البنتاغون يستعد لإطلاق إصلاح واسع في آلية مبيعات الأسلحة الأميركية
تعمل على نقل المسؤولية من قسم السياسات إلى إدارة التعاقدات والتوريد، ما يسمح بربط خطوط الإنتاج مباشرة بطلبات الحلفاء وتسريع الموافقات
وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث يتحدث عن «القبة الذهبية» (رويترز)
يستعد وزير الدفاع بيت هيغسيث لإطلاق إصلاح واسع في آلية مبيعات الأسلحة الأميركية للحلفاء، بما يعزز تسريع الإنتاج والتصدير ويكرّس ما يشبه «اقتصاد التعبئة الدائمة» الذي ولد من رحم حرب أوكرانيا المستمرة منذ أربع سنوات. وبين اختبار الردع وإصلاح السوق العسكرية، تتحرك واشنطن على جبهتين متداخلتين: إعادة فرض الهيمنة على الخصوم، واستعادة ثقة الشركاء الذين بدأوا يبحثون عن بدائل أسرع وأقل بيروقراطية.
في هذا السياق، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه وجّه البنتاغون إلى البدء بتجارب نووية للمرة الأولى منذ عام 1992، في قرار يعيد إحياء مرحلة الردع النووي التي ظنّ كثيرون أنها انتهت مع نهاية الحرب الباردة. وجاء الإعلان قبيل لقائه نظيره الصيني شي جينبينغ في كوريا الجنوبية، ما أضفى على الخطوة طابعاً استعراضياً ورسالة سياسية واضحة مفادها أن الولايات المتحدة لن تتأخر في مجاراة الصين وروسيا في سباق التسلح.
بالتوازي مع التصعيد النووي، يسعى وزير الدفاع بيت هيغسيث إلى معالجة ما يصفه البنتاغون بـ«عنق الزجاجة» في منظومة تسليح الحلفاء. صحيفة «بوليتيكو» أوردت أن الإصلاحات التي سيعلنها في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) تهدف إلى نقل مسؤولية مبيعات الأسلحة من قسم السياسات إلى إدارة التعاقدات والتوريد، ما يسمح بربط خطوط الإنتاج الأميركية مباشرة بطلبات الحلفاء وتسريع الموافقات.
الفكرة ليست جديدة، لكن حرب أوكرانيا جعلتها ملحّة. فمع تزايد الطلب الأوروبي والآسيوي على السلاح الأميركي، وجدت واشنطن نفسها مهددة بفقدان أسواقها التقليدية لمصلحة منافسين أسرع مثل كوريا الجنوبية وإسرائيل. بولندا مثلاً، أكبر منفق دفاعي في «الناتو»، اتجهت إلى شراء دبابات وطائرات من سيول بسبب بطء الإجراءات الأميركية.
وقالت الصحيفة إن هيغسيث، الذي يسعى لإثبات جدارته في أول اختبار سياسي له منذ تعيينه، يقدّم مشروعه بوصفه ثورة إدارية تهدف إلى «توحيد مسارات الإنتاج والبيع وتسريع تدفق السلاح للحلفاء في زمن الأزمات». وتشمل الخطة إعادة هيكلة مكاتب المشتريات في الجيش الأميركي وتحويلها إلى «مَحَافظ» يشرف عليها مديرون جدد يرتبطون مباشرة بالقيادة العليا، بما يختصر البيروقراطية ويزيد الشفافية.
لكن النقاد يرون أن وراء الإصلاح بعداً سياسياً ينسجم مع توجه ترمب لجعل صادرات السلاح أداة نفوذ اقتصادي وجيوسياسي، خصوصاً مع ازدهار مبيعات الأسلحة الأميركية التي تجاوزت 845 مليار دولار سنوياً، وهو رقم يناهز ميزانية الدفاع نفسها.
من التجارب النووية إلى إصلاح السوق الدفاعية، تتحرك إدارة ترمب ضمن منطق واحد: الردّ على التحديات الروسية والصينية بمزيج من القوة المادية والرمزية. فإعادة التجارب النووية لا تعني بالضرورة عودة الحرب الباردة، لكنها إشارة إلى عودة منطق «السلام عبر التفوق العسكري» الذي ميّز الاستراتيجية الأميركية في الثمانينات.
في المقابل، يعكس إصلاح هيغسيث إدراكاً متزايداً بأن النفوذ الأميركي لم يعد يُقاس بعدد القواعد أو الاتفاقات، بل بسرعة التسليم وقدرة الإنتاج. وبين هذين البعدين، السياسي والعسكري، تقف الولايات المتحدة أمام اختبار مزدوج: هل تستطيع أن توازن بين استعراض القوة وردع الخصوم من دون إشعال سباق تسلح جديد؟ وهل تنجح في تحويل إصلاح سوق السلاح إلى أداة لبناء الثقة مع الحلفاء لا لإخضاعهم؟ الجواب، كما يبدو، سيحدّد ملامح العقد المقبل من السياسة الأميركية، بين الردع النووي والهيمنة الصناعية، ولغة «الزر الأحمر» ولغة السوق.
الشرق الأوسط: تغطية شاملة لأخبار اليوم العربية والعالمية
الشرق الأوسط: صحيفة عربية دولية تقدم أحدث الأخبار عربياً وعالمياً، مع تغطية شاملة تشمل السياسة، الاقتصاد، الثقافة، والرياضة، وتحليلات معمقة تلبي اهتمامات القراء.
