حين يفسد الفرد يصيب الاذى جميع أفراد المجتمع

محمد الجميلي

عضو جديد
إنضم
5 مارس 2025
المشاركات
52
التفاعل
64 2 0
الدولة
Egypt
حين يفسد الفرد… يصيب الاذى جميع أفراد المجتمع


بقلم: العميد الركن محمد الخضيري الجميلي


١. مقدمة





السلوك البشري ليس مجرد تصرف شخصي ينتهي عند صاحبه، بل هو نهر يجري في جسد المجتمع كله، فإذا كان صافياً نَقِيّاً، ارتوت القلوب، وإذا تعكر، سرت العدوى في الأرواح، وارتفع منسوب الألم. وفي هذه المحاضرة، نسلط الضوء على التأثير العميق الذي يتركه السلوك السيئ للفرد على المجتمع، ونفكك خيوط هذا التأثير من حيث البنية، والقيم، والثقة، والنماذج.











٢. السلوك السيئ: تعريفه ومظاهره





أ. تعريف السلوك السيئ


هو كل تصرف يتعارض مع القيم الأخلاقية، أو يُخلّ بالأنظمة، أو يُلحق الأذى بالغير، سواء كان عن قصد أو عن جهل.





ب. مظاهر السلوك السيئ في المجتمع


أولاً، الكذب والتضليل.


ثانيًا، التعدي على المال العام أو حقوق الآخرين.


ثالثًا، الغش في المعاملات والوظائف.


رابعًا، نشر الفوضى أو التحريض على العصيان.


خامسًا، التهاون في المسؤولية والواجبات.











٣. أثر السلوك السيئ على النسيج الاجتماعي





أ. تفكك الثقة بين الأفراد


حين يكذب الفرد، يشكك الناس في كل من بعده، حتى لو كان صادقاً. فتنهار الجسور بين القلوب، ويُصبح الحذر هو لغة التعامل.





ب. تعطيل القانون والعدالة


السلوك المنحرف يربك النظام العام، ويُنهك الدولة في تصحيح الأخطاء، فتضيع العدالة بين الإجراءات والتجاوزات.





ج. تشويه القدوة أمام النشء


حين يرى الأبناء من ينجو بفساده، يكبر فيهم وهم مفاده أن الخطأ يُكافأ، وتضمحل صورة القيم في أعينهم.











٤. السلوك الفردي ومفعول العدوى المجتمعية





أ. العدوى الاجتماعية أخطر من المرض


السلوك المنحرف لا يبقى حبيس فاعله، بل ينتشر بالاقتداء والتقليد، خاصة إذا غابت المحاسبة، فتتحول الانحرافات إلى عادات، وتصبح القاعدة هي الفساد، والاستثناء هو النزاهة.





ب. التسامح مع السلوك السيئ يزيد من رقعة الضرر


حين نغض الطرف عن التجاوزات تحت عناوين مثل: “حرية شخصية” أو “شخصيته هكذا”، فإننا نؤسس لفوضى مقننة تلتهم القيم، وتعكر صفو المجتمع.











٥. السلوك الجيد.. جدار الصد الأول





أ. الفرد الصالح هو اللبنة الأولى في الأمن الاجتماعي


حين يتحلى الإنسان بالنزاهة والصدق والانضباط، فإنه يضرب مثلاً لمن حوله، ويمنح البيئة قوة أخلاقية رادعة.





ب. القيم ليست شعارات.. بل سلوك يومي


علينا أن نغرس في الأجيال أن احترام القانون، وأداء الواجب، والصدق في القول والعمل، ليست فضائل عابرة، بل هي أساس بناء المجتمعات الراقية.











٦. مسؤوليتنا كأفراد وقيادات





أ. التوعية والقدوة


لابد أن يكون كل قائد، وكل معلم، وكل رب أسرة، قدوة حقيقية، لا يكتفي بالتوجيه، بل يُجسّد ما يقول سلوكًا يوميًا.





ب. المحاسبة العادلة


لا بد من نظام يحمي الفضيلة ويعاقب الرذيلة، ويُشعر الجميع أن لا أحد فوق القيم، وأن السلوك الجيد هو طريق التقدير الحقيقي.











٧. خاتمة





في المجتمعات الحية، لا يمكن فصل أخلاق الفرد عن سلامة الجماعة. فحين يسقط فرد في مستنقع السلوك السيئ، لا يسقط وحده، بل يُسقط معه منظومة من الثقة، والأمان، والقدوة. أما حين يُصلح الفرد نفسه، فإنه يُنير دربًا لغيره، ويزرع في الأرض أملاً لا ينضب.





فلنكن جميعًا من حماة السلوك القويم… لأن المجتمعات لا تبنى بالعمران فقط، بل بالسلوك أولًا.





والله وليّ التوفيق.


بقلم:


العميد الركن


محمد الخضيري الجميلي
 
عودة
أعلى