دول الخليج تبحث إنشاء "قبة حديدية" لمواجهة التهديدات الصاروخية

amigos

عضو
إنضم
16 فبراير 2025
المشاركات
2,128
التفاعل
3,278 105 3
الدولة
Tunisia
مجلس التعاون يضع الدفاع المشترك في صلب استراتيجيته الإقليمية
الجمعة 2025/12/05
01_3.jpg


الدفاع الخليجي الموحد.. خطوة أساسية لتعزيز الاستقرار والأمن
المنامة- أعلنت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية عن توجهها نحو إنشاء منظومة دفاعية خليجية موحدة تهدف إلى مواجهة الهجمات الصاروخية، في خطوة استراتيجية تمثل تحولًا نوعيًا في التفكير الأمني الخليجي.
وكشف الأمين العام لمجلس التعاون، جاسم محمد البديوي، خلال جلسة حوارية مع الإعلاميين في المنامة، قبيل انعقاد القمة الخليجية السادسة والأربعين، أن المشروع يشمل دراسة إنشاء نظام "قبة حديدية" مشترك لحماية أراضي الدول الأعضاء، ويأتي ضمن الجهود الرامية إلى وضع الدفاع المشترك في صلب الاستراتيجية الإقليمية للمجلس، وتعزيز قدرة الدول الست على التصدي للتحديات الأمنية المتزايدة والمعقدة في المنطقة.
وأوضح البديوي أن دول المجلس بدأت مفاوضات مع الدول المنتجة لأنظمة "القبة الصاروخية"، معربًا عن أمله في التوصل سريعًا إلى حلول عملية لتفعيل هذا النظام الذي يوفر حماية متقدمة ويعزز الردع الاستراتيجي.
وأكد أن هذا المشروع لا يقتصر على الجانب التقني فقط، بل يشمل تطوير الخطط التشغيلية والتكتيكية للقوات المسلحة الخليجية، وتدريب الكوادر العسكرية على إدارة وتشغيل الأنظمة الحديثة، بما يضمن جاهزيتها لمواجهة أي تهديدات صاروخية مستقبلية بشكل متكامل وفعال.
ويأتي هذا التوجه بعد الهجومين الأخيرين على دولة قطر، من قبل إيران وإسرائيل، حيث أدان قادة دول المجلس هذه الاعتداءات وعقدوا اجتماعًا تضامنيًا في الدوحة، ووجهوا وزراء الدفاع لعقد اجتماع استثنائي لبحث آليات حماية الدول الأعضاء من أي هجمات مماثلة في المستقبل.
وقد أسفر هذا الاجتماع عن حزمة من الإجراءات الدفاعية التي تهدف إلى تعزيز التنسيق العسكري بين الدول الست، وتطوير العمل المشترك بما يعكس الالتزام الجاد بمفهوم الأمن الجماعي كأساس لحماية مصالح الدول وشعوبها.
وأكد البديوي أن القمة الخليجية ستناقش ملف الدفاع المشترك ضمن جدول أعمالها، إلى جانب ملفات أخرى تتعلق بالأمن الإقليمي، مشيرًا إلى أن الهدف الأساسي هو جعل الدفاع المشترك أولوية استراتيجية، تحمي الدول الأعضاء من التهديدات الحديثة، وتوفر إطارًا للتعاون العسكري المستدام.
وأوضح أن الأمن الخليجي وحدة متكاملة لا يمكن فصله عن التعاون الدفاعي المشترك، وأن أي ثغرة في جانب واحد قد تؤثر على الأمن الإقليمي بأسره، ما يجعل تنسيق الجهود بين الدول الأعضاء أمرًا ضروريًا.
وأشار الأمين العام أيضًا إلى رغبة دول المجلس في إقامة علاقات طبيعية ومتوازنة مع إيران على أساس حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، مؤكّدًا أن سياسة الدفاع المشترك لا تتناقض مع الدبلوماسية الإقليمية، بل توفر الغطاء الأمني اللازم لتحقيق الاستقرار وتعزيز الحوار البناء بين الأطراف الإقليمية.
ومن أبرز الدوافع لهذا المشروع تصاعد التهديدات الصاروخية والطائرات المسيّرة في المنطقة، والتي تستهدف البنى التحتية الحيوية للدول الخليجية.
وشكلت الهجمات الأخيرة على قطر تحذيرًا عمليًا يبرز محدودية بعض الإجراءات الدفاعية التقليدية ويؤكد الحاجة الماسة لتطوير أنظمة دفاع جماعي متكامل.
الأمن الخليجي وحدة متكاملة وأي ثغرة في جانب واحد قد تؤثر على الأمن الإقليمي بأسره، ما يجعل تنسيق الجهود بين الدول الأعضاء أمرًا ضروريًا.
ويعد مشروع "القبة الحديدية" الخليجي الحل الأمثل لهذه التحديات، إذ يمكنه اعتراض الصواريخ والطائرات المسيّرة قبل الوصول إلى أهدافها، ما يعزز قدرة دول المجلس على الردع وحماية أراضيها بشكل فوري وفعّال.
ويشير البديوي إلى أن تنفيذ المشروع يتطلب خطوات دقيقة تشمل الاتفاق على المعايير الفنية والتقنية، مثل قدرة الرادارات على الرصد المبكر، أنظمة الاعتراض، ومراكز التحكم والتنسيق المشترك، إضافة إلى تحديد حجم الشحنات، ومواعيد التسليم، وبرامج التدريب الفني للكوادر العسكرية، لضمان استغلال الأنظمة الحديثة بكفاءة.
ويضيف أن المشروع سيتضمن تنظيم تدريبات مشتركة للقوات البرية والجوية والبحرية، تشمل سيناريوهات اعتراض الصواريخ والطائرات المسيّرة، إلى جانب التعامل مع حالات الطوارئ المدنية، لضمان التنسيق الكامل والاستجابة السريعة لأي تهديد محتمل.
وتهدف هذه المبادرات إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي عبر بناء منظومة دفاعية متكاملة تجمع بين القدرات العسكرية والتخطيط الاستراتيجي والتنسيق الفعلي بين الدول الست. فوجود منظومة دفاعية مشتركة يرسل رسالة واضحة لأي طرف يسعى لزعزعة الأمن الخليجي بأن أي اعتداء على دولة عضو سيواجه ردًا جماعيًا موحدًا، ما يزيد من قوة الردع ويقلل من فرص التصعيد.
وبالإضافة إلى ذلك، تسعى دول المجلس من خلال المشروع إلى بناء قدرات دفاعية مستدامة، عبر نقل الخبرات الفنية والتقنية من الدول المنتجة لأنظمة الدفاع الصاروخي، بما يضمن تطوير الكوادر المحلية واستمرارية العمل الدفاعي على المدى الطويل.
ويعكس هذا النهج فهم دول الخليج أن الأمن الجماعي لا يمكن أن يقتصر على شراء الأسلحة، بل يجب أن يشمل التدريب، والتنسيق، وتطوير البنية التشغيلية، بما يحقق أعلى مستوى من الفعالية والاستعداد لمواجهة أي تحديات مستقبلية.
ويبرز مشروع "القبة الحديدية" كرمز لنهج خليجي جديد يدمج بين الاستعداد العسكري والتخطيط الاستراتيجي والأمن الجماعي، ويؤكد التزام دول مجلس التعاون بجعل الدفاع المشترك أولوية استراتيجية، حيث لا يقتصر الهدف على الحماية الفورية للأراضي، بل يشمل بناء منظومة دفاعية متطورة تعزز قدرة المجلس على مواجهة التهديدات الحديثة، وضمان استقرار المنطقة على المدى الطويل، ودعم جهود السلام والدبلوماسية مع الأطراف الإقليمية.
وفي هذا الإطار، يظهر جليًا أن دول الخليج تتجه نحو منظومة دفاعية متكاملة تجمع بين التكنولوجيا الحديثة، والتدريب المشترك، والتنسيق العسكري المتواصل، لتوفير حماية فعالة ومستدامة، ووضع الأمن الجماعي في صميم استراتيجيتها الإقليمية، بما يرسخ مكانة مجلس التعاون ككيان إقليمي قادر على حماية مصالحه وتحقيق التوازن الأمني في منطقة الخليج.

 
عودة
أعلى