما قال الرئيس عبدالناصر، قبل بدء الحرب بخمسة أيام: "يقف الجيش المصري والجيش الأردني والجيش السوري والجيش اللبناني على حدود إسرائيل لنقابل التحدي، ومن ورائنا الجيش العراقي والجيش الجزائري والجيش الكويتي والجيش السوداني والأمة العربية كلها" javascript:hout();، كانت هذه المقولة سياسية، ولم تكن عسكرية. ولم تكن هذه الجيوش الثمانية تملك خطة إستراتيجية موحدة، ولا خطط عمليات منسقة. وحينما جدّ الجدّ، لم تصل القوات العراقية إلى الجبهة الأردنية، إلاّ بعد أن حسم الجيش الإسرائيلي المعركة لمصلحته، وكانت القوات السعودية والخليجية والسودانية والليبية والجزائرية والمغربية، لا تزال في طريقها إلى الجبهات التي خبت نار القتال فيها، أو كادت تخبو.
15 -
حينما قررت القيادة العليا المصرية إغلاق مضيق تيران، وحشدت القوات في سيناء، لم يكن خافياً على القيادتين، السياسية والعسكرية، أن القوات المسلحة كانت تعمل بملاكات السلم المنخفضة. فقد كانت الوحدات تعاني نقصاً في ملاكاتها قدِّر بحوالي 37 بالمائة من الضباط، وحوالي 30 بالمائة من الرتب الأخرى، و 30 بالمائة في الأسلحة الخفيفة، و 24 بالمائة في المدفعية، و 45 بالمائة في دبابات التعاون، و 40 - 70 بالمائة في الحملة الآلية. "ومعنى ذلك أنه لم يكن هناك احتمال تصعيد في الموقف السياسي والعسكري مع إسرائيل، وهو ما تم في مايو 1967" javascript:hout();.
16 -
يمكن القول إن القرار السياسي بإغلاق مضيق تيران، لم يكن مبنياً على دراسة دقيقة ومعمقة لحالة القوات المسلحة وقدراتها ومدى استعدادها للقيام بحرب، تبدأ هي فيها هجوماً، أو تُفرض عليها دفاعاً. وليس لدينا ما يشير إلى أن القيادة السياسية العليا المصرية كانت على اطلاع كامل ومفصل على حالة القوات المسلحة، إذ لم يرد في ما نشر عن حرب 1967 من دراسات ومذكرات ووثائق، ما يشير إلى ذلك. إلاّ أن المؤكد أن مسند قرار إغلاق المضايق ـ أو أحد مسانده ـ كان قول المشير عامر للرئيس عبدالناصر، في اجتماع القيادة العامة في مايو 1967، إن " كل شيء على أتم استعداد" جواباً عن قول الرئيس: "إذا أقفلنا المضايق، فالحرب مؤكدة 100%" javascript:hout();. ويمكن القول إن هذا التأكيد من القائد العام، لم يكن قائماً على أساس عسكري علمي.
17 -
ثمة عامل آخر، كان له تأثيره القوي في مدى جاهزية القوات المصرية للقتال، ذلك هو حرب اليمن. فقد أخذت هذه الحرب تستقطب القوات المصرية، شيئاً فشيئاً، منذ أواخر عام 1962، حتى بلغت نحو 70 ألف جندي في عام 1964. وتحملت مصر في هذه الحرب أثقالاً مادية، عدا الأثقال العسكرية والسياسية. وتركت الحرب آثاراً سلبية في القوات المسلحة وتدريبها وانضباطها.
18 -
يمكن اختصار مفهوم حرب 1967، جوازاً، بالفرضية الآتية: إنها صراع بين الردع غير المصحوب بنيّة البدء باستعمال القوة، وبين القوة المستعملة والبادئة. وتفسير ذلك، أن تتابع الأحداث والتدابير، التي اتخذتها مصر في إثر التهديدات الإسرائيلية ضد سورية، وتعهدها بألاّ تكون البادئة بالحرب، وضعا جميع تلك الأحداث والتدابير تحت عنوان "الردع"، الذي يلوّح بالقوة ولا يستعملها. في حين لم تعلن إسرائيل تدابير تردّ فيها على الردع بردع مضاد، وإنما لجأت إلى القوة فاستعملتها، مبتدئة الحرب. وهنا، كان المنعطف، الذي غيّرت عنده الأحداث مجراها، واتجهت نحو إحلال الهزيمة بالجانب العربي.

كانت حرب 1967 السبب في نشوب حرب 1973، والقاعدة التي انطلقت منها تلك الحرب.
[SIZE=+1]
You are my today's [/SIZE]
[/SIZE]​
[/SIZE][/SIZE]​
</B>​



</B>
[/SIZE][/SIZE][/SIZE]</B>
[/SIZE][/SIZE][/SIZE]










</B>
</STRONG> كانت حرب 1967 السبب في نشوب حرب 1973، والقاعدة التي انطلقت منها تلك الحرب</B></B></I></B>
 
رد: تفاصيل وخرائط الغارات الاسرائيليه

مشكور علي المجهود الجبار . ويا ريت لو تكمل جميلك وتاتي لنا بحلقات الاستاذ محمد حسنين هيكل التي شرح فيها الخطط الحربية في حرب النكسة علي الجانبين او يقوم احد الاعضاء بذلك . مع تحياتي؟
 
رد: تفاصيل وخرائط الغارات الاسرائيليه

يلفت نظر العضو إلي أن الموضوع بأكمله ، هو من مواضيع د. يحي الشاعر

وأن قيام العضو بهذا "النسخ" لمواضيع أعضاء آخرين ونشرهم كأنهم مواضيعه وبإسمه
سوف يعرضه لإجراءات إدارية

تم إغلاق الموضوع ... دون إزالته ،
حتي يري الأعضاء ما حدث
ويصبح الأمر عبرة له ولغيره



د. يحي الشاعر
 
التعديل الأخير:
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
عودة
أعلى