"عُقدة ستالين" الزعيم الذي قتل الملايين وخاف من اثنين

al kanase

عضو
إنضم
27 أكتوبر 2020
المشاركات
1,637
التفاعل
2,600 41 7
الدولة
Morocco
main-qimg-cd127a0ccff1ca8c0d0808e4a8a5b311

في عتمة الحقبة السوفيتية، كان جوزيف ستالين رمزًا للرعب والحديد رجل لا يعرف الرحمة، يغمره الشك حتى العظم، يصدر أحكامه بالموت وكأنها بروتوكولات لا تقبل النقاش، دماء أصدقائه ورفاقه وسادته سالت على يديه، ولم يسلم حتى زوج ابنته من سطوته القاتلة، لم يثق بأحد، ولم ينجُ من قبضة جبروته أحد.
لكن رغم جبروته، لم يكن ستالين الملك المطلق الذي يخشاه الجميع. خلف ستار قوته، كان هناك شخصان فقط يُقيدان خوفه الحقيقي: أحدهما قادم من خارج حدود إمبراطوريته، والآخر يتربص به في ظلال مكتبه، في أعماق نظامه الدموي.
(لافرينتي بيريا) رجل ستالين الذي عرف أكثر من اللازم
وُلد لافرينتي بيريا في جورجيا، تمامًا كستالين، وكان من أوفى رجاله وأكثرهم دمويّة. تولّى قيادة جهاز الشرطة السرية (NKVD)، وكان مهندس حملات التطهير الكبرى، التي أودت بحياة ملايين البشر في الثلاثينات، لم يكن بيريا مجرد تابع، بل كان ذكيًا، ماكرًا، ويعرف كيف يُقدِّم الدم في طبق من الذهب ليرضي غرور القائد.
main-qimg-98cd1b7b45d2c9e669b2ba04d4464b8c

(صورة رسمية تعكس شخصيته الباردة أثناء شغله منصب رئيس المخابرات السوفيتية (NKVD)، وتُظهر ملامحه الصارمة تحت قيادته العنيفة.)
📷المصدر: أرشيف ويكيبيديا، تصوير رسمي من الأعوام 1938–1940
لكنه لم يكن وفيًا بالكامل، بيريا كان يطمح للسلطة، ويعرف الأسرار الدفينة لكل من في النخبة السوفيتية.بل إن هناك شهادات تفيد بأنه كان يُسجِّل محادثات ستالين، ويُخفي ملفات ضد الجميع، وربما حتى ضد ستالين نفسه. ومع مرور الوقت، بدأ ستالين يشعر بعدم الارتياح تجاهه. قيل إنه كان يُخطط للتخلص منه عام 1953، لكن الموت سبقه.
في الأشهر الأولى بعد وفاة ستالين، استولى بيريا على مقاليد الأمن والمخابرات، وبدأ يتصرف كأنه الحاكم الفعلي، لكن البقية خروتشوف، مالينكوف، وغيرهم لم يتحملوه طويلًا.
تم القبض عليه في انقلاب داخل القصر، وحوكم محاكمة سريعة، وأُعدم رميًا بالرصاص. قال عنه خروتشوف:
“لقد تخلصنا من الوحش، من الرجل الذي جعلنا نخاف على زوجاتنا وبناتنا كل ليلة”.
main-qimg-5412cfb79b7e90b4e97c45f8f34f6ccf

(بيريا في جلسة عائلية مع ستالين وابنته تُظهر العلاقة الشخصية داخل النظام، مأخوذة عام 1931.) 📷 المصدر: Wikipedia
بيريا، الذي زرع الخوف في قلوب الملايين، مات بخوف وذلّ وهو يتوسل رفاقه من أجل حياته، بعدما كان هو جلادهم في السابق.

(جوزيف تيتو) الزعيم الذي هزّ عرش ستالين من الخارج
جوزيف تيتو، زعيم يوغوسلافيا، كان شيوعيًا مثل ستالين، ومؤسس الحركة الحزبية الشيوعية التي قاتلت النازيين خلال الحرب العالمية الثانية بل وعضوًا في الحلف السوفييتي بعد الحرب العالمية الثانية.
main-qimg-b643b1ab5d228bc7db4554273e50e4c8

(بورتريه تيتو الرسمي في سنوات لاحقة، يبرز الرتبة العسكرية والهيبة التي اكتسبها كدكتاتور ليوغوسلافيا الاشتراكية.)
📷 المصدر: Wikimedia Commons – صورة عام 1961 بتصريح عام النشر
ولكن سرعان ما ظهر اختلافه: لم يكن يرى نفسه تابعًا للكرملين، رفض تيتو أن تُسيطر موسكو على سياسات بلاده، أو أن تتدخل في شؤونها، وبدأ يشقّ طريقًا مستقلاً.
رد ستالين بغضب: دعا لطرده من الكومنترن، وشنّ عليه حربًا باردة داخلية. ثم لجأ للتهديدات، ثم لمحاولات الاغتيال. لكن تيتو نجا من أكثر من 20 محاولة قتل.
أشهر ما قاله تيتو في وجه ستالين:
“توقف عن إرسال القتلة. لقد قتلنا خمسةً منهم، وأمسكنا بستة. إذا أرسلت واحدًا آخر، سأرسل أنا واحدًا إلى موسكو… ولن أحتاج لإرسال الثاني.”
تلك الرسالة كانت صادمة لستالين. لقد اعتاد على إذلال حلفائه، لكن تيتو لم يكن مثلهم.
كان مدعومًا بشعبه، مستقلاً في قراراته، وصار الزعيم الوحيد من الكتلة الشرقية الذي تحدى ستالين… وخرج منتصرًا.
يوغوسلافيا، رغم الفقر والحصار، استطاعت البقاء واقفةً بشجاعة، خارج العباءة السوفييتية.
main-qimg-710a97314d04fdb3cd20a6c94fde28d4

(لحظة مؤثرة أثناء إلقائه خطابًا ملحميًا بمناسبة نهاية الحرب العالمية الثانية في 9 مايو 1945، تأسر فيها روح القائد الملهم والمتحدّث الرسمي باسم البارتيزان.)
📷 المصدر: Marxists Internet Archive
مفارقة التاريخ: اثنان، لا ثالث لهما
  • بيريا كان الخطر الداخلي الذي يعرف كل الملفات السرية، ويستطيع قلب النظام من الداخل.
  • تيتو كان الخطر الخارجي الذي كسر الهيبة السوفيتية وفضح هشاشة التحالفات “الشيوعية”.
  • بعد الحرب، أراد ستالين أن تكون يوغوسلافيا دولة تابعة له، مثل بولندا ورومانيا وبلغاريا.
  • لكن تيتو رفض الإملاءات السوفيتية، واستمر في بناء نموذج شيوعي مختلف، يتبع ما سماه لاحقًا بـ”الطريق الثالث”
لقد كانت إمبراطورية ستالين مليئة بالخوف، لكن حتى الرجل الحديدي عرف طعم الخوف على يد اثنين: أحدهما ذكيٌّ أكثر من اللازم، والآخر شجاعٌ أكثر من المقبول.

المصادر والمراجع المستخدمة:
مصادر عن لافرينتي بيريا:
  • Conquest, Robert. Stalin: Breaker of Nations. Penguin Books, 1991.
    • يتناول دور بيريا في الجهاز الأمني السوفيتي وحملات التطهير.
  • Montefiore, Simon Sebag. Stalin: The Court of the Red Tsar. Knopf, 2003.
    • يقدم تحليلاً عميقًا لشخصية بيريا وعلاقته بستالين.
  • Kotkin, Stephen. Stalin: Paradoxes of Power, 1878–1928. Penguin Press, 2014.
    • يناقش التطورات السياسية في عهد ستالين ودور بيريا في النظام.
مصادر عن جوزيف تيتو:
  • Ramet, Sabrina P. Tito and His Comrades: Portrait of a Separate Communist Regime. Princeton University Press, 1992.
    • يغطي صعود تيتو واختلافه عن موسكو.
  • Djilas, Milovan. Conversations with Stalin. Harcourt Brace, 1962.
    • شهادات عن العلاقة بين تيتو وستالين، ومحاولات الاغتيال.
  • Perović, Jeronim. Tito–Stalin: The Cold War in Yugoslavia. I.B. Tauris, 2007.
    • تحليل دقيق للحرب الباردة بين موسكو وتيتو.
مصادر عامة عن ستالين:
  • Figes, Orlando. Revolutionary Russia, 1891–1991: A History. Metropolitan Books, 2014.
    • سرد شامل لتاريخ الاتحاد السوفيتي وستالين.
  • Service, Robert. Stalin: A Biography. Harvard University Press, 2005.
    • سيرة ذاتية كاملة عن حياة ستالين وحكمه.
 
ثنائية ستالين / بيريا ، تشبه ثنائية صدام / وناظم كزار. هل توافقني الرأي ؟
 
عودة
أعلى