لم يكن استقلال الجزائر سنة 1962 سوى الفصل الأول من ملحمة طويلة لاسترجاع السيادة الكاملة.
فبعد أن إنتزع الشعب الجزائري حريته السياسية بسلاح الثورة وجيش التحرير، وبعد نجاح الرئيس الجزائري أحمد بن بلة ديبلوماسيا وسياسيا في طرد القوات الفرنسية العاملة في البلاد بإسم التعاون والنجاح في وقف التجارب النووية الفرنسية وتحقيق سيادة كاملة غير منقوصة بقيت ثروات الجزائر الحيوية فيما بعد رهينة السيطرة الأجنبية، خاصة النفط والغاز، اللذين بقيا تحت قبضة الشركات الفرنسية.
وفي لحظة تاريخية حاسمة، جاء الرئيس الجزائري الجديد هواري بومدين بعد الرئيس الجزائري أحمد بن بلة ليخوض معركة جديدة، لا تقل شرفًا عن معركة التحرير ووقف التجارب النووية الفرنسية.
معركة إسترجاع القرار الإقتصادي الجزائري الكامل وتأميم المحروقات بعد الإستقلال.
من الإستقلال السياسي الكامل إلى معركة الإستقلال الإقتصادي الكامل:
بعد الجلاء العسكري الفرنسي سنة 1966، ظلت الجزائر تواجه تحديًا خطيرًا وهي الثروة الوطنية – قلب الدولة الحديثة – كانت ما تزال تُستغل من طرف الشركات الفرنسية والأجنبية، بينما لم تكن الجزائر تتحكم إلا في جزء يسير من العائدات.
كان بومدين يرى أن الإستقلال الناقص في الاقتصاد يُبقي البلاد رهينة للنفوذ الإستعماري، فأطلق عبارته الشهيرة:
“السيادة لا تتجزأ، ومن لا يملك قراره الاقتصادي لا يملك استقلاله.”
من هنا بدأت المعركة الثانية للإستقلال، ولكن هذه المرة من داخل مكاتب الإقتصاد والدبلوماسية، لا في ساحات القتال.
قرار التأميم الجزائري:
رصاصة في قلب التبعية في 24 فيفري 1971، في الذكرى العاشرة لتأسيس الإتحاد العام للعمال الجزائريين، وقف بومدين أمام الأمة ليعلن القرار الذي غيّر مجرى التاريخ:
“من هذا اليوم، تصبح المحروقات ملكًا للشعب الجزائري.”
بهذا القرار، أعلن تأميم كل موارد النفط والغاز، ونقل السيطرة الكاملة إلى شركة سوناطراك الوطنية، لتتحول من مجرد شريك صغير إلى العمود الفقري للإقتصاد الوطني.
كان القرار جريئًا ومخاطرة محسوبة، ففرنسا هدّدت، والشركات الأجنبية حاولت الضغط، لكن بومدين ردّ بقوة الدولة وسيادة القرار، مؤكدًا أن “الجزائر لا تبيع كرامتها مقابل برميل نفط”.
المواجهة الدبلوماسية والاقتصادية:
لم تكن معركة التأميم مجرد قرار إقتصادي، بل حرب سياسية ودبلوماسية صامتة.
فقد قادت فرنسا حملة في أروقة السياسة الدولية لتجريم الخطوة الجزائرية، لكن الجزائر واجهت ذلك بالحكمة والصرامة، وإعتمدت على شبكة تحالفاتها في العالم الثالث وحركة عدم الانحياز.
وسرعان ما تحوّل القرار الجزائري إلى نموذج عالمي للتحرر الإقتصادي، اقتدت به دول عربية وإفريقية عديدة، مثل ليبيا والعراق وفنزويلا.
لقد نجح بومدين في تحويل الجزائر من بلد تابع إلى بلدٍ يفرض شروطه في سوق الطاقة العالمية.
نتائج القرار:
الجزائر الجديدة بفضل تأميم المحروقات:
تضاعفت مداخيل الجزائر أكثر من خمس مرات خلال السبعينيات.
أطلقت الحكومة مشاريع ضخمة في الصناعة، التعليم، والبنية التحتية.
أصبحت سوناطراك من أكبر شركات النفط والغاز في العالم.
وإرتفعت مكانة الجزائر في المنظمات الدولية كصوتٍ قويٍّ للعدالة الاقتصادية.
لقد شكّل هذا القرار تحولًا استراتيجيًا جعل الجزائر تقف على قدميها بمواردها، لا بوصاية أحد.
إرث بومدين:
إستكمال الاستقلال الحقيقي إذا كانت ثورة أول نوفمبر 1954 قد منحت الجزائر استقلالها السياسي ومعارك أحمد بن بلة كأول رئيس للبلاد بعد الإستقلال حقق إنتصار ديبولماسي في تحقيق السيادة الكاملة الغير منقوصة في نجاح وقف التجارب النووية الفرنسية، فإن تأميم المحروقات سنة 1971 منحها استقلالها الاقتصادي بهذا المعنى، كان هواري بومدين القائد الذي أكمل مسار التحرير الوطني، فنقل الجزائر من مرحلة الثورة إلى مرحلة الدولة، ومن شعار “الاستقلال أو الموت” إلى شعار “السيادة أو لا شيء”.
نصر السيادة على كل الجبهات هكذا رسّخ هواري بومدين معنى أن الاستقلال لا يكتمل إلا حين تكون الثروة بيد أصحابها.
لقد خاض معركةً بلا دماء، لكنها كانت معركة الكرامة الوطنية وبقراره التاريخي في تأميم المحروقات، ثبت أن الجزائر قادرة على فرض إرادتها في مواجهة القوى الكبرى، تمامًا كما فعلت يوم حملت البندقية لتحرير الأرض، ثم حملت الإرادة لتحرير الثروة.
فبعد أن إنتزع الشعب الجزائري حريته السياسية بسلاح الثورة وجيش التحرير، وبعد نجاح الرئيس الجزائري أحمد بن بلة ديبلوماسيا وسياسيا في طرد القوات الفرنسية العاملة في البلاد بإسم التعاون والنجاح في وقف التجارب النووية الفرنسية وتحقيق سيادة كاملة غير منقوصة بقيت ثروات الجزائر الحيوية فيما بعد رهينة السيطرة الأجنبية، خاصة النفط والغاز، اللذين بقيا تحت قبضة الشركات الفرنسية.
وفي لحظة تاريخية حاسمة، جاء الرئيس الجزائري الجديد هواري بومدين بعد الرئيس الجزائري أحمد بن بلة ليخوض معركة جديدة، لا تقل شرفًا عن معركة التحرير ووقف التجارب النووية الفرنسية.
معركة إسترجاع القرار الإقتصادي الجزائري الكامل وتأميم المحروقات بعد الإستقلال.
من الإستقلال السياسي الكامل إلى معركة الإستقلال الإقتصادي الكامل:
بعد الجلاء العسكري الفرنسي سنة 1966، ظلت الجزائر تواجه تحديًا خطيرًا وهي الثروة الوطنية – قلب الدولة الحديثة – كانت ما تزال تُستغل من طرف الشركات الفرنسية والأجنبية، بينما لم تكن الجزائر تتحكم إلا في جزء يسير من العائدات.
كان بومدين يرى أن الإستقلال الناقص في الاقتصاد يُبقي البلاد رهينة للنفوذ الإستعماري، فأطلق عبارته الشهيرة:
“السيادة لا تتجزأ، ومن لا يملك قراره الاقتصادي لا يملك استقلاله.”
من هنا بدأت المعركة الثانية للإستقلال، ولكن هذه المرة من داخل مكاتب الإقتصاد والدبلوماسية، لا في ساحات القتال.
قرار التأميم الجزائري:
رصاصة في قلب التبعية في 24 فيفري 1971، في الذكرى العاشرة لتأسيس الإتحاد العام للعمال الجزائريين، وقف بومدين أمام الأمة ليعلن القرار الذي غيّر مجرى التاريخ:
“من هذا اليوم، تصبح المحروقات ملكًا للشعب الجزائري.”
بهذا القرار، أعلن تأميم كل موارد النفط والغاز، ونقل السيطرة الكاملة إلى شركة سوناطراك الوطنية، لتتحول من مجرد شريك صغير إلى العمود الفقري للإقتصاد الوطني.
كان القرار جريئًا ومخاطرة محسوبة، ففرنسا هدّدت، والشركات الأجنبية حاولت الضغط، لكن بومدين ردّ بقوة الدولة وسيادة القرار، مؤكدًا أن “الجزائر لا تبيع كرامتها مقابل برميل نفط”.
المواجهة الدبلوماسية والاقتصادية:
لم تكن معركة التأميم مجرد قرار إقتصادي، بل حرب سياسية ودبلوماسية صامتة.
فقد قادت فرنسا حملة في أروقة السياسة الدولية لتجريم الخطوة الجزائرية، لكن الجزائر واجهت ذلك بالحكمة والصرامة، وإعتمدت على شبكة تحالفاتها في العالم الثالث وحركة عدم الانحياز.
وسرعان ما تحوّل القرار الجزائري إلى نموذج عالمي للتحرر الإقتصادي، اقتدت به دول عربية وإفريقية عديدة، مثل ليبيا والعراق وفنزويلا.
لقد نجح بومدين في تحويل الجزائر من بلد تابع إلى بلدٍ يفرض شروطه في سوق الطاقة العالمية.
نتائج القرار:
الجزائر الجديدة بفضل تأميم المحروقات:
تضاعفت مداخيل الجزائر أكثر من خمس مرات خلال السبعينيات.
أطلقت الحكومة مشاريع ضخمة في الصناعة، التعليم، والبنية التحتية.
أصبحت سوناطراك من أكبر شركات النفط والغاز في العالم.
وإرتفعت مكانة الجزائر في المنظمات الدولية كصوتٍ قويٍّ للعدالة الاقتصادية.
لقد شكّل هذا القرار تحولًا استراتيجيًا جعل الجزائر تقف على قدميها بمواردها، لا بوصاية أحد.
إرث بومدين:
إستكمال الاستقلال الحقيقي إذا كانت ثورة أول نوفمبر 1954 قد منحت الجزائر استقلالها السياسي ومعارك أحمد بن بلة كأول رئيس للبلاد بعد الإستقلال حقق إنتصار ديبولماسي في تحقيق السيادة الكاملة الغير منقوصة في نجاح وقف التجارب النووية الفرنسية، فإن تأميم المحروقات سنة 1971 منحها استقلالها الاقتصادي بهذا المعنى، كان هواري بومدين القائد الذي أكمل مسار التحرير الوطني، فنقل الجزائر من مرحلة الثورة إلى مرحلة الدولة، ومن شعار “الاستقلال أو الموت” إلى شعار “السيادة أو لا شيء”.
نصر السيادة على كل الجبهات هكذا رسّخ هواري بومدين معنى أن الاستقلال لا يكتمل إلا حين تكون الثروة بيد أصحابها.
لقد خاض معركةً بلا دماء، لكنها كانت معركة الكرامة الوطنية وبقراره التاريخي في تأميم المحروقات، ثبت أن الجزائر قادرة على فرض إرادتها في مواجهة القوى الكبرى، تمامًا كما فعلت يوم حملت البندقية لتحرير الأرض، ثم حملت الإرادة لتحرير الثروة.



