الرئيس التركي يزور الكويت وقطر وعمان لتقييم العلاقات الثنائية وبحث سبل تطوير التعاون وتوقيع اتفاقيات جديدة، إلى جانب مناقشة الملفات الإقليمية.
الاثنين 2025/10/20
ماراثون الخليج تحت عنوان: الاستثمار أولا
أنقرة - يطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "ماراثونا خليجيا" حاسما، حيث يعتزم القيام بجولة تشمل الكويت وقطر وسلطنة عمان، تلبية لدعوة قادة الدول الثلاث، وذلك خلال الفترة بين 21 و23 أكتوبر الجاري.
وتعد هذه الجولة، التي تمتد لثلاثة أيام وتغطي ثلاث عواصم خليجية، تتويجا لجهود تركيا المستمرة لإعادة ضبط علاقاتها الإقليمية، بهدف ترسيخ وجودها السياسي والأمني في منطقة الخليج العربي، بالتوازي مع ضخ الدماء الاقتصادية الضرورية في شرايين أنقرة.
وجاء الإعلان عن هذه الجولة الهامة وفق ما أعلنه رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية برهان الدين دوران، يوم الاثنين، في تدوينة على منصة "إن سوسيال" التركية.
وتشير استجابة أردوغان للدعوات المتزامنة من الكويت وقطر وسلطنة عمان إلى رغبة متبادلة وقوية بين أنقرة والعواصم الثلاث لتعميق الشراكات الاستراتيجية والاقتصادية.
وأكد دوران أن الجولة ستشهد تقييما للعلاقات الثنائية بكافة أبعادها، وبحث سبل تطوير التعاون القائم بين أنقرة والعواصم الخليجية الثلاث.
ولم يغفل المسؤول التركي البعد الأوسع للجولة، موضحا أنها ستتخللها مشاورات حول التطورات الإقليمية، والملفات الدولية، بحسب تصريحاته.
ويفهم من هذه الأجندة المزدوجة أن تركيا لا تبحث فقط عن دعم مالي أو تجاري، بل تسعى أيضا لتثبيت مكانتها كلاعب إقليمي لا يمكن تجاهله في أي معادلة أمنية أو سياسية جديدة في المنطقة.
ومن المقرر أيضا توقيع اتفاقيات مختلفة على هامش الجولة مع مسؤولي البلدان الثلاث "بهدف ترسيخ أرضية العلاقات الثنائية".
ويمثل توقيع الاتفاقيات المتعددة الجانب العملي لهذه الزيارة، حيث تتطلع أنقرة إلى الحصول على استثمارات خليجية ضخمة ومستمرة لدعم الليرة التركية وتحقيق استقرار في الاقتصاد الذي يواجه تحديات جمة.
ويركز الاهتمام بشكل خاص على القطاعات الحيوية مثل الطاقة، والدفاع، والبنية التحتية، حيث تمتلك تركيا خبرة واسعة في مجال الصناعات الدفاعية، بينما تملك دول الخليج الثلاث، خاصة قطر والكويت، رؤوس أموال ضخمة تسعى لتنويع استثماراتها خارج أسواق الطاقة التقليدية.
وتبرز الجولة حرص أردوغان على بناء علاقات متوازنة مع كل من الكويت وسلطنة عمان، اللتين تعرفان تاريخيا بدورهما كوسيطين إقليميين وحرصهما على سياسة الحياد وعدم الانحياز.
ويقدّم هذا التوجه التركي فرصة لأنقرة لتعزيز علاقاتها بعيدا عن التوترات الإقليمية الأوسع التي تشمل منافسيها التقليديين.
وتعد سلطنة عمان، على وجه الخصوص، شريكا استراتيجيا لتركيا يمكن أن يفتح آفاقا جديدة للتعاون الاقتصادي والأمني في منطقة بحر العرب والمحيط الهندي.
وتاريخيا، شكّلت الكويت شريكا اقتصاديا مهما لتركيا، وتُعتبر هذه الزيارة محاولة لتجاوز الخلافات الإقليمية السابقة، والتركيز على المصالح المشتركة، لا سيما في المجال الاستثماري.
وتؤكد جولة أردوغان إلى هاتين الدولتين أن استراتيجية تركيا الإقليمية تقوم على تنويع الشراكات، وعدم الاكتفاء بدولة خليجية واحدة، لضمان استدامة الدعم الاقتصادي والسياسي اللازمين.
وتشكل زيارة أردوغان إلى قطر المحطة الأبرز في هذه الجولة، حيث تتمتع أنقرة والدوحة بعلاقة استراتيجية عميقة ومستمرة لم تتأثر بالمتغيرات الإقليمية الأخيرة.
ويشار إلى أن قطر ظلت حليفا اقتصاديا وسياسيا وفيا لتركيا، حيث قدمت استثمارات ودعما ماليا هاما خلال فترات الأزمات الاقتصادية التركية.
وتتضمن الشراكة بين البلدين تعاونا عسكريا، من خلال القاعدة العسكرية التركية في قطر، مما يؤكد على الوجود الأمني التركي القوي في المنطقة.
وستركز المباحثات في الدوحة على تعميق الاستثمارات القطرية في تركيا، ومن المرجح أن تناقش أيضاً تنسيق المواقف المشتركة تجاه الأزمات الإقليمية، لاسيما التطورات المتعلقة بوقف إطلاق النار الهش في قطاع غزة، حيث تلعب كلتا الدولتين دورا محوريا في الوساطة.
وتمثل قطر مركز الثقل الذي تستند إليه جولة أردوغان، حيث تعد جسرا بين تركيا وبقية دول الخليج.
وتأتي جولة أردوغان الخليجية في وقت حاسم تتجه فيه المنطقة نحو إعادة ترتيب أوراقها الجيوسياسية بعد سلسلة من التوترات، وتعتبر فرصة لتركيا لتقديم نفسها كقوة إقليمية ضامنة للاستقرار، خاصة عبر توقيع الاتفاقيات التي ترسخ وجودها الاقتصادي والعسكري.
ويظهر أردوغان، عبر هذه الجولة، استمرارية في تطبيق سياسة "تصفير المشاكل" التي بدأت بها أنقرة في السنوات الأخيرة، مؤكدا أن الاقتصاد هو البوصلة التي تقود تحركاته الإقليمية.
وأشار دوران إلى أن الجولة تهدف إلى "ترسيخ أرضية العلاقات الثنائية"، مما يعني الانتقال من مرحلة إعادة الدفء إلى مرحلة البناء المؤسسي للعلاقات.
وتعد هذه الجولة محاولة استراتيجية من أنقرة لتعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي في منطقة الخليج التي تعتبرها سوقا حيويا ومصدرا للاستثمار، لضمان استدامة المشاريع التركية الكبرى ودعم عملتها الوطنية.
وتمثل جولة القوة الناعمة هذه اختبارا لقدرة تركيا على تحويل الروابط السياسية إلى شراكات اقتصادية طويلة الأجل، مما يرسخ وجودها كقوة عظمى إقليمية تستطيع الموازنة بين المصالح الاقتصادية والأهداف الجيوسياسية في قلب منطقة الشرق الأوسط.
الاثنين 2025/10/20

ماراثون الخليج تحت عنوان: الاستثمار أولا
أنقرة - يطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "ماراثونا خليجيا" حاسما، حيث يعتزم القيام بجولة تشمل الكويت وقطر وسلطنة عمان، تلبية لدعوة قادة الدول الثلاث، وذلك خلال الفترة بين 21 و23 أكتوبر الجاري.
وتعد هذه الجولة، التي تمتد لثلاثة أيام وتغطي ثلاث عواصم خليجية، تتويجا لجهود تركيا المستمرة لإعادة ضبط علاقاتها الإقليمية، بهدف ترسيخ وجودها السياسي والأمني في منطقة الخليج العربي، بالتوازي مع ضخ الدماء الاقتصادية الضرورية في شرايين أنقرة.
وجاء الإعلان عن هذه الجولة الهامة وفق ما أعلنه رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية برهان الدين دوران، يوم الاثنين، في تدوينة على منصة "إن سوسيال" التركية.
وتشير استجابة أردوغان للدعوات المتزامنة من الكويت وقطر وسلطنة عمان إلى رغبة متبادلة وقوية بين أنقرة والعواصم الثلاث لتعميق الشراكات الاستراتيجية والاقتصادية.
وأكد دوران أن الجولة ستشهد تقييما للعلاقات الثنائية بكافة أبعادها، وبحث سبل تطوير التعاون القائم بين أنقرة والعواصم الخليجية الثلاث.
ولم يغفل المسؤول التركي البعد الأوسع للجولة، موضحا أنها ستتخللها مشاورات حول التطورات الإقليمية، والملفات الدولية، بحسب تصريحاته.
ويفهم من هذه الأجندة المزدوجة أن تركيا لا تبحث فقط عن دعم مالي أو تجاري، بل تسعى أيضا لتثبيت مكانتها كلاعب إقليمي لا يمكن تجاهله في أي معادلة أمنية أو سياسية جديدة في المنطقة.
ومن المقرر أيضا توقيع اتفاقيات مختلفة على هامش الجولة مع مسؤولي البلدان الثلاث "بهدف ترسيخ أرضية العلاقات الثنائية".
ويمثل توقيع الاتفاقيات المتعددة الجانب العملي لهذه الزيارة، حيث تتطلع أنقرة إلى الحصول على استثمارات خليجية ضخمة ومستمرة لدعم الليرة التركية وتحقيق استقرار في الاقتصاد الذي يواجه تحديات جمة.
ويركز الاهتمام بشكل خاص على القطاعات الحيوية مثل الطاقة، والدفاع، والبنية التحتية، حيث تمتلك تركيا خبرة واسعة في مجال الصناعات الدفاعية، بينما تملك دول الخليج الثلاث، خاصة قطر والكويت، رؤوس أموال ضخمة تسعى لتنويع استثماراتها خارج أسواق الطاقة التقليدية.
وتبرز الجولة حرص أردوغان على بناء علاقات متوازنة مع كل من الكويت وسلطنة عمان، اللتين تعرفان تاريخيا بدورهما كوسيطين إقليميين وحرصهما على سياسة الحياد وعدم الانحياز.
ويقدّم هذا التوجه التركي فرصة لأنقرة لتعزيز علاقاتها بعيدا عن التوترات الإقليمية الأوسع التي تشمل منافسيها التقليديين.
وتعد سلطنة عمان، على وجه الخصوص، شريكا استراتيجيا لتركيا يمكن أن يفتح آفاقا جديدة للتعاون الاقتصادي والأمني في منطقة بحر العرب والمحيط الهندي.
وتاريخيا، شكّلت الكويت شريكا اقتصاديا مهما لتركيا، وتُعتبر هذه الزيارة محاولة لتجاوز الخلافات الإقليمية السابقة، والتركيز على المصالح المشتركة، لا سيما في المجال الاستثماري.
وتؤكد جولة أردوغان إلى هاتين الدولتين أن استراتيجية تركيا الإقليمية تقوم على تنويع الشراكات، وعدم الاكتفاء بدولة خليجية واحدة، لضمان استدامة الدعم الاقتصادي والسياسي اللازمين.
وتشكل زيارة أردوغان إلى قطر المحطة الأبرز في هذه الجولة، حيث تتمتع أنقرة والدوحة بعلاقة استراتيجية عميقة ومستمرة لم تتأثر بالمتغيرات الإقليمية الأخيرة.
ويشار إلى أن قطر ظلت حليفا اقتصاديا وسياسيا وفيا لتركيا، حيث قدمت استثمارات ودعما ماليا هاما خلال فترات الأزمات الاقتصادية التركية.
وتتضمن الشراكة بين البلدين تعاونا عسكريا، من خلال القاعدة العسكرية التركية في قطر، مما يؤكد على الوجود الأمني التركي القوي في المنطقة.
وستركز المباحثات في الدوحة على تعميق الاستثمارات القطرية في تركيا، ومن المرجح أن تناقش أيضاً تنسيق المواقف المشتركة تجاه الأزمات الإقليمية، لاسيما التطورات المتعلقة بوقف إطلاق النار الهش في قطاع غزة، حيث تلعب كلتا الدولتين دورا محوريا في الوساطة.
وتمثل قطر مركز الثقل الذي تستند إليه جولة أردوغان، حيث تعد جسرا بين تركيا وبقية دول الخليج.
وتأتي جولة أردوغان الخليجية في وقت حاسم تتجه فيه المنطقة نحو إعادة ترتيب أوراقها الجيوسياسية بعد سلسلة من التوترات، وتعتبر فرصة لتركيا لتقديم نفسها كقوة إقليمية ضامنة للاستقرار، خاصة عبر توقيع الاتفاقيات التي ترسخ وجودها الاقتصادي والعسكري.
ويظهر أردوغان، عبر هذه الجولة، استمرارية في تطبيق سياسة "تصفير المشاكل" التي بدأت بها أنقرة في السنوات الأخيرة، مؤكدا أن الاقتصاد هو البوصلة التي تقود تحركاته الإقليمية.
وأشار دوران إلى أن الجولة تهدف إلى "ترسيخ أرضية العلاقات الثنائية"، مما يعني الانتقال من مرحلة إعادة الدفء إلى مرحلة البناء المؤسسي للعلاقات.
وتعد هذه الجولة محاولة استراتيجية من أنقرة لتعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي في منطقة الخليج التي تعتبرها سوقا حيويا ومصدرا للاستثمار، لضمان استدامة المشاريع التركية الكبرى ودعم عملتها الوطنية.
وتمثل جولة القوة الناعمة هذه اختبارا لقدرة تركيا على تحويل الروابط السياسية إلى شراكات اقتصادية طويلة الأجل، مما يرسخ وجودها كقوة عظمى إقليمية تستطيع الموازنة بين المصالح الاقتصادية والأهداف الجيوسياسية في قلب منطقة الشرق الأوسط.