سجل حزب الدعوة الكالح /المحامي سلمان الحكيم

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
22,781
التفاعل
17,898 114 0
سجل حزب الدعوة الكالح

المحامي سليمان الحكيم

شاءت الأقدار أن تتقاطع لحظات في حياتي مع أيام دمغها حزب الدعوة الإسلامي بسواد لست أظن أن الزمن سيمحو آثاره في أمد قريب, ولست أشك للحظة أن التاريخ سيحاكم هذه الصفحات السود بميزانه المرهف حتى يضع هذا الحزب في المكانة التي يستحقها إلى جانب عصابات شتيرن والآرغون الصهيونية . وقد تبدو هذه الكلمات حديث خرافة لأولئك الذين سكروا بالسلطة الممنوحة لهم على أسنة الحراب الأميركية , وبالثروة العراقية المنهوبة , وبالدم العراقي المسفوح كل يوم على يد ميليشياتهم .

في ظهر يوم 15-1-1981 كنت أقف في شرفة منزل صديق بالطابق السابع في مبنى قريب من جامعة بيروت العربية ومطلّ على حيّ بئر حسن الراقي , أتأمل من بعيد شاطيء بيروت البحري المشهور بجماله , وفي غمرة السكون دوّى انفجار مكتوم تصاعدت على إثره سحابة ترابية حمراء غطت سماء المنطقة بأسرها , ولكني شاهدت من خلال الغبار المنتشر مبنى من عدة طبقات يتكوّم على بعضه ثم يهبط كتلة واحدة ليساوي الأرض . بعد دقائق رنّ جرس الهاتف في منزل ذلك الصديق لنفاجأ بمن يبلغه أن السفارة العراقية قد تفجرت بسيارة نقل مفخخة قادها انتحاري واقتحم بها مدخل السفارة المؤدي إلى السرداب مما أدى إلى انهيارها بكاملها وصارت إثرا بعد عين.

في تلك الأيام كان لبنان يشهد حربا أهلية تداخلت فيها كل القوى الإقليمية والدولية , وكانت الحرب العراقية – الايرانية محتدمة بين كرّ وفرّ , وقد بدأ كل من طرفيها يبحث عن أدوات سياسية و مخابراتية تخدم مجهوده الحربي في ميادين أخرى بعيدة عن جبهات القتال . وفي اليوم التالي علمت أن السفير العراقي عبد الرزاق لفتة ومعه عشرة أشخاص ما بين موظفين ومراجعين – من بينهم السيدة بلقيس الراوي قرينة الشاعر نزار قباني - قضوا في ذلك التفجير ,فضلا عن تخريب هائل أصاب المباني المحيطة بالسفارة

أزعجت تلك العملية قيادة الثورة الفلسطينية فقد اعتبرتها اختراقا لأمن بيروت الغربية الواقعة تحت سيطرة القوى الوطنية اللبنانية المتحالفة معها , وقد عبّر وقتها ياسر عرفات عن استنكاره للعملية بطريقته الخاصة إذ أقام جنازة عسكرية لطاقم السفارة وودعه حتى باب الطائرة العراقية التي جاءت لنقله إلى بغداد . وبعد أقلّ من شهر سرّبت أجهزة الأمن الفلسطينية تفاصيل تلك العملية ومؤداها أن قيادة حزب الدعوة هي التي وفّرت الانتحاري – أبو مريم – وتولّت المخابرات الايرانية تمويل العملية , وقد أشرف على العملية برمتها السيد علي الأديب , وعضو مجلس النواب عن حزب الدعوة في الوقت الراهن

شاءت الصدف أن ألتقي بإرهاب حزب الدعوة بعد سنوات قليلة ولكن في مدينة الكويت هذه المرة , ففي يوم 25-5-1985 كنت في منطقة الصفاة وسط العاصمة الكويتية عندما اهتزت وقت الظهيرة بصدى انفجار هائل انهارت على إثره ألواح زجاج المحلات والمباني , وترك كل فرد مشاغله وهرع لاستطلاع الأمر , وقد تبين بعد ساعات قلائل أن انتحاريا قد اعترض بسيارته المفخخة موكب أمير الكويت جابر الأحمد , وأن رجال حمايته – عراقيي الأصل – قد وقفوا بسيارتهم حاجزا بين سيارته وسيارة الانتحاري , وكذلك دفعوا حياتهم ثمنا لالتزامهم بقيم الشرف والشجاعة . وبعد أيام كشفت التحقيقات أن القاتل عضو في حزب الدعوة , وأن هدف العملية كان معاقبة الكويت على التسهيلات المالية واللوجستية التي كانت تقدمها للعراق في حربه مع إيران , وقد تولت المخابرات الايرانية تمويل وترتيب تفاصيل العملية في حين تولى القيادي في حزب الدعوة جمال جعفر – اسمه الحركي أبو مهدي المهندس - توفير الانتحاري . وكان السيد جمال جعفر مقيما وقتها في إيران ويتردد على الكويت بجواز سفر إيراني مزور . وقد اختفت آثاره بعدها ليظهر إلى العلن في مجلس النواب العراقي كنائب عن حزب الدعوة !

وما بين عملية بيروت والكويت , قام حزب الدعوة في عام 1982 بتفجير وزارة التخطيط العراقية في قلب بغداد بواسطة سيارة يقودها الانتحاري أبو بلال والعضو في الخط العسكري لحزب الدعوة والذي كان يشرف عليه في ذلك الوقت السيد عبد الكريم العنزي عضو مجلس النواب الحالي عن حزب الدعوة – تنظيم العراق ! وقد تسببت تلك العملية بمصرع عشرات الموظفين المدنيين من رجال ونساء راحوا ضحية شهوة القتل العشوائي الذي حرمته قيم السماء قبل نصوص القانون الوضعي ومواثيق حقوق الانسان .

وفي عام 1983 دخل حزب الدعوة في شراكة إجرامية مع خلايا الجهاد الاسلامي , أنتجت تفجير سفارتي الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا في العاصمة الكويتية , وقد تمت العملية بسيارتين مفخختين يقودهما انتحاريين , وبالطبع كان السيد جمال جعفر هو المسؤول عن تلك العملية التي استهدفت معاقبة فرنسا على تسليحها للجيش العراقي , والولايات المتحدة لحمايتها لممرات الخليج العربي ذات الأهمية الحيوية للغرب , من البلطجة الايرانية .

وفي يوم 1-5-1985 اقدم حزب الدعوة على اغتيال معاون الملحق الثقافي العراقي في السفارة العرقية بالكويت, السيد هادي عواد سعيد وابنه البكر في منزلهما بالكويت , وقد اعتقل القاتل الذي استخدم مسدسا كاتما للصوت , وتبين أنه عضو في حزب الدعوة وتربطه صلة قرابة بعيدة بالقتيل , وقد حاول تجنيده في صفوف الحزب أو بالأحرى في خدمة المخابرات الايرانية , ويبدو أنه ارتاب من سلوكه فاختار تصفيته لطمس العملية برمتها .

ونبقى في الكويت التي كانت مرتعا لحزب الدعوة بحكم قربها من ايران وبفضل تغطية السفارة الايرانية لعملاء مخابرات بلادها بالصفة الدبلوماسية , ففي يوم 22-1-1987 انفجرت سيارة مفخخة كانت مركونة خلف فندق الميريديان حيث كان ينزل عدد من الصحفيين العرب والأجانب الذين كانوا يغطون وقتها وقائع مؤتمر القمة الاسلامي , وكان هدف العملية تعكير أجواء المؤتمر الذي رفض اتخاذ موقف منحاز لايران في حربها على العراق . وبعد شهور قليلة وتحديدا في يوم 24-10 من ذات السنة , استهدف حزب الدعوة مكتب الخطوط الجوية الأميركية – بان أميركان – بقنبلة . وفي العام التالي في يوم 27-4-1988 قطعت المملكة السعودية علاقاتها الديبلوماسية مع ايران , فردّ أبو مهدي المهندس بعد أقل من انقضاء 24 ساعة على ذلك بقنبلة استهدفت مكتب الخطوط الجوية السعودية .

وللمرة الثالثة تضعني المقادير أمام مشهد لارهاب حزب الدعوة , ففي يوم ربيعي من عام 1987 كنت في زيارة لقريب لي في مستشفى ابن البيطار الكائن في منطقة الصالحية من جانب الكرخ , وقبيل الظهر اهتزت المنطقة بانفجار سيارة مفخخة – برازيلي حمراء – كانت مركونة قريبا من المستشفى الذي لم يكن يعالج عسكريين ولا مخصصا لكبار المسؤولين بل كان مفخرة طبية عراقية مفتوحا لكل مواطن يتطلب قلبه المتعب عناية متقدمة وعلاجا متطورا .

وبعد , لم يسعني إلا تسجيل غيض من فيض من السجل الحافل لحزب الدعوة في الارهاب والقتل العشوائي لمواطنين عراقيين وعرب ومسلمين لا ذنب لهم سوى أنهم وجدوا في بلاد استعصت على الرضوخ لاملاءات الولي الفقيه القابع في قم . وبعد ذلك كله يخرج عضو مجلس النواب عن حزب الدعوة السيد كمال الساعدي ليجادل على قناة الحرة مساء أمس بعين تفيض صلفا ووقاحة , وبلسان ينضح كذبا وإفكا , أن حزبه عندما كان في موقع المعارضة لنظام الحكم , لم يلجأ سوى للأساليب السياسية , ولم يتورط في عمليات إرهابية !
 
عودة
أعلى