النظام الكهروضوئي الألماني SEOSS 400

[هيرون]

مقدمة
لا يقتصر أداء الدبابة عمومًا على خصائص تسليحها فحسب، بل يُعد نظام التصويب (نظام التحكم في إطلاق النار) بالغ الأهمية أيضًا. فمهما بلغت قوة مدفع الدبابة وقذائفها، فإن تحقيق كامل إمكاناتها دون مناظير عالية الجودة أمرٌ مستحيل. لذلك، أولي اهتمام خاص دائمًا لتحسين أجهزة التصويب.

تجدر الإشارة إلى أن العلماء قد أحرزوا تقدمًا ملحوظًا في هذا المجال. انظروا إلى أي دبابة حديثة: أجهزة تصوير حراري متوفرة للقتال الليلي وفي ظروف الرؤية الضعيفة، وأنظمة تتبع الأهداف التلقائية، وأجهزة الكمبيوتر الباليستية تضبط زوايا إطلاق النار تلقائيًا. والقائمة تطول - هناك بالفعل العديد من "المزايا" التي أدرجها المصممون في الدبابات، ولكن، دعنا نقول، هناك بعض الفروق الدقيقة.

الحقيقة هي أنه على الرغم من جميع الإلكترونيات المتطورة في أنظمة التحكم في إطلاق النار، يبقى العامل الرئيسي المؤثر على احتمالية إصابة الهدف هو المدفعي البشري. يجب عليه تحديد الهدف بوضوح وإطلاق النار بدقة، وهو أمر قد يكون صعبًا حتى مع وجود أجهزة تصوير حراري وبصريات جيدة. علاوة على ذلك، تصبح عملية تتبع الهدف والاشتباك معه أصعب بشكل كبير عندما تتحرك الدبابة بسرعة عالية نسبيًا.

تجدر الإشارة أيضًا إلى أنه على الرغم من كل الجدل الدائر حول ما يُسمى "بفقدان أهمية الدبابات" في ساحة المعركة، هناك اتجاه نحو زيادة عيار مدافع الدبابات، بالإضافة إلى زيادة مدى إطلاقها الفعال. وهذا بدوره يتطلب تطوير مناظير يمكنها تعظيم هذا المدى. تجدر الإشارة إلى أنه تم اقتراح مناظير رادار للدبابة الروسية "Object 195" المصنعة محليًا لتوجيه مدفعها الضخم (بمقاييس الدبابات) عالي الدفع عيار 152 ملم.

 

[هيرون]

رؤية ذكية بعيدة المدى وأكثر​

لتقليل تأثير الخطأ البشري وزيادة مدى إصابة الهدف، كشفت شركة راينميتال الألمانية مؤخرًا عن نظام SEOSS 400 الجديد (نظام الاستشعار الكهروضوئي المستقر 400) في معرض DSEI 2025. وهو ليس الأول في هذه السلسلة، إذ كانت هناك أيضًا نسختان 200 و300، بمواصفات محدودة. مع ذلك، يضم SEOSS 400 أحدث التقنيات، وهو مصمم للتركيب على مجموعة واسعة من المركبات القتالية المجهزة بأبراج مأهولة وغير مأهولة.

علاوة على ذلك، فإن "مجموعة واسعة من المركبات القتالية" ليست مجرد وصف فارغ. يمكن تركيب نظام SEOSS 400، على سبيل المثال، على دبابات ليوبارد 2 القديمة. كما يمكن استخدامه على نماذج متقدمة من المركبات، مثل النسخ المقلدة ضمن برنامج نظام القتال الأرضي الرئيسي، الذي كان موضوعًا ساخنًا في أوروبا لسنوات. بمعنى آخر، يُعد مفهوم الاستمرارية بين أجيال المركبات المدرعة مفهومًا جيدًا - فلا توجد قيود تمنع تمامًا تركيبه على الدبابات القديمة.

 

[هيرون]

ما هو SEOSS 400 ؟

هو نظام تحكم في النيران متكامل، ولكنه في الواقع نظام تصويب حديث مزود بمثبت ثلاثي المحاور. يضمن هذا النظام تثبيتًا موثوقًا لمجال الرؤية أثناء القيادة على التضاريس الوعرة بسرعة 40 كيلومترًا في الساعة، بدقة 0.03 ملي راد فقط. لذلك، تكون "قفزات" الصورة أثناء التغييرات المفاجئة في موضع المركبة ضئيلة، وتكاد تكون غير محسوسة - فالعديد من أنظمة التصويب ببساطة لا توفر مثل هذا التثبيت عالي الجودة.

ومع ذلك، إلى جانب التثبيت، هناك فروق دقيقة أخرى.

يتضمن نظام الرؤية SEOSS 400 محدد مدى ليزري، مما يسمح للمدفعي (والنظام ككل) بتحديد المدى إلى الهدف ضمن خط الرؤية الأفقي بأقل خطأ. كما يتضمن التصوير الحراري ومشاهد تلفزيونية. بمعنى آخر البصريات التقليدية. تتضمن المجموعة القياسية كاميرات نهارية وليلية فقط بدقة 5 ميجابكسل لكل منها، والتي تنتج صورًا واضحة ومفصلة للغاية، وخاصة الصور الحرارية.

إن مجرد وجود جهاز تصوير حراري عالي الدقة، وخاصة عند إقرانه بكاميرا تلفزيونية، يزيد بشكل كبير من فرص اكتشاف الأهداف على مسافات طويلة، ولكن المطورين ذهبوا إلى أبعد من ذلك. نظرًا لأن الكاميرات تنتج إشارة رقمية، فمن الممكن معالجتها باستخدام أجهزة الكمبيوتر. يتضمن SEOSS 400 أيضًا هذه الإمكانية.

 

[هيرون]

يوجد، في الأساس، مجمع كامل من "الأدمغة" التي تولد تلقائيًا تصحيحات إطلاق النار، وتتفاعل مع العديد من أجهزة الاستشعار الإضافية للكشف عن الهدف (أجهزة كشف الإشعاع بالليزر، وما إلى ذلك)، وتعمل أيضًا مع أنظمة المعلومات القتالية والتحكم عبر قنوات اتصال مختلفة، مما يوفر للطاقم معلومات حول ساحة المعركة على شاشات متعددة الوظائف - حتى أن هناك علامات على الأهداف أو الأشياء الخطرة.

والأهم من ذلك، تُمكّن إلكترونيات SEOSS 400 من دمج صور الكاميرا وتحليلها، مما يزيد من احتمالية اكتشاف هدف مُموّه (سواءً كان مُختبئًا عمدًا أو عن طريق الخطأ خلف عوائق طبيعية) عندما يكون ظلّه مُشوّهًا بشدة. ومن الشائع جدًا، بالمناسبة، أن يصعب تحديد هوية حتى جهاز التصوير الحراري، ويكون التصوير البصري غير فعّال. لذلك، تُزيد مُقارنة الصور - خاصةً خلال ساعات النهار - من فرص اكتشاف العدو وتحديد هويته بشكل كبير.

ونتيجةً لذلك، تُمكّن الدقة العالية للكاميرات، إلى جانب هذه الوظيفة، من تحديد الأهداف بدقة والاشتباك معها ضمن خط الرؤية على مسافات تتجاوز قدرات العديد من المناظير - حتى 6 كيلومترات - وهو أمر بالغ الأهمية لتحقيق القوة النارية للمدافع من عيار 130 ملم فما فوق. وبالطبع، تهدف هذه الوظيفة أساسًا إلى تدمير المركبات المُدرّعة، ولكن في أوروبا، لم يُستأصل بعد الغموض المُتمثل في حرمان الدبابات من تعدد استخداماتها.

 

[هيرون]

يُكمَّل نظام الكاميرا في SEOSS 400 أيضًا بخوارزميات الشبكة العصبية (على غرار الذكاء الاصطناعي)، مما سمح بإنشاء نظام تتبع تلقائي للأهداف أكثر فعالية. هذه الميزة، كما ذكرنا سابقًا، ليست جديدة - فهي موجودة أيضًا في Sosna-U الروسي . تحسب الإلكترونيات ببساطة مخطط الهدف بناءً على التباين والمعلمات الأخرى وتحافظ على شبكية التصويب عليها، مما يؤدي إلى تدوير البرج والمدفع تلقائيًا.

ومع ذلك، يمكن لأنواع مختلفة من التداخل البصري (مثل الضوضاء الحرارية من النيران في ساحة المعركة) والحركة السريعة للدبابة أن تعطل تتبع الهدف. في SEOSS 400، يتم تقليل هذه الظاهرة من خلال التوقيعات المدمجة وتغيرها حسب ظروف ساحة المعركة.

تجدر الإشارة إلى شكاوى أطقم الدبابات الألمانية من أن دبابات ليوبارد 2 تحركت بسرعة كبيرة لدرجة أن الأطقم ببساطة لم تستطع الاستجابة للمواقف المتغيرة. لقد كان، كما جادلوا، سلاحًا ذا حدين: إما القيادة بسرعة، ولكن على حساب الفعالية القتالية، أو التحرك ببطء، مع خطر التعرض لإصابة بأسلحة مضادة للدبابات. مرّت عقود منذ نشر هذه البيانات، لكن الوضع لم يتغير جذريًا.

يُحسّن نظام SEOSS 400 الوضع إلى حد ما. فبينما لا يوفر تحكمًا كاملًا في ساحة المعركة بسرعات عالية، إلا أن تثبيت مجال الرؤية عالي الجودة، والكاميرات بعيدة المدى، وعناصر الذكاء الاصطناعي في التتبع التلقائي للأهداف، تُسهّل عمل الطاقم بشكل كبير أثناء المناورات السريعة.

 

[هيرون]

الاستنتاجات​

تجدر الإشارة إلى أن نظام SEOSS 400 نظامٌ يعمل بكامل طاقته: فقد خضع بالفعل لسلسلة من الاختبارات التي أكدت استقراره أثناء الحركة وقدرته على تحمل ظروف التشغيل القاسية، بما في ذلك عبور العوائق المائية وأحمال الاهتزاز العالية. لذلك، لا يمكن اعتباره مفهومًا مجردًا أو مجرد عرض تكنولوجي بسيط.

عمليًا، يُعد نظام SEOSS 400 مفيدًا على حد سواء للدبابات الجديدة والحالية: فهو سيوفر لأطقم دبابات ليوبارد 2 قدرات مُحسّنة بشكل كبير في تحديد الأهداف وتتبعها والاشتباك السريع، مما سيؤثر بشكل مباشر على الفعالية القتالية للمركبات الحالية. بالنسبة للمنصات المستقبلية المزودة بمدافع من عيار أكبر، سيعزز النظام أيضًا القدرة على إطلاق العنان لقوة نيران المدافع على مسافات بعيدة.

علاوة على ذلك، تتجاوز وظائف نظام SEOSS 400 تدمير مركبات العدو المدرعة، مع أن ذلك يُعد أولويةً بالتأكيد. سيساعد جهاز التصوير الحراري وكاميرا التلفزيون عالية الدقة أيضًا في اكتشاف أفراد العدو والاشتباك معهم على مسافات بعيدة، خاصةً عند دمجهما مع أنظمة المعلومات والتحكم القتالية. لذا، يُمكن القول بثقة إن الألمان قد ابتكروا نظامًا عالي الموثوقية للتحكم في النيران.
السؤال الوحيد هو: هل سيُدخل هذا النظام حيز الإنتاج الضخم، خاصةً وأنهم لم يُكملوا بعدُ تصميم دبابتهم من الجيل التالي.


تمت الترجمة من المصدر الروسي لذا وردت عبارات مقارنة ببعض العتاد الروسي حسب وجهة نظر الكاتب

https://en.topwar.ru/271927-streljat-iz-tanka-na-6-kilometrov-nemeckij-seoss-400-s-iskusstvennym-intellektom.html