“أبرامز” في طريقها إلى رومانيا.. قوة مدرعة أم ورطة اقتصادية؟

amigos

عضو
إنضم
16 فبراير 2025
المشاركات
1,762
التفاعل
2,728 82 8
الدولة
Tunisia

في خطوة وُصفت بأنها الأكثر طموحًا وإثارة للجدل في تاريخها العسكري الحديث، تمضي رومانيا قدمًا في تنفيذ خطة ضخمة لشراء 216 دبابة أمريكية من طراز “إم1 إيه2 أبرامز”، ضمن برنامج شامل لتحديث قواتها المدرعة واستبدال الدبابات السوفياتية القديمة.
الصفقة التي تُقدّر قيمتها بعدة مليارات من الدولارات أثارت موجة من التساؤلات في الأوساط السياسية والاقتصادية حول جدواها، ومدى قدرة بوخارست على تحمّل تكاليفها الباهظة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد.

تغيّر سياسي يعزز توجهات الأطلسي​

حسب موقع Stars and Stripes، الخميس 16 أكتوبر 2025، تأتي هذه التطورات بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي شهدتها رومانيا، والتي انتهت بفوز المرشح المؤيد لحلف شمال الأطلسي “نيكوشور دان”، بعد إقصاء منافسه كالين جورجيسكو المتّهم بعلاقات روسية مشبوهة وبتزوير الأصوات.
وبهذا الانتصار، تمكّن الناتو من ترسيخ نفوذه السياسي والعسكري في رومانيا، ما مكّنه من المضي في خططه التوسعية على البحر الأسود دون عوائق داخلية، خاصة وأن رومانيا تشكل بوابة استراتيجية لمشاريع الحلف العسكرية على الحدود الغربية لأوكرانيا.
ويرى مراقبون أن صفقة الأبرامز تمثل حلقة جديدة في مشروع الناتو لتقوية جناحه الشرقي في مواجهة روسيا، خصوصًا بعد تصاعد التوترات الأمنية في البحر الأسود عقب الحرب الأوكرانية، حيث أصبحت الأراضي الرومانية مركزًا لوجستيًا حيويًا للتحالف.

من صفقة محدودة إلى مشروع تسليحي ضخم​

حسب وكالة أنباء رويترز، بدأت ملامح هذه الصفقة في عام 2023 حين وافقت بوخارست على شراء 54 دبابة أبرامز محدثة مع 12 مركبة دعم بقيمة تقارب مليار دولار، وكان من المقرر تسليمها بحلول عام 2028.
ولكن التحول المفاجئ حدث لاحقًا عندما توسّعت الخطة بشكل كبير لتشمل 216 دبابة إضافية و76 مركبة دعم، بقيمة إجمالية بلغت نحو 7.6 مليار دولار، لتتحول المبادرة من مشروع تحديث محدود إلى أضخم برنامج تسليحي في تاريخ رومانيا الحديث.
ورغم أن الصفقة تتضمن ما يُعرف بـ”إجراءات التعاون الصناعي” لتطوير القدرات المحلية في صيانة وتشغيل الدبابات الأمريكية، إلا أن خبراء عسكريين يشككون في قدرة رومانيا على تحقيق هذا الهدف، مشيرين إلى أن الولايات المتحدة نفسها تواجه تحديات في خطوط الإنتاج وسلاسل الإمداد الخاصة بهذه الدبابات المتطورة.

فوائد عسكرية مقابل أعباء مالية ضخمة​

لا شك أن حصول رومانيا على دبابات “أبرامز” سيعزز قدراتها الدفاعية ويُحدث نقلة نوعية في تكنولوجيا جيشها، كما سيجعلها من أبرز المراكز العسكرية للناتو على البحر الأسود، في مواجهة النفوذ الروسي المتصاعد في المنطقة منذ ضم شبه جزيرة القرم عام 2014.
ولكن هذه المكاسب العسكرية تُقابلها خسائر مالية محتملة، إذ يخشى محللون أن تتحول الصفقة إلى عبء طويل الأمد على ميزانية الدفاع الرومانية، لا سيما مع ارتفاع ضريبة القيمة المضافة المفروضة على الواردات العسكرية داخل الاتحاد الأوروبي.
كما أن التشغيل والصيانة والتدريب ستظل خاضعة لشركات أمريكية، ما قد يزيد من تبعية رومانيا الدفاعية لواشنطن ويحدّ من استقلالية قرارها العسكري مستقبلاً.

جدل داخلي حول الأولويات الوطنية​

تتصاعد في الداخل الروماني أصوات تنتقد الصفقة، معتبرة أن الحكومة كان الأجدر بها توجيه هذه المليارات لتحسين البنية التحتية أو دعم القطاعات الحيوية، بدلًا من الاستثمار في تسليح ضخم قد لا تحتاجه البلاد إلا ضمن أجندة الناتو.
ويرى مراقبون أن هذا المسار قد يُظهر رومانيا بمظهر القوة الإقليمية، لكنه في الواقع قد يربط أمنها الوطني بسلاسل إمداد أجنبية هشة ويضع اقتصادها تحت ضغوط يصعب تحمّلها.
وفي ختام المشهد، تبدو رومانيا عالقة بين طموحها العسكري المتسارع ورغبتها في تعزيز مكانتها داخل الناتو من جهة، وبين واقعها الاقتصادي المحدود من جهة أخرى، ما يجعل صفقة “أبرامز” اختبارًا حقيقيًا لتوازنها بين الأمن والسيادة والاستقرار المالي.

 
عودة
أعلى