مناورة دقيقة
الرباط - نفذت البحرية الملكية المغربية ونظيرتها الإسبانية مناورات مشتركة في مياه مضيق جبل طارق وبحر البوران، ضمن العملية البحرية “SeaGuardian” التي يشرف عليها حلف شمال الأطلسي، بهدف تعزيز أمن الملاحة في أحد أكثر الممرات البحرية حساسية في العالم، إضافة إلى رفع قدرات الجانبين في مواجهة التهديدات الإرهابية والأنشطة غير المشروعة.
وشهدت التدريبات مشاركة فرقاطة “طارق بن زياد” المغربية وقطعة السطح الإسبانية “رينيا صوفيا”، حيث نفذت الوحدات البحرية عددا من التمارين التكتيكية الدقيقة وعمليات الزيارة والتفتيش المتزامنة للسفن، وتأتي هذه الأنشطة في سياق جهود مشتركة لتعزيز الجاهزية الميدانية وتطوير قدرات التدخل السريع في مناطق النفوذ البحري القريب من البلدين.
وعلى هامش المناورات رست الفرقاطة الإسبانية “رينيا صوفيا” في ميناء طنجة خلال زيارة رسمية، حضرها رئيس مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة عمر مورو إلى جانب مسؤولين عسكريين ودبلوماسيين من البلدين. وتم خلال الزيارة استعراض تجهيزات السفينة وقدرات طاقمها التقنية، إلى جانب بحث آفاق توسيع التعاون المغربي – الإسباني في مجال الأمن البحري وإدارة التحديات الإستراتيجية في المنطقة.
وأكد هشام معتضد، الباحث في الشؤون الإستراتيجية، أن “المناورات المشتركة تندرج في إطار التعاون التكتيكي الذي يجمع القوات المسلحة للبلدين، واللتين تحرصان على تقوية بناء توافق عملياتي بين جيشي البلدين لمواجهة التحديات المرتبطة بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للقارات وحماية فضاءات السيادة للبلدين.”
وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “هناك تحديات مُعقدة مرتبطة بحماية الفضاء المتوسطي والأطلسي المشترك بين البلدين. لذلك، فالانخراط في تنزيل خارطة طريق مضبوطة بين القوات الدفاعية للبلدين هو مقاربة تشاركية يعتمد عليها الجيشان المغربي والإسباني من أجل كسب رهان مكافحة الإرهاب وحماية السيادة البحرية وضبط المحاور الأطلسية والمتوسطية التي تستغلها العصابات الإجرامية في بناء تحركاتها وتنفيذ مخططاتها.”
وتابع معتضد قائلا “توجد رغبة مغربية – إسبانية كبيرة في رفع المناورات البحرية المشتركة بين البلدين، نتيجة ارتفاع وتيرة الأنشطة الإرهابية البحرية وتفضيل المجموعات الإجرامية العابرة للقارات المنافذ البحرية في تدبير عملياتها للابتعاد عن المحاور البرية ذات المراقبة المشددة والحضور العسكري الدائم،”، ولفت إلى أن “مختلف الفرق العسكرية المغربية المكلفة بحماية السيادة البحرية للمغرب تواكب التطورات المتعلقة بميدان الدفاع البحري والأمن المحيطي من أجل الاستمرار في تحيين قدراتها العسكرية ومُقَوَّماتها الدفاعية.”
وذكر تقرير “منجزات وزارة الداخلية برسم السنة المالية 2025″، لوزارة الداخلية، أن “البحرية الملكية المغربية تمكنت من إنقاذ 9518 شخصا من الغرق، وتقديم المساعدة والدعم لهم، من جنسيات مختلفة، أثناء محاولتهم العبور خلسة عبر القوارب نحو الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط.”
وأكد التقرير “مساهمة السلطات المغربية في إنقاذ المهاجرين في وضعية غير نظامية من مافيات التهريب وضمان عودتهم الطوعية إلى بلدانهم في ظروف آمنة.”
وتعد “طارق بن زياد” واحدة من أكثر القطع تطوراً في البحرية الملكية المغربية، بفضل منظوماتها المتعددة للدفاع الجوي ومكافحة الغواصات والمراقبة بعيدة المدى، ما يمنحها دوراً محورياً في حماية الممرات الإستراتيجية للمتوسط ومضيق جبل طارق، بوزن يبلغ 3.500 طن وطول يصل إلى 120 مترًا، وطاقم قوامه نحو 180 فردًا، وتضم منظومات قتالية تشمل صواريخ مضادة للسفن ومدفعًا من عيار 76 ملم وطوربيدات مضادة للغواصات وأنظمة دفاع جوي قصيرة ومتوسطة المدى.
"طارق بن زياد" واحدة من أكثر القطع تطوراً في البحرية الملكية المغربية، بفضل منظوماتها المتعددة للدفاع الجوي ومكافحة الغواصات والمراقبة بعيدة المدى
وفي المقابل تمثل “رينيا صوفيا” إحدى القطع المخضرمة في الأسطول الإسباني، وقد راكمت خبرة واسعة من خلال مشاركتها في مهام دولية بارزة، بينها عملية “أتالانتا” في المحيط الهندي وعمليات الناتو والاتحاد الأوروبي في المحيطين الأطلسي والمتوسط.
وقبل عامين شارك البدان في مناورات من نوع “Passex” ضمن تدريبات حلف الناتو، لمكافحة مختلف التهديدات التي تعرفها المياه الدولية، حيث شاركت إسبانيا بواسطة الفرقاطة “مينديث نونيث” في حين أشرك المغرب فرقاطة “طارق بن زياد”، أكثر سفن البحرية الملكية كفاءة، والتي مكنت من جعل البحرية المغربية واحدة من بين أكثر القوى البحرية تطورا في القارة الأفريقية.
وإلى جانب دور فرقاطة “طارق بن زياد” في تأمين ممرات المتوسط والأطلسي، من المنتظر أن تتعزز البحرية الملكية بسفينة الدوريات البحرية “أفانتي 1800″، التي أنشأتها شركة إسبانية بأحواض ميناء قاديس، والتي ستكون مفخرة من مفاخر السفن المغربية المخصصة للبحرية الملكية، وستلعب أدوارا مهمة في الحفاظ على أمن وسلامة المياه الإقليمية المغربية، من خلال قيامها بدوريات منظمة وسريعة.