خدعة crypto ag للتشفير

الحاج سليمان 

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
5 سبتمبر 2007
المشاركات
7,641
التفاعل
21,011 280 38
الدولة
Algeria
أكبر خدعة في تاريخ المنطقة العسكري، شركة كريبتو إيه جي السويسرية التي تخصصت في صناعة أجهزة التشفير،
IMG_0846.jpeg
كانت لعقود موضع ثقة لدى أكثر من 100 دولة حول العالم، حيث اعتمدت عليها الحكومات والوزارات والسفارات والجيوش في تأمين اتصالاتها الدبلوماسية والعسكرية.
لكن ما كُشف لاحقًا كان صادمًا، إذ تبين أن الشركة كانت مملوكة سرًا لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA وجهاز الاستخبارات الألماني الغربي BND، في عملية حملت اسم "روبيكون".
تم شراء الشركة عام 1970 بملايين الدولارات، ومنذ ذلك الوقت صُممت خوارزميات التشفير بطريقة تتيح للأمريكان والألمان اختراقها بسهولة، بينما ظلت الدول المشتريَة تعتقد أنها تتعامل مع نظام محايد وآمن بحكم أن مقر الشركة في سويسرا.
الدول التي امتثلت للخدعة شملت أغلب العالم العربي والإسلامي، مثل مصر والسعودية والإمارات والأردن وعُمان والكويت والبحرين وقطر والمغرب والجزائر وتونس وليبيا والسودان واليمن ولبنان، إضافة إلى دول إسلامية أخرى مثل إيران وتركيا وباكستان وإندونيسيا، فضلاً عن عشرات الدول في أوروبا وأميركا اللاتينية وآسيا.
بينما امتنعت بعض الدول عن شراء الأجهزة مثل فرنسا، الاتحاد السوفيتي، الصين، وبعض الدول الإسكندنافية، لشكها في سلامة الأجهزة أو لاعتمادها على أنظمة تشفير محلية.
الأمر الأشد وضوحًا هو أن العلم والإنفاق على العلم هو الذي مكّن أمريكا وألمانيا من تنفيذ هذه الخدعة بذكاء وفاعلية.
فالدول التي لم تطوّر علمها أو لم تصنع أسلحتها ونظمها بنفسها، اضطرت لدفع المال من قوت شعوبها وميزانيات الدولة على أجهزة مزيفة، لتكتشف فيما بعد أنها خدعت طوال عقود.
وهذا يثبت نتيجة ما تحدث عنه مهاتير محمد في مقال منشور بالصفحة يوم 10 سبتمبر الحالي، أن الاعتماد على تقنيات وخبرات خارجية دون قدرة محلية يؤدي إلى فقدان السيادة والأمان.
هذا الاختراق أتاح للاستخبارات الأمريكية الاطلاع على أسرار عدد كبير من الدول في لحظات حاسمة.
أثناء أزمة الرهائن في إيران عام 1979 كانت واشنطن على علم مسبق بالرسائل الإيرانية السرية، وفي حرب فوكلاند بين الأرجنتين وبريطانيا عام 1982 اعتمدت لندن على معلومات استخبارية مصدرها التنصت على رسائل الأرجنتين.
في الشرق الأوسط كان للأجهزة المباعة دور في كشف اتصالات دبلوماسية وعسكرية مؤثرة (مفاوضات معاهدة كامب ديفيد مثال)، وحتى في أميركا الجنوبية، دول عملية كوندور التي نسقت عمليات القمع والاغتيالات كانت اتصالاتها تحت نظر واشنطن.
الأبعاد الأخلاقية والسياسية لهذه الفضيحة ضخمة، إذ باعت الشركة أجهزة على أنها مؤمنة، بينما كانت في الحقيقة مجرد أبواب خلفية مفتوحة.
انسحب الألمان من الشراكة عام 1993، لكن الاستخبارات الأمريكية واصلت السيطرة حتى عام 2018، واستمرت الخدعة في التسلل إلى أجهزة الدول المنكوبة أكثر من 38 سنة دون أن تطلع شعوب هذه الدول على الامر

من أبرز المصادر التي تناولت هذه الفضيحة: تقرير مشترك لصحيفة واشنطن بوست وقناة ZDF الألمانية عام 2020، ووثائق الأرشيف الأمني القومي الأمريكي National Security Archive التي عرضت تفاصيل استخدام هذه الأجهزة في أميركا اللاتينية، إلى جانب أبحاث أكاديمية بريطانية من جامعة ووريك حللت الأبعاد السياسية والاستخباراتية لعملية روبيكون.
وفي النهاية، فإن الحال الذي وصلنا إليه اليوم ليس إلا نتيجة متوقعة لمسار طويل من التغييب: حذف قصة وعلم ابن الكندي من مناهج التعليم، ووضع الممثلة سميحة أيوب وغيرها بدلاً منه، حتى ضاع العلم وضاعت معه السيادة.
أما شراء هذه الأجهزة والأسلحة، فغالبًا ما كان يتم على يد سماسرة من هذه الدول نفسها، لا على يد خبراء من أهل التخصص، لتكتمل بذلك دائرة الخيانة (جهل في التعليم، وسمسرة في الشراء، ثم خديعة في النهاية).
 
عودة
أعلى