جريمة سياسية-دينية..
بقلم الدكتورة زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية
إن الجريمة المتعمدة لقتل مروة الشربيني، تلك الأم المصرية البالغة من العمر 31 عاماً، والحامل في شهرها الثالث، التي اغتالها شاب ألماني بأن ضربها 18 طعنة بسكينه، في قلب قاعة محكمة بمدينة درسدن الألمانية، يثير عدة علامات استفهام، ويطرح عدة ملاحظات، ويفرض وقفة لابد أن يتم خلالها استعراض الأسباب الحقيقة لهذه المأساة..
والتساؤلات التي تطرحها هذه الجريمة هي:
* كيف أمكن أن تقع مثل هذه الجريمة داخل قاعة المحكمة، أثناء الجلسة، دون أن يتدخل أحد لمنع وقوعها؟
* إن الثمانية عشر طعنة قد احتاجت إلى عدة دقائق ليتم غرسها في جسم الضحية، فكيف لم يتدخل لا القاضي ولا رجال الأمن إلا بعد فترة كاشفة، لكي لا نقول إنها تتهمهم بالتواطؤ؟
* ما القول في رجال البوليس الذين تدخلوا ليطلقوا النار على الزوج، على ذلك "العربي"، "الإرهابي" كما أقنعوهم، بدلاً من أن يطلق النار على القاتل والسكين في يده؟!
* كيف كان القاتل يحمل سكيناً في مكان من المفترض أن كل من يدخله يمر عبر البوابة الالكترونية ويتم تفتيشه؟
* إن صمت وسائل الإعلام والمسؤولين لمدة أسبوع، سواء في أوروبا أو في مصر، بلد القتيلة، يكشف عن تواطؤ ما، أياً كانت مبرراته؟
أما الملاحظات فهي:
لا يمكن السكوت على التعتيم العنصري الذي واكب هذه الجريمة في كل مكان تقريباً؛ والتعتيم على حجم "الخوف من الآخر" الذي أحاط بهذه الجريمة؛ إن هذه الجريمة نتيجة حتمية لكل ما يكرره آلاف المبشرين الذين لا يكفّون عن سب الإسلام والمسلمين؛ إن مجرد جولة خاطفة عبر المواقع الالكترونية المسيحية تكشف إلى أي درجة لا تكف عن إشباع أتباعها بالكراهية ضد الإسلام والمسلمين؛ وإن خطاب العديد من المسؤولين السياسيين أو الدينيين في ألمانيا وفي أوروبا أو بين الأقليات المسيحية تُعد نداءات صارخة لمعاداة الإسلام والمسلمين؛ وأن هذا العداء المفتعل ضد الإسلام قد أصبح نمط حياة تقبّله الجميع في صمت ولا يتصدى له أى مسؤول! ويا له من عار، عار حقيقي لا يمس ولا يدين في واقع الأمر إلا كل الذين ساهموا في اختلاق هذا الموقف العنصري..
وكنتيجة مباشرة لهذا التصعيد المتوالى للكراهية، كان من الطبيعي أن يقوم القاتل بتوجيه العبارات التالية قبل أن يغتال ضحيته قائلاً: "لا شأن لكي في هذا البلد. لقد انتخبت الحزب الوطني الديمقراطي. وكل هذا سوف ينتهي حينما سيصل الحزب الديمقراطي إلى الحكم"! ومع ذلك، فما هو غير طبيعي في هذا الموقف أن مثل هذا الخطاب العدواني لم يلفت نظر القاضي أو رجال الأمن حتى ينتبهوا ويتفادوا هذه الجريمة المتعمدة..
ولا داعي لإضافة أن هذه الجريمة لو كانت قد وقعت ضد أي مواطنة ألمانية متواضعة الحال، أو ضد يهودية ما، لكانت فضيحة عالمية مدوية، ولوقفوا حداداً في كافة المحافل الرسمية، ولقاموا بترتيب جنازات ضخمة يحشدون إليها الآلاف تطوعاً أو أمراً، ولقاموا بفرض الحصار على البلدان الإسلامية - حتى على تلك الخاضعة لسياسة الغرب المسيحي المتعصب!
أما الأسباب الحقيقية لهذه الجريمة، لهذه الحرب الدينية الدائرة رسمياً منذ أحداث 11/9 الشهيرة، فهي أبعد بكثير من ذلك التاريخ المعدّ مسبقاً والذي تم فرضه بكل جبروت: أنها تعود إلى مجمع الفاتيكان الثاني (1965) الذي يُعد الجذور الحقيقية لكل المآسي التي نعيشها حالياً. إنها حقيقة صادمة لكثير من القراء، لكنها الحقيقة الفعلية بكل أسف..
ولكل الذين يجهلون حقيقة مجمع الفاتيكان الثاني، وهو أكثر المجامع إجراماً قاطبة، بتضافره مع السياسة الأمريكية، فقد قرر من ضمن ما قرر: تبرئة اليهود من دم المسيح وتحميل وزر مقتله على جميع المسيحيين؛ أعد مؤامرة اقتلاع الاتحاد السوفييتي في الثمانينيات من القرن الماضى حتى لا تكون هناك أنظمة سياسية سوى الرأسمالية الإمبريالية؛ وقرر اقتلاع الإسلام في التسعينيات حتى تبدأ الألفية الثالثة والعالم كله مسيحي؛ وأعلن رسمياً تنصير العالم؛ وأمر بتوحيد كافة الكنائس المنشقة تحت لواء كاثوليكية روما؛ وأسس مجلس لتنصير الشعوب وآخر للحوار بين الأديان، والحوار يعني في النصوص الفاتيكانية: "كسب الوقت حتى تتم عملية التنصير".. وكذلك فرض المساهمة في عمليات التبشير والتنصير الإجبارية هذه على كافة المسيحيين؛ كما فرض مساهمة الكنائس المحلية في هذه الجريمة بكل المقاييس، فلا يعني الأمر مجرد أنه لا يحق لأحد اقتلاع عقائد الآخرين بينما يتشدقون بحرية الفكر وحرية العقيدة، لكن ذلك الموقف يضع الأقليات المسيحية في موقف الخيانة في البلدان التي يعيشون فيها، ويطيح بالتعايش السلمي بين الجميع، ويقسم المجتمع ويدفع إلى الجرائم التي تتم تحت أعين المسؤولين وقد التزموا الصمت الفاضح مثلما يدور حالياً في كل البلدان الإسلامية والعربية، وخاصة في مصر، أحد أهم البلدان التابعة للسياسة الشيطانية الأمريكية-الفاتيكانية!
إن العدد غير المسبوق للمبشرين الذين يرافقون القوات الحربية للغزاة الأمريكان، والعدد المهول لكل الذين يساهمون في عمليات التنصير في العالم الإسلامي، سواء أكانوا قساوسة أو مدنيين، يفوق التصور.. ولكل الذين لا يمكنهم تخيّل مثل هذه الخدع من جانب "الرجل الأوروبي الأبيض" المدعي التحضر، وخاصة رجال الدين المسيحيين منهم، فإن نصوص مجمع الفاتيكان الثاني تباع في المكتبات وما عليهم إلا أن يقرأوها ليروا إلى أي مدى تصل أحاييل قادة اللعبة مزدوجي الأوجه!!
لأنه إذا ما أحصينا كل المسلمين الذين أبيدوا منذ 11/9 الشهير، نراهم يحصوا بالملايين في كل بلد سواء في أفغانستان، أو باكستان، أو العراق، أو في فلسطين المنهوبة الأرض، أو لبنان، أو آسيا أو في إفريقيا أو في كل مكان يطارد فيه الإسلام كالوحش البري، لكي لا نقول شيئاً عن الوحشية التي يتم بها قصف أراضي هذه البلدان بمواد محرمة تجعل زراعة أراضيها غير ممكنة لمدة آلاف السنين!! إلا أن نصيب الفاتيكان ومشاركته في هذه الجريمة المأساوية لم ينته:
فحينما بدأت الألفية الثالثة ولم يتم تنصير العالم وفقاً لما كان مخططاً، قامت اللجنة المركزية لمجلس الكنائس العالمي، في يناير 2001، بإسناد مهمة اقتلاع الإسلام في عقد "هزم العنف" (2001-2010) الذي هو الإسلام في نظرهم. وفي سبتمبر 2001، انطلقت تلك المسرحية الإجرامية المؤسفة، وبعد عدة أيام تبعتها قرارات "باتريوت 1 و2 " لشل حركة الشعب الأمريكي والسيطرة على تصرفاته.. وإذا أضفنا إلى ذلك الإلحاح اللزج الذي يقوده بنديكت 16 لفرض عبارة "الجذور المسيحية لأوروبا"، وخاصة خطابه في 24 مارس 2007 حول الاتحاد الأوروبي بمناسبة العيد الخمسينى لاتفاقيات روما، وإصراره العنيد لفرض عبارة الجذور المسيحية لأوروبا في نص الدستور، لاغياً بجرة قلم ثمانية قرون من الإسهام الذي لا يمكن إنكاره للمسلمين الذين عاونوا فعلاً على انبثاق الحضارة الأوروبية والغربية، لأدركنا الخيوط الرئيسية لما يدور حالياً.. وعن إسهام المسلمين يكفي قول إنه حينما كانت أوروبا لم تتعلم القراءة بعد كانت المكتبات الخاصة والعامة في العالم الإسلامي تحتوي على آلاف الكتب والمخطوطات في كافة المجالات..
وما تقدم يفسر الغلّ الشرس الذي يكنه الغرب المسيحي المتعصب، بتوجيه السياسة والدين المسيحي بكلتا يديه ليمحو الإسلام والمسلمين. إنها كلمات جد مريرة مؤسفة، والأكثر مرارة منها معايشة كل تلك الأكاذيب المفروضة بذلك الصمت القاتل الذي يقوم به المجتمع المسيحي الأوروبي، بمساندة أتباعه، باستثناء بعض الأمناء فيه الذين يرفضون أن يوصموا بهذه المهزلة ويتحدثون بأمانة وموضوعية..
إن القضية لا تتعلق بتصاعد الخوف من الإسلام في ألمانيا، مثلما قال البعض عن هذه الجريمة، وإنما هي عملية مطاردة متعمدة، منظمة، مخطط لها، تهدف إلى اقتلاع كل ما يتعلق بالإسلام في أوروبا وفي العالم. إنها عملية مطاردة بلا رحمة تتصدى لكل شيء ، بدء من سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، حتى منع بناء المساجد، والتحكم في المآذن، والملبس، والعادات، والطعام، فكل ما يتعلق بالإسلام والمسلمين ملعون في الغرب المسيحي وتمت شيطنته... لذلك لا بد من إدانة هذا العنف الصادر عن اليمين المسيحي المتطرف، فهو عداء لا يمكن تبريره كما لا يمكن قبوله. وذلك هو العنف الذي يجب اقتلاعه تماماً وليس الإسلام والمسلمين!
إن مقتل مروة الشربيني ليس الجريمة الوحيدة التي يجب إدانتها واتهامها، وإنما كل مواقف القيادات المختلفة في الغرب المسيحي المتعصب بما فيها الفاتيكان. إنه موقف لا بد من إعادة النظر فيه، فالمسلمون لا ينتظرون مجرد اعتذار رسمي علني من الحكومة الألمانية، وإنما إجراءات حقيقية ضد هذه الهستيريا الخائفة من الإسلام التي تم اختلاقها وفرضها..
إن العالم الإسلامي ينتظر إجراءات فعلية لتبرئة الإسلام والمسلمين من كل الأكاذيب التي قامت تلك السياسة الأمريكية-الفاتيكانية بفرضها لاقتلاع الإسلام والمسلمين.. كما أن هناك إجراء آخر لا بد من اتخاذه بلا هوادة، وهو: وقف فوري لعمليات التبشير والتنصير، تلك العمليات العنصرية الشيطانية التي تهدف إلى تنصير العالم، فتلك هي الآفة الحقيقية التي تلطخ وتدين واقع الغرب المسيحي المتعصب..
عن موقع التاريخ
بقلم الدكتورة زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية
إن الجريمة المتعمدة لقتل مروة الشربيني، تلك الأم المصرية البالغة من العمر 31 عاماً، والحامل في شهرها الثالث، التي اغتالها شاب ألماني بأن ضربها 18 طعنة بسكينه، في قلب قاعة محكمة بمدينة درسدن الألمانية، يثير عدة علامات استفهام، ويطرح عدة ملاحظات، ويفرض وقفة لابد أن يتم خلالها استعراض الأسباب الحقيقة لهذه المأساة..
والتساؤلات التي تطرحها هذه الجريمة هي:
* كيف أمكن أن تقع مثل هذه الجريمة داخل قاعة المحكمة، أثناء الجلسة، دون أن يتدخل أحد لمنع وقوعها؟
* إن الثمانية عشر طعنة قد احتاجت إلى عدة دقائق ليتم غرسها في جسم الضحية، فكيف لم يتدخل لا القاضي ولا رجال الأمن إلا بعد فترة كاشفة، لكي لا نقول إنها تتهمهم بالتواطؤ؟
* ما القول في رجال البوليس الذين تدخلوا ليطلقوا النار على الزوج، على ذلك "العربي"، "الإرهابي" كما أقنعوهم، بدلاً من أن يطلق النار على القاتل والسكين في يده؟!
* كيف كان القاتل يحمل سكيناً في مكان من المفترض أن كل من يدخله يمر عبر البوابة الالكترونية ويتم تفتيشه؟
* إن صمت وسائل الإعلام والمسؤولين لمدة أسبوع، سواء في أوروبا أو في مصر، بلد القتيلة، يكشف عن تواطؤ ما، أياً كانت مبرراته؟
أما الملاحظات فهي:
لا يمكن السكوت على التعتيم العنصري الذي واكب هذه الجريمة في كل مكان تقريباً؛ والتعتيم على حجم "الخوف من الآخر" الذي أحاط بهذه الجريمة؛ إن هذه الجريمة نتيجة حتمية لكل ما يكرره آلاف المبشرين الذين لا يكفّون عن سب الإسلام والمسلمين؛ إن مجرد جولة خاطفة عبر المواقع الالكترونية المسيحية تكشف إلى أي درجة لا تكف عن إشباع أتباعها بالكراهية ضد الإسلام والمسلمين؛ وإن خطاب العديد من المسؤولين السياسيين أو الدينيين في ألمانيا وفي أوروبا أو بين الأقليات المسيحية تُعد نداءات صارخة لمعاداة الإسلام والمسلمين؛ وأن هذا العداء المفتعل ضد الإسلام قد أصبح نمط حياة تقبّله الجميع في صمت ولا يتصدى له أى مسؤول! ويا له من عار، عار حقيقي لا يمس ولا يدين في واقع الأمر إلا كل الذين ساهموا في اختلاق هذا الموقف العنصري..
وكنتيجة مباشرة لهذا التصعيد المتوالى للكراهية، كان من الطبيعي أن يقوم القاتل بتوجيه العبارات التالية قبل أن يغتال ضحيته قائلاً: "لا شأن لكي في هذا البلد. لقد انتخبت الحزب الوطني الديمقراطي. وكل هذا سوف ينتهي حينما سيصل الحزب الديمقراطي إلى الحكم"! ومع ذلك، فما هو غير طبيعي في هذا الموقف أن مثل هذا الخطاب العدواني لم يلفت نظر القاضي أو رجال الأمن حتى ينتبهوا ويتفادوا هذه الجريمة المتعمدة..
ولا داعي لإضافة أن هذه الجريمة لو كانت قد وقعت ضد أي مواطنة ألمانية متواضعة الحال، أو ضد يهودية ما، لكانت فضيحة عالمية مدوية، ولوقفوا حداداً في كافة المحافل الرسمية، ولقاموا بترتيب جنازات ضخمة يحشدون إليها الآلاف تطوعاً أو أمراً، ولقاموا بفرض الحصار على البلدان الإسلامية - حتى على تلك الخاضعة لسياسة الغرب المسيحي المتعصب!
أما الأسباب الحقيقية لهذه الجريمة، لهذه الحرب الدينية الدائرة رسمياً منذ أحداث 11/9 الشهيرة، فهي أبعد بكثير من ذلك التاريخ المعدّ مسبقاً والذي تم فرضه بكل جبروت: أنها تعود إلى مجمع الفاتيكان الثاني (1965) الذي يُعد الجذور الحقيقية لكل المآسي التي نعيشها حالياً. إنها حقيقة صادمة لكثير من القراء، لكنها الحقيقة الفعلية بكل أسف..
ولكل الذين يجهلون حقيقة مجمع الفاتيكان الثاني، وهو أكثر المجامع إجراماً قاطبة، بتضافره مع السياسة الأمريكية، فقد قرر من ضمن ما قرر: تبرئة اليهود من دم المسيح وتحميل وزر مقتله على جميع المسيحيين؛ أعد مؤامرة اقتلاع الاتحاد السوفييتي في الثمانينيات من القرن الماضى حتى لا تكون هناك أنظمة سياسية سوى الرأسمالية الإمبريالية؛ وقرر اقتلاع الإسلام في التسعينيات حتى تبدأ الألفية الثالثة والعالم كله مسيحي؛ وأعلن رسمياً تنصير العالم؛ وأمر بتوحيد كافة الكنائس المنشقة تحت لواء كاثوليكية روما؛ وأسس مجلس لتنصير الشعوب وآخر للحوار بين الأديان، والحوار يعني في النصوص الفاتيكانية: "كسب الوقت حتى تتم عملية التنصير".. وكذلك فرض المساهمة في عمليات التبشير والتنصير الإجبارية هذه على كافة المسيحيين؛ كما فرض مساهمة الكنائس المحلية في هذه الجريمة بكل المقاييس، فلا يعني الأمر مجرد أنه لا يحق لأحد اقتلاع عقائد الآخرين بينما يتشدقون بحرية الفكر وحرية العقيدة، لكن ذلك الموقف يضع الأقليات المسيحية في موقف الخيانة في البلدان التي يعيشون فيها، ويطيح بالتعايش السلمي بين الجميع، ويقسم المجتمع ويدفع إلى الجرائم التي تتم تحت أعين المسؤولين وقد التزموا الصمت الفاضح مثلما يدور حالياً في كل البلدان الإسلامية والعربية، وخاصة في مصر، أحد أهم البلدان التابعة للسياسة الشيطانية الأمريكية-الفاتيكانية!
إن العدد غير المسبوق للمبشرين الذين يرافقون القوات الحربية للغزاة الأمريكان، والعدد المهول لكل الذين يساهمون في عمليات التنصير في العالم الإسلامي، سواء أكانوا قساوسة أو مدنيين، يفوق التصور.. ولكل الذين لا يمكنهم تخيّل مثل هذه الخدع من جانب "الرجل الأوروبي الأبيض" المدعي التحضر، وخاصة رجال الدين المسيحيين منهم، فإن نصوص مجمع الفاتيكان الثاني تباع في المكتبات وما عليهم إلا أن يقرأوها ليروا إلى أي مدى تصل أحاييل قادة اللعبة مزدوجي الأوجه!!
لأنه إذا ما أحصينا كل المسلمين الذين أبيدوا منذ 11/9 الشهير، نراهم يحصوا بالملايين في كل بلد سواء في أفغانستان، أو باكستان، أو العراق، أو في فلسطين المنهوبة الأرض، أو لبنان، أو آسيا أو في إفريقيا أو في كل مكان يطارد فيه الإسلام كالوحش البري، لكي لا نقول شيئاً عن الوحشية التي يتم بها قصف أراضي هذه البلدان بمواد محرمة تجعل زراعة أراضيها غير ممكنة لمدة آلاف السنين!! إلا أن نصيب الفاتيكان ومشاركته في هذه الجريمة المأساوية لم ينته:
فحينما بدأت الألفية الثالثة ولم يتم تنصير العالم وفقاً لما كان مخططاً، قامت اللجنة المركزية لمجلس الكنائس العالمي، في يناير 2001، بإسناد مهمة اقتلاع الإسلام في عقد "هزم العنف" (2001-2010) الذي هو الإسلام في نظرهم. وفي سبتمبر 2001، انطلقت تلك المسرحية الإجرامية المؤسفة، وبعد عدة أيام تبعتها قرارات "باتريوت 1 و2 " لشل حركة الشعب الأمريكي والسيطرة على تصرفاته.. وإذا أضفنا إلى ذلك الإلحاح اللزج الذي يقوده بنديكت 16 لفرض عبارة "الجذور المسيحية لأوروبا"، وخاصة خطابه في 24 مارس 2007 حول الاتحاد الأوروبي بمناسبة العيد الخمسينى لاتفاقيات روما، وإصراره العنيد لفرض عبارة الجذور المسيحية لأوروبا في نص الدستور، لاغياً بجرة قلم ثمانية قرون من الإسهام الذي لا يمكن إنكاره للمسلمين الذين عاونوا فعلاً على انبثاق الحضارة الأوروبية والغربية، لأدركنا الخيوط الرئيسية لما يدور حالياً.. وعن إسهام المسلمين يكفي قول إنه حينما كانت أوروبا لم تتعلم القراءة بعد كانت المكتبات الخاصة والعامة في العالم الإسلامي تحتوي على آلاف الكتب والمخطوطات في كافة المجالات..
وما تقدم يفسر الغلّ الشرس الذي يكنه الغرب المسيحي المتعصب، بتوجيه السياسة والدين المسيحي بكلتا يديه ليمحو الإسلام والمسلمين. إنها كلمات جد مريرة مؤسفة، والأكثر مرارة منها معايشة كل تلك الأكاذيب المفروضة بذلك الصمت القاتل الذي يقوم به المجتمع المسيحي الأوروبي، بمساندة أتباعه، باستثناء بعض الأمناء فيه الذين يرفضون أن يوصموا بهذه المهزلة ويتحدثون بأمانة وموضوعية..
إن القضية لا تتعلق بتصاعد الخوف من الإسلام في ألمانيا، مثلما قال البعض عن هذه الجريمة، وإنما هي عملية مطاردة متعمدة، منظمة، مخطط لها، تهدف إلى اقتلاع كل ما يتعلق بالإسلام في أوروبا وفي العالم. إنها عملية مطاردة بلا رحمة تتصدى لكل شيء ، بدء من سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، حتى منع بناء المساجد، والتحكم في المآذن، والملبس، والعادات، والطعام، فكل ما يتعلق بالإسلام والمسلمين ملعون في الغرب المسيحي وتمت شيطنته... لذلك لا بد من إدانة هذا العنف الصادر عن اليمين المسيحي المتطرف، فهو عداء لا يمكن تبريره كما لا يمكن قبوله. وذلك هو العنف الذي يجب اقتلاعه تماماً وليس الإسلام والمسلمين!
إن مقتل مروة الشربيني ليس الجريمة الوحيدة التي يجب إدانتها واتهامها، وإنما كل مواقف القيادات المختلفة في الغرب المسيحي المتعصب بما فيها الفاتيكان. إنه موقف لا بد من إعادة النظر فيه، فالمسلمون لا ينتظرون مجرد اعتذار رسمي علني من الحكومة الألمانية، وإنما إجراءات حقيقية ضد هذه الهستيريا الخائفة من الإسلام التي تم اختلاقها وفرضها..
إن العالم الإسلامي ينتظر إجراءات فعلية لتبرئة الإسلام والمسلمين من كل الأكاذيب التي قامت تلك السياسة الأمريكية-الفاتيكانية بفرضها لاقتلاع الإسلام والمسلمين.. كما أن هناك إجراء آخر لا بد من اتخاذه بلا هوادة، وهو: وقف فوري لعمليات التبشير والتنصير، تلك العمليات العنصرية الشيطانية التي تهدف إلى تنصير العالم، فتلك هي الآفة الحقيقية التي تلطخ وتدين واقع الغرب المسيحي المتعصب..
عن موقع التاريخ