الغائب الحاضر: يأجوج ومأجوج – حكاية وتأمل بين النصوص والرمز والتاريخ
ما قبل المقدمة: أحاديث الذاكرة من "البداية"
بداية الحكاية
في صغري، كنت مغرماً بالذهاب إلى بيت جدتي، رحمها الله ، والاستماع إلى حكاياتها ، لم تكن مجرد قصص للتسلية ، بل كانت البوابة الأولى التي دخلت منها إلى عالم يتشابك فيه التاريخ بالخيال، والبطولة بالشعر، والأسطورة بالحقيقة.
كانت تروي لي سيرة "أبي زيد الهلالي" كثيراً ، ربما لطولها وتشعبها ، أو لأنها كانت تسد نهم الطفل المتلهف للتنقل من قصة لأخرى ، ورغم أنني أحببت أغلب شخصياتها، إلا أنني، لسبب لا أعلمه حينها ، لم أكن أحب أبا زيد نفسه ، ربما لأن جدتي كانت لا تحبه ، أو لأن صفاته التي كانت تسردها لي كانت تنفرني منه ، على النقيض، كنت أعجب بشخصية "عزيز بن خالد" ، الفارس النبيل والوفي، الذي أحبته جدتي، فكان حبه يسري إلي.
من خلال هذا التفاعل العاطفي الطفولي ، تشكلت عندي أولى ملامح "البطولة الأخلاقية" ، لا تلك التي تبنى على القوة أو الدهاء فقط ، بل تلك التي تصاغ من الوفاء والنبل.
بوابة الكتب: من الحكاية إلى التاريخ
كبرت ، وكبرت معي تلك الحكايات ، لم تعد مجرد تسلية ، بل تحولت إلى شغف حقيقي للمعرفة ، كل قصة ترويها جدتي كانت تفتح في رأسي بابا جديدا ، يدعوني إلى خيال أوسع ، وفهم أعمق ، بدأت أقرأ الكتب في مكتبة ذلك البيت العامر ، وكانت أولى محطاتي في مكتبتها كتاب تاريخ الطبري ، الذي ملأني بالأسئلة: من هؤلاء الذي أقرأ عنهم هنا؟!، أين تقع بلادهم؟!، كيف عاشت تلك الحضارات؟!.
ثم جاء الكتاب المثير "ألف ليلة وليلة" ، في ذلك البيت ، لم يكن أحد من سكانه تقريبا يعرف القراءة بشكل فعلي ، ومع ذلك ، وضع ذلك الكتاب الغريب على الرف كأنما وضع في غفلة ممن جاء به إلى هنا ، قريب للجميع ، من طاله ناله ، شعرت ، وأنا صغير حينها ، أنه لا يصلح للأطفال ، ولا حتى للكبار ، ومع أني كنت متأكد وأنا أقرأه ، أن أحدا لا يعلم ما كتب فيه في ذلك البيت ، إلا أني قرأته في زاوية منزوية ، وكأنني أرتكب جريمة.
أما "العقد الفريد"، فكان عالماً من الحكمة والأدب ، استفدت منه الكثير ، واعدت قرأته مرات تالية ، قادني بحثي بعد ذا إلى كتاب "البداية والنهاية" لابن كثير ، حيث وقعت في حب "البداية" بأساطيرها وشخصياتها الغامضة ، بينما كنت أرتجف أمام "النهاية"، أتردد في قراءتها، وكأن كلماتها تنذرني بما قد يطرق بابي يوماً ما.
أول دخل شهري، وأول مكتبة حقيقية
مع أول دخل شهري، بدأت أشتري الكتب ، قرأت كل ما طالته يدي، من كتب التاريخ، إلى الكتب الدينية ، إلى الأساطير ، قرأت قصاصات عن أساطير هيرودوت، واطلعت على كتاب الأساطير لهاميلتون ، وبدأت أبحث في التاريخ التوراتي، والتاريخ السامي، محاولا لملمة فتات التاريخ من كل مكان.
لم يكن الأمر مقتصرا على المطبوع فقط ، دخلت المكتبات الجامعية والعامة ، وبدأت أبحث وأقرأ في النت ، لكن غالبية ما وجدته لم يكن يرتقي لتطلعي.
من الورق إلى الشاشة: السينما تدخل الحكاية
ثم دخلت السينما المشهد ، لتضيف بعدا بصريا مدهشا إلى تلك الأساطير التي طالما شغلتني ، كانت الفانتازيا التاريخية ، مثل كونان البربري، قلب شجاع، المصارع، هرقل ، قريبة من ذائقتي التي نشأت في حضن جدتي ، حيث البطولة والخيال يتعانقان بفانتازيا شعبية جميلة.
لكن هناك أربعة أفلام تحديدا، كانت نقطة تحول في رؤيتي ، وجعلتني أرجع "للنهاية" بشكل جازم ، وأثرت لاحقا في فهمي لأسطورة يأجوج ومأجوج:
(The Lord of the Rings) سيد الخواتم
فتح لي هذا الفيلم بوابة لعالم يضج بالصراع، بين البشر والجن والوحوش والأقزام، عالم تتداخل فيه الحضارات والأساطير، وتندمج فيه القوى في مواجهة الشر الغامض، جعلني أتخيل: ماذا لو خرج يأجوج ومأجوج؟!، كيف سنواجههم؟!.
(The 13th Warrior) المحارب الثالث عشر
مأخوذ عن رواية "أكلة الموتى" لمايكل كرايتون ، والتي بنيت على رحلة أحمد بن فضلان ، الفيلم صور همجية شعب يخرج من الكهوف ليصطاد الناس ، ويعود بها إلى الظلام ، صورة مرعبة ، لكنها كانت، في ذهني ، أقرب تصور لما كان عليه يأجوج ومأجوج قبل أن يحبسهم ذو القرنين ، شعب من كهوف، يعيش على الغارات، يقتلون يفسدون ويأكلون ، ثم يختفي ويظهر في الظلمة ، لم يستطع أحد ايقافهم ، بعد الفيلم ، رحت أقرأ رحلة أحمد بن فضلان ، والرواية الملحقة به.
(The Time Machine) آلة الزمن
فيلم عن عالم مستقبلي فيه شعبان:
الإيلوي: يعيشون في النور، مسالمون، أقرب إلى السذاجة والاستسلام ، المورلوك: تحت الأرض، مفترسون، ينقضون في الليل ليأخذوا الإيلوي كـ خراف للغذاء.
هذا الفيلم ، ترك في ذهني صورة مقلقة عن الشعوب السفلية التي تعيش في الظلام، وتبني نظاما غذائيا مغلقا على أجساد شعب سطحي مسالم ، تلك الصورة ظلت تطرق ذهني كلما تأملت كيف يعيش يأجوج ومأجوج في عزلتهم؟!، كيف يتغذون؟!، هل بنوا لأنفسهم نظاما بيئيا مغلقا كما فعل المورلوك؟! ، والذي أعتقد أنه يشابه هذا النمط ، وليس كما قال بعض المفسرين بأن الله يطرح لهم كل يوم حوتا ليأكلوه في عزلتهم!! ، وسوف اتطرق لذلك لاحقا.
الهوبيت: معركة الجيوش الخمسة (The Hobbit: The Battle of the Five Armies)
أكثر مشهد رسخ في خيالي كان في هذا الفيلم ، وتحديدا في وادي غنداباد ، حين رأيت الأورك يخرجون من الكهوف والجحور، كأن الأرض نفسها تلفظهم، تساءلت لحظتها :
هكذا سيكون المشهد ليأجوج ومأجوج؟!.
حين يزال السد أو ينقب الكهف ، لن يكون الخروج ببطء، بل انفجار ، ثم هدير أسود يزحف من باطن الجبل، لا تعرف أوله من آخره ، "من كل حدب ينسلون".
ومن وراء كل هذا، هناك زعيم في الظل، قائد يحركهم ، كما رأينا في الفيلم ، يحكم من العتمة، ولا يعرف اسمه ، فهل ربما هو "يأجوج"، الزعيم الذي ينسب إليه اسم أمته: "ماجوج"؟!.
بهذه الأفلام الأربعة، بدأت أرى يأجوج ومأجوج لا كأسماء جامدة في كتب التفاسير، بل كاحتمالات حية.
من الكهف إلى الأرض إلى الدماء.
هذه المشاهد لهذه النماذج ، لم تكن ترفا بصريا، بل شكلت خريطة ذهنية أتبعتها لسنوات، تقودني دائما إلى نفس السؤال:
من هم يأجوج ومأجوج؟!، هل هم بشر؟!، وحوش؟! ،مهجنون؟!،.
بدأت أبحث عنهم في النصوص، في القرآن، في الحديث، وفي كتب "أهوال القيامة" و"أشراط الساعة"، ثم توسعت إلى نصوص الديانات الأخرى.
كنت أظن في البداية، أنهم ربما من نسل قابيل، اعتمادا على تصورات قديمة بأن أبناء قابيل نفوا شرق عدن، إلى أرض التيه، في بيئة منعزلة وقاسية، ومنها ظهر هذا النسل المتوحش ، بل تساءلت إن كانوا أسلافا لشعوب النياندرتال أو الإنسان البدائي في سيبيريا وآسيا.
لكن فرضيتي هذه اصطدمت بآية صريحة في سورة الصافات :"وجعلنا ذريته هم الباقين" . أي أن ذرية نوح فقط هم من نجا من الطوفان، مما يسقط ، ظاهريا ، فرضية قابيل ، ولكن تبقى هناك قياسات واحتمالات اخرى ، ظنية؟!، ربما ، ولكنها لا تتخطى المحظور ، ولا تنفي المنصوص ، ليظل السؤال مطروحا:
هل كانوا في قمم الجبال، لم يصلهم الطوفان؟!.
هل عاشوا في كهوف لم تمسها المياه؟!.
أم أن الطوفان كان إقليميا ، لا عالميا كما تطرح بعض القراءات؟!.
اليقين في مساحة الغموضما قبل المقدمة: أحاديث الذاكرة من "البداية"
بداية الحكاية
في صغري، كنت مغرماً بالذهاب إلى بيت جدتي، رحمها الله ، والاستماع إلى حكاياتها ، لم تكن مجرد قصص للتسلية ، بل كانت البوابة الأولى التي دخلت منها إلى عالم يتشابك فيه التاريخ بالخيال، والبطولة بالشعر، والأسطورة بالحقيقة.
كانت تروي لي سيرة "أبي زيد الهلالي" كثيراً ، ربما لطولها وتشعبها ، أو لأنها كانت تسد نهم الطفل المتلهف للتنقل من قصة لأخرى ، ورغم أنني أحببت أغلب شخصياتها، إلا أنني، لسبب لا أعلمه حينها ، لم أكن أحب أبا زيد نفسه ، ربما لأن جدتي كانت لا تحبه ، أو لأن صفاته التي كانت تسردها لي كانت تنفرني منه ، على النقيض، كنت أعجب بشخصية "عزيز بن خالد" ، الفارس النبيل والوفي، الذي أحبته جدتي، فكان حبه يسري إلي.
من خلال هذا التفاعل العاطفي الطفولي ، تشكلت عندي أولى ملامح "البطولة الأخلاقية" ، لا تلك التي تبنى على القوة أو الدهاء فقط ، بل تلك التي تصاغ من الوفاء والنبل.
بوابة الكتب: من الحكاية إلى التاريخ
كبرت ، وكبرت معي تلك الحكايات ، لم تعد مجرد تسلية ، بل تحولت إلى شغف حقيقي للمعرفة ، كل قصة ترويها جدتي كانت تفتح في رأسي بابا جديدا ، يدعوني إلى خيال أوسع ، وفهم أعمق ، بدأت أقرأ الكتب في مكتبة ذلك البيت العامر ، وكانت أولى محطاتي في مكتبتها كتاب تاريخ الطبري ، الذي ملأني بالأسئلة: من هؤلاء الذي أقرأ عنهم هنا؟!، أين تقع بلادهم؟!، كيف عاشت تلك الحضارات؟!.
ثم جاء الكتاب المثير "ألف ليلة وليلة" ، في ذلك البيت ، لم يكن أحد من سكانه تقريبا يعرف القراءة بشكل فعلي ، ومع ذلك ، وضع ذلك الكتاب الغريب على الرف كأنما وضع في غفلة ممن جاء به إلى هنا ، قريب للجميع ، من طاله ناله ، شعرت ، وأنا صغير حينها ، أنه لا يصلح للأطفال ، ولا حتى للكبار ، ومع أني كنت متأكد وأنا أقرأه ، أن أحدا لا يعلم ما كتب فيه في ذلك البيت ، إلا أني قرأته في زاوية منزوية ، وكأنني أرتكب جريمة.
أما "العقد الفريد"، فكان عالماً من الحكمة والأدب ، استفدت منه الكثير ، واعدت قرأته مرات تالية ، قادني بحثي بعد ذا إلى كتاب "البداية والنهاية" لابن كثير ، حيث وقعت في حب "البداية" بأساطيرها وشخصياتها الغامضة ، بينما كنت أرتجف أمام "النهاية"، أتردد في قراءتها، وكأن كلماتها تنذرني بما قد يطرق بابي يوماً ما.
أول دخل شهري، وأول مكتبة حقيقية
مع أول دخل شهري، بدأت أشتري الكتب ، قرأت كل ما طالته يدي، من كتب التاريخ، إلى الكتب الدينية ، إلى الأساطير ، قرأت قصاصات عن أساطير هيرودوت، واطلعت على كتاب الأساطير لهاميلتون ، وبدأت أبحث في التاريخ التوراتي، والتاريخ السامي، محاولا لملمة فتات التاريخ من كل مكان.
لم يكن الأمر مقتصرا على المطبوع فقط ، دخلت المكتبات الجامعية والعامة ، وبدأت أبحث وأقرأ في النت ، لكن غالبية ما وجدته لم يكن يرتقي لتطلعي.
من الورق إلى الشاشة: السينما تدخل الحكاية
ثم دخلت السينما المشهد ، لتضيف بعدا بصريا مدهشا إلى تلك الأساطير التي طالما شغلتني ، كانت الفانتازيا التاريخية ، مثل كونان البربري، قلب شجاع، المصارع، هرقل ، قريبة من ذائقتي التي نشأت في حضن جدتي ، حيث البطولة والخيال يتعانقان بفانتازيا شعبية جميلة.
لكن هناك أربعة أفلام تحديدا، كانت نقطة تحول في رؤيتي ، وجعلتني أرجع "للنهاية" بشكل جازم ، وأثرت لاحقا في فهمي لأسطورة يأجوج ومأجوج:
(The Lord of the Rings) سيد الخواتم
فتح لي هذا الفيلم بوابة لعالم يضج بالصراع، بين البشر والجن والوحوش والأقزام، عالم تتداخل فيه الحضارات والأساطير، وتندمج فيه القوى في مواجهة الشر الغامض، جعلني أتخيل: ماذا لو خرج يأجوج ومأجوج؟!، كيف سنواجههم؟!.
(The 13th Warrior) المحارب الثالث عشر
مأخوذ عن رواية "أكلة الموتى" لمايكل كرايتون ، والتي بنيت على رحلة أحمد بن فضلان ، الفيلم صور همجية شعب يخرج من الكهوف ليصطاد الناس ، ويعود بها إلى الظلام ، صورة مرعبة ، لكنها كانت، في ذهني ، أقرب تصور لما كان عليه يأجوج ومأجوج قبل أن يحبسهم ذو القرنين ، شعب من كهوف، يعيش على الغارات، يقتلون يفسدون ويأكلون ، ثم يختفي ويظهر في الظلمة ، لم يستطع أحد ايقافهم ، بعد الفيلم ، رحت أقرأ رحلة أحمد بن فضلان ، والرواية الملحقة به.
(The Time Machine) آلة الزمن
فيلم عن عالم مستقبلي فيه شعبان:
الإيلوي: يعيشون في النور، مسالمون، أقرب إلى السذاجة والاستسلام ، المورلوك: تحت الأرض، مفترسون، ينقضون في الليل ليأخذوا الإيلوي كـ خراف للغذاء.
هذا الفيلم ، ترك في ذهني صورة مقلقة عن الشعوب السفلية التي تعيش في الظلام، وتبني نظاما غذائيا مغلقا على أجساد شعب سطحي مسالم ، تلك الصورة ظلت تطرق ذهني كلما تأملت كيف يعيش يأجوج ومأجوج في عزلتهم؟!، كيف يتغذون؟!، هل بنوا لأنفسهم نظاما بيئيا مغلقا كما فعل المورلوك؟! ، والذي أعتقد أنه يشابه هذا النمط ، وليس كما قال بعض المفسرين بأن الله يطرح لهم كل يوم حوتا ليأكلوه في عزلتهم!! ، وسوف اتطرق لذلك لاحقا.
الهوبيت: معركة الجيوش الخمسة (The Hobbit: The Battle of the Five Armies)
أكثر مشهد رسخ في خيالي كان في هذا الفيلم ، وتحديدا في وادي غنداباد ، حين رأيت الأورك يخرجون من الكهوف والجحور، كأن الأرض نفسها تلفظهم، تساءلت لحظتها :
هكذا سيكون المشهد ليأجوج ومأجوج؟!.
حين يزال السد أو ينقب الكهف ، لن يكون الخروج ببطء، بل انفجار ، ثم هدير أسود يزحف من باطن الجبل، لا تعرف أوله من آخره ، "من كل حدب ينسلون".
ومن وراء كل هذا، هناك زعيم في الظل، قائد يحركهم ، كما رأينا في الفيلم ، يحكم من العتمة، ولا يعرف اسمه ، فهل ربما هو "يأجوج"، الزعيم الذي ينسب إليه اسم أمته: "ماجوج"؟!.
بهذه الأفلام الأربعة، بدأت أرى يأجوج ومأجوج لا كأسماء جامدة في كتب التفاسير، بل كاحتمالات حية.
من الكهف إلى الأرض إلى الدماء.
هذه المشاهد لهذه النماذج ، لم تكن ترفا بصريا، بل شكلت خريطة ذهنية أتبعتها لسنوات، تقودني دائما إلى نفس السؤال:
من هم يأجوج ومأجوج؟!، هل هم بشر؟!، وحوش؟! ،مهجنون؟!،.
بدأت أبحث عنهم في النصوص، في القرآن، في الحديث، وفي كتب "أهوال القيامة" و"أشراط الساعة"، ثم توسعت إلى نصوص الديانات الأخرى.
كنت أظن في البداية، أنهم ربما من نسل قابيل، اعتمادا على تصورات قديمة بأن أبناء قابيل نفوا شرق عدن، إلى أرض التيه، في بيئة منعزلة وقاسية، ومنها ظهر هذا النسل المتوحش ، بل تساءلت إن كانوا أسلافا لشعوب النياندرتال أو الإنسان البدائي في سيبيريا وآسيا.
لكن فرضيتي هذه اصطدمت بآية صريحة في سورة الصافات :"وجعلنا ذريته هم الباقين" . أي أن ذرية نوح فقط هم من نجا من الطوفان، مما يسقط ، ظاهريا ، فرضية قابيل ، ولكن تبقى هناك قياسات واحتمالات اخرى ، ظنية؟!، ربما ، ولكنها لا تتخطى المحظور ، ولا تنفي المنصوص ، ليظل السؤال مطروحا:
هل كانوا في قمم الجبال، لم يصلهم الطوفان؟!.
هل عاشوا في كهوف لم تمسها المياه؟!.
أم أن الطوفان كان إقليميا ، لا عالميا كما تطرح بعض القراءات؟!.
مهما تعمقت الأسئلة، ومهما شط الخيال ، بقي يقيني راسخا : العلم عند الله ، ولا يقين إلا فيما جاء به الوحي ، وما دونه ، يظل افتراضا وتأملا وسؤالا مشروعا ، ما دام لا يصادم نصا ، ولا يتجاوز حدود العقل.
من هنا، جاءت هذه المحاولة ، لا لتقطع بحقيقة، ولا لتزعم كشفا يقينيا ، بل لتفتح بابا نحو رؤية جديدة، وزاوية تأمل أخرى ، لما قد يكون عليه عالم يأجوج ومأجوج ، رحلة نمزج فيها النصوص والرموز والخيال والتاريخ والأسطورة ، ونضعها جميعا في وعاء فكري ، نخلطها على مهل، ونتأملها ، علنا نلمح من خلالها طريقا لفهم جزء من اليقين ، أو على الأقل ، نتلمس الطريق.
خاتمة الذاكرة: من البداية إلى النهاية
من بيت جدتي ، إلى صفحات "البداية" حتى الوصول للـ"النهاية" ، إلى دهاليز الكهف في فيلم المحارب الثالث عشر ، إلى شعب المورلوك في آلة الزمن ، إلى نصوص القرآن الكريم ...
كانت رحلتي مع يأجوج ومأجوج، رحلة طويلة، عاطفية، فكرية، وخيالية.
وقد تكون هذه الدراسة ، على بساطتها ، بداية لتأمل جديد ، يعيد ترتيب المفاهيم ، ويراجع التفاسير الأولى ، لا ليهدمها ، بل ليبني فهما أكثر تماسكا ، حتى لو ظل جزؤه الأكبر في منطقة الظل، حيث الغيب، وحيث العلم عند الله.
من هنا، جاءت هذه المحاولة ، لا لتقطع بحقيقة، ولا لتزعم كشفا يقينيا ، بل لتفتح بابا نحو رؤية جديدة، وزاوية تأمل أخرى ، لما قد يكون عليه عالم يأجوج ومأجوج ، رحلة نمزج فيها النصوص والرموز والخيال والتاريخ والأسطورة ، ونضعها جميعا في وعاء فكري ، نخلطها على مهل، ونتأملها ، علنا نلمح من خلالها طريقا لفهم جزء من اليقين ، أو على الأقل ، نتلمس الطريق.
خاتمة الذاكرة: من البداية إلى النهاية
من بيت جدتي ، إلى صفحات "البداية" حتى الوصول للـ"النهاية" ، إلى دهاليز الكهف في فيلم المحارب الثالث عشر ، إلى شعب المورلوك في آلة الزمن ، إلى نصوص القرآن الكريم ...
كانت رحلتي مع يأجوج ومأجوج، رحلة طويلة، عاطفية، فكرية، وخيالية.
وقد تكون هذه الدراسة ، على بساطتها ، بداية لتأمل جديد ، يعيد ترتيب المفاهيم ، ويراجع التفاسير الأولى ، لا ليهدمها ، بل ليبني فهما أكثر تماسكا ، حتى لو ظل جزؤه الأكبر في منطقة الظل، حيث الغيب، وحيث العلم عند الله.
التعديل الأخير: