بعد مرور ثلاث سنوات على حرب جوان 2006، يناقش ضباط الجيش الإسرائيلي صور الفشل العسكري في مواجهة المقاومة اللبنانية وتداعياتها السلبية على معنويات و جهوزبةالجيش الإسرائيلي للمواجهة القادمة التي قرب اجلها حسب عدة خبراء
. فقد نشرت فصلية «معرخوت» الإسرائيلية، التي تُعنى بالدراسات العسكرية، بحثاً لرئيس فرع التطبيقات في سلاح البحرية الإسرائيلي، المقدم روبي سندمان، أكد فيه تفوّق حزب الله على الجيش الإسرائيلي في جوانب ميدانية عديدة، محذّراً من وجود نقص في العوامل الضرورية للانتصار على الحزب في المواجهة المقبلة، وتحديداً في ما يتعلق بالتخطيط للمعركة وإدارتها.
واعتمد الضابط الإسرائيلي في بحثه، الذي حاز جائزة رئيس أركان الجيش الجنرال غابي اشكينازي عن الكتابة في شؤون الجيش والأمن، على طريقة تقويم لأداء كلّ من الجيش وحزب الله، طلب فيها من 24 ضابطاً رفيع المستوى إعطاء علامات تقدير في مجالات ترتبط بالحرب.
لم يقتصر بحث المقدم، الحائز شهادة الدكتوراه، على نتائج حرب عام 2006، بل بادر إلى دراسة جهوزية الجيش الإسرائيلي لمواجهة التهديدات المستقبلية، من خلال توزيع استبيانات على ضبّاط رفيعي المستوى في الجيش من رتبة مقدم فما فوق، وبحسب النتائج التي توصّل إليها يتبيّن أن «إسرائيل تتمتع بتفوق ساحق في مجال الوسائل القتالية والتنظيمية، ولكنها تعاني نقصاً في العوامل الضرورية لتحقيق الحسم، أي الاستراتيجية ونظرية القتال، والقيادة والسعي إلى الحسم»، وبحسب سندمان: «دون التفوق في مجال تخطيط المعركة وإدارتها، من غير الممكن تحقيق الحسم».
ويرى الضابط الإسرائيلي أن «النموذج الذي اعتمد عليه الجيش لتحقيق الحسم لا يتطابق بالضرورة والواقع المتغيّر في ميدان المعركة، والذي يتغير بطريقة موضعية ومحلية وغير شاملة». وبناءً على ذلك يشدّد الضابط على أن «الحرب المقبلة ستكون على شاكلة هجوم متشابك على الحدود، في داخل إسرائيل ومن الجو».
ودرس الضابط التهديدات الصادرة عن الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، وتوصّل إلى أن «العدو سيجتاح في الحرب المقبلة شمال إسرائيل، وتحديداً منطقة الجليل، بواسطة الآلاف من المجموعات التي تتكوّن كلّ منها من أربعة إلى خمسة مقاتلين، مدرّبين جيداً ويحملون أسلحة رشّاشة متوسطة، وصواريخ مضادة للدروع، إضافةً إلى قنّاصات وأسلحة خفيفة»، مشيراً إلى أنه «فور دخول هذه المجموعات إلى إسرائيل، سيحظون بمساعدة من البنية التحتية التي سيوفّرها السكان العرب»، في إشارة إلى فلسطينيي أراضي عام 1948.
ويؤكد الضابط الإسرائيلي أنه «ليس لدى الجيش الإسرائيلي ردّ على سيناريو مشابه، حتى الآن، وليس قادراً على منع هذه المجموعات من دخول إسرائيل.. بل إن تفوق سلاح الجو لم يعد قاطعاً، وعدد المطارات قليل، وتقع جميعها اليوم في مدى الصواريخ»، مشدّداً على أن «سلاح الجو الجبار محبوس في جسد قزم».
ويشير الضابط في بحثه إلى أن «بنية الجيش الإسرائيلي قديمة ولا تتناسب مع ميدان المعركة المتكوّن، باستثناء القدرات الموجودة لدى الوحدات الخاصة، إذ إن الجيش مبنيّ من كتائب احتياط غير سويّة ومعقّدة التنظيم وثقيلة على الحركة»، وينصح الضابط بالهرب نحو الردع الذي يشترك فيه الأميركيّون.
وتشير نتائج الاختبار الذي أجراه سندمان كما ظهر في استبيانات الضباط الأربعة والعشرين، من رتبة مقدم وما فوق، إلى تفوّق حزب الله في مجال الاستخبارات، إذ حصل على سبع نقاط من أصل عشر، بينما حصل الجيش الإسرائيلي على ستّ نقاط، وفي مجال الاستراتيجية ظهر تفوّق كبير لحزب الله، إذ حصل على تسع نقاط، بينما حصل الجيش الإسرائيلي على خمس، أما في القيادة فحصل الحزب على ثماني نقاط مقابل ستّ نقاط للجيش الإسرائيلي، كذلك تفوّق الحزب في مجال السعي إلى الحسم، إذ حصل على ثماني نقاط مقابل أربع، فيما تفوق الجيش الإسرائيلي في مجالات التحكّم والقوة البشرية والتموين والوسائل القتالية والتكنولوجيا، وتفوّق حزب الله في مجال التأهيل والتنظيم، إذ حاز ثماني نقاط، مقابل سبع نقاط للجيش الإسرائيلي.